الخبراء ينصحون اوباما ان يختاراهدافا روسية توجه نحوها صواريخ نووية
نشرت صحيفة "كومرسانت" يوم 15 أبريل/نيسان مقالا تحت هذا العنوان.
نشرت اتحاد العلماء الامريكيين تقريرا في موضوع صياغة العقيدة النووية الجديدة في الولايات المتحدة. ويبرر التقرير
فكرة الرئيس الامريكي باراك اوباما عن ضرورة نزع السلاح النووي، ويؤكد ان القدرة النووية الامريكية الحالية لا تعتبر
كونها لا فائدة لها فحسب بل وخطيرة بالنسبة لأمريكا نفسها. ويقترح معدو التقرير على اوباما تقليص كمية الرؤوس
النووية حتى الحد الادنى، وكذلك اعادة توجيه الصواريخ من المدن المأهولة بالسكان الى 12 هدفا محوريا للاقتصاد
الروسي، وهي شركات " غازبروم" وروس نفط" و"نور نيكل" و"سورغوت نفط غاز" و"ايفرازا" و" سيفير ستال"
وحتى شركتي " اي اون" الالمانية و"اينيل" الايطالية.
وجاء تقرير اتحاد العلماء الامريكيين تحت عنوان " من المجابهة الى الحد الادنى من الردع" كونه اول رد علمي على
مبادرة الرئيس باراك اوباما حول ضرورة نزع السلاح النووي. وكان اوباما قد ناقش في مطلع أبريل/نيسان هذه الفكرة
مع الرئيس دميتري مدفيديف ثم القى كلمة في براغ حيث أعلن ان القضاء التدريجي على السلاح النووي كله يعد من اهم
أهداف إدارته. ويؤكد معدو الدراسة المنشورة ان مبادرة الرئيس جاءت في حينها ويحددون طرق تطبيقها. والجدير
بالذكر ان اتحاد العلماء الامريكيين التي اعدت هذا التقرير لها نفوذ كبير ولو تعتبر منظمة غير حكومية. وقد اسس الاتحاد
في عام 1945 من قبل العلماء في المجال النووي الذين اخترعوا اول قنبلة ذرية في الولايات المتحدة. ومنذ ذلك
الحين فان هذه المنظمة تقوم بتقديم استشارات الى البيت الابيض ووزارة الدفاع الامريكية بشكل دائم. وتضم المنظمة
69 شخصا حائزا على جائزة بوبل.
وينطلق التقرير الراهن من ان نظام الردع النووي القائم في الولايات المتحدة يعود الى مخلفات الحرب الباردة كونه
يشكل خطرا لامريكا نفسها اكثر مما يهدد اعداءها المحتملة. ويوجد في الولايات المتحدة حاليا 5.2 الف رأس
نووي ويقوم 2.7 الف رأس منها بالمناوبة القتالية ويخزن 2.5 الف رأس الاخرى في المستودعات. ويرى العلماء ان
مثل هذه الكمية تعد زائدة بسبب ان الولايات المتحدة لا تنوي خوض الحرب النووية وبالتالي لا تعتزم استخدامها.
بالاضافة الى انها تشكل خطرا للمواطنين الامريكيين في حالة وقوع كارثة طبيعية. ويسمي معدو التقرير البنود الواردة
في النظام الداخلي للناتو والتي تصف السلاح النووي بانه وسيلة للحفاظ على السلام والحيلولة دون الحرب يسمونها
خدعة خالية من اي معنى. ويفند العلماء بطريقة ذكية قول انصار السلاح النووي الذين يؤكدون انه لا يمكن الا بواسطته
تدمير مخابئ محصنة معادية واقعة تحت الارض. وبحسب قول معدي التقرير فإن الأمر في هذه الحالة يتعلق بدقة
المعلومات الاستطلاعية.
وفي هذا السياق يخرج العلماء باستنتاج ان الحد الادنى من الردع هو اكثر الحاحا في الظروف الراهنة، مما يقضي
بوجود عدة المئات من الرؤوس النووية التي تعد كافية لجعل العدو المحتمل يحذر من الهجوم على الولايات المتحدة. اما
العمليات الحربية فيمكن ان تستخدم فيها اسلحة تقليدية. وحسب رأي أصحاب التقرير فان روسيا ستخفض ايضا قدرتها
النووية حتى المستوى المماثل.
وبالمناسبة فانه تكمن هنا مصيدة رئيسية تضعها المبادرة الامريكية بالنسبة للروس. وقد صرح ليونيد ايفاشوف الرئيس
الاسبق لادارة التعاون العسكري الدولي في وزارة الدفاع الروسية ورئيس اكاديمية القضايا الجيوسياسية بان الولايات
المتحدة تعتزم عن طريق عملية المباحثات تقليص الاسلحة النووية الروسية حتى حد ادنى مما سيتيح لمنظومة الدرع
الصاروخية القضاء عليها، علما بان القوات التقليدية لا تشهد منذ فترة اية موازنة بين روسيا والولايات المتحدة.
وبالاضافة الى ذلك فان فيدرالية العلماء الامريكيين ترى ان الولايات المتحدة يمكن ان تختار في القرن الحادي والعشرين
أهدافا جديدة لصواريخها المزودة بالرؤوس النووية. كما يعتقد العلماء الامريكيون ان استهداف المدن المأهولة بالسكان
لضربات نووية يعد أمرا غير انساني من شأنه ان يتسبب في سقوط ضحايا كثيرة . ويقترح على الرئيس ان يجعل اهم
مشاريع البنية التحتية فقط أهدافا للهجوم النووي. ولدى ذلك أدرجت في قائمة الاعداء المحتملة للولايات المتحدة الى
جانب روسيا كل من الصين وكوريا الشمالية وإيران وسوريا. غير ان روسيا بالذات هي التي تضرب مثالا في التقرير.
وقد اعد اصحاب التقرير قائمة باهداف واقعة في اراضي روسية يكفي ضربها للردع النووي الفعال. وهي 12 هدفا،
وبينها مصفاة النفط في مدينة اومسك التابعة لشركة "غازبروم نفط" ومعمل تكرير النفط في مدينة انغارسك التابع لشركة
" روس نفط" ومعمل تكرير النفط في مدينة كيريشكي التابع لشركة " سورغوت نفط" ومصانع الصلب والحديد في
ماغنيتوغورسك ونيجني تاغيل وتشيريبوفيتس التابعة لشركات "ام ام كا" و"ايفراز" و "سيفيرستال" ومؤسسة "
نوريلسكسي نيكيل" التابعة لشركة "روسال" ومصنعا الاليومينيوم في مدينتي براتسك ونوفوكوزنيتسك. وتأتي في ختام
القائمة المحطة الكهروحرارية في مدينة بيريوزوف التي تمتلكها شركة "او جي كا-"4 والتي تساهمها شركة "اي اون"
الالمانية والمحطة الكهروحرارية في وسط اورال التي تمتلكها شركة "او جي كا-5"و شركة "اينيل" الايطالية
والمحطة الكهروحرارية في مدينة سورغوت التي تمتلكها شركة "او جي كا- 2 ".
وتم اختيار تلك المشاريع ليس لكونها اهم المشاريع الاقتصادية بل لكونها اهدافا قد يؤدى تدميرها بحسب رأي معدي
التقرير الى وقوع الحد الادنى من الضحايا. غير ان الحسابات تدل على انه في حين تدمير هذه الاهداف لا تستطيع
روسيا خوض الحرب بسبب شل اقتصادها بل سيسقط ملايين من الضحايا بين السكان الروس. ويلاحظ معدو التقرير ان
مثل هذه الحسابات تعيد الى الصواب.
وتجدر الاشارة الى ان اختيار 12 هدفا في اراضي روسيا واعتبارها كافية للردع الفعال يبدو اقتراحا ثوريا، علما انه
بموجب التقرير الذي كان قد قدم منذ 8 سنوات فان قائمة الاهداف كانت تضم عددا من 150 الى 194 مدينة كبيرة،
ناهيك عن آلاف المؤسسات الصناعية. وكانت تقتضي العقيدة النووية في عهد الحرب النووية والتي اعدها وزير الدفاع
الاسبق روبيرت ماكنامارا إبادة 25% من السكان في الاتحاد السوفيتي.
ويلحق بالتقرير المعد من قبل اتحاد العلماء الامريكيين مشروع الارشادات الصادرة عن الرئيس الامريكي واللجنة
الموحدة لرؤساء الاركانات في القوات المسلحة الامريكية الذي يقضي بتدمير قسم من السلاح النووي الامريكي واختيار
استراتيجية "الردع الاد نى" أساساً للعقيدة النووية الأمريكية.
..................