نشرت صحيفة " فريميا نوفوستيه" الروسية حديثين مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري تناولا فيهما العلاقات الروسية - العراقية في مجال الطاقة وارساليات السلاح الروسي الى الجيش العراقي.
وتناول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي نتائج مباحثاته في موسكو مع المسئولين في شركة نفط " لوكويل" بخصوص عقد استثمار حقل " القرنة الغربية – 2" بجنوب العراق الذي يعتبر من أكبر حقول النفط في العالم.
س – لقد تحدثتم طويلا مع قيادة " لوكويل" . فهل دار الحديث عن تنشيط التعاون ؟
ج – لقد اتفقنا مع قادة " لوكويل" على ان يأتوا الى بغداد عاجلا من اجل اجراء مباحثات مع وزارة النفط لدينا. وظهرت لدى الحكومة العراقية افكار حول حل وسط يمكن ان يرضي هذه الشركة ويتجاوب ،في الوقت ذاته ، مع سياستنا.
س – هل يمكن حقا ان يعود الى هذه الشركة عقد استثمار حقل النفط العملاق " القرنة الغربية – 2"؟
ج – يمكن تماما ان يعود الى الشركة او ربما ستعمل "لوكويل" مع شركات أخرى هناك. وسيناقش هذا كله في المباحثات التي دعيناهم من اجلها الى بغداد. وسيسعدنا لو حصلت شركة " لوكويل" على حقوق استثمار هذا الحقل. اما بصدد الحقول النفطية الاخرى فإن العراق بدأ بتنظيم المناقصات التي يمكن ان تشارك فيها الشركات الروسية ايضا.ويمكن ان تفوز تماما في هذه المناقصات وتحصل على عقود جديدة في العراق.
س – نشر نبأ مفاده ان العراق يعتزم شراء مروحيات روسية. فهل يعني ذلك استئناف التعاون العسكري – التقني مع روسيا ؟
ج - نحن نهتم بأشكال التعاون الاخرى ايضا مع روسيا. وعلى سبيل المثال شراء السلاح. فإن جيشنا مجهز بصورة رئيسية بأسلحة روسية الصنع. وبودنا ان نستكمل ترسانات السلاح لدينا. والمقصود بالأمر ليس الاسلحة الثقيلة الحديثة بل الاسلحة اللازمة من اجل احلال النظام في الداخل.
كما تحدث الى الصحيفة هوشيار زيباري وزير خارجية العراق . وقد كان ضمن الوفد العراقي الذي زار موسكو في الاسبوع الماضي. ويترأس زيباري الجانب العراقي من اللجنة المشتركة الروسية – العراقية للتعاون الاقتصادي والعلمي- التكنيكي. وفي حديثه تناول الوزير المشاكل الناشئة في طريق التعاون وكذلك الانجازات.
س - اتفقت روسيا والعراق على عقد الاجتماع الدوري للجنة التعاون المشتركة بين البلدين. وحسب علمي لم يتحدد بعد موعد انعقاده . فما هي اقتراحاتكم بشأن موعده؟
ج – لقد اجتمعت اللجنة في المرة السابقة بموسكو في فبراير/شباط عام 2008 . ( شطبت روسيا آنذاك نسبة 93 بالمائة من ديون العراق البالغة 13 مليار دولار -المحرر). اما الآن فمن المقرر ان يعقد الاجتماع في بغداد. وقد اتفق نوري المالكي رئيس الوزراء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على عقد الاجتماع بأسرع وقت ممكن. انك على حق ، فلم يتحدد الموعد بعد. ونحن ننتظر اقتراحات الجانب الروسي. وطبعا ان هذا يجب ان يتم قبل نهاية العام، والافضل قبل حلول الصيف. لقد لاحت في العراق بشائر تحسن الوضع. وهذا لا يعني أنه لا تحدث هجمات وانفجارات على ممثلي السلطة.فهذا يحدث. لكن ليس بتلك النطاقات كالسابق. وصار الناس يثقون بالحكومة أكثر. كما ازدادت الثقة من جانب الدول المجاورة والشريكة لنا.
س – لقد قلتم في حديث معي في عام 2008 ان اجتماع اللجنة يجب ان يعقد في نهاية العام. لكن هذا لم يتم. فما هي العقبات؟
ج – لا توجد عقبات. ينبغي فقط عقد لقاء في بغداد ما دمنا قد اجتمعنا قبل هذا بموسكو.
س – يثير قلق الجانب الروسي عدم توفر الأمن في بغداد؟
ج – أنا لا اعرف ماهي اسباب ذلك لدى الجانب الروسي. فنحن كنا مستعدين منذ وقت طويل لإجراء هذا اللقاء في بغداد. والآن وجه رئيس حكومتنا الدعوة الى نظيره الروسي فلاديمير بوتين لزيارة العاصمة العراقية. وقد قبلت موسكو هذه الدعوة بصورة ايجابية.
س – لقد أعلن العراق انه سيشتري من روسيا مروحيات ومعدات عسكرية أخرى. فبم يرتبط تجدد الاهتمام بمثل هذا التعاون مع موسكو ؟
ج – لقد نشأ تاريخيا وضع تم فيه تجهيز الجيش العراقي واجهزة الامن العراقية بأسلحة مستوردة من الاتحاد السوفيتي بصورة رئيسية. طبعا توجد لدينا اسلحة من بلدان اخرى ومنها فرنسا والولايات المتحدة. وفي مطلع أيار/مايو سيزورنا وفد من فرنسا لبحث موضوع التعاون العسكري – التقني. وقد درسنا احتياجاتنا وخلصنا الى استنتاج مفاده اننا بحاجة الى السلاح لأغراض الدفاع حصرا ولدعم الامن الداخلي في البلاد ولمكافحة الارهاب.
وفي اثناء المباحثات بموسكو حصلنا في نهاية المطاف على موافقة الروس على تفعيل التعاون العسكري- التقني. وسيتم ذلك بصورة تدريجية. وفي البداية سيتم اصلاح المعدات وتوريد قطع الغيار للمعدات الروسية الصنع المتبقية لدينا من دبابات ومصفحات وغيرها. وثمة نبأ هام هو اننا حصلنا على الموافقة بشأن طلبنا بالحصول على ارساليات جديدة من السلاح . ونحن بحاجة ضمنا الى المروحيات من اجل مكافحة الارهاب وحماية حدود البلاد. وكان جواب روسيا حتى الآن بشأن احتمال تقديم مثل هذه الارساليات هو الاعراب عن الشكوك بصددها.والآن فقط وجدنا التفهم.
س - بم يفسر ،حسب رأيكم ، تردد روسيا؟
ج – انا لا اعلم . لقد كان هذا لغزا بالنسبة لي. ففي هذه الفترة اشترينا السلاح الاسلحة الخفيفة من الصين من اجل شرطتنا. علما اننا اشتريناها بكميات كبيرة. والآن نعقد صفقة سلاح مع صربيا. وادرجت في ميزانيتي وزراة الدفاع ووزارة الداخلية عندنا مبالغ كبيرة من اجل عقد هذه الصفقات.
س – هل يعني ذلك ان العراقيين كانوا سيشترون الاسلحة من الروس وليس من الصينيين والصرب لولا رفض موسكو ؟
ج – طبعا. لو توفرت هذه الرغبة لدى روسيا. ان الكثير من الضباط العراقيين يصرون على ان تتم هذه المشتريات من روسيا. انهم تعلموا في بلادكم ويعرفون جيدا المعدات الروسية واعتادوا على سلاحكم ، علما ان اعادة التدريب مسألة صعبة. وستنسحب القوات الامريكية من العراق تدريجيا. ومن ان يتم جلاؤها كليا في نهاية عام 2011. وسيضمن العراقيون امنهم بأنفسهم. ونحن بحاجة الى السلاح لهذا الغرض ومنه السلاح الروسي.
س – كان هناك في الزمن الماضي تعاون وثيق بين موسكو وبغداد في مجال صناعة الطاقة. وثمة فرص في عودة الروس الى حقول النفط والغاز العراقية بالاخص حقل النفط العملاق " القرنة الغربية – 2"؟
ج – ها قد بلغنا بيت القصيد .. اننا بحثنا هذا الموضوع مع الروس مرارا. وحاولنا ايجاد مخرج . وقد تحول هذا الى ما يشبه الهوس الذي يعرقل تطوير العلاقات العراقية – الروسية . وانا شخصيا بذلت الكثير من الجهود من اجل تجاوز هذه العقدة ، وبضمن ذلك عن طريق عمل لجنة التعاون. وجرت لقاءات كثيرة ومباحثات بين خبراء شركة النفط عندنا وشركة " لوكويل" الروسية. ويتلخص موقفنا في الا يقف شبح الماضي عقبة في طريق التعاون مستقبلا. ان الوضع في العراق قد تغير جذريا. ونحن نعتزم اجراء التعاون حول نتائج المناقصات العلنية والمنافسة بين الشركات. ان هيئات الرقابة لدينا تتابع الالتزام بالشرعية. ويستعد العراق لأجراء مناقصات بصدد مشاركة الشركات الاجنبية في العمل في حقول النفط . وقد فازت في اثنتين من المناقصات الاولية اربع شركات روسية ستواصل المشاركة في المناقصات العامة ( منها "روس نفط"و" تات نفط" و" غازبروم نفط" و"لوكويل" – المحرر).
اذن ان الروس يصمدون للمنافسة بالرغم من مشاركة شركات أخرى فيها .. من الولايات المتحدة والبرازيل واوستراليا والبلدان الاوروبية. علما اننا لا نتحيز لأحد. وكل شئ يتقرر في المنافسة الحرة. ومن المحتمل تماما ان تحصل "لوكويل" على حقل " القرنة الغربية – 2". فهذه الشركة تمتلك خبرة عمل غنية ولديها معلومات كثيرة حول الحقل قيد الذكر. انها تعرف وتجيد العمل أكثر من الشركات الاخرى. لكن المقصود بالامر توقيع عقد جديد وليس احياء القديم.
س – ان بغداد بدأت الاعتراف ببعض العقود القديمة مع بلدان أخرى. اذ يعود الى الحقول العراقية الفرنسيون والصينيون...
ج – لقد تم توقيع العقد الخاص ب " القرنة الغربية – 2" في عهد صدام حسين ( في عام 1997 – المحرر) وألغي بعد بضعة اعوام في عهد النظام السابق. ونحن نعتقد ان العقود الاخرى لم تنفذ بسبب نشوب الحرب. لكنها لم تلغ أبدا. بينما ذلك العقد
قد ألغي. وهذا الفارق كبير.(عاقبت حكومة صدام حسين في عام 2002 الشركات الروسية التي وقعت العقد بفسخه من جانب واحد. وكان السبب هو عدم رغبة الروس ببدء العمل في الحقل وانتهاك العقوبات الدولية المفروضة على العراق – المحرر).
س - كانت السلطات العراقية تعلن حتى وقت قريب انها لا تعترف بالعقود القديمة ايضا ؟
ج – كلا. نحن قلنا اننا سنبحثها وندرسها انطلاقا من تماشيها مع الاوضاع الواقعية الراهنة. علما اننا من حيث المبدأ سنعترف بالأمر. لكن الروس اصروا على ان يمس هذا فقط اكبر مكمن للنفط في العالم " القرنة الغربية – 2". والا فانهم لن يناقشوا المشاريع الاخرى. ومعنى ذلك اما ان نمنحهم كل شيء .. واما لا شيء.
وكان احد الخلافات مع شركة " لوكويل" هو المكان الذي يلتقي فيه الخبراء الفنيون. ويجب ان يشارك 70 شخصا من هذه الشركة في المباحثات مع الخبراء من وزارة النفط العراقية. وقال الروس لنا انهم لا يرغبون في المجيء الى بغداد لأن الوضع الامني هناك يعتبر صعبا بالنسبة لهم. وهذا مثال عن المشاكل التي تنشأ بغتة. وقد اصرت وزارة النفط العراقية على ان اللقاء يتم في بغداد فقط . واقترح الروس بدائل : اسطنبول وعمان او دبي. وقد أعطى رئيس الوزراء نوري المالكي الآن الموافقة على ان تجري المباحثات في اسطنبول.
وفي كافة الاحوال يجب التخلص من هذه العقدة بأسرع وقت بإيجاد حلول وسط. ومع ذلك توجد امثلة عن استئناف التعاون في مجال النفط والغاز. ويجب على روسيا ابداء نشاط أكبر. لقد اظهرت الزيارة الحالية بدء مرحلة هامة جديدة في العلاقات الروسية – العراقية.
س- ماهي الامثلة على ذلك؟
ج – ستشارك شركة " ستروي ترانس غاز" في مشروع اقليمي كبير لمد خط انابيب يربط الشمال العراقي وبضمنه الحقول القريبة من كركوك بالبنية الاساسية في البلدان المجاورة. والآن اكدنا اهتمامنا ببدء هذه الاعمال. ومن المقرر ان يصل هذا الخط الى ميناء بانياس السوري. ولربما لن تكون هناك حاجة لمد خط آخر. ويجب استيضاح وضع خط الانابيب القديم الذي بني قبل اكثر من نصف قرن. ولربما سيتسنى تجديده. ويمكن ان يمد فرع منه الى ميناء طرابلس في لبنان. علما ان الحكومة اللبنانية مهتمة بذلك جدا. كما تود السلطات الاردنية ان يمد خط انابيب من العراق الى المصفاة في مدينة الزرقاء.
س – توجد في شمال العراق منطقة الحكم الذاتي الكردية التي وقعت السلطات فيها عقودا مع شركات اجنبية دون الحصول على موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وبدأ الروس والنرويجيون وغيرهم بالتنقيب عن النفط في كردستان. فماذا لو ان بغداد لن تعترف بهذه الصفقات؟
ج – ان المشاكل والمخاطر موجودة. وتوجد في العراق اختلافات في تأويل القوانين المتعلقة بهذه العقود. كما توجد خلافات حول قانون النفط والغاز القادم الذي يتواصل العمل في اعداده.
س – لابد لي من سؤالكم حول سير التحقيق في العملية الارهابية التي وقعت في بغداد في يونيو/حزيران عام 2006 ، وانذاك قتل المجرمون خمسة من موظفي السفارة الروسية. وفي عام 2007 اعلنت السلطات العراقية نبأ اعتقال الارهابيين. لكنني علمت ان المعتقلين لا علاقة لهم بهذه الجريمة.
ج – يتواصل التحقيق في هذه الجريمة وهناك تقدم فيه. وقد زار ممثلو اجهزة الامن الروسية بغداد والتقوا مع زملائهم العراقيين واقاموا علاقات التعاون معهم. ونحن على ثقة بأن الشبكة الارهابية التي ارتكبت الجريمة لها علاقة بتنظيم " القاعدة" الدولي. وكان المجرمون يتوخون اهدافا سياسية ايضا. وتم اعتقال بعض افراد هذه الشبكة وهم متورطون بقتل الروس. وتواصل التحقيق من اجل الوصول الى المنفذين المباشرين للجريمة
.........http://www.rtarabic.com/news_all_analytics/27986
المصدر .