[rtl]يرمز الرابع من تموز/يوليو من كل عام إلى ذكرى الحادث المأساوي الذي لحق بالغواصة الروسية (19 - ث) عام 1961، والذي كاد يتسبب باندلاع حرب عالمية ثالثة محتمة.
سرّ ما حدث داخل الغواصة في ذلك النهار بقي دفيناً على مدى 30 عاماً، ولاسيما أنّ الطاقم الموجود على متنها، والذي ضحّى بثمانية من أفراده، تعهد بعدم إفشاء أي من المعلومات عن الحادث وإبقائها سراً عسكرياً.
ولكن، وعلى الرغم من التكتم المفروض على حقيقة ما حدث، إلا أن القدر شاء أن يظهر السرّ إلى العلن عام 1990، حيث تبين أن الغواصة (19-ث) قد دخلت التاريخ كأول غواصة روسية كادت تتعرض لحادث وشيك متعلق بانفجار مفاعل نووي..[/rtl]

[rtl]
يوم العقاب
في فجر ذلك اليوم الذي وصفه الكثيرون بأنه يوم العقاب، استفاق طاقم الغواصة، تحت إمرة الأميرال (نيكولاي زائيف) ليفاجأ بأن نظام تبريد المفاعل النووي في الغواصة قد توقف عن العمل بفعل تسرب البخار الساخن إلى أنابيب الضغط، ما أدى إلى ارتفاع حرارة المفاعل بدرجات عالية، وكان من الممكن أن ينفجر بقوة، ولكن أفراد الطاقم قرروا ألا يتخلوا عن غواصتهم، وعملوا بجهد طوال ساعتين لإصلاح الخلل الذي أصاب تجهيزات التبريد، رغم أنه تسربت كميات كبرى من الإشعاعات أودت بحياة ثمانية أفراد منهم.
نتيجة العطل الكبير الذي أصاب الغواصة، لم يستطع (زائيف) إعلام القاعدة العسكرية بالحادث مباشرة، ولكنه وعبر أداة الاتصال المعدّة للطوارئ، تمكن من أن يتصل بغواصتين روسيتين: (سي – 159) و(سي -270)، اللتين سارعتا إلى نجدة الطاقم، وعند دخوله إلى (سي. 159) استطاع القائد (زائيف) أن يتصل بالقاعدة وأن يطلب الإسعافات اللازمة، وفي غضون يوم تم إجلاء أفراد الطاقم عن متن الغواصة (19-ث) والبالغ عددهم 139 شخصا.[/rtl]

[rtl]
إنقاذ العالم من حرب عالمية
لو أن الطاقم لم يتمكن من إصلاح العطل في ذلك الوقت ومنع انفجار المفاعل النووي، فإن الحادث كان سيؤدي إلى حرب نووية لا محالة، خصوصاً وأن هذا الانفجار النووي كان سيفسّر على أنه اختراق روسي عسكري لساحل شمالي أمريكا، حيث كانت الغواصة متوقفة. وكان الأمر سيولد ردّة فعل فورية من قبل الجانب الأمريكي والحلف الأطلسي، وبالتالي سيغرق العالم في حرب نووية شاملة ومدمرة للجميع، لذلك، تمت المحافظة على أسرار هذه الحادثة الخطرة.[/rtl]

[rtl]
السجل المشؤوم
كثيرون تساءلوا عما إذا كانت هذه الغواصة ملعونة أم أنها استسلمت للقدر المشؤوم، ولاسيما أنها تعرضت إلى عدد من الحوادث الأخرى، إلى حد جعل مَن يعتلي متنها قلقاً على حياته. ففي عام 1963م، وبعد سنتين على الحادثة المذكورة، انطلقت الغواصة في البحر مجدداً، ولكن نتيجة تعرضها إلى معضلات عدة تم توقيفها مجدداً، ثم وُضعت في الخدمة عام 1969م ودخلت إلى البحر الأبيض المتوسط لكنها تعرضت للعديد من المشاكل حتى أنها كادت أن تصطدم بالغواصة الأميركية (غيتو) وبالكاد وصلت إلى القاعدة. وفي عام 1972م كانت الغواصة في مهمة عسكرية عندما اندلعت فيها النيران فجأة. وبعد ستة أشهر من إصلاحها، اندلعت النيران فيها مرة أخرى نتيجة انفجار وحريق الفيول وأعلن بعض ربانيها عند عودتها إلى المرفأ: "انها هيروشيما جديدة".[/rtl]

[rtl]
معضلات جديدة
وفي سنة 1978م، تم إصلاح الغواصة المذكورة، وبعد أن سُحب منها كامل العتاد العسكري، أطلقت عليها تسمية جديدة وهي (19-س) ولكن، وفي عام 1982م، أصيبت بتوربيد خلال إحدى المناورات البحرية. في عام 1990م، تم سحب المفاعل النووي منها ووضعت في مكان منعزل من المياه، وعام 2003م، تم إيداعها حوضاً لإرساء السفن.[/rtl]

[rtl]
جائزة نوبل
نتيجة الجهود التي بذلها الطاقم والمخاطر التي تعرض لها، قامت أخيراً منظمتان غير حكوميتين هما: "جورباتشيف فاند" ومنظمة "السلام والإصلاح" بترشيح الناجين من طاقم هذه الغواصة لجائزة نوبل عام 2006م، والذين لا يزالون أحياء، (عددهم 48).

[/rtl]