ليسوا وحدا ولا عشرة ولا عشرين ولا مائة ولا مائتين إنهم 4 آلاف كاهن وقسيس
وكاردينال (في أميركا لوحدها) مرغوا أنف الكنيسة في التراب وجعلوا بابا الفاتيكان
يشعر بالعار ويعلن ذلك على رؤوس الاشهاد ، بعد أن طفح السر خارج أسوار الكنائس (1)
وقال بابا الفاتيكان للصحافيين الذين رافقوه أن الجرائم التي ارتكبها القساوسة
ورجال الكنيسة جلبت المعاناة للكنيسة وله شخصيا، بل إن العار وليس المعاناة فحسب هو
ما اضطر للاعتراف به بابا الفاتيكان في هذه القضية التي أصبحت حقيقة واقعة وليس
مجرد اتهامات وتجني على الكنيسة، وقال بنيديكت السادس عشر أو رايسينجر اسمه الذي
سمته به أمه "أنا أشعر من أعماقي بالعار".
لقد دفع الفاتيكان أكثر من ملياري
دولار كتعويضات لأسر الضحايا من الأطفال الذين اعتدى عليهم القساوسة داخل الكنائس
،والتي حولوها إلى مواخير للاعتداء على براءة الطفولة.
اعترافات متأخرة:
لقد جاءت اعترافات بابا الفاتيكان متأخرة، وبعد موجة من
الانكار والجحود، لكن الأدلة الطبية والقضائية وما نشرته بعض وسائل الاعلام الغربية
رغم التعتيم الاعلامي الشديد حول هذه القضايا الحساسة دفعت بابا الفاتيكان للاعتراف
بتلك الجرائم. ومما قاله في كاتدرائية، باتريك، بنيويورك "إن الاعتداءات الجنسية
على الأطفال من قبل القساوسة داخل الكنيسة ( ممارسة فعل قوم لوط معهم ) سببت الآلام
للضحايا ، وأساءت لسمعة الكنيسة "وقد تحدث عن القضية 4 مرات خلال زيارته الاخيرة
للولايات المتحدة التي استغرقت 6 أيام، التقى فيها بآلاف الضحايا أو أسرهم، وقال إن
" الكلمات عاجزة عن وصف الآلم والمعاناة التي عانوا منها بسبب هذه الاعتدءات". وأكد
على أن تلك الجرائم والفضائح ، لم تلحق الضرربالضحايا فقط بل بسمعة الكنيسة
ومكانتها في المجتمع الاميركي . و" الذي بات يشمئز من لمبادئ الاساسية للاخلاق
المسيحية " ويا لها من اخلاق جسدها سدنتها أحسن تجسيد . أو بالتعبير العامي بروحه
النقدي " ونعم الاخلاق " !!!
اعترافات بابا الفاتيكان وزيارته للولايات المتحدة
الأميركية لم تنه القضية التي لم يستطع أن يخفيها بتخرصاته على الاسلام ، كما لم
تستطع الرسوم المسيئة ولا أفلام الدبلجة ولا غيرها أن تغطي على تلك الفضائح . ويبدو
أن الحملة المستمرة ضد الاسلام ، لا تهدف للتغطية على تلك الفضائح فحسب بل لمنع
تحول النصارى إلى الاسلام بعد أن فقد الناس في الثقة في الكنيسة . والتي بعد أن
كانت تحرق العلماء وتمنع نشر العلم في القرون الوسطى ،انزلقت إلى هوة لا اخلاقية
سحيقة ،وهو الاعتداء على الأطفال وممارسة ساديتهم ومازوشيتهم الجنسية ضد الأطفال .
أو بالتعبير الغربي بيدوفيل . وهو بودوفيل حقيقي باعتراف بابا الفاتيكان نفسه
،والاعتراف سيد الأدلة .ولم تكن الفضائح قديمة ، كما ذهب من لا يعلم ، بل هي جديدة
،وقد التقى بابا الفاتيكان بالضحايا وأسرهم . ولا تزال المحاكم الاميركية تنظر في
الكثير من القضايا المستجدة حديثا .
اعترافات سابقة :
ولم يكن بابا الفاتيكان أول من يعترف بفضائح الكنيسة ،ففي
شهر يوليو الماضي اعترف الفاتيكان بدفعه ملايين الدولارات كتعويضات عن الجرائم
الجنسية التي اقترفها القساوسة والكرادلة النصارى وهو ما بثته وكالات الأنباء
ووسائل الاعلام من بينها وكالة الأنباء الفرنسية. غير أن الأرقام المعلنة ليست هي
الأرقام الحقيقية ، حيث يعتقد الكثيرون أن التعويضات هزت ميزانية الكنيسة هزا
عنيفا، فالفضائح لا تقتصر على آلاف القساوسة في الامريكيتين ،وإنما تشمل مختلف دول
العالم . وقال الكاردينال سيرجيو سيباستياني ،يوم الجمعة 6 يوليو الماضي أن نسبة
التعويضات في الولايات المتحدة انخفضت ، ووصف أعلى رتبة دينية بعد بابا الفاتيكان
ذلك الانخفاض النسبي في مستوى التعويضات المالية للجرئم الجنسية التي يقترفها رجال
الدين النصراني ،ومن أعلى المستويات بالمؤشر " الايجابي والمشجع " وكأنه يتحدث عن
محترفي إجرام أو أصحاب سوابق ( وهم فعلا كذلك ) من الناس العاديين ،وليسوا رؤوس
الكنيسة والقييمين على أمور دين أتباعهم .وقد اعترف الكاردينال سيبيستياني بتلقي
الوضع المالي للكنيسة ضربة موجعة رغم محاولته الايهام بانخفاض مستوى الجرائم
الجنسية ضد الأطفال الأبرياء بين ( الزعماء الروحيين وقادة الفكر والدين النصراني )
.وخص الزعيم ( الروحي ) بالذكر رجال الدين النصراني في كل من أميركا وألمانيا
وايطاليا .أما مستوى الإنخفاض المزعوم في مستوى التعويضات المالية لضحايا الجرائم
الجنسية والحق العام وفق المصادر الفاتيكانية ، فهو 3،2 مليون دولار عام 2006 م
بينما كانت في 2005 م 9,5 مليون دولار .ولم يذكر الكاردينال التعويضات التي قدمتها
الكنيسة في عام 2007 م،أو بداية 2008 م مما أثار موجة من التكهنات بارتفاع المؤشر
إلى مستوى قياسي،لا سيما وأن الفضائح لم تعد مقتصرة على الدول الاوروبية
والاميركيتين فحسب بل طالت حضيرة الفاتيكان نفسه.وكان بابا الفاتيكان الاسبق قد
طالب بتسديد التعويضات المالية التي كانت تسلط على القساوسة والكرادلة المتورطين في
جرائم جنسية ضد الأطفال والفتيات الصغيرات داخل الكنائس ،حتى لا تبقى خالية من
أمثال تلك الطينة العفنة من البشر ، حيث يساهمون في جمع الأموال من الدهماء
والمغفلين .ويبدو أن ذلك ، وفق بعض التعليقات الصحافية ، أهم من إزاحة تلك الحشرات
من مناصبها وتسليط أشد العقوبات عليها . وهذا ما يؤكد على أن القضية ليست سقطات
للبعض وإن بلغوا الآلاف ،وإنما هناك خلل داخل الكنيسة والفاتيكان بالتحديد ،
فالتساهل يعني أن الجميع في الهوى سواء .
داخل حظيرة الفاتيكان :
تدور بالقرب
من الفاتيكان وداخل أروقته تحقيقات علنية وسرية حول تورط عدد من رجال الكنيسة في
جرائم اعتداء واغتصاب جنسي .وقالت قناة راي 24 الايطالية في 3 أغسطس 2007 م أن
التحقيقات بدأت قبل 6 أشهر ضد القس ، جاميلي ، المقرب من بابا الفاتيكان لنشاطاته
التبشيرية . ورفض القس الحديث لوسائل الاعلام ، حيث تولى متحدث باسمه الرد على
أسئلة الصحافيين . ويقف اليمين المتطرف إلى جانب القساوسة الشياطين ،كما وصفتهم بعض
الصحف الأوروبية . الأمر الذي أعاد للاذهان تحالف الكنيسة مع الاقطاع في القرون
الوسطى . فقد أعلن ممثلو يمين الوسط في ايطاليا عن تضامنهم مع القس جاميلي ! . أما
العاملون في الجمعية التي يرأسها القس ، والذي بدأت الشرطة الايطالية التحقيق معه
،فقد رفضوا الادلاء بأي أحاديث مسجلة للصحافة .وكانت السلطات الايطالية قد أخفت نبأ
التحقيقات عن الصحافة لمدة 6 أشهر كاملة . مما جعل البعض يتساءل عن سر التوقيت وما
إذا كانت الشرطة قد توصلت إلى حقائق دامغة تدين القس ،الأمر الذي جعلها ترفع الغطاء
عن هذه الجريمة .
ولا يواجه القس جاميلي تهمة واحدة بل هناك عدد كبير من الأشخاص
الذين تقدموا بشكاوي ضده . وكان عدد من القساوسة من بينهم القس جاميلي قد افتتحوا
جمعيات لاستقبال الفقراء والمهاجرين والمعوزين ولا سيما القصر منهم ، تحت لافتة
العمل الانساني ، لكن ذلك كله كان يخفي خسة ولؤم من جعلوا العمل الانساني مطية
لنزاوتهم الحيوانية والشيطانية . يذكر أن القس جاميلي لديه 267 فرعا لجمعيته تلك
،في جميع أنحاء العالم . الصحف الايطالية ولا سيما المستقلة أطلقت العنان لمراسليها
وصحافييها للحديث عن تلك الجرائم ،ولا سيما التهم الموجهة للقس جاميلي ،ونشرت على
ألسنة الضحايا ما يعف القلم عن ذكره...
من شب على جريمة شاب عليها :
وفي
مدينة رييكا الكرواتية اعتقلت الشرطة يوم 23 يونيو 2007 كاردينالا يبلغ من العمر 63
عاما بعد ارتكابه لجريمة اغتصاب 5 أطفال تترواح أعمرهم بين 10 و12 سنة .وقالت شبكة
، فو نت ، الكرواتية أن الشرطة رفضت الافصاح عن هوية الكاريدنال ،وهي عادة تمارسها
السلطات الاوروبية لا سيما في أوربا الشرقية . مما يدل على وجود تواطئ وتساهل أيضا
من قبل السلطات مع مثل هؤلاء الوحوش . وفي 12 يوليو الماضي نشرت شبكة بي 92 الصربية
مقالا تحدثت فيه عن اعتقالات جديدة في صفوف القساوسة السلوفينيين ،وهي الحالة
الثالثة من نوعها أو وزنها خلال فترة قياسية ، لكن الادعاء العام لم يخف هذه المرة
اسم المتهم وهو الكاردينال ، ألبين جنيداريتش ،والتهمة كالعادة اغتصاب أطفال داخل
الكنيسة "أقنع عوائلهم بارسالهم إلى الكنيسة لتلقي البركات والتعرف على الرب ". حسب
تخرصه . وقالت صحيفة ، دنيفنيك ، السلوفينية إن "الطفل في حالة خطيرة جدا ،وليس
الضحية الأولى بل أن الكاردينال متهم بارتكاب جرائم بحق أطفال آخرين ".وكان القضاء
السلوفيني قد أدان في وقت سابق عدد من القساوسة بجرئم إغتصاب ضد أطفال الكنائس ،
منهم على سبيل الذكر لا الحصر كارل يوشتا ،وفرانك فراتار وقد تحدثنا عنه في مناسبة
سابقة . وفي سنة 2001 م كشف تقرير صادر من الفاتيكان عن قيام الكثير من القساوسة
والأساقفة في الكنائس الكاثوليكية بالاعتداء الجنسي على الراهبات واغتصابهن
وإجبارهن على الإجهاض أوتناول حبوب منع الحمل.وذكر التقرير الذي نشرته صحيفة "
لاريبيبليكا " الإيطالية الصادرة عن الفاتيكان الأربعاء 21 مارس 2001 أن هؤلاء
القساوسة والأساقفة يستغلون سلطتهم الدينية التي يتمتعون بها في العديد من الدول،
خاصة دول العالم النامي لممارسة الجنس مع الراهبات رغما عنهن، مشيرا إلى أنه تم
الكشف عن العديد من حالات الاعتداء في 23 دولة، منها الولايات المتحدة، البرازيل،
الفليبين، الهند وأيرلندا، وإيطاليا، بل وداخل الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان)
نفسها، بالإضافة إلى العديد من الدول الإفريقية!!.وأشار التقرير إلى أنه تم الكشف
عن عدد لا حصر له من حالات الاعتداء الجنسي من جانب القساوسة، الذين يقومون بإجبار
هؤلاء الراهبات،إما على تناول حبوب منع الحمل، أوالإجهاض لمنع الفضيحة.وقال
التقرير: إن إحدى الراهبات الأم بكنيسة -لم يتم ذكر اسمها- أقرت بأن القساوسة في
الكنيسة التي تعمل بها قاموا بالاعتداء على 29 من الراهبات الموجودات في الأسقفية،
وعندما أثارت الراهبة هذا الأمر مع كبير أساقفة الكنسية، تم فصلها من وظيفتها.وفي
كنيسة أخرى -وطبقا للتقرير- طالب القساوسة الموجودون بها، بتوفير راهبات للخدمات
الجنسية!!.وأشار التقرير إلى أنه وبعد اكتشاف مثل تلك الحالات فإنه يتم إرسال
القساوسة المسئولين عن تلك الاعتداءات، إما للدراسة خارج الدولة أو إرسالهم لكنيسة
أخرى لفترة قصيرة. أما الراهبات -اللاتي يخشين العودة إلى منازلهن- فيتم إجبارهن
على ترك الكنيسة، ويتحولن في أغلب الأحيان إلى عاهرات.وقال التقرير: إن الفاتيكان
يراقب الموقف، إلا أنه لم يتخذ حتى الآن أي رد فعل مباشر.يذكر أنه كان قد تم الكشف
منذ عدة شهور عن وجود شبكة كبيرة من القساوسة ورجال الدين في الفاتيكان في مناصب
مختلفة يمارسون العادات الجنسية الشاذة، ويعيشون في حالة من الرعب، خوفًا من كشف
أمرهم .
الاسلاموفوبيا والتحالف القذر مع اليمين :
لم تتوان الكنيسة في الشرق والغرب
عن الانخراط في العمل الاستخباراتي وايذاء الناس بنشر أسرارهم وتسليمها للاستخبارات
سواء كانت قمعية شمولية كالستار الحديدي واستخبارات أوربا الشرقية . أو قوات
الاحتلال الغازية الغاشمة في القديم والحديث ،وهو ما سجلته كتب التاريخ الحديث
والافلام الوثائقية في الغرب ، وما تنضح به مجريات الأحداث اليومية في وقتنا الراهن
،وهو ما يحتاج لمعالجة خاصة.ففي تسعينات القرن الماضي،وبداية الألفية الجديدة بدأت
وزارات الخارجية الغربية،والاستخبارات الدولية تنشر وثائقها القديمة التي تثبت تورط
الكنيسة في العمل الاستخباراتي ،وخدمة الاستبداد والاحتلال على حد سواء ، بل أن بعض
المنتسبين للكنائس شرقيها وغربييها اعترفو على شبكة الانترنت وفي أثناء تعبيرهم عن
تعصبهم ضد المسلمين ، بأنهم شاركوا مشاركة فعالة في نشر الاسلاموفوبيا بين الغربيين
. وإن كانت الكنيسة في حربها ضد المعسكر الشرقي ،أوعمالتها له حيث كانت عميلا
مزدوجا في كثير من الأحيان ، متخفية و مستترة ،ولم يعلم أحد بأدوارها الخطيرة إلا
بعد عقود رفعت فيها السرية عن ذلك الدور ، فإن الحرب التي تشارك فيها ضد الاسلام أو
ما يسمى بالاسلاموفيا معلنة ،وبشكل سافر ومعاد إلى أقصى الحدود . وإلا ماذا يعني
وقوف اليمين المتطرف في الغرب إلى جانب الكنيسة في محنتها الاخلاقية وجرائم
قساوستها الجنسية ضد الأطفال الأبرياء والقصر من النساء .ففي البوسنة لوحدها تم
الكشف عن أسماء 80 قسا كان عميلا للاستخبارات الشيوعية ،جميع أسمائهم مسجلة في
الارشيف السري للاستخبارت اليوغسلافية السابقة في بلغراد ، وأعلن عنه في شهر مايو
الماضي ،وفق ما ذكرته شبكة بي 92 الصربية.فالكنيسة لم تتحالف مع الامبريالية لاسقاط
الاشتراكية بل عملت في صفوف الطرفين لصالح الطرفين ،وهي انتهازية ولا انسانية
،يستحيل تبريرها ،لا سيما في ظل طهورية مزيفة تحاول الكنيسة تقمصها .