الوثائق الإسرائيلية (الحلقة السادسة) - إسرائيل أجرت تدريبات على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر كانت شبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي
الوثائق تشير إلى أن الموساد تلقى معلومات مهمة عن قرب اندلاع الحرب لكنها لا تكشف مصدر هذه المعلومات
تل أبيب: نظير مجلي
* إسرائيل كانت قلقة من هجوم سوري مباغت عام 73 أكثر من قلقها من هجوم مصري
*تشير كل الدلائل، في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات الإسرائيلية للتحقيقفي اخفاقات الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، إلى أن المصريين نجحوافي تضليل الجيش الإسرائيلي وبث معلومات إليه تطمئنه بأن مصر لا تنوي شنالحرب. فقد أوصلوا لإسرائيل معلومات تفيد بأن الجيش المصري سيسرح قوات جيشالاحتياط في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وأن قيادة الجيشسمحت لكل من يريد من الجنود والضباط بأن يسافر الى العمرة خلال النصفالثاني من شهر رمضان المبارك، علما بأن الحرب نشبت في العاشر من رمضان.وفي ما بعد سنصل إلى معلومات أخرى في باب التضليل نفسه. وقد وقعت إسرائيلفي المطب وصدقت كل هذه المعلومات، كما خطط المصريون.
لكنوثيقة أخرى نشرت فقط في السنة الأخيرة أشارت إلى أن اسرائيل أجرت تدريباتعسكرية على خطة هجوم مصرية قبيل حرب أكتوبر، وأن هذه الخطة المصرية كانتشبيهة تماما بالهجوم المصري الفعلي. ويعني ذلك أن اسرائيل حصلت على نسخةمن هذا المخطط المصري، أو أن الصدفة فقط جعلت العسكريين الاسرائيليينيحللون الظروف ويدرسون طريقة عمل الجيش المصري والجيش السوفياتي الذييناصره ويتوصلون لنفس الاستنتاجات.
وحسبهذه الوثيقة، التي نشرت في كتاب بعنوان «ذنب بلا غفران» من تأليف اثنين منكبار ضباط المخابرات الاسرائيلية، هما دافيد أربل وأوري نئمان (اصدار دارالنشر «حيمد» التابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» 2005)، فإن الجيشالاسرائيلي تدرب على تلك الخطة وأنهى تدريباته بنجاح تام، وتم اكتشاف بعضالثغرات في التدريبات وتم سدها لدى تلخيص التدريبات، وكان من المفروض ألايحدث أي خلل في تطبيقها. ولكن مفاجأة الهجوم المصري وسرعة تنفيذ خطة عبورالقنال داهمت الجيش الاسرائيلي وأصابت قيادته بالاضطراب، فلم يعد يدريماذا ينفذ وكيف.بيد أن الأهم من ذلك هو الاستمرار في العنجهية والغطرسةوالغرور. فحسب ما سنرى في هذه الحلقة، كانت هناك أكثر من اشارة واضحةوتقدير دقيق في اسرائيل بأن المصريين والسوريين يخططون لهجوم مشترك لتحريرالأراضي المحتلة منذ العام 1967، وساد القلق لدى الوزراء ورئيسة الحكومةوالعديد من الضباط أيضا، ولكن قادة الجيش المسؤولين عن رصد الجانب العربيوالمتخصصين في الشؤون العربية، أي الاستخبارات العسكرية، مصرون على أنالعرب لا يجرؤون على محاربة اسرائيل خوفا من الهزيمة. فيما يلي حلقة جديدةمن وثيقة «تقرير أغرنات»، لجنة التحقيق الاسرائيلية الرسمية في اخفاقاتحرب أكتوبر 1973، التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها منذ ستة أيام. ونعودونذكر القراء بأن كل ما يلي نشره بعد هذه المقدمة، هو النص الأصليللوثيقة، كما قرأناها في أرشيف الجيش الاسرائيلي، بعد أن سمحت لجنة حكوميةخاصة بالكشف عن أسرارها. كل كلمة أو جملة جرى توكيدها بوضع خط تحتها، فإنالتوكيد جاء في الأصل. وكل ما جاء بين قوسين على هذا النحو ( )، هو عبارةعن ملاحظات ظهرت في الأصل وقد وضعتها اللجنة بنفسها. وأما المواد التيظهرت بين قوسين على هذا النحو [ ] ، فهي عبارة عن شرح رأينا أنه ضروريللقارئ العربي، في بعض الأحيان بغية التفسير، وفي احيان أخرى لإكمالالمعنى، وفي بعض الحالات استخدمناه لتصحيح انطباعات قد تنجم بالخطأ بسببركاكة الصياغة اللغوية للجنة، التي وضعت تقريرها بالنص الأصلي من دونتمريره على محرر لغوي: الفصل الثاني: من 1 أكتوبر وحتى 5 أكتوبر فصاعدا
* أمر «إشور»
*في يوم 1 أكتوبر [تشرين الأول 1973]، أصدرت دائرة هيئة الأركان العامة /عمليات الأمر «إشور» [كلمة عبرية تعني «تصريحا» أو «مصادقة» لكنها في هذاالسياق مجرد كلمة لا يقصد بها المعنى]، لمضاعفة حالة الاستعداد وزيادةالقوات لسلاح المدرعات في هضبة الجولان الى 111 دبابة و8 بطاريات مدفعية(وكلها من الجيش النظامي) واجراء تغييرات في الجبهة الجنوبية (أنظر وثائقالبينات رقم 176 و258 وتفاصيل تلك الاستعدادات لاحقا في البند 147).
* الأبحاث حول هضبة الجولان
*في يوم 2 أكتوبر أظهرت الصور الجوية تعزيزات مقلقة للقوات [السورية] فيجبهة هضبة الجولان وتقدم القوات نحو الجبهة (أنظر الى البند 55 لاحقا). فياليوم نفسه، عقد لقاء بين وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش حول الوضع فيهضبة الجولان. اقتباس من أقوال رئيس الأركان في هذا اللقاء، كما سجله رئيسمكتب وزير الدفاع، نعرضه لاحقا (في البند 199 د). في نهاية اللقاء طلبالوزير من رئيس الأركان «ورقة تتضمن ماهية استعداداتهم [في الجيوشالعربية]... واستعداداتنا مع تفاصيل بالتعزيزات». وقد أعدت هذه الورقةلوزير الدفاع في 3 أكتوبر (وثيقة البينات رقم 274). وشملت تفاصيل عنالزيادة الكبيرة في عدد الدبابات والمدافع السورية في القطاع المتقدم وفيالجبهة الخلفية السورية وزيادة عدد بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات فيالجبهة من 1 يناير [كانون الثاني] 1973 وحتى 1 أكتوبر [تشرين الأول] 1973.ويختتم رئيس أركان الجيش تقديراته حول شبكة الطوارئ السورية في تلك الورقةبهذه الكلمات:
«حسبتقديراتنا، فإن شبكة الطوارئ أقيمت بالأساس بسبب التخوفات المتراكمة مناسرائيل. ونحن نرى ان سورية لا تقدر بأنها قادرة على المخاطرة بحرب شاملةمع اسرائيل، على الأقل من دون خوضها بشكل مشترك مع مصر. والاحتمال الآخر،وهذا تقدير منخفض الامكانية، فإن شبكة الطوارئ [السورية] أقيمت بغرضالقيام بعملية ثأرية لسورية ردا على اسقاط 13 طائرة والاستعداد لأقصىامكانية للدفاع عن النفس في وجه رد منا».
وفييوم 2 أكتوبر نفسه اقترح وزير الدفاع لقاء تشاوريا لدى رئيسة الحكومة حولالوضع في هضبة الجولان، الذي لم يشعر بالارتياح ازاءه، على ما يبدو. وفيشهادته (صفحة 4232/3)، أورد أقواله للوزير يسرائيل غليلي، كما دونت فيحينه:
«أنالست مرتاحا من المشاكل في هضبة الجولان وأريد شركاء لي في المسؤولية حولهذا الموضوع، وسأحضر الى النقاش كلا من رئيس اركان الجيش ورئيس شعبةالاستخبارات العسكرية وقائد سلاح الجو. هناك أنباء مقلقة. فعلى الخطالأمامي توجد 650 دبابة وشبكة صواريخ تغطي مناطقنا.. توجد لديهم 550 بؤرةمدفعية.. وأنا قلق على السكان. حول الموضوع العسكري يجب أن نجلس مع غولدا[رئيسة الحكومة]».
* المشاورات لدى رئيسة الوزراء في يوم 3 أكتوبر
*لقد كانت رئيسة الوزراء [غولدا مئير] في زيارة خارج البلاد (شتراسبورغوفيينا) من يوم 30 سبتمبر وحتى يوم 2 أكتوبر. وفي يوم 3 أكتوبر عقد لديهاالاجتماع التشاوري الذي بادر اليه وزير الدفاع وشارك فيه كل من الوزراء[يغئال] ألون [وكان نائبا لرئيسة الوزراء ووزيرا للتعليم] و[الوزير بلاوزارة يسرائيل] غليلي و[وزير الدفاع، موشيه] ديان، ورئيس الأركان [دافيدالعزار]، وقائد سلاح الجو، الجنرال ب. بيلد والعميد أريه شيلو (الذي حلمحل الجنرال ايلي زعيرا [رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية] الذي كانمريضا)، ومساعدوهم. وقد قدم لنا العميد ليئور، السكرتير العسكري لرئيسةالوزراء، بروتوكول [تلك الجلسة] (وثيقة البينات رقم 57)، الذي يشكل شهادةمهمة حول الأجواء وحول تقديرات المشاركين في هذه المشاورات، التي تمت قبلثلاثة ايام من اندلاع الحرب. وسنعرض في ما يلي الأقوال كما هي، من دونتعليقات أو انتقادات منا.
افتتحالمشاورات وزير الدفاع قائلا انه طلب هذا اللقاء «بسبب التغيرات فيالجبهات، في سورية بالأساس وبمدى معين أيضا في مصر»، ويواصل [وزير الدفاعموشيه ديان] (الصفحة الأولى من البروتوكول):
«فيمصر يوجد لنا عدو وتوجد لنا عقبة طبيعية متمثلة في [قناة] السويس اضافةالى الصحراء ولا توجد على تلك المنطقة بلدات. إذا اندلعت حرب فلتندلع. فيسورية – يوجد لنا عدو ولا توجد عقبات. على كل حال هو غير جدي وتوجد لنابلدات. لهذا فإن الأمر مقلق بشكل خاص وبشكل دائم من الناحية الموضوعية فيهذه الجبهة...».
ويطرح على البحث ثلاث نقاط:
«1.التقديرات وتعاظم السلاح في حوزتهم. بالأساس للسوريين ولكن أيضا المصريين.الأنباء التي وصلت حول استعدادهم أو رغبتهم في استئناف الحرب.
ماهي قواتنا هناك واستعداداتنا...» وبناء على ذلك: «ماذا نفعل أو ماذابمقدورنا أن نفعل» واستعرض العميد شيلو أمام الحضور المعلومات المتوفرةبأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، وكما قال (صفحة 2): «معلومات مقلقة عنسورية وكذلك عن مصر» (لم يفصح عن مصادر تلك المعلومات)، ثم راح يصفاستعدادات الجيش السوري («حالة الطوارئ») الذي تمترس في عمق «دفاعي كامل».ويشير الى «أمور استثنائية»: تقدم سربين لطائرات سوخوي الى مطارات متقدمةوالدفع الى الأمام بوحدة جسر وتقدم مدافع قيادة الأركان نحو الجبهة وشبكةالصواريخ المضادة للطائرات جنوب دمشق، مؤكدا ان الأمر أكثر جدية مما مضى.ويقدم وزير الدفاع ملاحظة (صفحة 3) بأن «نشر الصواريخ المضادة للطائراتبهذه الكثافة حتى وهي في الأراضي السورية انما تغطي كل منطقة هضبةالجولان». ويواصل العميد شيلو شرحه فيقول «في مصر تتم تدريبات متعددةالأذرع تشمل أيضا قوات الأركان في الجيش وقياداتها. وقد بدأت في مطلعالشهر وستتواصل حتى السابع منه وفي اطارها تنفذ أنواعا عديدة من التمريناتوألغيت جميع الإجازات، لكنها ستستأنف في الثامن من الشهر» – كل هذا كانوفقا للمعلومات التضليلية التي بثها المصريون.
وفي صفحة 4 يعزز [العميد شيلو] أقواله:
«هناك أمور تدل على انها فعلا تدريبات. هناك معلومات وهناك أدلة على انها تدريبات.
نموذجواحد على ذلك: الآن هو شهر رمضان لديهم. فحصنا ما إذا كانت هناك تدريباتفي الماضي في شهر رمضان. يتضح أن تدريبا كهذا أجري قبل سنتين. اضافة الىذلك، فإن وزير الحربية [المصري] أصدر تعميما داخليا يسمح فيه للضباط الذينيرغبون في السفر الى مكة أن يفعلوا ذلك في الثلث الثالث من شهر رمضان...»(أنظر في هذا الشأن الى البند 68 لاحقا).
ويقول العميد شيلو عن موضوع التدريبات (صفحة 3):
«لاأدري ما هو الموضوع هذه المرة ولكنني أقدر بأنه احتلال سيناء... ويتضمن...ثلاث مراحل: 1. الاستعدادات، التي ما زالوا عاكفين عليها. ففي هذه المرحلةتوجد عملية تحريك للقوات. قوات في العمق يتم دفعها الى الأمام. وهم يزودونالسلاح للألوية الأرضية... ففي مرحلة الاستعدادات يتم التصرف كما لو انهحقيقة ولا يقولون فقط بالهاتف... صفحة (4). صحيح انهم دفعوا الى الأمامبقسم من القوات المرابطة من حول القاهرة... والمرحلة الثانية: تدريبتكتيكي يعرضون فيه المشكلة وكيف يتم حلها. وهناك وحدة أو اثنتان تنفذالتدريب مع قوات حقيقية».
ملاحظة: في قضية ماهية «التدريبات» أقرأ لاحقا البنود 71 – 74:
ويختتمالعميد شيلو أقواله بعرض موقف شعبة الاستخبارات العسكرية (نهاية الصفحةالرابعة من البروتوكول وانظر البند 49 (ز) أيضا): «توجد هنا ظاهرتان: 1.حالة طوارئ في سورية. 2. تدريب في مصر. أنا أعتقد ان علينا أن نختارتقديراتنا على أساس السؤال ما إذا كانت هناك أسباب مستقلة لكل طرف تجعلهيتصرف أو ان هناك شيئا ما مشتركا بينهما وما هو هذا الشيء.
إذاكان ما هو مشترك فإن هذا هو أسوأ الاحتمالات – حرب شاملة في سورية بواسطةشبكة الطوارئ، التي هي في أساسها دفاعية ولكنها قادرة على التحول الىهجوم، ولا توجد هنا ضرورة لبناء أي شيء جديد [لمواجهتها اسرائيليا].بالنسبة لاحتمال الحرب تحت غطاء التدريبات، حسب التقديرات، هل هو معقول؟حسب (صفحة 5) معلوماتي ورأيي، واعتمادا على الشعور المبني من مراجعة موادكثيرة في حوزتنا من الأيام الأخيرة، مصر تقدر بأنها لا تستطيع حتى الآنالتوجه للحرب. أنا أعتقد ان احتمالات خطوة كهذه، بغض النظر عن الاعتباراتالسياسية وغيرها التي قد تؤدي الى النجاح، فإنها كانت لتتوجه لو انهاتعتقد ذلك. ولكنها تقدر بأنها غير قادرة حتى الآن على التوجه الى الحرب.[هذه اللعثمة في الصياغة هي من الأصل]. هذا نقوله بسبب قدرتنا على المعرفةوالإحساس بالأمور التي يفكرون فيها. بناء عليه، فإن امكانية الحربالمشتركة المصرية السورية لا تبدو لي معقولة، حيث انه لم يحصل تغيير فيتقديراتهم لوضع القوات في سيناء بأنه يجعلهم قادرين على القتال. في مصر،أنطلق من التقدير بأن الأمر بالأساس هو تدريب. في العاشر من الشهر سيسرحونقوات الاحتياط. وزير الدفاع طرح بحق فكرة ضرورة البحث في الوضع مع سوريةبالأساس».
الوزير[يغئال] ألون سأل حول شكل الأوامر الصادرة في مصر، والعميد شيلو يرد: «لايوجد الكثير من الاستثناءات في شكل الأوامر بتحريك القوات في مصر». أحد«الاستثناءات» التي يذكرها هو ارسال رجالات الجيش الى مطار أبو سوار قربالقناة المخصص لطائرات ميغ 17 في القوات التنفيذية. وتسأل رئيسة الوزراء:«لو أن السوريين باشروا، هل المصريون يستطيعون بما لديهم الآن، الاستعدادلهجوم ما بغية مساعدة سورية؟». ويرد العميد شيلو: «من الناحية التنفيذيةيستطيعون بهذه الاستعدادات أن يتوجهوا الى هجوم بالتأكيد».
هناتأتي الآراء المتباينة حول امكانية أن يبادرالسوريون الى المباشرة بهجومعلينا لتربيطنا ومن ثم يبدأ المصريون المرحلة الثانية. فتسأل رئيسةالوزراء: «ألا يمكن أن يحدث الأمر بشكل عكسي فيشغلنا المصريون بعض الشيءفي حين يحاول السوريون عمل شيء في الجولان؟».
ويردالعميد شيلو (صفحة 6)، بأن [الرئيس السوري حافظ] الأسد يعرف ما هي حدوده،لأنهم «يدركون التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي العالي في المنطقة.. وبسلاحالجو»، خصوصا بعد اسقاط الـ 13 طائرة، وبأن لدى المصريين تقديرات تشير الىان اسرائيل قادرة على تكبيد مصر خسائر في الجو. ومرة أخرى:
«ولوانه (الأسد) يشعر بأن وضع الدفاعات الجوية [السورية] هو أفضل اليوم.. إلاان لديه بعيدا في عمق تفكيره الادراك بالتفوق الاسرائيلي..» وعلى الرغم منذلك، فإن «هناك شيئا محدودا في سورية» – «لا أستطيع أن أدرس امكانية توجيهضربة مسبقة على أساس التقدير بـ [أنهم يتجهون الى اعلان] الحرب». فهذااحتمال يجب أخذه بالاعتبار ولكنه احتمال ضعيف، لأن السوريين يعرفون أناسرائيل لن ترد فقط بعمليات محدودة.
ويعبررئيس أركان الجيش عن رأيه في ما يلي، كما جاء في الصفحات 8 – 11، ونحننقتبس من أقواله في البند 199 (ه). لقد ذكرنا هناك (البند 211) توصيتهبـ«الابقاء على الوضعية الحالية مع بعض التعزيزات». وفي رد على سؤاللرئيسة الوزراء (الصفحة 9 في البروتوكول)، «وإذا توجهنا بطريقة أخرىمختلفة عما تقترحه؟»، يقول [رئيس الأركان]: «إذا قررنا تعزيز القوات أكثرفإن ذلك سيضعف الجنوب أو يضطرنا الى إحداث تغييرات أكثر حدة في تجنيدالاحتياط لفترات طويلة»ـ ـ. وهنا يتطور نقاش، بعد سؤال وجهته رئيسةالوزراء حول امتلاك صواريخ «sa 6»الهجومية. وفي صفحة 10 يعود رئيس الأركان ليكرر تقديراته ويفصل في استعراضالامكانيات لضرب سورية من الجو. ويقول حول تنفيذ هجوم جوي في هضبة الجولان(نهاية صفحة 10): «نحن نستطيع المخاطرة من الآن ونعمل في هضبة الجولان،لأنني أريد هنا أن أوضح أننا عندما نقول ان لديهم شبكة دفاع جوي بالصواريخفإن ذلك لا يعني أنهم أغلقوا السماء بشكل مطبق. نحن سنطير ونهاجم ونجهضهجوما [من طرفهم]. ربما نخسر طائرتين أو ثلاثا. لكن الأمر يزيد احتمالاتزيادة الخسائر». ويعبر وزير الدفاع عن شكوكه (صفحة 12) بالنسبة لنواياالسوريين: فقد أعطوا دفاعا مكثفا جدا بنقل الصواريخ المضادة للطائرات الىخط الدفاع الأمامي، مع انه معروف لهم أننا لسنا معنيين بمهاجمتهم علىالأرض في هضبة الجولان. «هذا ليس بالأمر الدفاعي العادي». وبالنسبة لمصر،فإذا كانوا يفكرون بعبور القناة [السويس] تحت مظلة صواريخهم فإنهم سيجدونأنفسهم في وضع غير مريح أبدا. «سيدفعون ثمنا باهظا. فإذا تمكنوا من عبورالقنال سيصلون الى طريق لا ينتهي وعندها سنأتيهم من كل الاتجاهات». أماسورية فإنها تستطيع أن تحتل هضبة الجولان تحت غطاء صواريخها ومدفعيتهاوعندئذ «سيكون لها خط دفاعي مسنود بحاجز طبيعي جيد جدا نسبيا هو نهرالأردن مع كل منحدراته وتعرجاته. وستكون قد حلت مسألتها القومية بتحريرهاالجولان من قبضتنا». ويسأل الوزير [يغئال] ألون (صفحة 13): «ما هو تركيزقواتنا في الشمال من ناحية البعد والشمولية؟» ويرد رئيس الأركان انه فيغضون 24 ساعة يكون من الممكن زيادة 113 دبابة على الدبابات الخمسينالموجودة في الجبهة الشمالية، واضافة 33 دبابة أخرى بتشكيل الطواقم منمدرسة المدرعات والوصول خلال ساعات الى حوالي 170 دبابة. والبقية تتعلقبمسألة تجنيد جيش الاحتياط.
وتعودرئيسة الوزراء الى موضوع الامتلاك [الصواريخ المضادة للطائرات] وتلاحظقائلة (صفحة 14)، بأن «المعلومات تتحدث عن شهر أكتوبر، وهذا يعني ان شيئاما سيحصل في هذا الشهر بالذات..».
ويقولالوزير ألون (صفحة 14): «.. ربما هناك حاجة، إن لم يكن اليوم ففي يومالأحد، أن يقدم وزير الدفاع ورئيس الأركان تقارير للحكومة حول استعداداتالعدو، ليكون ذلك اعدادا، على الأقل وقبل كل شيء، اعدادا معلوماتيا. فمنحق الحكومة أن تعرف هذا..». وفي صفحة 14 تقول رئيسة الوزراء: «.. أنا أقبلهذه الفرضية مائة بالمائة، بأن هناك فرقا بين سورية ومصر. فعلى ما أعتقدلا يوجد نقاش البتة حول هذه النقطة. المصريون يستطيعون عبور القنال ولكنهمسيكونون عندئذ بعيدين عن قواعدهم أكثر. فماذا يعطيهم هذا في نهاية المطاف؟لكن بالمقابل فإن الوضع في سورية مختلف. فحتى لو أرادوا كل الجولان، فإنكل ما سينجحون في أخذه حتى لو بعض البلدات أو أي شيء ما بعد الحدوديستطيعون الاحتفاظ به سيكون مكسبا في ايديهم».
الوزيرألون: «العنصر المصري مهم ليس بحد ذاته، انما لكونه عنصر دعم للسوريين.فمن المحتمل أن يحاولوا العبور لكي يكبلوا القوات [الاسرائيلية] ويخففواعن السوريين في الشمال».
ويسأل(صفحة 15): «هل توجد امكانية لأن نحذر السوريين بواسطة طرف ثالث بأنيخففوا من تعزيزاتهم، حيث أن التحذيرات العلنية تفهم فقط بشكل تحد؟» وأعطيله الجواب بأن ذلك ممكن (الصفحة 16). وقالت رئيسة الحكومة (صفحة 16): «أناأقترح أن تعقد جلسة للحكومة في يوم الأحد (وهو اليوم التالي ليومالغفران)... ففي يوم الأحد نطرح هذه القضايا أمام الحكومة وليتنا لن نحتاجالى ذلك. ولكن، إذا احتجنا فسيكون قرارا جديدا».
(القرار المشار اليه هنا يتعلق بمصادقة الحكومة على مهاجمة أهداف داخل سورية).
ويقترحالوزير [يسرائيل] غليلي (صفحة 17) أن يتم استيضاح ما يمكن عمله للدفاع عنالمستوطنات في هضبة الجولان أيضا قبل جلسة الحكومة المذكورة، لأن هذه –حسب رأيه – ستكون أيضا نقطة الانطلاق في توجه الحكومة لأي موضوع.
19.لتلخيص ما تم تداوله في هذه الجلسة التشاورية ينبغي القول ان القلق تركزبالأساس على امكانية الهجوم السوري في الجولان. صحيح ان الحاضرين ذكرواامكانية تنسيق هجوم بين سورية ومصر، إلا أن ايا منهم لم يخالف رأي شعبةالاستخبارات العسكرية، الذي عرضه العميد شيلو، بأن المصريين لا ينوونالهجوم لأنهم لا يرون في أنفسهم القدرة على الخروج الى حرب ضد اسرائيل.ويتضح بأن الأمر لم يبد للحاضرين ملحا لدرجة طرحه في جلسة الحكومة التيعقدت في اليوم التالي [لذلك اللقاء التشاوري] والتي أعطت فيها رئيسةالوزراء تقريرا عن زيارتها خارج البلاد.
وفياليوم نفسه، 3 أكتوبر [تشرين الأول]، أمرت قيادة الأركان/ عمليات بتنفيذمهمات تعزيز (زرع ألغام، تحسين قناة الصواريخ المضادة للطائرات وغيرها) فيهضبة الجولان (وثيقة البينات رقم 176، أخضر، الملحق رقم 13).
20.في يوم 4 أكتوبر جرى بحث في مكتب وزير الدفاع باشتراك رئيس أركان الجيشونائب رئيس الأركان وقائد اللواء الشمالي والعميد شيلو. موضوع البحث الذيما زال يقلق وزير الدفاع هو خطر هجوم سوري على المستوطنات في هضبةالجولان. حسب صياغته (صفحة 5 في البروتوكول، وثيقة البينات رقم 260): «لديجرح لا يندمل، ليس الهضبة بل المستوطنات هناك. ففي المنطقة التي لا توجدفيها مستوطنات لا يهمني أن يهاجموا أو لا يهاجموا».
ثمفي صفحة 6: «في السويس توجد قناة وصحراء ولا توجد مستوطنات... لكن هنا (فيهضبة الجولان)، توجد مستوطنات. يوجد عدو ولا توجد قناة ولا إنذار».
لذلكفإن الوزير يصر على تعزيز الحدود في هضبة الجولان وانتقل البحث الى أساليبالدفاع في وجه الطائرات. ولكن وفي جلسة هيئة رئاسة الأركان في اليوم نفسهلا يوجد بحث حول الوضع على الحدود (أنظر البند 202).
21. في اليوم نفسه اطلقت طائرة تصوير في جبهة القناة [قنال السويس] (أنظر تفاصيل ذلك في البند 86).
منمساء يوم الرابع من أكتوبر وخلال الليل بدأت تصل الينا معلومات عن مغادرةعائلات الخبراء الروس من سورية ومن مصر. هذه الأنباء زعزعت مصداقية شعبةالاستخبارات العسكرية / دائرة البحوث، التي ادعت بأن ما يحصل في سورية هوتجهيزات دفاعية وفي مصر تدريبات (تفاصيل عن المعلومات وعن تقديرات رئيسشعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس اركان الجيش، إقرأ في البندين 75 و76).
فيالساعات الباكرة من فجر 5 أكتوبر، تلقى رئيس الموساد [جهاز المخابراتالاسرائيلية الخارجية]، خبرا طارئا عن وصول معلومة تحذيرية مهمة (إقرأالتفاصيل في البند 38 لاحقا