http://safa.ps/details/news/136227
القدس المحتلة - خاص بصفا يجد الجندي في الجيش الإسرائيلي نفسه أمام هوس مزدوج لعمليات الأسر في ظل تطبيق الاحتلال لنظام عسكري صارم يقوم على تصفية كل جندي يقع في عملية أسر.
فمن جهة يخشى الجندي في جيش الاحتلال أن يتم أسره على يد المقاومة وبالتالي وجود مخاوف من قتله على أيديهم خلال أو بعد العملية، فيما يخشى بموازاة ذلك من تمكن الجيش من الوصول إلى مكان احتجازه وبالتالي قصف المكان بمن فيه غير آبه بسلامة ذلك الجندي.
ويطلق الجيش على النظام الخاص بقتل الأسرى من جنوده نظام "حنبعل".
وحنبعل بركا هو من أهم القادة العسكريين القرطاجيين، ولد في قرطاج بتونس عام 247 قبل الميلاد، وحارب الرومان في سنوات طويلة وانتصر عليهم وفي نهاية مشواره القتالي طارده الرومان في كل مكان يلجأ إليه حتى أحاطوه في مكمنه بالجند، وفي حينها آثر الموت على الأسر.
وقال حنيبعل يومها: "دعوني أخفف عن الرومان ما يشغل بالهم من زمن طويل؛ فهم يظنون أنهم لا يطيقون الصبر حتى يلاقي شيخ مثلي منيته"، فتجرع السم الذي كان يحمله معه ومات في عام 184 ق.م. في السابعة والستين من عمره.
إلا أن ما يميز حنيبعل القرطاجي عن حنيبعل الإسرائيلي هو اختيار القرطاجي الموت بنفسه على الوقوع بالأسر وانتحاره بذاته بالسم، أما "حنيبعل" الإسرائيلي فيفرض على جنوده قتل زميلهم دون رغبته خوفاً من وقوعه في الأسر ودون مشورته في نظام يعبر عن مدى ذعر الجيش من حدوث عملية اختطاف لجندي وهو على قيد الحياة.
القتل بدل الأسر
وبدأ جيش الاحتلال تطبيق نظام "حنيبعل" عام 1986 في أعقاب عملية تبادل تمت في ذلك العام بين المقاومة الفلسطينية في لبنان والجيش الإسرائيلي على أثر اختطاف عدد من الجنود جرى مبادلتهم بقرابة الألف فلسطيني ولبناني.
وينص نظام حنيبعل على ضرورة إسراع الجيش في الوصول إلى مكان اختطاف الجندي واستخدام ما يلزم من الترسانة العسكرية لإحباط اختطافه بما في ذلك قتله وقتل خاطفيه في محاولة للتهرب من دفع الثمن السياسي والأمني لأسره.
ويقول ضابط إسرائيلي كبير تحدث مؤخراً لصحيفة "معاريف" العبرية معززا هواجس أسر الجنود بقوله "إن هكذا عمليات تصنف على أنها عمليات استراتيجية وليست تكتيكية تقوم بها المقاومة الفلسطينية لتحقيق إنجاز عسكري كبير في الميدان".
ويضيف الضابط الإسرائيلي "أن هكذا عمليات تجرنا إلى مربع المساومة حيث تضر لدفع أثمان باهظة لقاء الإفراج عنه كما حصل في حالة الجندي جلعاد شاليط ".
وأفرجت المقاومة عن شاليط في أكتوبر 2011 بعد مبادلته بأكثر من ألف أسير فلسطيني على اثر أسرى على حدود قطاع غزة قبل ذلك بأكثر من خمسة أعوام.
الثمن متفاوت
وبالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي فغن ثمن الجندي الميت يختلف عن ثمنه حياً ما يدفع لاعتبار أن قتل الجنود في الميدان بسبب المخاوف من أسرهم إنجازاً بحد ذاته.
ويعمد الجيش إلى قتل جنوده والتغطية على هكذا عملية "غير أخلاقية" بحق جنوده بقتل أكبر عدد من الفلسطينيين خلال تنفيذه لنظام حنيبعل على غرار ما حصل شرق مدينة غزة بعد أسر الجندي "أورن شاؤول" وكما حصل في رفح بعد ادعاء الاحتلال أسر الضباط "هدار جولدن" خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
ولعل أكثر ما يدلل على هوس الاحتلال الإسرائيلي من عمليات أسر الجنود هو قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الانسحاب السريع من قطاع غزة بعد عملية رفح واختفاء الضابط جولدين.
وفي حينها برر نتنياهو قراره بالانسحاب ووقف الهجوم البري بقوله إنه فعل ذلك حرصاً على حياة الجنود وكذلك خوفاً من نجاح عمليات الأسر.
وتظهر هذه التصريحات أن نتنياهو لم يكن لديه تلك الثقة بنجاح نظام "حنيبعل" دائماً في قتل الجنود كما أن غزة تخفي في جنباتها الكثير من أسرار العدوان الأخير ليفضل الخروج بأقل الخسائر.