C.I.A استعانت بالسحر لمواجهة روسيا وسامي شرف عميلا للـK.G.B الفصول
التي اخترنا عرضها هذه المرة من كتاب الكاتب الصحفي والمحرر العسكري عبده
مباشر "جاسوسية وجواسيس" الصادر مؤخرا عن هيئة الكتاب، من أكثر
الفصول إمتاعا وتشويقا، خاصة في حجم ما تحويه من مفاجآت وتفاصيل عن عالم
الجاسوسية وأسرار الجواسيس حول العالم، وأساليب المخابرات، وبالرغم من
أن المؤلف لم يخبرنا عن مصادره التي استقي منها هذه المعلومات، وإن كانت
معروفة ومبررة بحكم عمله كمراسل في الشئون العسكرية، إلا أن كتابه علي
أية حال يعد وثيقة مهمة في هذا المجال الحساس.
يتطرق مباشر
إلي الأحداث المهمة في تاريخ أجهزة المخابرات العتيقة في كل دولة من دول
العالم، تحديدا أمريكا وروسيا (الاتحاد السوفيتي) وبريطانيا وأخيرا
إسرائيل، ويتحدث عن تورط عناصر مصرية في التعاون مع تلك الأجهزة، كتلك
المفاجأة التي ينقلها لنا مباشر بخصوص مستشار الرئيس سامي شرف، فضلا عما
كشفه كتاب آخر أجنبي تزامن مع كتاب مباشر، من استعانة الـ"سي آي إيه"
وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بساحر أمريكي بارز في أواخر
الخمسينيات من القرن الماضي يدعي "جون ملهولاند" لتقديم إرشادات سرية
لعملاء الوكالة عن كيفية خداع الروس في الحرب الباردة، كشفها ضابط
المخابرات المتقاعد "روبرت واليس" بواسطة ملف سري للوكالة الأمريكية
عثر عليه صدفة..
بالنسبة إلي الـ"K.G.B" جهاز المخابرات
السوفيتية في روسيا، التي يصفها المؤلف في عنوان الفصل السادس
بـ"إمبراطورية الشر" و"سطوة بلا حدود"، يكتب مباشر: "يعد جهاز
المخابرات العامة السوفيتية ظاهرة فريدة في نوعها"، فقد كان - كما
يشرح - الوسيلة الأساسية لتنظيم الفكر والكلمة والسلوك، والتحكم في كل
شيء، وباختصار كان الجهاز هو القوة التي مارس بها الحاكم السوفيتي
ديكتاتوريته، وفي نفس الوقت الذراع اليمني للحزب الشيوعي، ويري المؤلف
أن جهاز المخابرات السوفيتية تأثر بما اسماه روح "البوليس السياسي"
والنزعة السادية لدي الزعماء السوفييت من لينين إلي بريجينيف، خاصة
إبان الثورة البلشفية..
في فصل مهم وخطير بعنوان "أسرار مصرية
وعربية" يكشف مباشر عن علاقة جهاز المخابرات السوفيتي بالشرق الأوسط،
وزرعه لعملاء في مصر ومنطقة الخليج، فإلي جانب كبير أساقفة الكنيسة
الأرثوذكسية الروسية لعموم أفريقيا بالإسكندرية، الذي كانت مهمته تجنيد
عملاء للجهاز من رجال الدين وخاصة الأقباط، كان هناك جاسوس روسي آخر أهم
يدعي "زخاروف" الذي عين عام 1968 مساعدا في القنصلية السوفيتية
بالإسكندرية، وكان في نفس الوقت عميلا للمخابرات، فقد جنده
"سبيرونوف" نائب القنصل الروسي بالإسكندرية وضابط المخابرات السوفيتية
بالقنصلية في نفس الوقت، ويحكي المؤلف كيف عرف زخاروف من سبيرونوف أن
مسئولي المخابرات السوفيتية كانوا علي علم بموعد هجوم إسرائيل في 1967
ولم يخبروا عبد الناصر، لكنه ظل محتارا من السبب وراء ذلك، وزخاروف
نفسه أيضا استطاع أن يعرف حجم تعامل وعلاقة "سامي شرف" مع المخابرات
السوفيتية!. يخبرنا عبده مباشر أن زخاروف هذا نقل للمسئولين مخاوفه من
النفوذ المتزايد للحكومة المصرية بسبب محمد حسنين هيكل، الذي وصفه
زخاروف آنذاك بصحفي معتدل نسبيا، وعما سيشكله ذلك من مصاعب أمام الاتحاد
السوفيتي، وكان الرد عليه بأنه لا قلق طالما سامي شرف - أحد مؤسسي
المخابرات العامة المصرية وسكرتير الرئيس عبد الناصر الشخصي للمعلومات -
معنا. في هذا الصدد يقول المؤلف: "في الواقع كان شرف في ذلك الوقت
عميلا من أهم عملاء المخابرات العامة السوفيتية في العالم كله.
يوضح
مباشر، أن محاولات المخابرات في التودد إلي شرف بدأت مع عام 1955،
عندما سافر شرف إلي موسكو مع وفد مصري يطلب المعونة السوفيتية، وأن ما
ميز شرف عن باقي رجال الرئيس جمال عبد الناصر، نجاحه في إخفاء ولائه
الحقيقي، فقد كان عبد الناصر يدرك أن كثيرا من المقربين إليه وخصوصا
نائبه علي صبري ووزير الداخلية شعراوي جمعة ووزير الحربية محمد فوزي حلفاء
للسوفييت، لكن ظل سامي شرف الذي عرف بعد عام 1958 باسم حركي هو
"الأسد"، وهو العام الذي بحسب تقدير المؤلف أصبح من بعده شرف عميلا
رسميا للـ"K.G.B".