الاختلاف مع مصر جائز، وتخوينها مفزع، وخلال الأيام الماضية تجاوز بعض السياسيين والحزبيين والإعلاميين على مصر، واتهمها بإرشاد الطائرات الإسرائيلية وإحكام الحصار على غزة، واعتقد بعضهم أن بإمكانه شطب التاريخ المشرف لمصر والمصريين بتظاهرة ومسيرة وخطاب منفعل. وآخر حاول التطاول على مكانة مصر بطائرة أو قارب أو قافلة مساعدات، هدفها الدعاية السياسية، ووقودها المن والأذى والادعاءات الجوفاء. قبل أشهر التقيت مسؤولاً فى حركة «حماس» كان الحوار بين الحركة والحكومة المصرية وصل إلى حد التوقف وتبادل التصريحات غير الودية.
سألت الرجل: هل يمارس المصريون ضغوطاً عليكم؟ وما صحة اتهام الحكومة المصرية بالتواطؤ مع إسرائيل، ومحاولة تثبيت هدنة على حسابكم؟
تبسم المسؤول الفلسطينى، وأجاب: «سؤالك هذا ذكرنى بحادثة جرت خلال أحد الاجتماعات مع الإخوة المصريين، لكن قبل أن أروى لك الحادثة، دعنى أقل لك شيئاً مهماً عن رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان. هذا الرجل يملك قدرة غير عادية على الصبر وحسن الاستماع، وحين يشتد الحوار أو يصر أحد الإخوة على موقفه يطوى سليمان صفحة الملف، ويردد كلمة اشتهر بها بيننا نحن الفلسطينيين: (الله غالب)، هذه الكلمة أقصى ما يفعل، هكذا يتواطأ المصريون!».
ويضيف المسؤول الفلسطينى: «فى اجتماع لوفد (حماس) مع المخابرات المصرية ارتفع صوتى، وبدأت أتحدث عن نضال شعبنا وإخوتنا فى المقاومة، فى محاولة للتأثير على محاورى المصرى، كان الرجل يرتدى لباساً مدنياً، ولم أكن أعرفه من قبل».
انتهى الاجتماع وذهبت إلى الفندق، وبعد ساعة اتصل المسؤول المصرى، وطلب زيارتى. دخل الرجل إلى الغرفة وهو يحمل صندوقاً أخرج مجموعة ألبومات، تضم صوره منذ كان ضابطاً صغيراً، وقصاصات صحفية وأوسمة. وجدت تجسيداً لتاريخ مشرف من النضال فى سبيل قضيتى. شعرت بحرج شديد.
فالرجل قاتل وجرح وأسر. فقلت له: اعذرنى يا سيدى، يبدو أن الحماسة أخذتنى أثناء الحوار، تبسم الرجل وقال: أنا لا ألومك، لكن لابد أن تعرف أننا أمام مهمة سياسية، ودورنا اليوم يتطلب الحوار والتفاهم، ولا شىء غير ذلك. كان هذا الضابط نموذجاً لعدد آخر من الوطنيين المصريين الذين يديرون الحوار معنا. يرتفع صوتنا نختلف ونتفق، لكن كنا نشعر على الدوام بأن مصر تقف إلى جانبنا، فى الأمس كانت تدافع عنا بدماء أبنائها، وهى اليوم تمارس دوراً سياسياً لإصلاح أوضاعنا ودعم موقفنا، لا نشك فى هذا، وخلافنا مع الإخوة المصريين لا يعنى أننا نقلل من وطنيتهم، فضلاً عن أن نجرؤ على تخوينهم ..
هكذا دور مصر والسعوديه وكل الحكومات المحترمه مش بالصوت والتخوين