ان الشمال الافريقي , و بحكم موقعه الممتاز و ما يتوفر عليه من مناخ معتدل و تنوع نباتي و حيواني , احتضن منذ فجر التاريخ جمهور بني البشر افرادا و جماعات , اتخذوه مستقرا و موطنا ليرسمو على طبيعته احلى لوحات الابداع البشري و يكتبوا على سجلات التاريخ اروع روايات الترابط و التزاوج بين ثنائية الانسان و الارض .
تبدأ القصة منذ مطلع العصر الحجري الاول , اين ظهر اول انسان في الشمال الافريقي , و الذي ترقد جمجمته اليوم في احدى متاحف باريس , انه انسان بالكاو .......
- فمن هو انسان بالكاو و اين ظهر ؟
- و ماهي مخلفات و ابرز مناطق تواجد الانسان البدائي في الشمال الافريقي ؟
انسان باليكاو ( تغنيف ) :
انسان باليكاو , ينسب الى اسمه الى المدينة التي عاش بها , مدينة تيغنيف المتواجدة بولاية معسكر بالغرب الجزائري , يعتبر الممثل الاول لشعوب شمال افريقيا , وقد اعلن عن اكتشافه في اكتوبر 1952بعد دراسة الحفريات و الأدوات المستعملة في ذاك العصر وذلك بحضور اربعين مختصا من انحاء العالم والدكتور ليكي مدير متحف نيروبي. و مدينة تيرنيفن او تيغنيف كلمة بربرية تعني البركتين . و هو يتميز بصغر جمجمته نسبيا اذا ما قيست بما هي عليه الآن , و بفك قوي , و اعتمد اساسا على نشاط الصيد , و قد استقر بالجزائر لما يفوق 500 الف سنة ( من 800000 الى 250000 قبل الميلاد ) , و هذا مايدل على ان الجزائر كانت اول منطقة تعمر من طرف الانسان ,و تعتبر الرافد الاول الذي انبعثت منه الحضارات و الشعوب الاحقة .
مخلفات الانسان البدائي في شمال افريقيا :
تتوزع ابرز مناطق تواجد الانسان البدائي و انسان العصر الحجري في الشمال الافريقي على ثلاث مناطق رئيسية يمكن اعتبارها المنشأ الاول للحضارات الشمال افريقية , و تتمثل في :
اولا : الجزائر :
كانت الجزائر تتمتع بمكانة مرموقة خلال مرحلة ما قبل التاريخ بفضل مساحتها و موقعها الجغرافي بحيث شكلت إحدى المهود التي ترعرعت فيها الإنسانية. و برز هذا التراث الحضاري بفضل الحفريات و التنقيبات الأثرية التي سمحت للباحثين بالكشف عن أول وجود للإنسان في الجزائر من خلال العودة إلى العصر الحجري القديم (مليوني سنة).
و يعد العصر الحجري أول و أطول مرحلة في فترة ما قبل التاريخ التي بدأت مع ظهور أول مخلوق بشري منذ حوالي مليوني سنة بحيث قسم هذا العصر إلى ثلاث مراحل: العصري الحجري القديم الأسفل و الوسيط و الأعلى.
ويعتبر الباحثون أن الموقع الأثري "عين لحنش" المتمثل في بحيرة قديمة متواجدة في بلدية قلتة الزرقة (ولاية سطيف) هو المكان الذي يحتوي على أقدم القطع الأثرية التي أكتشفت في 1947 و التي تعود إلى مرحلة ما قبل التاريخ في الجزائر و شمال إفريقيا. و يعود تاريخ هذه القطع الأثرية إلى 1.8 مليون سنة أي خلال العصري الحجري القديم الأسفل. و عليه يمكن القول أن أول وجود للإنسان في الجزائر يعود إلى حوالي مليوني سنة.
وعلاوة على الموقع الأثري لعين لحنش، تم اكتشاف موقع تيغنيف المتواجد في بلدية تحمل نفس الاسم بولاية معسكر بحيث سمحت الحفريات الأثرية باكتشاف بقايا حيوانات و بشر و أحجار منقوشة يعود تاريخها من 800000 إلى 400000 سنة قبل الميلاد (العصري الحجري القديم الأسفل) و تعريف رجل تيغنيف (رجل الأطلس) على أنه أقدم ممثل لشعوب شمال إفريقيا.
و كان رجل الأطلس الذي كان يملك مخا أصغر من رجل العصر الحالي و فكا أكثر قوة يتقوت من الجني و الصيد و كان كثير التنقل بحثا عن الغذاء. و عاش رجل الأطلس في الجزائر خلال آلاف السنين قبل أن يفقد أ ثره منذ حوالي 250000 سنة. و حل محل رجل الأطلس رجل القرن الإفريقي الذي وصل حسب الخبراء في علم الآثار إلى شمال إفريقيا مرورا بمنطقة القرن الإفريقي.
من جهة أخرى، اكتشفت بقايا للحضارة العاترية في منطقة بئر العاتر بولاية تبسة و التي تعود إلى العصرين الحجريين الوسيط و الأعلى (50000 سنة إلى 7500 سنة قبل الميلاد). وأبرزت الحفريات الأثرية الأسلحة المستعملة في الصيد و المصنوعة من الحصى و الخشب و الحبال. و أدخل العاتريون (من بئر العاتر) رؤوس عصى الرماح إلى المغرب العربي بحيث ظهرت هذه الصناعات خلال 15000 سنة قبل الميلاد بنواحي وهران قبل أن تنتشر في كل الساحل المغاربي خلال ال5000 سنة الماضية.
تم العثور على تحف فنية من أشكال لحيوانات في نطاق الطاسيلي ويلاحظ أيضا لوحات ما قبل التاريخ في الصخور وغيرها من المواقع الأثرية القديمة التي تعتبر احدى اكبر التجمعات الفنية الصخرية ( 15000 رسم و منحوت ) ، التي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث عندما كان المناخ المحلي رطب بكثير مع تواجد السافانا بدلا من الصحراء.وتتنوع الصور الموجودة بين صور لعمليات رعي الأبقار وسط مروج ضخمة، وصور لخيول، ونقوش لانهار وحدائق غناء، وحيوانات برية، ومراسم دينية، وبعض الآلهة القديمة. وقد كان الوصول إلي اكتشاف هذه الكهوف صعبا ومتأخرا، نتيجة لوقوعها في قلب منطقة "جبارين" حيث الصحراء قاحلة والمناخ شديد الحرارة. يسكن السلسلة الجبلية فرع من الطوارق وهم كل الأجّر يتمركزون في عاصمة الطاسيلي جانت
و بالرغم من هذه الاكتشافات، لا تزال الجزائر في فترة ما قبل التاريخ غير معروفة مما يستدعي القيام بمشاريع بحث أخرى. وفي هذا الشأن أوكلت الدولة مهمة هذه الأبحاث إلى المركز الوطني لبحوث ما قبل التاريخ و الأنثروبولوجية والتاريخية الذي حل مؤخرا محل مركز البحوث الأنثروبولوجية وما قبل التاريخ والإثنوغرافيا الذي استحدث في 1955.
ثانيا : ليبيا :
لقد بدأ موضوع الفنّ الصّخري بمناطق الصّحراء اللّيبيّة بشمال أفريقيا، يلفت اهتمام الدّارسين منذ منتصف القرن التّاسع عشر، ومع بداية القرن العشرين أضحى هذا الموضوع الشّغل الشّاغل لمعظم المختصّين في مجال الفنون الصّخريّة في عصور ما قبل التّاريخ، ولقد ركّز علماء الآثار المختصّون في هذه الحقبة على دراسة ما خلّفه لنا إنسان ذلك العصر من أدوات وأدلّة أخرى تشير إلى هذا الفنّ. إنّ اكتشاف الكثير من الأدوات الحجريّة في الكثير من المواضع بالصّحراء اللّيبيّة بشمال أفريقيا إلى جانب الرّسومات الصّخريّة العديدة التي تمثّل الحيوانات الاستوائيّة كالأفيال، وأفراس النّهر، والتّماسيح، والقردة، يجعلنا نعتقد اعتقاداً جازماً بإنّ الصّحراء اللّيبيّة بشمال أفريقيا كانت على غير ما هي عليه الآن ، وأيّدت الأبحاث الجيولوجيّة صحّة هذا الافتراض، حيث أكّدت أنّ الصّحراء في فترة عصور ما قبل التّاريخ، كانت غزيرة الأمطار، كثيرة الغابات، تتخلّلها الكثير من الأنهار .
ولعل اهم المناطق التي تحتوى على آثار من العصر الحجري الوسيط هي جبال اكاكوس بصحراء فزان التي تشتهر بكهوفها القديمة، كما أنها غنية بمجموعة المنحوتات واللوحات المرسومة على الصخر أعلنت من قبل اليونيسكو كموقع للتراث العالمي في العام 1985 بسبب أهمية هذه اللوحات والمنحوتات والتي يعود تاريخ بعضها إلى 21,000 عام. والتي تعكس ثقافة وطبيعة التغيرات في المنطقة. اللوحات والمنحوتات هي لحيوانات مثل الزرافات و الفيلة و النعام و الجمال وأيضا مجموعة من الناس و الاحصنة، صور رجال تصور مواضح الحياة المختلفة للإنسان القديم مثلا في حالة عزف الموسيقى و الرقص
ثالثا : الصحراء....
من تحت رمال الصحراء ، تنبثق شواهد ألازمان الغابرة عن حقائق الماضي الضائعة وخفاياها المجهولة. حيث
تزخر .......بعدد كبير من المواقع الأثرية العظيمة القيمة ، فقد عثر في أماكن متفرقة من البلاد على أدوات صوانية تعود للعصور الحجرية الأولى، وظهرت على السواحل قطع خزفية متنوعة متنوعة الأحجام وترجع إلى ثمانية ألاف عام قبل الميلاد ، ويحفل موقع " الغشيوات" بالكثير من الآثار الحجرية الحاملة لنقوش ورسوم تمثل أشكالا بشرية وحيوانية يعود اغلبها، الى العصر البرونزي الوسيط ، وعثر أيضا على نفس تلك الرموز والنقوش في مناطق تيرس ولجواد و اوسرد وكليبات الفوفارة.
ونظرا لأهمية وغنى هذه الآثار، فقد وصل البعض منها إلى المتاحف العالمية الكبرى ، واخذ مكانه اللائق ضمن معروضاتها الهامة ، حيث يقتني متحف علوم خصوصيات الشعوب في " بال " مجموعة نادرة من أثار منطقة الصحراء ..... مؤلفة من تسع قطع يعرضها في قسم خاص .
لم يتغير مظهر الاراضي الصحراوية منذ حوالي 2000 عام بسبب الطابع الجاف للمناخ و لعدم وجود سلسلة جبلية كبيرة و ربما يعود عصرها الجيولوجي الى ما قبل الديفوني , و قد احتفظت بمظهرها بصورة اساسية خلال عصور الترياسي و الطباشيري الرابع
اما عن الانسان الاول الذي سكن الصحراء فانه ينتمي الى عائلة ( الإيبروليبية ) و كان قوي البنية اسمر البشرة و مستطيل الرأس , وايضا سكن الصحراء ...خلال العصر الرباعي انسان الكرومانيون الآخير و قد تم العثور على رؤوس حراب و سهام و رماح صوانية من نوع ( ماكدونية ) تحدد موقع الانسان بين العروق الشمالية في حين ان الفأس و الادوات الطاحنة الازميل نشأت عن الحضارة الجنوبية من نوع الزنجي , مما دفع الى الاعتقاد بان امرا الخلط محتمل جدا, و في ضواحي الساقية الحمراء ازدهر السكان الرحل , و يدل على ذلك انه تم العثور على آثار من اصل ( اتريانس) في كل ثلاثة كلم ومن المفروض ان تكون هذه المنطقة خصبة بما انها تحتوي على مياه غزيرة ووجود رسوم تمثل الاسماك في جدران بضواحي السمارة يدفع المرء الى الاعتقاد بذلك ..و يبدو ان العصر الحجري الاخير قد وصل مبكرا الى هذه المنطقة إذ ان و جود آثار في الصحراء الغربية مثل الرسوم الصخرية يثبت ذلك , اذا ما حكمنا عليها من الصفائح المحفورة و قد ترك (انسان الكابياسي) آثار متميزة مثل مستخرجات بيوض النعامة المزخرفة و مكامن لصدف المخلوطة بأدوات حجرية و خزفية مما يدل على و جود سكان عاشوا على صيد الاسماك و تجارة البحر اذا فاراضي الصحراء .....تحتوي على اماكن آثرية تعود الى ماقبل التاريخ و بعض هذه الاماكن محفوظة تماما في حين ان البعض الاخر اصابه الضرر بفعل الرياح و النهب الجنوني للمستوطنين الاسبان و على الصعيد الجولوجي نجد ايضا اماكن تعود الى ما قبل التاريخ للفن الصخري , بقريات - كركدن ( حيث تشاهد خطوط زخرفة و نحوت و قبور مهمة جدا تعود الى ما قبل الاسلام .....
المصادر :
موقع منظمة اليونيسكو :
http://whc.unesco.org/fr/list/287
http://html.rincondelvago.com/prehistoria_22.html
http://afoulay.canalblog.com/
http://www.sahara-occidental.com/pages/decouvri/rupestre/rupes01.htm
http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/bspf_0249-7638_2006_num_103_1_13410
http://www.amb-rasd.org/ARAB/1ar61.htm
http://intifadamay.com/1/jadid/athar-western-sahara.html
http://palikao.piednoir.net/rubrique3.html
http://www.djazair50.dz/?%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9
http://papyrusa.travelblog.fr/r3751/objectif-sagesse-beni-safienne/98/
http://www.jijel-archeo.123.fr/archeology/index.php?folder=prehistory&page=apercu_prehistoric
...
تنويه الموضوع من الصديق جزائري حر منشور في منتدى شقيق وطبعا وافق على نشره في منتدانا الغالي مع بعض التغييرات بالجزىء الخاص بالصحراء الغربية حتى لا يتعارض مع قانون المنتدى ويثير الحساسيات ......ارجو اثراء المووع من اعضاء الدول العربية