قال الشيخ محمد زكى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن ما أثير فى بعض وسائل الإعلام على لسان بعض المثقفين مؤخرًا حول قضية تجسيد الأنبياء فى الأعمال الدرامية, دون الرجوع إلى الأزهر الشريف, بل متحديا الأزهر ومشاعر المصريين, وكأنه فوق الشرع والقانون، أمر مؤسف، مضيفا أن هذا العمل لا يجوز.
وعدد "زكى" الأسباب، والتى أهمها أن الكتاب يتدخلون فى تشكيل الشخصية كما يشاءون, وهذا لا يجوز مع الأنبياء, لأن الجانب البشرى فيهم مرتبط بجانب الوحى من السماء, فإذا استطاع المؤلف أن يجيد فى الجوانب الشخصية, فإنه لا يستطيع بأى حال من الأحوال أن يجسد جانب الوحى.
ثانيًا: لابد من مراعاة المقدس فى حياتنا كشعب متدين, فليس بالضرورة أن كل ما ارتكبته السينما الغربية من كفر بالمقدسات أن تطبقه السينما فى بلاد المسلمين, ويدعى أن من أعظم المقدسات فى حياتنا هم أنبياء الله –صلوات الله وسلامه عيهم جميعا.
ثالثًا: لا يرقى فى البشر عموما فضلًا عن الوسط الفنى بكل ما فيه من صفات تتنافى مع أخلاق الأنبياء من يستطيع أن يجسد شخصية نبى, لما يتمتع به النبى من اتصال بالوحى, تجعله قدوة وأنموذجا للبشر ,لا أمثولة وأضحوكة للعالمين.
رابعًا: لا يعقل أن يجسد أحد الفنانين شخصية نبى اليوم, ثم يراه المشاهدون بعدها فى وضع مخل.
خامسًا: هناك رائحة كريهة تشتم من وراء الإصرار على تجسيد الأنبياء, وهى تنم عن تسوية واضحة بين الأنبياء وسائر خلق الله من الأبطال العسكريين, ورجال السياسة, وغيرهم من الشخصيات التى جسدها الفن, وهذا معناه نزع جانب النبوة من ذاكرة الأمة, تمهيدا لخلخلة عقيدتها والقضاء على تراثها السماوى, وهذا اتجاه استشراقى قديم تنبه له علماء الأزهر منذ زمن بعيد، عندما أراد المستشرقون أن يخدعونا بكتاباتهم من أمثال "العظماء مائة أعظمهم محمد", ثم جاء من بعده كتاب "حياة محمدط, فى نزع واضح لعباءة النبوة, وها هى الفكرة تطل من جديد تحت مسمى حرية الإبداع, ليجسدوا شخصيات الأنباء, وعلى هؤلاء أن يعلموا أنه ربما جاد الزمان بداهية سياسية, أو ببطل عسكرى, أو غير ذلك لكن لن يجود الزمان بنبى مرسل مرة أخرى.
سادسًا: غاب عن المبدعين جانب العصمة فى حياة الأنبياء, وهذا وحده كفيل بأن يحرم تجسيد الأنبياء, والعصمة تعنى حفظ الله ظواهرهم وبواطنهم, قبل البعثة, وبعدها.
وهذا يؤكد على أن الأزهر لا يزال على موقفه من تحريم تجسيد الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم جميعا, ونقول لصاحب هذه العبقرية, والذى وجد حلا لجميع مشاكل المصريين عنده, هل فليم "نوح يحقق" أمنا , أو يزيد إنتاجا, أم أنه يمثل خروجا على أمننا القومى وعلى هوية شعبها, ويزيد الصف تشرذما؟ لا يا قوم أفيقوا, فالضلال والزور والبهتان والفجور يزيد الأمر تعسيرا "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا.".
وتابع: نسأل الله ألا نكون من هؤلاء، فبدل من أن نجسد شخصيتهم، نقتدى فنهتدى، ونأخذ من سيرتهم عظة وعبرة تزيدنا إيمانًا ويقينًا، فنسعد فى دنيانا ونفلح فى أخرنا، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِى الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
واختتم بيانه: ونسأل الله عز وجل لنا ولكل إخواننا المثقفين والإعلاميين والمبدعين والمصريين أجمعين الهداية والتوفيق، وأن يكون عملنا هذا خالصًا لوجهه الكريم."