أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mig29s

مشرف سابق
لـــواء

مشرف سابق  لـــواء
mig29s



الـبلد : أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال 61010
المهنة : طالب هندسة كهربائية
المزاج : هادئ
التسجيل : 16/03/2015
عدد المساهمات : 3959
معدل النشاط : 4192
التقييم : 315
الدبـــابة : أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال C87a8d10
الطـــائرة : أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال F4b50110
المروحية : أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال B97d5910

أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال 310


أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال Empty

مُساهمةموضوع: أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال   أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال Icon_m10السبت 26 ديسمبر 2015 - 15:33

خيّم سكون رهيب على طائرة البوينغ "200/727" في رحلتها المتوجهة إلى موسكو، فالرئيس بومدين الذي كان مُنكّتا وننتظره بشغف ليجالسنا بمقصورة القيادة "ولا يغادرنا إلاّ وعيوننا تدمع من الضحك، لم يبرح مكانه البتّة، كآبة سوداء علت محيّاه وصمت الحزن يكلّل شاربيه".. هكذا وصف آكلي آيت سعيد قائد الطائرة ومترجم الرئيس الراحل هواري بومدين تفاصيل الرحلة الأخيرة، وهذا في لقاء مع الشروق.
ضعف ووهن غير عاديين لاحظناهما على جسد "الرئيس" وقلة كلام وشرود ذهن غير معهود، وكأنه يفكّر بشيء لا يستطيع البوح به.. أمرت بإقلاع الطائرة والكل يتبادل نظرات الاستغراب والحيرة حول حقيقة ما يجري، وكانت بنغازي بليبيا وجهتنا الأولى - يقول محدثنا- قضينا الليلة في ضيافة معمر القذافي ليرافقنا بدوره نحو العاصمة السورية دمشق وهناك حظي الرئيس الراحل بومدين ونظيره الليبي باستقبال حار من قبل الرئيس حافظ الأسد، وعلمنا أن الرؤساء الثلاثة عقدوا اجتماعا مغلقا، وبعد يومين واصلنا رحلتنا نحو الاتحاد السوفييتي.

كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف مساء بتوقيت موسكو لما هبطت الطائرة الرئاسية بوينغ 200/727 بمطار "فنوكوفو" الدولي وكان في انتظار الوفد ثلاثة من أصدقاء بومدين المقربين وهم ثلاثة من كبار الشخصيات بالاتحاد السوفياتي وهم "ليونيد بريجناف، أليكسي كوسيغين، فلاديمير بودغورني".. وتباحث الطرفان الجزائري والسوفيتي في اجتماع مغلق إعادة تجهيز قوات الجيش الوطني الشعبي بمعدات وأسلحة متطورة، ليغادر العقيد لطرش عبد الحميد وعشرة من الضباط السامين إلى الجزائر عبر طائرة توبيليف 154.

أما الرئيس الليبي امعمر القذافي فدخل مستشفى "لمونوسوف" لإجراء عملية زرع النخاع العظمي، بينما "هواري بومدين" أتم مسؤولياته كاملة، ثم باشر إجراء التحاليل والخضوع للأشعة في جناح آخر بذات المصحة ويذكر "آكلي" مترجم الرئيس حينها أن علامات إعياء غريبة بدأت تظهر على الرئيس وصار يشكو اضطرابا في الرؤيا والنسيان وغالبا ما يفقد التركيز وانهارت صحته بشكل عام.. هنا يتوقف محدث الشروق ويشير إلى أن "بومدين رحمه الله كان يملك قدرة تحمل خارقة، ورغم آلامه وهو في آخر أيامه لم نسمع له أنينا"، يواصل آيت سعيد شهادته للشروق "اشتد المرض على الرئيس وقرر الأطباء السوفيات حقنه بجرعات مخدر "المورفين" المسكنة".

فحوصات معمقة خضع لها الرّئيس الجزائري على يد سبعة بروفيسورات من الأكاديمية العلمية العليا بالاتحاد السوفيتي، وباستخدام معدات كشف طبية تم استقدامها من أوزباكستان، وعلى ما يبدو فإن النتائج كانت "مخيبة"، ويذكر قائد الطائرة والمترجم آكلي أن طاقم الأطباء في آخر "كولوك" لهم أمروه بمغادرة المكان حتى لا يسمع ما يدور بينهم فهو "خريج معهد كييف للطيران"، ويتقن اللغة الروسية جيدا، وما هي إلا لحظات حتى حضر طبيب ودون تشخيص الداء الذي كان يعاني منه الراحل بومدين وكأن عملية حسابية أجريت لتحديد موعد موت الرئيس، قال لآيت سعيد "لن نتمكن من فعل شيء، ولم يبق سوى شهر للعيش على أقصى تقدير.. أخبر الرئيس أنه مخير بين المكوث هنا بالمستشفى أو أن يموت ببلاده"... موقف صعب وُضع فيه المترجم، جعله يفكر مليّا في طريقة ما لنقل الخبر "الصادم".. يستطرد شاهدنا "استرجعت أنفاسي ولم أجد بدا من أن أصارح الرئيس بعد ما بادرني هو بالسؤال عما قاله الأطباء، والغريب أن رد "الموسطاش" كان غير متوقع، إذ حافظ على هدوئه، وكأنه كان يعلم مسبقا بدنوّ أجله وقال لطياره ذي 30 سنة "كنت في انتظار هذه النهاية الحتمية منذ زمن.. حضّر لنا الطائرة سنعود للوطن".



ذهب ماشيا وعاد على سرير مثبت



في اليوم الموالي، نُقل الرئيس بومدين من مستشفى لمونوسوف إلى مطار "فنوكوفو" على متن سيارة إسعاف وكان برفقته طبيبين وممرضتين سوفيات، ورافقه السفير الجزائري وعدد من مسؤولي البروتوكول، وثبت سرير الرئيس بمؤخرة الطائرة، وأقلعت طائرة البوينغ 200/ 727 على الساعة 13:30د متجهة إلى الجزائر، وقد اعترت رهبة وقلق كبيرين طاقم الطائرة و"فجعنا جميعا بعد النازلة التي حلّت برئيسنا، غصة جثمت على أنفاسنا وساعات السفر باتت "قاتلة"، فبومدين الذي سافر مشيا سيعود ولكن على حمّالة ومعلّقا ويكاد يشارف على الموت".. يستطرد شاهد الشروق في حديثه ويؤكد أن "قوى بومدين خارت سريعا خلال رحلة العودة ولم يستطع الكلام حتى، كان يتمتم كلمات بالفرنسية بالكاد تصل سمع الممرضتين اللتين تترجمان ما يقول للطبيب "ولما دخلت الطائرة الأجواء الجزائرية وبينما نحن نحلق فوق مدينة قسنطينة ورد أمر من مديرية البرتوكولات برئاسة الجمهورية لقمرة القيادة يقضي بتحويل الوجهة نحو مطار بوفاريك "العسكري" بدلا من الدار البيضاء، وهو ما حدث، وفي تمام الساعة منتصف الليل و30 دقيقة نزلنا بالمكان، فيما مُنع طاقم القيادة من الخروج من الطائرة إلى غاية الساعة الثالثة والنصف صباحا، و مضى "الرئيس المريض" في الظلمة عبر سيارة إسعاف وكانت تلك آخر ليلة "حالكة" أرى فيها الزعيم هواري بومدين دون أن أودعه الوداع الأخير"، وانغمس شاهدنا آيت سعيد بعدها في لحظة شرود طويلة.



كواليس من رحلات بومدين يرويها قائد رحلاته:

-لم يحدث وأن رافق الرئيس زوجته أو أحد من عائلته سواء في زيارات ودية أو رسمية وحتى في رحلته إلى موسكو والمرض باد عليه كان بمفرده.

-بمجرد أن يشتغل الطيار الأوتوماتيكي، تجد بومدين ينسحب من مكانه بالطائرة الرئاسية ويلتحق بقمرة القيادة ويجلس بمكان المضيفة، روح الفكاهة لا تفارقه، كان ينادي فريق القيادة "أولادي"، ودون إحساس بالتعالي.

-في رحلته إلى موسكو حظي باستقبال خاص جدا من قبل كبار الشخصيات في الاتحاد السوفياتي وكان يناديهم "أصدقائي".

-رغم الداء وتدهور صحة الرئيس، غير انه حضر اجتماعات رسمية بكل من سوريا والاتحاد السوفيتي.

-خلال فترة مكوثه بمستشفى لمونوسوف بموسكو زارته شخصيات من بقاع العالم وكان وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأكثر ترددا عليه.

-لم يكن الرئيس وهو على فراش المرض قلقا أو يكثر من سؤال الأطباء، كان يكتفي بالاستماع لما يقولونه .



المنفذ الرئيسي محمد بورزان يرويها في مذكراته:

تفاصيل محاولة اغتيال بومدين وإصابته في شاربه العلوي

صدرت مؤخرا، مذكرات المجاهد الراحل محمد الطاهر بورزان الذي يعد أحد العناصر البارزة في محاولة الانقلاب التي قادها العقيد الطاهر زبيري ضد الرئيس الراحل هواري بومدين، بعد تأزم العلاقة بين الرجلين بسبب مشكل الصلاحيات، ما أدى إلى تشكيل مجموعة اتفقت على تصفية العقيد هواري بومدين.

وأشار بورزان في مذكراته وحررها الأستاذ عبد الله رابحي بأن مجموعة الطاهر زبيري كانت ضد سياسة هواري بومدين منذ ديسمبر 1967 إلى غاية 25 أفريل 1968، واتفق حوالي 20 فردا على تصفية بومدين جسديا، أو القضاء على أنفسهم في حال عدم نجاح عملية الاغتيال، حيث اتفقوا على تحديد يوم اجتماع بومدين مع الوزراء بقصر الحكومة لتنفيذ العملية، وبعد خروجه تم إطلاق النار على بعض العناصر المرافقة للسيارة المقلة لهواري بومدين من طرف محمد الطاهر بورزان، إلا أن البندقية (من نوع ماط 49) تعطلت بسبب قدم الذخيرة المستعملة، مما عطل نابض البندقية الذي يدفع الخراطيش، وما كان من المجموعة في حسب شهادة بورزان سوى الانسحاب من هذه العملية عبر شوارع العاصمة، والتي كانت مكتظة بالراجلين، وأسفرت العملية على جرح هواري بومدين في شاربه الأعلى، وقتل أحد حراسه.



تواجدهم بالزي المدني سهّل عملية الانسحاب

وتمت عملية الانسحاب مباشرة بعد الحادثة التي قام بها 3 عناصر هم السادة: محمد الطاهر بورزان ولمبارك عقاقنة ومعمر بشاح، في حدود الساعة الواحدة ظهرا، ليتم التحول إلى جبال تابلاط، حيث لم يكونوا مكلفين بالحراسة حسب بورزان، بل كانوا في يوم راحة، "كما أن ارتداءنا اللباس المدني ساعدنا على عملية الانسحاب والتنقل وسط شوارع العاصمة دون العثور علينا من طرف قوت الأمن، وقضينا الليلة في جبال تابلاط، وفي الغد تقدمنا إلى الطريق، وركبنا في سيارة متجهين إلى سور الغزلان، ثم تقدمنا راجلين شطر المسيلة وبريكة إلى أن وصلنا إلى تيلاطو مع غروب الشمس من اليوم الثالث من العملية"، وتواصلت المسيرة بركوب سيارة إلى عين التوتة، ليتم الوصول إلى منطقة لارباع قرب جبل وستيلي، وتم رسم هذا المخطط بناء على معرفتهم لطبيعة وتضاريس المنطقة أثناء الثورة التحريرية، وتواصلت الرحلة على الأرجل وصولا إلى آريس.



هذه أسباب الخلاف مع بومدين وبوتفليقة لم يفلح في تسوية الإشكال

وحسب مذكرات محمد الطاهر بورزان فإن سبب الخلاف مع بومدين يعود إلى العام 1967، ففي الاحتفال بذكرى الـ 13 لاندلاع الثورة التحريرية جرى استعراض الوحدات العسكرية لمختلف الأسلحة في شارع جيش التحرير الوطني بالجزائر العاصمة، وكان يفترض أن يشرف عليه قائد الأركان العامة الطاهر زبيري، لكنه غاب عن الموعد بصورة مفاجئة ومجهولة، ما جعل وزير الدفاع ورئيس مجلس الثورة يتخذ قرا انفراديا في الحين، وعوض العقيد زبيري بالعقيد عباس، ولكن رغم سد الفراغ الغيابي لقائد الأركان العامة، إلا أنه حسب بورزان فقد ترك ذلك أسئلة محرجة بين المدعوين والدبلوماسيين، وسط قادة الجيش.

وبعد الانتهاء من الاحتفال بذكرى الفاتح نوفمبر، بدأت الاتصالات بين القادة العسكريين والسياسيين لمعرفة أسباب غياب العقيد الطاهر زبيري، على غرار القادة الرائد السعيد عبيد قائد الناحية العسكرية الأولى البليدة، العقيد عباس الذي كلف بالإشراف على ذكرى الاحتفال بثورة نوفمبر خلفا لزبيري الذي كان غائبا، والرائد محمد الصالح يحياوي، الرائد عبد الرحمان بن سالم، وبعض الشخصيات الوطنية البارزة التي قامت بالاتصال بالعقيد طاهر زبيري، منهم العقيد خطيب والرائد لخضر بورقعة وزغداني عبد العزيز، والشيخ خليفة لعروسي، ووزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة، بغية حل المسألة والإشكالية سياسيا، غير أنه لم يفلح هذا الأخير بدبلوماسيته حسب بورزان دائما.



هؤلاء شاركوا في محاولة اغتيال بومدين وغياب التنسيق أفشل الانقلاب

وفي 14 ديسمبر 1969 قامت جماعة من الضباط بحركة ضد النظام، وهم السادة المساندون لمحاولة الانقلاب التي تزعمها العقيد الطاهر زبيري وهم الرائد عمار ملاح والرائد السعيد عبيد والرائد سليمان، والرائد لخضر بورقعة، ويوسف بولحروف والنقيب بوعلي، كما أيد عملية الانقلاب الملازمون العياشي حواسنية وصالح قمعون وموسى حواسنية والشريف مهدي الذي سلم نفسه بعد فشل محاولة الانقلاب وحمودي بوزيد وبوقطف العيد، والنقيب محمد الهادي رزايمية، والنقيب محمد حابة، الملازم عيسى بخوش، الملازم إبراهيم بروال، النقيب كمال ورتيسي، النقيب فرحات برحال، الملازم عبد الرحمان بن عطية، الملازم حسين سليمان، الملازم عمار نويوة، الملازم راشدي عبد العزيز، شرفي أحمد بن شعبان، سلطان ديش عبد الله، وعطوي بلقاسم.

وحصر محمد الطاهر بورزان أسباب فشل الانقلاب في عدة نقاط منها تضارب المواقف عند البعض من القادة، وعدم التنسيق بين قيادات الحركة الانقلابية، والتصرفات الفردية دون دراسة أو استشارة لبعض الأطراف من العناصر المشاركة في الانقلاب، وانعدام التخطيط المحكم في تحديد الأهداف الرئيسية المؤدية للنجاح.



بين محاولة الهروب إلى تونس والقبض عليهم بنيران صديقة

وحسب بورزان فإن الفشل في محاولة اغتيال هواري بومدين جعلهم يفكرون جديا في الخروج إلى تونس، ومنها إلى بلدان أخرى، غير أنه حسب مذكراته فقد تلقى نيرانا صديقة، وذهب ضحية ثقة بعض رفقائه في السلاح، الذي استأمنه قبل أن ينقلب عليه، ويساهم في القبض عليه، وفق مخطط قامت به جهات أمنية ومخابراتية، حيث وجه انتقادا مباشرا لمحمد عثامنة، ما تسبب حسب قوله في القبض عليه رفقة لمبارك عقاقنة، أما معمر بشاح فقد كان غائبا في ذلك اليوم، بعدما ذهب إلى بيته بقرية تيبيكاوين، ويصف سيناريو القبض عليه من طرف محمد عثامنة ووالده كما يلي "تمت استضافتنا في مقر سكناهم بحمام أولاد لحلوح، في ديار والد محمد عثامنة، حيث قدمنا إلى تلك الديار في ليلة ممطرة وشديدة البرودة، ورتب والد محمد عثامنة وأهله إجراءات العملية بكل دقة لمخادعتنا، وأحضروا رجال الشرطة وبعض المناضلين بحزب جبهة التحرير الوطني، وبعض أهل محمد عثامنة الذين أشعروهم مسبقا بأن هذه الليلة سيتم القبض فيها على محمد الطاهر بورزان ولمبارك عقاقنة، قدمنا من الجبل الذي مكثنا فيه نهارا إلى تلك الديار، وألبستنا مبللة بسبب سقوط المطر، وكان ذلك في شهر جوان 1968، وسبب البرودة ناجم عن سقوط البحرورش، وأوقدوا لنا أهل الديار النار لنتدفأ قليلا، وكانت بجوار تلك المنازل ديار من طين مهدمة مخربة منذ عهد الاستعمار، ودخل علينا محمد عثامنة، وقال لنا "أبي يناديك يا محمد الطاهر"، وخرجت فورا إليه ملبيا نداءه، وخرج معي محمد عثامنة رفقة 3 أشخاص من أبناء عمومته الذين كانوا يسيرون من خلفنا، وإذا بهم يهجمون علي وطرحوني أرضا، وقيدوني بالحبال المعدة مسبقا، حدث ذلك رغم أنني كنت مطمئن البال قبل ذلك، ولم أكن أتوقع ذلك التصرف من أناس عشنا معهم أيام الثورة التحريرية المباركة، وعادوا فورا إلى رفيقي لمبارك عقاقنة، بعدما خطفوا منه البندقية، وكان الوقت حوالي الثامنة عشرة ليلا، وبعدها أركبونا في سيارة خاصة جاءت من العاصمة تقودها المخابرات.



متاعب التحقيق والسجن في سيدي الهواري

ويواصل محمد الطاهر بورزان سرده بعد عملية التحقيق بمحافظة الشرطة قائلا "بقينا هناك بمقرهم أسبوعا أيضا رفقة زميلي مبارك عقاقنة، ولما انتهى البحث معنا، قادونا إلى سجن البليدة، ووضعونا في سجن انفرادي إلى غاية جانفي 1969، حيث تم نقلنا إلى سجن سيدي الهواري بوهران، ولم يعرف أهلنا أين كنا نتواجد، ولم يسمح لهم بزيارتنا، وبقينا مدة شهر، وبعد ذلك أمرونا بكتابة الرسائل إلى أهلنا نعلمهم فيها بمكان تواجدها بهذا السجن، ليسمحوا لهم فيما بعد بزيارتنا، وحسب بورزان فإن سجن سيدي الهواري بوهران هو سجن عسكري وأغلب حراسه مجاهدين خلال الثورة التحريرية، ولما علموا بأننا مجاهدين في ثورة التحرير، وإنما اختلفنا في الرأي والنظرة مع بومدين وزبانية نظامه ليس إلا، وكانت معاملتهم لنا معاملة طيبة من حيث العناية الصحية والتغطية والألبسة والأفرشة، وسهلوا لنا الأمور التي تدخل في اختصاصهم.



الحكم بالإعدام في حق بورزان وزبيري وملاح وعميرات

وفي جوان 1969 تمت محاكمة السادة محمد الطاهر بورزان وعمار ملاح ولمبارك عقاقنة ولمبارك بتيرة وقارة معمر وحواسنية العياشي ومبروك لطيف، حيث قضى عليهم الحكم بالإعدام، وقضى على الطاهر زبيري بالإعدام غيابيا، ونفس الحكم ضد سليمان عميرات المتهم في قضية قرين بلقاسم، فيما صدرت الأحكام بـ 20 سنة في حق السادة معمر بشاح وبلقاسم ملاخسو، أما دراجي منصور فصدر في حقه حكم بـ 3 سنوات. وفي أواخر خريف 1973، تم تخفيض الأحكام من الإعدام إلى مدى الحياة، ثم تم تحويل محمد الطاهر بورزان وسليمان عميرات ومبروك لطيف ومعمر بشاح إلى سجن البرواقية، ولمبارك عقاقنة وحواسنية العياشي وقارة معمر إلى سجن الأصنام، أما عمار ملاح ولمبارك بيترة فحولوا إلى سجن تازولت، وكان تعاملنا (حسب بورزان) في سجن البرواقية بالمدية تعاملا انفصاليا عن بقية السجناء الآخرين، ووضعونا نحن الثلاثة (محمد الطاهر بورزان ومبروك لطيف ومعمر بشاح) في غرفة واحدة مع بعضنا البعض.



الفرار من سجن البرواقية

وفي شهر جويلية 1976، وبمناسبة عيد الاستقلال تم تخفيض الأحكام من مدى الحياة إلى مدة 20 سنة، وفي عام 1977 بقينا 4 أشخاص في غرفة واحدة بسجن البرواقية، بعد تحويل عمار ملاح إلينا من سجن تازولت بباتنة، وهم السادة معمر بشاح وعمار ملاح ومحمد الطاهر بورزان ومبروك لطيف، وبمرور الوقت بدأنا نفكر في محاولة الفرار من هذا السجن، وتوصلنا إلى رسم خطة نراها مناسبة، بعد اقتناعنا بالإجراءات التي سوف نتخذها في هذه العملية، حيث شرعنا في التنظيم الخالي من الهفوات، مع الاستعداد النفسي والبدني، وتهيئة الظروف المواتية، وفي مقدمة ذلك جمع المال الذي كنا نتلقاه أثناء زيارات الأهل والأقارب، وكان تفاهمنا في هذه العملية الخطيرة والجريئة مع أحد حراس السجن الذي كان يشتغل كعون للطبخ، وقد كان هو الآخر مؤيدا للفكرة ومقتنعا بها، وتمت الخطة كما يلي

استبدال مفاتيح الغرفة والرواق، لأن هذا الشخص هو المكلف بمفاتيح الغرفة والرواق، كما كان يخرج في بعض الأحيان إلى السوق، ويكلف من طرف المسؤولين عن السجن بقضاء بعض الحاجيات، خصوصا أنه كان محل ثقتهم الكاملة، وأدرجناه كعنصر مشارك في العملية، حيث قام بشراء المفاتيح والأقفال، ووضعها في مكان آمن، حتى نستبدلها ليلة الفرار دون شعور حراس السجن بهذا العمل الجريء، وفي ليلة 12 أكتوبر 1977 جاء إلى مساجين يعملون في المطبخ ثم إليناـ وفتح علينا باب الغرف، وباب الرواق وأخرجنا وفي أيدينا العصي التي حضرها لنا مسبقا، وانهلنا على الحراس بالضرب وتحاشينا موتهم، ونزعنا المفاتيح من رئيس مركز الحراس الذي أشبعناه ضربا هو الآخر، وفتحنا الأبواب الأخرى، كما فتحنا مخزن الأسلحة وأخذنا السلاح والذخيرة التي كانت بحوزته.

وأثناء خروجنا أطلق علينا الحراس المتمركزون فوق السور الرصاص وردينا عليهم بطلاقات مماثلة، ثم فررنا، وبعدها تفرقنا، حيث ذهب معمر بشاح مبروك لطيف وعمار ملاح مع بعضهما ، أما أنا (محمد الطاهر بورزان) وكحلوز الشريف وهو عون المطبخ الذي نظمنا معه عملية الفرار فذهبنا مع بعضنا، علما أن هذا الأخير رجل غير سياسي حكم عليه بـ 12 سنة، بسبب ضربه لأحد رجال الدرك الوطني.



القبض على مجموعة ملاح وهروب بورزان إلى الأوراس

وفي 18 أكتوبر 1977 سمعنا بإلقاء القبض على عمار ملاح ومعمر بشاح ولطيف مبروك من طرف الدرك الوطني بالمدية، وكنت أنا وزميلي كحلوز الشريف بجبال المدية نتنقل باستمرار من مكان إلى مكان، ونذهب إلى القرى المجاورة لمكان تواجدنا، حيث يسدل ظلام الليل حتى لا نعرف لنشتري ما يلزمنا من المؤونة، وبقينا هناك نحو شهر، نذهب إلى السوق في البليدة نقتني منه مؤونتنا الغذائية (الخبر والجبن والسردين والتمر والتبغ)، وصعدنا يوما إلى جبل الشريعة الجميلة، ثم انتقلنا إلى حمام ملوان قرب الأربعاء بني موسى، ثم إلى تابلاط، وهناك تم الفراق بيني وبين كلحوز الشريف بسبب رفضه الذهاب معي إلى الشرق الجزائري، وفضل البقاء بمنطقة المدية.



العقيد بلهوشات يطمئن بورزان والشاذلي يطلق سراح الجميع

وبعد وفاة الرئيس هواري بومدين، جاءني أحد الضباط، وهو محمد غشام الذي كان يعمل بالدرك الوطني، وكان برتبة ملازم أول آنذاك، واتصل بأهلي، وطلب مني اللقاء، وأثناء لقائي به قال لي، بأن العقيد عبد الله بلهوشات يطلب منك المجيء، وقال له بأننا قررنا إطلاق سراحكم جميعا، إن رفقاءك عمار ملاح ومعمر بشاح ولطيف مبروك لم يوضعوا في السجن بعد إلقاء القبض عليهم، بل هم عند الدرك الوطني بالمدية، وفي حالة جيدة، وعليك أن تلتحق بهم، وذهبت معه إلى البليدة ليلا، ووصلناها صباحا، وكان معنا محمد الطاهر عزوي، وانتقلنا بعد ذلك إلى المدية عند فرقة الدرك الوطني بالمدية، وجدت رفقائي في حالة صحية جيدة، وبقينا هناك شهرين في مركز الدرك الوطني، إلى غاية إعلان رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد الإعفاء علينا وإطلاق سراحنا، كان ذلك في شهر أفريل 1979، وكانت المدة التي قضيناها في السجن 11 سنة كاملة.



هجر والديه في سن السادسة ولم يعد إليهما إلا رئيسا

بومدين.. طفولة بائسة بين العائلات وحياة مليئة بالألغاز

لم تكف 37 سنة كاملة، عن رحيل الرئيس هواري بومدين، لفك شفرات الكثير من الألغاز التي ظلٌت تلف شخصيته، والتي لازالت تثير الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والعسكرية، وطنيا وحتى دوليا .
ولم يكن بالأمر الهيّن علينا ونحن نعود 77 سنة كاملة للخلف، في عمق التاريخ، محاولين البحث في طفولة الرئيس الراحل الذي توفي قبل 37 سنة كاملة، وترك وراءه الكثير من الألغاز، التي لازالت محلّ إثارة وجدل بين أولئك الذين عايشوه وحضروا فترة حكمه للبلاد.

وبعيدا عن سياسة بومدين في الحكم ومواقفه تجاه مختلف القضايا الوطنية والدولية، وبعيدا عن كل ما يثير الجدل حول حياته، حاولنا جمع ما يمكننا من معلومات، حول طفولة هذا الرجل الذي يعتبره الكثيرون من العرب واحدا من بين زعماء الأمة، وكانت انطلاقتنا في ذلك من مسقط رأسه بقالمة، فكانت المفاجأة كبرى، عندما وجدنا أن الوصول إلى المقربين منه يعتبر ضربا من الخيال، بسبب المرض الذي أنهك بعضهم لتقدمهم في السن .

كما أن الموت غيّب البعض الآخر. وتفاجأنا بأن ما بقي من سلالة أهله وأفراد عائلته لازالوا يؤمنون بأن التطرق لخصوصيات الزعيم الراحل من الطابوهات التي لا يجب أن تكسر مدى الحياة. وحتى نسجل حضورنا ككل سنة في ذكرى رحيل الرئيس هواري بومدين، فضلنا التفصيل في ما سجلناه في وقت مع واحد من الذين رافقوا بومدين خلال فترة تعلمه بمدينة قالمة، وبالتحديد في مدرسة آلمبير أو متوسطة محمد عبده، ويتعلق الأمر بالمرحوم مصطفى سريدي، كما جاء على لسان إحدى بناته، في تصريح للشروق اليومي في بيته بوسط مدينة قالمة .

الحاج سيريدي رفيق طفولته كان يقول: يشهد الجميع أن بومدين كان يتميّز بشخصية قوية، تترجمها عيونه الزرقاء الحادة، والتي تعبّر على أن الرجل استمد قوة شخصيته من بيئته الريفية التي تربى وترعرع فيها، بمسقط رأسه بدوار بني عدٌي بمشتة العرعرة ببلدية مجاز عمار حاليا، بولاية قالمة التي تبعد بنحو 17 كلم عن مدينة قالمة، والتي ولد فيها بتاريخ 23 أوت 1932، 83 سنة لو لازال على قيد الحياة من والده الحاج إبراهيم بوخروبة ووالدته تونس بوهزيلة، ومسجل ضمن سجلات الحالة المدنية ببلدية عين احساينية التي أصبحت حاليا تحمل اسمه الثوري، لبلدية هواري بومدين .

يقول المرحوم الحاج مصطفى سريدي في حديثه عن بومدين، حسب تسجيل بحوزة الشروق اليومي، إن الطفل محمد بوخروبة وعندما بلغ سن السادسة من عمره، سنة 1938 حلٌ بمدرسة آلمبير بمدينة قالمة، والتي أصبحت تحمل اسم العلامّة محمد عبده بعد الاستقلال، قادما إليها من مشتة العرعرة حيث كان قد حفظ جزءا من القرآن الكريم، ليكمل دراسته النظامية في ذلك الوقت .

وكانت مدرسة آلمبير مقسمٌة إلى قسمين، قسم خاص بأبناء المعمرين والكولون وأبناء الأغنياء والأعيان في ذلك الوقت، وقسم آخر مخصص للآهالي من عامة الناس الذين ينحدر منهم محمد بوخروبة، ومن الطبيعي أن يكون محمد في القسم الثاني، وعلى الرغم من ذلك كان يدرسٌه المعلم الفرنسي المسمى سيغالا، الذي تم استدعاؤه في منتصف العام الدراسي لأداء الخدمة العسكرية، فاستخلفه وقتها معلم فرنسي آخر يدعى لوروا، وهو المعلم الذي مع مرور الأيام بدأ يلاحظ بأن محمد بوخروبة، كان سابقا لجيله، إذ كان سريع الحفظ والفهم، وأنه كان يتجاوز كل الامتحانات بسهولة مطلقة، ويجيب على مختلف الأسئلة بطلاقة ودون أي عقدة، كما أنه كان يبدو أنيقا، رغم حضوره إلى المدرسة حافي القدمين أو مرتديا نعلا باليا مع قشابية الصوف التي لم تكن تفارقه من مطلع الشتاء إلى أواخر فصل الربيع، وعن تلك القشابية الصوفية يقول الحاج سريدي إن والدة محمد، الحاجة تونس بوهزيلة هي من نسجتها له ولم تغادره خلال مرحلته الدراسية بمدرسة آلمبير .

ولأن محمد بوخروبة كان أطول أترابه في الصف الابتدائي، فقد زادت قشابية الصوف من أناقته، وكانت لائقة على جسمه، وزاد لونها البني في جمال الطفل الأشقر صاحب العينين الزرقاوين، والتي كان ينظر بهما رغم صغر سنٌه في ذلك الوقت بنظرات حادة، ويسير بثقة بنفسه، جعلته متميزا بين أٌقرانه وباعتراف المعلمين الفرنسيين أنفسهم في ذلك الوقت ..



يتحايل على معلميه الفرنسيين لحفظ القرآن الكريم

هواري بومدين أو الطفل محمد بوخروبة لم تنسه الدراسة في مدرسة آلمبير الفرنسية، أصوله وبيئته التي ترعرع فيها في البادية، كما لم يمنعه ذلك من الاستمرار في حفظ القرآن، الذي حفظه هو بحيلته وتحايله على معلمٌه الفرنسي، بأن يضع دفترا كان قد دوٌن عليه آيات قرآنية وسط كراس اللغة الفرنسية، وعندما ينشغل المعلم في تحضير الدروس أو تصحيح الكراريس، يقوم محمد بقراءة تلك الآيات سرا، دون أن ينكشف أمره من أحد سوى زميله سليمان بن عبدة الذي كان يجالسه في نفس الطاولة، حتى ختمه، وكان في العطلة المدرسية، يرجع من قالمة إلى دوار بني عدٌي ليعلم أطفال الدشرة حفظ القرآن .

هذا التصرف أكد بعد السنوات الطويلة بأن محمد بوخروبة الفتى، اعتاد على عدم تضييع شيء من وقته، لأنه كان يعلم قيمة ذلك الوقت ومعاناته بعيدا عن عائلته التي بقيت مقيمة في دوار بني عدٌي بينما استقر هو عند إحدى العائلات بمنطقة باب السوق بمدينة قالمة، ثم انتقل إلى عائلة أخرى بمنطقة باب سكيكدة حاليا، وفي السنة الأخيرة انتقل إلى عائلة أخرى بحي مصطفى بن بوالعيد حاليا أو ما كان يعرف باسم بومرشي عرب. وكان والده الفلاح الحاج ابراهيم بوخروبة يدفع لتلك العائلات شيئا من المؤونة والقمح وبعض المحاصيل الزراعية مقابل التكفل بابنه محمد أثناء فترة تمدرسه بمدينة قالمة. ويتذكر كبار السنٌ بالحي كيف كان محمد يحفظ دروسه بمدخل الحي، أمام المارة ...



والده كان يدفع المؤونة للعائلات التي أقام عندها بومدين

تقربنا من عمي علي بوهزيلة قريب الرئيس الراحل هواري بومدين، بصفته ابن خاله ومن أصدقاء طفولته المقربين، الذي أنهكه السن والمرض، حيث أكد لنا تلك المعلومات وذكر بأن الطفل محمد بوخروبة كان يراجع دروسه بمدخل حي بومرشي عرب ولم تلهه أبدا ألعاب الطفولة حسب عمي علي بوهزيلة عن دراسته، التي تفوّق فيها، كتفوقه في حفظ القرآن الذي ختمه عند الثالثة عشر من عمره وتحديدا سنة 1947 وأضاف عمي علي أنه يذكر جيدا النظرات الحادة للطفل محمد بوخروبة والتي كان يتميز بها بين أقرانه، بل أكثر من ذلك يقول عمي علي إنهم كانوا يهابونه وعندما يحين موعد تعليمهم حفظ القرآن يسارعون بألواحهم للحاق به في الدشرة .



كان يرفض الانحناء لمعلميه الفرنسيين

المرحوم الشيخ مصطفى سريدي ذكر في تصريح سابق للشروق اليومي بأن الفتى محمد بوخروبة، كان سابقا لجيله، يتميز بين أقرانه بقوة الشخصية، مواظبا على دروسه وأداء كل واجباته، حتى لا يمنح أي فرصة للمعلمين الفرنسيين لإهانته بأي كلمة قد تجرح مشاعره وتمس بكرامته، أو الاعتداء عليه بالضرب، ويتذكر أترابه وزملاؤه في القسم التأهيلي الثالث بمدرسة آلمبير عندما لم يتمكن محمد من مراجعة أحد الدروس، وعندما شرع المعلم الفرنسي في توجيه الأسئلة للتلاميذ، حفظ منهم الطفل الفطن، وبذكاء خارق شرع في رفع أصبعه للمشاركة في الإجابة الصحيحة، وهو ما جلب انتباه معلميه الفرنسيين، خاصة وأنه كان حسب الشيخ مصطفى سريدي يتحصل دائما على النقاط الجيدة في امتحانات آخر السنة، وأنه لم يسقط ولا مرٌة في مرحلته الدراسية. الطفل محمد بوخروبة كان لا يضيع شيئا من وقته وعند تواجده بمدرسة آلمبير تفجرت لديه هواية الرسم، وكان يفضل رسم المناظر الطبيعية، ربما حسب الشيخ مصطفى سريدي، لارتباط الطفل بمسقط رأسه دوار بني عدي ومشتة العرعرة المقابلة لجبل هوارة، أو ربما للأفق الذي كان يتخيله الصبي في ذهنه، كما أنه كان يتخيل ويحلم كثيرا برسم العلم الوطني الجزائري، مبدعا في رسم طائر الطاووس، الذي كان يعشق شكله وألوانه المتناسقة ولم يكن هذا الطائر الجلاٌب يخلو من رسومات الصبي البريئة .



لم يضع يوما قدميه في المطعم المدرسي

محمد بوخروبة الذي كانت طفولته قاسية بعد أن هجر دشرته بدوار العرعرة في سن السادسة متوجها إلى قالمة من أجل الدراسة الابتدائية تاركا خلفه والديه، أصبح فيما بعدا مجاهدا ثوريا ورئيسا للجمهورية الجزائرية، كان في صغره يتميز بالأنفة والكرامة، التي اكتسبها من بيئته الريفية، ولم يضع يوما قدميه في المطعم المدرسي، المخصص للتلاميذ المعوزين، وأولئك الذين يقطنون خارج مدينة قالمة، كحال محمد الذي كانت تتوفر فيه كل الشروط للاستفادة من مختلف المزايا التي يوفرها الفرنسيون للتلاميذ، إلاٌ أنه كان يرفض ذلك رفضا قاطعا، وحدث مرٌة بحسب مصطفى سريدي بأن قام مدير مدرسة آلمبير المدعو فاني بتسجيل خمسة تلاميذ لتمكينهم من أحذية أو نعال، ومن بين المسجلين كان محمد بوخروبة، وبعد أسبوع جلب المدير مجموعة من النعال لتوزيعها على التلاميذ المسجلين، لكن محمد بوخروبة رفض استيلامها، على الرغم من افتقاده لما يضعه في قدميه، وهو ما أثار تساؤل مدير المدرسة أنذاك وعبر عنها بالقول إنه جلب تلك الحصة من النعال حتى لا يمشي التلاميذ النجباء على الأقل حفاة، كما كان الشأن لمحمد، الذي لم يكن يأبه للمناظر بقدر ما كان منشغلا بالدراسة وحفظ القرآن، ويقضي كل وقته في الحفظ وفي بعض الأحيان في الرسم على الرغم من قلّة الإمكانيات المتوفرة لذلك .



هل أصيب بومدين في أحداث الثامن ماي 45 ؟ !

لغز آخر لازال يلف حياة بومدين، ولم يتمكن أي شخص من الوصول إلى حقيقته، أو إثبات عكسه، وهو هل حقيقة أن الطفل محمد بوخروبة أصيب في مجازر الثامن ماي 45، عندما انتفض سكان قالمة في وجه مليشيات المستعمر الفرنسي؟ عندما سألنا إبن خال الرئيس الراحل محمد بوخروبة، عمي علي بوهزيلة، عن حقيقة الرواية التي تتحدث عن إصابة ابن عمته برصاصة طائشة في أحداث الثامن ماي 45، لم يقدم لنا إجابة واضحة وقال إنه لم يتذكر تلك الحادثة، التي تداولها عدد من الكتاب والمؤرخين الذين خطٌوا لتوثيق حياة هواري بومدين، وذكر عمي علي أنه يتذكر عديد المواقف الشجاعة لابن عمته الذي قال إنه كان يكره الفرنسيين وكل ما هو فرنسي، بدليل أنه عندما سافر إلى القاهرة رفقة محمد الصالح شيروف للالتحاق بالأزهر، عاد بعد سنوات مناضلا وثوريا في وجه فرنسا، وتحدثت عديد الروايات أن محمد بوخروبة وخلال تواجده في مدرسة آلمبير بقالمة سنة 1945، وقعت أحداث الثامن ماي وكان قد أنشد مثل باقي أترابه وسط جموع المواطنين الذين خرجوا في مسيرة ذلك اليوم المشؤوم مرددا يحيا مصالي، وغيرها من العبارات التي جعلت عساكر فرنسا يطلقون النار في كل الاتجاهات، ليفرٌ بعدها الصبي محمد بوخروبة وسط أترابه باتجاه أحد الأحياء القريبة ليقفز من أعلى سور المدرسة معتمدا على الأعمدة الكهربائية الملاصقة للجدار، فسقط على علب السردين الصدئة والتي كانت وقتها تغطيها أوراق الشجر الشائكة، مما تسبب في إصابته بجروح بليغة على مستوى الساق، ما أجبره على العودة بعد أيام قليلة من تلك الأحداث مرتديا قشابيته الصوفية بنية اللون لإخفاء تلك الجروح، على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في شهر ماي. هذا ما روته شهادات بعض زملائه في الدراسة، لكن بعض الشهادات الأخرى ذهبت على حد التأكيد أن محمد بوخروبة الذي شارك في مسيرة الثامن تعرض لإصابة على مستوى الساق من رصاصة طائشة، وتلقى على إثرها العلاج في المستشفى، وهي الرواية التي لم نجد لها أي تأكيد حتى لدى المقربين منه.



يفضل مراكز القيادة منذ الصغر

يشهد كبار منطقة قالمة على أن محمد بوخروبة كان رجوليا في تعاملاته منذ نعومة أظافره، كان يتميز بروح القيادة، وأنه أصبح معلما للقرآن الذي علمٌه لأبناء دشرته ولم يتجاوز من العمر الرابعة عشر، كان صبورا ولم يسمعه أحد من زملائه في الدراسة يشتكي بردا أو حرا أو جوعا، والأهم من كل هذا ابتعاده عن والديه للدراسة في مدينة قالمة في سن مبكرة لينتقل بعدها إلى قسنطينة التي له فيها الكثير من المغامرات والحكايات الأخرى مع أصدقائه والتي انطلق منها في رحلته الطويلة والشاقة إلى القاهرة التي سافر إليها مشيا على الأقدام دون علم أحد من أهله برفقة محمد الصالح شيروف حيث عبرا تونس وليبيا سيرا على الأقدام ليستقرا في مصر. مهما كتبنا أو قلنا عن الرجل في هذه الجوانب من طفولته فإننا لن نفيه حقه، بعدما جفٌت مصادر المعلومة، لكننا نؤكد أن كل من التقينا بهم من أفراد العائلة وكبار المنطقة، أجمعوا أن ما كشفته الأيام بعد أن أصبح محمد بوخروبة رئيسا لمجلس الثورة ورئيسا للجمهورية الجزائرية، لم يكن بمحض الصدفة بل بالمثابرة وبإصرار الصبي على رفع التحدي ليصنع المعجزات، بين رؤساء وملوك مختلف دول العالم، الذين انبهروا لسياسته طيلة فترة حكمه للجزائر.



من تيتو إلى فيدال كاسترو وعبد الناصر

هذه قصة هواري بومدين مع زعماء العالم



حكم الرئيس الراحل هو بومدين، في زمن تقديس الزعامات، كانت البلدان ترتبط بحكامها، وكثير من الجزائريين كانوا إذا سافروا إلى الخارج، وقدّموا أنفسهم يقرنون بلادهم برئيسهم، وكثير من الأجانب كانوا يردّون بسرعة: آه إنها جزائر بومدين، وحتى الرئيس بارك ذلك وأدركه، فكان يقول بأن هدفه هو أن يبني دولة لا تزول بزوال الرجال، وقد زالت فعلا الكثير من بلاد العالم بزوال رجالاتها الذين حكموها فصار أشبه بمملكات غير معلنة ومنها الاتحاد السوفييتي ببريجنيف، ويوغوسلافيا بتيتو وحتى العراق بصدام حسين. وجد الراحل بومدين نفسه إما أن ينتمي لبلاد رأسمالية لا معنى للقائد فيها وإما أن يصنع لنفسه اسما وسط زعماء أفارقة وعرب بالخصوص كانوا يمثلون ما يشبه الإمبراطور في مملكة أو جمهورية.



بومدين "خطف" عبد الناصر من بن بلة

من غرائب حياة الرئيس الراحل هواري بومدين أنه كان صديقا ورفيقا لكل الزعماء الكبار من جمال عبد الناصر إلى الكوبي فيدال كاسترو، إلا زعيم واحد اندلعت بينهما عداوة مازالت آثارها لحد الآن، فانقلب عليه منذ نصف قرن في انقلاب جوان 1965 وزجّ به في السجن، فكان بومدين فعلا صديقا لكل زعماء الدنيا إلا لأحمد بن بلة، بل وأكثر من ذلك تمكن بومدين من خطف كل أصدقاء بن بلة ومنهم زعيم الصين وخاصة جمال عبد الناصر.

استغل الراحل بومدين تواجده في مصر للدراسة، فلم يكن توجهه إلى القاهرة من مدينة قسنطينة مشيا على الأقدام من أجل التعلم في الأزهر الشريف فقط، بل كان همّه الأول هو التعرف على العالم، ولم تمض سوى أيام من تواجده في القاهرة حتى قامت الثورة المصرية وتزعّم جمال عبد الناصر البلاد في عام 1952 ولم يكن بومدين قد جاوز حينها الثالثة والعشرين ربيعا، ومع ذلك تعرف على عبد الناصر فوقف إلى جانبه في محنة 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر خاصة أن هذا العدوان شاركت فيه فرنسا انتقاما من عبد الناصر، الذي دعّم الثورة الجزائرية المندلعة منذ سنتين، وعندما استقلت الجزائر أمسك بومدين بزمام وزارة الدفاع واستغل أيضا فرصة طارت به إلى القاهرة، والتقى بالزعيم عبد الناصر الذي كان يدعّم بن بلة بقوة ويعتبره صنيعا مصريا، يمكنه المساهمة في بناء الأمة القومية العربية، على حد تعبير جمال عبد الناصر، حتى عندما سحب بومدين البساط من أقدام بن بلة في انقلاب جوان 1965 تمكّن من تفادي طوفان الغضب الجارف القادم من القاهرة، ولم تمض سوى بضعة أسابيع حتى صار جمال عبد الناصر الصديق الأول لبومدين، الذي دعمه في محنته في انتكاسة 1967 عندما خسر الحرب أمام الصهاينة، ووعده بومدين بدعم لاحظه جمال عبد الناصر في حرب الاستنزاف، وتوفي جمال عبد الناصر فكان بومدين أول من طار إلى القاهرة، وقيل حينها بأنه ذرف الدموع والتقى أيضا بالزعماء، وبدأ يفكر في أن يستقبل كل الزعماء خاصة المنتمين للمعسكر الشرقي في الجزائر، ولم يجد أمامه أحسن من مؤتمرات حركة عدم الانحياز فكان الموعد الكبير في الخامس من سبتمبر 1973 ولم تكن الحركة قد التقى زعماؤها منذ ثلاث سنوات كاملة، ومنذ ذلك اليوم صار لبومدين رفقاء من كبار العالم وعلى رأسهم ليونيل بريجنيف زعيم الاتحاد السوفييتي وتشاوسيسكو الرئيس الروماني ناهيك عن الزعماء العرب من حافظ الأسد إلى معمر القذافي، من خلال المؤتمر الذي احتضنته الجزائر.



بومدن زعيم الزعماء

مرت ثماني سنوات فقط من عمر الرئيس هواري بومدين، حتى وجد نفسه زعيما للزعماء، لم يكن العالم قد اهتز بعد بالصدمة البترولية الأولى التي رفعت من أسعار النفط، ولكن الجزائر بعد تأميمها للمحروقات، جنت طوفانا من المال، وكان ضيوفها من الدول الاشتراكية التي تزعم بأنها غير منحازة وهي جميعها منحازة للاتحاد السوفييتي، فساعدت الجزائر وبومدين بالخصوص في إنجاح رابع قمة لدول عدم الانحياز، وجاء جميع الرؤساء من دون استثناء، وهو رقم لم يحصل في الجزائر لا سابقا ولا لاحقا، حيث بلغ عدد الرؤساء الذين تواجدوا في هذه القمة 45 رئيسا، من كل بقاع العالم ومنهم أيضا من العرب، مثل أنور السادات ومعمر القذافي وحافظ الأسد، إضافة إلى زعماء المعسكر الشرقي جميعا من دون استثناء، ومنهم رئيسا كوريا الشمالية والزعيم الكوبي فيدال كاسترو، واستغل بومدين فرصته ليثبت سيطرته على الأفارقة الذين جاء كبارهم، واستسلموا طواعية لزعامة الرئيس بومدين، بالرغم من أن الرئيس الزائيري موبوتو كان يرفض أن تكون الزعامة الإفريقية لرجل لا يمثل القارة شكلا، كما اعترف بذلك مرة عندما قال بأن قيادة إفريقيا من رجل أشقر بعينين زرقاوين هو في حد ذاته عبودية للرجل الأبيض.

بلغت صداقة بومدين مع فيديل كاسترو درجة لم تبلغ في العصر الحديث بين أي زعيمين، فقد أدمن بومدين تدخين السيجار الكوبي، الذي يصله باستمرار من صديقه فيدال كاسترو، وكان فطور صباح الرئيس الكوبي لا يحلو إلا بدقلة نور التي تصله من صديقه بومدين بالرغم من غنى كوبا بالتمور، كما تميزت الصداقة مع الرئيس اليوغوسلافي جوزيب تيتو بالحميمية، ولم يحدث وأن نقل بومدين زوجته السيدة أنيسة بومدين في جولة سياحية وفي ضيافة رئيس في الخارج، إلا إلى يوغوسلافيا حيث بدا بومدين لأول مرة في حياته عاطفيا واجتماعيا مع زوجته التي رمّلها وهي في عز شبابها، وكانت صداقته مع بريجنيف عملية أكثر وحاسمة عندما ترك بومدين وهو يعاني المرض، وتقترب منه سكرات الموت كل عيادات العالم، واختار أن يبحث عن الدواء في موسكو، حيث كانت نهايته التي مازالت لغزا قد يكون أخذه معه صديقه الراحل آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي بريجنيف، ولم يكن هؤلاء فقط أصدقاءه من المعسكر الشرقي، فقد جمعته صداقة قوية مع زعماء رومانيا وبلغاريا والمجر وبولونيا، فزاروه جميعا وزارهم وبنى معهم سياسة جزائرية اشتراكية في الزراعة والصناعة والتعليم العالي وخاصة في المجال العسكري.



صدام حسين مزق اتفاقية بومدين؟

عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، بدت الجزائر أكثر تعاطفا، مع نظام آية الله الخميني، لعدة أسباب أولها أن إيران قضت على نظام الشاه الاستبدادي، وثانيها لأن العراق والمرحوم صدام حسين مزق الاتفاقية التي أمضاها في الجزائر عام 1975 مع شاه إيران وداسها بقدميه، وعليها توقيع الرئيس هواري بومدين، وما كان يستطيع صدام حسين فعل ذلك لو كان هواري بومدين على قيد الحياة، حسب الذين يعرفون الرجل الذي تميّز بكاريزما خاصة، جعلت أنور السادات وهو يفكّر في زيارة القدس وخط معاهدة كامب ديفيد يتفادى على مدار ستة أشهر قبل هذا الموعد ملاقاة أو حتى مكالمة الرئيس بومدين، وتنفس الحبيب بورقيبة الصعداء، عندما تسلّم الشاذلي بن جديد الحكم في الجزائر، لأن هواري بومدين لم تكن تعجبه سياسة الرئيس التونسي الراحل الذي كان مسالما وطالبا للهدوء على حساب الكثير من المبادئ، حسب الراحل هواري بومدين، الذي قطع علاقته مع نظام المخزن، ورفض أن يتمّ كتم أنفاس شعب الصحراء الغربية على حدوده الجنوبية وهو على قيد الحياة، من نظام مغربي لم ينس بومدين بأنه أراد طعنه في الظهر بعد استقلال الجزائر، وعاود الكرّة مع الصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا من أرضها، وستبقى دموع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ودموع الزعيم الليبي معمر القذافي في جنازة هواري بومين في الذاكرة، لأنهما افتقدا رجلا كان يأسرهما بشخصيته القوية، التي جعلته محل احترام كل الزعماء في العالم بما في ذلك رؤساء فرنسا ومنهم فاليري جيسكار ديستان الذي ترجى بومدين لأجل أن يزور فرنسا فرفض، وزار جيسكار ديستان الجزائر ونقله هواري بومدين عام 1971 إلى مدينة قسنطينة ليذكّره بأن فتوحات سابقه شارل ديغول التي بدأت من قسنطينة باءت بالفشل.

صحيح أن هواري بومدين جاء في زمن خاص كان فيه العالم منقسما إلى صفين، وكل من اختار معسكره وجد الدعم من دول هذا المعسكر، ولكنه تميز بشخصية نادرة بدأت في التكوين في سن مبكرة، عندما تعرّف على جمال عبد الناصر وهو في العشرينات من العمر، وصار رئيسا وهو في السادسة والثلاثين ربيعا، وجمع خمسين رئيسا وقادهم في مؤتمر دول عدم الانحياز وهو في الرابعة والأربعين ربيعا فقط، فكان فعلا زعيما كبيرا ضمن كبار زعماء الكون..وأحيانا هو زعيمهم.



الخبير الأمني والعسكري المصري اللواء محمود قطري:

بومدين زعيمٌ تاريخي سجل اسمه بحروف من نور

.. "تربينا على حب الجزائر وحبِّ الجزائريين لبلدهم ونضالهم من أجل نيل الحرية والاستقلال.. بومدين، بن بلة وجميلة بوحيرد، شخصياتٌ محفورة في أذهاننا"، هكذا بدأ الخبير الأمني والعسكري اللواء محمود قطري حديثه معنا، وهو يقلّب من صندوق الذكريات ويتذكر ما قرأه وما يعرفه وما عاصره عن بلد المليون ونصف المليون شهيد.

يقول اللواء قطري "بمجرّد أن تذكر اسم الرئيس الجزائري المناضل الراحل هواري بومدين، نشعر نحن كمصريين بالفخر والاعتزاز برجل قدّم الكثير من أجل بلده وآمن بالوحدة العربية التي لم تتحقق إلى الآن وللأسف، ناضل وكافح وجاهد في سبيل طرد الاحتلال الفرنسي من بلاده، وهو من الشخصيات التاريخية المهمّة التي تحظى بحب المصريين، وأحد أقطاب الثورة الجزائرية، والجزائر من أكثر البلدان التي تجمعها روابط تاريخية ومهمة جدا مع مصر، منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأتذكر ونحن في المدرسة في الستينيات من القرن الماضي، كنا نتغنى ونغني للثورة الجزائرية، أتذكر مقاطع منها، كنا نقول "ناصر يا حرية يا أم الأبطال يا جزائر والدم السايل"، الجزائر بالنسبة للمصريين معنى للصمود والبطولة والنضال والتحرر، وبومدين كان وسيظل رمز البطولة والاستشهاد والفداء، وقد حزنتُ عليه كثيرا عندما توفي في 27 ديسمبر 1978، وقد اعترى الحزن بداخلي ككل المصريين، لأننا نحب هذا الرجل البطل كثيرا بنفس النوع والقوة التي نحب بها الراحل عبد الناصر".

ويؤكد اللواء قطري أن الزعيم الراحل هواري بومدين سيظل راسخا في أذهان المصريين قبل الجزائريين والعرب جميعا، لأنه أحد أبطال التاريخ العربي وسجّل اسمه بحروف من نور في تاريخ البطولات العربية.



العقيد عمار بن عودة يتحدث عن الرئيس الراحل:

طموحات بومدين كانت أكبر من الواقع... ومن حوله خذلوه

يعتقد العقيد عمار بن عودة عضو جماعة الـ22 التاريخية، الذي عاش فترة طويلة من حياته مقربا من الرئيس الراحل هواري بومدين على الصعيدين الإنساني والنضالي، أن طموحات واختيارات الرئيس الراحل كانت أكبر من واقع الجزائر ومن إمكانيات الفرد الجزائري آنذاك، وأن المحيطين به أحبطوا مخططاته لتجسيد أفكاره الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أرض الواقع.

يقول العقيد بن عودة في شهادته حول الرئيس الراحل هواري بومدين، في الذكرى السابعة والثلاثين لوفاته، أن بومدين تميز بشخصية صارمة وأخلاق عالية، وتأثر ببيئته الفلاحية المحافظة، وتكوينه الأزهري، وأن مفهومه للاشتراكية كان مختلفا، وغايته كانت، أن لا يبقى فقير أو جائع على أرض الجزائر، فلا "خمّاس" أو "خديم" على حد قوله، وعلى ذلك الأساس وضع تصوراته وخططه الاقتصادية والفلاحية والصناعية، التي اعتبرتها في الحقيقة طموحات أكبر من الواقع.

فبومدين كان متأثرا بالأفكار الإسلامية المستمدة من تراث إسلامي مجيد زاخر بالحكمة والعبر، على غرار سيرة عمر بن الخطاب أوعلي بن طالب، لكنه في الواقع أشرك الشيوعيين في تنفيذ برامجه، ووضع الخطوط العريضة للثورة الزراعية والصناعية والثقافية التي تبناها، فجماعة "الباكس" كما وصفهم، كان غرضهم تعفين الوضع للوصول إلى الحكم، وليس مساعدة الرئيس في تنفيذ خططه وتصوراته لجزائر مستقلة ومزدهرة.

وعن تعامل الرئيس الراحل هواري بومدين مع معارضيه، لاسيما من المفكرين والكتاب والمثقفين، قال بن عودة أن "بومدين كان يخشى تأنيب الضمير، ويقدر أ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

أسرار الرحلة الأخيرة لعلاج بومدين.. وخبايا محاولة الاغتيال

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» صورة سرية | أسرار الساعات الأخيرة فى صفقة تبادل الأسري الأخيرة بين المخابرات المصرية و إسرائيل
»  «أبطال البحر» يروون تفاصيل الرحلة الأخيرة لـ«إيلات» في الذكرى الـ46 لتدميرها
» أسرار فشل محاولات الوحدة بين بومدين والقذافي
» اللحظات الأخيرة قبل سقوط بغداد، أسرار تكشف لأول مرة..
» أسرار محاولة اغتيال ساركوزي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History :: شمال افريقيا-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019