مازالت اصداء صفقة الاسلحة الامريكية لدول الخليج تتردد بقوة فى جميع انحاء العالم وكل يوم تخرج تحليلات سياسية واستراتيجية لاثار تلك الصفقة الضخمة على التوازنات فى المنطقة وما يمكن ان تحدثه من تأثير سلبى او ايجابى على الاستقرار والامن فى الشرق الاوسط.
وجاء "تحليل النيوزويك" مغايرا لكل التوقعات حيث اكدت المجلة الاشهر فى امريكا ان مصر واسرائيل من اكثر الدول فى المنطقة التى استفادت من اتمام صفقة الاسلحة الامريكية لدول الخليج الست.
واتفقت معها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية فى موقعها على الانترنت والتى اوضحت ان قطر والسعودية والبحرين والامارات والكويت وسلطنة عمان ليست الدول التى فازت باكبر صفقة عسكرية متطورة كما وكيفا فهناك دول اخرى بالمنطقة استفادت عسكريا واستراتيجيا على رأسها مصر واسرائيل.
ويؤكد المحللون الفرنسيون والامريكيون ان مصر استفادت عسكريا حيث استطاعت انتزاع زيادة مطردة فى المعونة الامريكية العسكرية التى تحصل عليها سنويا بمقدار 13 مليار دولار خلال 6 سنوات وكذلك اسرائيل استفادت ايضا عسكريا بزيادة المعونة الامريكية لها 30 مليار دولار خلال عشر سنوات.
هذا فضلا عن ان مصر واسرائيل سيمكنهما الان المطالبة بالحصول على اسلحة امريكية متطورة، وفك الحصار الامريكى عن تصدير اسلحة حديثة لدول المنطقة اجمع.. فمصر سيمكنها الحصول على مدرعات امريكية حديثة ومنظومات دفاعية متطورة وكذلك صواريخ هجومية متوسطة المدى وربما طائرات امريكية مقاتلة اما اسرائيل فستحقق حلمها بامتلاك منظومات صاروخية دفاعية مضادة للصواريخ، وكذلك صواريخ كروز القادرة على حمل رؤوس نووية وهى الاسلحة التى رفضت امريكا بيعها لاسرائيل من قبل هذا بالاضافة لطائرة " اف 350 " الحديثة.
وسياسيا حققت امريكا لاسرائيل حلما طالما راودها وسعت اليه وهو التطبيع مع الدول العربية، خاصة الخليجية منها، واصبح الطريق مفتوحا الى هذا الامر الان بعد ان اصبح هناك تحالف استراتيجى بين اسرائيل ودول الخليج لمواجهة عدو واحد يسعى الجميع للخلاص منه وهى "ايران" ولم تبتعد آراء المحللين المصريين كثيرا عن التحليلات الفرنسية والامريكية حيث اكد اللواء عادل سليمان مدير مركز الدراسات المستقبلية بالقاهرة ان صفقة الاسلحة الامريكية لدول الخليج الست ستغير بالفعل وجه المنطقة باكملها وستضع اسسا ومعايير استراتيجية جديدة للحكم على توازنات القوى.
فبعيدا عن كم الاسلحة الموجودة فى الصفقة فإن نوعيتها هى الاخطر والاهم فدول الخليج الان اصبح لديها قوة الردع الصاروخى القادر على توجيه ضربات موجعة لعدوها فى اى مكان وبطرق متعددة سواء كانت ايران او غيرها.
وقد احتوت الصفقة لاول مرة على منظومات صاروخية من الجيل الرابع وهى الاحدث والاقوى فى العالم.
وحول استفادة مصر واسرائيل من تلك الصفقة اوضح د. عادل انه بالفعل هناك استفادة خاصة لاسرائيل التى اصبح لديها خط دفاع اول ضد اى خطر ايرانى اما مصر فان استفادتها ليس فقط من ناحية المعونة لان زيادة المعونة فى حد ذاتها لم يعد هدفا استراتيجىا لمصر، بل ان مصر باتت قادرة على امتلاك منظومات تسليحية حديثة.
كما ان استفادتها السياسية اكبر، فلم تعد هناك اى مشكلات سياسية للتعاون مع اسرائيل او امريكا واظهرت للمنطقة ان امريكا يمكنها الاستفادة منها استراتيجيا وعسكريا وليس الامر تبعية للسياسة الامريكية، والصفقة الاخيرة خير دليل على ان الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر تربطها بالولايات المتحدة علاقة شراكة استراتيجية وليس تبعية سياسية.
اما الخبير الاستراتيجى والعسكرى اللواء كمال عامر فيتوقع مزيدا من التعاون العسكرى بين الولايات المتحدة ودول المنطقة وليس الخليج فقط ويؤكد ان هذه الصفقة تعد نقطة تحول كبيرة فى تاريخ المنطقة ليس فقط عسكريا واستراتيجيا بل اجتماعيا ايضا، فدول الخليج تستطيع الان مواجهة اعتى القوى فى المنطقة بوابل من الصواريخ مثلما فعل حزب الله مع اسرائيل فى الحرب الماضية.
وهو ما سينعكس اجتماعيا بشدة على المجتمعات الخليجية التى ستصبح اكثر استقرارا وربما تقبلا للوجود الامريكى.. ولم يختلف اللواء عامر مع سابقيه حول استفادة مصر واسرائيل سياسيا وعسكريا موضحا اننا سنسمع كل يوم عن صفقات امريكية جديدة لدول المنطقة خاصة لمصر واسرائيل.
وقد بدأ الامر باعلان الولايات المتحدة اول امس عزمها بيع معدات عسكرية لمصر تتمثل فى قطع غيار لدباباتها «ML.A1» و«ابرامز» وصواريخ مضادة للدبابات ومن المتوقع ان يوافق الكونجرس خلال 30 يوما على عقد لتجهيز 125 دبابة امريكية ابرامز و«ML.A1» يتم تصنيعها بالمشاركة مع مصر بقيمة 847 مليون دولار.
وكذلك هناك عقد اخر لبيع 30 صاروخ هاربون مضاد للسفن و500 صاروخ جو- جو قصير المدى و200 صاروخ جو- جو من نوع " امرام" متوسط المدى الى اسرائيل.
وهذه الارقام تعكس حجم الاستفادة المصرية الاسرائيلية من صفقة الخليج الاخيرة.