استراتيجية ضرب داعش.. الغارات مرحلة أولى فقط
السبت 3 ذو الحجة 1435هـ - 27 سبتمبر 2014م
بديع يونس – دبي
تتواصل ضربات التحالف العربي – الدولي ضد داعش في سوريا والعراق، وطاولت منشآت نفطية
ومراكز للتنظيم في محافظتي دير الزور والحسكة في شرق سوريا قرب الحدود مع العراق،
كما وصلت إلى ريف حلب واستهدفت مقرات يسيطر عليها التنظيم في الرقة.
من هنا، رأى خبراء أن التطورات الميدانية في سوريا منذ بدء تنفيذ هذه الغارات تشير إلى أن الاستراتيجية
التي يتم انتهاجها ليست عبثية وتتضمن "مراحلتين" في الحرب على داعش.
المرحلة الأولى:
تقضي بهجوم جوي من شأنه قطع الإمدادت عن التنظيم، إضافة إلى قصف مقرات في المناطق
التي يسيطر عليها داعش في الرقة والحسكة، إضافة إلى منشآت نفطية في دير الزور،
ومن شأن هذه المرحلة الضغط على التنظيم وإشعاره بعدم أريحية في الحركة
كما كان عليه قبل بدء ضربه في سوريا،
وذلك ما يتم فعلا، بحسب ناشطين وشهود تحدثوا عن مغادرة عناصر التنظيم مقراتهم
وحرقها والتحرك بجماعات صغيرة على خلاف قوافلهم "التشاوفية" سابقا.
ولاحظت مصادر عسكرية أن القدرة التنظيمية والمؤسساتية التابعة للتنظيم،
إضافة إلى مصادر تمويله الذاتي هي الهدف الذي يتم مهاجمته في هذه المرحلة،
وسينجم عن ذلك تفريق عناصر التنظيم الذين سيحاولون البقاء بعيدا عن "عيون رادارات المقاتلات".
وأكد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي،
أن الغارات أعاقت مراكز القيادة والسيطرة وخطوط الإمداد لتنظيم داعش.
وأضاف ديمبسي أن العمل العسكري "المستهدف" كان له تأثير أيضا على البنية الأساسية للتنظيم في سوريا،
وتوقع حملة "مستمرة ومتواصلة".
المرحلة الثانية:
في حديثه من مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أشار دمبسي ضمناً إلى المرحلة التالية،
مشيرا إلى أن استعادة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في سوريا إلى ما بين 12 و15 ألف مقاتل
من المعارضة السورية. ولكن يبدو أن المرحلة الأولى سوف تطول،
لأن المرحلة التالية غير جاهزة بعد.
وإذا سلمنا بانتهاء المرحلة الأولى فإن المرحلة الثانية تقضي بهجوم بري،
وذلك إن لم يكن من طرف التحالف فسيكون من طرف الجيش الحر
الذي اتُفق على تدريب وحدات منه لتسيطر على المقرات بعد هروب داعش منها نتيجة القصف،
ولكن تجمع المصادر على أن المعركة على الأرض تحتاج إلى عدد،
إضافة إلى فرق مدربة على هكذا نوع من الحروب،
لأنه غالبا ما ستتحول المعركة إلى حرب عصابات في الأطراف والأرياف وحرب شوارع في المدن.
وأمام هذه الخطة يحاول تنظيم داعش تغيير استراتيجيته التي تمت ملاحظة بعض النقاط فيها:
- يتجنب عناصر التنظيم في الأيام الأخيرة التحرك في قوافل
- يبتعد عناصر التنظيم عن التجمعات الكبيرة، ويحوّلون وسائل تنقلهم من القوافل العسكرية إلى الدراجات النارية.
- يضعون راياتهم السود على منازل المدنيين، مما يعني استخدامهم المدنيين كدروع بشرية
. وإذا وقع التحالف في مكيدة داعش وقصف مدنيين عن طريق الخطأ فإن الصرخة الدولية قد تعلو بوجهه
. ويستتبع استراتيجية التنظيم تلك ضغط نفسي، خصوصا أن المعلومات الاستخابراتية ضعيفة.
- عناصر التنظيم يقللون نقاط التفتيش التي يحرسها المتطرفون.
- الحد من استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت منذ تكثيف الضربات الجوية.
وفي المقابل، فإن تقدم تنظيم داعش وحصاره الكوباني في سوريا قرب الحدود التركية
لا يرى فيه مراقبون استدارة أو نجاحا في التصدي للضربات الجوية،
فيما يُخيل للبعض أن التنظيم لايزال يحقق انتصارات ميدانية.
ويعتبر متابعون أن هذه المسألة طبيعية، خصوصا أن استراتيجية مهاجمة التنظيم تأتي على مراحل،
والمسألة ليست "سحراً"، وكأن داعش سينهار فورا ولن يحقق أي تقدمات.
رغم ذلك، فإن استراتيجية التحالف تعترضها مطبات ومنها:
- وجوب أن يكون هناك بديل بري في الوقت المناسب لاستعادة المقرات بعد هروب داعش منها،
وهذا البديل سيكون فرق مدربة تابعة للجيش الحر، فيما عدد الدفعة الأولى يبقى غير كافٍ،
والجنرال دمبسي تحدث عن حاجة إلى ما بين 12000 و15000 مقاتل
لاستعادة الأراضي من داعش،
بينما الدفعة الأولى المنوي تدريبها (الذي سيحتاج إلى وقت أيضا) لا يتعدى 5000 مقاتل.
- داعش ينتهج استراتيجية الدروع البشرية من المدنيين، وينشر راياته السود على منازلهم،
وأي خطأ في تصويب الغارات وإصابة مدنيين وانتشار الخبر عالميا سيوقع التحالف في ورطة لدى الرأي العام.
- الانتقال إلى حرب العصابات/الشوارع بعد تفريق التنظيم، مما يعني أن الهجوم الجوي وقتها لن ينفع،
والمعركة تكون قد تحولت إلى برية بحتة، وحرب الشوارع أو العصابات هي حرب رجل لرجل..
يدخل فيها عدة عوامل شخصية مرتبطة بكل عنصر مقاتل.
- سيصل وقت معين لن تأتي فيه تلك الضربات الجوية نفعا إلا لتأمين غطاء جوي لفرق ميدانية.
- تكلفة الحرب بالنسبة للتحالف كبيرة، بالنسبة للولايات المتحدة وحدها التكلفة الشهرية هي مليار دولار تقريبا.
- المعلومات الاستخابراتية بشأن التنظيم ليست متقدمة جدا، وهذا ما يجعل تعقّب العناصر صعبا،
إضافة إلى أن الايديولوجيا لدى داعش تجعل من كل عنصر قنبلة بشرية يمكن أن تهدد وحدها عشرات المدنيين.
العربية نت