18.06.2014
02:10:58
الشيخ محمد متولى الشعرواى
لم تنس السنون الـ16 البسطاء والعامة شيخ العصر وإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى، الذى رحل عن عالمنا منذ 16 عاما فى مثل هذا اليوم، تاركا تراث علمى وفكرى ودينى كإمام مفكر ومجدد، وبات علامة بارزة فى تاريخ الإنسانية، عرف بعقلانيته وفلسفته واحترامه للعلم والعلماء، حيث جمعته مواقف وصور نادرة مع علماء.
هو “الثائر الحق” وعلم بارز من أعلام الدعوة الإسلامية، وإمام فرض نفسه وحفر لها فى ذاكرة التاريخ مكانا بارزا كواحد من كبار المفسرين، وكصاحب أول تفسير شفوى كامل للقرآن الكريم، وأول من قدم علم الرازى والطبرى والقرطبى وابن كثير وغيرهم سهلا ميسورا تتسابق إلى سماعه العوام قبل العلماء.
كان الشيخ مألوفا محبوبا، يألفه الناس ويحبونه لصفاء نفسه ولطف معشره، وحسن دعابته مع مهابة العلماء ووقارهم.
◄ مولده وتعليمه
ولد محمد متولى الشعراوى فى 15 إبريل عام 1911 بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم فى الحادية عشرة من عمره، وفى عام 1922 التحق بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهرى، وأظهر نبوغا منذ الصغر فى حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م.
حصل الشعراوى على الإجازة العالمية 1941م، ثم حصل على شهادة العالمية (الدكتوراة) مع إجازة التدريس 1942م، وعين فورها مدرسا بمعهد طنطا الأزهرى وعمل به، ثم نقل إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق، ثم أعير للعمل بالسعودية سنة 1950 م، وعمل مدرسا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة.
◄ تفسيره للقرآن الكريم
عرف الناس الشيخ الشعراوى وتوثقت صلتهم به ومحبتهم له، من خلال البرنامج التلفزيونى “نور على نور”، وهو الذى كان يفسر فيه كتاب الله العزيز، وقد بدأ هذا البرنامج فى السبعينات من هذا القرن، ومن خلاله ذاع صيت الشعراوى فى مصر والعالم العربى والإسلامى، ومن التليفزيون المصرى انتقل البرنامج إلى إذاعات وتليفزيونات العالم الإسلامى كله تقريبا، وكان الشعراوى فى تفسيره للقرآن آية من آيات الله، وكان إذا جلس يفسر كأن كلامه حبات لؤلؤ انفرطت من سلكها، فهى تنحدر متتابعة فى سهولة ويسر.
وكان- رحمه الله- فى تفسيره كأنه غوَّاص يغوص فى بحار المعانى والخواطر، ليستخرج الدرر والجواهر، فإذا سمعت عباراته وتتبّعْت إشاراته ولاَمَسَتْ شغافَ قلبك خواطرُه الذكية وحرّكت خلجات نفسك روحانياتُه الزكية قلتَ: إنه لَقِن معلَّم، أو فَطِنٌ مُفَهَّم، لا يكاد كلامه يخفى على سامعه مهما كان مستواه فى العلم أو قدرته على الفهم، فهو كما قيل “السهل الممتنع”.
◄ تدرجه الوظيفى
عُين الشعراوى وكيلا لمعهد طنطا الأزهرى سنة 1960م، ثم عُين مديرا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م، ثم مفتشا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م، ومديرا لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964م، ثم رئيسا لبعثة الأزهر فى الجزائر 1966م، كما عين أستاذا زائرا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م، ثم رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م، ثم وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وعين عضوا بمجمع البحوث الإسلامية 1980م، ثم اختير عضوا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
◄ زواج الشعرواى وأبنائه
تزوج محمد متولى الشعراوى وهو فى الثانوية بناء على رغبة والده الذى اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامى وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة، وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما.
◄ قالوا عنه
• الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق: أحد المربين الذين نوّروا القلوب بعلم الإسلام.
• الدكتور محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر: النموذج الحقيقى للداعية الوسطى المستنير المدرك لواقع عصره دون إفراط أو تفريط فى ثوابت الدين.
• الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء: من العلماء الذين أنعم الله عليهم بعلم الموهبة، الذى هو منحة وفيض من الله تعالى يعطيه لمن يشاء من عباده الصالحين.
• الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر: كان من المجددين الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث “إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها”.
◄الجوائز التى حصل عليها
- منح الإمام الشعراوى وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد فى 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر.
- منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام فى يوم الدعاة.
- حصل على الدكتوراة الفخرية فى الآداب من جامعتى المنصورة والمنوفية.
- اختارته رابطة العالم الإسلامى بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة النبوية، الذى تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين فى مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
- جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافى لعام 1989م والذى تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره فى الدعوة الإسلامية محليا ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
◄مرضه ووفاته
خمسة عشر شهرًا قضاها الإمام فى مرض، كربٌ ألمّ به، لم يُلهيه عن تفسيره بحال، وفى السابع عشر من يونيو، عام 1998، الموافق 17/6/1998م انتقلت الروح إلى بارئها، عن عمر ناهز السبعة وثمانين عامًا، لم يأل فيهم جُهدًا، كلمة أو حرف فى سبيل تعليم الناس وتأديبهم بالدين، الجنازة التى حُمل فيها نعشه كانت مهيبة، لم يُنصّب نفسه يومًا مُفتيًا على العامة.
كايرو دار