أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:04
الوثائق الإسرائيلية ـ رئيس الاستخبارات العسكرية يعترف بأن مصر نجحت في تضليل إسرائيل تواصل كشف الوثائق السرية الحربية الإسرائيلية
تل أبيب: نظير مجلي استمرارا في نشر تقرير لجنة التحقيق الاسرائيلية الرسمية في إخفاقات حربأكتوبر(تشرين الأول) 1973، المعروفة باسم «لجنة أغرنات»، تخصص هذه الحلقةبالكامل لشهادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي،اللواء ايلي زعيرا. اللجنة من جهتها تحشره في الزاوية وتضيق عليه الخناقبالأسئلة الملحة والمحرجة، وهو يحاول الدفاع عن نفسه وصد الاتهامات لهبالاهمال. وفي غضون ذلك يعترف زعيرا بصراحة بأن مصر أدارت حملة تطمين وتضليل ناجحةأدت باسرائيل الى القناعة بأنها لن تقدم على حرب ضدها قبل العام 1975.ويعدد زعيرا في هذه الشهادة السبل التي اتبعتها مصر في هذا التضليل، لدرجةالتشكيك في صدق أهم عميل لاسرائيل، وهو المسؤول الأمني المصري المقرب منالرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات. فاعتبره عميلا مزدوجاكانت مهمته زرع الثقة به لدى الاسرائيليين، وفي الوقت نفسه تمرير عدد منالمبادئ والأفكار التي تجعلها تائهة ومطمئنة. لكن اللجنة لا تقبل توجهه، كما نلاحظ لاحقا، وستدينه بتهمة الاهمال وتدفعهالى الاستقالة من منصبه في رئاسة الاستخبارات. وتتركه يتلوى ألما وغضبا،ولكن من دون أي كلام أو تصريح. فقد التزم الصمت وامتنع عن محادثةالصحافيين طيلة عشرين سنة، رغم أن اغراءات عديدة قدمت له ليكسر حاجزالصمت. وفي سنة 1993، يخرج زعيرا بكتاب من تأليفه بعنوان «اسطورة فيمواجهة الواقع ـ حرب يوم الغفران: فشل وعبر»، يروي فيه قصته، فيتهم اللجنةبجعله كبش فداء، دفاعا عن القيادة السياسية. ويقول ان رئيسة الحكومة أخفتعن لجنة التحقيق حقيقة أن زعيما عربيا جاء الى تل أبيب قبل عشرة أيام منالحرب خصيصا لكي يحذر من الحرب القادمة وحدد موعدها بشكل قريب من الواقع.لكن اللجنة لم تحاسبها. وزعيرا، في الثامنة والسبعين من العمر اليوم، هومحارب قديم في اسرائيل إذ بدأ نشاطه الصهيوني في صفوف التنظيمات العسكريةالمسلحة قبل قيام الدولة العبرية، وكان من أوائل الضباط الاسرائيليينالذين تدربوا في صفوف الجيش الأميركي، وتولى في حياته العسكرية عدة مناصبمهمة مثل رئيس مكتب رئيس الأركان وقائد وحدة المظليين ورئيس دائرةالعمليات التنفيذية. وعرف عنه انه كان وبعض قادة جهاز المخابرات يستقلونطائرة فحصل فيها عطب فوق سيناء المصرية (1972) وكان لا بد من الهبوطبالمظلة. لكنه اكتشف خلال الطيران بأن المظلات قد اختفت من طائرة سلاحالجو، فاخترع مظلات خلال لحظات وهبط وأنقذ نفسه ورفاقه على متن الطائرة.لكن كل هذا لم يشفع له في أن يتحول لدى اللجنة كبش فداء. واليكم حلقة أخرى من تقرير لجنة أغرنات: الجزء الثالث: المعلومة وتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بشأنها 44.قبل أن نتجه لتفسير انتقاداتنا حول تقديرات شعبة الاستخبارات العسكريةوغيرها من العناصر، نود أن نعود للتأكيد على ما قيل في البند 9 من التقريرالجزئي: لقد اتبعنا الحذر بأن لا نقع في حالة «الحكمة بعد انتهاء العمل»،وحاولنا أن نرى الأمور بمرآة الواقع كما كان في حينه، بوقت الاستعداداتالتي جرت والقرارات التي اتخذت. ومن واجبنا أن نلاحظ بأننا انطلقنا منمنطلق أساسي، مفاده انه في الوضعية الخاصة لدولة اسرائيل، توجب نظريةالأمن فيها استيفاء ثلاثة شروط، هي: (1) قوة «جيش» نظامي صغيرة نسبيا(تشمل جنودا في الخدمة الاحتياطية الفاعلة). (2) أنظمة تجنيد سريعة وفعالةلجيش الاحتياط (أشخاصا وتجهيزات) الذي يشكل أساس القوة العسكرية للدولة.(3) فترة استعدادات كافية تعد سلفا لتجنيد الاحتياط بشكل منظم وفق خطةوتبعا للوضع السياسي. اعطاء انذار كاف عن نوايا العدو بشن حرب قريبة هوجزء من هذه «الاستعدادات»، وهو ضمن المشاغل الخاصة للاستخبارات العسكرية. ومع ذلك، تجدر الاشارة الى ان الشروط الثلاثة المذكورة أعلاه، لا تعفي منضرورة وجود خطة للاستعداد أيضا لهجوم حربي مفاجئ وشامل من العدو، من دونانذار. الفصل الأول أ: «الكونتسبتسيا» (فرضية) شعبة الاستخبارات العسكرية «لوأننا عرفنا دائما نوايا العدو، لكانت لنا الغلبة دائما عليه، حتى لو كانعدد قواتنا أقل» (فريدريك الكبير 1753) 45. كما اشرنا في البند 11 منالتقرير الجزئي، فإن أحد الأسباب الأساسية لفشل العناصر المسؤولة عن اعطاءالتقديرات، كمنت في تمسك رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش ورئيسدائرة الأبحاث في الشعبة، بعناد، فيما سسموه «الفرضية» (تعرف بالعبرية منذذلك الوقت كمصطلح عبري «كونتسبتسيا»، وقد تم اشتقاقه من الانجليزية).وبموجبها: (أ) مصر لن تخرج الى حرب ضد اسرائيل إلا إذا ضمنت لنفسها قدراتجوية للإغارة على العمق الاسرائيلي، وبشكل خاص على المطارات الأساسية فياسرائيل، لكي تشل حركة سلاح الجو الاسرائيلي. (ب) سورية لن تخرج الى هجومشامل على اسرائيل، إلا في وقت واحد مع مصر. وفيما يلي بعض المقاطع من شهادة الجنرال زعيرا حول هذا الموضوع: «أحد حجارة الأساس في تقديراتنا للوضع ـ وقد شرحت ذلك على أساس المعطيات ـكان أن مصر لن تهاجم طالما أن وضعها الجوي (يقصد سلاحها الجوي)، لا يتيحلها مهاجمة المطارات في العمق الاسرائيلي.. ومعطى آخر كان من حجارة الأساسلتقدير الوضع هو ان سورية لن تخرج لوحدها الى حرب شاملة ضد اسرائيل (صفحة81 من بروتوكول اللجنة). «كنت أقول ان هذه هي الفرضية لدى الاستخبارات، وهي الفرضية لدى دائرةالأبحاث (في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي) (صفحة 82). «الشرط الثاني كان الطائرات المقاتلة ـ تفجير العمق بواسطة الطائراتالمقاتلة. انه (السادات) لم يحصل على التفجير (يقصد انه لم يحصل علىطائرات مقاتلة كهذه من السوفيات).. المشكلة هي الفرضية (صفحة 74). «نحن نقدر ان ما يحتاجه المصريون، منطقيا، لكي يشعروا بانهم قادرون على شلسلاح الجو في قواعدنا هو خمسة أسراب.. سألنا أنفسنا متى نقدر بأنه (ستكونلمصر) 5 أسراب جوية (مقاتلة)... فقدرنا بأن (هذا الأمر لن يحصل) قبل عام1975 (صفحة 939). «لطائرات الميراج يوجد تأثيران على دولة اسرائيل؛ ا): مجرد القدرة على الدخول الى العمق أي إلقاء قذائف على تل أبيب. ب) امكانية مهاجمة مطارات.. فرضيتنا قالت ان المصريين يرون، في الأساس، انشل سلاحنا الجوي هو شرط أساسي، فالمشكلة ليس أن تلقي ثلاث قذائف على تلأبيب بل أن تشل سلاح الجو. لذلك قدرنا بأن هناك حاجة في 5 أسراب طيران»(المصدر نفسه). «تقديراتنا اعتمدت على وثائق وتقديرات، بأنه من ناحية لا توجد لمصر القوة،وبالأساس القوة الجوية للهجوم، طالما لا توجد لها قوة جوية بحجم خمسةأسراب مقاتلة لتفجير العمق البعيد، بغية مهاجمة مطاراتنا.. وطالما لا توجدعناصر أخرى تدفع بمصر الى الحرب ـ فإنها لن تتجه نحو الحرب» (1006). توضيح الفرضية 46. لن يكون توضيح الفرضية متكاملا، من دون أن نضيف الأمورالتالية: أولا، من البارز هو انه من بين الفرضيتين الأساسيتين المذكورتينأعلاه، فإن الأساس «المصري» يختلف عن الأساس «السوري»، فهو أكثر فاعليةوفيه المفتاح لمعرفة أهداف «دولتي المواجهة» بالمبادرة الى حرب شاملة ضداسرائيل معا وعلى الجبهتين. فسورية لن تخرج الى حرب شاملة (حسب القسمالثاني من تلك الفرضية)، إلا إذا خرجت (معها) مصر. فيما سيتبع لاحقا، سوفتكون فرضيتنا الأساسية بأن الفرضية بشأن سورية صحيحة ولذلك سنضعها حالياجانبا ونتركز في الأساس المصري. حسبما رأينا أعلاه، فإن جوهر هذه الفرضيةيقول ان مصر لن تشن حربا شاملة من دون أن يكون لها خمسة أسراب طيرانمقاتلة قادرة على الطيران لمدى بعيد، بحيث تستطيع مهاجمة مطارات اسرائيلبغية شل سلاح الجو عندنا ومنعه من تنفيذ غارات جوية في العمق المصري أوالرد على غارات كهذه بقصف مراكز السكن الاسرائيلية. وبما ان مصر لم تحصلعليها (حصلت من ليبيا فقط على سرب واحد من طائرات الميراج وعلى سرباحتياطي من العراق)، فإن السادات لم يكن مستعدا للخروج الى الحرب. وإذن،فإن ما يمكن توضيحه هنا هو أن الفرضية بجزئها المصري تغذت من الخيار الذيتبناه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ما بين القدرة العسكرية(capabiluty) للعدو على تنفيذ هجوم شامل وبين نيته (intention) تنفيذ ذلك(الهجوم). وهذا ليس مثل ذاك. وهو يعني بأنه كانت لدى القوات المصرية قدرةتقنية لعبور القناة (السويس)، ولكن هدف شن حرب شاملة بدءاً بالعبور كانبعيدا عن السادات، بسبب التفوق الجوي الاسرائيلي وبسبب عدم الحصول علىطائرات مقاتلة بعدد كاف للتغلب عليها (على التفوق الجوي الاسرائيلي). هذههي نقطة الانطلاق بالنسبة لأصحاب الفرضية (المذكورة أعلاه)، وهذا ما يبدوفي شهادة الجنرال زعيرا: «إذا كان عليّ، بوصفي ضابط الاستخبارات لدى رئيس أركان الجيش، أن أفحصالامكانات المفتوحة لدى العدو، في ضوء «الكابابيليتي» (قدراته) وليس فيضوء «الإنتنشينز» (نواياه)، كان عليّ أن آتي وأقول: من الناحية التقنيةالمجردة كان لديها (يقصد مصر) دائما القدرة. ولكن هذا جزء من نظرية الحياةلدينا. هكذا نحن نعيش منذ العام 1948. ويعني هذا الأمر بأن منطلقي الأساسييجب أن يكون ليس القدرة بل النوايا، حيث ان موضوع القدرة وتوازن القوى،كان موجودا كل الوقت، على الأقل على صعيد القوات البرية.. لذلك انشغلتدائرة الأبحاث في سلاح المخابرات بالأساس في موضوع النوايا، وهذا أمرالتأكيد عليه مهم جدا. وعندما جئت الى سلاح الاستخبارات وقبلت على نفسيالوظيفة وفحصت الأمور، قيل لي ان لدينا البراهين على انه من ناحيةالنوايا، فإن مصر توصلت الى النتيجة بأنها تعدم القدرة والجاهزية لمهاجمةاسرائيل، ليس بسبب توازن القوى البرية بل بسبب توازن القوات الجوية. وكانالسائد لدى المصريين انه طالما لا يوجد توازن قوى كاف في سلاح الجو وطالمالا تتوفر لدى مصر القدرة على مهاجمة العمق الاسرائيلي، وبالأساس مطاراتسلاح الجو الاسرائيلي، فإنها لن تخرج الى الهجوم..» (صفحة 51). «بما ان هناك توازن قوى لدى القوات المرابطة بشكل ثابت على طول الحدود،فإننا لدى تحليل الحرب من باب القدرات وليس النوايا.. فإن القدرات قائمة(لدى المصريين) طول الوقت ولذلك فلا مفر أمامنا من التوجه نحو النوايا.فقد كان أحد حجارة الأساس في تقدير الوضع.. هو ان مصر لن تهاجم طالما انوضعها الجوي لا يتيح لها مهاجمة المطارات في العمق الاسرائيلي... ويقولذلك العنصر البحثي نفسه إن مصر لن تخرج الى الحرب قبل أن تتوفر لديهاالقدرات الجوية وطالما أنه يرى أن هذه القدرات الجوية لم تصل بعد، فإنهيتصور بأنه من ناحية النوايا لا توجد نية للحرب ولعبور القناة» (صفحة 81). «لقد كان توازن القوى البرية الثابتة على طول القناة وفي هضبة الجولان، كلالوقت، بمستوى يتيح مهاجمة اسرائيل بالقوات البرية وتحقيق النجاح. وهكذا،لم يكن ممكنا تحليل الوضع في المسار البري على الأقل، في ضوء القدرات»(صفحة 1038). «بسبب توازن القوى الثابتة، فإن الوضع على طول الجبهتين، لميمكن من اجراء تقويم استخباري، وهذا بحد ذاته يشكل صعوبة جديةللاستخبارات. وقد بنينا تقويمنا على أساس الفرضية المتعلقة بالنوايا،بنوايا العدو، وقلنا: نوايا العدو لخوض الحرب قائمة فقط بعد أن ترتقيقواته الجوية الى مستوى معين» (صفحة 1040 ـ 1041). «.. لقوات اليابسة توجد(القدرة لعبور القناة) ولكنهم يخشون من تفعيل هذه القدرات لأنهم يعرفونبأننا سنهاجمهم في العمق، وهم لا يملكون ما يهاجموننا به، لذلك فإنالنوايا لا تتحول الى فعل» (صفحة 1041). ثانيا: حسب طريقة رئيسالاستخبارات العسكرية، فإنه يجب الالتزام بالفرضية، والتقديرات حول نواياالعدو بشن الحرب يجب أن تستند اليها، طالما لم تطرح أمامه اثباتات واضحةتضعضعها. وهذه أقواله: «لكي تأتي دائرة الأبحاث وتقول إن حربا ماثلة للنشوب، يجب أن تكون قد وصلتاليها معلومات تزعزع البنيان الذي قام على حجري الأساس (المذكورين أعلاه)»(صفحة 82). «عندما اقتربنا من 6 أكتوبر، كان السؤال المطروح هو: هل توجد قوات كافيةلتفجير ذلك المبنى؟ لأن هناك بناء منطقيا معينا... بني بأيدي رجال (دائرة)الأبحاث منذ سنة 1971 وصمد في امتحانات كثيرة. وبطبيعة الحال، فإن كلبنيان يصمد في الامتحانات، يزيده كل امتحان قوة» (صفحة 82-83). «إذا وجدت فرضية ـ فإن ما يهدمها هو الأخبار. ما أحاول تفسيره هنا هو أنهلم تكن هناك أخبار تجعلنا نقدر بأن بإمكانها أن تهدم الفرضية» (صفحة1010). «... إذا كان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يريد أن يكون شديد الدقةومخلصا فقط للأخبار التي في حوزته وللتقديرات التي يطرحها، ولكي يستطيع أنيأتي الى رئيس الأركان ووزير الدفاع قائلا: هناك حرب ستنشب، فإنه يجب أنيعرض دليلا قاطعا، وأنا لم أكن أملك أي خبر بشأن هذه الحرب القادمة أستطيععرضه كدليل قاطع» (صفحة 1051 وانظر أيضا شهادته بهذه الروح نفسها في صفحة5748). ثالثا: حسب قوله، فإن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لم يبن فرضية وحسب،بل انه آمن وتوقع بأنه في حالة قرار حاكم مصر أن يشن حربا شاملة من دون أنيتوفر الشرط الذي وضعه مسبقا لهذه المهمة (امتلاك 5 أسراب طيران للطائراتالمقاتلة)، فإن شعبة الاستخبارات العسكرية ستتلقى معلومات وبراهين موثوقةتتضمن إشارات حول هذا القرار غير قابلة للتأويل، وذلك بالأساس من مصادرمعلومات محددة موثوقة وضليعة تعمل في خدمة شعبة الاستخبارات العسكرية. وفيهذا الشأن، رأى الجنرال زعيرا ما اعتبره نوعا من التأمين الثانوي. ففيحالة عدم ثبوت الفرضية وعدم عبورها الاختبار، ستكون لديه القدرة على اعطاءالانذار للجيش في وقت يكفي لتجنيد جيش الاحتياط بشكل سليم قبل أن تنشبالحرب: «جاءني رجال (دائرة) الأبحاث (في شعبة الاستخبارات العسكرية) وبنوا ليالفرضية، التي رأيتها منطقية. والسؤال الذي اسأله لنفسي هو: ما الضمانعندي في حالة وقوع رجال الأبحاث في خطأ؟ الضمان كان عندي (وهو وجود مصادرمعينة ذات ضلوع وثقة عاليتين). فقلت في نفسي: لنفترض انهم مخطئون، إذن يجبعلي أن أحصل على اشارات مؤكدة من تلك المصادر بأنهم مخطئون. هذه هيالنظرية بجملة واحدة سريعة. توجد فرضية. فيجب أن تصل وقائع تزعزعها. عنديهنا (مصادر ممتازة) لكي أحصل على الاشارة بواسطتها. فهل هذه الفرضية قائمةأو مضعضعة، هذا هو باختصار شديد كل مبدأ تفكيري» (شهادة زعيرا صفحة 686). «لقد نظرت اليها (المصادر المذكورة أعلاه) كضمان في حالة الوقوع في خطأبالفرضية.. وتأملت (من المصادر) أن أحصل على الحقيقة البسيطة» (صفحة1032). «وأنا قدرت بأن أحصل (من تلك المصادر) على انذار.. وليس فقط منهم، بل منآخرين. لكن اساس ثقتي يكمن في هذه المصادر. وخلال فترة الأسبوع الأول فيشهر أكتوبر، لم أجد خبرا واحدا يشير ولا حتى بالتلميح الى الحرب، انماتحدثوا عن التدريبات. واليوم أقول، بمراجعة للماضي، أعتقد أنه لو ان مصراتجهت الى الحرب من دون غطاء التدريبات ومن دون مؤامرة التمويه الناجحةجدا، فإن (تلك المصادر كانت ستعطي) الاشارة» (صفحة 1044). تاريخ الفرضية وتفسيرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حول تبنيها 47.هنا، ينبغي التذكير بأن الفرضية المذكورة أعلاه كانت منتشرة بين صفوف شعبةالاستخبارات العسكرية (دائرة الأبحاث) منذ سنة 1971 وعندما عين الجنرالزعيرا رئيسا لشعبة الاستخبارات العسكرية في أكتوبر 1972 وطرحت عليهالفرضية، تبناها لنفسه وبعدما اكتشف بأنها تستند الى أخبار موثوقة جدا(وثيقة البيانات رقم 3 و4 وانظر شهادته صفحة 5 فصاعدا والمقطع في صفحة 81الذي نقتبسه لاحقا وصفحة 125). وتم ذكر الفرضية في تقرير الاستخباراتالخاص من شتاء 1972 (وثيقة البيانات رقم 170). ففي الجزء الأبيض من هذاالتقرير كتب (17ـ16 و19). «11. حرب الأيام الستة (سنة 1967) وبعدها حربالاستنزاف، جعلتا من تفوق سلاح الجو الاسرائيلي كابوسا يرعب المصريين.ويمكننا تلخيص موقفهم (المصريين) بأنه لا يمكن تحقيق انتصار للجيش المصريمن إحداث توازن مع تفوق سلاح الجو الاسرائيلي، إن لم يكن القضاء عليه (علىهذا التفوق)». «12. من أجل تحقيق التوازن مع التفوق الجوي الاسرائيلي، ترى قيادة الجيشالمصري توفر شرطين اساسيين: أ. الحصول على طائرة تفجير مقاتلة سريعة وذاتمدى بعيد يمكن به... (التقرير قطع الجملة في الأصل) ب. الحصول على قوةردع، في حالة حرب شاملة، تلزم اسرائيل بإبقاء جل طائراتها التفجيريةالمقاتلة (من طراز ميراج وفانتوم) للمهمات الدفاعية. اضافة الى ذلك، لاتكتفي القيادة المصرية بتحقيق قوة الردع، بل تطلب تزويدها بطائرات تفجيرقتالية لكي تستطيع مهاجمة سلاح الجو الاسرائيلي وهو في قواعده في العمقالاسرائيلي بأقل ما يمكن من الخسائر. القدرة على تنفيذ هذه المهمة حيوية،حسب رأي القيادة المصرية، أيضا لضمان التفوق الجوي المحلي، حتى تستطيعتوفير الغطاء والدعم الكاملين لقوات اليابسة وهي تعبر (القناة) الىسيناء». «16. الخلاصة ـ في مركز فرضية المطلب المصري لامتلاك الأسلحة، يقف اليوماحراز السلاح والوسائل الكفيلة بتحقيق التوازن مع التفوق الجويالاسرائيلي. وترى القيادة المصرية أن تحقيق هذا التوازن هو شرط لا تنازلعنه من أجل التوجه للخيار العسكري..». كذلك، أنظر الى الوثيقة التيتحتويها وثيقة البينات رقم 210 وفيها تقديرات الاستخبارات السنوية لشعبةالاستخبارات العسكرية ـ صيف 1972. فقد كتب هناك (صفحة 9 ـ س، 12أ (1)، أنالجهد المصري الأساسي ينصب على امتلاك طائرة تفجير قتالية متطورة، يؤديظهورها في الساحة ـ حتى ولو بكميات محدودة ـ الى إبطال دونيتها (مصر)الجوية. وليس هذا وحسب، بل إن رأي الجنرال زعيرا حول صحة الفرضية قد تعزز، عندماانتبه الى حقيقة انه في ثلاث فترات سابقة وصلت أخبار من مصادر متعددة عننية مصر شن حرب شاملة وذلك في نهاية سنة 1971 التي اعتبرها المصريون «سنةالحسم» وفي ديسمبر (كانون الأول) 1972 وفي أبريل (نيسان) ـ مايو (أيار)1973. وجاءت هذه الأنباء بناء على عدة اشارات تدل على استعداداتهاالعسكرية في ساحة القنال (مثل زحزحة قوات، نقل وحدات المدفعية والتجهيزاتالى هناك، ورفع مستوى التأهب لقوات اليابسة والجو، اضافة الى اجراءالتدريبات الكبيرة). وعلى الرغم من ذلك، فإن مصر لم يخرج الى الحرب في أيةحقبة (من الحقب الثلاث المذكورة أعلاه)، مما يعني، كما اعتقد (زعيرا)، أن«الفرضية» دخلت الامتحان ثلاث مرات وأثبت نفسها. ويقول الجنرال زعيرا فيشهادته، من نفس المقطع الذي اقتبسناه سابقا: «هذا البنيان أنشئ بأيدي رجال (دائرة) الأبحاث ابتداء من سنة 1971 وصمد فيامتحانات كثيرة. كل عبور في امتحان واحد يؤدي فقط الى تقوية البنيان»(صفحة 62-83). «الامتحان الأول للفرضية كان في نوفمبر (تشرين الثاني) ـ ديسمبر (كانونالأول) 1971.. ففي ذلك الوقت تلقينا أخبارا من مصادر جيدة.. (تقول) إن مصرقررت الخروج الى الحرب في نهاية سنة 1971. وأنا أذكرّ بأن تلك كانت سنةالحسم التي قال السادات علنا.. إن مصر ستخرج الى الحرب في ديسمبر 1971.وقد فحص رجال الأبحاث (في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي)هذا الموضوع وأجروا له عملية تشريح وتوصلوا الى الاستنتاج بأنه لن يخرجالى الحرب» (صفحة 83). «لقد تكررت هذه القضية في ديسمبر 1972، ثانية بالتمام والكمال بعد (القصة)الأولى، حيث تلقينا مرة أخرى الأخبار من مصادر ممتازة بأن مصر تنوي الخروجالى حرب في ديسمبر 1972... وقام رجال الأبحاث بتشريح هذه المعلومات، وفقاللبنيان الذي شرحته، وتوصلوا الى الاستنتاج بأن السادات سيرتدع في اللحظةالأخيرة ولن يخرج الى الحرب. وهو (بالفعل) لم يخرج الى الحرب» (صفحة 83 ـ84). «لقد تكرر هذا المسار في أبريل ومايو 1973.. ومرة أخرى، قام رجال الأبحاثبتحليل الوضع وتوصلوا الى الاستنتاج بأن مصر هذه المرة أيضا لن تخرج الىالحرب بسبب تلك الفرضية التي كانت سائدة» (نفس المصدر). في استمرار شهادته، اشار الجنرال زعيرا الى الأخبار المفصلة التي تلقتهاشعبة الاستخبارات العسكرية بخصوص الاستعدادات المصرية في منطقة القنال فيالفترات الزمنية المذكورة أعلاه وقدم للجنة ثلاث لوائح تم فيها تركيزالأدلة حول تلك الاستعدادات (وثائق البيانات رقم 22، 23، 24). كما قدمللمقارنة، لائحة تم فيها تركيز الاشارات التي تدل على الاستعدادات المصريةفي المنطقة لشن حرب أكتوبر 1973 (وثيقة البيانات رقم 25). في ضوء هذهالأقوال لخص قائلا: «حقيقة هي أن كل هذه الدلائل التي ذكرتها هنا تكررت بالصورة نفسها وبشكلبارز جدا سنة 1971 وكذلك سنة 1972 وأيضا سنة 1973، وفي سنة 1973 بالذاتكان (التركيز عليها بدرجة) أقل» (صفحة 317). «وأمر آخر يجب على الاشارةاليه هو أن كل الأمور التي عددتها هنا، كانت جزءا من تدريبات، في حين أنمثل هذه التقديرات وردت في كل خريف وكل سنة مع التدريبات التي جرت. وهذايعني ان التدريبات التي جرت في أكتوبر شملت الدلائل نفسها بالكامل، كماجرت في التدريبات السابقة وفي أوضاع توتر سابقة، بحيث لم يكن هناك مجاللإعطائها تفسيرا حازما آخر.. فهذا ما جرى عامي 1971 و1972 وفي خريف 1973وفي أكتوبر 1973» (المصدر نفسه).
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:06
الوثائق الإسرائيلية ـ قناصة إسرائيليون في مطار اللد خوفا من نزول كوماندوز مصريين بدلا من السادات «االشرق الأوسط» تواصل كشف الوثائق السرية الحربية الإسرائيلية *الاستخبارات العسكرية سجلت مكالمة بين جمال عبد الناصر والملك حسين وأخفقتفي سلسلة من الاحداث بدءا من صفقة الأسلحة التشيكية الى العراق
تل أبيب: نظير مجلي مع استمرار لجنة أغرنات في استعراض شهادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكريةفي الجيش الاسرائيلي، الجنرال ايلي زعيرا، حول فشل جهازه في اعطاء تقديردقيق للاستعدادات الحربية المصرية السورية في سنة 1973 واصراره على الموقفالاستعلائي المستهتر بالقدرات العربية على محاربة اسرائيل، لا بد من اعطاءالقارئ فكرة عن هذا الجهاز وتاريخه الحافل بالاخفاقات. فقد تأسس جهازالاستخبارات العسكرية كمؤسسة قائمة بذاتها، مثل سلاح الجو أو سلاحالمدرعات، يقودها ضابط برتبة لواء، سنة 1953، أي بعد مرور خمس سنوات علىقيام اسرائيل. فالاستخبارات العسكرية كانت قبل ذلك الوقت عبارة عن عدةدوائر في الأجهزة والألوية المختلفة. ومنذ تأسيسها وحتى اليوم يندر أنتسجل انجازا جديا ذا وزن سياسي أو عسكري كبير. والانجاز الوحيد الذي يستحقالذكر هو تمكنه من التقاط وتسجيل مكالمة هاتفية بين الرئيس المصري، جمالعبد الناصر، والعاهل الأردني، الملك حسين، في اليوم الثاني من حرب الأيامالستة سنة 1967. في حينه كانت اسرائيل قد استطاعت تدمير طائرات سلاح الجوالمصري وهي ما زالت جاثمة على أرض المطارات، وبدأت عمليات الغزو والاجتياحفي سيناء. ولكن أنباء المعارك الحقيقية لم تعلن. فالعرب من جهتهم أطلقواالبيانات التي تتحدث عن قرب انهيار اسرائيل، واسرائيل من جهتها، وبسببمبادرتها الى شن الحرب خشيت من اعلان نتائجها الحقيقية في تلك المرحلةخوفا من تدخل سوفيياتي لانقاذ العرب. وعندما اتصل عبد الناصر بالملك حسين،أبلغه بأن الطائرات المصرية تقوم بتدمير طائرات سلاح الجو الاسرائيلي وهيعلى أرض المطار، أي عكس الحقيقة تماما. وحسب التحليلات الاسرائيلية، فإنالرئيس المصري كان يحاول بذلك أن يغري العاهل الأردني بالانضمام الىالحرب، فيفتح جبهة تخفف الضغط عن مصر. وينطلق الاسرائيليون في ذلك منالقناعة بأن عبد الناصر كان يعرف بالضبط ما هي حقيقة الصورة في المعركة،ويمتنعون عن طرح احتمال أن يكون قال ما يعرفه من التقارير المشوهة لرئاسةالأركان المصرية. ولذلك قرر وزير الدفاع الاسرائيلي، موشيه ديان، في حينهنشر نص المكالمة الهاتفية في الإذاعة بالتسجيل الحي بصوتيهما. وفعل ذلك فيالتاسع من يونيو (حزيران)، حتى يظهر عبد الناصر بعيدا عن الصدق. لكن تاريخشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، كان يزخر بأحداث الفشل.وحسب رصد أجراه الباحث الاسرائيلي، أوري بار يوسف، نعدد فيما يلي أهممحطات الفشل: ـ في سنة 1955، فشلت هذه الاستخبارات في رصد صفقة بيع السلاحالتشيكي لمصر، وتم قطع شوط طويل حتى اكتشفتها. ـ في 18 فبراير (شباط) سنة 1960، أخبرت روسيا مصر بأن اسرائيل تنوي محاربةسورية، التي كان يربطها بها حلف عسكري، فقررت مصر الاستعداد لمؤازرتها.ورفدت الى سيناء 500 دبابة، عبرت القنال وانتقلت الى سيناء، استعداداللوصول الى الحدود مع اسرائيل. وتبين لاحقا بأن شعبة الاستخبارات العسكريةلم تعلم بالبلاغ ولا القرار ولم تستطع اكتشاف عملية نقل 500 دبابة. ـ سنة 1962، أجرت مصر تجارب على اطلاق أربعة صواريخ. ولم ترصد اسرائيل الاطلاق، ولم تعرف شيئا عنه. ـ سنة 1966، أصدرت شعبة الاستخبارات تقريرا تقول فيه إن مصر لن تحارباسرائيل بسبب انشغال قواتها في اليمن. فطالما ان هذه القوات تحارب فياليمن، فإن مصر ستحرص بألا تغامر في حرب جديدة. وتبين ان مصر خاضت الحربمع اسرائيل من دون أن توقف نشاطها الحربي في اليمن. ـ في سنة 1968 فشلتالاستخبارات العسكرية في الحصول على معلومات بخصوص الاشتراك المباشر لضباطوخبراء سوفييات في حرب الاستنزاف في سيناء الى جانب القوات المصرية. ـ سنة 1977، كادت الاستخبارات العسكرية تتسبب في أزمة سياسية كبرى بيناسرائيل ومصر من جهة وبين اسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، وذلكعندما خرجت بتقرير تقول فيه إن زيارة الرئيس المصري، أنور السادات، الىاسرائيل ما هي إلا خديعة تنطوي على خطة عسكرية جهنمية للايقاع باسرائيل.وبلغ بقادتها الشأو أن يستعدوا لمواجهة خطر هذه الخديعة عسكريا، فنصبواقوة من القناصة من حول طائرة السادات في مطار اللد لكي يفجروا الطائرة منبعيد في حالة خروج مقاتلين انتحاريين من الكوماندوز المصري بدلا من الرئيسالسادات. وكان رئيس أركان الجيش، مردخاي غور، قد تأثر بهذا التقرير وآمنبما جاء فيه، ولذلك ألقى في حينه تصريحه المشهور الذي شكك به في زيارةالسادات. ولكن ما منع التدهور في النهاية هو وزير الدفاع، عيزر فايتسمان،الذي وبّخ رئيس الأركان ومنع المصيبة. لكنه لم يمنع الجيش بالتالي مناتخاذ اجراءات احتياطية، حيث ان جميع قادة اسرائيل كانوا في المطارينتظرون السادات، ولم يكن ممكنا تركهم عرضة لهجوم كوماندوز مصري انتحاري.ـ في سنة 1987 فشلت الاستخبارات العسكرية، وبقية أجهزة الأمن الاسرائيليةالعاملة هناك، في التنبؤ بأمر الانتفاضة الفلسطينية. ـ في سنة 1990، فوجئت اسرائيل بقيام العراق باحتلال الكويت، وهذا أمر يعتبر من اختصاص الاستخبارات العسكرية أيضا. ـ في سنة 1994، قدمت الاستخبارات العسكرية تقريرا قالت فيه إن الملك حسينلن يقدم على عقد اتفاق سلام مع اسرائيل، لأن لديه قرارا مبدئيا بأن لايفعل ذلك إلا بعد أن تعقد سورية اتفاقا كهذا. وبنيت هذه الفكرة على أساسأن الملك الأردني يخشى من رد فعل شعبي ضد السلام في بلاده. وكما هو معروف،فإن الملك حسين وقع اتفاق سلام مع اسحق رابين في السنة نفسها. ـ في سنة 2000، قدمت الاستخبارات تقريرا حذرت فيه حكومة ايهود باراك، منالانسحاب الأحادي الجانب من لبنان، قالت فيه ان انسحابا كهذا سيؤدي الىتعاظم اطلاق صواريخ الكاتيوشا على الشمال الاسرائيلي. وتبين أن هذاالتقدير خاطئ. ـ في سنة 2003، وبالادعاء بأن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي تعرف تفاصيل ما يجري في العراق، عممت اسرائيل تقريرا علىالاستخبارات في دول الغرب تدعي فيه ان لديها معلومات من مصادرها الخاصةتقول إن صدام حسين نجح في صنع أسلحة كيماوية وانه امتلك ما يلزم من الموادللبدء في مسار لانتاج الأسلحة النووية. وكانت المخابرات الأميركية قدأصدرت تقريرا بهذه الروح، لكن الدول الأوروبية شككت في التقرير، وجاءتقرير المخابرات الاسرائيلية ليسند الموقف الأميركي. ـ وفي السنة نفسها،فوجئت اسرائيل بالاتفاق بين الولايات المتحدة وليبيا، على وقف مشروعطرابلس لتطوير التسلح النووي، وزاد من ضيقها ان استخباراتها العسكرية لمتعرف شيئا عن هذا المشروع مسبقا، لا من مصادرها الخاصة ولا من المصادرالغربية التي تتعاون معها. ويضاف الى هذا المسلسل بالطبع إخفاق شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي في معرفة حقيقة ما يدور على الجبهتين المصرية والسورية عشيةحرب أكتوبر العام 1973، التي يحاسب الجنرال ايلي زعيرا عليه أمام لجنةالتحقيق. وكما كنا نشرنا في السابق، فإن زعيرا اعتبر قرار اللجنة ادانتهبمثابة تعبير عن ولاء أعضاء اللجنة الى رئيسة الوزراء، غولدا مئير، ووزيردفاعها، موشيه ديان. واعتمد في دفاعه عن نفسه على اتهام القيادة السياسيةبإخفاء معلومات عن لجنة التحقيق وعلى التشكيك بالعميل المصري الذي أخبراسرائيل بالموعد الأقرب للحرب. واصدر زعيرا كتابا بهذا الخصوص، وخلاللقائه بالصحافيين بمناسبة صدوره، أفصح عن اسم ذلك العميل. وبسبب ذلك خرجتمجموعة من معارضيه، في مقدمتهم رئيس «الموساد» في فترة الحرب، تسفي زمير،بهجوم كاسح عليه واتهموه بكسر أول وأهم «الوصايا العشر» في العملالاستخباري، وهو كشف اسم العميل. وقدموا ضده شكوى في القضاء. فيما يلي حلقة أخرى من تقرير اللجنة: الحاجة بـ«الفرضية» في ضوء تلبكاتالاستخبارات العسكرية 48 ـ خلال كلامه أمام اللجنة، أكد اللواء (ايلي)زعيرا (رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية) على وجود مصاعب موضوعية وتلبكاتفي شعبة الاستخبارات العسكرية، خصوصا في مجالي البحث والتقدير. وهذا هوالمكان لنذكر وجهتي نظر في الموضوع الأخير (التقدير). إحداهما ان شعبةالاستخبارات العسكرية تحصل بشكل جارف على كميات هائلة من المعلومات، لدرجةانه بات مستحيلا السيطرة عليها، ما يمنع قراءتها بالكامل ويوجب إجراءتصفية وانتقاء، وهذا بحد ذاته يثقل على مهمة اعطاء التقديرات، أو «ثراءدسم يعود بالضرر على أصحابه» (مثل عبري مأخوذ من التعاليم الدينيةاليهودية ويقال في الثراء الزائد). ويقول الجنرال زعيرا: «كمية الموادضخمة.. أنا لا أستطيع قراءتها بالكامل. رئيس مكتبي يمر على المواد قبلي.قسم منه لا يمرره لي. قسم منه يضعه أمامي مع الاشارة الى ما يعتقد هو أنقراءته مجدية. ومع ذلك فإنه لا يمكن التغلب على ذلك (الكم الهائل منالمواد) خلال عمل يومي من 16 ـ 17 ساعة. والأمر نفسه ينطبق على الدوائرالأقل درجة.. نحن نفتش عن مختلف الوسائل ولم نجد حلا بعد.. من الطبيعيأننا بحاجة الى المزيد من الباحثين والقوى البشرية.. ومن الصعب الحصول علىالقوى البشرية الاضافية» (صفحة 32). «الناس (يقصد رجاله في شعبةالاستخبارات) يعرفون ما هو جيد وما هو تافه.. يعرفون كيف يصلون الى الأمورالمهمة، أو الأمور التي يعتقدون بأنها مهمة» (صفحة 33). وجهة النظر الأخرى في مشاكل التقديرات الاستخبارية هي: هناك مسؤولية كبرىتقع على شعبة الاستخبارات العسكرية، بأن لا نعطي تقديرا وهميا (يقصد اعطاءتقدير بأن حربا ستنشب، ويكون تقديرا مغلوطا)، في وضع تكون فيه تشكيلاتناالحربية مبنية على قوات الاحتياط بالأساس وعلى جيش نظامي صغير، في مواجهةجيش نظامي كبير (لدى العدو) ينتشر دائما على طول الحدود أو بالامكان نشرهبسهولة، أي في مواجهة قوات العدو الموجودة دائما على الجبهة. بكلمات أخرى،يحظر عليها، أي على شعبة الاستخبارات العسكرية بتاتا أن تسارع الى توجيهإنذار بأن في نية العدو القيام بحرب قريبة في كل مرة نتلقى فيها معلومةمقلقة. فإذا فعلنا، ستكون النتيجة بأن الدولة ستجند (للحرب) في فتراتمتقاربة، مع كل ما ينجم عن ذلك من أضرار للاقتصاد ومصاعب كبرى للمواطنين.من هنا تنبع الحاجة الى «فرضية» ما، وهذا، حسب وجهة النظر الأولى (الحصولعلى كمية هائلة من المعلومات) ـ التي بموجبها ينبغي سند تقديراتها(بالمعلومات). ومن هنا تنبع الضرورة للفرضية التي نتحدث عنها والتي شكلتبالنسبة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ومساعديه نبراسا يسترشدون بهعشية نشوب الحرب: «فإذا انتهجنا طريقة الصراخ «ذئب..» (مثل يقصد به التحذير من حرب) ازاء كلشيء صغير، فلا مشكلة. ولكن، عندئذ، سنضع الجيش في وضع صعب جدا..»(صفحة1051). «ففي ذلك الوضع كانت لنا على طول القناة (السويس) وحتى بير جفجفة 170دبابة و8000 شخص. وفي خط التحصينات كان 800 شخص. ومقابلهم كانت للمصريينسبعة ألوية و1100 دبابة و800 مدفعية. بهذه القوات كانوا يستطيعون تنفيذالعبور. أنا أحصل على المعلومة القائلة بأنه ستنشب الحرب بعد ثلاثة أيام.فماذا نفعل؟ نجند (قوات الاحتياط)؟ نصدقها (المعلومة)؟ لا نصدقها؟ أنابهذا أقصد أن أعطيكم فكرة بسيطة عن الحيرة (التي تنتابنا في هذه الحالة).لا يوجد ما هو أسهل من أن يقوم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في حالةكهذه بالتوجه الى رئيس أركان الجيش والقول: «جنّد» (قوات الاحتياط).. ولكنلا بد من فرضية معينة، وإلا فإن هذه الدولة (اسرائيل) تجند ولا تجند سبعمرات في السنة» (صفحة 92). تأثير الفرضية على تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية 49 ـ لا يوجد شك فيأن الفرضية المشروحة أعلاه، والتي قالت إن امكانية شن حرب على الجبهةالمصرية وعلى الجبهة السورية في آن في القريب العاجل هي امكانية بدرجةاحتمال منخفضة، تركت آثارها على التقديرات التي أعطاها رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية أو من ناب عنه، الى العناصر القيادية في الدولة حولموضوع خطر الحرب. ونقصد بذلك التقديرات التي أعطاها في الفترة ما بينأبريل ـ مايو (نيسان ـ أيار) 1973 (في الوقت الذي ساد فيه التوتر علىالجبهتين) وفي الفترة ما بين سبتمبر (ايلول) و5 أكتوبر (تشرين الأول)1973، علما بأنها بدأت تتضعضع في ذلك اليوم (5 أكتوبر). وفي الاقتباساتالتي سنعرضها فيما يلي لأقوال رئيس شعبة الاستخبارات ومساعده لشؤون البحث،سنركز بالأساس على الأمور المتعلقة بالأساس المصري لهذه الفرضية. فترة أبريل ـ مايو1973 (أ) بروتوكول مختصر للمشاورات في بيت رئيسة الوزراءفي يوم 18.4.73 (وثيقة البينات رقم 57)، بمشاركة رئيسة الوزراء (غولدامئير) والوزراء (يسرائيل) غليلي و(موشيه) ديان ورئيس أركان الجيش (دافيدالعزار) ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (ايلي زعيرا). في هذه المشاوراتقال الجنرال زعيرا: «لقد أجرينا تشريحا للوضع وكتبنا ما هو تقديرنا للوضع حسب المنطقوالمعقول. في هذه المرة وجدنا اشارات حول الاستعدادات العينية، تدل على انهناك ارتفاعا بعض الشيء فيها مقارنة مع عرضنا لها في نوفمبر ـ ديسمبر(تشرين الثاني ـ كانون الأول) 1972. لا يوجد لدينا ما نضيفه حولالتقديرات. من ناحية المنطق، سيكون ذلك خطأ أن تفكر مصر في اعلان الحرب..وفي الحقيقة فإننا نرى اشارات اكثر تدل على انه (يقصد الرئيس المصري، أنورالسادات) لا ينوي الحرب مما نرى اشارات تدل على انه ينوي الحرب. ولكن منالسابق لأوانه أن نقرر ذلك» (الصفحة الأولى). «.. نحن نعرف بثقة انه يوجد لديه تخوف بأننا سنرد حتى على عملياته الصغيرةبضرب العمق المصري وبشدة. لهذا، فإنني أقدر بأن احتمال شن الحرب ليسكبيرا» (صفحة 2). «بالنسبة للطريق الثالث، أي عبور القنال بشكل جدي، فإننيواثق من أننا سنعرف عن ذلك مسبقا وسنستطيع إعطاء تحذير.. قبل عدة أيام منوقوعه» (نفس الصفحة). «هذا بالنسبة لمصر، الامكانية مفتوحة للحرب. المصريون خائفون جدا من أنناسنرد بمهاجمة العمق على أي عمل صغير يقومون به. انهم يخافون على نظامالحكم عندهم من جراء مهاجمة العمق» (نفس المصدر). (ب) بروتوكول جلسة الحكومة من يوم 15.4.1973 التي تفوه الجنرال زعيرا خلالها بما يلي: «... لقد بدأت حركة طائرات ميراج من ليبيا الى مصر، بحيث أصبح موجودا فيمصر الآن (سرب) طائرات ميراج، وبالاضافة الى ذلك وتقريبا في الفترة نفسها،وصل الى مصر سرب من طائرات «هنتر» العراقية.. ومع ذلك فعلي أن أشير الىاننا لم نجد بعد في صفوف القوات البرية أية استعدادات للحرب أو اية تنقلاتمن شأنها أن تشير الى وجود استعدادات حربية. أما بالنسبة للطائرات نفسها،فإن طائرات «هنتر» ليست بقادرة على اجراء تحسين جدي في القوة الهجوميةالمصرية. بينما طائرات الميراج تستطيع شحن سلاح الجو المصري بقدرات غيرموجودة لديها اليوم، وهي تتمثل في بعد المدى (يقصد ان الميراج طائرة تتميزبكونها تستطيع الطيران لمدى بعيد). فالميراج هي الطائرة المقاتلة ذاتالمدى الأطول بين كل الطائرات الموجودة بأيدي مصر. بالطبع، انني لا أشملفي ذلك الحساب طائرة توبولوف 16 التي لا تعتبر طائرة قتالية.. إن هذهالاضافة من الطائرات القتالية الى سلاح الجو المصري، من الناحية الموضوعيةعلى الأقل، ليست اضافة يمكنها تغيير توازن القوى في الجو، مع أن من الممكنأن يرى المصريون ان اضافة طائرات الميراج هي ذات أثر كبير وأهمية جديةللغاية أكثر مما نرى نحن، خصوصا أنهم ادعوا في الماضي بأنهم لا يملكونطائرة قادرة على الوصول الى وسط اسرائيل وتنفيذ ما أسموه «تفجير العمق».واليوم، عندما تكون في حوزتهم طائرات ميراج، فإنهم سيشعرون بأن هذا حل»(صفحة 8 ـ 9). «من المشكوك فيه أن تكون مصر ترى نفسها قوية بما يكفي لاحراز انجازات فيالحرب. معظم الشهادات تشير الى ان مصر لا ترى نفسها قوية بما يكفي لذلك،واشك في أن تذهب دولة الى حرب لكي تفشل. ولكن، رغم كل هذا، فإن هذه هيالمرة الأولى، على الأقل في السنتين الأخيرتين، التي نرى فيها أفعالا وليسأقوالا فقط، أنا أقصد نقل طائرات الميراج والهنتر. ربما يكون مجرد نقلالطائرات والفكرة يحتوي على قوة داخلية معينة تستطيع أن تؤدي الى التدهور(الى الحرب)، حتى لو لم تكن هناك نية اليوم لأن يحصل التدهور» (صفحة 9 ـ10). في جلسة الحكومة من يوم 24.4.1973 عبر رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية عن تقدير مماثل بقوله انه على الرغم من حقيقة أن قسما من طائراتالميراج والهنتر المتوقعة قد وصلت «فإن مصر ما زالت مدركة حقيقة أن فيتوازن القوى الحالي لا يوجد لها أمل في النجاح في حرب ضد اسرائيل. ومنالمعقول اليوم أكثر أن هدف مصر هو تضخيم التهديدات الحربية وخلق الشعور فيالعالم، خصوصا عشية لقاء القمة المتوقع بين برجنيف (وهو الرئيس السوفياتيفي ذلك الوقت) ونيكسون (الرئيس الأميركي)، بأن مصر معنية بالحرب. وبأنهامستعدة للحرب. من هنا فإن تقديرنا هو بأنه في نهاية المطاف، احتمال أنتبادر مصر فعلا الى شن الحرب في شهر مايو (أيار)، هو احتمال ضعيف.وبالاضافة الى ذلك، فإنه وإزاء الأنباء التي تصل الينا عن الاستعدادات،فإننا لا نرى على الأرض أية اشارات لتحركات أو حشودات ترمي الى اطلاق خطةكهذه» (بروتوكول الجلسة المذكورة أعلاه، صفحة 3). «هذه هي إحدى مشاكل الاستخبارات الاسرائيلية، عندما تجري تقديرات متعلقةليس بالامكانيات بل بالنوايا، حيث اننا نجد في أحيان كثيرة أن النوايالديهم تفوق الامكانيات. والسؤال هو: ما هو مدى التجاوز للامكانيات؟ وهل هومجرد كلام أم انه سيتحول الى قرار؟.. وبما اننا فكرنا دائما في الموضوعالكلامي ومن الصعب معرفة ما إذا كان هذا فقط كلاما أو انه كلام وأفعال،فإن أضواءنا مسلطة اليوم على فحص ما إذا كانت هناك ظواهر واقعة على الأرضتستطيع إعطاء تقويم عال أو منخفض للكلام» (صفحة 24). «... كلما سيطر لديهم منطق القدرات المحدودة... أعتقد بأن العرب لايقدرون، على الأقل في السنوات القريبة، بأنهم سينتصرون على اسرائيل وعندمايتحدثون عن شن الحرب فإنهم لا ينوون احتلال سيناء أو الانتصار علىاسرائيل، بل خلق وضع يلزم العالم بمعالجة المشكلة سياسيا. وأعني بأن فتحالنار يهدف الى التحول للتسوية السياسية وليس إلحاق الهزيمة بجيش الدفاعالاسرائيلي» (صفحة 36). (ج) في الجلسة من يوم 9.5.1973 ، التي تم فيها عرض خطة قيادة أركان الجيشللحرب («أزرق أبيض»)، أمام رئيسة الحكومة، قال الجنرال زعيرا: «تقديراتنا هي بشكل أساسي أن احتمال الحرب ضعيف، حتى الآن، ومهما بذلنا منالجهد فإننا لا نجد اشارات تزيد منها (من هذه الاحتمالات للحرب). ولكن فياطار الاستعدادات التي جرت نرى ثلاث امكانيات للحرب: 1. الحرب الكبيرة،توجد لدينا معلومات عن حرب كبرى. ونحن نراها احتمالا ضعيفا جدا بينالاحتمالات الضعيفة..» (بروتوكول اللقاء اللقاء المذكور، وثيقة البيناترقم 57، الصفحة 2 ). «المهم هنا هي طائرات الميراج، فهي الطائرة الأفضل هنا. لكن علينا أن نذكرفي المصريين أرقاما أخرى، ألفي دبابة وألفي مدفعية و350 طائرة مقاتلة..يجب ان نثق بأنهم يستطيعون عبور القنال» (المصدر نفسه، الصفحة 4). (د)البروتوكول رقم 287 لجلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست من يوم18.5.1973. بهذه المناسبة قال الجنرال زعيرا: «في ختام هذا البحث اقول اناتجاه مصر هو للحرب، لكنها ترتدع عنها بسبب الخوف من الخسارة.. حسب رأيييوجد احتمال للحرب ولكنه ضعيف جدا، إلا إذا تدهورت الأحوال. ومن الممكن أنيحصل تدهور» (صفحة 6). «... وفي اطار هذا الاحتمال الضعيف، أرى ثلاثامكانيات: الامكانية الأولى هي عبور قناة السويس بشكل شامل، من أجل الوصولالى مسافة ما بعد القناة الى الشرق والتمسك والبقاء في هذا المكان..»(صفحة 7). «بالنسبة الى سورية، إذا نشبت الحرب فإنها بالتأكيد ستكون في حيرة، هلتتدخل أم لا.. وأنا أعتقد بأن سورية ستقدم على عمليات جدية مثل محاولةاحتلال هضبة الجولان من جديد، (ولكن هذا يحدث) فقط إذا اتضح لها بأن مصرتنجح فعلا في عملياتها على طول قناة السويس» (المصدر نفسه). «انني أقدر بأنه توجد لنا حظوظ جيدة ونسبة احتمال عالية في أن اشاراتمسبقة ستصل الينا (في حالة نشوب الحرب). وهذا يعني انه في حالة عبور الجيشالمصري القنال، فإننا سنعرف. لن نعرف الخطط (الحربية) ولكن اشارات ودلائلستصل الينا وهم في مرحلة الاستعدادات، مثل حشد القوات وكل ما ينجم عن ذلك.بكلمات أخرى أنا لا اعتقد بأن هناك امكانية بأن نفاجأ في عبور القنال،وأنا استطيع أن أضمن انذارا حول موضوع العبور» (صفحة 31). «نحن نرى اشارات تدل على وجود خطة. وأكثر من ذلك، فقد وصلت طائرات الميراجوالهنتر وهذا على الناحية التكتيكية، أما في البعد الاستراتيجي، فإنه لاتوجد قرب الجبهة أية اشارات على الاستعداد للحرب في الوقت القريب» (صفحة32). «.. عندما بدأ السادات يثير أجواء الحرب، كان تقديرنا بأن أحد أهدافههو جعلنا نصاب بالهلع والفوضى ونجند جيش الاحتياط..»(صفحة 33).
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:07
الوثائق الإسرائيلية ـ الخلافات السورية ـ المصرية كانت من أسباب القناعة بأن العرب لن يحاربوا جدل إسرائيلي حول مغزى اخلاء العائلات الروسية
تل أبيب: نظير مجلي في هذه الحلقة تواصل لجنة أغرنات للتحقيق في الإخفاقات الاسرائيلية في حربأكتوبر العام 1973، تلخيص موقف جهاز الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي ورئيس هذا الجهاز، الجنرال ايلي زعيرا، الواثق من أن العرب لنيحاربوا. وخلال ذلك، تعرض اللجنة في تقريرها المزيد والمزيد من الأمثلة التي تدلعلى مدى الاستخفاف بقدرات العرب من جهة وبمدى الشعور الاسرائيلي بالعظمةوالغطرسة. فعلى الرغم من عشرات الاشارات التي تدل بوضوح بالغ على ان مصروسورية تستعدان للحرب تقريبا بطريقة علنية، فإن زعيرا وأمثاله في قيادةالجيش مصممون: العرب خائفون منا. ولذلك فإنهم يحشدون القوات ويجرونالتدريبات ويطلقون التصريحات. فقط عندما بدأت عملية إخلاء عائلات الخبراء الروس من مصر وسورية، بدأالاسرائيليون يقلقون، لكنهم في الوقت نفسه راحوا يكذبون أنفسهم ويقولون:ربما هذا خلاف روسي عربي، وليس بالضرورة رحيل عشية الحرب. واليكم هذهالحلقة من التقرير: الفترة ما بين سبتمبر ـ 5 أكتوبر 1973 * (هـ) البحث في قيادة هيئة الأركان (تقدير موقف) في يوم 17.9.1973 بمشاركة وزير الدفاع. في هذا البحث قال الجنرال زعيرا: «السبب الرئيس اليوم لعدم نشوب الحرب هوالشعور والتقدير السائدان لدى العرب بأن قواتهم الجوية لا تكفي لحرب ذاتحظوظ نجاح. والسبب الأساسي لهذا، كما يراه العرب، يكمن في الحقيقة بانالطائرات العربية المقاتلة لا تستطيع من الناحية التقنية الوصول الىمطارات سلاح الجو الإسرائيلي على علو منخفض مع كمية جدية من المتفجرات،وخصوصا (سلاح الجو) المصري. أما غدا، وأنا أقصد في السنوات القريبةالمقبلة، ستتلقى الدول العربية طائرات تستطيع تنفيذ مثل هذه المهمات، ماسيؤثر من الناحية النفسية على التقديرات العربية ويحدث تغييرا بحيث يخفضمن مستوى قوة الردع الاسرائيلية» (ر. تسجيل البحث في وثيقة البينات رقم211، صفحة 7). «عمليا، فإن المشكلة الأساسية التي تواجهنا هي الخوف من أن يؤدي تعزيزالتسلح العربي الى انخفاض قوة الردع الاسرائيلية. لكن، أنا لا أرى بأنه كلهذا التعزيز سوف يجعلهم قادرين على هزم جيش الدفاع الاسرائيلي واحتلالسيناء وتحقيق الانتصارات الكبرى في المعارك» (المصدر نفسه، صفحة 12). (و) بحث في قيادة هيئة الأركان، في يوم 1.10.1973، قال فيه الجنرال زعيرا (حسب السجلات) ما يلي: «ما يميز الأسبوع الأخير، واليوم بالذات، هو انه يوجد وضع عسكري خاص فيمصر وفي سورية. وأبدأ بمصر. توجد هناك تنقلات للعديد من الوحدات العسكريةمن الداخل الى الجبهة، بما في ذلك وحدات مؤللة، وحدات جسر، وحدات مظليين،ووحدات منقولة بالجو.. وتوجد مصادر معلومات أبلغت بأن هذه ليست بهدفالتدريب، بل انها مقبلة على حرب. وهذا الأمر غير مقنع لنا على الرغم منأنها مصادر جيدة. ما نراه اليوم هو ان الوضع وضع عادي، ومن المؤكد أنه لنتنشب حرب ولا توجد نية لتحويل ذلك الى حرب، علما بأنه توجد تدريبات كبيرة»(صفحة 2). «أما بالنسبة لسورية، فإن السوريين بدأوا في مسار حالة الطوارئ منذ الخامسمن سبتمبر (أيلول) وهم اليوم موجودون في أعلى حالات الطوارئ التي لم نشهدمثيلا لها في السنة الأخيرة. وبضمن ذلك نشهد حتى نقل لواء من شمالي سوريةوهو في طريقه الى الجنوب» (المصدر نفسه). «هنا أيضا، وعلى الرغم من أن المعلومات واردة من مصادر مهمة، وأنا لا أقولمصادر جيدة أو موثوقة، بل مهمة، تقول ان حربا ستنشب، فلا نرى ان السوريينيتخذون كل هذه الخطوات بهدف التوجه الى الحرب. أفضل تفسير لدخول السوريينالى هذه الحالة هو خوفهم منا. وفي النهاية إذا كان علي أن ألقي نظرة عامة،فإن من الصعب أن نقبل التقدير بأن السوريين سيخرجون الى الحرب من دونالمصريين. إذا خرجت مصر الى الحرب، فإن سورية ستخرج في الوقت نفسه أو ربمايكون مناسبا أكثر القول انها ستذهب بعدها بقليل. ولكن، وبما أنني لا ارىأن مصر متجهة الى الحرب، فلا اعتقد أن سورية ستتجه للحرب. (وأقول ذلك)،على الرغم من أن الجيش السوري موجود في حالة تأهب يمكن أن ينتقل من الدفاعالى الهجوم أو أن يبقى في الدفاع. هذا أيضا (البقاء في حالة دفاع) يؤخذبالحساب أيضا. فحسب المذهب السوفياتي، يكون الجيش جاهزا للانتقال الىالهجوم من هكذا وضع دفاعي. هذا هو المذهب السوفياتي الذي تعلمه السوريونجيدا. أنا أقدر بأن الأنباء المتوفرة لدينا حول الخطة الأساسية هي أنباءتتعلق بالخطة السورية، إذا ما قرروا تفعيلها، ولكنني لا أرى أنهم فاعلون.وربما يقدمون على خطوة نتيجة لأوضاع داخلية أو رغبة في الانتقام بسبباسقاط الطائرات (اسرائيل أسقطت 13 طائرة سورية في 24 سبتمبر من السنةنفسها خلال اشتباك جوي)، فلربما تكون تلك عملية انتقامية» (المصدر نفسه). «ما أريد قوله هو ان الجيش السوري موجود في حالة طوارئ لم يسبق أن كانمثلها على الأقل في السنة الأخيرة، والسبب في ذلك على ما يبدو هو الخوف منقواتنا وليس بدافع خطط هجومية. وفي الوقت نفسه توجد حركة تجنيد في مصر..أنا أقول هذا لأنه كانت هناك أنباء هنا وهناك جدية للغاية. وفي الليلةالأخيرة، لم ينم بعض الناس، ومع ذلك فإنني لا ارى هنا الحرب» (المصدرنفسه). وبعد أن يؤكد ان مصر جندت جيش الاحتياط، يواصل الجنرال زعيرا فيقول: «يلغون الدورات. ولكن هذا شبيه بما سبق أن قاموا به في الماضي. ففي أبريل(نيسان) أيضا ساد هناك شعور بقرب نشوب حرب...» (صفحة 3 ـ 4). إذا كان هناكتنسيق بين مصر وسورية، فإن الأمر سيكون مثيرا.. فكل واحد يعرف بأن الثانييخدعه ومع ذلك يديرون المسارات. انه وضع غريب للغاية وهو يتكرر في كلسنة..» (صفحة 4). (ز) بروتوكول مختزل للمشاورات العسكرية السياسية في يوم 3.10.1973 التيشاركت فيها رئيسة الحكومة والوزراء ي. ألون، ي.غليلي، م. ديان، (رئيسالأركان) الجنرال (دافيد) العزار، العميد أريه شيلو (مساعد رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية لشؤون البحث). ويذكر هنا بأن الأخير (أي العميدشيلو) هو آخر من قدم تقديرات استخبارية باسم شعبة الاستخبارات العسكريةبدلا من رئيس الشعبة الذي كان مريضا في ذلك الوقت. وفي هذا السياق نشيرالى أن الجنرال زعيرا قال في شهادته إن هذه التقديرات كانت تعبر أيضا عنرأيه (بروتوكولات اللجنة صفحة 1042). وفي تلك المشاورات استعرض العميدشيلو الأنباء التي وصلت في تلك الفترة، بما في ذلك الأنباء المقلقةوالتصرفات «الشاذة»، وهذا ما قاله: «التقدير: توجد هنا ظاهرتان: 1. حالة طوارئ في سورية. 2. تدريبات في مصر.برأيي، علينا أن نختار التقدير بحيث نعرف ما إذا كانت لأي من الطرفينأسباب مستقلة تجعل كل منهما يتصرف بدافع ذاتي، أو يوجد ما هو مشترك لهما،وماذا يمكن أن يكون هذا الشيء. المشترك سيكون اسوأ الاحتمالات لأنه يعنيامكانية حرب شاملة، سورية بواسطة تشكيلة الطوارئ التي في أساسها دفاعيةولكن بالإمكان التحول الى هجومية، ولا توجد حاجة ببناء شيء جديد من أجلذلك. فهل الحرب ممكنة من خلال هذه التشكيلات بغطاء من التدريبات المصرية؟هل هذا معقول؟ حسب رأيي ومعرفتي، واعتمادا على الكثير من المواد المجمعةلدينا وليس فقط من الأيام الأخيرة، فإن مصر تقدر بأنها لا تستطيع حتى الآنأن تتجه للحرب. أنا أعتقد بأن امكانية القيام بخطوة كهذه، ومن دون التطرقالى وجهة النظر السياسية وغيرها المساعِدة على تحقيق النجاح، فإن بإمكانهاالتوجه (الى الحرب) لو انها كانت تفكر على هذا النحو. ولكنها تقدر بأنهالا تستطيع بعد التوجه الى الحرب. وهذا نابع من القدرة على معرفة الأمورالتي يفكرون فيها والاحساس بها. لهذا، فإن امكانية المشاركة السورية ـالمصرية لا تبدو لي واقعية، لأنه لم يحصل تغيير في تقدير وضع القوات فيسيناء بأنها تستطيع الذهاب الى الحرب». (بروتوكول المشاورات في وثيقةالبينات رقم 57 صفحة 4 ـ 5). «بالنسبة الى مصر، انطلق من منطلق ان هذه هي بالأساس تدريبات وحسب. وفيالعاشر من الشهر سوف يسرحون قوات الاحتياط.. أي بالنسبة لمصر ـ لا توجدأمور شاذة» (صفحة 5). «لذا، حسب رأيي، الجهد من طرف سورية سيكون الجهد لهدف احتلال الهضبة (هضبةالجولان)، وهذا يجب أن يكون من خلال التقدير بأنهم يستطيعون القيام بذلكإزاء الأخطار القائمة في سورية، وهذا باعتقادي غير ممكن. فلو كانت مصرمستعدة للذهاب الى الحرب، فان سورية كانت ستنضم اليها... وأنا أعتقد بأنالتشكيلات السورية بنيت بالأساس بسبب المخاوف التي انتابتهم، هم خشوا منردود فعلنا..» (صفحة 6). (ح) الجلسة الأسبوعية في مكتب وزير الدفاع في الساعة التاسعة من يوم5.10.1973 (هذه الجلسة عقدت في أعقاب الأنباء حول اخلاء عائلات الخبراءالروس بشكل مهرول من سورية ووصول 11 طائرة ركاب سوفياتية الى سورية ومصر).حسب التسجيلات ـ وثيقة البينات رقم 242، قال الجنرال زعيرا في هذهالمشاورات: «من جميع ما ذكر دادو (رئيس أركان الجيش الاسرائيلي)، أنا أرىأن أكثر القضايا تعقيدا وجدية هو الموضوع السوفياتي. فلو لم يكن، لما كانما جرى في الجبهة السورية في الأسبوع الأخير يعتبر شيئا. كل الأنباءالمجمعة لدينا (تقول إن حشوداتها الطارئة هي) تشكيلات دفاعية نابعة عنالخوف منا. والأمر نفسه ينطبق على المصريين. فالمصريون يقولون طول الوقتانهم سيهاجموننا، في الليل والنهار، في الجو واليابسة، حتى نستغلتدريباتهم وندخل قوات، ولكنهم خائفون» (صفحة 2 ـ 3). «لو ان الروس لم يفعلوا شيئا، فإن الاشارات تدل على ان المصريين والسوريينلا يتجهون للهجوم، انما قابعون في حالة خوف منا ونحن كنا قد أقدمنا علىسلسلة خطوات في الآونة الأخيرة بعثت في نفوسهم الخوف: وقد بدأ هذابالتدريب الكبير لقوات المظليين في سيناء، والتي يقولون ان 20 طائرة منها(يقصد 20 طائرة من الطائرات التي شاركت في التدريبات) بقيت في الميدان. فيالشمال، عشية رأس السنة أنت (وزير الدفاع) قلت ما قلت وهم فسروا ذلك بأنهاستعداد (للحرب). وفيما بعد، قال رئيس الأركان أيضا في مؤتمر المظليين إنيدنا كبيرة وطائلة. وأجرينا مناورات وطلعات جوية وتصوير خرائط، وتم أيضاتجنيد قوات الاحتياط فربطوه مع ذلك.. كل هذه الأمور معا أوصلتهم الى شعوربأننا ننوي عمل شيء». «لكن الموضوع السوفياتي هو من دون أدنى شك، شيء جديد. والسطر الأخير هوانني لا أعرف لماذا أخرج السوفيات النساء والأطفال. أستطيع أن أعطيتخمينات. التخمين الأول هو ان الروس يعرفون أن المصريين والسوريين يتجهونالى الهجوم. انهم يقدرون بأن هجومنا المضاد سينجح وسنضرب العمق و(ستتضرر)عائلاتهم، لذلك يريدون اخلاء عائلاتهم... الامكانية الثانية هي أن الروسيخشون فعلا من أننا ننوي تنفيذ هجوم.. أنا أعتقد بأنهم في حالة الشعوربأننا سنهاجم، أول ما يفعلونه هو أن يتوجهوا الى الأميركيين ويقولوا لهمإحكوا شيئا للاسرائيليين. وكان الأميركيون سيأتون الينا راكضين وفرحين لكييؤدوا لهم هذه الخدمة. الأميركيون لم يفعلوا ذلك بعد. الامكانية الثالثة،وهي تتعلق في الشؤون الداخلية، العلاقات بين الروس والسوريين، لا أدري،فمن الممكن أن يكون بينهما احتكاك ما في أمر لا نعرفه..» (صفحة 3 ـ 4). «ما الذي يزعجني في هذا الموضوع؟ يزعجني أن هذه هي ايضا مصر.. ربما يكونفي مصر ايضا أمر لا نعرفه. من الممكن أن يكون الروس يقولون: أنهينا العملمع سورية، فتعالوا ننهيه مع مصر، لأن المصريين سيذهبون هم أيضا وراءالسوريين.. السطر الأخير هو انه لا يوجد تفسير لماذا فعل الروس هذا(الاخلاء)» (صفحة 4). «لقد قالوا لهم في البداية خذوا ما حمولته 30 كيلوغراما وسافروا الىاللاذقية (كما أشرنا في حلقة سابقة فقد حرصت الاستخبارات العسكريةالاسرائيلية على تسجيل مكالمات الخبراء الروس في سورية ومصر حتى معزوجاتهم وأولادهم ومنها استمعوا الى أقوال هؤلاء الخبراء). لم نكن نعرف عنمسألة الطائرات. قالوا لهم خذوا 30 كيلو وسافروا عن طريق البحر» (المصدرنفسه). «توجد حالات لا تفسير لها.. لا يوجد تفسير جدي ومسنود الآن في الساعة9:15، فبعد ساعة ساعتين ربما تكون المزيد من الأخبار» (صفحة 5). «توجد مواد كثيرة من المنطقتين: 1) التدريبات، 2) النقل. أيضا في قضيةالتدريبات لدي حيرة. فحتى الآن نحن لا نعرف أي نوع من التدريبات هي هذه.في أغلبية المواقع، لا يحركون القوات... ربما تكون تلك تدريبات للقيادات،وكل التدريبات تتم قرب الهواتف بحيث يتم كل شيء في شبكة الاتصالات»(المصدر نفسه). «على الرغم من انني لا أرى تغييرا أساسيا، حيث ما زلت أرى أن المصريينوالسوريين لن يهاجموا، بالرغم عن اللعبة الروسية، إلا انها (أي عمليةإخلاء عائلات الخبراء الروس) تدخل بي الشك. ولهذا فإن من الصحيح أن نعملبكل ما قاله رئيس أركان الجيش» (إعلان حالة تأهب بدرجة «ج» الخ) (المصدرنفسه). (ط) في المشاورات مع رئيسة الوزراء، التي تمت قبيل ظهر يوم 5.10.1973بمشاركة وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، ذكر الجنرال زعيرا تفسيراتوتقديرات مشابهة. ومما قاله (التسجيل في وثيقة البينات رقم 57): «في هذه الليلة أعطي الأمر لإخلاء النساء والأولاد بإضافة 30 كيلوغراما.حصلوا على باصات من السوريين، لكي توصلهم الى اللاذقية فيصلوا اليها حتىالساعة 12:00 من ظهر اليوم، لاخلائهم عن طريق البحر. وعندما كانوا، حسبالتوقعات، على الطريق.. صدر الأمر اليهم بالعودة الى البيت.. وبالمقابلوبشكل مفاجئ أرسلوا الى الشرق الأوسط 11 طائرة: 6 طائرات الى مصر و5طائرات الى سورية.. اننا نعتقد، نفترض، بان الطائرات حضرت لكي تخليالعائلات. ان الانطباع لدينا هو ان الروس، على الأقل في الدرجات الوسطى،استقبلوا الأمر بدهشة وقضية الطائرات تمت بهرولة. لا معلومات عن سبب ذلك.توجد فقط تقديرات: 1) اسرائيل تنوي الهجوم ولذلك يتم الاخلاء. 2) الروستوصلوا الى الاستنتاج بأن سرية ومصر تنويان الهجوم ويجب عدم المخاطرة، أوانهم لا يريدون أن يظهروا تأييدا تظاهريا لهذه الخطوة. 3) هناك نزاع روسيمصري أو سوري. كما أشرت آنفا، فإننا لا نملك تفسيرا جيدا لأي من هذهالاحتمالات...» (صفحة 1). «خلفية: السوريون والمصريون يخشون من هجوم منا. المصريون يتخذون الكثير منالوسائل الأمنية الوقائية الحقيقية في التدريبات، وقد اضافوا الى الجبهة300 رأس دفاعي (دبابة أو مدفعية)، وسلاح الجو في حالة تأهب عالية. وقدقربوا دباباتهم نحو القنال. سورية: تشكيلات شتوية (طوارئ؟) منذ شهر. وفي الأيام الأخيرة نلاحظ الكثيرمن المخاوف. لقد استقدموا سربين من طائرات سوخوي 20 ... الأمر الذي لم يتمفي السابق. عمليا خطوة هجومية. تخلق وضعا مريحا للهجوم» (صفحة 2). «ما الذي يمكن أن يؤدي بهم الى الخوف منا؟ (1) دائما يخافون. (2) اعتبروا الاشتباك الجوي (المشار اليه أعلاه، والذي أسقطت اسرائيل فيه13 طائرة سورية) بمثابة كمين نصبناه لهم، وهذا بعد أن أصبحنا في وضع صعب.العالم يفرض علينا عزلة. وجبهة شرقية تتبلور ونحن نريد تفتيتها. (3) أحداث عندنا: أ. تدريبات المظليين، ب. تدريبات تجنيد الاحتياط فيالشمال، ج. في (الجبهة مع) سورية عززنا (القوات) بشكل كبير، د. وزيرالدفاع قام بزيارة في هضبة الجولان عشية رأس السنة (العبرية)، هـ. رئيسالأركان تكلم في مؤتمر المظليين». (المصدر نفسه). «التقدير بأن الاستعدادات تنبع بالأساس من خوفهم منا يبقى في مكانه. ولكنلا يمكن تجاهل اللعبة الروسية، وليس واضحا لماذا يفعلون هذا». (ي) البروتوكول المختزل للمشاورات العسكرية ـ السياسية في ظهيرة يوم5.10.1973 بمشاركة رئيسة الحكومة والوزراء بار ليف، ي. غليلي، م. ديان، ش.هليل، م. حزاني، ش. بيرس، رئيس أركان الجيش، رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش وآخرين (وثيقة البينات رقم 57). في هذا المقام قالالجنرال زعيرا: «في الخامس من سبتمبر، دخل السوريون بصورة تدريجية الى حالة الطوارئواليوم يقفون على الحدود الاسرائيلية في حالة طوارئ كاملة، يجرون الفحوصاتوالتدريبات على خطة معينة، هي كما يبدو خطة العمل التي وضعوها لاحتلالالجولان بمساعدة كل الجيش السوري، في غضون فترة قصيرة، يومين ثلاثة...بموازاة ذلك ومع التدرب على هذه الخطة وادخال كل الجيش السوري الى حالةالطوارئ، دفعوا باتجاه الجبهة سربين من طائرات سوخوي، التي كانت حتى الآنرابضة في منطقة ط ـ 4، وهي منطقة بعيدة عن الجبهة. في الوقت نفسه، أعربالسوريون، في القنوات الداخلية، عن مخاوف جدية من هجوم اسرائيلي، وحالةتشكيلاتهم العسكرية، التي نسميها حالة طوارئ، هي دفاعية وحسب المذهبالحربي السوفياتي، يعتبر نقطة انطلاق الى حرب دفاعية وفي الوقت نفسههجومية. السوريون دخلوا الى هذه الوضعية، تدربوا على الهجوم، ولكنهمخائفون جدا من هجومنا..» (صفحة 1). «... في الأسبوع الأخير نفذوا (المصريون) مناورات واسعة النطاق شملت جميعالأذرع، (سلاح) الجو، البحرية واليابسة والدفاعات الجوية. كانت هذهالمناورات بمستوى القيادة العامة والألوية والوحدات. مثل هذه المناوراتجرت أيضا في السنة الماضية، تقريبا في مثل هذا الوقت. وهكذا فإنه من حيثالتوقيت والحجم، لا يوجد ما يدل على أمر شاذ. ولكن أيضا لدى المصرييننلاحظ اشارات كثيرة تدل على نوايا حقيقية للحرب، بالأساس دفاعية، من خلالالتخوف الجدي بأن نستغل المناورات ونهاجمهم» (المصدر نفسه). «لكن هذه الحالة من التشكيلات الحربية، التي هي دفاعية أيضا، تمكن منالانتقال الى الهجوم. فقد عززوا الجبهة على طول القناة في الأيام الأخيرةورفعوا عدد المدافع من 800 الى 1100، أي زيادة 300. هذا تعزيز كبيربالتأكيد. لقد دفعوا بالكثير من الدبابات الى الأمام قرب القناة. ولهذاتوجد لديهم القدرة على تغطية غالبية القناة. وهذا أمر جيد للدفاع وكذلكللهجوم» (المصدر نفسه). «في الماضي وردت أنباء تقول بأنه في أكتوبر توجد فكرة هجوم مشترك سوري ـمصري، وعمليا فإن الجيشين المصري والسوري مرابطان في مواقع يستطيعان منهاالخروج الى هذه الهجمات (المشتركة) والدفاع عن نفسيهما من نفس المواقع»(صفحة 1 ـ 2). «وقد حصل هذه الليلة شيء غريب، حيث أرسل الروس بصورة مفاجئة، إحدى عشرةطائرة نقل ركاب الى الشرق الأوسط: خمسا الى سورية وستا الى مصر،وتخميناتنا تقول إن هذه الطائرات تهدف الى إخلاء شيء ما، ومن الواضح ان(هذا الشيء) ليس أجهزة بل ربما بشر.. وحتى الآن، طائرتان منها أقفلتاعائدتين، واحدة من سورية وواحدة من مصر. بالاضافة الى ذلك فإن جميع السفنالروسية تقريبا، التي كانت ترسو في ميناء الاسكندرية غادرت الميناء، وهوالأمر الذي لم يسبق أن حصل سوى مرة واحدة عندما أعلن المصريون عما أسموه«حرب سنة الحسم» (في الحقيقة ان الرئيس المصري أسماها سنة الحسم فقط مندون استخدام كلمة حرب). وكان ذلك في سنة 1971، وهي العملية التي تعني انالسوفيات يتحفظون من الهجوم المصري» (صفحة 2). «أعود وأقول إن المعلومات المتوفرة لدينا تقول إن الاتحاد السوفياتي حاولالتأثير على سورية ومصر بأن لا تبادرا الى الهجوم على اسرائيل. ومع ذلك،توجد لدينا تقديرات بأن النفوذ السوفياتي في هاتين الدولتين هو أ: قليل،ب: آخذ في الهبوط أكثر» (المصدر نفسه). «علي أن أضيف انه في الأسبوع الأخير، نشرت العديد من المجلات الدعائيةوايضا مصادر عسكرية سورية ومصرية، وكذلك مصادر إذاعية وصحافة، نشرت العديدمن الأقاويل الصريحة حول استعدادات حربية نجريها نحن ضد سورية ومصر،واعتبر الروس والسوريون اسقاط 13 طائرة سورية في شهر (يقصد الشهر الماضي)بمثابة مكيدة ومصيدة هدفها تفسيخ العالم العربي، على خلفية اقامة الجبهةالشرقية وعزلة اسرائيل الدولية وبشكل خاص في الأمم المتحدة وفي مؤتمر قمةعدم الانحياز. العرب والروس فسروا هذا على انه خطوة اسرائيلية ضد اتجاهالوحدة العربية وضد اتجاه عزلة اسرائيل» (المصدر نفسه). «وكما يبدو فإن الأمور التي قمنا بها نحن خلال الأسبوع الأخير زادت هيالأخرى من مخاوف المصريين والسوريين، مثل تدريبات المظليين في سيناءوتدريب التجنيد في هضبة الجولان والصعود بالدبابات الى الهضبة (الجولان)»(المصدر نفسه). «مع هذا، نحن ما زلنا نرى وبنسبة تقدير عالية أنالاستعدادات السورية والمصرية نابعة من خوفهم منا، وبنسبة تقدير عالية نرىأن الهدف الحقيقي للمصريين والسوريين هو تنفيذ عمليات عدائية محدودة. وعلىالرغم من ذلك، فإن الأمر الشاذ في كل هذا المسار هو وصول 11 طائرة الى مصروسورية من دون تفسير. هنا نحن نرى فعلا شاذا» (المصدر نفسه). «لا يوجد لدىالمصريين ولا السوريين تفاؤل كبير بإمكانياتهم في تحقيق نجاح، إذا خاضوامعركة كبيرة، خصوصا انهم مدركون جدا تدني مستوى قواتهم الجوية. وطالما انهلا يوجد لديهم الشعور بأن بالإمكان التوصل الى وضع مريح في (سلاح) الجو،فلن يتجهوا للحرب وبالتأكيد ليس لحرب واسعة..» (صفحة 5).
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:08
الوثائق الإسرائيلية الجنرال زعيرا في شهادته: لا أعرف حتى الآن لماذا ومتى غيَّر السادات رأيه؟ لجنة التحقيق الإسرائيلية: الجمود السياسي هو الذي جلب حرب أكتوبر
تل أبيب: نظير مجلي في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيليفي حرب أكتوبر 1973، تجري عملية تحقيق معمقة لمواقف شعبة الاستخباراتالعسكرية وتبدأ في تلخيص هذه المواقف فتصل الى ادانتها بالإهمال الفظيع فيتحليل المعلومات التي وصلت اليها حول الاستعدادات الحربية في مصر وسورية. وخلال استعراض شهادات رجال الاستخبارات العسكرية والأوراق السرية العديدةالتي وصلت الى أيديها منهم ومن مصادر أخرى، تتوصل إلى القناعة بأن الرئيسالمصري انتقى خيار الحرب ضد اسرائيل لأنها لم تبقِ له خياراً آخر. فقدفشلت كل المحاولات الدولية للتوصل الى تسوية سياسية في المنطقة تعيد الأرضالعربية المحتلة وتنهي الصراع. وتحصل اسرائيل على وثائق تقول ان هدفالسادات من الحرب هو ليس ابادة اسرائيل كما كانت تدعي القياداتالاسرائيلية طيلة سنوات وعقود، بل مجرد كسر الجمود السياسي القائم وتحريكالمسار السياسي. تؤكد اللجنة على صحة ما قاله العديد من المسؤولين المصريين الذين عارضواالرئيس أنور السادات، مثل الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس اركان الجيشالمصري في فترة الحرب، والصحافي الباحث محمد حسنين هيكل، بأن السادات لميقرر أن يكون هدف الحرب تحرير سيناء بالكامل، بل تحرير قسم من أراضيها فيالجهة الشرقية من القناة، حتى مضائق تيران جنوبا أو المتلي والجدي فيالشمال، بهدف كسر الجمود وفرض مسيرة سياسية. وتلمح اللجنة الى ان القيادةالسياسية تجاهلت هذا الموقف المصري، ولكنها لا تحاسبها على هذا الموقفالاستراتيجي المسبب للحرب، وتركز انتقاداتها على الاستخبارات العسكرية.وتتوصل اللجنة الى الرأي بانه وبالرغم عن توفر العديد من الأدلة على انمصر يئست من الجمود وقررت أن تحارب وبدأت الاستعدادات للحرب بصورة علنيةتقريبا واتخذت اجراءات عديدة تظاهرية تدل على انها تتجه للحرب، إلا انالاستخبارات ظلت متمسكة بما سمي في اسرائيل بـ«الفرضية»، والتي تقول انسورية لن تحارب إسرائيل وحدها وبأن مصر لا تنوي الحرب قبل عام 1975 لأنهاتخشى من هزيمة جديدة شبيهة بهزيمة حرب 1967 وأنها قررت ألا تحارب إلا إذاحصلت على طائرات قتالية ذات مدى بعيد تمكنها من تغيير توازن القوى لصالحهافي سلاح الجو وأن الاستعدادات الحربية الظاهرة في كل من سورية ومصر ما هيإلا تعبيرا عن الخوف من هجوم حربي اسرائيلي. وتقرر اللجنة ان هذا الخطأ في التقدير يشكل خللا رئيسيا في الاستعداداتوبالتالي في افخفاقات الاسرائيلية في تلك الحرب. ولذلك نرى تحليلاتهاوتلخيصاتها للحرب هي بمثابة لائحة اتهام للاستخبارات العسكرية. وفيما يلي ننشر حلقة أخرى من هذا التقرير، الذي كما هو معروف كان سرياطيلة 34 عاما، وسمح بإماطة اللثام عنه فقط قبل عدة شهور. وما زالت وثائقهسرية: في الختام، يجب أن نشير الى وثيقتين أخريين في موضوع تقديرات شعبةالاستخبارات العسكرية من يوم 5 أكتوبر (تشرين الأول) 1973؛ إحداهما هونشرة أخبار أصدرتها دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيشالساعة 13:15 ووزعت على رئيسة الحكومة ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش.وكما تمت الاشارة في البند 25 من التقرير الجزئي للجنة، فإن هذه النشرةتضمنت سلسلة طويلة من الاشارات التي تدل على النوايا الهجومية لمصر، ولكنفي نهاية الفصل المتعلق بمصر كتب في البند 40 ما يلي: «على الرغم من انأسلوب وضع تشكيلات الطوارئ في جبهة القناة (السويس) يحمل في طياته اشاراتظاهرية تدل على مبادرة للهجوم، فإنه حسب تقديرنا، لم يحصل أي تغيير فيتقديرات المصريين حول توازن القوى بينهم وبين قوات جيش الدفاع الاسرائيلي.لذا فان احتمال أن يكون المصريون ينوون استئناف القتال هو احتمال ضعيف». وبالنسبة لسورية جاء في البند 41: «لا يوجد تغيير في تقديراتنا بأنالخطوات السورية نابعة من الخوف، الذي تضاعف في اليوم الأخير، من عملية(حربية) اسرائيلية. احتمال عملية سورية منفردة (من دون المصريين) يظلمنخفضا». وأما بالنسبة لإجلاء عائلات الخبراء السوفييت ومغادرة السفن السوفياتية الموانئ المصرية، فقد تم تقديم التقدير التالي: 42. التطور الاستثنائي في اليوم الأخير هو الاستعداد لاجلاء عائلاتالخبراء السوفيات من سورية (وربما من مصر) ومغادرة الوحدات القتالية فيالأسطول السوفياتي موانئ مصر. وتشتمل هذه الاستعدادات على وصول 11 طائرةركاب سوفياتية بشكل مفاجئ الى الشرق الأوسط.. بعضها عاد الى الاتحادالسوفياتي. 43. ان وصول هذه الطائرات الى كل من سورية ومصر ومغادرة السفن موانئ مصريطرحان امكانية ألا يكون اجلاء العائلات من سورية نابعا من توتر فيالعلاقات بين السوريين والسوفيات، بل من مخاوف سوفياتية من توقع مبادرةعسكرية مصرية ـ سورية ضد اسرائيل. وكما سبق أن قلنا، فإننا نقدر بأناحتمالات القيام بعملية كهذه، هي احتمالات ضعيفة». والوثيقة الثانية تتضمن تقديرا استخباريا كان قد أرسل في يوم 5 أكتوبر 1973 الى ممثلنا في واشنطن لكي يسلمه الى السلطات الاميركية. في البند الثامن من هذه الوثيقة (وثيقة البينات رقم 269)، كتب (الاقتباسباللغة الانجليزية): «في تقديرنا ان الاستعدادات الحربية المصرية والسوريةوبضمنها المناورات الحربية (التي تقوم بها مصر) جاءت تعبيرا عن الخوف منهجوم حربي اسرائيلي». نحن نعتقد ان المبادرة الى حرب من الجيشين (المصري والسوري) ضد اسرائيل هيذات احتمالات منخفضة. امكانية اجلاء المدنيين السوفييت ومغادرة غالبيةالسفن السوفياتية ميناءي الاسكندرية وبور سعيد، ربما يكونان ناتجين عنأزمة في العلاقات بين السوفيات ومصر وسورية أو كنتيجة لتقديرات السوفياتبأن أعمالا عدائية ستنشب في الشرق الأوسط. 50 . تلخيص ما ورد في الاقتباسات المنشورة في البنود الآنف ذكرها هو: (1) الفرضية التي ذكرت سابقا تحولت الى استنتاج ثابت ومسبق لدى شعبةالاستخبارات العسكرية في موضوع التقديرات حول خطر الحرب. (2) كما فيالفترة ما بين أبريل (نيسان) ومايو (ايار) 1973، كذلك في شهر سبتمبر(أيلول) (على اثر اسقاط 13 طائرة سوريّة) وحتى في الأيام المصيرية ـ وهذاهو الأساس ـ في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، وحتى الخامس منه وعموما،أصبح الاستنتاج المذكور أعلاه قاعدة أساسية في تقديراتها، وقد عبر عنها فيمناسبات مختلفة أمام القيادات العسكرية والسياسية في الدولة، بقوله إناحتمال قيام مصر وسورية بهجوم حربي في نفس الوقت في الجبهتين على اسرائيل،هو أمر ذو احتمالات ضعيفة. وكان هذا كمن يقول إن هذا الخطر غير قائمتقريبا. (3) الشكوك التي ساورت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في يوم 5أكتوبر، في أعقاب الأنباء القائلة إن الإجلاء المهرول لعائلات الخبراءالسوفيات من سورية ومصر، لم تكن كافية لاجتثاث تأثيرات هذه الفرضية علىتلك التقديرات من جذورها. انتقاد الفرضية كعنصر حاسم في تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية 51. إذاأخذنا في الاعتبار الإشكالات التي تواجه رجال الاستخبارات في مجاليالتقدير والتحذير، كما تم وصفها في البند 48 سابقا، و(أخذنا بالاعتبار) انتقديرات الاستخبارات لا يمكن أن تكون شأنا علميا بمنتهى الدقة بحيث يمكنالقول بشكل مؤكد إن الدولة الفلانية تخطط لشن حرب في المستقبل القريب (*)،فلا بأس بقيام رجال الاستخبارات باعتماد فرضية استراتيجية معينة تستند الىبراهين راسخة من التجارب الماضية. فهذا الأمر لا يبدو لنا غير منطقي.ولكن، متى يكون هذا الطرح مناسبا؟ عندما تستخدم تلك الفرضية كتخمين خاضعللتجربة، يتم فحصها من آن لآخر وإخضاعها للمراقبة في ضوء الواقع المتغيروالأنباء والحقائق الجديدة. فإذا لم يتم استيفاء هذا الشرط، من المُحتم أنيؤدي الالتصاق الزائد بهذه الفرضية، وجعلها مقياساً أساسياً في توجيه رجالالاستخبارات، الى اتجاه تفكير ضيق ومتعنت، بدلا من التزود بالتفكير المرنالضروري في مجال التقدير. في مثل هذه الوضعية، هناك خطر يواجه أصحاب تلكالطريقة المتقولبة في قالب واحد، بأن يعطوا للأنباء والوقائع الجديدة التيلا تتماشى مع نظرية الفرضية، تفسيرات متصنعة تفرغ الانذار من مضمونه منجهة وتبالغ في اعطاء وزن لتلك الأنباء التي لا تتناقض مع الفرضية والتيتبدو في الظاهر أنباء «مريحة». هذه هي العبرة، التي كما يبدو ان شعبةالاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، لم تستفد منها، مع العلم بأنتجارب الماضي تعلم الكثير عن فشل الاستخبارات في اعطاء تقدير لأسبابمشابهة. على سبيل المثال (هناك دروس يتعلمونها من) الهجوم اليابانيالمفاجئ على بيرل هاربر سنة 1941، والهجمات المفاجئة للكوريين الشماليينوالشيوعيين الصينيين في الحرب الكورية سنة 1950، وأزمة الصواريخالسوفياتية في كوبا سنة 1962. في مقال في مجلة «foreigh affairs» نشر في شهر يوليو (تموز) 1965 تحتعنوان «كوبا وبيرل هاربر: الإدراك المتأخر والبصيرة» (hindsight andforesight)، كتبت روبرتا وولشتر: «التقرير الأحادي يضلل شريحة أصحابالدراية ويدفعهم الى فلسفة القناعات الراسخة، وهذا ما قاد الى الخطأالاستراتيجي في تقدير موضوع الصواريخ السوفياتية في كوبا..» (صفحة 701). وفي هذا السياق، من المجدي أن نشير الى الظاهرة التي تحدثت عنها بدايةالمقال (المذكور أعلاه) (صفحة 691) وهي: «تعلم التجربة أن الأنباء التيتحذر من خطر داهم ويجب أن تؤخذ بالاعتبار (signals)، انما يجب أن تكونمنافسة في بعض الأحيان للأنباء التي تدل على الاتجاه المعاكس، حتى لو كانتتلك أنباء كاذبة أو غير واقعية (noise). من هنا فإن من شأن هذه (الأنباء)الأخيرة أن تشوش معنى الانذار الكامن في أنباء النوع الأول وتلقي عليهاضبابية. وبنظرة الى الوراء، تقول الكاتبة، يمكن التفريق ما بين«التحذيرات» و«الصخب»، وهو الأمر الذي لا يحدث بشكل دائم قبل أن يقع الحدثالخطير. وهكذا، يجب أن نلاحظ في هذه الظاهرة، بأنه إذا التصقنا بصورة متعنتةبفرضية معينة تتعلق بالتقدير الاستخباري، من دون مراقبة وفحص دائمين، فإنالأمر سيخلق «صخبا من شأنه أن يغطي على التحذيرات». على أية حال، في نظرنا انه لم تكن مشكلة خاصة في أن نفهم منذ يوم الخامسمن أكتوبر (وحتى في الأيام التي سبقته)، بأنه ازاء الأنباء التحذيريةوالاشارات التي تدل على وجود استعدادات هجومية ميدانية لدى العدو (والتيسنفصلها لاحقا في البند «ب» و«د»)، يحوم خطر حقيقي مفاده ان مصر وسوريةستخرجان الى الحرب الشاملة وفي آن واحد ضد اسرائيل. وإذا كانت شعبةالاستخبارات العسكرية قد قدرت، رغم كل شيء، بأن هذا الخطر هو «ذو احتمالاتضعيفة»، فإن ذلك يعود فقط الى الفرضية التي أخلصوا لها والتي أبعدت جانباكل تلك الأنباء والاشارات، لدرجة بدا انهم لا يريدون الدخول في مواجهةمعها. من هنا، فإن المعلومات التضليلية وغير المجدية (مثل «التدريبات» فيمصر والمخاوف السورية والمصرية من عمليات اسرائيلية هجومية) بالذات، والتيلاءمت أو لم تنقض الفرضية، هي التي احتلت موقع الصدارة في تقديرات شعبةالاستخبارات العسكرية، بالرغم من انه كان من المفروض ان يكون واضحا بأنالاعتماد عليها ليس مضمونا، كما سيتم التوضيح لاحقا. صحيح ان الجنرال زعيرا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قال في شهادته أماماللجنة انه في الأسبوع الأخير قبل نشوب الحرب، بحث في الأساس فيما إذاكانت هناك «معلومات عن حرب»، ولكنه لم يجدها، وأن «الفرضية كانت فقطبمثابة نظرة خلفية» (صفحة 1059). بيد انه أراد بأقواله هذه أن يضعفالانطباع بأنه في تلك الأيام كان للفرضية أثر حاسم لتقديراته المذكورة.ونحن مقتنعون بأنه في هذا المجال يجدر الاعتماد أكثر على أقوال رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية خلال جلسة المشاورات التي عقدت في ظهيرة يوم الخامسمن أكتوبر بين رئيسة الحكومة والوزراء في تل أبيب. فكما نذكر، على الرغممن الشكوك التي ساورته ازاء الأنباء عن اخلاء عائلات الخبراء السوفيات منسورية ومصر، فقد أعرب عن رأيه بأن السوريين والمصريين «مدركون جدا لحقيقةتدني مستوى سلاح الجو لديهم وطالما انعدم الشعور بأنه بالامكان التوصل الىوضع مريح في الجو، لن يذهبوا الى الحرب وبالتأكيد ليس لحرب كبرى» (انظرخاتمة البند 49 (ط) سابقا). على مثل هذه الحالات كتبت روبرتا وولشتتر (الكتاب المذكور أعلاه، صفحة393): «واضح ان البشر يتسمون برابط عنيد مع قناعاتهم القديمة، وبمقدارالعناد نفسه يقاومون المعلومات الجديدة التي تزعزع قناعاتهم». تفسير لنقضالفرضية المذكورة 52. حتى الآن وجهنا نقدنا باتجاه عملية التقولب (نسبةالى قالب) المتعنتة، التي تميزت بها تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية.وإذا انتبهنا الى نقاط ضعف هذا التوجه، تعالوا نفسر ما توصلنا اليه فيالبند 11 من التقرير الجزئي، وقلنا فيه: حتى لو كانت الفرضية الخاصة، التياحتاجتها شعبة الاستخبارات العسكرية، فرضية صحيحة في حينه، فإنها في كلالأحوال لم تفحص من جديد بالشكل الملائم، لا في جزئها الأول الحاسم ولا فيأعقاب ضغط الظروف السياسية المتغيرة. وهذا يصح بشكل خاص اثر المعلوماتالاضافية التي وصلت الى شعبة الاستخبارات العسكرية حول تعزيز قوات العدوبأسلحة اضافية. ولهذا فإنها مرفوضة عمليا. أ. يجب الموافقة على ما جاء في وثيقة «الأساس المصري» للفرضية من مواد،كما وردت في المواد الاخبارية التي قدمها الجنرال زعيرا الى اللجنة(وثيقتا البينات رقم 3 و4). من هذه المواد، التي يمكن اعتبارها ذات طابعموثوق، تتضح الأمور التالية: (1) رغبة مصر القوية منذ حرب الأيام الستة(1967) لاستعادة الأراضي التي احتلتها منها اسرائيل وتمسكت بها حتى بعدحرب الاستنزاف. (2) مع الزمن، وبعد ان صعد الرئيس السادات الى الحكم توصلالى قناعة بأن على مصر ألا تكتفي بالوسائل السلمية فقط، وانه لكي يكسرالجمود في الوضع السياسي، تفتح أمامها (أمام مصر) الطريق للخيار العسكريولو كان ذلك فقط على سبيل اعطاء دفعة للمسار السياسي بالاتجاه الذي تريد.(3) على الرغم من ذلك، اعترف حاكم مصر بعجزه عن شن حرب شاملة ضد اسرائيلطالما تتمتع بالتفوق الجوي، آخذا في الاعتبار تجربة الجيش المصري القاسيةمع سلاح الجو الاسرائيلي في الحربين السابقتين وللأضرار الفادحة التي لحقتبمصر بسبب الضربات في العمق المصري خلال حرب الاستنزاف. (4) وعليه، فقداشترط السادات ان لا تخرج مصر الى حرب شاملة ضد اسرائيل إلا إذا ضمنتلنفسها تفوقا جويا بواسطة امتلاك طائرات تفجيرية مقاتلة، تطير لمدى بعيد،بحيث تستطيع ضرب المطارات العسكرية في اسرائيل وشل حركة طائراتها عن ضربالعمق المصري أو التمكن من الرد على هذه الضربات في وسط التجمعات السكانيةالاسرائيلية. لكن من يمعن النظر في هذه المواد يجد ان هذه الآراء تبناهاالسادات حتى ربيع 1973. فإذا كانت هذه المواد قادرة على البرهنة بأنالمصريين فعلا تمسكوا بهذه الفرضية (أي الامتناع عن الحرب طالما لم يضمنواالتفوق الجوي)، فإنه لا يوجد اثبات على انها يمكن أن تشكل أساسا ثابتاللاعتقاد بأنهم استمروا في هذه القناعة لاحقا. ومن هذه الناحية فإن ماقاله رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بأن من جاء ليضعضع الفرضية عليه أنيقدم البرهان على انها غير صحيحة (انظر البند 46 سابقا)، هو قول في غيرمحله. بل بالعكس، فما كان يحتاج الى اثبات ايجابي، هو القول انه على الرغممن الأنباء الجديدة التي وصلت في حينه الى شعبة الاستخبارات العسكرية كانمن المنطق أن يستنتجوا بأن الفرضية صحيحة بالنسبة لمصر أيضا عشية نشوبالحرب. وليس هذا فحسب، ففي شهادته أمام اللجنة، قال الجنرال زعيرا، انه كـ«الحكيمبعد فوات الفرصة»، أدرك بأن «السادات غيّر من وجهة نظره في وقت ما في ربيعأو صيف 1973». واضاف: «متى غيّر؟ ولأي سبب؟ لا أعرف حتى اليوم» ( صفحة 79من البروتوكول). ولكن، من نفس المادة الاخبارية المذكورة (وثيقة البيناترقم 3)، يمكن الاستنتاج بأنه منذ بداية 1973 بدأت تظهر علامات انعطاف فيموقف السلطات المصرية، (وذلك) عندما توصلت الى القناعة بأن قواتهاالعسكرية ستحارب اسرائيل بنفس الوسائل القتالية المتاحة لها، حتى ولو لميتوفر شرط الحصول على طائرات قتالية تفجيرية تضمن التفوق الجوي، وهو الأمرالذي يتناقض مع الفرضية (الاسرائيلية). ب. ينبغي الاشارة الى نقطة ضعف أخرى، مهمة جدا، بنفس أهمية الفرضية. كماتمت الاشارة آنفا، فإن السادات رأى في الحرب ضد اسرائيل وسيلة لا مفر منهالكسر الجمود السياسي المتعاظم ولدفع المسارات السياسية بالاتجاه الذيتريده مصر (أنظر وثيقة البينات رقم 3). كان في صلب تفكيره ان وضعية وقفاطلاق النار هي أسوأ وضعية وانه لا يوجد أمام مصر أي خيار سوى القتال، حتىفي شروط عدم التفوق العسكري. وها نحن نجد هنا ان معلومات كانت بأيدي شعبةالاستخبارات العسكرية يفهم منها انه في موضوع الخيار العسكري، كان حاكممصر مستعدا للاكتفاء ـ في المرحلة الأولى ـ بخطة عبور القناة بهدف السيطرةعلى مقطع شرقي قناة السويس في منطقة المتلي والجدي، وهي الخطة المختلفة عنخطة احتلال سيناء واستعادة الأراضي التي فقدتها مصر في حرب الأيام الستة(أنظر الأنباء التي وصلت من مصدر جيد في أبريل وفي نهاية سبتمبر 1973 ـوثيقة البينات رقم 98 الوثيقتان 11 و56). ويتبين ان شعبة الاستخباراتالعسكرية كانت على علم بالخطة المحدودة المذكورة أعلاه. وها هو الجنرالزعيرا يقول خلال اعطائه تقريرا عاديا لهيئة رئاسة الأركان في يوم 14 مايو1973: «السادات يريد الحرب. انه معني باحتلال كامل سيناء. وفي الحد الأدنىيريد الوصول الى المعابر (المتلي والجدي). لكنه لا يفعل لأنه يخشى منهزيمة» (أنظر التسجيلات في وثيقة البينات رقم 211 الصفحة الخامسة.والتأكيد جاء منا). بهذه الروح جاءت أيضا شهادته أمام اللجنة: «ما عرفناهعنهم هو ان خطة الحد الأدنى لديهم هي في الوصول الى المضائق (مضائقتيران)» (بروتوكولات اللجنة صفحة 1052). ما كان بارزا لدرجة فقء العين، هو ان المصريين كانوا على مقدرة وادراكبأنه في سبيل تحقيق هذا الانجاز يمكنهم الاعتماد على «المظلة» الكثيفةلشبكة الصواريخ المضادة للطائرات (sa-2, sa-3,sa-6) التي أقاموها قربالقناة والتي هدفت الى التسبب (مع المدفعية المضادة للطائرات) في خسائرلسلاح الجو الاسرائيلي ولإضعاف قدراته في ضرب العمق المصري ولمساندةالدبابات المصرية، وهذا كله كان على الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية انتعرفه. نريد القول انه كان من المفروض ان يتم الانتباه الى الشعور(المصري) بأنهم قادرون على عبور القناة والإمساك بمناطق في الضفة الشرقية،طالما ان شبكة صواريخهم عاملة كليا أو جزئيا، وحقيقة ان صواريخ «sa-6»المتنقلة تتيح دفع شبكة الصواريخ هذه على الأقل لمرحلة السيطرة على معابرالمتلى والجدي (مثل هذا التميز كان لدى السوريين، حيث ان شبكة الصواريخلديهم كانت تغطي كل هضبة الجولان). وارتباطا بهذا، يجب التذكير بصواريخأرض ـ أرض ذات مدى 300 كيلومتر (سكاد) وجو أرض (كيلت) التي كانت بحوزة مصربهدف ضرب مراكز السكن المدنية، والتي ما من شك في انهم رأوا بها وسائل ردعفي مواجهة ضرب العمق المصري يردون بها على مثل هذا القصف (ومثلها صواريخ«فروج» التي كانت بأيدي السوريين بهدف ضرب العمق في الدولة (الاسرائيلية). ان هذه الأقوال قادرة على تفنيد الفرضية المذكورة أعلاه بشكل حاد، إذ لونظرنا اليها حتى من منظار «الرؤية ما قبل الحدث»، فلا بد من الاستنتاجبأنه في الأيام التي سبقت الحرب لم يكن هناك مكان للاعتماد على التقديربأن المصريين رأوا في امتلاك طائرات قتالية تفجيرية تضمن لهم التفوق الجويوأن هذه الطائرات تشكل شرطا لا تنازل عنه في الحرب ضد اسرائيل. يشار هناالى ان الجنرال زعيرا، عندما سئل في اللجنة، إذا لم تخطر بباله امكانية أنيكون المصريون يرون في شبكة الصواريخ ما يكفي لتحقيق هدفهم العسكريالمحدود، الذي كان ذكره هو بنفسه، وبغض النظر عن قضية السيطرة الكاملة فيالجو. وقد رد في البداية قائلا: «ما عرفناه عنهم أن خطة الحد الأدنى لديهمهي الوصول الى المعابر. والوصول الى المعابر غير ممكن من دون وضعية جيدةفي الجو« (بروتوكول اللجنة، صفحة 1052). ولكن، عندما أضاف أحد أعضاء اللجنة سؤالا قائلا: هذا هو الغرض من(الصاروخ) سام ـ 6» ـ أجاب: «نعم. وسؤالي هو: هل من أحد خطر بباله؟والجواب هو: لا.. أنا لم التقِ أحدا لا في شعبة الاستخبارات العسكرية ولافي هيئة الأركان العامة، ولا في القيادة السياسية ولا في القيادةالعسكرية، يتمتع بحكمة ما قبل العمل» (صفحة 1052 ـ 1053). هذا الجواب غيرمرضٍ بالتأكيد ولا يعزز الفرضية، بل العكس هو الصحيح. (*) نظريةالاستخبارات، هي مثل نظرية الأمن الشمولي، ليست نظرية ذات شبكة قوانينثابتة يمكن اعتمادها في كل وضعية. انها تشكل نظام تفكير مساعدا لاستخلاصالنتائج لدى كل من يحسن استخدامها
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:09
الوثائق الإسرائيلية ـ رغم مرور 34 سنة على حرب 1973 إسرائيل تمتنع عن كشف أسرار مصادر معلوماتها في ليبيا في ربيع 1973 وصل إلى إسرائيل نبأ من مصدر مميز جدا بأن السادات سيتجه إلىالحرب * تل أبيب ترصد نقل طائرات ميراج وقطع غيار من ليبيا إلى مصر
تل أبيب: نظير مجلي لأول مرة في تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي فيحرب أكتوبر 1973، يتم التطرق الى وجود مصادر معلومات للمخابراتالاسرائيلية، تقدم المعلومات عن القدرات العسكرية الليبية، لدرجة انالأنباء عنها وصلت بعد يومين من وقوع الحدث. فتنقل اللجنة على لسان رئيسالاستخبارات أن عدد طائرات الميراج الفرنسية التي وصلت الى ليبيا «حتى يومالأول من أمس بلغ 71 طائرة». وتحرص اللجنة الأمنية الخاصة في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، المخولةبنشر التقرير او الحذف منه، على منع نشر اية تفاصيل عن مصادر المعلومات،بالرغم عن مرور 34 عاما على الحرب تم خلالها كشف الكثير من المعلومات وكشفأسماء عدد من الأشخاص الذين زودوا اسرائيل بالمعلومات عن الحرب وبينهمزعيم إحدى الدول العربية ومقرب من الرئيسين المصريين، جمال عبد الناصروأنور السادات. وتواصل اللجنة في هذه الحلقة تشريح أخطاء شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش الاسرائيلي ورئيسها الجنرال ايلي زعيرا، بسبب نظرية«الفرضية» التي التصقوا بها واعتبرتها اللجنة بمثابة خطأ استراتيجي تسببفي مفاجأة الحرب. واليكم هذه الحلقة من تقرير لجنة التحقيق: (ج) بالاضافة الى ذلك، يتضح من المعطيات الواردة في مواد البينات (التي مازالت سرية حتى اليوم)، انه كانت بايدي دائرة البحوث في شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش الاسرائيلي، قبيل الحرب، معلومات تؤكد أن مجرد الطرحالذي كان حجر الزاوية في الفرضية، مشكوك فيه بدرجة عالية. ولذلك لم تكنهناك مصداقية للاعتماد عليه. فكما نذكر، قالت تلك الفرضية إن مصر لن تخرجالى الحرب الشاملة ضد اسرائيل إلا إذا رأت نفسها قادرة على ضرب المطاراتفي العمق الاسرائيلي بشكل ناجع، وانها من أجل ذلك تحتاج الى خمسة أسرابعلى الأقل من الطائرات القتالية التفجيرية ذات القدرة على الطيران لمدىبعيد، وهو الأمر الذي ما كان ليتوفر قبل العام 1975. فهل كان هناك أساسلهذه الفرضية لدى شعبة الاستخبارات العسكرية؟ يشار الى ان فحص هذه المسألةسيتم فقط من الناحية النظرية ووفقا للمعطيات التي كانت متوفرة بأيدي شعبةالاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت. ومن الناحية العملية فقد اتضح، فيالحساب التراجعي للماضي، أن مصر لم تحاول في حرب الغفران (حرب أكتوبر)الهجوم على المطارات في العمق الاسرائيلي. وكما سنرى لاحقا، لا توجد أدلةعلى ان هناك ما كان يمنعها من ذلك بدعوى انها لا ترى نفسها قادرة علىالمحاولة. فمن الممكن مثلا ان سبب امتناعها يعود الى الخوف من رد اسرائيلبواسطة قصف العمق المصري. فما الذي رآه المصريون ضروريا لهم، حسب رأي شعبة الاستخبارات العسكرية،لكي يستطيعوا مهاجمة المطارات في العمق الاسرائيلي؟ يقول الجنرال زعيرا فيشهادته (صفحة 938 فصاعدا): «في شهر يناير (كانون الثاني) 1973، أجرينا تقويما شاملا للوضع، وفي هذاالتقويم قلنا انه في العام 1975 ستكون للمصريين خمسة أسراب طيران بمستوىطائرات الميراج. اننا نقدر بأن 5 أسراب طائرات رقم مناسب من ناحية المنطقلتوفير الشعور لدى المصريين بأنهم قادرون على شل سلاح الجو عندناوالطائرات على الأرض. فقد حسبوا بأنهم من أجل شل حركة طيراننا توجد حاجةبأسراب الطيران» (كذلك في صفحة 1041). يبدو لنا ان الفرضية بأن هناك حاجةلخمسة أسراب طائرات ميراج بالذات أو طائرات أخرى بمستواها، لكي تهاجمالعمق الاسرائيلي بنجاعة، هي صحيحة ربما من الناحية الحسابية المجردة.ولكن ما يستدل من المواد التي كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، هوان المصريين فكروا بشكل آخر، وقيادة سلاح الجو عندهم كانت مستعدة للاكتفاءبما هو أقل من سربي طيران وربما سرب واحد فقط. وقد أعطي لهذا الهدف تعبيرمحدد (انظر وثيقة البينات رقم 3). لقد كانت تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية ودائرةالاستخبارات في سلاح الجو الاسرائيلي مبنية منذ ربيع 1973 على فرضية أنهيوجد في مصر سرب واحد من طائرات الميراج الليبية وأن سربا آخر متوقع وصولهمن ليبيا الى مصر: (1) في تقرير خاص لشعبة الاستخبارات العسكرية يحمل الرقم 73/43 من يوم14.4.1973 (وثيقة البينات رقم 124 صفحة 15)، ذكر انه من بين الاجراءاتالمتكررة التي تقوم بها مصر ويمكن تفسيرها على انها استعدادات لاستئنافالحرب، (نذكر): «نصب سرب من طائرات الميراج من ليبيا بعد أن كان «قطار جوي» قد أحضر الىمصر الأجهزة الأرضية اللازمة، وجلب سرب طائرات هنتر من العراق. من المعقولأن يكبر عدد طائرات الميراج حتى ..(سربين)». وكان تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية (المصدر نفسه، صفحة 16، البند 31(2) حذرا جدا: «الحصول على سربين من طائرات ميراج الليبية وطائرات هنترالعراقية وربما سربين آخرين من طائرات لايتننغ من دول عربية اخرى ـ وهيذات مغزى سياسي فقط ـ لا تغير من توازن القوى بشكل جوهري في المنطقة. ومنالمشكوك فيه أن تؤدي هذه الاضافة الى بث الشعور الخاطئ بأن مصر ستقدر علىمجابهة اسرائيل في الجبهة الجوية. وهذا على الرغم من أن سربي طائرات ميراج(من طراز م ـ 5 كما يعتقد)، وهما أكثر ما يستطيع الليبيون والمصريونتخصيصه من جراء النقص في الطيران، يستطيعان تمكين مصر من اجراء محاولاتلمهاجمة أهداف في العمق الاسرائيلي» (التأكيد من عندنا). (2) في «عرض خطط سلاح الجو الى وزير الدفاع» في يوم 22.5.1973، يقول ضابطالاستخبارات في سلاح الجو، العقيد ر. هارليف، ردا على سؤال حول عدد طائراتالميراج بحوزة المصريين (وثيقة البينات رقم 253، صفحة 4) : «اليوم يوجد لدى المصريين سرب واحد.. طائرات. نحن نعتقد انه مع زيادةالمشتريات الليبية سيتم تحويل سرب آخر الى هناك، أي ما يعادل 35 – 40طائرة». ويقول حول الطيارين لحوالي 30 ـ 35 طائرة،: «من ناحية التدريب انهم موجودون الآن في مرحلة (التدريبات) الميدانية وسيكون في مقدورهم مهاجمة أهداف صغيرة». (3) وفي اطار تقديم «معطيات لتقدير هيئة القيادة العامة للأركان ـ مصروسورية» في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية من يوم 16 أبريل(نيسان) 1973 (وثيقة البينات رقم 115) يظهر في باب جدول العمل التنفيذيللجيش المصري، ما يلي: «ميراج 5 : 1 ـ 2 سرب، 16 ـ 32 طائرة». (4) في جلسة الحكومة من يوم 15.4.1973 (في صفحة 8)، قدم الجنرال زعيرا تقريرا للحكومة، (قال فيه) : «في مصر توجد عدة اشارات تدل على استعدادات معينة للحرب. الأمر الأول: منذنهاية مارس (آذار) وحتى مطلع أبريل (نيسان) تم تنظيم «قطار جوي» بين ليبياومصر.. فجلبت قطع غيار لطائرات ميراج من طرابلس في ليبيا الى مصر. وفيأعقاب جلب هذه الأجهزة، بدأت حركة طائرات ميراج من ليبيا الى مصر، بحيثاصبح الآن في مصر طائرات ميراج». وفي الصفحة التاسعة من نفس المصدر: «هذه الاضافة للطائرات القتالية في الجيش المصري، لا تشكل من الناحيةالموضوعية على الأقل اضافة تؤدي الى تغيير حقيقي في توازن القوى في الجو،مع ان هناك احتمالا بأن يرى المصريون في اضافة طائرات الميراج أمرا ذامغزى وأهمية أكثر جدية مما يظهر لنا، خصوصا انهم كانوا قد ادعوا في الماضيبأنه لا توجد لديهم طائرة تستطيع أن تصل الى وسط اسرائيل وتنفيذ ما يسمونه«تفجير العمق»، بينما اليوم توجد لديهم طائرات ميراج ومن الممكن أن تخلقلديهم الشعور بأنها الحل» (التأكيد من عندنا). وفي الصفحة العاشرة، يجيب (زعيرا) على سؤال لوزير الدفاع حول عدد طائرات الميراج التي نقلت الى مصر، فيقول: «حتى الآن، نحن نعتقد بأن عددها في مصر سيصل مع الوقت الى.. سرب واحد أوسربين. التعاقد بين ليبيا ومصر يتحدث عن 108 طائرات، في حين قامت فرنسابتحويل 71 طائرة (ميراج) الى ليبيا حتى يوم الأول من أمس». كما يبدو فإن أقواله تعتمد على وثيقة البينات رقم 98 (الوثيقة 26، صفحة 3، «اشارات ذات دلالة» البندان 1 ـ 2). في وثيقة البينات رقم 96، الوثيقة 51 (السلسلة الأولى) يقول مصدر (البند5) انه في نهاية أبريل ستظهر علامات تدل على ان طائرات ميراج ستهبط فيمطار معين في مصر. وفي الوثيقة 48 من المصدر نفسه (جاء انه في) عشية اعلانالحرب سينقل من ليبيا الى مصر سرب اضافي من طائرات ميراج. وحسب السلسلةالثانية من الوثيقة 35 من يوم 24.4.1973: «مصر حصلت حتى الآن على سربين من طائرات الميراج». وفي شهر يوليو (تموز) 1973 عرف (وثيقة البينات رقم 98، وثيقة 43، صفحة 2)ان ليبيا لن ترسل الى مصر سربا ثانيا من طائرات ميراج وانه حتى ذلك الوقتكان قد وصل سربان من طائرات الميراج الى ليبيا ـ الأولى أنهت للتوتدريباتها التنفيذية والثانية ستنهيها بعد شهرين. وسيتم نقلهما فقط عشيةنشوب الحرب. في خبر وصل من مصدر جيد: الوثيقة 53 من نفس المصدر من يوم 3.10.1973(تاريخ الخبر هو يوليو/ تموز1973)، (يقول): تمت ملاحظة وجود سربين منطائرات الميراج الليبية (30 ـ 35 طائرة) في المطارات المصرية خلال شهرأغسطس (آب). حول الخبر الأخير شهد المقدم بندمن (صفحة 2530) بأنه غير صحيح..................(هنا ترك فراغ كبير يملأ سطرا كاملا يبدو أن الرقابةشطبته واضافته الى المواد التي ما زالت تعتبر سرية ولم يفرج عنها فيالتقرير) (كذلك شهد الجنرال زعيرا في صفحة 5458 وصفحة 5692 فصاعدا).وبالمقابل علمنا من شاهد خبير في هذا الشأن بأنه لا يمكن لمصدر كهذا......................(فراغ آخر).... أن يكون أمينا مئة بالمئة من دونتأكيد من مصادر أخرى (صفحة 5508 ـ 5510). استنتاجنا من كل ما سبق ذكره حول موضوع طائرات الميراج هو: (1) لا توجد أية ثقة بأن المصريين كانوا في رأي واحد مع شعبة الاستخباراتالعسكرية بأن المطلوب لهم هو خمسة أسراب بالذات من الطائرات (المقاتلة).حتى شعبة الاستخبارات العسكرية شككت في هذا. (2) سرب واحد وصل الى مصر في ربيع 1973 وكان يجب أن يؤخذ بالاعتبار، أنهحتى حسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية سيصل سرب ثان أو ان السربالثاني سيكون بايدي مصر في حالة نشوب الحرب (ووجدت علامات (بعد الحرب) دلتعلى ان السرب الثاني قد يكون وصل قبيل اندلاع الحرب). (3) بهذا تزعزع «حجر الأساس» في الفرضية (التي تقول فيها اسرائيل إن مصرلن تحارب لأنها قررت أن تحارب فقط عندما يكون لديها عدد من الطائراتالقتالية ذات المدى البعيد، حتى تستطيع ضرب العمق الاسرائيلي)، حيث انه منالمستحيل أن تبني على فرضية بأن المصريين، حتى في أكتوبر 1973، يرونأنفسهم غير قادرين على المبادرة الى حرب لأنهم لا يستطيعون ضرب العمقالاسرائيلي (وهذا، إذا تجاهلنا قدرات (مصرية) أخرى لضرب مراكز السكنالاسرائيلية تكمن في صواريخ «سكاد» والامتياز المصري الاضافي الكامن فيمظلة الصواريخ المضادة للطائرات في حوزتهم والتي يواجهون فيها طائرات سلاحالجو الاسرائيلي). د. حسبما أشرنا أعلاه (البند 47)، وجد رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية تعزيزا للفرضية، بقوله انها صمدت بالامتحان في ثلاثحقب سابقة. كيف؟ أيضا في نهاية «سنة الحسم»، في ديسمبر (كانون الأول) 1972وفي أبريل ـ مايو (نيسان ـ أيار) 1973، وصلت أنباء من مصادر جيدة تفيد بانالسادات أعلن، سرّاً وعلناً، عن خيار الحرب وأنباء واشارات ميدانية دلتعلى ان مصر حشدت في منطقة القناة قوات كبيرة لا يقل حجمها عن القوات التيرابطت هناك في مطلع أكتوبر 1973. وعلى الرغم من ذلك، امتنع (السادات) فيكل مرة عن اعلان الحرب، تماما كما توقعت شعبة الاستخبارات العسكرية فيالجيش الاسرائيلي بناء على نظرية الفرضية. من هنا، فقد أثبتت (الفرضية)نفسها وكان صحيحا اللجوء اليها أيضا في الأيام التي سبقت حرب الغفران. في نظرنا، واضح أن هذا التوجه لطريقة الوصول الى التقديرات، التي هي فيصلب عمل الاستخبارات العسكرية، هو توجه خاطئ من أساسه، بل انه يحمل فيطياته أخطارا كبيرة. فهي تنطلق من الفرضية بأن ما جرى في الماضي هو الذيسيجري في الوقت الحاضر. بكلمات أخرى: التاريخ يعيد نفسه. من الطبيعي انهعندما لا يتم فحص ومراقبة الفرضية الاستراتيجية لما كان يؤمن به العدو فيالماضي، على ضوء الواقع المتغير والأنباء والوقائع الجديدة، لا يمكن أنتعرف ما إذا كان يواصل الايمان بها في الحاضر. فقد تكون في هذه الأثناء قدأصبحت قديمة ولم تعد فيها روح. على سبيل المثال: في المقال المذكور (صفحة701) تشير (روبرتا) وولشتتر الى انه في مساء يوم أزمة الصواريخ في كوباكان لدى المخابرات الأميريكية تقدير خاطئ بأنه لا توجد في كوبا صواريخسوفياتية متوسطة أو بعيدة المدى وان هذا الخطأ نجم عن «فلسفة الاقتناع»بأن أمرا كهذا لا يتماشى مع سياسة الاتحاد السوفياتي. والدليل ـ هكذافسروا (رؤيتهم) ـ ان الروس لم ينصبوا في أية مرة مثل هذه الصواريخ في دولةتابعة، ولا يعقل أن يفعلوا ذلك في كوبا (بالذات) كونها قريبة من الولاياتالمتحدة، حيث أن مثل هذا الأمر سيؤدي بالضرورة الى رد فعل أميركي قاس: «خروتشوف لم يضع أية صواريخ متوسطة أو بعيدة المدى في أية دولة تابعة فيالماضي. من هنا فإنه بالتأكيد لن يضعها في جزيرة تبعد 9000 ميل عن الاتحادالسوفياتي و90 ميلا عن الولايات المتحدة، وهو يدرك بأن هذا هو استفزازسيجر ردا أميركيا قاسيا». وأيضا لو لم نكترث للنموذج المذكور اعلاه، فمن السهل البرهنة على ان عدماندلاع الحرب في الفترات السابقة المشار اليها أعلاه، لا يعني ان هذا دليلكاف للقول ان الفرضية تصلح على طول الطريق. فأولا، كل ما يمكن استخلاصه منامتناع السادات عن الانطلاق للحرب في تلك الفرص هو أنه قد يكون متعلقابالفرضية ولكن هذا لم يثبت بشكل قاطع. وهكذا هي القضية: لا يبدو من موادالبينات ان السبب الحقيقي لتراجع الرئيس المصري عن تنفيذ قراره الخروج الىالحرب ضدنا، معروف. على سبيل المثال، فإنه عندما سئل الجنرال زعيرا من أحدأعضاء اللجنة إن كان اندلاع الحرب الهندية الباكستانية هي التي اثرت علىالسادات في نهاية سنة 1971 ليتراجع عن قراره بالحرب، امتنع (زعيرا) عناعطاء رأيه (بروتوكول اللجنة صفحة 91). وأما بالنسبة لامتناع مصر وسوريةعن الخروج الى حرب في فترة أبريل ـ مايو 1973، فقد أكدت الأنباء المتشابهة............................ (مرة أخرى تترك الرقابة الأمنية فراغالإبقاء هذه المعلومة سرية) ان حكام البلدين استجابوا لطلب الروس بتأجيلاستئناف الحرب الى ما بعد لقاء القمة بين نيكسون وبرجنيف، لعله يفضي الىحل سياسي يتوافق ورغباتهما (أنظر وثيقة البينات رقم 95، الوثيقة 44،ووثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 33). لا حاجة الى القول بأنه لا توجد أيةعلاقة ما بين امتناع مصر عن الذهاب الى الحرب في الفترات المشار اليها،وبين الفرضية أبدا. ثانيا، ان هذه الحقيقة بالذات، ان السادات امتنع ثلاث مرات متتالية عناصدار أوامر بالحرب، على عكس تصريحاته، وبالرغم عن الاستعدادات المصريةالواسعة في منطقة القناة، كان يجب ان توقظ لدى شعبة الاستخبارات العسكريةفي الأسبوع الأول من أكتوبر، الشعور بان هناك خطرا كبيرا بأن لا يرتدع فيهذه المرة. والمبرر لهذا هو انه في أعقاب تصرفاته في تلك الفترة، التيانتهت من دون أي عمل حربي، تعرضت مصداقيته الى الطعن من الشعب المصريوالعالم العربي بأسره وضعفت مكانته كرئيس للدولة المصرية. وتبعا لذلك، فإنالدكتاتور المصري ـ هكذا كان يجب على شعبة الاستخبارات العسكرية أن تفكر ـما كان ليخاطر من جديد في تدهور اضافي في مكانته. والبرهان: في ربيع 1973وصل الى اسرائيل نبأ من مصدر مميز جدا، جاء فيه بأن هناك درجة عالية منالثقة بأن السادات سيتجه الى الحرب وانه إذا لم تنشب الحرب حتى بدايةالخريف فإن مكانته ستصبح في خطر (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 36). كذلكوصل نبأ في أغسطس 1973، من مصدر جيد آخر، يتحدث عن ان مصر وسورية اتفقتاعلى مبادئ الخطة المشتركة للمواجهة على اثر تدهور مكانة السادات (وثيقةالبينات رقم 98، الوثيقة 34). بيد ان الجنرال زعيرا قال في شهادته (صفحة 1006): «الأمر الأول الذيرأيناه كحافز من شأنه أن يدفع بالسادات الى الحرب هو خوفه من مصير حكمهشخصيا. لكنني أريد الاشارة الى ان السادات انطلق الى الحرب في الوقت الذيلم يكن حكمه الشخصي في خطر». ووجدنا ان الخبرية التي وصلت في سبتمبر(أيلول) 1973 والتي جاءت متأخرة عن تلك الأنباء المذكورة أعلاه، قالت انهفي الآونة الأخيرة بدأت تتحسن صورة السادات داخل مصر وبدأت تتعزز مكانته(وثيقة البينات رقم 92، الوثيقة 219). ولكننا نعتقد بأنه حتى لو كانت هذهالخبرية ملائمة لأقوال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ويجب أخذهابالاعتبار، يجب أن لا نراها متناقضة مع ما نقول. إذ ان كل ما يفهم منها هوان تحسنا جرى على صورة السادات ومكانته في مصر. وينبغي ان نلفت النظر الىان في الخبر الأخير تمت الاشارة الى ان في مصر توجد مشكلة جدية من جراءالنقص في المواد الغذائية، فإذا لم يعرف السادات كيف يعالجها في الوقتالقريب فإنه سيواجه وضعا خطيرا وأن هذه هي أصعب نقطة ضعف في النظام المصريالحالي. ففي مثل هذا الوضع، كان من الممكن التقدير بأن الطاغية المصريحساس ازاء الخطر الذي قد يسببه أي تحرك من شانه أن يضع حدا للتحسن الطارئعلى صورته وتعزيز مكانته ويؤدي الى التدهور من جديد. من هنا فإنه إن كانخاف من شيء، فإنه الخوف من أن يتزعزع نظام حكمه الشخصي إذا ما امتنع مرةرابعة (عن الحرب)، بعد أن أجرى كل الاستعدادات اللازمة حتى لحظة اعطاءالأمر. ويشار الى اننا توصلنا الى هذا الاستنتاج أيضا من دون الاعتماد علىما هو مكتوب في الخبرين الأولين، لأنه كان واضحا من ناحية المنطق. وأكثر من ذلك: إذا تذكرنا بأن حشودات القوات المصرية عشية الحرب في محيطالقناة «بحجم لم نعرفه من قبل» (حسب نشرة الاستخبارات من يوم 5.10.1973وثيقة البينات رقم 111) ـ على عكس ما قاله رئيس شعبة الاستخبارات العسكريةبأن القوات المصرية التي حشدت هناك في كل مرة من المرات الثلاث السابقة لمتكن بأقل حجما (من الحشودات الحالية) ـ فلا يكون مفر من الاستنتاج بأنه فيالأسبوع الأول من أكتوبر كان هناك خطر حقيقي بأن لا يقف الرئيس المصري هذهالمرة مكتوف اليدين وسيعلن الحرب (في هذا السياق أنظر البند 72 لاحقا).يتضح مما سبق، بأن تصرفات حاكم مصر في الحالات السابقة لم تكن لتصلح أنتصبح دليلا على صحة استمرارية الفرضية وحيويتها في الأسبوع الأول منأكتوبر، كما اعتقد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. وحسب رأينا، فقد وقعحينئذ في خطأ مهني نتيجة للتأثير الزائد لتوجهه «التاريخي» في التقدير بأنالحرب لن تنشب. ويجب أن نضيف بأن الحيرة التي أصابته وجهازه، لم تكن فيمحلها. فقد قال الجنرال زعيرا في شهادته، بأنه إذا قدم التحذير هباءً وصاح«ذئب..ذئب» في كل مرة يخلق فيها العدو حالة توتر في الجبهة فستضطر الدولةالى استدعاء الاحتياط «سبع مرات في السنة» (انظر البند 48 آنفا)، وهذاالقول ليس ملائما لا من الناحية المبدئية ولا من ناحية الوقائع. منالناحية المبدئية ـ وسنتطرق اليها بمزيد من التفاصيل (انظر البندين 71 ـ73 و90 و103 لاحقا) ـ لأنه في وضع اسرائيل الخاص تلزمه وظيفته المهنيةكرئيس لشعبة الاستخبارات في جيش الدفاع الاسرائيلي بان يأتي في كل مرةيطلب منه تقويم الخطر الفعلي بوقوع الحرب أم لا، بأن يحدد تقديراتهالجديدة، سلبا أو ايجابا، فقط على أساس وزن الوقائع والمعلومات العينيةوفحصها بشكل مباشر بما في ذلك المعلومات ذات الطابع التحذيري. وحاشا له أنيكون قلقا من الخطر الكامن في اعطاء تحذير بأن حربا ستقع، بأن التحذيرسيكون وهميا، حتى لو حدث مثل هذا الأمر في الماضي. ومن ناحية الوقائع ـونريد أن نجملها هنا ـ رأت شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه ثبت في المراتالثلاث السابقة بأن المصريين لم يخرجوا الى الحرب الشاملة ولذلك فقد امتنععن التحذير بوجود خطر كهذا حتى لا يتم تجنيد شامل لقوات الاحتياط في كلمنها (بالنسبة للفترة ما بين أبريل ومايو 1973 عندما ساد التوتر علىالحدود مع مصر ومع سورية، أنظر شهادة الجنرال العزار (رئيس الأركان) صفحة3821 : «في تلك الواقعة لم يستدع الاحتياط»، كذلك شهادة الجنرال طال (نائبرئيس الأركان) في صفحة 3074: «جندنا بضع عشرات من جنود الدفاع المدني، 38شخصا»). وقد وجدنا ان ظاهرة (الصراخ) «ذئب .. ذئب» لم يكن لها أساس ولاأصل في تجارب الماضي وما كان يجب ان تقلق شعبة الاستخبارات العسكرية عندمايعطي تقديراته بخصوص خطر نشوب الحرب في الأسبوع الأول من أكتوبر 1973.
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:10
الوثائق الإسرائيلية ـ معلومات وصلت إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من مصدر مهم عن الحشود السورية طائرات التجسس الإسرائيلية كانت تحصي في كل يوم عدد الضباط الذين يزورون الجبهة
تل أبيب: نظير مجلي تكشف حلقة اليوم من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في اخفاقات حرب أكتوبر1973، جانبا آخر من أساليب الجيش الاسرائيلي، يشير الى مدى أهمية وخطورةأجهزة المخابرات، وخصوصا جهاز الاستخبارات العسكرية، وما يبذله من جهودخارقة وما يصرفه من أموال طائلة، على رصد تحركات الجيوش العربية. وقد بلغتهذه الجهود حد رصد وتعداد عدد الزيارات التي يقوم بها ضباط الجيش الىالوحدات المحتشدة على الجبهة. ولكن، هذه الجهود، وبقدر ما تكشفه عن ضخامة حجم المؤسسة العسكريةالإسرائيلية بمختلف أذرعها، كان أيضا مثار غضب لجنة التحقيق. حيث انه لميحقق الهدف الرئيسي الذي صرفت من أجله تلك الأموال وبذلت لأجله تلكالجهود. فالعنجهية العسكرية تغلبت على كل الإنجازات الاستخبارية. وتواصلاللجنة في هذه الحلقة أيضا مقارعة جهاز الاستخبارات العسكرية وقادتهالكبار والصغار، على أنهم رأوا بعيونهم المتعددة الاتجاهات، كل التحضيراتالحربية المصرية ـ السورية ولكنهم أصروا على ان هذه ما هي إلا تعبير عنالخوف من الجيش الاسرائيلي ومحاولة للدفاع عن النفس أمام هجوم عسكريإسرائيلي يتوقعونه. يشير التقرير الى ان من بين أسباب فشل الاستخبارات الإسرائيلية في قراءةالنوايا العربية لشن الحرب لاستعادة أراضيهم المحتلة، هو تكرار لفشل شبيهسقطت فيه المخابرات الأميركية إبان الحرب العالمية الثانية، عندما استخفتباليابان وقررت انها لن تجرؤ على مهاجمة قواتها. وفي ما يلي ما ورد في التقرير: «(هـ) ينبغي أيضا انتقاد المنطلق الذي كانبمثابة البناء الذي قامت عليه نظرية الفرضية والتي بموجبها ينبغي التفريقبين القدرات العسكرية (capability) وبين نية اعلان الحرب (intention). ولأقل بكلمات الأخرى [كاتب تقرير اللجنة يستخدم هنا خطابا فرديا] ان الأمرالأول [أي القدرات العسكرية] لا يدل بالضرورة على الأمر الثاني [النيةلاعلان الحرب]، وليس من المفروض أن يكون حاسما في التقديرات الاستخباريةولا أن يكون المعتمد الأساسي في عمل رجال الاستخبارات. وكما تمت الاشارةآنفا (البند 46)، اعتمدت شعبة الاستخبارات العسكرية على هذه الفرضية قبيلالحرب، فقررت بأنه توجد قدرة تقنية لدى القوات البرية المصرية بأن تعبرالقناة ولكن الرغبة في تنفيذ [هذا العبور] لم تتبلور لديهم بعد، وذلكبدافع من شعورهم بأنهم ما زالوا يعانون من انعدام امكانية السيطرة فيالجو. ومن رأينا انه حتى لو كان صحيحا من الناحية النظرية، أن يتم التفريقما بين "القدرات" و"النوايا"، فإنه لم يكن مكان لتطبيق هذا على الوضع الذيسبق حرب يوم الغفران ولم يكن ممكنا أن يساعد الفرضية. ونوضح أقوالنا: إننا نوافق على انه ليس من الصحيح، في كل حالة، بأن نخرج باستنتاجات بشأننوايا الدولة الخصم للذهاب أو عدم الذهاب الى الحرب، وفقا لقدراتها أووفقا للقيود التي تكبلها. من هنا، فمن واجب رجال الاستخبارات أن يتبعواالحذر قبل أن يقدموا على «المزج» ما بين «القدرات» و«النوايا». الباحثإتش. إتش. رانسوم (H.H.Ransome) في كتابه عن المخابرات الأميركية «CentralIntelligence and National Securety» (صفحة 57)، يقدم مثلا على هذاالموضوع حول الفترة التي سبقت الهجوم الياباني على بيرل هاربر في ديسمبر[كانون الأول] 1941 فيقول ان الأميركيين لم يؤمنوا بأن اليابان تستطيع أنتهاجم القاعدة العسكرية الموجودة هناك، وهذا لم يكن صحيحا. لهذا، لميؤمنوا بأنه كان في نية اليابان في ذلك الوقت أن تنفذ الهجوم. ومع ذلك،فمن المحتمل أن تتطور أحداث خاصة يكون فيها تبرير عادل لإعطاء تقديرات[استخبارية] تربط رباطا وثيقا ما بين الأمرين [القدرات والنوايا]، منالمفهوم القائل بما يلي: [في تلك الأحداث الخاصة]، بالامكان أن تكونالقدرات العسكرية للدولة الخصم سوية مع وصول معلومات تحذيرية أخرى ووسطظروف خاصة، يمكن أن تشكل دليلا على ان لديها ما يكفي من النوايا للقيامبهجوم. لن يكون زائدا أن نعرض هنا نظرية المخابرات الفرنسية في هذهالقضية، كما وردت في شهادة الجنرال في الاحتياط، [أهرون] يريف (الذي سبقالجنرال زعيرا في منصبه كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية)، والتي وضعتالتركيز على جانب «القدرات» بالذات، لكي تتوصل الى الاستنتاجات بخصوصالنوايا. وهذه أقواله في الصفحة 3262 من بروتوكول اللجنة: "سؤال: ربما تسمعنا ما يقوله الفرنسيون؟ أ. يريف: قالوا في حينه: يجب اجراء تشريح جيد للقدرات، الممكن(possibilite) وليس النوايا (intention). الممكن هو الذي تستطيع عمله منخلال القدرات. من خلال الممكن، أعط تقديرك حول الأمر المرجح حدوثه. لا تقلبأن هذا هو ما ينوي العدو عمله.. سؤال: ماذا تعطي من خلال الممكن؟ أ. يريف: ما هو الأكثر احتمالا والأقل احتمالا.. ». في ضوء كل هذه الأمور، يجب أن نؤكد انه إذا أخذنا بالاعتبار بأن حاكم مصرقرر ان اللجوء الى الخيار العسكري هو السبيل الوحيد بالنسبة له كي يخرج من«الطريق السياسي المسدود»، وانه من أجل ذلك يكتفي في المرحلة الأولى، بوضعهدف عسكري هو الوصول الى المعابر في سيناء ثم يتوقف، فإن من المنطق أن ترىالحقيقة ان القوات البرية المصرية كانت مؤهلة (حسب تقدير شعبة الاستخباراتالعسكرية) لعبور القناة. فهذه شهادة مهمة، دلت على ان لدى العدو نوايامقدرّة لشن الحرب. وقد قلنا «نوايا مقدرة» وليس «مؤكدة» لأنه – وكما قالدي فيرد، من المستحيل أن تعرف بشكل مؤكد ما هي نوايا العدو الحقيقية(intelligence on enemy intention is never clear). خلاصة الأمر، ان شعبة الاستخبارات العسكرية وباعتمادها – غير الصحيح فيظروف هذا الحدث ـ على التفريق المذكور ما بين القدرات والنوايا، قد تجاهلتعن سبق تعمد وإصرار ذلك الرابط القائم ما بين العنصرين في هذه الحالةوتجاهلت المعطى القائل إن مصر تملك القدرات التقنية على عبور القناة، مماساهم بالضرورة في اعطاء التقدير الخاطئ بأن هناك احتمالا ضعيفا لأن تذهبسورية ومصر الى حرب شاملة. د. في الختام، يجب ان نذكر، في غير صالح الفرضية، حقيقة الدمج من الناحيةالزمنية ما بين استعدادات الجيش المصري في جبهة القناة وبين استعداداتالجيش السوري في جبهة هضبة الجولان. فهي تمت على نطاق واسع لم يسبق لهمثيل وبطريقة تمكن من الانتقال الفوري من حالة الدفاع الى حالة الهجوم،وفقا للمذهب الروسي [في القتال]. أريد القول إن مجرد الدمج المتزامنلانتشار الجيش المصري في الجنوب والجيش السوري في الشمال، عشية الحرب، كانيجب أن يضعف ذلك التمسك بالفرضية (حول قوة سلاح الجو المصري) والإتيانبتقديرات استخبارية جديدة، تفيد بان الحرب قد تنشب آنذاك على الجبهتين. فيهذا المكان، أعطت الاستخبارات العسكرية رأيها في الأبعاد التقنية لذلكالاستعداد العسكري ووجدت لها تفسيرات أخرى ([ما يجري هو ليس سوى] تدريباتفي مصر، مخاوف سورية ومصرية من عملية هجوم إسرائيلي)، تفسيرات ننتقدها نحنفي فصل آخر من تفسيراتنا [تقريرنا]. وليس هذا فحسب، بل في الجزء الثاني من الفرضية (سورية لن تذهب الى الحربمن دون مصر)، يجب القول إن تركيز التشكيلات [الحربية] المصرية حقق الشرطالمطلوب – ليس بشكل كاف – لنشوب الحرب على الجبهتين، الأمر الذي كان منالواجب أن يلزم شعبة الاستخبارات العسكرية بأن تعيد حساباتها، فلعلها فيهذه الظروف الناشئة، قد أخطأت في تقديراتها بالنسبة للجزء الأول منالفرضية. وما نريد تأكيده هنا هو انه بسبب من تأثير الفرضية، لم تتصرفشعبة الاستخبارات العسكرية بالشكل الملائم ازاء التحذيرات الكامنة في هذهالظاهرة [التنسيق المصري ـ السوري]. وفي تلخيصنا لهذا الفصل نشير الى انه في الأيام الأولى من أكتوبر، ساد رأيلدى العدو بأنه على الرغم من الأحابيل وعمليات التضليل التي نفذوها، فإنهمن غير المعقول أن لا تكون الاستخبارات الاسرائيلية متنبهة الى نشاطاتهموتحركاتهم [العسكرية]، كما يتضح من اخبارية موثوقة وصلت الينا عشية الحرب(وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 66). الى هنا ينتهي تحليل نقاط الضعف وما نجم عنها من مساوئ في الفرضية، وفيهيتضح بأنها [الفرضية] لم تكن صالحة للاستخدام كقاعدة لإعطاء التقديرات حولنوايا العدو، في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، بل انها قد نقضت بشكلعملي، كما جاء في البند الحادي عشر من التقرير الجزئي. الفرضية والتأمين الثانوي لشعبة الاستخبارات العسكرية 53. رأينا آنفا(البند 46)، انه من أجل الحصول على تحذير حول الحرب، اعتمد رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية، بالأساس، على مصادر معينة ذات باع واصل [يقصدون أنهيتمتع بعلاقات وثيقة في مواقع القرار العربي] ومصداقية عالية. وقد أكد أنهرأى في تلك المصادر بمثابة «التأمين» الذي يعطيه للفرضية. وقال انه حتىإذا تزعزعت فإن البرهان لذلك أيضا جاء عن طريقها. ولكنهم، بأوامر منالجنرال زعيرا، لم يتوجهوا الى هذه المصادر بالشكل المناسب في الأيامالمصيرية (أنظر التقرير الجزئي، نهاية البند 11، صفحة 8). ونضيف الى هذا الموضوع بعدا آخر، حيث ان التقارب الزمني ما بين القضاياالمطروحة وبين الفرضية، يتيح لنا أن نتطرق اليه هنا. ونقصد بذلك ان رئيسشعبة الاستخبارات العسكرية آمن بثقة مبالغ فيها بأنه لو افترضنا انالفرضية قد أكل الدهر عليها وشرب [أصبحت باهتة]، فإن المصادر المذكورةستوفر على الأقل أنباء تتضمن «مؤشرا قاطعا» – كما تفوه ـ بأن العدو ينويالهجوم (بروتوكول اللجنة، صفحة 686). ربما لم يتوقع الجنرال – كما قال فيشهادته – (صفحة 1032)، أن «الخبر سيأتي بإعلان واضح ويقول ان الحرب ستنشبفي هذا التاريخ أو تلك الساعة. بل انه قد يكون خبرا نصف التفافي يتعلقبالحرب، ومشاكل العبور وقضية إطلاق الطلقة الأولى وقضايا عديدة أخرى تتعلقبالحرب». وقال: «لا يوجد خبر واحد يمكننا القول عنه انه خبر يتحدث عنالحرب وليس عن تدريبات..» (المصدر نفسه). وأضاف في صفحة 1033: «في ذلكالوقت افترضت .. بأنه إذا كانت هناك نية للدخول الى حرب، فمن المحتم أنياتي ولو خبر واحد يلمح الى انها حرب وليست تدريبات». وينبغي التأكيد هنابأننا عندما اشرنا الى الشهادة المذكورة أعلاه كبرهان على الثقة غيرالمحدودة للجنرال زعيرا بتلك المصادر كما لو انها [بوليصة] تأمين ثانوي[يستخدم] في حالة ضعضعة الفرضية، لم نقصد أن ننتقص بشيء من الأهمية الكبرىلهذه المصادر، حيث انها وفرت لنا معلومات استخبارية ذات قيمة عليا، بما فيذلك معلومات تحذيرية [عن الاستعدادات للحرب]. ولكن من الواضح ـ وهذا هوالبعد الآخر للموضوع ـ أنه لم يكن مكان لذلك الشعور بالثقة لدى رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية، في انه عن طريق هذه المصادر سيصل «بالضرورة» الخبرالذي يتضمن "مؤشرا قاطعا" أو حتى خبرا "التفافيا" بأن الحرب ستنشب. لامكان للتفسير هنا بأن الفرضية، التي فندت وجود هذا الخطر [بالحرب] لا تزالمتحكمة في الساحة [في الموقف الاسرائيلي]. ان التجارب الاستخبارية تعلم ـ وهذا من طبيعة الأمور ـ بأن العدو سيعملبكل قوته لكي يخفي أو يحيط بالضبابية نواياه في الإقدام على هجوم مفاجيء،ولكي يمنع تسريب أي نبأ من شأنه أن يكشف عن هذه النوايا. لهذا، فإننا نرىانه كان هناك احتمال فعلا بأن تصل بواسطة تلك المصادر، معلومات موثوقة لاتترك مجالا للشك في ان الحرب ستنشب. ولكن هذا لا يشكل ضمانة لهذا الهدف.ومن الممكن القول بأن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، باعتماده تلكالمصادر كورقة تأمين في حالة فشل الفضية، انما كشف عن أجواء بدأت تلوح فيالأفق. نحن لا نقول انه ذهب بعيدا بأفكاره الى هذا الحد. لكنه بدلا منالإركان انه في حالة فشل الفرضية فإن معلومات ستصل من تلك المصادر تكشفبشكل واضح وحاسم المؤامرة المصرية في الهجوم أو تلمح اليها بوضوح. لقد كانمن واجب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية أن يجري الحساب بشكل جيد حول جميع الإخبارياتالتحذيرية التي وصلت، وحول الإشارات التي لوحظت على الأرض ودلت [علىالاستعدادات للحرب]، لعل تراكماتها وملحقاتها تلزم بالتقدير أن خطر الحربداهم. ولكن، بغض النظر عن كل هذا، فإن البارز هو ان الثقة غير المحدودة فيالتأمين الثانوي المذكور [الاعتماد على المصادر المذكورة]، عززت التمسكالمتعنت بالفرضية حتى النهاية تقريبا. الفصل الثاني * المعلومات التي كانت في حوزة شعبة الاستخبارات العسكرية حتى يوم الرابع من أكتوبر وعموما * ملاحظة: سنخصص بحثا مستقلا حول الإخباريات التي وردت في اليومين الأخيرين [قبل الحرب] في البنود من 75 وحتى 89 لاحقا. (1) تعاظم قوات العدو 54. لقد سبق وذكرنا آنفا (البندين 7 و8 ) حول تعاظمقوة الجيشين المصري والسوري بالأسلحة الدفاعية والهجومية من مختلف الأنواعفي سنتي 1972 و1973 وحتى نشوب حرب يوم الغفران. هذه الأسلحة وخطة العملالتي تدرب عليها جيشا مصر وسورية عدة مرات، رفعتا من القدرات القتاليةلهذين الجيشين بشكل كبير وعززتا من إرادة الخروج الى الحرب ضد اسرائيل،وهي الإرادة التي كانت قائمة دائما وأبدا. هذه الحقيقة، كان يجب ان تؤثربمدى متصاعد على تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية باتجاه الفحص الدائممن جديد إذا ما كان صحيحا في فترات التوتر السابقة، ما زال صالحا في خريف1973، عندما وقف جيشا مصر وسورية في مواجهة اسرائيل مدججين بالأسلحةالجديدة بعد تدريبات متواصلة على عبور الجيش المصري القناة. (2) تعزيزإضافي للقوات السورية والمصرية 55. عنصر تحذير أكثر عينية، كمن في تعزيزالقوات السورية والمصرية في الأيام التي سبقت الحرب، بمدى لم يسبق لهمثيل، وهي [القوات] في حال تأهب قصوى وموجهة جميعا نحو الجبهةالإسرائيلية. التفاصيل حول هذه التعزيزات ذكرناها آنفا (في البندين 11 ـ14)، وأشرنا انه منذ 30 سبتمبر [أيلول]، أعلنت الاستخبارات العسكرية أن«التشكيلات الحربية السورية لم يسبق لها مثيل حتى اليوم». التصوير الجوي من يوم 2 أكتوبر [تشرين الأول] كشف 640 دبابة و16 بطارياتمدفعية (بينها مدافع القيادة العامة للأركان). كذلك فإن كتيبة وصل تابعةلقيادة الأركان قد تركت مواقعها الثابتة، وفي القطاع الأوسط اكتشفت 13دبابة جسر (شهادة الجنرال [يتسحاق] حوفي، صفحة 1840 فصاعدا، نشرة يوم 3أكتوبر في وثيقة البينات رقم 111، صفحة 1 ـ 2، رسالة الجنرال شلو من يوم22.3.1974 في ملف وثيقة البينات رقم 317). وتم دفع طائرات سوخوي الىالأمام نحو مطاري دمير وبلاي، على مقربة من الجبهة مع إسرائيل (نشرة416/73 من يوم 2 أكتوبر صفحة 5، ووثيقة البينات رقم 146 الوثيقة 10،وشهادة الجنرال بيلد صفحة 1954 و 1962). في اليوم نفسه وصلت الى شعبة الاستخبارات العسكرية إخبارية من مصدرمهم.......... [الفراغ هنا يدل على شطب آخر من الرقابة الأمنية] تقول إن«الحشودات السورية متواصلة منذ عدة أيام في الجبهة بشكل واسع لم يسبق لهمثيل. معظم الوحدات العسكرية السورية نقلت من مكانها العادي الى الجبهةوالجيش يقف في حالة تأهب هي القصوى. كذلك ورد أن الضباط [السوريين] لايستبعدون انفجار مواجهة قريبة مع اسرائيل» (وثيقة البينات رقم 146،الوثيقة 10أ). وأضافت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن «الجهدالسوري متجه نحو الردع بسبب الخوف من عملية اسرائيلية» (المصدر نفسه، صفحة5). في 3 أكتوبر نفذت طلعة جوية للتصوير على جبهة القناة ولكنها فشلت لأسبابتقنية. وفي طلعة ثانية ناجحة تمت في 4 أكتوبر، دلت الصور التي تم تحليلهافي الليلة نفسها على أن «المصريين وضعوا تشكيلاتهم الحربية في حالة تأهبكامل في محيط القناة، أعلى من أية حالة تأهب في اية مرة سابقة» (نشرة شعبةالاستخبارات العسكرية من يوم 5 أكتوبر الساعة 13:15)، والتفاصيل (المصدرنفسه، صفحة 5): 1. «كمية بطاريات الصواريخ التي اكتشفت تضمنت 194 بطارية (من قاذفات قطرها120 ملمترا وأكثر)، تشتمل على 1100 مدفع. ويشار الى انه في حالات توترسابقة (ديسمبر 1971 وديسمبر 1972 ومايو 1973)، بلغت كمية المدافع في أقصىحد حوالي 150 لابطارية و850 مدفعا. الاضافة كانت بالأساس من بطارياتالمدفعية الميدانية (52 من مجموع 55 بطارية)..." 2 . «في حين كان هناك عددمحدود من الدبابات على طول القناة، وجدت [في الصور] منصات للدباباتالقاذفة وأعدادا من الوحدات المدرعة (في كل وحدة منها 2-3 دبابة) على طولالقناة». 3. غالبية ألواح الباطون المعدة كما يبدو من أجل بناء جسور العبور، كانتمخفية. ولكن قسما منها قد ظهر في الصور، حوالي خمسة مراكز، واحد في قطاعديب خير. وتم العثور على عبارات نقل متحركة جي. إس. بي (حوالي 30 عبارة)،ما يعني الدفع بتجهيزت العبور الى مقدمة الجبهة». في بقية المراكز لمتكتشف التجهيزات. كل هذه التشكيلات عملات تحت مظلة شبكة صواريخ sa ، بما في ذلك sa ـ 6،التي جرى تقديمها نحو القناة بشكل مكثف (انظر «استعدادات بطاريات صواريخأرض جو التنفيذية»/ اصدار دائرة التحقيق الاستخباري في سلاح الجو ـ وثيقةالبينات رقم 20، وتقرير الاستخبارات في اللواء الجنوبي/ تحليل باتجاهالتغيير في سلاح المدفعية والمدرعات ـ الملحق ك ج /11 من تقرير قدمه طاقمبقيادة الجنرال في الاحتياط يوشع نابو في موضوع الاستخبارات). من هنا، وحسب المعطيات التي قدمت شعبة الاستخبارات العسكرية وصفا تفصيليالها، فإن التشكيلات الحربية المصرية، التي هي بحد ذاتها يجب أن تثير القلقأكثر بكثير مما اثارته في فترات التوتر السابقة، إن كان ذلك من ناحيةكميات الأسلحة أو من ناحية تقديم منصات القذف بالدبابات الى الجبهة لتطلعلى القناة مباشرة. وكانت شعبة الاستخبارات العسكرية أعلنت في النشرةالمذكورة (نهاية صفحة 5) عن تحركات ونشاطات تتم في الجهة الجنوبية منالقناة، وهي أيضا لم تشاهد في الماضي. * التعبير «تشكيلات طوارئ» * في هذا المكان نريد أن نقدم ملاحظة بأن مجرد استخدام التعبير «تشكيلاتطوارئ»، الذي أصبح تعبيرا عسكريا متداولا في تقديرات شعبة الاستخباراتالعسكرية، كاد يخلق قلة وضوح في التفكير والى ضبابية في التقدير.فالتشكيلات يمكن أن تكون دفاعية أو هجومية أو ـ حسب المذهب الحربيالسوفياتي ـ تشكيلات لكل حالات القتال: دفاعية هجومية، أي تشكيلات دفاعيةبإمكانها أن تتحول الى هجومية بشكل فوري أو العكس ـ هجومي دفاعي. بينماالتعبير «تشكيلات طوارئ» تدل أكثر على وضع تأهب وتدل بصورة أقل على شكلالقتال الذي بنيت التشكيلات على أساسها. (3) معطيات للمقارنة حول تشكيلات العدو 56. لقد ألقت اللجنة على العقيد فيالاحتياط، يهوشع نابو، الذي كانت قد عينته كمسؤول عن جمع المواد حسبالمادة 13 من قانون لجان التحقيق لسنة 1968، مهمة اجراء بحث يجري فيهمقارنة ما بين نشاطات العدو وحجم قواته في فترة «أزرق أبيض» (مايو 1973)وبينها في الفترة من 1 الى 5 أكتوبر 1973. وقد أعد العقيد نابو هذا البحثبمشاركة ضابطين من المخابرات تم فرزهما [لهذه الغاية]، هما المقدم دكتورأ. شموئيلي، والمقدم د. أمبر. ووفقا للأوامر التي اصدرها رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية، في حينه، الجنرال زعيرا، والعميد شيلو، قدمت شعبةالاستخبارات العسكرية الى هؤلاء الباحثين كامل المساعدة. والعميد شيلوشخصيا كرس وقتا طويلا لتمحيص المعطيات والتقديرات الواردة في التقرير.ولكن هذا لا يعني بأنه يوافق على كل ما جاء في تقرير الضابطين. نحن نقبل اقتراح العقيد نابو نقل هذا البحث الهام الى جيش الدفاعالاسرائيلي لكي يشكل عونا في إجراء بحث حول الأحداث (case study)، فيدائرة التوجيه في جيش الدفاع الاسرائيلي. من جهتنا، سنورد هنا بعضإحصائيات المقارنة البارزة، كما وردت في التقرير في ضوء الصور التي التقطتمن الجو ومن عمليات الرصد، التي تدل على تغييرات جوهرية في تشكيلات القواتوفي العمليات المصرية على جبهة القناة خلال سنة 1973: منذ أبريل ـ مايو [نيسان ـ أيار] 1973 وحتى سبتمبر ـ أكتوبر [أيلول ـتشرين الأول] 1973، تم تعزيز القوات في جبهة القناة بإضافة وحدة مؤللة،لواء دبابات، لواء إنزال، 54 بطارية مدفيعة ميدانية (من 141 بطارية ـ 844مدفعا الى 195 بطارية و1114 مدفعا)، وأضيفت 57 بطارية مدافع مضادةللطائرات (من 227 بطارية ذات 1168 مدفعا وحتى 284 بطارية ذات 1507 مدافع).وكشفت 51 دبابة على المنصات في أبريل ـ مايو 1973، وأصبحت عشية الحرب 144دبابة (صفحة 10 ـ 11 من البحث). رقم قياسي في زيارات كبار الضباط فيالجبهة (صفحة 2): في 2 مايو قام بالزيارة 68 ضابطا وفي 18 سبتمبر 94، وفي2 أكتوبر 172 ضابطا. ويعتبر هذا العدد استثنائيا خلال الفترة التي دامت 14شهرا قبيل الحرب. وإذا أجرينا مقارنة لمعدل هذه الزيارات الأسبوعي، نجدأنه في الفترة ما بين 1 ـ 5 أكتوبر بلغت 400 زيارة وفي الفترة المماثلة منسبتمبر 1973 بلغت 300 زيارة، وفي فترة «أزرق ـ أبيض» ـ معدل 200 زيارة(*). (*) تفاصيل التقارير حول رصد ما جرى في جبهة القناة، أنظر البند 237لاحقا وتقريرا إضافيا من عضو اللجنة [لجنة أغرنات] الفريق في جيشالاحتياط، حـ. لسكوف
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:11
الوثائق الإسرائيلية إسرائيل تعترف بأن المصريين والسوريين نجحوا في تضليلها بعشرات الأحابيل تل أبيب اقتنعت بأن كل الاستعدادات التي سبقت نشوب حرب 73 مجرد تدريبات
تل أبيب: نظير مجلي فقط في حالات نادرة، يمكن أن تستمع الى اطراء اسرائيلي لشيء عربي. وفيالماضي، عندما كان ضباط اسرائيليون «يضربون السلام العسكري» لمقاتل عربيبعد قتله، وذلك على طريقة العسكريين وتقديرا لمقاومته الباسلة وادائهالذكي، كان يتعرض للكثير من الانتقادات اللاذعة. ولذلك، أصبحت المدائح، إنقيلت، مقصورة على الجلسات المغلقة. وفي الأبحاث السرية للجنة اغرنات فيض من المدائح لمصر وسورية. ويشتملالتقرير الذي ننشره فيما يلي على القول بكامل الصراحة ان قيادة الجيشيننجحتا في التمويه على نشاطاتهم خلال الاستعدادات للحرب وتضليل قيادة الجيشالاسرائيلي، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية، بشكل متقن. وعلى الرغم منوجود مصادر معلومات «جيدة»، غالبيتها مصادر عربية وذات علاقات جيدة وقريبةجدا من موقع صناعة القرار، لدرجة أنهم أوصلوا الى المخابرات الاسرائيليةالخطط التفصيلية للحرب، إلا ان المصريين والسوريين تمكنوا من إعطاء الصورةالتي يريدونها عن نشاطهم وتحركاتهم العسكرية والسياسية. نشروا أخباراتضليلية في الصحف المصرية وهم يعرفون ان الاسرائيليين يقرأونها كلمة كلمة،بثوا الأخبار التي يريدونها عبر اللاسلكي وهم يعرفون ان الأجهزةالاسرائيلية تتنصت عليهم، أجروا تحركات وتنقلات وهم يعرفون بأن طائراتالتجسس الاسرائيلية وغير الاسرائيلية تصورهم، وفوق كل هذا استخدموا فيحالات كثيرة قنوات التجسس الاسرائيلية ليمرروا عبرها كل ما يريدون أن يصلالى اسرائيل لتضليلها وللتمويه على نواياهم الحربية ضدها. * كما يؤكد العديد من القادة المصريين والاسرائيليين، ونشرنا ما قالوه فيبداية هذه الحلقات، فقد نجحت مصر في زرع جاسوس مزدوج هو الذي سميناه«شخصية مقربة جدا من الرئيسين المصريين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات»،والذي كان قناة أساسية لنقل المعلومات التي تريد مصر نقلها الى اسرائيل.وما زال الاسرائيليون محتارين في أمره. ورغم مرور 34 سنة على الحرب و32سنة على الانتهاء من خدماته، هناك من يقول انه كان جاسوسا لاسرائيل وعملمن خلال رغبته في الحصول على مال (بلغ مجموع ما تقاضوه 3 ملايين دولارخلال ست سنوات) ومن خلال عدائه للنظام المصري بسبب سياسة التأميم التيأفقدت عائلته أملاكها، وهناك من يحمل رأيا آخر، مثل رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية، ايلي زعيرا، الذي يعتقد بأنه كان جاسوسا مزدوجا استخدمتهالمخابرات المصرية لتوصيل معلومات لاسرائيل معظمها معلومات صحيحة تؤدي الىزرع الثقة به وقسم منها معلومات مبرمجة أرادت مصر أن تصل الى اسرائيل بهدفتضليلها وطمأنتها. وقد حسمت لجنة التحقيق الأمر بقولها ان هذا المصدر كانجاسوسا لاسرائيل فقط وليس مزدوجا. وقبل عدة سنوات، في أعقاب ظهور هذاالجاسوس في احتفال بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، الى جانب الرئيس المصريالحالي، حسني مبارك، أقيمت لجنة تحقيق استخبارية في اسرائيل لتعيد التحقيقفي شخصية هذا الرجل وهل كان جاسوسا مخلصا لاسرائيل أم انه كان مزدوجا،وتوصلت اللجنة الى القناعة بأنه كان مخلصا لاسرائيل، وإذا كان قد نقلأخبارا مضللة فإنه فعل ذلك من دون قصد وان من المحتمل أن يكون قد انكشف فيمصر فراحوا يستغلونه ويوصلون اليه المعلومات المنقوصة والموجهة بهدفالتضليل. وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن طبيعة هذا المصدر، فقد نجحالمصريون والسوريون، من خلاله وغيره، في تحقيق هدفهم لتضليل اسرائيل حتىتطمئن بأن الاستعدادات لحرب التحرير ما هي إلا تدريبات ناجمة عن خوفهممنها. فقد أدرك المصريون والسوريون، كم هم القادة الاسرائيليون مغرورونومتغطرسون ومستهترون بالقدرات العربية على القتال واسترجاع أراضيهمالمحتلة. فجعلوا من هذا الشعور بالقوة بمثابة عنصر ضعف لدى الاسرائيليين.واستغلوه الى أقصى الحدود. فإذا كان الجنرالات الاسرائيليون مطمئنين تماماالى ان الجيش الاسرائيلي متفوق على العرب في كل شيء، فقد عزز القادة العربآنذاك هذا الشعور لديهم وراحوا يبثون الأخبار التي تتحدث عن قرب عدواناسرائيلي عليهم ويجرون على الأرض تدريبات عسكرية واسعة ويتظاهرون بأنهاتدريبات دفاعية لصد هجوم اسرائيلي وليست تدريبات هجومية لتحرير الأرض.ونجحت الخطة العربية، كما نقرأ في هذه الحلقة والحلقات القادمة من هذهالوثائق، فإذا كان العرب هم الذين يتكلمون بعربدة ضد اسرائيل قبل حرب عام1967 واسرائيل تقوم بدور الضحية وتناشد العالم أن ينقذها من العرب الذينيريدون إلقاءها في البحر، فإن اسرائيل هي التي عربدت بعد حرب 1967 وراحتتستخف بالعرب وتخطط لإلحاق هزيمة كبيرة أخرى بهم تجعلهم «يرجون وقف النارويوافقون على السلام»، فيما العرب يقولون ان اسرائيل تهددهم وهم خائفون. والجديد هو ان اسرائيليين كثيرين اعترفوا للعرب بالعديد من النجاحاتوالانجازات في هذه الحرب، بما في ذلك في القتال، ولكن لجنة أغرنات تمتدحبشكل خاص الاداء في موضوع التضليل، كما سيلاحظ لاحقا. واليكم حلقة أخرى من تقرير لجنة أغرنات: * التقرير * 64. لقد واصلت شعبة الاستخبارات العسكرية تحقيقها (حول صحة الخبر القادممن «مصدر أجنبي جيد» حول قرار الحرب المصري السوري المشترك)، وفي 4 أكتوبر(تشرين الأول)، تلقت خبرا آخر كان ملائما لتوجهها منذ بداية القضية. فحسبهذا الخبر، تم الاستنتاج بأن الهجوم على اسرائيل متوقع ليوم 1 أكتوبر(مشطوب من الرقابة)، ففي حالة ما سيوقفون التدريبات (المصرية) بإعطاء كلمةالسر وينتقلون الى حالة العمليات التنفيذية. وتم التفسير بالقول انالتغييرات في تشكيلات القوات في الجبهة الجنوبية أدت هي ايضا الىالاستنتاج بأن هناك هجوما متوقعا على اسرائيل. وبهذا تم انهاء معالجة شعبةالاستخبارات العسكرية لهذه الأخبار. وفي الواقع ان تدريبات حملت نفس «كلمة الرمز»، قد جرت في نهاية أغسطس (آب)1973 (انظر الملحق السابع من الرسالة من يوم 24.12.1973 في وثيقة البيناترقم 140 أ)، ومن هذه الناحية فإن لخبطة ما بين أحداث الماضي وأحداث الحاضرقد وقعت في الخبر الأول على ما يبدو. لكن الخبر عزز الرأي القائل إنالتدريبات ستتحول الى عملية حقيقية، وهناك العلامات والدلائل الأخرى(تغيير في تشكيلات العدو في الجبهة وغيرها..)، وكان على شعبة الاستخباراتالعسكرية ان تعطي رأيها في هذا الجانب المهم من القضية. كما يبدو، فإنشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي رأت تأكيدا لآرائهاالتشكيكية (في قدرة المصريين على الخروج الى الحرب)، مما جاء في الخبرينالأولين، حيث انهما أكدا موعد الحرب في الأول من أكتوبر، بينما هذاالتاريخ مر من دون أن يبادر المصريون الى الهجوم. لكن لا بد من التدقيق في هذا الموضوع: فقد قيل في الخبر انه «في الفاتح منأكتوبر، تبدأ عملية هجوم على اسرائيل»، وفي الخبر الثاني جاء ان «العمليةستبدأ فعلا بتدريب»، في حين ان شعبة الاستخبارات العسكرية تعرف بأن«التدريب» سيستغرق من 1 وحتى 7 أكتوبر (أنظر وثيقة البينات رقم 111، ونشرةالاستخبارات العسكرية رقم 257/73 من يوم 30 سبتمبر(أيلول)، البند (1).كذلك عرفت شعبة الاستخبارات العسكرية ان الاستعدادات لهجوم مصري حقيقي يجبأن تستمر 5 أيام في الأقل (أنظر وثيقة البينات رقم 115 من يوم 16 أبريل(نيسان) 1973: «معطيات لتقدير الوضع لدى قيادة هيئة الأركان العامة ـ مصروسورية» ـ وثيقة أعدت في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية،البند 5 (د)، صفحة 6). إذن فالخبران الأولان أشارا الى يومي 5 أو 6 أكتوبر كيومين مصيريين احتاجاالى استعدادات خاصة من طرفنا، ويحظر المرور عنهما مر الكرام، لمجرد ان يومالأول من أكتوبر مر بسلام. فقد كان في الخبرين ما يكفي لأن يفند فرضيةشعبة الاستخبارات العسكرية بأن «التدريبات» هي فعلا تدريبات فقط. والمعروفان دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، رمت جانبا هذين الخبرينبدافع الافتراض الخاطئ، والذي تعود جذوره الى نظريته حول «الفرضية»، بأنمصر لا تنوي الهجوم لأنها لا تستطيع ذلك. وكانت هناك فضيحة ثانية في هذه القضية المؤسفة، تتعلق برئيس الفرع الخامس(المتخصص في الموضوع السوري في شعبة الاستخبارات العسكرية) سنعالجها فيمابعد (البند 110). 65. لقد كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية أخبار من مصدر آخر تلزمبوضع عدة علامات استفهام أمام الطرح بأن الحديث جار فقط عن تدريبات. أحدهذه الأخبار قال: القيادة العامة (المصرية) اتخذت اجراءات عاجلة، بينهاارسال وحدة مدرعة من قاعدتها في القاهرة الى الجبهة، تسيير قافلة طويلةتضم أجهزة لعبور الحواجز المائية قبل أربعة أيام (؟) باتجاه الاسماعيلية،الغاء كل الدورات العسكرية، انضمام كل الناس (يقصدون أناس الجيش، أيالضباط والجنود) الموجودين في عطلة الى وحداتهم العسكرية، تأجيلالامتحانات المقررة للمرشحين للترقية بدرجة، استدعاء وحدتين من (قوات)الاحتياط ورفع درجة التأهب والردع (وثيقة البينات رقم 145، الوثيقةالأولى). المؤكد هنا هو ان الحديث في تلك الأخبار كان يجري عن استعدادات لعمليات(حربية) حقيقية. فقد كان من الواجب أن يساورهم الشك في أن المسألة ليستمجرد تدريبات (خصوصا بعد نقل أجهزة العبور، وهي التي لم تشاهد في أوجمراحل التوتر في نهاية سنة 1972 ـ شهادة زعيرا في صفحة 676).... (رقابة).مثل هذا الخوف لم يخطر ببال دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية،فقاموا بقذف الخبر عن جدول الاهتمام ولم يضموها الى النشرة ولم يبلغوا بهارئيس أركان الجيش (شهادة رئيس الأركان في صفحة 3877). العميد شيلو أرسللنا كتاب تفسير طويلا في هذا الموضوع، أعده المقدم بندمن، وهو الذي اشغلفي حينه منصب رئيس الفرع السادس (المسؤول عن الموضوع المصري في الدائرة)(وثيقة البينات رقم 120 أ، الملف الرابع). ويحلل المقدم بندمن تفاصيلالخبر ويلخص أقواله (في نهاية الصفحة الثانية): «.. لم يكن فيه أي عنصر لم نعرفه من قبل، فقد حصلنا (على المعلومات) منمادة (أخرى) وصلت الينا حتى تلقي الخبر. اضافة الى ذلك، فإن الصورة التيارتسمت لدينا من المادة (الأخرى)، هي انه مجرد تدريب. ومن هذا المنظاررأينا أيضا التفسير «الصحيح» لبقية المركبات الموجودة في الخبر». ان هذا التفسير يخطئ الهدف الأساس: ففي أعقاب هذا الخبر، كانت هناك حاجةلأن يعيد فحص الأمر بكل جوانبه، وإن كان ذلك مجرد تدريب أم انه غطاءللتمويه على النوايا الهجومية. 66. لقد تجمعت هناك أخبار (أخرى) (تم تركيزها في وثيقة البينات 145 وكذلك146 و147)، كان من المفروض ان تثير شكوكا خطيرة ازاء نوايا العدو، مثلالمكالمة بين ضباط الاتصال (المصريين) في يوم 3 أكتوبر حول «العبور» الذيسيتم. وهكذا جرت المحادثات (وثيقة البينات رقم 145 الوثيقة 5): (هنا تشطبالرقابة كل الفقرة التي تتضمن تلك المكالمة). لقد ألغت شعبة الاستخبارات العسكرية الأخبار من هذا النوع باعتبار انهامجرد ثرثرات تافهة سمع مثلها أيضا في الماضي، من دون أن تسفر عن شيء.الفصل الثالث الخداع المصري ـ تمويه، تضليل وتغطية 67. شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش الاسرائيلي رأت في كل الأخبار البالغة الوضوح، التيفصلناها آنفا، والتي كان يجب النظر اليها من خلال التحركات المشبوهة للجيشالمصري باتجاه القناة، من خلال تعزيزاته الحربية، رأتها منسجمة مع فرضيتهاالقائلة إن ما نشهده هو تدريب كبير يحمل الكلمة السرية «تحرير 41». وكلمابدت تلك الظواهر أكثر خطورة، كانوا في شعبة الاستخبارات العسكرية يفسرونبأن التدريبات أكثر شمولية وأكثر تأكيدا على انها مجرد تدريبات، وذلك علىالرغم من انها ـ حسب نوايا منفذيها ـ أقرب شبها الى استعدادات الخروج الىهجوم حقيقي. وقد تعززت هذه القناعة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية، ازاءوسائل التمويه والتضليل وأساليب التغطية التي اتبعها القادة المصريون حتىمع قواتهم، وبنجاح كبير. فقد انجرفت شعبة الاستخبارات العسكرية وراء هذهالوسائل ووقعت في الفخ الذي نصبه لها العدو. ومن بين هذه الوسائل نذكر مايلي:
* التمويه والتضليل * 68. (أ) نقل تفاصيل عديدة عن «التدريبات» (المصرية الى اسرائيل) وايضاعن تدريب «تحرير 41» المزمع تنفيذه، بواسطة الاتصالات اللاسلكية المصرية. (ب) اعطاء تعليمات ونشر خبر حول ذلك في الصفحة الأولى من صحيفة «الاهرام»،من يوم 4.10.1973، يقول ان وزير الدفاع (المصري) قرر السماح لمن يرغب منالضباط والجنود بأن يسافر الى الحج في مكة (يقصدون اداء العمرة، حيث أنهفي تلك الفترة لم يكن موسم الحج، بل كان شهر رمضان المبارك)، و(الاعلان)ان يوم 11 أكتوبر سيكون آخر يوم تقبل فيه طلبات المعنيين (أنظر ملف وثيقةالبينات رقم 82). لقد قدرت شعبة الاستخبارات العسكرية بأن هذا الخبر يدلعلى استمرار «الحياة الروتينية الرتيبة» في الجيش المصري (نشرةالاستخبارات من يوم 2 أكتوبر، ملف وثيقة البينات رقم 82). (ج) نشر أخبار علنية بواسطة وسائل الاعلام المصرية والسورية حول مخاوفهممن هجوم اسرائيلي في الأيام القريبة (المصدر نفسه، في ملف وثيقة البيناترقم 82). (د) في نهاية شهر سبتمبر 1973 تم تسريب تلميحات الينا من السوريين، بواسطةضابط في الأمم المتحدة، بأنه حان الوقت للعودة الى إجراء لقاءات (لضباطسوريين) مع اسرائيليين، كتلك التي أقيمت قبل سنوات عديدة في روش بينا(بلدة اسرائيلية قريبة من الحدود الدولية بين سورية واسرائيل، وهذه البلدةتقوم مكان بلدة فلسطينية تدعى الجاعونة، وقد هدمت وشرد سكانها عام 1948)وفي جسر بنات يعقوب (في منطقة الجولان السورية المحتلة) (المصدر نفسه، فيملف وثيقة البينات رقم 82). (هـ) ابلاغ لرجال جيش الاحتياط (المصريين) الذين تم استدعاؤهم للخدمة مابين 28 و30 سبتمبر «لغاية التدرب على عملية الامتثال والتدريب والتنشط»،سيتم تسريحهم في العاشر من أكتوبر. وقد جاء تقدير شعبة الاستخباراتالعسكري في الجيش الاسرائيلي حول ذلك بأنه تدريب (عادي) مندمج مع تدريبللقيادات (نشرة الاستخبارات رقم 257/73، من يوم 30 أكتوبر ـ في وثيقةالبينات رقم 111). (و) (اصدار) أوامر لوقف كل الدورات للضباط «لكي يجنوا ثمار التدريباتالتكتيكية»، مع التأكيد في الوقت نفسه على ان الدراسة في الكلية العسكريةوالقيادة وكذلك كل دورات التدريب ستستأنف ابتداء من الساعة 8:30 من صباحالتاسع من شهر أكتوبر (بعد انتهاء التدريبات) (المصدر نفسه، في ملف وثيقةالبينات رقم 82). (ز) الاسم الذي اعطي لهذا التدريب الصوري كان «تحرير41». في حرب يوم الغفران وقعت في أيدينا عدة وثائق كغنائم (وثيقة البيناترقم 299) التي تحتوي بين ما تحتوي عليه «تعليمات تنظيمية للتدريب التابعللمركزين التابعين للقيادة الاستراتيجية التنفيذية من ذوي درجتين في وسائلالاتصال ـ تحرير 41». في البند التاسع من (تلك التعليمات) جاء انه يجباستخدام الهواتف السلكية وأجهزة الارسال بالصورة وضباط اتصال متحركينبوسائل النقل، ويحظر استخدام الاتصالات اللاسلكية إلا بإذن خاص من قائدالتدريبات. ربما تكون القيادة المصرية قد نجحت بهذه الوسائل في اخفاءالحقيقة عنا حول الأوامر الحقيقية. (ح) كان بايدينا خبر...... (رقابة) يقول انه في حالة الحرب سوف يخبو اللهبمن فوهة الغاز في حقل النفط «مرجان»، على الطرف الغربي من القناة، لأن عملالحقل سيتوقف. لكن هذا اللهب لم يخب لا عشية الحرب ولا حتى خلال الحرب(شهادة الجنرال زعيرا، صفحة 666 فصاعدا). ربما يكون المصريون قد امتنعواعن اطفاء اللهيب لكي يخدعونا. (طـ) حتى ما قبل اللحظة الأخيرة من بدء الهجوم، شوهد جنود مصريون يتسكعونقرب القناة وهم بلا أحزمة ولا خوذ، يتصرفون بشكل عادي بل يصطادون السمك فيالقناة (مع ذلك تجدر الاشارة الى انه في يوم 4 أكتوبر شوهد جنود مصريونعلى القناة أيضا وهم محزمون ويتزنرون بأحزمة الانقاذ، وآخرون يضعون كماماتالغاز على وجوههم) ـ تقرير العمليات ووثيقة البينات رقم 80).
* الإخفاء * 69. قال الجنرال زعيرا في شهادته أمامنا (صفحة 5740 فصاعدا)، ان عمليةالخداع المصرية نجحت بشكل كبير لدرجة انه باستثناء بعض كبار القادةالمصريين من أعلى الدرجات، فقد تمكنوا من اخفاء حقيقة النوايا الحربيةالهجومية الحقيقية حتى عن القوات المصرية نفسها، الى ما قبل ساعات قليلةمن بدء الحرب. وسنفحص الآن كم يوجد من الصدق في ادعاءات شعبة الاستخباراتالعسكرية بأنه لم يكن بمقدوره اختراق ستار الخداع الذي فرشه المصريون. وثيقة البينات رقم 218 (يوجد أيضا في وثيقتي البينات رقم 299 و300) وكذلكوثائق أخرى، تضمنت أوامر تتعلق بعملية هجوم حربي مصري ينفذها الجيش الثالثفي سيناء، تحت اسم «غرانيت 2 مصحح». وهناك سلسلة أوامر تستند الى أوامرعمليات كانت قد صدرت حتى النصف الأول من شهر سبتمبر 1973. في أمر العملياترقم 73/40 الذي أصدرته قيادة الجيش الثالث، في يوم 27.9.1973، جاء : «تقررالسماح بتنظيم المعركة في الدرجات التالية وحسب المواعيد المسجلة في كلمنها: 1. حتى درجة كتيبة مشاة أو ما يعادلها ـ حتى 30 سبتمبر 1973. 2. حتى درجة سرية او أقل ـ حتى 1-2 أكتوبر 1973. 3. يجب الحفاظ بشدة على السرية المطلقة في التخطيط والتنفيذ. 4. ..(الوثيقة نفسها موجودة في وثيقة البينات رقم 299، ص 14) في ضوء هذاالأمر التنفيذي، اصدر قائد قسم العمليات في قيادة الوحدة 19 (للجيشالمصري)، أمرا حربيا رقم 73/28، فجاء فيه: «تقرر السماح بالاعداد للمعركة بالمستويات المسجلة وبالتواريخ المرافقة(وهنا تنشر المواعيد المذكورة أعلاه في الأمر رقم 73/40 – التأكيد (بوضعالخط تحت الكلمات، هو( من طرفنا)». أمر العمليات رقم 73/41 (وثيقة البينات رقم 299) ـ وهو بمثابة وثيقة ترميالى تنظيم السيطرة على القوات خلال ادارة المعركة الهجومية (الذراعالتنفيذية، الجيش الثالث، قيادة الوحدة 19)، يحدد بأن الاستعداداتالهجومية للقوات يجب أن ينتهي حتى الساعة 06:00 من يوم 5 أكتوبر 1973. بعدذلك، يفصل الأمر أوامر اطلاق العمليات، حسب طريقة «ساعة الناقص (أي الحدالأدنى) وساعة الزائد (الحد الأعلى)، ولكنها لا تحدد ساعة الصفر». أوامر رئيس طاقم قيادة الجيش الثالث الميداني 73/43، من يوم 3 أكتوبر 1973(وثيقة البينات رقم 218)، تحدد الساعة 5:00 ـ 6:00 موعدا يجب أن يسجل الىجانب العمليات التي يراد تنفيذها في كل فرع – لأنه «موعد إتمامالاستعدادات للقوات المسلحة في عملية «غرانيت 2 مصحح». وهبط هذا الأمر الىدرجات مهزوزة (يقصدون الى مستوى الوحدات المحلية التي يكون اختراقها أسهلمن الدرجات العليا)، حسبما دلت الوثائق المصادرة (من الجيش المصري خلالالحرب)، وبضمن ذلك لواء المدرعات 25. والأوامر التنفيذية «غرانيت 2 مصحح»هي خطة الهجوم مع الاشارة الى ان الموعد النهائي لساعة الصفر يتقرر بعدإتمام الاستعدادات الحقيقة (وليس فقط الاستعدادات في «التدريب») ويكون(حاليا( 5:00 ـ 6:00. 70. أعرب الجنرال زاعيرا في شهادته عن الاعتقاد بأنه من خلال استجوابالأسرى (المصريين)، فهم ان الأمر الحربي 73/40 لم يعط إلا لكي يتم تدريبالقوات المصرية بصورة مشابهة بأكبر قدر ممكن للعملية الحربية الحقيقية(صفحة 5741). وفي هذا الاطار قدم لنا، فيما قدم، إفادة أسير (عقيد كانرئيس قسم العمليات في الجيش الثالث). قال هذا الأسير (وثيقة البينات رقم301، صفحة 4)، إنه لم يكن يعرف بأن الحرب شتنشب الى حين تلقي الأمر منقائد الجيش الثالث، في ساعة مبكرة من صباح السادس من أكتوبر. كل الوقتقالوا لهم ذاهبون الى الحرب، ولكن وبما انه لم لم يحدث أي شيء في المراتالسابقة فإنه لم يقتنع بإنها ستنفذ هذه المرة. إذن، حسب التعليماتالنظامية لـ«تحرير 41» (وثيقة البينات رقم 299)، اتضح ان القيادة المصريةتمكنت من التمويه على نواياها في (الخطة الحربية) «غرانيت 2 مصحح» مظهرةاياها وكأنها تدريبات عادية. ومن الواضح انها، وفقا للتعليمات التي ذكرنابعضا منها، فقد كانت تمويهات بسيطة ومن المشكوك فيه أن تكون نجحت في تمويهكل درجات القيادة المصرية. من المحتمل أن يكون قسم من الضباط المصريين قداعتقدوا بأنه في ضوء تجارب الماضي، لن تنشب الحرب أيضا هذه المرة. لكنضباطا آخرين، بالمقابل، تعاملوا مع الاستعدادات بكل جدية. وتدل على ذلكوصية كان قد كتبها ضابط مصري في الأول من اكتوبر 1973 (وثيقة البينات رقم218)، بعدما تلقى الأمر حول العملية، كما يبدو في اليوم نفسه. لقد كانت أوامر العملية، التي ذكرناها، أوامر ملائمة لحالة الخروج الىعملية حقيقية، باستثناء مسألة تحديد ساعة الصفر الحقيقية. الاستعداداتكانت استعدادات حقيقية وأوامر العملية كانت أوامر لعملية حقيقية. فقط أمرواحد كان ناقصا لتتحول الاستعدادات الحقيقية الى هجوم حقيقي: الأمر الذيتذكر فيه ساعة الصفر، وذلك بعد أن ذكروا الساعة 5:00 ـ 6:00.
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:14
الوثائق الإسرائيلية ـ البحرية الإسرائيلية استشعرت الخطر لكن الاستخبارات هدأت من روعها إبحار بارجتين مصريتين إلى بورتسودان واستعدادات أخريين في عدن أعطت انطباعا بإمكانية الحرب
تل أبيب: نظير مجلي نواصل في هذه الحلقة من تقرير «لجنة أغرنات» للتحقيق في إخفاقات اسرائيلفي حرب أكتوبر 1973، نشر الفصول التي تتركز على الأفكار المستهترة فيقيادة الجيش الاسرائيلي بالقدرات العربية، وخصوصا لدى شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش. وبعد أن كانت لجنة التحقيق قد أشادت بالقدرات المصرية ـ السورية على خداعوتضليل اسرائيل بمعلومات مدسوسة بشكل مقصود وأوقعتها في الفخ عدة مراتوعلى مدى فترة طويلة، تحاول اللجنة في هذه الحلقة الادعاء بأن النجاحاتالعربية في تضليل اسرائيل، كانت عن شطارة، ولكن ليس عن عبقرية. فالأحداثتطورت بطريقة كان يجب على الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ان ترصدهاوتكتشف معالمها. ولكن اهمالها واستهتارها حتى بالمعلومات المؤكدة التيوصلت اليها، جعلاها تضيع البوصلة وتستنتج ان السوريين كانوا في حالة طوارئدفاعية فقط والمصريين كانوا في تدريبات عسكرية شاملة، لكنهم لن يحاربوااسرائيل لأنهم يخافون من الهزيمة والفشل. 71. على أية حال، كانت مطلوبة يقظة خاصة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية فيفترة التدريبات الشاملة [في مصر]، لأن شعبة الاستخبارات العسكرية عرفتجيدا ان من هذه التدريبات التي جرت تحت عنوان عبور القناة، كان في مقدورالعدو أن ينتقل الى هجوم فعلي وأن التدريبات يمكن أن تتحول دائما الى غطاءللنوايا الهجومية. وسنرى لاحقا (البند 106)، انه في سنة 1972 أعربت شعبة الاستخباراتالعسكرية عن تقديرها بأن خطرا كهذا غير قائم، وأضافت في مجال الحديث عنقدراتها في اعطاء التقديرات انها «في كل حالة سيكون واضحا لنا ما هيالعملية العينية [التي يريد المصريون أو السوريون تنفيذها]، وفي الأساس فيحالة تنفيذ العملية على خلفية توتر عام.. أو على خلفية تدريبات شاملة فيالجيش المصري تشمل تحركات لقوات على نطاق واسع». لقد كانت قناعة شاملسائدة في صفوف ضباط شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه عندما يقيم العدوتدريبات على نطاق واسع فإن ذلك يشكل علامة واضحة على وضع قد يتطور الىحرب. الجنرال الذي قاد شعبة الاستخبارات العسكرية قبل الجنرال زعيرا،أهرون يريف، عمم في ديسمبر [كانون الأول] سنة 1971 أمرا على ضباط الشعبة،جاء فيه انه من ناحية استخبارية يجب النظر الى كل تدريبات على نطاق واسععلى انها أمر يحتوي في طياته على احتمالات الحرب، مما يوجب تعزيز شبكةالردع (شهادة يريف، البروتوكول، صفحة 3258). وفي الاستخبارات التابعةللواء الجنوبي تم في 18 أبريل [نيسان] 1972 اعداد مسودة لوثيقة (موجودة فيملف ـ«وثيقة العلامة الجيدة» الذي جمعه العقيد في الاحتياط، نابو)، تمفيها تحديد العلامات الدالة [على خطر الحرب]. وفي البند الثاني منها ذكرتعدة علامات دالة، منها: «العمليات الهجومية التي تتم وسط غطاء تدريباتتكون [في حالة]: 1. ابقاء العملية سرية حتى تنفيذها (التغطية عليهابالتدريبات). 2. استغلال الحشودات وتنظيم القوات» (شهادة المقدم غداليا،البروتوكول، صفحة 6028 فصاعدا، تفاصيل أخرى عن هذه الوثيقة أنظر في الجزءالثالث من الفصل السادس). كذلك، من رد الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي على استفسارات عناصر المخابرات الأجنبية، لاحظنا ان شعبةالاستخبارات مدركة الخطر في تدريبات تحمل في طياتها خطر الهجوم (أنظرالبند 59، آنفا: «المصريون يقيمون الآن تدريبات على نطاق واسع تشمل القواتالبرية والجوية والبحرية، وهذه تستطيع بالطبع أن تشكل غطاء للنواياالهجومية»). كان محظورا على شعبة الاستخبارات العسكرية أن تتراخى في شكوكها المطلوبةازاء كل تدريب كبير، مهما زادت أعداد الأخبار القائلة انه [مجرد] تدريب(وبالفعل كانت هناك أعداد كبيرة من الأخبار)، إلا انه كان من واجبها انتزن بحذر شديد ما إذا كانت هذه الأخبار متقاطعة مع عملية خداع محسوبة. إن الفرق بين المظهر العرضي للمناورة، التي كانت في مضمونها «التدرب علىعبور السويس»، وبين «المناورة» التي كانت في مضمونها استكمال حقيقيللاستعدادات للعبور حتى ما قبل موعده الدقيق يوم/ساعة، هو في «العلاماتالدالة» التي ترافق الاستعدادات الحقيقية. وهذه «العلامات الدالة» بالذاتهي التي اعتبرتها شعبة الاستخبارات العسكرية "استثناءات" وليس "علاماتدالة" (أنظر البند 73 لاحقا)، والسبب في ذلك يعود لأنها رأت فيها استثناءللفرضية [القائلة] بأنه بسبب توازن القوى في الجو [لصالح اسرائيل]، فإنمصر لن تخرج الى الحرب. لهذا السبب وليس بسبب «العبقرية» المصرية بلعتشعبة الاستخبارات العسكرية «الطعم» بأن الحديث جار عن تدريب. لو تعاملت قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية في قيادة هيئة الأركان بانفتاحتجاه «العلامات الدالة»، لكانت استطاعت أن تحدد تفكير وأحاسيس رجالالاستخبارات وتجبرهم بذلك على اعطاء جواب موزون ومسنود للسؤال: ما هينوايا مصر أن تفعل، حينما تكون قواتها – سوية مع قوات الجيش السوري – فيحالة تأهب بكامل قوتها وفي حالة استعداد تامة واتجاه معركتهم اسرائيل. لهذا، فإننا نعتقد بأن دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية لاتستطيع تبرير فشلها بالتذرع في نجاح العدو في عمليات الخداع، إذ انه وعلىالرغم من الجهود [للعمل] بسرية وإخفاء نوايا العدو، فقد كان لدى شعبةالاستخبارات العسكرية، في حينه، الكثير من المعلومات التي تلزمها بالخروجباستنتاجات تفيد بأن العدو ينوي الهجوم. ففي نهاية المطاف، هذا هو الهدفالأول لكل جهاز مخابرات، أن يخترق شاشة الخداع التي يفردها العدو. وفي هذهالحالة، كانت الشاشة شفافة للغاية. تدريبات سابقة 72. لقد أكد الجنرال زعيرا [رئيس شعبة الاستخبارات العسكريةفي الجيش الاسرائيلي] أمامنا الحقيقة بأنه في ثلاث مرات في الماضي نفذالجيش المصري تدريبات كبيرة من دون أن تنفجر الحرب، وحاول كثيرا أن يساويما بين حجم التشكيلات المصرية ومركباتها لكي يظهر انه في هذه المرة أيضالم يكن ما هو استثنائي بالمقارنة مع المرات السابقة (صفحة 673 فصاعدا).حول هذا الادعاء يجب أن نقول: (أ) من شهادة الجنرال زعيرا نفسه (في نهاية صفحة 676)، تتضح علامة دالةواحدة كانت غائبة. فقد حرك [الجيش المصري] وحدات الجسر [الكباري]، وهذهالخطوة لم تكن في المرات السابقة، ولا حتى في أيام التوتر في نهاية سنة1972 أو على الأقل لم تكتشف. (ب) حتى لو رأينا «التدريبات» هذه المرة شبيهة للتدريبات في المرات الثلاثالسابقة، فإن ذلك لا يشكل أي دليل حول مضمون التدريب الرابع، خصوصا إذاتذكرنا بأن كل تدريب كهذا يمكن أن يتحول الى هجوم. بكلمات أخرى: إذا لميكن التدريب علامة تنفي النوايا الهجومية، فإن تكرار التدريب مرة ومرتينوثلاثا، لا يعزز بشيء الفرضية بأنه في المرة الرابعة لا ينوي العدو أنيهاجم. لا بل كان على شعبة الاستخبارات العسكرية ان تأخذ بالاعتبار أنهأيضا في المرات السابقة كانت التدريبات مجرد غطاء لنوايا هجوم حقيقيةولكنها لم تتحقق لسبب ما، أو أن تأخذ بالاعتبار ان التدريبات على عبورالقناة في اطار هجوم شامل، جاءت [على أساس] انه مع كل تدريب أضافي تصبحقوات العدو أكثر استعدادا للهجوم في عملية [حربية] حقيقية. علامات لا تلائم الادعاء حول «التدريب» 73. ليس هذا وحسب، بل انه في هذهالمرة اكتشفت الكثير من العلامات التحذيرية، بالأساس من الرصد الميدانيوأيضا من مصادر أخرى، لم تلائم أبدا الادعاء بأن [النشاطات العسكريةالعربية] اقتصرت على التدريب، وذلك حتى قبل الصور التي التقطت في 4 أكتوبر[تشرين الأول]. ففي 2 أكتوبر تم رصد حركة غير عادية في منطقة القناةلسيارات حربية مصفحة وأجهزة عبور. وخلال الأسبوع كله، نفذت أعمال كثيرةلتحسين طرق النزول الى الماء، بما في ذلك فتح الجدران الرملية التياستهدفت إغلاق الطرق أمام النزول الى الماء وإعادة إغلاقها من جديد، فيالمنطقة الجنوبية (شهادة المقدم غداليا، صفحة 2265). ورصدت زيارات مكثفةللضباط في المواقع المحاذية للقناة بواسطة سيارات حربية وتم تعزيز التسلح.الدبابات كانت على أهبة الاستعداد للصعود الى المنصات. شوهدت تفجيرات فيمياه القناة، ربما لإزالة الألغام (نشرة الاستخبارات رقم 423/73 من يوم 5أكتوبر في وثيقة البينات رقم 111 البند 25، وكذلك التفاصيل الواردة فيتقارير المخابرات في اللواء الجنوبي، وثيقة البينات رقم 80، والتفاصيل فيالبند 237 لاحقا، وتقرير المخابرات في الكتيبة 252 المقدمة الى مخابراتاللواء – وثيقة البينات رقم 190 وتقارير المخابرات اليومية في الكتيبة،وكلها من جمع الجنرال في الاحتياط، موشيه غورن. كذلك تمعن في الوثائق التياشار اليها الملازم أول سيمن طوف، في مسودة وثيقة البينات رقم 318 والتيقدمها الى المقدم غداليا في يوم 3 أكتوبر، البند 268 لاحقا). في التلخيص الأسبوعي الذي أجرته شعبة الاستخبارات العسكرية ويحمل الرقم40/73 وقد تم الانتهاء من إعداده في 4 أكتوبر، جاء في الصفحة 17 منه انهناك «عددا من الخطوات التي اتخذت في اطار هذه التدريبات تبدو في تقديرناشاذة»، بينها التفتيشات الخاصة [في الحواجز التي أقيمت على الطرقات]وتحركات القوات في المطارات المصرية. وعندما استخدمت دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية هذا التعبير «خطوات شاذة»، بدا وكأنها تحرر نفسها منالواجب في اعطاء هذه الخطوات كامل الأهمية بصفتها ذات معان تحذيرية. قيادة سلاح البحرية كانت قلقة من التحركات غير العادية في الأسطول المصري.في 28 سبتمبر [أيلول] وصل خبر يتحدث عن إبحار بارجتين من سفاجة في البحرالأحمر الى بورسودان، خلال استدعاء الطواقم العودة الى البارجتين (شهادةالعقيد لونتس، رئيس دائرة الاستخبارات في سلاح البحرية، صفحة 1318 و1329،وثيقة البينات رقم 141 ونشرة شعبة الاستخبارات العسكرية من يوم 1 أكتوبر،صفحة 3). لقد أثر هذا الخبر على العقيد لونتس لدرجة انه قال لقائد سلاحالبحرية ان لديه شعورا بأن سلاح البحرية المصري قد ينتقل الى الحرب. لكنهلم يقترح اعطاء انذار للسفن المدنية (شهادته في صفحة 1331 - 1332). ونتيجةلذلك، تم في يوم 3 أكتوبر، رفع مستوى الاستعداد في سلاح البحريةالاسرائيلي. لقد أجرى المصريون استعدادات لتجنيد 20 قارب صيد مدني،والباخرتان الحربيتان المصريتان الراسيتان في ميناء عدن وضعتا في حالةاستعداد للإبحار في غضون 6 ساعات. وأشارت شعبة الاستخبارات العسكرية فيالجيش الاسرائيلي في نشرتها من يوم 1 أكتوبر (البند 12) الى ان «هذه هيالمرة الأولى منذ وقف اطلاق النار، التي يجري فيها الجيش المصري تدريباتشاملة في جبهتين في آن واحد»، لكن ـ تواصل تقديراتها ـ «يبدو ان هذهالتدريبات تندمج مع التدريبات التي تتم بمشاركة الأذرع العسكرية المختلفةوربما سيتم فيه التدرب على كيفية انخراط سلاح البحرية في تشيلات الطوارئ،بما فيه الاستعداد لإخراج السفن الى البحر». وفي يوم 4 أكتوبر هدأ قائدسلاح الجو من روعه على اثر الأنباء المطمئنة التي تلقاها من شعبةالاستخبارات العسكرية وأعاد سلاح البحرية الى حالة الاستعداد العادية(شهادة الجنرال تيلم، صفحة 2016 فصاعدا). نوعية التدريبات 74. يجب أن نذكر عنصرا اضافيا كان من المفروض أن يثيرالشكوك في صحة الادعاء بأنها كانت مجرد «تدريبات». فقد بدأت الأخبارتتوارد حول التدريبات في 25 سبتمبر (ملحق لرسالة العميد شيلو، في وثيقةالبينات رقم 170 أ، ملف 4). فعلى ما يبدو أن هذه الأخبار لم تعط صورةواضحة، لأن شعبة الاستخبارات العسكرية لم تستخدم معنى واحدا ومثابرالماهية التدريبات. في يوم 29 سبتمبر، أعربت شعبة الاستخبارات عن تقديرهابأن الحديث يجري عن «استعدادات لتدريب على استدعاء الاحتياط للجنودالسابقين الذين تم تسريحهم في الأول من يوليو [تموز] 1973. ويشمل التدريبالامتثال في الوحدات والإنعاش، وكان من المفروض ان ينتهي قبيل منتصف شهرأكتوبر 1973" (نشرة 410 في وثيقة البينات رقم 111). ولكن في 30 سبتمبركانت تقديراتها تقول انه كان من المفروض أن تتم في 1 وحتى 8 أكتوبر"تدريبات واسعة النطاق للقيادة العامة في موضوع احتلال سيناء"، وانه ليسمن المستبعد ان يجري في اطار هذه التدريبات، ضم الألوية والوحدات مع تجنيدالاحتياط (نشرة 257/73، المصدر نفسه، وفي نفس اليوم في نشرة 413/73): «رغموجود تأهب في حالة قصوى في الجيش المصري، فإن الأمر على حد علمنا لا يتعلقبمبادرة حربية بل بمخاوف من مبادرة اسرائيلية وتدريبات شاملة للقيادةالعامة في الجيش المصري». في مشاورات عسكرية ـ سياسية لدى رئيسة الوزراء [غولدا مئير] في يوم 3أكتوبر، قال العميد شيلو ان التدريبات بدأت في الأول من أكتوبر ويتوقعانتهاؤه في 7 أكتوبر، وانه «في اطار هذه التدريبات تمت كما يبدو، مرحلةتنفيذ الاستعدادات فقط، والتي شملت الدفع بقوات من الجبهة الداخلية الىجبهة المواجهة، والسيطرة على المواقع الإدارية». في تقديرنا يتوقع المزيدمن المراحل، مثلا تدريب تكتيكي من دون قوات وربما تدريبات مع قوات». وفي صبيحة يوم 5 أكتوبر قدم الجنرال زعيرا تقريرا الى وزير الدفاع قال فيه: «أنا حائر أيضا في موضوع التدريبات. فهناك تدريبات من دون قوات وهناكتدريبات بالهواتف وهناك تدريبات للقيادة العامة. وتوجد تدريبات مع جميعالقوات. حتى الآن، لا توجد لدي مؤشرات أية تدريبات هي هذه. ربما هيتدريبات للقيادة العامة، بحيث تكون جميع الوحدات على شبكة الاتصالاتاللاسلكية» (وثيقة البينات رقم 242 صفحة 5). ويفسر العميد شيلو في شهادته (صفحة 2195): «حسبنا ان هذه التدريبات ستكون مثل التدريبات السابقة، بحيث تشمل ثلاثةأجزاء، الأول يكون في الاستعدادات.. ويشمل أيضا تحريك القوات والثانيتدريب على الشبكة وهو الذي رأينا امكانية لأن يدار بطريقة تمكننا منالمعرفة حوله، وربما [شبكة اتصال] سلكية، وقسم ثالث مع القوات...». وفي صفحة 7/ 2196 يقول انه حتى يوم 4 أكتوبر لم تكن شعبة الاستخبارات العسكرية قد شعرت بالمرحلة الثانية من التدريبات: «نحن في حالة تفكير، احترنا وتلبكنا في هذه القضية على ما أذكر ورأينا منالمحتمل أن تكون التدريبات تدار بالطريقة التي نراها أو بطريقة أخرى غيرمعروفة لنا. هذا يعني ان مضمونها ليس بأيدينا». ويقول الجنرال زعيرا في شهادته أمام وزير الدفاع [موشيه ديان] في 5 أكتوبر (صفحة 5394): «كان لدينا شك في أمرين، الأول صغير استطعت أن أجد عليه جوابا (يتعلق فينوعية التدريبات)، والثاني كبير جدا ويتعلق في موضوع الروس (الذي سنتحدثعنه لاحقا). في الموضوع الأول الصغير كان كل الخبراء يقولون لي: لماذاتتأثر، فاليوم هو الخامس من أكتوبر، والأخبار التي وصلت الينا هي منالرابع من أكتوبر، وما زال أمامنا الخامس والسادس والسابع من الشهر. فيالأيام الثلاثة الأخيرة سيتم التدرب مع القوات». ويتضح في النهاية (أ) بأن التحركات الكبيرة للقوات في الميدان بدأت في 23من سبتمبر، بينما الخبر الأول عن التدريبات «تحرير 41» وصل في 29 منه. هذهالتحركات لم تلائم الصورة التي نقلتها شعبة الاستخبارات العسكرية:«تدريبات للقيادة العامة». (ب) حتى يوم 4 أكتوبر لم تعرف شعبة الاستخباراتالعسكرية كيف تحدد ماهية المرحلة الثانية من التدريبات (تدريبات على شبكةالاتصالات) و(ج) حتى الخامس من أكتوبر لم نسمع شيئا عن بداية المرحلةالثالثة بمشاركة القوات. ومقابل ذلك، اكتشفت الصور الملتقطة من الجو في 4أكتوبر تحركات كثيفة للقوات في الميدان، مثل تقدم الكثير من المدافع ـ وهوالأمر الذي لم يلائم ايضا تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية ـ وكذلكأجهزة العبور. هذا العجز في تقدير نوعية التدريبات يثير الاستغراب والشكوكفي قلوب رجال الاستخبارات العسكرية. حيث أن كل شيء لديهم كان مبنيا علىالفرضية أنه «مجرد تدريبات في مصر». لكن هذه الشكوك (التلبك حسب أقوالالجنرال زعيرا) كان يجب أن تؤدي الى اعادة فحص فرضية التدريبات من أساسها،حتى قبل أن وصول الأخبار عن خروج [الخبراء ] الروس في 5 أكتوبر. لكن حتىذلك الوقت، لم تتزعزع ثقة شعبة الاستخبارات العسكرية في فرضية التدريبات. الفصل الرابع * المعلومات في يومي 5 و6 أكتوبر والتقديرات بشأنها في شعبة الاستخباراتالعسكرية 75. ننتقل الآن الى المعلومات التي وصلت الى شعبة الاستخباراتالعسكرية في اليومين الأخيرين [قبيل الحرب]، 5 ـ 6 أكتوبر، والى تقديراتشعبة الاستخبارات العسكرية بشأنها. خروج عائلات [الخبراء] الروس * علينا أولا أن نبحث في الأنباء حول خروج عائلات الخبراء الروس من سوريةومن مصر، الأنباء التي زعزعت ثقة شعبة الاستخبارات العسكرية بأقوالها انالحديث جار عن تشكيلات دفاعية في سورية وعن مجرد تدريبات في مصر. الخبرالأول حول ذلك وصل في 4 أكتوبر قبيل المساء (وثيقة البينات رقم 146، و17،18، 22، 29، 30). في منتصف الليل وفجر 5 أكتوبر، تم تحديد الأنباء علىأنها موثوقة (شهادة العميد بن فورات في صفحة 1621). وقد دلت الأنباء علىإعطاء الأوامر لإجلاء العائلات بشكل مهرول من سورية. فقد وصلت 5 طائرات«ايرفلوت» السوفياتية الى سورية لكي تحمل عائلات الخبراء الى بيوتها.وبالمقابل وصلت الى القاهرة 6 طائرات، مما يشير الى ان اخلاء العائلات يتمايضا من مصر (وثيقة البينات رقم 111، نشرة الاستخبارات من يوم 5 أكتوبر ـعاجل جدا، الساعة 2:40، نشرة 423/73 من ظهيرة يوم 5 أكتوبر الساعة 13:15،البنود 13 – 17، 35، 36، 42، 43، أقوال الجنرال زعيرا في رئاسة هيئة أركانالجيش في ظهر يوم 5 أكتوبر، صفحة 2). هذه الأخبار أشعلت الضوء الأحمر أمام شعبة الاستخبارات العسكرية حسب أقوالالجنرال زعيرا. وبالفعل، في النشرة المذكورة أعلاه في يوم 5 أكتوبر الساعة2:40، نقرأ عن احتمالين أساسيين: «أ. قرار سوري بإخراج المستشارين والخبراء السوفييت كما فعلت مصر. ب.إخلاء متعجل للنساء والأولاد من سورية إزاء التقدير/الأنباء الواردة منالاتحاد السوفياتي والتي تقول إن من المتوقع أن تنشب الحرب بين سوريةوربما مصر أيضا وبين إسرائيل. هذا الاحتمال يتلقى تعزيزا من الخبر (الذيلم يتأكد بعد بشكل نهائي) عن سرب من 5 طائرات «إيرفلوت» الى مصر مقابلالطائرات التي ذهبت الى سورية».
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:16
الوثائق الإسرائيلية ـ جنرال سوري نقل خطة الحرب الى الأردن.. وإسرائيل حصلت عليها نقاش حول قضية «إحراق» المصدر الذي أبلغ عن الإخلاء المهرول لعائلات الخبراء الروس
تل أبيب : نظير مجلي في هذه الحلقة تواصل «لجنة أغرنات» التحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيليفي حرب أكتوبر 1973، من خلال استمرار البرهنة على ان جهاز شعبةالاستخبارات العسكرية تصرف بإهمال واستخف بعدد من الظواهر والمعلومات التيوصلت اليه وتؤكد ان مصر وسورية تعدان للحرب. وكنا في حلقة سابقة نشرنا أنخطة الحرب التي أعدها الجيش السوري قد وصلت الى اسرائيل قبل ستة شهور منالحرب [والخطة المصرية وصلت قبل حوالي سنتين من الحرب]، وانه حسب لجنةالتحقيق فإن هذه الخطة نفذت بالكامل تقريبا عند نشوب الحرب. وعلى اثر ذلكاتصل بنا أحد الخبراء السابقين في التأريخ العسكري، وهو بنفسه كان قد شاركفي الحرب كضابط في قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية،وعمل فيما بعد في الأبحاث التاريخية، ليلفت نظرنا الى أقوال ايلي زعيرا،رئيس شعبة الاستخبارات في فترة الحرب، حيث يروي قصة تسريب الخطة السورية.فيقول ان جنرالا في الجيش السوري كان يعمل لخدمة المخابرات الأردنية هوالذي نقل الخطة الى الأردن. ووصلت الخطة الى المخابرات الأميريكية فيواشنطن. ويقول زعيرا في مذكرتاه [صفحة 96] انه لا يذكر كيف وصلت الخطة الىاسرائيل، هل مباشرة من الأردن أو من الولايات المتحدة. تخصص هذه الحلقة من التقرير الى موضوع اخلاء عائلات الخبراء الروس منسورية ومصر، وكيف بدت الاستخبارات العسكرية عاجزة عن فهم هذه الخطوة، وهلهي تدل على وجود نوايا حربية ام خلافات عربية سوفياتية. ويرددون أكثر منمرة انها دليل على ان الاتحاد السوفيايتي، الدولة العظمى الثانية في حينه،هي أيضا تخاف من رد فعل قاس من اسرائيل على هجوم عربي. الجنرال زعيرا أبلغ رئيس «الموساد» [جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية]هاتفيا وفي ساعات مبكرة من يوم 5 أكتوبر، حول الإخلاء المهرول [لعائلاتالخبراء السوفييت] (البند 38 آنفا). ولكن دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية ظل مستغربا ما هو سر هذه الظاهرة. وقد جرى التعبيرعن هذا الاستغراب في أقوال الجنرال زعيرا، خلال البحث الذي جرى في الساعةالتاسعة من صبيحة يوم 5 أكتوبر باشتراك وزير الدفاع [موشيه ديان] ورئيسالأركان [دافيد العزار] (وثيقة البينات رقم 242، صفحة 3، وقد ذكرت هذهالأقوال آنفا في البند 49(ب) في سياق آخر): «الموضوع الروسي هو بالتأكيد أمر جديد. السطر الأخير فيه، انني لا أعرفلماذا أخلوا النساء والأطفال. أنا أستطيع أن أعطي تخمينات. التخمين الأولأن الروس عرفوا ان المصريين والسوريين ينوون تنفيذ هجوم، وهم يقدرون بأنهجومنا المضاد سينجح وسيضرب في العمق [المصري والسوري] وفي العائلات، لذلكيريدون اخلاء رجالهم. أو ربما هم يريدون المجيء الى المصريين والسوريينويقولون لهم: أنظروا، نحن نعرف أنكم تتجهون للهجوم، ونحن سنخرج العائلات،واعلموا أننا في هذا لسنا معكم. «امكانية ثانية هي ان الروس يخشون فعلا من هجومنا والأمر الأول الذيسيفعلونه هو أن يتوجهوا الى الأميركيين ويقولوا للأميركيين، قولوا شيئاللاسرائيليين. وكان الأميريكيون [في هذه الحالة] ياتون الينا راكضينوفرحين لكي يؤدوا لهم هذه الخدمة. الأميركيون لم يفعلوا ذلك بعد. "الامكانية الثالثة مرتبطة بكل الأحوال متعلقة بالشؤون الداخلية – فيالعلاقات ما بين الروس وبين السوريين، أنا لا أعرف، فربما يوجد أي احتكاكحول أمر لا نعرفه. ..ربما يكونون قد فرضوا عليهم بعض القيود. «ما الذي يضايقني في هذا الموضوع؟ «يضايقني ان هذا [الاخلاء] يتم أيضا في مصر. أنا استطيع أن آتي وأقول أنهربما يوجد شيء لا نعرفه أيضا في مصر، ربما يقول الروس: إذا أنهينا هذاالعمل في سورية، تعالوا ننهيه في مصر ايضا، لأن المصريين سيسيرون وراءالسوريين بالتأكيد. «في المحصلة النهائية، كل هذه تخمينات. والسطر الأخير هو انه لا يوجد عندي تفسير لماذا فعل الروس هذا». ويقدم رئيس الأركان ملاحظة صائبة على هذا الكلام (المصدر نفسه، صفحة 4): «الهرولة في اخلائهم (قالوا لهم خذوا حمولة 30 كيلوغراما واركضوا) لاتلائم لحالة النزاع – يقولون لهم أخرجوا العائلات خلال ثلاثة أيام، ولكنليس بمثل هذا الاستعجال». وكان وزير الدفاع قال (في راس الصفحة) [وفي نفس البحث]: «الروس ليس سياسيا[يقصد ان اخلاء الروس لا يمكن أن يكون لدوافع سياسية]». فيعلق رئيسالأركان ملاحظا: «توجد لدي دلالة أخرى على انه ليس سياسيا، فالأمر تم سويةمع سورية ومع مصر» (في التسجيل سقطت كلمة «لا» بالخطأ). ويضيف وزير الدفاع: «النزاع السياسي لا [يكون مع] نساء وأولاد، بل معالرجال. من الممكن أن يكون [الاخلاء ناجم] عن خوف من هجوم لنا». 76. من كل تحليلات الجنرال زعيرا في ذاك المقام، ليس واضحا لماذا يفضلتخمينه الأول على التفضيلين التاليين. فهو يذكر تفسيرات تنقض الأفضليتينالثانيتين، لكنه لا يذكر تفسيرا ينقض الأفضلية الأولى [القائلة ان سببالاخلاء هو هجوم مصري سوري]، والتي لقيت مساندة من عدة علامات دالة وأخبارتحذيرية أخرى. والسبب في ذلك هو أنه كان من الصعب عليه أن يترك نظريته[القائلة بأن الاستعدادات الحربية المصرية ما هي إلا] «تدريب[والاستعدادات السورية هي] تشكيلات دفاعية»، والسبب أيضا انه يتمسكبالفرضية المضللة القائلة بأن العدو لا يرى في نفسه القدرة على المبادرةالى حرب شاملة. ليس هذا وحسب، ففي نفس اليوم، 5 أكتوبر [تشرين الأول]،وصلت أخبار اضافية كانت لتلزم برجحان كفة الميزان لصالح التقديرات العاليةبأن الحرب على الباب. ولكن قبل أن نتحدث عن هذه الأخبار، لا بد أن نتوقفعند طريقة العلاج التي اتبعتها شعبة الاستخبارات العسكرية لموضوع اخلاءعائلات الخبراء الروس. في جلسة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي، التي عقدت في الساعة 12:30 منيوم الخامس من أكتوبر [تشرين الأول] (تحديد الساعة جاء في شهادة الفريقاليزر، صفحة 3914)، عاد الجنرال زعيرا لتكرار تخميناته الثلاث (يمكن أنتكون هناك مخاوف روسية من هجوم [اسرائيلي]، يمكن أن يكون الروس خائفين وفيالوقت نفسه يمكن أن يكون هناك سبب آخر، خلافات داخلية في العلاقات ما بينالاتحاد السوفياتي وبين مصر وسورية). وبعدما يتحدث عن مشكلة مقلقة أخرى(خروج السفن الحربية من ميناء الاسكندرية ـ أنظر لاحقا)، تأتي كلماتهالملتوية (في نهاية صفحة 2 من البروتوكول): «كل ما قلته لكم لا يغير من التقدير الأساسي لشعبة الاستخبارات العسكريةان الاحتمالات بأن تشن مصر وسورية حربا، ما زالت ضعيفة. ويعقل أن يكون كلما يجرى اليوم، باستثناء الموضوع الروسي الذي ما زلنا عاجزين عن معرفةأسبابه، ناتجا عن مخاوف السوريين ومخاوف المصريين من هجوم لنا. في احتمالضعيف يمكن أن يتم هجوم سوري ـ مصري منسق، وأنا اقول إن احتمالات هذاضعيفة، بل ضعيفة جدا. وقد يكون هدف سورية هو عملية خاطفة في هضبة الجولانوإذا نجحوا يندفعوا أعمق أكثر. وبالنسبة لمصر، هناك احتمال بفتح النار أومهمة ما بالطائرات المروحية أو العبور. والاحتمال الأضعف هو تدريب كبيرعلى عبور القناة بهدف احتلال معبري القناة ومحاولة التقدم نحو المضائق»(التأكيد منا). وهذا هو رأي رئيس الأركان، الذي عبر عنه في نفس المقام: «أنا أقبل مبدئيا تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية وأرى أن الحرب هيالأقل احتمالا الآن عما... بكلمات أخرى، إنني أرى خطر نشوب حرب اليوم أوغدا أقل احتمالا من أن لا تنشب الحرب». ومع ذلك، وكما نحن نعرف، التشكيلات الدفاعية هذه هي بالتأكيد تشكيلاتهجومية أيضا. ففي هذه التشكيلات توجد كل الإمكانيات لأن تتحول، نظرياوعمليا، الى الهجوم. ويجب أن آخذ بالاعتبار أمرين: الأول – إذا أرادوايستطيعون الهجوم في وقت قصير. والثاني – لا يوجد برهان ايجابي على انهم لنيهاجموا. بكلمات أخرى، لا يوجد لدينا أية معلومات استخبارية يمكننا علىأساسها أن نقول: يوجد لنا مكان (مصدر) غير عادي يقول لنا إنهم لا ينوونالهجوم، انما هناك أمور أخرى. ولهذا، فإن هذين الأمرين، انعدام البرهانالايجابي وقدرتهم على على التحول الى هجوم، يجب أن تكون قاعدة لتقديراتالوضع واتخاذ الاجراءات [الاسرائيلية] تجاهها». أنظر لاحقا البند 221 (4). أيضا في النشرة رقم 423/73، التي أصدرتها شعبة الاستخبارات العسكرية فيالساعة 13:15 من نفس اليوم نجدها ما زالت تصر على التقديرات المطمئنة فيموضوع العائلات الروسية (المصدر نفسه، البند 43): «وصول هذه الطائرات الى كل من مصر وسورية ومغادرة السفن موانئ مصر تطرحامكانية أن يكون اخلاء العائلات الروسية غير نابع من توتر بين سوريةوالسوفيات، بل من مخاوف السوفيات من مبادرة عسكرية مصرية – سورية ضداسرائيل. كما هو واضح، نحن نقدر بأن هناك احتمالا ضعيفا لمثل هذهالمبادرة». 77. كما رأينا، فقد أكد الجنرال زعيرا في البحث لدى وزير الدفاع في الساعةالتاسعة من صبيحة يوم 5 أكتوبر، على ان الاستعجال في اخلاء العائلاتالروسية هو عنصر خاص لعجزها عن ايجاد تفسير واضح لهذه الظاهرة (لولا موضوعالهرولة لكان هناك أساس أكثر واقعية للتفسير بأنه الصراع السياسي، كمالاحظ رئيس الأركان). لكن الجنرال زعيرا، ويا للعجب، لم يذكر هذه الحقيقةالهامة خلال جلسة الوزراء التي عقدت في وقت لاحق، في الساعة 11:30. وحسبشهادته، فإنه لم تكن لديه نية لاخفاء هذه الحقيقة (البروتوكول، صفحة 5417فصاعدا). هذا الأمر لم يتضح لنا حتى نهايته. ونضيف انه بحسب بروتوكولالمشاورات السياسية العسكرية التي عقدت لدى رئيسة الوزراء في يوم 18.4.73(وثيقة البينات رقم 57 صفحة 18)، سبق أن أعطي الجنرال زعيرا أمرا بأن لايعرض أمام الحكومة كل المعلومات المتوفرة لديه. ونحن لا ننفي التوجهالقائل انه ليس ممكنا دائما ان تكشف حتى أمام الحكومة معلومات تصل الىدوائر المخابرات، بسبب الخطر في التسريب أو من احراق مصدر. خطر التسريب منجلسات الحكومة * من واجبنا أن نعود وننوه الى خطورة مشكلة تسريب معلومات سرية من جلساتالحكومة، والتي تطرقنا اليها في البند 20 من التقرير الجزئي. لقد استمعناالى شكاوى مريرة عن هذا الموضوع من رئيسة الوزراء في حينه، غولدا مئير(صفحة 4537 فصاعدا)، والذي بات يتسم بـ «خطورة كارثية لا مثيل لها، أكانذلك من الناحية الأمنية أو من ناحية طهارة [المسؤولية] الجماهيرية». وفعلا، انها ضربة للدولة، يمكن لكل من يقرأ الصحافة اليومية لدينا أنيلاحظها – وبالطبع فإن خدمات المخابرات التابعة للعدو تعتبر أيضا من قراءصحفنا الثابتين وبواسطتها يحصلون مجانا على انجازات ما كانوا ليحصلواعليها بأساليب المخابرات المعروفة. أحد أسباب هذه التسريبات، حسب شهادةاستمعنا اليها (صفحة 4982، صفحة 5838 ـ 5842)، يكمن في وجود وزراء يعتقدونأن واجبهم الحزبي يحتم عليهم أن يقدموا الى مؤسسات الحزب تقارير أيضا فيقضايا أمنية سرية أو انهم رأوا من الضرورة بمكان أن يستشيروا شخصيات منخارج الحكومة أيضا في قضايا تحتاج الى سرية شديدة. لا حاجة بنا الى القولان هذا التوجه مرفوض قطعيا وانه يشكل خطرا أيضا من ناحية فتح الباب لغيرهممن حملة الأسرار أن يهدروها. في تقريرنا الجزئي، البند 20، قلنا رأينا بأنه «يجب التغلب على هذهالظاهرة بواسطة تشكيل لجنة وزارية لقضايا الأمن يكون عدد أعضائها قليلافعلا – ويجب أن يكون هذا المعيار [الحفاظ على السرية] حاسما لدى تركيباللجنة ويجب التشدد في تطبيق أنظمة القانون التي تم سنها من أجل ضمانالسرية في الأبحاث المتعلقة بالأمن». وها نحن نكرر توصيتنا بهذا الشأن مرة أخرى. 78. بعد تلقي الأخبار عن الخروج المهرول لعائلات [الخبراء] الروس، توجهتشعبة الاستخبارات العسكرية في 5 أكتوبر الى جهاز مخابرات أجنبي وطلبت منهعدة طلبات منها اعطاء تقدير حول هذه المسألة. لكن هذا التوجه (حسب وثيقةالبينات رقم 298)، «كشف القليل واخفى الكثير» [مثل عبري قديم يدل على خيبةالأمل]، لأنه أجاب بما يتعلق فقط بالطائرات الروسية التي وصلت الى كل منالقاهرة ودمشق. فوصف [مجيئها] بأنه «غير عادي»، ولم يشر حتى الى العجلةالزائدة في إخلاء العائلات. وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قد صاغطلبه بطريقة حذرة حتى لا «يحرق» مصدره (شهادة الجنرال زعيرا في صفحة 5422فصاعدا وصفحة 5714 فصاعدا). وقد وصل هذا الجواب في الساعة 20:30 من مساءنفس اليوم وكانت مطمئنة، لأن الرحلات الجوية [السوفياتية] الى القاهرةودمشق لم تكن غير عادية قبيل مغادرة السوفيات مصر وكانت تتم من أجل نقلأجهزة عسكرية وأيضا طلابا جامعيين، وكان التقدير أن هذا هو الغرض منالرحلات أيضا في هذه المرة (الوثيقة قبل الأخيرة في وثيقة البينات رقم 103وكذلك أنظر الى جواب نفس الجهاز [يقصد جهاز المخابرات الأجنبي] في اليومذاته ـ وثيقة البينات رقم 263 ـ التي تدل على الشكوك في صحة التقديراتبإمكانية أن يشن السوريون الحرب في القريب، لأن الأسد والسادات غير معنيينبعمليات عسكرية في هذا الوقت). لقد كانت هذه تقديرات خاطئة لدرجة انه حتىفي شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي لم يعتمدوها كتقديرصحيح. وليس من المستبعد أنه لو كنا قد أوضحنا للمخابرات الأجنبية المذكورةأن الإخلاء يتم بهرولة، لكان من الصعب عليه أن يتوصل الى هذه النتيجة.ويتضح لاحقا بأن جهاز المخابرات الأجنبية يؤمن [مثل الاستخبارات العسكريةالاسرائيلية] بأن ما يجري في مصر هو تدريب والتشكيلات السورية دفاعيةناجمة عن خوف من هجوم إسرائيلي. ومن الواضح انه لم تكن لهذا التقدير أيةقيمة لأن عنصرا أساسيا في المعطيات قد غاب عنها. في صبيحة نفس اليوم جرى بحث مفصل وممحص لدى وزير الدفاع حول قضية "احراق"المصدر الذي أبلغ عن الإخلاء المهرول لعائلات الخبراء الروس. وقد أبلغالجنرال زعيرا عن توجهه الى المخابرات الأجنبية (وثيقة البينات رقم 242صفحة 12). فاقترح وزير الدفاع أن تنقل رسالة الى العرب والروس عبر جهازالمخابرات المذكور يقال فيها انه إذا كانت التحركات العسكرية السوريةوالمصرية ناجمة عن تخوفات من هجوم اسرائيلي فإننا نعلن أنه لا توجد لدينااية نوايا هجومية. وقد أمل وزير الدفاع بهذه الطريقة أن يحصل على معلوماتإضافية من ذلك الجهاز (المصدر نفسه، صفحة 13). وتم طرح هذا الاقتراح علىرئيسة الحكومة في صبيحة اليوم نفسه (أنظر الى وثيقة البينات رقم 57 ، صفحة4) وعلى اثر البحث لديها تمت صياغة الرسالة الى [ذلك] الجهاز الأجنبي(وثيقة البينات رقم 267) وأرفقت بتقرير مفصل من المخابرات (وثيقة البيناترقم 269، وشهادة وزير الدفاع في صفحة 4387 فصاعدا، وشهادة رئيسة الحكومةفي صفحة 4496 فصاعدا). وفي هذا التقرير الاستخباري أيضا (وثيقة البينات رقم 269)، لم تعطالمعلومات عن العجلة الزائدة في الإخلاء وبالإضافة لذكر الطائرات المدنيةالروسية التي وصلتـ قالوا فقط (البند 5): «حسب تقرير ما وصل الينا، شوهدتعائلات الروس (نساء وأولاد) مجمعة في مطار دمشق – كما يبدو بغية اخلائهامن سورية»، أي انه [في هذه الرسالة أيضا] بدا ان الخوف من احراق المصدرتغلب على الحاجة في الحصول على اجابة كاملة مقابل المعلومات الكاملة. (حولنشاط سفاراتنا ووزير خارجيتنا في الخارج في يوم 5 أكتوبر، أنظر الىالبندين 41 – 42 آنفا). خبر آخر في 5 أكتوبر 79. في الساعة 17:30 من يوم 5 أكتوبر تلقينا خبراـــــــــــــــــ [رقابة] يستدل منه ــــــــــــــــــ [رقابة مرةثانية] أن سورية أبعدت الخبراء السوفيات وكذلك نساء الدبلوماسيين السوفياتــــــــــــــــــــ [رقابة]. السوريون فسروا تصرفهم بهذا الإبعاد بالقولإنهم ينوون ومصر إعلان حرب على اسرائيل. لقد أبلغ العميد شيلو بهذا الخبر مسبقا في الساعة 17:00 (وثيقة البيناترقم 292). وحسبما يذكر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية فإن هذا الخبر لميبلغه إلا في الساعة 22:30 مساء، فيما النشرة الاستخبارية العاجلة التيصدرت حوله وحملت الرقم 427/73، وزعت فقط في يوم 6 أكتوبر. وحتى الساعة7:15 من صباح 6 أكتوبر لم تكن قد وصلت الى رئيس الأركان (شهادة الفريق د.العزار صفحة 2/4071). هذا التأخير صارخ. وقد حققنا مع الجنرال زعيرا حولهذا الموضوع فأعطى التفسيرات التالية: (أ) التأخير في وصول الخبر اليه نبعكما يبدو من عمليات توضيح وتنسيق ما بين فروع دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية (ب) الخبر نفسه لم يكن يبدو موثوقا، لأن هذا المصدرأثبت في الماضي بأنه غير دقيق والخبر نفسه ـــــــــــــــــــ [رقابة]غير دقيق (لأنه تحدث عن اخلاء الخبراء السوفييت أنفسهم، فيما أخلي فيالواقع أفراد عائلاتهم فقط) (جـ) حتى قبل تلقي الخبر، أخذت شعبةالاستخبارات العسكرية في الاعتبار ان يكون احتمال رابط بين الإخلاء وبينالنوايا الهجومية لسورية ومصر (البروتوكول صفحة 5447 ـ 5446). وبالنسبةللتأخير الإضافي في إصدار نشرة الاستخبارات، تبين ان النشرة أعدت في 5أكتوبر، لكنه جرى تأخير اصدارها الى الساعة 6:30 من يوم 6 أكتوبر. ونحن لايوجد في مقدورنا أن نقرر من هو الذي قام بهذا التأخير ولأي هدف. العميدشيلو أبلغنا (برسالة من يوم 14 مارس [آذار] 1974 الى سكرتير اللجنة) بأنهحسب أقوال الرائد تهيلا (رئيس فرقة المداومة في دائرة الرصد في شعبةالاستخبارات العسكرية في تلك الليلة، لم يدل بشهادة أمامنا)، فإن الجنرالزعيرا هو الذي أمر بتأخير اصدار النشرة. بينما الجنرال زعيرا يقول انه لايذكر ذلك ولا يعتقد أنه معقول (رسالة جوابية من يوم 21 مارس). ونحن لم نرحاجة في توضيح هذه المعضلة. ربما يكون أحد الأسباب لهذه المعالجة في قضيةهامة كهذه، يعود الى حقيقة ان ذلك المساء كان عشية يوم الغفران. ولكنباعتقادنا انه لن يكون صحيحا تفسير هذا فقط بهذا الشكل. والصحيح ان الخبرلم يكن دقيقا أبدا، ولكنه احتوى تأكيدا ــــــــــــــــــــ [رقابة]للأخبار المقلقة حول مغادرة العائلات الروسية، مع الإشارة الى أسباب هذاالاخلاء ــــــــــــــــ [رقابة]. لقد كانت أهمية لهذا الخبر في وضع حدلتلبك شعبة الاستخبارات العسكرية في صبيحة يوم 5 أكتوبر حول سبب هذاالإخلاء. لا مجال أن نفهم أبدا هذا الاستخفاف بالخبر لدى دائرة البحوث فيشعبة الاستخبارات العسكرية، إلا إذا خمنا أن شعبة الاستحبارات العسكرية لمتتخل ولو للحظة الحقيقة هذه، عن تلك الفرضية، التي تمسكت بها الى آخردقيقة. لقد كان من الواجب أن يوزع هذا الخبر عشية يوم الغفران، مع ان منالصعب أن نعرف ما إذا كان رئيس اركان الجيش أو القيادة السياسية العلياكانا سيستخلصان منه النتائج الصحيحة في نفس الليلة. رأينا في التقديرات لهذا الخبر هو انه: (أ) المعالجة التقنية في دائرةالبحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية كانت فاشلة (ب) لقد كان هناك استخفافبأهمية هذا الخبر بسبب تمسك دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكريةبالفرضية (ج) كان هناك نقص آخر في التقدير، حيث انه حتى لو لم يكن هذاالمصدر دقيقا في تقديراته، ففي هذه المرة ــــــــــــــــ [رقابة] لم يكنهناك أساس لإلقاء الشك فيه. مغادرة السفن الروسية الموانئ المصرية 80. الىجانب اخلاء عائلات الخبراء الروس، اضيفت حقيقة أخرى كان يجب أن تثير قلقاخطيرا. ففي صبيحة يوم 5 اكتوبر، أبحرت تقريبا كل السفن الحربية السوفياتيةمن الموانئ المصرية. وفي نشرة خاصة (رقم 86/73) حول الموضوع، صدرت فيالساعة 12:10 من نفس اليوم، اشارت شعبة الاستخبارات العسكرية الى هذهالحقيقة على خلفية الأنباء حول اجلاء عائلات الخبراء الروس من سورية ووصولالطائرات الى القاهرة ودمشق لهذه الغاية. وتطرح شعبة الاستخبارات العسكرية امكانيتين، فإما ان يكون سبب الإخلاء هوالأنباء أو التقديرات السوفييتية بأن هناك خطر اشتعال نيران حرب فيالمنطقة، وعلى هذه الخلفية يريد الروس تحذير المصريين من مغبة الانجرارالى مغامرة عسكرية، أو هناك قرار مصري ـ ربما يكون بالتنسيق مع السوريين ـللتخلص من آخر وجود عسكري [أجنبي] على الأراضي المصرية. ولكن ـ كتب فيالنشرة ـ لا نرى ان هناك سببا حقيقيا يدفع مصر الآن الى إجلاء الخبراءالروس والسفن الحربية الروسية. ويسأل السؤال: إذا كان الأمر كذلك، فلماذالم تر شعبة الاستخبارات العسكرية ان التفسير المنطقي هو ان الروس عرفوابأمر الحرب الداهمة، ولماذا لم تغير شعبة الاستخبارات العسكرية موقفها منجذوره، لكي تحذر في ظهيرة يوم 5 أكتوبر على الأقل، من خطر الحرب الفورية؟إن شعبة الاستخبارات العسكرية وبدلا من ذلك اكتفت، حتى في الساعة 13:10 مننفس اليوم، باستعراض عام حول «الاستعدادات والنشاطات في سورية ومصر، صحيحليوم 5 أكتوبر» ([نشرة المخابرات] رقم 423/73، البند 37)، وذلك على الرغممن انها أشارت الى الحقيقة بأن ابحار جميع السفن الحربية السوفياتيةتقريبا من الموانئ المصرية هو «أمر غير عادي قطعيا»، ثم في البند 40 منالنشرة نفسها، والتي تطرقنا اليها في البند 25 من التقرير الجزئي، انه«على الرغم من ان مجرد اتخاذ وضعية الطوارئ في جبهة القناة يحمل في طياتهمبادرة هجومية، فإنه على حد علمنا لم يحصل تغيير في التقديرات المصريةتوازن القوى بينهم وبين قوات جيش الدفاع الاسرائيلي. لهذا، فإن الاحتمالاتبأن يكون المصريون ينوون استئناف الحرب هي احتمالات ضعيفة». وفي جلسةالقيادة العامة لهيئة الأركان في ظهيرة اليوم نفسه، لا يزال الجنرال زعيرايتكلم عن الاحتمالات الأضعف من ضعيفة، والإرشاد الذي قدمه الى قادة الجيشالاسرائيلي في هذا المقام يكون مطمئنا للغاية (انظر البند 76 آنفا).
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:18
لوثائق الإسرائيلية رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي: «لو كانت لجنة أغرنات نزيهة، لحاكمت غولدا وديان» أمر للجنود المصريين بكسر الصيام في رمضان يحير إسرائيل * قائد سربالطائرات المصري أخذ طفله معه إلى التدريب وعرف بأنه متجه الى الحرب قبلدقائق من الإقلاع تل أبيب: نظير مجلي «التدريبات على خطة «تحرير 41»، كانت واحدة من تدريبات سنوية تقام في كلخريف، منذ عدة سنوات. وفي هذه المرة، أخذت معي، ابني الطفل ابن العاشرة،وأمضينا معا أياما ممتعة. فنحن الطيارين لا نبقى كثيرا في بيوتنا، وقدكانت هذه فرصة لأن يتمتع الولد مع أبيه. وقد سعد كثيرا في الرحلة. وفيصباح السادس من أكتوبر أبلغتنا قيادة التدريب أننا سننطلق الى طيرانتدريبي في نفس اليوم. فاتصلت بزوجتي وأخبرتها بأنني أنوي أخذ الطفل معي فيهذه الرحلة التدريبية. لكنها راحت ترجوني ألا أفعل. فرضخت لها، ولم آخذهمعي. لو كنت أخذته لكنت وإياه الآن هنا، في أسركم. فعندما توجهنا للإقلاع،وقبل لحظات من الإقلاع، أبلغنا بأنها حرب حقيقية وليس مجرد تدريب. وقد تماسقاط طائرتي ونزلت بالمظلة، حيث وقعت في الأسر الاسرائيلي». هذا مقطع منشهادة قائد سرب طائرات مصري، أدلى بها أمام ضابط تحقيق من شعبةالاستخبارات العسكرية الاسرائيلية بعد أسره، وكان الهدف من هذا التحقيق فيذلك الوقت، في أوج المعارك الأولى من حرب أكتوبر 1973، هو أن تجمع اسرائيلأكبر قدر من المعلومات عن حقيقة أهداف الحرب والإعداد لها وأساليب القتال.ولم يكد الإسرائيليون يصدقون ان هذا الأسير، والأسرى الآخرين من بعده، لميكونوا يعرفون بالفعل شيئا عن الحرب. فقد فوجئوا بها مثلما فوجئت اسرائيل.لكن الأهم هو ليس هذه الوقائع، بل الشخص الذي عرفنا عليها. فهذه الشهادةوغيرها الكثير وردت في الكتاب الذي اصدره الجنرال ايلي زعيرا، الذي شغلمنصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي خلال الحرب. فهوكما لاحظنا في الحلقات السابقة من تقرير لجنة اغرنات [للتحقيق في إخفاقاتالجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر]، كان عنوانا للغالبية العظمى من اتهاماتاللجنة. وهو كان قد طرد من منصبه، على اثر قرار تلك اللجنة، تحميلهمسؤولية اساسية عن الفشل. فالمعروف ان اللجنة، مثل معظم قادة اسرائيل، خرجوا بالاستنتاج من حربأكتوبر بأن القضية لم تكن قدرات عربية جيدة، هذه المرة، في التخطيط وفيبداية التنفيذ، انما هي فشل إسرائيلي في استقصاء المعلومات. فلو لم يكنهذا الخطأ لكانت اسرائيل انتصرت. لم تتهم القيادة السياسية التي أفشلت كلالمبادرات للتسوية السلمية. ولم تتهم رئيسة الحكومة وكبار الوزراءوالجنرالات بالغطرسة وبالغرور والاستخفاف بالقدرات العربية. ولم تقررمعاقبة رئيسة الوزراء، غولدا مئير، أو وزير دفاعها، موشيه ديان، علىمسؤوليتهما في قمة سدة الحكم. بل وجهت الاتهامات الأساسية الى رئيس اركانالجيش، دافيد العازار، والى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ايلي زعيرا،بالأساس وبشكل شخصي. وقد هب زعيرا للدفاع عن نفسه بعد عشرين سنة من صدور التقرير، ناشرا كتابه«اسطورة أمام الواقع ـ حرب يوم الغفران: الاخفاقات والعبر» [دار النشرالتابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» - 2004]. وفي الكتاب يتهم زعيرا اللجنةبالبعد عن النزاهة ويدعي انها برأت غولدا وديان وانها لو كانت نزيهة لأمرتبإقالتهما من رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، لأنهما يتحملان المسؤوليةالساسية عن الحرب، فإن لم يكن مثله فأكثر منه. وهكذا يكتب زعيرا: «الحصول على معلومات بخصوص الاستعدادات الحربية تتعلقبالأساس بمستوى جامع المعلومات، أي المخابرات. أما النوايا فإنها مسألةأخرى تماما. بشكل عام يتم اخفاء المعلومات حول النيو للحرب كسر أمني كبيريقتصر على عدد محدود من القادة، وفي الدول الدكتاتورية يمكن أن يعرف هذاالسر فقط شخص واحد، هو الرئيس الذي يكون ايضا القائد العام للجيش. لقداجريت دراسة حول الحروب التي تمت في 53 سنة ماضية، من 1939 وحتى سنة 1992،فوجدتها 13 حربا تمكن خلالها المهاجمون بشكل دائم تحقيق مفاجأة علىأعدائهم. ففي سنة 1940 اجتاحت ألمانيا النرويج بشكل مفاجئ، وفي 1941 فاجأتألمانيا بالهجوم الحربي على روسيا، وفي السنة نفسها فاجأت اليابان بالهجومعلى بيرل هاربر، وبعد سنة فاجأت اليابان باحتلالها سنغافورة، وفي 1950هاجمت كورية الشمالية كوريا الجنوبية أيضا بشكل مفاجئ، وفي السنة نفسهافاجأت الصين باجتياح كوريا الشمالية ومهاجمة قوات الأمم المتحدة هناك، وفي1956 تفاجِئ اسرائيل بمهاجمة مصر والأمر نفسه يتكرر في سنة 1967 عندماهاجمنا مصر وسورية، وفي 1968 فاجأ الاتحاد السوفياتي باجتياحهتشيكوسلوفاكيا، وفي 1973 فاجأت سورية ومصر بمهاجمة اسرائيل، وفي سنة 1980فاجأ العراق بالهجوم على ايران، وفي سنة 1982 احتلت الأرجنتين جزرفولكلاند من بريطانيا، وفي سنة 1990 فاجأ العراق بغزو الكويت». ويستخلص زعيرا من ذلك: «ازاء هذه الوقائع التاريخية، هل يعقل أن تكوناسرائيل هي فريدة عصرها وخلال السنوات الخمسين لوجودها لا ينجح أحد فيمفاجأتها؟!». ويذهب زعيرا الى ما هو أبعد من ذلك ليقول ان مثل هذاالاستنتاج بأن اسرائيل ما كان يجب أن تفاجأ في الحرب، ينطوي ليس فقط علىموقف مشبوه من لجنة التحقيق يفيد بأنها قصدت تبرئة القادة السياسيين فحسب،بل انه ينطوي على أمر خطير في الثقافة الأمنية. فمثل هذا الرأي باناسرائيل يجب ألا تفاجأ يدل على غطرسة من جهة ويهدد بعلاج خاطيء للمشكلةيؤدي الى تكرار الماساة. فاللجنة تظهر الجيش والحكومة على انهما تصرفابشكل سليم، وان شعبة الاستخبارات العسكرية هي صاحبة الخطأ الأساس، لأنهالم تحذر من حرب مقررة ويجري التحضير لتنفيذها. وهذا يعني انه في حالةتكرار المشهد، فإن الجيش لن يحاسب إلا في شعبة الاستخبارات التابعة لهوالحكومة كذلك، مع العلم بأن القيادة السياسية هي التي تملك القرار بالحربوهي لم تتخذ قرارا كهذا في حرب أكتوبر لأنها استخفت بالعرب. ويتهم زعيرارئيسة الحكومة، غولدا مئير، بإخفاء معلومات مهمة للغاية عن لجنة التحقيق،لو كانت وضعت على طاولتها لكانت نتائج التحقيق مختلفة. ويكشف ان ما أخفتههو اجتماعها المهم جدا مع الزعيم العربي الذي وصل الى تل أبيب في 25سبتمبر [أيلول] 1973 بطائرة مروحية تابعة للجيش الاسرائيلي وأخبرها عنالحرب القادمة بشكل مؤكد. ويقتبس زعيرا من أقوال ذلك الزعيم، حسبما دون فيبروتوكول اللقاء، فيكتب: «قال لها [الزعيم العربي]: «.. من جهة أخرى،تلقينا معلومات من مصدر حساس جدا جدا في سورية، كنا قد حصلنا على معلوماتسابقة منه حول الاستعدادات والخطط ونقلناه في ما بعد، يقول [هذه المرة] انجميع الوحدات ستكون مشاركة في التدريبات باستثناء اللواء الثالث [السوري]الذي سيكون جاهزا لصد هجوم إسرائيلي ممكن. جميع القوات يعني الطائراتوالمدرعات والصواريخ، وهي كلها على أهبة الاستعداد الآن في الجبهة...».وتسأله غولدا مئير: وهل يعقل ان يحارب السوريون من دون مشاركة مصريةكاملة؟ فيجيب: «لا أعتقد ذلك. أعتقد انهم يتعاونون». ويقول زعيرا انه فوجئ بأن تقرير لجنة التحقيق الأول لم يتضمن شيئا عن هذااللقاء، وتبين له في ما بعد ان غولدا وديان قاما بإخفائه. فتوجه زعيرابرسالة الى اللجنة يخبرها عن اللقاء ويزودها ببعض ما جاء فيه، إلا اناللجنة لم ترد عليه ولم تتطرق الى اللقاء ايضا في تقريريها الثاني والثالثأيضا. ونعود في ما يلي الى تقرير لجنة أغرنات الأصلي، في حلقة أخرى تواصلفيها توجيه الاتهامات الى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيليورئيسها ايلي زعيرا بشكل خاص. التقرير: المعلومات المسبقة 81. الخبر عن الإجلاء المهرول لعائلات الروس ورد قبيلمساء الرابع من أكتوبر، كان من المفروض أن يستحوذ على اهتمام خاص أيضا فيضوء المعلومات ــــــــــــ [شطب من الرقابة] التي حصلت عليها شعبةالاستخبارات العسكرية ـــــــــــــــــ [رقابة]، لأنه في حالة انالطيارين السوفيات ــــــــــــ [رقابة]، لم يرغبوا في الطيران خلالالحرب، يحارب المصريون من دونهم. لقد عرف الطيارون السوفيات فقط عنالاستعدادات للحرب بشكل عام، و[المخطط هو] أن يدخلوهم في سر الحرب فقط علىشفا ساعة نشوبها (وثيقة البينات رقم 95، الوثيقة 35 في نهاية صفحة 1 –والتأكيد هو منا). لا نعرف إذا كان هذا الخبر مطروحا أمام شعبةالاستخبارات العسكرية، عندما أعطوا تقديرهم حول خروج العائلات الروسية. كسر صوم رمضان 82. خبر آخر كان ينبغي أن يثير الشكوك، عندما يندرج معسلسلة الأخبار والمعلومات المتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، كانيتعلق بالتوجيه الذي أعطي للجنود في الجيش المصري بأن يكسروا صوم رمضان.لقد وصل هذا الخبر ما بين الساعة 6 و8 من صباح يوم الخامس من أكتوبر.ويتضح منها ان قائد أحد الألوية (كما يبدو في سلاح الجو) أمر جنوده بتناولالطعام، والشخص الذي أبلغ الخبر [الى اسرائيل] لم يستطع معرفة ما إذا كانالأمر اعطي بسبب التدريبات [هنا تضع اللجنة ملاحظة بين القوسين فتقول:](بالعربية: مشروع) أو لا [ونعتقد ان الأمر اختلط على كاتب التقرير فياللجنة وان المقصود بكلمة «مشروع» هنا ليس ترجمة كلمة «تدريبات»، كما يفهممن الصياغة، بل المقصود هو: هل كسر الصوم في التدريبات مشروع أم غيرمشروع]. وفي نشرة شعبة الاستخبارات العسكرية رقم 423/73 من اليوم نفسه(صفحة 6)، يظهر الخبر: «تم السماح للجنود بأن لا يصوموا في عيد رمضان، ضمنالاجراءات التي اتخذت في سلاح الجو بسبب مخاوفهم واستعدادهم العالي» [هناأيضا اختلطت الأمور على اللجنة لدى تفسيرها ما يقال في مصر باللغة العربيةفتحدثت عن الصوم ليس في رمضان، بل في عيد رمضان، علما بأن عيد رمضان هوعيد الفطر، وعيد الفطر هو الذي يكسر فيه الصيام]. وقصد معدو النشرةبحديثهم عن «المخاوف» ان «المصريين يتخوفون من النوايا الاسرائيليةاستغلال التدريبات واستغلال عيد رمضان [مرة أخرى يستخدمون كلمة عيد في غيرمحلها]، لتنفيذ هجوم جوي (المصدر نفسه، البند 20 ، صفحة 4)». بكلمات أخرى،شعبة الاستخبارات العسكرية في هذا الخبر تحذير من نوايا هجومية. ويقول عددمن رؤساء البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه تم في الماضي السماحفي الجيش المصري بأن يتناولوا الطعام في أثناء التدريبات، ولكنهم لميستطيعوا العثور على الأخبار التي تتحدث عن ذلك بسبب تراكم كميات ضخمة منالملفات والأخبار لديهم (رسالة العميد شيلو من يوم 10 يناير [كانونالثاني] 1974، وثيقة البينات رقم 70 أ، ملف 3، وشهادة الجنرال زعيرا –صفحة 627 فصاعدا). من ناحية الديانة الإسلامية يسمح، كما يبدو، بكسر الصومفي حالة بذل جهد جسدي كبير، مثل المشاركة في تدريب عسكري (حسب استشارة مند. يوئل كريمر، من جامعة تل أبيب، وثيقة البينات رقم 170 أ، المصدر نفسه).ولكن يجب ان نذكر هنا انه حتى صبيحة يوم الخامس من أكتوبر، لم تكن شعبةالاستخبارات العسكرية قد حددت بعد ما هو نوع هذه «التدريبات» ولم يكنواضحا أبدا إذا كانت تشمل القوات العسكرية. ألبرت سودائي، رئيس الدائرة السياسية في الفرع المصري في شعبة الاستخباراتالعسكرية في الجيش الاسرائيلي، الذي كان قلقا من أخبار أخرى كانت قد وردتمسبقا، انتبه بشكل خاص الى هذا الخبر واعتبره خطيرا (بوصفه من مواليدالعراق، وهاجر من هناك [الى اسرائيل] وهو في الثامنة عشرة من العمر، فإنهيعرف تعاليم الإسلام). ولكن عندما صرح بقلقه أمام قادته، وبينهم العميدشيلو، تخلصوا منه بالقول انهم ادخلوا هذا العنصر في تقريرهم اليومي. وخبر آخر كان يشتمل على دليل آخر على نوايا العدو، تم ترويجه في مصر يوم 5أكتوبر. وقال الخبر ان العدو الاسرائيلي قام بتجنيد (؟) أعداد كبيرة منأتباعه في البلاد [يقصدون مصر] لكي ينفذوا عمليات تخريب وتجسس عندما تبدأمعارك القتال (وثيقة البينات رقم 145 الوثيقة 8). هذا الخبر أيضا لم يؤثرعلى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى تعطي تحذيرا فوريا لجيش الدفاعالاسرائيلي. خبر تحذيري آخر 83. الى جميع تلك الأخبار حول نوايا العدو، يجب ان نضيفحقيقة انه في صبيحة اليوم نفسه استقبل خبر موثوق كان فيه تحذير، وقال انهفي وقت لاحق من اليوم نفسه سيرسل أخبارا أكثر دقة. حول معالجة هذا الخبر من طرف الجهة التي تسلمته في وكالة التجميع لدينا،بحثنا في البند 38 أعلاه. وبودنا هنا أن نتوقف عند مجرد وجود هذا الخبر،والذي يفهم منه بوضوح ان معلومات عاجلة خطيرة ستأتي لاحقا (انظر اقوالالجنرال زعيرا في المشاورات التي تمت لدى رئيسة الوزراء قبيل ظهر يوم 5أكتوبر، وثيقة البينات رقم 57، وفي رأس الصفحة الثالثة من البروتوكول). من ذلك المصدر نفسه، وصلت في صيف 1973 عدة أخبار تحذيرية أخرى، كلها تحدثتعن مبادرة مصرية لإعلان الحرب في نهاية سبتمبر [أيلول] – بداية أكتوبر[تشرين الأول] 1973 (وثيقة البينات 98، الوثائق 42، 43، 44، 47).ـــــــــــــــــــــــــــــ [الرقابة شطبت هنا جملة طويلة]، لكن وكمالاحظنا آنفا (البند 11 (1))، يجب التفريق ما بين مصداقية المعلومات التييعطيها المصدر وبين تقديراته الشخصية. فمنذ الصيف وحتى ليلة 5 أكتوبر، لمتأت اية اخبارية جديدة من هذا المصدر نفسه. وعلى الرغم من التناقضات فيأخبار سابقة أرسلها، فقد كان على الجنرال زعيرا ان يرى في مجرد الخبرالعاجل هذه المرة، علامة تحذير واضحة (على الرغم من ان الخبر الذي ارسلهفي الخامس من أكتوبر لم يتضمن موعدا محددا لفتح النار. عندما جرى التحقيق مع الجنرال زعيرا حول هذا (صفحة 1021)، أجاب: «لم ينقلالى شعبة الاستخبارات العسكرية الشعور بأن هناك إنذارا خطيرا واستثنائيافي الخبر الذي ارسله (المصدر)». هذه الحجة لا تروق لنا، لأنه حتى بحسبالتقرير غير المتكامل الذي قدمه اليه رئيس الموساد في صبيحة 5 أكتوبر، فإنالأمور التي أعطيت له كان يجب أن تشكل عنصرا بالغ الأهمية في وزنه الأمورفي ذلك اليوم. عمليا، فإنه لم يعره أية أهمية تقريبا، بل ان رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية انتظر حتى يحصل على أخبار أكثر تفصيلا من المصدرنفسه، وهذه التفاصيل ما كانت لتأتي إلا في مساء اليوم نفسه. 6 أكتوبر، يوم حاسم 84. لقد كان هناك عنصر آخر ذكرناه في تقريرنا الجزئي(البند 31) في الفصل عن وزير الدفاع، لكنه ينطبق بشكل أكبر على رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية ومساعديه: يوم السبت، 6 أكتوبر، كان يوما حاسما بشكلخاص كونه يوم عطلة شاملة يستطيع فيه العدو أن يفاجئ اسرائيل. وكان معروفالشعبة الاستخبارات العسكرية انه في ايام الأعياد والمواعيد [أي أيامالذكرى]، هناك حاجة دائما للحذر واليقظة الشديدين بشكل خاص (وثيقة البيناترقم 17 ورقم 48، الوثيقة 25). سبق وقيل آنفا انه من غير الواضح لماذا لم تنشب الحرب في أحد تلك التواريخالماضية، فإذا كانت تلك أخبارا وهمية من البداية أو أن السادات ارتدع عنالقيام بجولات حاسمة فيها. ولكن تحديد المواعيد حسب تواريخ التقويموالمؤامرة لبدء الحرب في يوم عيد في اسرائيل بالذات، كان مقبولا حتى لو انذلك المصدر لم يبلغ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية على هذا الخطر. ماهية هجوم العدو في نظر شعبة الاستخبارات العسكرية 85. رأينا انه حتى في5 أكتوبر، لم يتخل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ومعه دائرة البحوث فيشعبة الاستخبارات العسكرية، عن الفرضية. صحيح انه ثرت لديهم شكوك في أعقابإجلاء عائلات الخبراء الروس، ولكن احتمالات الحرب ظلت في نظرهم ضعيفة جدا.ولكنهم اتخذوا خط دفاع ثانيا في انسحابهم من الفرضية. فقد رفضوا رؤيةماهية الهجوم الشامل المتربص بنا، إذا ما تم تنفيذه. وفي جلسة هيئةالأركان العامة، في الساعة 12:30، يعرب الجنرال زعيرا عن رأيه بأناحتمالات الهجوم المصري السوري المنسق، وبأنه في أسوأ الأحوال سيكون ذلك«عملية خاطفة في هضبة الجولان، فإذا نجحت يركضون أكثر عمقا»، وفقط فياحتمال ضعيف جدا، يكون تدريب كبير على عبور القناة بهدف احتلال ضفتيالقناة ومحاولة الوصول الى المضائق (تم اقتباس الكلمات في البند 76أعلاه). وهكذا سأل نفسه الجنرال زعيرا، في جلسة الوزراء في ظهيرة ذلك اليوم (صفحة 5 من البروتوكول): «ما هي البدائل والخطط المصرية في حالة البدء بفتح النار؟» وجوابه: «توجد لهم بشكل أساسي ثلاث امكانيات: أ. عبور القناة. ان لديهم خطة لعبورالقناة والوصول الى المضائق. ب. القيام باجتياحات في سيناء وعلى طولالقناة. جـ. البدء بقصف. واضح ان هناك أيضا طريق رابع، هو خليط منالتفجيرات والاجتياحات. في كل هذا، فإن الاحتمال الأضعف هو العبوروالاحتمال الأكبر هو الاجتياحات وربما اطلاق النار هنا وهناك. لكن، لايوجد تفاؤل كبير لدى المصريين أو السوريين ازاء النجاح في هذه الامكانيات،خصوصا إذا حاولوا [الهجوم] على نطاق واسع، وذلك بشكل أساسي بسبب وعيهمالكبير بأن مستواهم الجوي منخفض بالمقارنة معنا. وطالما لم يتوفر لديهمالشعور بأن بإمكانهم احراز وضع مريح أكثر في الجو، لن يتجهوا الى حربوبالتأكيد ليس لحرب كبيرة. ربما في حالة متطرفة يذهبون الى عملية صغيرة منخلال الأمل في أن تتطور الى شيء كبير». إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة الأخبار المتراكمة لدى شعبة الاستخباراتالعسكرية حتى ذلك الموعد، فإنه لم يكن لدى شعبة الاستخبارات أي أساس لرؤيةالأمر على انه هجوم معاد على أهبة الانفجار، خصوصا ان الأخبار الوحيدةالتي كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، تحدثت عن حرب شاملة وليس حرباستنزاف. ولكن حتى في هذه اللحظة المصيرية، برز التمسك الكامل في الفرضية،التي قضت على قدرة شعبة الاستخبارات العسكرية على تقدير المعلوماتالمتوفرة بين ايديه، بشكل واع وموضوعي. ومن الممكن ان تكون هذه الرؤيةالمشوشة لماهية هجوم العدو، ساهمت بقسطها في التشويش على استعدادات جيشالدفاع الاسرائيلي ونشر قواته في جبهة القناة. الصور من الجو: تغيير مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية 86. من أجل اكمالالصورة التي ظهرت من مجمل المعلومات الواردة الى شعبة الاستخباراتالعسكرية حتى يوم 5 أكتوبر، يجب أن نعود ونذكر الصور التي التقطت من الجوفي منطقة القناة في يوم 4 أكتوبر وتم تحليلها في الليل، عشية 5 أكتوبر،والتي كشفت كما ذكرنا (البند 55 آنفا): تشكيلات طوارئ كاملة على نطاق لمنعهده من قبل، تبين منه أنه جرى تعزيز القوات بـ5 ـ 6 ألوية مدفعيةمتوسطة، ما أدى الى رفع عدد بطاريات المدفعية في خط الدفاع الأول وخلفيتهالى 130 بطارية، وعدد الدبابات الى 760 (شهادة الجنرال حوفي في صفحة1846). وتم تقديم 8 ألوية مدفعية متوسطة الى ما يبعد 6 ـ 7 كيلومترات عنخط وقف اطلاق النار (نشرة رقم 426/73 من يوم 6 أكتوبر، الساعة 3:40). كذلكفي الجبهة السورية كانت علامات واضحة حول التشكيلات الدفاعية الهجومية،وهذه لم تؤد الى تغيير فوري في مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية عما كانتعليه قبل الخامس من أكتوبر. وقد جاء التغيير فقط مع تلقي الخبر من المصدرالمذكور آنفا، حوالي الساعة الثالثة فجرا (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة64). في ضوء هذا الخبر، غيرت شعبة الاستخبارات العسكرية رأيها، أخيرا، حولإجلاء السوفيات من مصر وسورية وفي النشرة 427/73 من يوم 6 أكتوبر الساعة6:35 (أو 7:30)، ورد العنوان: «من المحتمل أن يكون هذا الإجلاء مرتبطاباستعدادات العرب للحرب». تقرير متفق عليه 87. في موضوع المعلومات التي توفرت لشعبة الاستخباراتالعسكرية حتى نشوب الحرب، بقيت لنا قضيتان، الأولى تتعلق بالخبر الإضافيالذي تلقيناه في يوم السبت [6 أكتوبر] نفسه الساعة 11:56، وكان ذلك خبراــــــــــــــــــ [جملة طويلة شطبتها الرقابة]، من تجربة حرب الاستنزافــــــــــــــــ [رقابة مرة أخرى] لكي تحذر من صخب المدفعية من الطرفالمقابل. وقد أعطي الخبر لقائد اللواء الجنوبي وهو في قيادة الأركانالعامة بين الساعة 12:00 و13:00، فأعطي أمر فوري باستعداد للامتصاص، أيالاستعداد لمواجهة ضربات المدفعية (شهادته في صفحة 1928، وكذلك في شهادةالمقدم غداليا لاحقا في صفحة 2279 فصاعدا، وشهادة العميد باروخ هرئيل فيصفحة 3379 فصاعدا). كما يبدو انه ونتيجة لذلك، أعطي أمر فوري للوحدة 252 في الساعة 13:00تقريبا. وبعد عشر دقائق فقط غيرت الوحدة الأمر بخصوص الكتيبة 275، بأمرآخر أعطي لقائدها بألا يحرك الآن الدبابات الى الأمام (شهادة العقيد نوي،قائد الكتيبة 275 في صفحة 1821). على اية حال، لم يفهم الشعار المتفق عليهوالذي يدل على الاستعداد المصري لعبور القناة، وعلى أساس تجارب الماضي، لميكن ممكنا أن يفهم الشعار بحد ذاته. ولكن، لو كان قد جرى تحليل لهذا الخبرالمتوفر حول البدء بحرب شاملة في اليوم نفسه، في دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية، على الفور، لكان من الممكن ان يستخلص منه أن العدوقرر تبكير ساعة الحرب الشاملة. لم نسمع من الشهود ان تحليلا كهذا تم فيدائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة العميد شيلو، صفحة 2204فصاعدا، شهادة المقدم بندمن صفحة 2561).
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:19
الوثائق الإسرائيلية ـ ساعة الصفر للحرب استخدمت لتضليل إسرائيل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يصر على أن العميل المصري لم يكن مخلصا لإسرائيل ويعتقد أن السادات شخصيا قام باستخدامه
تل أبيب : نظير مجلي تحديد ساعة الصفر لبدء حرب أكتوبر 1973 يأخذ حيزا كبيرا من تقرير لجنةأغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الإسرائيلي، حيث تعتبرها الفشل الأكبرللاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي ورئيسه ايلي زعيرا. وعليه فإنزعيرا أيضا يفرد حيزا كبيرا لهذه القضية في كتابه المذكور آنفا، ويكشف منخلال ذلك العديد من المعلومات اللافتة للنظر، والتي اعتمد فيها بشكل أساسيعلى منشورات عربية علنية حول الحرب، مثل كتب: أنور السادات وسعد الدينالشاذلي، ومحمد الجمصي، و محمد حسنين هيكل، وكذلك على كتاب المؤرخالأميركي، جيفري روبنسون، وغيرهم. وقد قصد زعيرا القول إن مصر وسورية لم يخططا لإطلاق شعلة الحرب إلا في شهرأكتوبر 1973. وكل التواريخ التي أعلنت في الماضي، إن كان اعلان السادات عن«سنة الحسم» في العام 1971، أو الأخبار التي وصلت الى اسرائيل عن نهايةالعام 1972 أو عن الربع الأول من سنة 1973، ما هي إلا أخبار تضليليةاستخدمها المصريون بشكل مقصود لإرباك اسرائيل، ونجحوا في ذلك أيما نجاح،وحفظوا سر الحرب ليس فقط بعيدا عن اسرائيل بل أخفوا موعد الحرب والنيةالحقيقية لها حتى عن جنودهم وجنرالاتهم. ويقول زعيرا إن موعد الحرب الدقيقحدده السادات لنفسه واحتفظ به لنفسه، وفقا لاقتراح من الجمصي، الذي كان فيتلك الفترة رئيسا لقسم العمليات في الجيش المصري. وقد اختار هذا يوم 6أكتوبر لعدة أسباب، أحدها انه يوم الغفران، الذي يعتبر يوم صوم لدى اليهوديمضونه في الصلاة وطلب المغفرة عن الذنوب وتتعطل فيه الحياة في اسرائيل،فلا سفر ولا اتصالات هاتفية ولا اذاعة أو تلفزيون. وقد هاجمت اسرائيلالعرب على اختيار هذا اليوم واعتبرته «تصرفا غير إنساني لا يأخذ بالاعتبارالمشاعر الدينية»، إلا انها في الواقع أفادت كثيرا من اختياره، حيث ان كلالجنود والضباط كانوا في بيوتهم وكان سهلا تجنيدهم للاحتياط، وكانتالشوارع فارغة بحيث تم نقل الجنود من البيوت الى القواعد ثم الى الجبهةبسهولة أكبر من نقلهم في الأيام العادية. ولكن المصريين والسوريين اختاروا الموعد (6 أكتوبر) لكون ليلته أطول ليلةفي السنة والبدر يكون فيها منيرا وحالة المد والجزر في البحر تساعد علىانخفاض مستوى المياه في قناة السويس مما يساعد على العبور. ويقول زعيرا ان الحديث عن هذا الموعد أو ما يقرب منه تم في لقاء القمةالسري بين الرئيس المصري أنور السادات، والرئيس السوري حافظ الأسد، في مصرفي شهر أبريل [نيسان] 1973. وقد اتفق على اقامة مجلس أعلى للحرب من قيادةالجيشين، المصري والسوري. وضم المجلس ثمانية مصريين بقيادة وزير الحربيةالجنرال اسماعيل وستة سوريين بقيادة وزر الدفاع الجنرال مصطفى طلاس.واجتمع هذا المجلس أيضا بشكل سري في نادي الضباط في الاسكندرية وفي قاعدىسلاح البحرية المصري في المدينة نفسها طيلة أيام 21 – 23 أغسطس [آب] 1973واتفق فيه على موعدين تقريبيين للحرب الأول ما بين 7 – 11 سبتمبر [أيلول]والثاني ما بين 5 – 10 أكتوبر. وترك قرار الموعد النهائي للرئيسين،السادات والأسد. وكان أول من عرف من السادات عن موعد الحرب الدقيق، الملكفيصل، عاهل المملكة العربية السعودية، الذي زاره في الرياض قبل شهر ونصفالشهر من الحرب وكان يثق به ثقة كبيرة ونسق معه القرار العربي بحظر النفط. ويتحدث زعيرا عن عملية الخداع الأكبر في تاريخ الحروب العصرية، حيث ان مصرأرسلت – حسب قناعته – عميلا مزدوجا يظهر كما لو انه عميل إسرائيلي وهو فيالواقع عميل مصري لا هدف له إلا تضليل اسرائيل. ويصر زعيرا على موقفه هذامع ان ثلاث لجان تحقيق شكلت في اسرائيل لدراسة هذه المسألة خرجت جميعهابقرار انه كان عميلا مخلصا، آخرها أصدرت قرارها فقط قبل أسبوعين. وقالت انموقف زعيرا هذا غير صائب وتتهمه بأنه تعمد الكشف عن اسم هذا العميلوتفاصيله الى الصحافة الإسرائيلية والأجنبية في سنة 2004 وانه منذ ذلكالحين وهذا العميل يعيش في قلق، والصحافيون الاسرائيليون يمارسون الضغوطعليه لكي يجري المقابلات معهم ويتحدث حول الموضوع. ويقول زعيرا ان هذا العميل ضلل اسرائيل في نفس فترة الاجتماع السري للمجلسالعسكري السوري ـ المصري المشترك، في الثلث الأخير من شهر أغسطس، عندماأبلغها بأن السادات قرر تأجيل الحرب الى نهاية السنة. ويشهد زعيرا بان هذاالخبر زرع الاطمئنان في نفوس الاسرائيليين، فخلدوا الى النوم. وضللها مرةثانية عندما أبلغ بنشوب الحرب في 6 أكتوبر فقط قبل 40 ساعة من وقوعها،عندما استدعى رئيس جهاز «الموساد» الاسرائيلي، تسفي زمير، الى لقاء عاجلفي العاصمة البريطانية لندن. وهو ومن أرسلوه من مصر يعرفون بأن اسرائيلتحتاج الى وقت أكبر، على الأقل 48 ساعة، حتى تنظم أمورها وتواجه هجوماعسكريا كما يجب. وحدد لها موعدا نهائيا ضبابيا قال فيه ان الحرب ستنشبقبيل المساء، وبدأت اسرائيل تستعد للمواجهة فعلا قبيل المساء، في حين انهانشبت في الساعة الثانية بعد الظهر. ويتساءل زعيرا، كيف يمكن أن يسمحالسادات لمساعده (ذلك العميل) ان يسافر الى لندن قبيل يومين من الحرب، لولم يكن يعرف انه عميل مزدوج هدفه تضليل اسرائيل كجزء من ألاعيب الحرب؟أليس من المنطق أكثر ان يكون السادات هو الذي أرسل هذا العميل ليلتقي رئيسالموساد؟ ويذهب زعيرا أبعد من ذلك فيقول ان السادات هو الذي امر ذلكالعميل بأن يبلغ اسرائيل عن نية خلية مسلحين فلسطينية تنفيذ عملية تفجيركبرى في مطار روما، ففي مثل هذه الإخبارية قصد السادات أمرين، الأول تعزيزالثقة الاسرائيلية بذلك العميل من جهة، ومنع العملية حتى لا تشوش علىالحرب، من جهة ثانية (هناك رأي آخر في الموضوع يقول إن عملية روما كانت منتدبير سوري والمسلحون الذين ارسلوا لتنفيذها هم من تنظيم «العاصفة»،المعروف بارتباطه بسورية). ويقول زعيرا ان مذكرات الشاذلي والجمصي عززتا قناعاته بموقفه ازاء هذاالعميل وازاء كل مجريات الحرب. ساعة الصفر لدى العدو 88. الموضوع الثاني[الذي بقي لما أسمته لجنة أغرنات «لاستكمال الصورة الناشئة عن حشدالمعلومات المتوفرة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية»]، يتعلقبالساعة التي يقدرون بأن الحرب ستنشب فيها. كما ذكر، قيل في الخبر الأخيرالذي وصل من المصدر الموثوق، ان الحرب ستندلع«قبيل مساء السبت 6. 10.1973»(وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 67). نحن لا نعرف ما الذي أدى الىتقديم الموعد الى الساعة الثانية تقريبا. ربما يكون الأمر قد تم وفقاللتنسيق في اللحظة الأخيرة، حيث انه لم يكن مريحا للسوريين أن يبدأواالهجوم باتجاه الغرب في ساعة غروب الشمس. وهنا سنبحث في قضية أخرى: كيفحصل انه في قيادة جيش الدفاع الاسرائيلي، تحول الخبر القائل بأن الحربستنشب قبيل المساء، الى خبر يقول ان الحرب ستنشب في الساعة السادسة مساءبالذات. يشار الى ان غروب الشمس في يوم السبت في اسرائيل تم في الساعة17:20، أي أن «قبيل المساء» أو «في الضوء الأخير» يعني انه سيحل في ضواحيالساعة الرابعة بعد الظهر. لم ننجح في التوضيح كيف ولدى أية جهة جرى هذا«التصحيح» [للموعد]. يمكن التخمين فقط بأن الأمر حصل بسبب أخبار قديمةتحدثت عن فتح النار في ساعات المساء أو بسبب الحسابات التي تقول انالمصريين سيبدأون الحرب فقط مع حلول الظلام، لكي يمنعوا مهاجمة القواتالتي تعبر القناة بطائرات سلاح الجو الاسرائيلي. وبالفعل، فإن قائد سلاحالجو لم يقبل هذه الفرضية وفي مجموعة الأوامر التي أصدرها في الصباح،اعتمد على الافتراض بأن المصريين سيهاجمون من الجو في الساعة الثالثة بعدالظهر على أكثر تعديل، وذلك في ضوء الحسابات التي اجراها على أساسالتدريبات التي جرت عندنا في الماضي (صفحة 1971). إلا ان حسب شهادة قائداللواء الجنوبي فقد خطط تحركات اللواء وفقا للافتراض بان الحرب ستبدأ فيالساعة 18:00، ولكنه قرر، حسب قوله، ان يتخذ احتياطا أمنيا فخطط تحركاتقواته للساعة 16:00، حسب اقتراح الجنرال مندلر، (لكن أنظر لاحقا حول هذاالموضوع، في البنود 258 ـ 265). 89. في نشرة الاستخبارات رقم 429/73 في الساعة 7:30 من يوم 6 أكتوبر، التينشرت فيها تفاصيل خطة الهجوم، جاء ان في نية المصريين استئناف القتال «عندالضوء الأخير [من النهار]». وفي النشرة رقم 434/73 في اليوم نفسه (تفاصيلعن الخطة): «ساعة الصفر هي في ساعات المساء». وفي الخبر الذي استقبل فيالساعة 2:40 فجرا، قيل: «قبيل مساء هذا اليوم». هذا الخبر أعطي بالهاتفالى السكرتير العسكري لرئيسة الحكومة في الساعة 2:45، والى رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية في الساعة 3:10 تقريبا. الجنرال زعيرا ادعى فيشهادته (صفحة 5454 فصاعدا) ان رجل الموساد أبلغ بالهاتف انها الساعةالسادسة ومن هنا مصدر الخطأ. لمفاجأتنا، قال الجنرال زعيرا في شهادته(صفحة 5455 فصاعدا) انه لم يشاهد النص الكامل لذلك الخبر إلا بعد انتهاءالحرب، لأنه في يوم 6 أكتوبر، كان مشغولا جدا ولذلك اكتفى بما أبلغ به عنمضمون الخبر. رجل الموساد من جهته قال في شهادته (في صفحة 1085) انه قرأنص الخبر الذي في حوزته بالهاتف الى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وجاءفيه: «قبيل المساء» أو «قبيل حلول الظلام» (البروتوكول، صفحة 808 فصاعدا،وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 64) ولم تذكر فيه الساعة 18:00. ونحن نفضلشهادة رجل الموساد في هذا الموضوع، المسنودة أيضا مما جاء في النشراتاللاحقة من صبيحة السبت، والتي تلائم أقوال الجنرال زعيرا في الساعة 7:15من نفس الصباح (انظر لاحقا)، وكذلك أقوال الشاهد في احدى الجلسات الأولىللجنة (صفحة 143)، والتي أكد فيها ان الخبر الذي وصل اليه صباح يوم السبتقال ان الجيش المصري والجيش السوري ينويان فتح نار الحرب قبيل مساء السادسمن أكتوبر. وذكر رجل الموساد أيضا (صفحة 1088)، انه في أعقاب الحصول علىالخبر اتصل به وزير الدفاع وسأله عن النص الدقيق للخبر، لأن رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية اعتقد بان نص الدعوة يختلف قليلا عن الخطة الأصليةكما كانت معروفة لنا، وفيها قيل ان المصريين سينهون الانزال [على الضفةالشرقية من القناة] حتى نهاية الظلام (لم نجد خطة تشمل ساعة محددة بينالوثائق التي أرسلها ذلك المصدر وتم اعطاؤها لنا)، ولكن في خطة التدريباتالمصرية التي جرت في نهاية سنة 1971، وجدنا ان ساعة الصفر (لبدء العبور)حددت باسم «على شفا الضوء الأخير» (وثيقة البينات رقم 1، صفحة 15). وقدكان جواب رجل الموساد بأنه حسب رأيه، لا يوجد فرق بين الخبرين. أيضا البروتوكولات حول اللقاءات التي تمت في اليوم نفسه لا تمكن مناستخلاص نتائج واضحة حول مصدر الخطأ. وفي تدوين من الساعة 5:45 (وثيقةالبينات رقم 265، صفحة 1): «الوزير يعلن عن الفتح في المساء». وفي المصدرنفسه، الساعة 6:00 قال السكرتير العسكري لوزير الدفاع: «العملية المخططةستبدأ هذا المساء». وفي اثناء ذلك يتصل الوزير مع رجل الموساد (أنظر آنفا)وهذا يبلغه بأن الحديث يجري «عن المساء»وعن «يوم غد قبيل حلول الظلام».ويقول رئيس أركان الجيش في شهادته، ان «العرب أنجزوا مفاجأة كبرى، نسبيا،إذا كانوا سيهاجمون هذا المساء»، ويقول بشأن الهجوم الرادع: «.. أو انهمسيهاجمون في الساعة الخامسة ويكون لي عندها ساعة ضوء» (وهذه هي المرةالأولى التي تظهر فيها ساعة دقيقة). في الساعة 7:15 لدى رئيس الأركان(وثيقة البينات رقم 285، صفحة 6 ـ 7): رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: «خطة هجومية ـ قبيل المساء». رئيس الأركان: «.. ننطلق من الفرضية بأنهم ينوون الهجوم في الساعة 18:00..ربما يخطئوا وفي الساعة 17:00 يفردون الشباك ويبدأون التحرك. وربما نحظىبالهجوم (هجوم رادع) في الساعة 17:00 أو 16:00. لنكن جاهزين من ساعاتالظهر». في مشارورات لدى رئيسة الوزراء، في الساعة 8:05 (وثيقة البينات 57، صفحة 8 فصاعدا): رئيس الأركان: «إذا كانوا ينوون الهجوم في الساعة 17:00، فإن سلاح الجوسيعمل بحرية ضد الجيش السوري (في حالة توجيه ضربة رادعة). وإذا هاجموا فيالمساء، فإن هذا سيكون إنجازا لهم في تحقيق المفاجأة. كل الاستعدادات تشيرالى ان الحرب ستبدأ في الساعة 18:00». في الساعة العاشرة صباحا، مرة أخرى لدى رئيس الأركان (وثيقة البينات رقم 285): «رئيس قسم العمليات: ربما يكون شيء اليوم في الساعة الخامسة أو السادسة مساء». في الساعة 11:00 لدى وزير الدفاع (وثيقة البينات رقم 285): رئيس الأركان: «نحن سنكون مستعدين اليوم في الساعة 17:00/18:00 للصد، بحيثيمكن أن يبدأ من الساعة إذا أرادوا أن يفتتحوا [الحرب] مع سلاح الجو،ويمكن أن يكون بعد الساعة 17:00 إذا قرروا أن يفتحوا النار قبل البدايةالجوية». الساعة 13:30 (وثيقة البينات 285): رئيس أركان الجيش يرشد قائد اللواء الشمالي: «السوريون يباشرون الهجوم في المساء». كما سبق وقيل، فإنه أيضا بعد التمعن في هذه الأمور، لا نعرف كيف وبيد منتم تشويش الخبر وتحويله الى «الساعة 18:00». ان قسما من المسؤولية عن ذلك،على الأقل، يقع على ريئس شعبة الاستخبارات العسكرية الذي لم يتأكد منالمضمون الدقيق للخبر. وفي المشاورات في الصباح نفسه لم يوضح لرئيسالأركان بأن الخبر لا يحدد ساعة دقيقة. فلو لم يتم تشويش الخبر على هذاالنحو، ربما كان أصحاب القرار بشأن الاستعدادات، يقررون خطوات بشكل عاجلأكثر لنشر القوات، من خلال الشعور بأن ساعة اندلاع الحرب غير محددة (قارنفيما بعد، البند 258 فصاعدا). تلخيص قضية المعلومات والتقديرات بشأنها 90. بهذا، تم استعراض المعلوماتالمتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية والتقديرات التي أعدت حولها فيدائرة البحوث فيها. النتيجة التي نستخلصها هي، كما كتبنا في التقريرالجزئي، البند 11: «... في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، كانت بأيدي شعبة الاستخباراتالعسكرية (بحوث) إخباريات تحذيرية صارخة، تزودت بها من دائرة التجميع فيشعبة الاستخبارات العسكرية وفي دوائر أخرى في الدولة». إننا نعتقد أن هذه الأخبار كان يجب ان تدفع شعبة الاستخبارات العسكرية لأنتجري تقديرا يشير الى خطورتها، باعتبارها ذات احتمالات كبرى للتدليل علىنشوب الحرب، من بداية الأسبوع الأول قبيل الحرب. وبكل الأحوال كان يجب علىشعبة الاستخبارات العسكرية ان تحذر على أساسها في صبيحة الخامس من أكتوبر،بان الحرب ستنشب. وينبغي التأكيد انه في دولة مثل دولة اسرائيل، فيها يكون كل خطأ فيالتقديرات عن نوايا العدو واستعداداته من شأنه ان يولد نتائج خطيرة جدا،من واجب الاستخبارات أن تحذر ليس فقط عندما يتحول هجوم العدو الى شيء مؤكدفحسب، بل أيضا في كل مرة توجد فيها علامات دالة على تهديد بهجوم للعدو.فالاستخبارات هي خط الدفاع الأول للدولة. (13) حول شبكات التجميع 91. بودنا أن نقول هنا ان دائرة التجميع في شعبةالاستخبارات العسكرية وغيرها من شبكات التجميع في الدولة، التي ذكرناها،قامت بواجباتها المسؤولة والمعقدة على أحسن وجه ممكن واستحقت السمعةالممتازة التي تحظى بها. ولكننا نشير بإضعاف أضعاف هذا التقدير، الى خيبةالأمل من دائرة البحوث، وهي الجسم الذي يقوم بغربلة ثمار هذا الجهدالعظيم، لم تعرف كيف تستغلها بالشكل المجدي المناسب. ونسجل هنا على هامش أقوالنا، ذلك القلق الذي أبداه المسؤول عن دائرةالتجميع في شعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب تزايد مصاعب الدائرة في تجنيدجنود وموظفين الى صفوفه ممن يملكون المعرفة الكافية باللغة العربية(بروتوكول، صفحة 1572 فصاعدا). برأينا، يجب بذل جهود خاصة واعطاء المحفزاتلجذب شباب مقتدرين الى هذه الخدمة الحيوية. فمعرفة لغة المخاطبة [العامية]العربية [بمستوى] لغة الأم، بين يهود دولة اسرائيل، ضرورية جدا ـ كما يبدولنا ـ بل انها أمر مطلوب تحقيقه لملء النقص. والمفروض مضاعفة تعليم اللغةالعربية في اطار الجيش للشباب ذوي المستوى الثقافي الرفيع المستعدين لأنيأخذوا على عاتقهم عبء هذا التعليم من خلال الاقتناع بأهميته. الفصل الخامس عدم قيام شعبة الاستخبارات العسكرية باتخاذ الإجراءات 93.لقد كانت هناك فضيحة أخرى في مجال الامتناع عن استغلال الامكانيات للحصولعلى معلومات. الحديث هو عن رفض الجنرال زعيرا الاستجابة الى طلب رئيس احدى الوحداتالعسكرية التابعة اليه، في تجنيد 100 جندي في الاحتياط بهدف تعزيز نشاطاتتلك الوحدة. لقد تم توجيه الطلب الى الجنرال زعيرا في بداية الأسبوعالأخير قبيل الحرب، وقدمه رئيس تلك الوحدة، الذي كان يساوره القلق ازاءالأخبار عن التدريبات المصرية والتشكيلات السورية المعززة (صفحة 1613فصاعدا). حول التفسيرات لهذا الرفض توجد عدة تناقضات في الشهادات. قائدالوحدة المذكورة يدعي بأن الجنرال زعيرا قال له ان وظيفة الاستخباراتالعسكرية هي الحفاظ على أعصاب الدولة وليس زعزعة المجتمع والاقتصاد،واضاف: «أنا لا أسمح لك بأن تفكر حتى في تجنيد ربع انسان، ربع جندي فيالاحتياط (صفحة 1617)». لكن الجنرال زعيرا نفى بشدة انه قال هذا الكلام أوانه كان من الممكن أن يقوله، لأنه لا يعتقد بأن وظيفة شعبة الاستخباراتالعسكرية هي الحفاظ على أعصاب الدولة (صفحة 4510). وقال ان جوابه لقائدتلك الوحدة كان قصيرا، وتلخص في القول انه لا يصادق على تجنيد رجالالاحتياط لأنه لا يرى ذلك ضروريا (صفحة 4510)، وفسر أمامنا انه في حالاتتوتر سابقة أيضا، لم يتم تجنيد احتياط اضافي وانه كان بالإمكان تحقيق نفسالنتائج وفقا للقوى الحالية بواسطة الغاء العطل وزيادة ساعات العمل للجنودالذين خدموا في تلك الوحدة. نحن مستعدون للافتراض بأن جواب الجنرال زعيرا كان كما قال في شهادته ومندون أن نضيف اية كلمة مما قالها قائد الوحدة. ولكننا لم نقتنع بأن التجنيدالمطلوب لرجال الاحتياط لم يكن ليحسن نشاط تلك الوحدة. ففي الظروف التيسادت في ذلك الأسبوع والتي اتسمت بالقلق، كما قال الجنرال زعيرا نفسه، كانمن الضروري ان يستجيب لطلب قائد الوحدة لكي لا يضيع اية فرصة لتحسيننشاطها. ورفضه عمل ذلك يدل على تلك الثقة الزائدة في النفس بأن كل شيءسيتم بالتمام، وهو الأمر الذي تجلى في النهاية ضد منطق شعبة الاستخباراتالعسكرية. بالطبع، لم يكن ممكنا أن نعرف إذا ما كان التجاوب في القضيتين المذكورتينأعلاه، كان سيؤدي الى وصول شعبة الاستخبارات العسكرية الى القناعة بضرورةالقيام بالتحذير الواضح [بأن حربا شاملة ستنشب ضد اسرائيل]، والتي مندونها لم يكن مستعدا لأن يتزحزح عن تقديراته المتفائلة حتى الساعاتالأخيرة تماما. ولكن امكانية كهذه كانت قائمة وتوجه شعبة الاستخباراتالعسكرية في القضيتين كان عديم الصحة وعديم المثابرة. مصاعب في «استلال»المعلومات 94. ما زال علينا ان نشير الى نقص عضوي في عمل دائرة البحوث فيشعبة الاستخبارات العسكرية يمس بنجاعتها: عدم القدرة على "استلال" أخبارقديمة في موضوع معين لكي يقارنها مع المعلومات الجارية. من النماذج علىذلك نذكر قضية كسر الصوم في رمضان، التي اعتمدت شعبة الاستخبارات العسكريةفيها على ذاكرة اثنين من ضباط دائرة البحوث (البند 82 آنفا)، والخبرــــــــــــــــــ [شطب من الرقابة] (البند 81 آنفا)، وهي قضية كان منالمفروض أن يتم «استلال» المعلومة بشأنها عندما وصل الخبر عن اخلاء عائلاتالروس. لم نسمع ان هذا حصل. [ففي هذه الدائرة] توجد بطاقات يتم تدوينالمعلومات القديمة عليها، ولكن إذا أخذنا بالاعتبار ان هناك كمية هائلة منالأخبار فإن هذه الطريقة ليست ناجعة بالشكل الكافي. ونفترض بأنه بالإمكانالتوصل الى أساليب أكثر نجاعة في هذا الموضوع
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:21
الوثائق الإسرائيلية إسرائيل أدارت حربا نفسية ضد العرب حتى لا يحاربوها وفشلت جدل بين الأجهزة الإسرائيلية حول إحراق المصادر
تل أبيب: نظير مجلي مع استمرار تحقيقات لجنة أغرنات في الإخفاقات الإسرائيلية في حرب اكتوبر1973، والاعتراف بأن العرب أداروا إحدى أنجح خطط التضليل لتحقيق المفاجأة،والتي قال عنها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، الجنرال ايليزعيرا، انها تسجل كأنجح عمليات التضليل في تاريخ الحروب الحديثة، يكشفالصحافيان المؤرخان، رونين برجمن، [المحاضر في جامعة كامبريدج البريطانيةفي موضوع التاريخ] وجيل ملتسر، (متخصص في التحقيقات العسكرية وكان مديرالدائرة العملاء في الشرطة العسكرية)، ان اسرائيل أيضا حاولت ادارة حربنفسية ضد العرب، لكي لا يجرؤوا على محاربتها، ولكنها فشلت. من هذه الحملات النفسية كانت قصة التهديد بإحراق الجنود المصريين إذا ماحاولوا عبور القناة. ويقول المؤرخان، في كتابهما «حرب يوم الغفران: زمنالحقيقة» [دار النشر التابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت»]، ان اسرائيل اهتمتبإبلاغ المصريين رسالة يفهم منها ان هناك خطة عسكرية تم الإعداد لها بدقةلدلق كميات من الوقود الى قناة السويس حال نزول القوات المصرية الىالقناة، في حالة قرار العبور، واشعاال النار في الوقود. وهذه قصة نشرت في حينه، ونشر أيضا ان المصريين أخذوها في اعتبارهم لدىاعداد خطة العبور. فقبل أن يعبر الجنود المصريون القناة قاموا بسد فوهاتالأنابيب التي عثروا عليها في الجدار الشرقي للقناة بمادة اسمنتية لاصقة،أعدت خصيصا لمجابهة ضغط المضخات الاسرائيلية التي ستضخ الوقود. بيد ان الأمر الذي لم يكن معروفا حتى الآن، هو ان هذه الخطة الاسرائيليةانطوت على اهمال فظيع من الجهاز العسكري الذي أنيطت به مهمة تفعيل هذاالوقود. وهكذا يكتب برجمن وملتسر، في بداية الفصل الأول من الكتاب: «قبلشهور من الحرب، جلس يغئال كوحلاني، ضابط الاتصالات في موقع «متسماد» [علىضفة القناة الشرقية المحتلة] وهو في حالة ملل، يرفع قدميه الى الطاولةويركن ظهره الى الوراء، ويضع يديه على قفا رقبته. وبحركة بسيطة خاطئة منه،سقطت نظرية الأمن الاسرائيلية مرة واحدة على الأرض». اجهزة خطة «ضوءعزيز»، كانت المفاجأة السرية التي أعدها العميد دافيد لسكوف، للقواتالمصرية في حالة تجرئها على عبور قناة السويس. خزانات تحوي كميات ضخمة منالبنزين أعدت للتدفق الى مياه القناة بواسطة مضخات عملاقة، ومن ثم اشعالالنار فيها، حتى تحترق ويحترق معهم المصريون المساكين [من هنا جاء الاسمالساخر للعملية: «ضوء عزيز»]. قبل سنة من الحرب [في فترة التوتر العسكري]،أقر قادة الجيش أن يكشفوا هذه الخطة أمام المصريين وأجروا تدريبا علنياعليها. وقد ارتعد المصريون خوفا في البداية، لكنهم ما فتئوا يعدون خطةمضادة ويتدربون علنا على سد الأنابيب. ولكن يتضح ان الطرفين بذلوا جهداهباء». ويكشف الكاتبان ان الاسرائيليين، وعلى الرغم من المبالغ الطائلة التيصرفوها على الخطة والجهود الكبيرة التي بذلوها لاعدادها، إلا انهم تعاملوافي الموضوع بإهمال لافت للنظر. فعندما تحرك كوحلاني في غرفته في الاستحكامالمذكور، ارتطمت يده بعلبة المفاتيح الكهربائية من خلفه، والتي تحتوي علىالزرين الخطيرين، أحدهما أحمر والكبسة عليه تؤدي الى فتح الأنابيب وتدفقالبنزين والثاني أخضر، والكبسة عليه تؤدي الى ارسال اشعاع حراري يشعلالنار في الوقود. ما حصل هو ان العلبة كلها سقطت على الأرض، فحسب الجندي كوحلاني انه تسببفي كارثة. فركض الى قائده وأخبره بما جرى. فراح هذا يضحك بقهقهة عالية.فالعلبة كانت مركبة على الجدار من دون أن تكون مربوطة بأجهزة تفعيل الخطة.لم يكن من خلفها سوى فراغ. وأخبره قائده بأن القيادة كانت قد بنت غرفةالمراقبة لهذا الجهاز في مكان آخر، ولكنها قررت قبل شهور أن تنقله الى هذهالغرفة. ونقلت العلبة فقط، فيما الجهاز الحقيقي بقي مكانه. ثم تبين انالجيش الاسرائيلي لم يحافظ على الصيانة السليمة للجهاز والأنابيبوالقنوات، بحيث لو انهم أرادوا فعلا تفعيل الخطة، لما كانوا يقدرون. ولماذا هذا الاهمال؟ «لأن كوحلاني، مثله مثل جميع جنود وضباط الجيش الاسرائيلي، من رئيسالأركان الى أصغر جندي، لم يؤمنوا بأن المصريين سيحاربون أو سيحاولون عبورالقناة». هذه القصة، لم ترد في تحقيقات لجنة أغرنات. وهي واحدة من آلاف القصص التيغابت عنها. ونجدها تعمل بشكل معمق، ولكن في اتجاه واحد اساسي حتى الآن، هوالبرهنة على ان شعبة الاستخبارات العسكرية هي المتهم الساسي في إخفاقاتالحرب. وإليكم حلقة أخرى من تقرير هذه اللجنة: الفصل السادس * مصاعب وتلبكات لدى شعبة الاستخبارات العسكرية 95. لقد عدد الجنرال زعيراوالعميد شيلو وصفا في شهادتيهما المصاعب والتلبكات التي واجهت شعبةالاستخبارات العسكرية باستمرار، وهي: ضرورة عدم التحذير هباء 96. هناكضرورة في ألا تعطى التحذيرات هباء للجيش الذي يكمن أساس قوته في تشكيلاتجيش الاحتياط، الى جانب جيش نظامي صغير، في حين يقابله جيش العدو الذييعتمد بالأساس على جيش نظامي كبير منتشر بشكل دائم على طول الحدود، أوتوجد امكانية لنشره بسهولة، عندما يواجه قوات العدو في الجبهة. * ضرورة عدم «احراق» المصادر 97. هناك ضرورة لأن لا يتم «احراق» المصادر.نموذج على ذلك: تلبك شعبة الاستخبارات العسكرية في قضية الأخبار عن اخلاءالعائلات الروسية والتي لم تنقل بالكامل، كما سبق واشرنا (البدان 77 و78). فيض في المعلومات 98. الفيض الهائل من المعلومات المتوفرة لدى شعبةالاستخبارات العسكرية تحولت الى «ثروة محفوظة تسيء لأصحابها» [مثل عبري]،حسب أقوال الجنرال زعيرا (في صفحة 626): «.. من الممكن أن تكون إحدى أشد حالات الظلم التي نتسبب بها الآن، اننانأخذ موضوعا ونبالغ فيه لدرجة عشرة آلاف مرة، اننا.. نتعاطى مع ألوف كثيرةمن البرقيات، وهذه البرقيات تترجم وتفحص كلها.. والضغط هائل». وفي صفحة 5445: «لو استطعت أن أفعل في ذلك الوقت، ما أفعله اليوم، أي أن أفرز الأخبارالصحيحة في جهة والأخبار غير الصحيحة في جهة أخرى، لكانت هناك أخبار.ولكن، بما أنني لم أكن أستطيع الفرز ما بين الأخبار الصحيحة وبين الأخبارغير الصحيحة، فإنني لا استطيع أن أقول انه لا يوجد عندي ما يكفي منالأخبار. واليوم أعتبر نفسي كطبيب التشريح، ويسهل علي الأمر أكثر، لأننيأصبحت أعرف ما هو الصحيح وما هو غير الصحيح. في حينه لم أكن [أعمل] كطبيبالتشريح.. والمشكلة هي.. كيف أحسن التمييز ما بين الحقيقة والكذب، بين المعلومة الصحيحة والمعلومة غير الصحيحة». مصاعب التمييز 99. إضافة الى ذلك، توجد صعوبة خاصة في التمييز ما بينالتدريب الحقيقي وبين التدريب الذي يتم للتغطية على نوايا هجومية، وصعوبةمشابهة للانتقال من التشكيلات الدفاعية الى تشكيلات للهجوم الكاملوالشامل. حقيقة هي ان تقديرات الموقف عشية حرب يوم الغفران قد فشلت، وكذلكأجهزة مخابرات عالمية وذات قدرات وتجارب كبيرة فشلت في تحليل نواياالمصريين والسوريين. * انتقادات على تلك الادعاءات * 100. نبدأ البحث أولا في المصاعب والتلبكات الأخيرة. لقد سبق وأن تطرقناآنفا (البند 67 فصاعدا) الى مصاعب التمييز المذكورة في الفقرة الرابعةوكذلك الى المقارنة ما بين وضع قوات العدو في المرة الأخيرة عشية الحربوبينها في فترات التوتر الثلاث السابقة (البند 72). وقررنا بأن هناك مصاعبفعلا، ولكن كان على شعبة الاستخبارات العسكرية أن تكون مدركة، وفي الواقعانها كانت مدركة، للحاجة في اليقظة الخاصة ازاء كل تدريب كبير وكل تشكيلاتدفاعية كبيرة، وذلك لأن هناك خطر خديعة حربية وتستر. صحيح انه حتى في أجهزة مخابرات أجنبية فشلوا هذه المرة مثلما فشلت شعبةالاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي. فحتى نهاية سبتمبر [أيلول]،تلقينا أخبارا مطمئنة كثيرة من تلك المصادر (شهادة الجنرال زعيرا في صفحة168 فصاعدا). على سبيل المثال تلقينا خبرا في 24.9.1973 من مصدر يعتبرجيدا جدا، يقول إن سورية غيرت موقفها من الطريق الى تسوية الصراعالاسرائيلي وانها مستعدة سوية مع الأردن ومصر، أن تحاول تحقيق حل سلمي(المصدر نفسه، صفحة 175). بعد ذلك توجه مصدر أجنبي في 30 سبتمبر، فأجبناهبإجابة مطمئنة، كما فصلنا في البند 59 آنفا، وتوجهنا نحن بمبادرتنا الىهذا المصدر نفسه في 5 أكتوبر (تشرين الأول) نسأله عن خروج الروس من مصروسورية، وتلقينا نحن هذه المرة منه جوابا مطمئنا، لا اساس له من الصحة.وكما سبق وفسرنا في البند 78 آنفا، فقد انطوى توجهنا من البداية على نقصأساسي لأنه لم يشمل كل ما توفر لدينا من معلومات. وبالاضافة الى ذلك، ربمايكون جواب شعبة الاستخبارات العسكرية المطمئن الى ذلك المصدر، في أولأكتوبر، ترك أثره بطريقة «التغذية المتبادلة»، أيضا على المصدر الأجنبي فيجوابه من يوم 5 أكتوبر، لأنهم احترموا الخبرات الخاصة لشعبة الاستخباراتالعسكرية لكل ما يجري في منطقتنا. وعلى اية حال، فإن فشل الآخرين لا يبررفشل شعبة الاستخبارات العسكرية. نحن لا نعرف ما إذا كانت المعلومات التيوصلت الى شعبة الاستخبارات العسكرية [الاسرائيلية] من مصادر مختلفة وخاصة،قد وصلت نفسها الى تلك المصادر الأجنبية. ونحن كان من واجبنا ان نفحص إذاكانت المعلومات المتوفرة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي تجعلها تصل الى تقدير آخر للأمور. 101. بالنسبة لفيض المعلوماتالذي من شأنه أن يتوّه شعبة الاستخبارات العسكرية عن الأخبار الصحيحة،فإنها الخطر الذي يتربص بكل جهاز مخابرات يتعاطى مع كم هائل كهذا يوميا منالأخبار. لقد تحدث الجنرال زعيرا عن المصاعب التي تواجه شعبة الاستخباراتالعسكرية وذكرناها آنفا (البند 48، والبند 92). ولكن هذه لم تكن سبب فشلشعبة الاستخبارات العسكرية عشية حرب يوم الغفران. فقد كان رأى جيداالعلامات الدالة على نوايا العدو الهجومية، ورأى استعدادات العدو جيدا علىخط الجبهة وانها تتم في الوقت نفسه على الجبهتين. إلا ان الفرضية بأن مصروسورية لا تريان نفسيهما قادرتين على الهجوم المشترك، هي التي خذلته. وحسبالبينات التي جمعناها، لا يوجد لدينا أدنى شك بأنه لولا تلك الفرضية لكانرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس دائرة البحوث فيها، سيستخلصان منالمعلومات الكثيرة المتوفرة لديهم النتائج الصحيحة. وحسب تعبير رئيس الدائرة 6 [في دائرة البحوث التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية]، الذي اقتبس في التقرير الجزئي، في البند 25: «كان تقديري بأنه من الناحية العسكرية المجردة، توجد لديك كل الدلائلالصارخة على وجود نوايا هجومية. ومن ناحية النوايا، يظل تقديري في مكانهبأنهم [العرب] لا يرون في نفسهم القدرة على تنفيذ هجوم». ويبدو لنا بأن هذا [الكلام المقتبس أعلاه]، يشكل التلخيص الأكثر دقةللموقف الخاطئ الذي اتخذته دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية،والذي ما انفك الجنرال زعيرا يردده باستمرار في شهادته، قائلا انه يرى انهمن ناحية القدرات، فإن العدو يستطيع تنفيذ هجوم، ولكن مسألة النواياالهجومية، فلا يمكن تحديدها إلا على اساس معلومة تحذيرية واضحة، ومعلومةكهذه لم تصل الى شعبة الاستخبارات العسكرية قبيل فجر يوم 6 اكتوبر. 102.الحاجة الى عدم «احراق» المصادر، هي بالتأكيد اعتبار مهم للغاية في نشاطاتشعبة الاستخبارات العسكرية، مثله كمثل أي جهاز مخابرات آخر. ولكن في نهايةالمطاف، يجب على مصدر المعلومات ان يخدم الهدف في تزويد المعلوماتالمطلوبة وقت الحاجة، والحفاظ على المصدر لا ينبغي أن يكون هدفا بحد ذاته.من هنا، يجب أن يتم وزن الأمور دائما على اساس وضع مسالة الخطر في احراقالمصدر في مقابل مدى حيوية الحاجة بتحصيل المعلومة المطلوبة، التي يمكن انتأتي من مصادر أخرى. وفي حالات متطرفة، لا مفر من الاستسلام للضرر الخطيرالناجم عن احراق المصدر، لكي تحصل معلومات قيمة لأمن الدولة. حسب راينا،في الأيام التي سبقت نشوب الحرب، كانت لنا حاجة حيوية كهذه، ازاء عدماليقين من نوايا العدو، بأن نقوم بتجنيد المصادر التي استخدمت لمثل هذهالحالات بالذات، ولو حتى بثمن خسارة مصدر. 103. في قضية الحاجة الى ألا يكون التحذير هباء، هذه معضلة صعبة بالنسبةللوضع الخاص الذي تعيشه اسرائيل بشكل دائم. وقد تطرقنا الى هذه المعضلةآنفا (البند 48) واقتبسنا أقوال الجنرال زعيرا (صفحة 1051)، ومنها: «إذا كانت الاستخبارات تريد في نهاية المطاف أن تكون حريصة بشدة ومخلصةفقط للمعلومات التي تصل اليها والتقديرات التي بلورتها، بحيث تأتي الىرئيس الأركان ووزير الدفاع والحكومة وتقول: «ستنشب الحرب»، فعليها أن تعرضأدلة ثابتة». الى هنا لا يعترض أحد على أقواله. ولكن يجب الاعتراض على بقية أقواله: «لم تكن لدي أية معلومات عشية الحرب، أستطيع أن أعرضها كدليل اثبات. كانبمقدوري أن أعرض المعلومات على انها أخبار عن تدريبات. كان بمقدوري أنأقدم اثباتات حول موعد انتهاء التدريبات [المصرية] أو نظام نشر قواتالاحتياط أو ترتيبات ارسال الضباط الى مكة [لأداء العمرة]». نحن لا نقبل هذه الحجة لتبرير الوضع. فهو يطرحه كأمر لا بد منه،التراجيديا اليونانية. فعلى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيشالاسرائيلي أن تقع في المصيدة التي نصبها لها العدو. ومن هذا التذرع،يستنتج بأنه لا مفر أمام شعبة الاستخبارات العسكرية من الوقوع في مطبالعدو مرة أخرى في المستقبل. وأما بالنسبة للصراخ «ذئب» [الجنرال زعيراكان قد صرح أمام لجنة التحقيق بأنه لا يستطيع الصراخ «ذئب.. ذئب..» في كلمرة يرى فيها تحركا لقوات العدو، فإذا فعل فإن على الجيش الاسرائيلي أنيستدعي الاحتياط خمس مرات في السنة]، فمن المفضل أن تصرخ شعبة الاستخباراتالعسكرية «ذئب.. ذئب..»، كلما وجدت بين أيديها معلومات تشير الى شيء فعليحول خطر الحرب، حتى لو لم تكن تلك معلومات صارمة. فهذا أفضل من تفيض مستوىاليقظة الدائمة في جيش الدفاع الإسرائيلي، التي تعتبر أكسيد الحياةبالنسبة للدولة. * الفصل السابع * التخوف من التدهور 104. إن تشويش تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية،الذي جعلها ترى فيما يجري في مصر مجرد تدريبات وفي سورية تشكيلات دفاعية،أدى الى تشويش آخر وأثر بشكل سلبي على استعدادات قواتنا لدى بدء الحرب.فبما اننا افترضنا بأن نوايا العدو كانت دفاعية، فقد نشأت مخاوف من إثارةأعصاب العدو، حتى لا يتدهور الوضع بفتح النار بشكل منفلت. لقد ساد هذاالشعور لدى قائد اللواء الجنوبي، الذي لم يعرف كيف يفسر من اين وصل اليه.ونضيف ان رئيس أركان الجيش قال في شهادته بأنه لم يكن هذا الشعور مرافقاله عندما أصدر توجيهاته الى قائد اللواء الجنوبي في ذلك اليوم. وفي نشرةشعبة الاستخبارات العسكرية [فرع 3 ـ الدول العظمى] من الساعة 9:40 من يوم6 أكتوبر نقرأ انه «على خلفية التقديرات الأميريكية المرسلة الى اسرائيلمن جهة، وعلى أساس التقديرات الاسرائيلية الجارفة الموجودة بين أيديهم منجهة ثانية، فمن المعقول ان تتطور لديهم [أي لدى العرب] تقديرات قد تدفعباتجاه التدهور العسكري المنفلت في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، منالمعقول أن يقدروا بأن هناك خطرا ماثلا بأن توجه اسرائيل ضربة رادعة». نحن نشك في أن من واجب الاستخبارات التابعة لجيش الدفاع الاسرائيلي انتنشغل في اعطاء تقديرات سياسية على هذا النحو في يوم كهذا. ولكن الأجواءالتي تتحدث عنها هذه النشرة، من شأنها أن تبني في قلب كل قائد الانطباعبأن عليه أن يكون حذرا من أي تصرف يمكن أن يتسبب في التدهور على الجبهة. يجب التفريق بين هذه التخوفات من التدهور، و[هي تخوفات] نابعة منالتقديرات الخاطئة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية، وبين تخوفات أولئكالذين رأوا في 5 ـ 6 أكتوبر خطرا حقيقيا لهجوم العدو وتحسبوا من اتخاذاجراءات تعزز الاتهامات الكاذبة بخصوص هجوم اسرائيلي، وهي الاتهامات التيرافقت خطاب العدو لدى الهجوم في يوم الغفران (أنظر، على سبيل المثال، بياناذاعة القاهرة في الساعة 14:20 من يوم السبت، بأن قوات سلاح الجوالاسرائيلي هاجمت زعفرونة في الساعة 13:30 ـ نشرة رقم 436 من يوم 6أكتوبر)، وهكذا فإنه كان من الممكن أن يتم تشويه الحقيقة أيضا في نظرالمراقب الحيادي. حول تخوفات كهذه لدى وزير الدفاع، عندما طرحت قضية تجنيدالاحتياط في يوم السبت، اقرأ البند 32. جدير بالذكر، ان الرأي الذي قبلتهرئيسة الحكومة في هذا الموضوع، هو رأي رئيس أركان الجيش (تفاصيل هذا الرأيفي البند 32). ولكن، وكما قلنا في التقرير الجزئي، البند 31(هـ)، فقد كانتتفسيرات وزير الدفاع سياسية صرف، يمكن الموافقة عليها أو الاعتراض عليها،ولكن لا يمكن الغاؤها بتفسيرات نافية. الفصل الثامن * تعهد شعبة الاستخبارات العسكرية بإعطاء التحذير * 105. لقد عللنا حتى الآن استنتاجاتنا من البند العاشر في التقريرالجزئي، بأنه «يجب القاء المسؤولية عن الأخطاء في تقديرات نوايا العدو،أولا على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وعلى مساعده الشخصي المسؤول عندائرة البحوث في الاستخبارات العسكرية». في البند 11 (المصدر نفسه) عددناثلاثة أسباب لفشل شعبة الاستخبارات العسكرية: (أ) تمسكه العنيد بما كانيسمى لديها ب «الفرضية» (ب) تعهد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بأن يعطيالجيش تحذيرا كافيا حول نوايا العدو شن حرب شاملة و(جـ) عدم الاكتراثبالمعلومات الكثيفة الموجودة بايدي شعبة الاستخبارات العسكرية وعدماستغلال وسائل أخرى للحصول على المعلومات. حول (أ) و(جـ) سبق وأن وتحدثنابشكل واسع آنفا، وبقي علينا ان نفسر أقوالنا حول السبب (ب)، بخصوص التعهدبإعطاء تحذير كاف. لقد قلنا عن هذا [الموضوع] في التقرير الجزئي [ما يلي]: «لقد تعهد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الى جيش الدفاع الاسرائيلي بأنيعطيه تحذيرا مسبقا حول نوايا العدو شن حرب شاملة، [خلال وقت] يكفي لاجراءتجنيد لقوات الاحتياط بشكل منظم. هذا التعهد كان بمثابة اساس صلب للخططالدفاعية في جيش الدفاع الاسرائيلي. وقد توصلنا الى الاستنتاج بأنه لم يكنهناك أساس لاعطاء تعهد صارم كهذا». تفسيراتنا لهذا هي: (1) خلال مشاورات عسكرية سياسية لدى رئيسة الوزراء في يوم 18.4.1973، وفيأعقاب تلقي الأخبار عن الاستعدادات الهجومية المصرية في تلك الفترة، قالالجنرال زعيرا بحضور رئيسة الحكومة والويرين غليلي وديان ورئيس اركانالجيش ورئيس الموساد، ان «هناك بشكل أساسي ثلاث امكانيات للحرب المصريةضدنا» (وثيقة البينات رقم 57، بروتوكول المشاورات، في رأس الصفحة 2)،واضاف لاحقا في صفحة 3: «بالنسبة للطريق الثالث ـ العبور الفعلي للقناة، أنا واثق بأننا سنعرفمسبقا عن ذلك وسنستطيع ان نعطي تحذيرا ليس فقط تكتيكيا، بل أيضا عمليا. أيمسبقا، قبل عدة أيام». وعلى سؤال رئيسة الحكومة: «كيف نعرف، عندما نعرف؟ هل بحسب الاستعدادات؟»، أجاب: «سنعرف عن الاستعدادات، سنعرف إذا كانت هناك زيارات ضباط وتحريك قوات الىالأمام، إذا كانت هناك تشكيلات دفاع جوي معززة ومزيد من بطاريات الصواريخوسنراهم ينظفون الاستحكامات المهملة على طول القناة. وبشكل عام، عندمايدخل كل الجيش المصري الى العمل، سنكون قد عرفنا». (لا نستطيع هنا ألا نذكر ان كل هذه الدلالات قد كانت قائمة في الميدانعشية الحرب، مع ان هذا لا يمت الى موضوعنا بشكل مباشر). (2) بعدئذ، فيجلسة لجنة الخارجية والأمن [في البرلمان الاسرائيلي، الكنيست]، في يوم18.5.1973 (البروتوكول ـ صفحة 31)، يعود الجنرال زعيرا ليقول، بحضور رئيسأركان الجيش: «.. لا توجد عندي ثقة ابدا بأننا نستطيع معرفة الخطة المصرية بالتفصيل،الموعد والمكان والطريقة. أنا اقدر ان احتمالات ذلك ضعيفة. ومع ذلك، أقدربأن هناك احتمال جيد وبتقدير عال أن العلامات الدالة ستصل الينا. هذايعني، انه في حالة استعداد الجيش المصري لعبور القناة، فإننا سنعرف. لننعرف الخطط، ولكن ستكون هناك علامات تدل على التحضيرات: حشد قوات وكل مايتبع ذلك، أنا لا أعتقد بأن من الممكن أن يكون عبور القناة مفاجئا.. بلاستطيع أن اتعهد بإعطاء انذار حول موضوع العبور. ولكن، بالنسبة لفتح النارأو الاجتياح أو نصب كمين أو عبور القناة بفرقة بسيطة وزرع الغام، هذه كلهايمكن ان تنفذ من دون أن [يكون في مقدورنا] إعطاء إنذار..» (التأكيد منعندنا). (3) في يوم 9.5.1973، خلال عرض الخطة العسكرية «أزرق ـ أبيض» أمام رئيسةالحكومة، قال رئيس أركان الجيش، بحضور رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية(وثيقة البينات رقم 57، البروتكول صفحة 8)، وهو يستعرض الخطط العملية: «نحن نسعى لتنفيذها لتتجاوب مع ثلاثة شروط: 1. أن يكون لدينا استعداد كاف.فإذا توصل (العدو) الى قرار كهذا (شن الحرب)، ينبغي أن نعرف ذلك بتحذيرقصير. والتحذير القصير عندي هو 48 ساعة مسبقا، وأنا اشدد بشكل مقصود، لكينكون مستعدين حتى لو جاء الانذار قبل 48 ساعة، أن نكون جاهزين للحرب كمايجب». رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لم يطلب في تلك الجلسة السماح لهبأن يتحفظ من أقوال رئيس الأركان، التي قيلت من خلال المبادئ الاساسيةلخطط الحرب العملية. لقد عرف أو كان عليه أن يعرف بأن كل الخطط العمليةلجيش الدفاع الاسرائيلي، بدءا بخطة الأمن الجاري وحتى خطة «سيلع»، كانتمبنية على التحذير، حتى لو قبل 48 ساعة فقط (أنظر لاحقا، البند 142فصاعدا، والبند 168 فصاعدا). (4) في المشاورات العسكرية ـ السياسية في يوم3 أكتوبر 1973 يقول رئيس الركان (وثيقة البينات رقم 57، صفحة 8 ـ 9): «أنا أفترض بأنه سيكون لدينا تحذير، إذا اتجهت سورية نحو أمر ذي طموحاتأكبر [شطب من الرقابة]. أنا أقدر بأنهم لن يذهبوا الى عملية صغيرة أكثر.سيكون هجوم هنا وهناك. لكن عندما يفعلون ماكينة كبيرة ويديرون معارككبيرة، يكونون ملزمين إعداد مئات الأشياء، وهذا سيسرب ونحن سنعرف عنه». في المشاورات نفسها، كان العميد شيلو ممثلا لشعبة الاستخبارات العسكرية،وهو لم يتحفظ من هذه الأقوال، التي تدل على مدى اعتماد رئيس الأركان علىالحصول على انذار مسبق.
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:23
الوثائق الإسرائيلية ـ أحد الضباط الذين أعربوا عن قلقهم من الاستعدادات العربية للحرب، استدعي للتحقيق الإسرائيليون كانوا مقتنعين بأن العقلية العربية لا تستوعب الأسلحة المتطورة
تل أبيب: نظير مجلي في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيليفي حرب أكتوبر، نلاحظ ان لجنة التحقيق تجرؤ على الحديث عن غطرسة اسرائيليةشاملة في القيادتين السياسية والعسكرية، ولكنها لا تتوسع في الكلام عنالسياسيين وتعود لتصب جام غضبها وكل حساباتها ضد هذه الدائرة في الجيشالاسرائيلي. بيد ان الباحثين الإسرائيليين والجمهور العام لم يقبضوا هذاالموقف، بل انتقدوا اللجنة، وأكدوا ان الغطرسة هي أيضا في الحكومة ولدىالسياسيين بشكل عام، ولدى السياسيين القادمين من الجيش ويحملون رتبة جنرالبشكل خاص، هم أول المتغطرسين وكان على اللجنة أن تعاقبهم مثلما عاقبت شعبةالاستخبارات العسكرية. ولنترك المؤرخ الاسرائيلي، بيني موريس، يقدم في مايلي مجموعة من النماذج عن هذه الغطرسة في كتابه بعنوان: «ضحايا ـ تاريخالصراع الصهيوني العربي 1881 ـ 2001» [من إصدار: عام عوبيد للنشر ـ تلأبيب 2006]:في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيشالاسرائيلي في حرب أكتوبر، نلاحظ ان لجنة التحقيق تجرؤ على الحديث عنغطرسة اسرائيلية شاملة في القيادتين السياسية والعسكرية، ولكنها لا تتوسعفي الكلام عن السياسيين وتعود لتصب جام غضبها وكل حساباتها ضد هذه الدائرةفي الجيش الاسرائيلي. بيد ان الباحثين الإسرائيليين والجمهور العام لميقبضوا هذا الموقف، بل انتقدوا اللجنة، وأكدوا ان الغطرسة هي أيضا فيالحكومة ولدى السياسيين بشكل عام، ولدى السياسيين القادمين من الجيشويحملون رتبة جنرال بشكل خاص، هم أول المتغطرسين وكان على اللجنة أنتعاقبهم مثلما عاقبت شعبة الاستخبارات العسكرية. ولنترك المؤرخالاسرائيلي، بيني موريس، يقدم في ما يلي مجموعة من النماذج عن هذه الغطرسةفي كتابه بعنوان: «ضحايا ـ تاريخ الصراع الصهيوني العربي 1881 ـ 2001» منإصدار عام عوبيد للنشر ـ تل أبيب 2006. ـ الاسرائيليون اعتبروا العرب عاجزين بطبيعتهم عن القتال العصري, ـ تسفيزمير، رئيس جهاز الموساد ابان حرب أكتوبر، يتحدث عن المواقف الاسرائيليةفي تلك الفترة فيقول: "ببساطة، لم نؤمن بأنهم قادرون. كنا نستخف بهم. احدالضباط قال لي: "ضع كل المظليين عندهم على راس جبل وأعطهم صواريخ "ساجر"وأعطني دبابتين، وأنا اقضي لك عليهم". ـ عندما وصلت المعلومات عن وجود خراطيم مياه خاصة بأيدي المصريين [اقتنوهامن ألمانيا]، سيستخدمونها لإزالة كثبان الرمال التي أقامتها اسرائيل علىطول القناة، وفتح الثغرات فيها لما بعد العبور، رفض أحد الجنرالات سماعشيء عن ذلك وتساءل مستخفا: «أية خراطيم مياه، يا رجل!!». ـ رئيس أركان الجيش الاسرائيلي قبيل حرب أكتوبر، الذي كان وزيرا في حكومةغولدا مئير، حايم بار ليف، وهو الذي سمي باسمه خط الدفاع الأول للجيشالاسرائيلي على طزول القناة، قال في سنة 1970: «ينقص الجندي العربيالطاقات اللازمة للجندي العصري. ان وسائل القتال المتطورة والتقدمالتكنولوجي يحتمان مستوى حضاريا وقدرة على الانسجام. فالحقيقة حتى ولوكانت صعبة فيجب أن تقال». ـ وزير الدفاع، موشيه ديان، ورئيس أركان الجيش، دافيد العزار، كانامقتنعين تماما انه بـ300 دبابة في الجنوب و180 دبابة في الشمال يمكن هزمالعدو في الجبهتين. ـ كل القيادة الاسرائيلية، ومعها وزير الخارجية الأميركية، هنري كسينجر،استخفوا بالرئيس المصري أنور السادات، طول الوقت وزاد الاستخفاف خلالالسنوات الثلاث التي كان يهدد فيها بالحرب ولم يفعل. وهناك أمثلة كثيرةاخرى سنأتي على ذكرها لاحقا. وفي ما يلي حلقة أخرى من تقرير اللجنةالمذكورة: التقرير (5) لقد جرى التحقيق في اللجنة مع الجنرال زعيرا حول موضوع التحذير (صفحة 599 فصاعدا)، على النحو التالي: «السؤال الثاني الذي سئلت.. [المتكلم هو ايلي زعيرا، رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي] كان: هل قمت بتحديد ماهيةالتحذير المطلوب من شعبة الاستخبارات العسكرية؟ والجواب هو: لا توجد لديأية وثيقة معروفة لدي، ولم يقل لي احد حتى شفهيا، ما هو التحذير المطلوبمن شعبة الاستخبارات العسكرية. واضح أنني اعرف انه كلما تمكنت من الحصولعلى المعلومات التحذيرية اسرع، يكون افضل. ولكن لا توجد وثيقة تحدد ماهيةالتحذير». سؤال: أليس متفقا على ان تجنيد قوات الجيش الاحتياطي يحتاج الى 48 ساعة للتحذير؟ جواب: متفق عليه ان المطلوب لتجنيد الاحتياط وتحريك القوات في الشمال [علىالجبهة السورية] مطلوب 24 ساعة على الأقل، وفي الجنوب مطلوب ثلاثة أضعافذلك، مع تحريك القوات بشكل منتظم. لكن هذا ليس مقدسا. سؤال: كم من الوقت يحتاج تجنيد الاحتياط في الشمال؟ جواب: من 24 الى 48 ساعة. ولكن في الجنوب يحتاج الأمر الى وقت مضاعف أكثر من مرة. سؤال: أنا أقصد الجلسة التشاورية التي عقدت في أحد أيام شهر أبريل[نيسان]. عندما قلت هذه الأمور بشكل عام، اعتمادا على أي شيء قلته؟ فأنتتقول في الشمال 24 ـ 48 ساعة؟ جواب: أنا أقول هذا بوصفي عضوا في هيئة رئاسة أركان الجيش. سؤالك أنا أقصد الجلسة من شهر أبريل 1973، حيث كانت فترة تحذير، وأنت قلتبأنك تستطيع في كل الأحوال اعطاء تحذير [بنشوب الحرب] قبل 48 ساعة منوقوعها. هل تذكر الأمر؟ جواب: لا أذكر، ولكن إذا كان هذا مكتوبا في أي مكان... سؤال: في الجلسة التي عقدت في 14.4.1973 [الصحيح هو 18.4.1973]، ومما جاءفي بروتوكول الجلسة من يوم 18.4.1973 حسب الفقرة (أ) آنفا، يجيب الشاهد(المصدر نفسه، صفحة 600): «جوابي في هذا الموضوع هو، ان المصريين أثقلوا علينا وفعلوا كل هذه الأمور بصورة تدريبات». سؤال: انت، لم تأخذ هذا بالاعتبار؟ جواب: صحيح. أنا لم آخذ هذا بالاعتبار لأنه كان لدي شعور بأنني سأتمكن منالتمييز ما بين التدريب وبين الاستعدادات لحرب حقيقية. حول هذه النقطة،المتعلقة بعمليات الخداع المصرية سآتي لاحقا. اذا لخصنا هذه النقطة، أريدأن أفسر قضيتين: كل الوقت كان تقديري اننا نستطيع أن نعرف حول حشد القوات،وثبت ان هذا صحيح. وبالنسبة لهذه الحالة فقد عرفنا عن حشد القوات قبلأسبوع. لقد ضللنا، حتى رأينا ما جرى تدريبات عسكرية وليس حربا هجومية. هذايعني، أن التقدير كان صحيحا من ناحية جمع المعلومات، أما من ناحيةالتفسيرات للأخبار، فإننا لن نعرف. ضللونا بواسطة التقرير. سؤال: بنظرة الى الوراء، ما الذي كان من الممكن أن يوضح لكم الفرق ما بينالتدريبات وبين الشيء الحقيقي، باستثناء الخبر المباشر كامل المصداقية؟ جواب: لو كان الرئيس المصري والقيادة العليا يدحرجان الأمور بطريقة اخرى،ولم يكتما السر بشكل جعل أيا من أفراد الجيش المصري تقريبا يعرف إذا كانتهذه تدريبات أم حربا حقيقية، لكنا في هذه الحالة سنعرف. في صفحة 1044، جرى التحقيق معه مرة أخرى حول الموضوع: سؤال: لقد كنتم واثقين من انه بفضل التحذير، كنتم ستعطون إنذارا في غضون ايام قليلة؟ جواب: لا أعتقد أنني قلت هذا. سؤال: قلته في أبريل على ما أعتقد. جواب: إذا قلت ذلك، فهذا يعني بأنني هكذا فكرت. من هذه الأقوال يتضح ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قال فعلا انهسيكون في مقدوره أن يعطي تحذيرا مسبقا، ولكنه خلال الادلاء بشهادته يتذرعبالقول ان التقدير كان صحيحا من ناحية جمع المعلومات، ولكن ليس من ناحيةتفسير الأخبار [التي وصلت اليه]. ولكنه عندما عرض الأمور في حينه (في يوم18.4.1973 ومرة اخرى في يوم 9.5.1973)، لم يقصر اقواله على جمع المعلوماتالتحذيرية، بل كان هدف أقواله التوصل الى استنتاج نهائي، أي اعطاء تقديراستخباري للأخبار. وتوضح أقوال الجنرال زعيرا حتى من اين استقى هذه الثقة بأنه يستطيع اعطاءجيش الدفاع الاسرائيلي انذارا قبل 48 ساعة على القل. انه يتحدث عن مصدرمعلومات كان لديه. وفي رد على سؤال حول طول فترة التحذير التي يأمل فياحرازها، أجاب (صفحة 637): «انا اعتقدت يومين. لم أقدر بان بالامكان خوضحرب من دون يومين مسبقين [يحصل فيهما على الخبر من المصدر المذكور]، بأنحربا ستنشب». حول هذا المصدر أقرا آنفا (البند 53 ). 106. في قضية حيوية كهذه مثل التحذير، فشلت دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية، بسبب قيام [المصريين] بتمثيل وجود تدريبات. ولكنكان عليه أن يأخذ هذا الخطر بعين الاعتبار، عندما أعطى تعهده. وبالفعل،فقد اخذت في الاعتبار في التقديرات التفصيلية حول قدرات شعبة الاستخباراتالعسكرية لاعطاء التحذير، كما وضعها سابقه في منصب رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية، الجنرال يريف في يوم 16.6.1972، بناء على طلب رئيس القيادةالعامة، الجنرال طال (ضمن وثيقة البينات رقم 210). ولكن قيل هناك، فيالبند الثالث: «نقطة الانطلاق في اعطاء تقدير للوضع تكمن في القناعة بأنهمن أجل أن ينفذ المصريون عملية عسكرية محدودة، وأكثر من ذلك في حالة انهاعملية كبيرة، يجب على الجيش المصري أن ينتظم في استعدادات تنفيذيةولوجستية يكون إلزاميا اعطاء تعبير فيها عن الانذار بما لا يقل عن 24 ساعةفي العملية المحدودة و5 ـ 6 أيام قبيل تنفيذ عملية حربية كبيرة». ولكنه فيالبند 11 يلخص: «في عملية حربية هجومية كبيرة، هناك احتمالات كبيرة فياعطاء التحذير. ولكن: أ ـ ... ب ـ ليس في كل حالة، يكون واضحا ما هي تلك العملية العينية، خصوصاإذا نفذت العملية على خلفية التوتر العام الذي يترافق واستعدادات لوجستيةمتواصلة وتحركات أو على خلفية تديبات شاملة في الجيش المصري تتضمن تحركاتللقوات على نطاق كبير». هذا التحفظ المهم، والذي فرضه الحذر في ضوء التجارب التاريخية (مثل هجومهتلر على الاتحاد السوفياتي سنة 1941 واحتلال جيوش دول حلف وارسولتشيكوسلوفاكيا في سنة 1968)، لم يضفه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الىقدراته على اعطاء انذار للجيش. 107. الرقابة تشطب هنا فقرة كاملة من 4 سطور. هذه الرسالة (وثيقة البينات رقم 287)، أرسلها الجنرال زعيرا الى اللجنةبعد الانتهاء من الإدلاء بالأمور الجوهرية من شهادته، خلال اجاباته علىالقضايا، التي بسببها، قامت اللجنة بتفعيل المادة 15 من قانون لجانالتحقيق لسنة 1968. ان الامتناع عن عرض هذه الرسالة خلال تقديم شهادتهالأساسية، وهو خاضع للتحقيق حول الموضوع، يعني ان زعيرا نفسه لم ير فيالرسالة شطبا لتصريحاته من أبريل ومايو [نيسان وايار] 1973 بشأن قدرته علىاعطاء التحذير [للجيش ازاء خطر هجوم حربي عربي] ـــــــــــــــــ[رقابة]،ولم يتراجع ولم يلغ هذه التصريحات. لو أراد رئيس شعبة الاستخبارات ان يعلنتغييرا أساسيا كهذا في موقفه المعلن، والذي تحول كما يعلم، الى فرضيةاساسية في التخطيطات العملية للجيش الاسرائيلي، لكان عليه أن يعلن ذلك فيحينه وبمنتهى الوضوح. الفصل التاسع: خلفية فشل شعبة الاستخبارات العسكرية (1) الثقة الزائدة فيالنفس 108. قلنا ان هناك ثلاثة اسباب لفشل شعبة الاستخبارات العسكرية. وقدكانت لهذه الأسباب خلفية نفسية نمت وترعرعت عليها. ونقصد بذلك الثقةالزائدة في النفس، التي اتصف بها الجميع، سواء في مستوى القيادة العسكريةأو السياسية، ومفاد [هذه الثقة المفرطة] انه في حالة قيام العدو بالهجوم –على عكس المتوقع – فإن الجيش النظامي [سوية مع جنود الاحتياط المجندين]سيصد الهجوم بسهولة في كل الظروف وسيستطيع التحول بسرعة الى حالة هجوممضاد. وقد عبر وزير الخارجية عن هذه الأجواء في شهادته (صفحة 735): «الجواب الذي حصلنا عليه دائما من الذراع العسكرية هو انه حتى إذا حاول(السادات) مهاجمتنا فسيكون مصيره قد حسم بهزيمة سريعة وساحقة». وعلى الرغم من ان واجب شعبة الاستخبارات العسكرية هو الانشغال فقط بإعطاءتقدير حول قوات العدو وأهدافه، وليس قدرات الجيش الاسرائيلي وخططته ـ وهوالأمر الواضح أيضا لرؤساء شعبة الاستخبارات العسكرية ـ فإن هذه الثقةتغلغلت، في الواقع، ايضا الى تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية. هذهالظاهرة بدت في أقوال الجنرال زعيرا خلال شهادته (صفحة 1046): «في ضوء ما فهمته من الضباط الكبار في جيش الدفاع الاسرائيلي، فإن شعوريالذاتي انه إذا كانت في الجنوب 300 دبابة، لن تكون لنا مشكلة جدية. أنا واثق من أنه كان لهذا تأثير، وأنا أتحدث عن شعوري. لكنني لا أعتقد انهأثر على القدرة في تشريح المعلومات. بيد أنني كضابط في الجيش وليس كرئيسشعبة الاستخبارات العسكرية، شعرت بأنه مع 300 دبابة نستطيع منع عبورالقناة. سؤال: تقصد أننا نستطيع القذف بهم [المصريين الذين سيعبرون القناة] الى الوراء؟ جواب: على الأقل لن نتيح لهم العبور، أكان ذلك بالصد الفوري لهم أو بالهجوم المضاد». ولكن في صفحة 5446، عندما جرى التحقيق معه حول الامتناع عن تسليم الخبر،الذي وصل [الى شعبة الاستخبارات العسكرية] في 5 أكتوبر، الى رئيس أركانالجيش في الوقت المناسب (أنظر البند 79 آنفا)، قال ـ وهذه المرة بالذاتبوصفه رئيسا لشعبة الاستخبارات العسكرية: «.. لم أجد ضرورة أن أستنفر رئيس الأركان في الساعة 11:00 ليلا لأقول لهان هناك خبرا من هذا النوع ثم اضيف له ما كتبناه في حينه بأن المصدر ليسذلك المصدر الموثوق وبأن هناك أخطاء [في تقاريره السابقة] وأننا نفكر بشيءمشابه [أي ان المصدر غير موثوق]. ويجب ان نذكر انني كنت أعرف في ذلك الوقتوكان رئيس الأركان يعرف أيضا أن كل جيش الدفاع الاسرائيلي كان في حالةتأهب قصوى، و300 دبابة جاهزة في الجنوب و180 دبابة في الشمال، وكلناواقفون والإصبع على الزناد. وهذا كان شعور رئيس الأركان في تلك الليلة علىحد علمي وأنا كذلك. لم يكن هذا وضع out of the blue [غير متوقع] بحيث عادالجميع الى بيوتهم، كما لو انه يوم غفران عادي ويجب استنفار [القادة منبيوتهم]. ففي حالة كهذه كان رئيس الأركان سيقول لي، حسب اعتقادي: حسنا،لكن عند غوردوش [يقصد الجنرال شموئيل غونين، قائد اللواء الجنوبي في الجيشالاسرائيلي ذلك الوقت]، توجد 300 دبابة وبيني بيلد [قائد سلاح الجو] وضعالطائرات في القواعد [يقصد انه يضعها على أهبة الاستعداد] ولاحكا (أيالجنرال حوفي) [قائد اللواء الشمالي] لديه 180 دبابة، جميعهم يقفونوالإصبع على الزناد. حسنا؟» (2) في شعبة الاستخبارات العسكرية اعتادوا علىالإجماع 109. عنصر آخر ساهم إسهامه في ولادة أسباب الفشل، هو التعصبالزائد الذي تميزت به تقديرات ضباط دائرة البحوث في شعبة الاستخباراتالعسكرية. ونحن نعتمد على شهادة العميد شيلو، مساعد رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية لشؤون الأبحاث، حول هذا الموضوع. وهذه كانت اقواله (صفحة 1182): «بشكل عام توجد آراء مختلفة، وليس فقط توجد آراء مختلفة، بل لدينا تقليدحديدي في الأبحاث هو الديمقراطية المطلقة في كل ما يتعلق بالتعبير عنالرأي. هذه ليست ديمقراطية فحسب، إذ ان كل ضابط مهما كان صغيرا، يعرف انهفي الأبحاث التي تتم عندي، مثلا، يكون حرا ويطلب منه أن يقول رأيه.. ». ولكنه في صفحة 1183 يضيف مفسرا: «في قضية الاجماع.. يوجد بحث وتوجد آراءمختلفة. في حالات كثيرة، ومن خلال مجابهة الآراء المختلفة ببعضها البعض،ننجح في التوصل الى ما هو مشترك ومقبول على الجميع. ربما يحصل ان تأتيحالة مختلفة، بحيث يكون هناك واحد أو اثنان لا يقبلان الرأي. عندها، منيدير النقاش يلخص الأمور الأساسية. وفي كل مرة يكون فيها رأي آخر معارضللتلخيص، أنا أسأل، أيضا بعد تلخيصي النقاش، لمن يوجد رأي اخر أو تحفظ.أنا أستمع الى هذا الرأي وإذا اقتنعت به كاملا أو جزئيا، أقوم بتغييرالتلخيص حتى لو كنت قد أتممت تلخيصه. ولنفترض انني لم أقتنع، فإنني لاأضمن هذا الرأي في التلخيص، ولكننا نتابع هذا الرأي ونفحص أنفسنا من جديد،فالحياة لا تنتهي مع انتهاء النقاش والتلخيص. هذه هي طريقتنا.. نزنالأمور. وأعتقد ان طريقتنا هذه تعطي الحد الأقصى من الحظوظ للبشر أنيحسنوا الأمور ويداوموا على فحصها ويعبروا عن الآراء المختلفة ويتناقشواحول مختلف الآراء ويحاول كل واحد أن يقنع برأيه وفي بعض الأحيان يصرخ، لكينصل بالتالي الى القاسم المشترك وبشكل عام ننجح. لا أقول أن هذا يتمدائما». في الظاهر هناك أفضلية للتوصل الى استنتاجات مشتركة في نهاية كل نقاش،لأنها تبدو كما لو انها توفر لـ«زبائن» شعبة الاستخبارات العسكرية الثقةبأن هناك أساسا متينا لقراراتها. ولكن هذه الثقة وهمية، لأن من وراء«الرأي الموحد لشعبة الاستخبارات العسكرية» يمكن أن تختبئ خلافات جوهريةفيما بين مقدمي التقديرات، تختفي عن عيون «الزبائن». ويضاف الى ذلكالصعوبة الطبيعية التي ليس من السهل التغلب عليها، في كل جهاز مبني علىالمركزية والطاعة. ان القول «آمين» بعد رأي المسؤولين يعتبر لدى الكثيرينمن الخصائص الجيدة للحياة السهلة وللحصول على درجة أعلى. إننا نعتقد أنه لا يوجد مانع في أن يتم التعبير ايضا عن الاختلاف مع الرأيالسائد، حتى خطيا. ومثل هذا التعبير عن اختلاف الرأي من شأنه ان يجعل قراءالموضوع يدركون بأن هذا الرأي ليس مغلقا على الرأي السائد، مما يؤدي الىالمزيد من الحذر في اتخاذ الاجراءات التنفيذية. في اطار هذا النظام المتبع في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكريةفي السنة التي سبقت حرب يوم الغفران، ضاعت الآراء المخالفة في خضم قرارات«الإجماع»، الذي انتهى به كل بحث. ويصف ذلك الشاهد ألبرت سوداي، رئيسالقسم السياسي فرع 6 [داخل دائرة البحوث المذكورة، والمختص في الشأنالمصري]، والذي كنا قد ذكرناه أعلاه (البند 82)، وهو الذي أعرب عن قلقه منالأخبار التي وصلت في الأيام السابقة للحرب، فقال في شهادته أمام اللجنة: «في النقاشات توجد حرية رأي، ولكن على الورق يوجد اجماع.. القباطنة، كمانسمي قادتنا، يجب أن يحملوا آراء المؤسسة كلها. لذلك فإنني لا استطيع أنأكتب رأيا آخر في هذه الوثيقة. ولم تكن هناك وسيلة أمامي أو أمام أي رئيسدائرة أو الضابط الصغير أن يعبر فيها عن رأيه». سؤال: أنت أعددت مسودة الجزء السياسي المتعلق بمصر؟ جواب: نحن رجال دائرة البحوث نسمى رجال تسويق، علينا أن نبيع هذه البضاعةلكي تكون مقبولة. ولا نستطيع بيعها إذا لم تكن مغلفة بغلاف غير مقبول.قضية المقدم يعري 110. المقدم أبيعيزر يعري، رئيس فرع 5 في دائرة البحوثفي شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي (وهو القسم المسؤول عنسورية ولبنان والعراق والكويت)، كان يتمتع بمدى معين من الاستقلاليةالفكرية. لقد رأى أكثر من غيره العلاقة ما بين الاستعدادات في الجبهةالسورية وبين ما يجري في الجبهة المصرية. لذلك فقد أقدم على تصرف خارج عنالمألوف في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية. في ليلة الأول من أكتوبر، عندما سلمه رئيس القسم 6 [المسؤول عن مصر]،المقدم بندمن، الخبر عن عملية الهجوم المصري الذي سيبدأ في 1 أكتوبر (أنظرالبند 63 آنفا)، ومعه اضافة باسمه وباسم العميد شيلو بانه في تقديرهما انالخبر غير جدي، تجاهل المقدم يعري الملاحظة ووأبلغ ضابط الاستخبارات فياللواء الشمالي بان هناك ضرورة ملحة لاستدعاء القيادة العليا للواءالشمالي. وبالفعل، أبلغ ضابط الاستخبارات قائد اللواء، فاتخذ هذا الاجراءاتاللازمة. وقبيل الصباح، تلقى قائد اللواء الخبر المطمئن من دائرة البحوثفي شعبة الاستخبارات العسكرية. فاشتكى لدى رئيس شعبة الاستخبارات العسكريةبأن المقدم يعري تسبب في حالة استنفار في اللواء من دون حاجة. ولذا، فقداستدعي المقدم يعري الى توضيح لدى العميد شيلو، الذي راح يقارعه بسببخروجه عن التعليمات بألا يرسل الأخبار التي تصل اليه إلا الى دائرةالاستخبارات، وإلا فيجب أن تذيل بتقديرات شعبة الاستخبارات (شهادة يعري فيصفحة 2037 فصاعدا). لقد تركت هذه الحادثة اثرها البالغ على المقدم يعري وغيره ليكونوا أكثرحذرا في التعبير عن رأي مستقل ومخالف لرأي شعبة الاستخبارات العسكرية. ومعذلك، ظل يعبر عن رأيه المخالف، وعبر عنه بالنسب المئوية: تشكيلات الطواريءفي الجبهة السورية تدل على 50 في المائة أهداف دفاعية، 25 في المائةاستجابة للضغوط الداخلية السورية لتسخين الحدود و25 في المائة من دونتفسير. وحسب اعتقاده، فإنه من الواجب البحث عن النقص في الجبهة المصرية(صفحة 2049). ولصالحه يمكن القول انه بحسب الرأي العام السائد في شعبةالاستخبارات العسكرية، والتي يوجد لها اساس تعتمد عليه، كان يجب التفتيشعن مفتاح لفهم ما يجري في الجبهتين، وأولهما في الجبهة المصرية. وفي هذاالموضوع، كانت تقديرات الفرع السادس المطمئنة على طاولته وكان يستطيعاعتمادها بوصفها ذات صلاحية. وينبغي ان نذكر الفارق الهام ما بين رأيهوبين راي رئيس الفرع السادس، المقدم بندمن، الذي اشرنا اليه في البند 25من التقرير الجزئي. وفي شهادته التي نقبلها لأنها صحيحة، قال المقدم يعريانه لم يكن الوحيد في الدائرة الذي عبر عن هذا الرأي وانه في الأسبوعالأخير قبيل الحرب، زاد ضغط النقاش في الأبحاث داخل الدائرة. ولكن النتيجةانتهت دائما برأي موحد في الظاهر هو «راي دائرة البحوث» أو «رأي شعبةالاستخبارات العسكرية الموحد». صحيح انه سادت حرية رأي في النقاش، ولكنعندما تم نقل "راي شعبة الاستخبارات العسكرية الموحد» الى الجهات الأعلى،لم يكن فيه ذكر لي رأي آخر. وبشكل متاخر، يعرب المقدم يعري عن ندمه اليومويقول ان ضميره يعذبه وأنه كان يجب أن يخرج على المألوف مرة اخرى ويوصلصرخته الى السماء (صفحة 2059). وتعتبر هذه القضية نموذجا جيدا للتعبير عنالحاجة الى المزيد من التعبير عن حرية الرأي ليس فقط داخل أبحاث الدائرة،بل أيضا خارجها. فكما قلنا في التقرير الجزئي (البند 22 (د)(4))» «يجباجرا ءتغييرات جوهرية وأساسية في بنيوية شعبة الاستخبارات العسكرية وسلاحالمخابرات لكي تعطي تعبيرا ملائما بل تشجع على اسماع آراء أخرى مخالفة فيدائرة البحوث وفي وضع التقديرات التي توزع على جهات مختلفة». ربما، لو كانالأمر على هذا النحو قبيل الحروب، وكانت الآراء أكثر شكوكا، حتى لو كانتآراء الأقلية، لكانت وصلت الى وعي وادراك أصحاب القرار، وما سيطر الرأيالمتغطرس الذي ميز مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية وبسببه جاءت تقديراتهمطمئنة
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 19:25
الوثائق الإسرائيلية المعلومات عن إعداد المصريين للنزول إلى القناة تمهيدا للعبور .. ضاعت في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية شارون يأمر بإخفاء وثائق قيمة عن تاريخ الحرب ومساعدوه ينقلونها إلى مزرعته
تل أبيب: نظير مجلي في هذه الحلقة من استعراض تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيشالاسرائيلي إبان حرب أكتوبر، تتطرق اللجنة الى ظاهرة لافتة للنظر في الجيشالاسرائيلي في تلك الفترة، هي ظاهرة اختفاء وثائق مهمة، بضمنها معلوماتسرية ومعلومات حيوية تتعلق بنشاطات عسكرية خطيرة. وعلى سبيل المثال يتضحان تقارير من المخابرات الميدانية تحدثت عن قيام الجيش المصري بفتح ممراتللنزول الى المياه في قناة السويس تمهيدا للعبور، لكن هذه التقارير لا تصلالى قائد اللواء الجنوبي، شموئيل غونين (الذي عرف باسم غوردوش). ومن وثيقةأخرى نجد ان غوردوش هذا لم يدرك قط ان حربا ستنشب، وعندما وصل الخبر بأنهاستنشب في مساء اليوم المقبل (6 أكتوبر)، فتشوا عليه فوجدوه في الطرفالآخر، الشمالي من اسرائيل، مدينة حيفا، حيث أمضى ليلة حمراء مع عشيقته. ونقرأ في وثيقة أخرى عن اختفاء كل السجلات التي تم فيها تدوين وقائع الحربفي الفترة ما بين 9 و15 اكتوبر، وهي ايام مصيرية في الحرب. وقد اختفت منارشيف الجيش الاسرائيلي. فأين ذهبت؟ حتى الآن لا يعرف احد بالضبط. ولكنالمؤرخين، رونين بيرغمن وجيل ملتسر يصممان على ان أرييل شارون هو الذيصادرها. فعندما اصبح رئيسا للحكومة أمر نائب رئيس دائرة التأريخ في الجيشالاسرائيلي، وهو صديق له وكان من مرؤوسيه في الجيش، ان يخفي تلك الوثائق.فقام ذلك برزمها في صناديق حديدية وحملها الى مزرعة شارون. ويقولالمؤرخان، ان شارون فعل ذلك لأنه لا يريد ان يسجل اسمه في التاريخ كضابطمتمرد على الأوامر. فهو تمرد على قائد اللواء الجنوبي خلال حرب أكتوبر،حسب كل المؤرخين الموضوعيين بمن في ذلك مؤرخو الجيش. ففي حينه قاد لواءالمدرعات الذي عبر قناة السويس الى الضفة الغربية ليلتف على الجيوشالمصرية التي تعبر القناة ويأتيها من الخلف، ثم راح يهدد بدخول السويس ثمالقاهرة. وخلال كل ذلك كان قادته يعترضون خوفا على وقوع عدد كبير منالقتلى، قدره غوردوش بـ15 ـ 20 ألف قتيل إسرائيلي. وكان يتجاهلهم ويكذبعليهم ويشتمهم أيضا. ورغم كل محاولاته التأثير على المؤرخين بتقديم روايةأخرى للأحداث، فإنهم ظلوا متمسكين بموقفهم. فما كان منه إلا ان يستغلصلاحياته كرئيس حكومة ويصادر التاريخ. ويكرس تقرير لجنة التحقيق هذهالحلقة لموضوع ضياع آخر هام في نهج الجيش الاسرائيلي عشية الحرب، وهو«القوانين والأنظمة والتعليمات» التي تحدد دور المخابرات الميدانية وضرورةأن يكون لها نشاط مستقل. ويبين التقرير ان شعبة الاستخبارات العسكرية فيالجيش الاسرائيلي قد استخفت بالمخابرات الميدانية ولم تعطها ما تستحق منأهمية، وان المخابرات الميدانية تقبلت هذا الوضع لأنه يريحها من مسؤوليةاعطاء تقديرات مستقلة لما يجري على ارض العدو وفي ساحته. وضياع هذهالتعليمات، تسبب في ضياع فرصة الاستفادة من المعلومات الحيوية التي قامبجمعها ضباط المخابرات الميدانيين على الجبهتين، السورية والمصرية. علمابأن العديدين من هؤلاء الضباط كانوا قد توصلوا الى قناعة بأن الحرب علىالأبواب، ولكن قادتهم قمعوا هذه التقديرات وشطبوها. وإليكم الحلقة الجديدةمن التقرير: (3) عناصر أمن خارج دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية 111. منالصعب على عناصر المخابرات من خارج نطاق دائرة البحوث في شعبة الاستخباراتالعسكرية أن تجادلها أو تجادل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حول صحةتقديراتها، كما جاء في البند 12 من التقرير الجزئي. فهم [شعبةالاستخبارات] يعتبرون المركز الوحيد للتقديرات الاستخبارية العسكرية فيالدولة. وهم يحفظون لديهم جميع المواد والمعلومات التي يتم تجميعها منالأذرع التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية ومن الموساد ومن دوائر التجميعالأخرى، ثم يوزعونها بعد أن تتم غربلتها وتحريرها وتضاف اليها تقديراتشعبة الاستخبارات العسكرية ودوائرها. وهم يقررون لمن توزع المادة الأصليةولمن توزع المادة المحررة (باستثناء المواد الخاصة التي تصل من مصادر مهمةخصوصا بواسطة الموساد، والتي اعتاد الموساد نفسه ان يوزعها وفق «التوزيعالعالي»، أي لرئيسة الحكومة ووزير الدفاع ولسلاح المخابرات ـ شهادةالجنرال زعيرا صفحة 19 من بروتوكول اللجنة، صفحة 202). كذلك فقد سيطر «رأيشعبة الاستخبارات العسكرية» ودائرة البحوث فيها على جميع اذرع المخابرات.على سبيل المثال، فقد سبق وذكرنا (البند 73) بأن رئيس دائرة الاستخباراتفي سلاح البحرية، العقيد لونتس، قلق من التحركات غير التقليدية في سلاحالبحرية المصري في البحر الأحمر. ولكن شيئا لم ينتج عن هذا القلق، لأنمخاوفه لم تصل الى دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية. 112. ضابط المخابرات في اللواء الشمالي، المقدم حجاي مان، كان أكثراستقلالية في تقديراته. فقد تباحث مع قائد اللواء حول المعلومات المقلقة،مما دفع القائد الى تعزيز القوات في هضبة الجولان (صفحة 1379)، كما اختلفمع تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية في قضية سيطرة سلاحالمدرعات [السوري ] على المنطقة الدفاعية الثانية، ولكنه هو أيضا يفسر(صفحة 1419): "... أنا أتقبل رسميا تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية لأنني أدركمشكلتي، فأنا لا أملك كل المواد. مع ذلك فإنني رغم الشكوك وتقاطعالمعلومات، طرحت أمام الجنرال قائد اللواءن مثلما فعلت مع التقديرات حولطلعات التصوير العينية (فيقضية السيطرة على تلك الرقعة). سؤال: ولكنك تملك حق اعطاء تقديرات مختلفة عن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية، في النشرات التي تصدرونها أنتم؟ جواب: بالتأكيد انني حر. حر بأن أفعل ذلك، ومع ذلك فإنني أتاثر من تلكالمصادر التي بين يدي. ففي نشرات شعبة الاستخبارات هناك نغمة وهناك خطتفكير وهناك الاقناع، فيما المعلومات المتوفرة بين يدي كاملة أو جزئية.أنا اعتقد باتن هناك أمور أكثر أهمية أو أكثر تأثيرا، ليست بيدي". كماقلنا، لقد كان ناقصا وجود مواجهة على مستوى الندية بين رأي دائرة البحوثفي شعبة الاستخبارات العسكرية وبين رأي المخابرات الميدانية. لذلك أوصينافي التقرير الجزئي (البند 22(د) (4))، بإعادة تنظيم المخابرات الميدانيةواعطائها تمثيلا لائقا في مستوى هيئة رئاسة الأركان. (4) المخابرات القتالية 113. ذلك النهج من الاجماع وأجواء الانسجام تسببتفي خفض وزن المخابرات القتالية ايضا، التي تعمل في مجالات المخابرات فيالميدان مثل الرصد والدوريات والتحقيق مع الأسرى. أهمية هذا الجهاز الخاصةتكمن في كونه قريب من الحدث ويحضر معلومات طازجة وفورية وجديدة، أكان ذلكمن المراقبة والرصد أو من الاحتكاك الحربي المباشر، والتعرف على نواياالعدو وقواته العسكرية. واتضح لنا بأن المخابرات الميدانية عزلت جانبا في شعبة الاستخباراتالعسكرية العامة ولم تجر مواجهة معلوماتها وتقديراتها مع معلومات وتقديراتشعبة الاستخبارات. حتى من الناحية المؤسسية، فإن المخابرات القتاليةبوصفها مصفاة للمعلومات «الساخنة» ومصدر لانتاج المعلومات حول «اعرفعدوك»، ليس ممثلا في القيادة العامة للأركان. 114. لقد ذكر رئيس شعبةالاستخبارات العسكرية خلال شهادته (صفحة 8) بأن دوائر المخابرات العسكريةفي الألوية تابعة لسلاح المخابرات ولكن قائدها المباشر هو قائد اللواء.شعبة الاستخبارات العسكرية هي التي تقوم بتدريب جنودها مهنيا، مثل كيفيةاعداد ملف أهداف أو سبل تحليل الصور الجوية (صفحة 12). وتأتي اليهمتعليمات شعبة الاستخبارات العسكرية بطريقتين: أ) بواسطة فرع المخابراتالقتالية في دائرة التنظيم والارشاد. وبـ) معسكر التدريب 15، وهو قاعدةيتم فيها ارشاد الجنود وتأهيلهم في مواضيع استخبارية قتالية على جميعالمستويات والدرجات في سلاح المخابرات. ولكن في دائرة البحوث لم تؤخذبالاعتبار المخابرات القتالية ولم تحضر معلوماتها لمجابهتها بالمعلوماتالمتوفرة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية، علما بأن هذه المجابهة تعنيبالتالي تدقيق المعلومات. والمخابرات القتالية غير ممثلة بمساواة في دائرةالبحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية. ولا يوجد له مكان لائق في طاقمالبحث الذي يصوغ القرار «رأي شعبة الاستخبارات العسكرية». والاتصالات مابين قادة سلاح المخابرات وبين شعبة الاستخبارات العسكرية تتم عادة علىمستوى شخصي بين رؤساء الفروع في القيادة. في دائرة البحوث في شعبةالاستخبارات العسكرية تم التأكيد على الاستخبارات التقنية والسياسيةوالاستراتيجية. الاستخبارات الميدانية العملية، لم تعد تشكل بالنسبة لهامصدرا يتساوى في أهميته مع المعلومات القادمة من مصادر أخرى. في الحياةاليومية لم يتم تدريب المخابرات اللوائية على ذلك. وهكذا، وبسبب هذهالطريقة، حصل ان تجمعت عشية الحرب معلومات مهمة من الرصد الميداني، ولكنهلم يصل الى طاولة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. وهو يقول في شهادته(صفحة 657 - 658): «.. بعد الحرب، على اثر التحقيق مع الرجال الذين كانوا في مواقع الرصد،اتضح لي أن التحركات الاستثنائية [للجيش المصري] رصدت [في سلاح المخابراتالميدانية]، ولكنها لم تلق الاهتمام اللازم بها عندما وصلت الي قبلالحرب». «سؤال: من الذي لم يعطها الاهتمام اللازم؟ جواب: في مكان ما على الطريق ما بين ضابط المخابرات في مستوى الكتيبة أوالوحدة وحتى اللواء. لماذا؟ لقد استدعيت جنديين من سلاح المخابرات اللذينعادا لتوهما من الأسر في مصر. لقد وقعا في الأسر وهما في موقع الرصد. حققتمعهما فاتضح أنهما شاهدا تحركات استثنائية، ولكن هذا لم يصل اليّ». 115. رئيس أركان الجيش قال في شهادته بأن هناك تفاصيل مهمة جمعت في المخابرات الميدانية، لكنها لم تصل اليه (صفحة 3998 ـ 3997): «قسم كبير من هذه الأمور (معلومات من المخابرات الميدانية) لم أعرف به.وقسم من هذه الأمور، قسم كبير، أحصل عليه من التحليلات: حسنا، يوجد هناتدريب. أنا أعرف اليوم أمورا كثيرة من المخابرات الميدانية التي لم تصلاليّ. الكثير من المخابرات القتالية أكتشفها الآن.. .. كنت في وضع، لم تصل اليّ فيه [المعلومات] الهائلة الموجودة لدىالمخابرات القتالية. تصل اليّ مادة عبرت عملية تصفية. يصل اليّ [انالتحركات المصرية هي] جزء من التدريبات، فلا يضاء عندي الضوء الأحمر الذييلزمني بالبدء بإجراء فحص داخلي وفحص [المعلومات] في الدرجات الأكثرانخفاضا». 116. علينا ان نقدم ملاحظة هنا حول استخدام التعبير «نشرة الاستخباراتالعسكرية ـ التقنية»، بخصوص المعلومات ذات الطابع التحذيري الصرف، فهيكانت بعيدة عن كونها تقنية فقط. ان المعنى البسيط لـ«الاستخبارات التقنية»هو مخابرات الأجهزة والوسائل القتالية، واستخدام هذا التعبير لهدف آخر، منشأنه أن يحرف صاحب العنوان عن مضمونه. ونقصد بذلك نشرة الاستخباراتالعسكرية التقنية رقم 299/73 من يوم 3.10.1973 (وثيقة البينات رقم 306)التي تضمنت [معلومات] مهمة [من] الاستخبارات الميدانية حول عمليات [قامبها المصريون] لتحسين طرق النزول الى القناة في القطاع الخاضع لسيطرةالجيش الثالث [المصري]، منذ اواسط سبتمبر [أيلول] 1973 (المصدر نفسه، صفحة3). وقد كان تقدير شعبي الاستخبارات العسكرية (المصدر نفسه، صفحة 6): «من المحتمل أن تكون «اليقظة» في موضوع التمهيد للعبور في قطاع الجيشالثالث (بموازاة عمليات التمهيد الواسعة التي سبق وان نفذها الجيش الثانيوتضمنت زيادة منصات [للدبابات] والنزول الى مياه القناة وشق طرق جديدة)،هي جزء من النشاط [الذي يتم] في اطار التدريبات المتعددة الذرع التي تنفذحاليا فس الجيش المصري». (وأيضا في هذه النشرة، لم تطرح امكانية أخرى، حيث من المحتمل أن تكون هذهالاستعدادات دليلا على النوايا الهجومية). بيد ان هذه المعلومات المهمة«ضاعت» بتأثير من ذلك العنوان «عسكري ـ تقني» ومن تقديرات دائرة البحوث فيشعبة الاستخبارات العسكرية القائلة بأن هذه النشاطات تتم في اطار«التدريبات» (حول موقف رئيس الأركان من هذه النشرة أنظر البند 200فصاعدا). 117. لم يكن هنالك شك في انه على مستوى الألوية، شعر رجال نقاط الرصد فيالاستحكامات والمواقع بأنه لا يتم التعامل مع تقاريرهم وفقا لقيمتهاالحقيقية وان هناك استهتارا بها. ويدل الأمر على التعفن الذي حصل في مكانةالمخابرات الميدانية لدى قائد اللواء والقيادة العليا وبداخل شعبةالاستخبارات العسكرية نفسها. إذ ان كل جندي، بغض النظر عن انتمائه ليةوحدة، يستطيع بعد تأهيل مناسب أن يكون وكيلا للمخابرات الميدانية، مثلمايستطيع أن يكون وكيلا للأمن الميداني أو الأمن في الاتصالات. ولكن، لكييعبئ هذه الوظيفة، توجد هناك حاجة بنظام يضمن التثقيف حول الأهمية العمليةللمخابرات الميدانية والانتباه لتفاصيل المعلومات الواردة في عملياتالرصد، التي قد تبدو في الظاهر تافهة. فالمخابرات الميدانية هي ليستموضوعا مقصورا على الأسلحة المختلفة، انما هي موضوع فوق السلحة وفوقالذرع، وفقا لكل نظريات القتال وكل نظريات الادارة العسكرية. من المناسبأن نطرح فيما يلي عنوانا لهذه الفكرة من الأقوال الصائبة للجنرال أدان فياجتماع لوائي عقد بعد الحرب (وثيقة البينات رقم 283 أ، صفحة 4): «مع استمرار الحرب، تعلمت للأسف الشديد أنه يجب التأكد من الأمور جيداجدا، ليس من أعلى الى تحت، بل من تحت الى أعلى. هناك أخبار «ميني» [يقصدأخبار صغيرة جدا]، وأنا لا أستخف بها. «انها أخبار جدية للغاية، تنزل الىاللوية ومنها الى الوحدات وهكذا. صحيح ان هناك مصادر. ولكن يجب دائمااعطاء الأفضلية لما يقوله [الجنود في ] خط التماس، الفرق والاحتكاكبالميدان». 118. في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، منذ ان انتشرت قوات الجيشالمصري في تشكيلات طوارئ و[اعلنت فيه] حالة التأهب القصوى، زادت أكثرأهمية المخابرات الميدانية. لقد اصبحت أكثر اهمية بشكل خاص، لسبب الصعوباتفي اجراء تصوير جوي: شبكة صواريخ العدو المضادة للطائرات اضطرت طائراتناالى التصوير من بعيد وبشكل مائل، مما يجعل تحليل الصور أقل سهولة (هذهالصعوبة تجلت في النقاش الذي جرى حول تفسير وضعية الخط الدفاعي الثاني فيسورية، وهل تم تحريكه أم لا ـ أنظر البند 12 آنفا). لهذا السبب وللحساسيةمن رد فعل الصواريخ المصرية المضادة للطائرات، لم تجر عمليات تصوري منالجو في الجبهة المصرية من 24 سبتمبر وحتى 3 أكتوبر (شهادة العميد هارليف،رئيس الاستخبارات في سلاح الجو، صفحة 1299). لقد كان في مقدور المخابراتالميدانية أن تحصل على معلومات دقيقة ومعدلة حتى اللحظة الأخيرة حولتحركات قوات العدو والتغيرات في تشكيلاته وانتشاره واستعداداته على خطالجبهة ومنحها الى القادة والمساهمة بذلك في اعطاء تحذير تقني حول نواياالعدو. 119. يتولى أمر قيادة المخابرات القتالية أولا وقبل كل شيء ضابطالاستخبارات اللواء. توجد له مهمة مثلثة، كقائد دائرة الاستخبارات فياللواء، الضابط المهني لجميع وحدات الاستخبارات في الألوية والوحداتوالفرق وكضابط الاستخبارات لقائد اللواء وطاقمه. (حول هذا انظر لاحقا فيالبند 271). باستطاعته أن يزود قائده القائد بما يطلب من معلومات وفي بعضالحيان يقدم بمبادرته المعلومات التي يخمن أن قائده يحتاج اليها. لكن فيشعبة الاستخبارات العسكرية تم تقليص هذا الدور لدى ضابط الاستخبارات فياللواء. نظريا، كان ضابط الاستخبارات في اللواء حرا ومن حقه أن يتوصل الى تقديراتمستقلة خاصة به وغير متعلقة بدائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية،على اساس المعلومات التي جمعت لديه أو التي وصلت اليه من مصادر تجميعأخرى، وأن يعرض هذه المعلومات أمام قائد اللواء وأمام شعبة الاستخباراتالعسكرية. لكن الترتيب القائم أثقل عمليا على امكانية التفكير المستقل منهذه الناحية، وكان هذا مريحا لضابط الاستخبارات. فهو لم ير في ذلك تجاهلالصلاحياته حسب تعليمات القيادة العليا، وبات من السهل عليه أن يقبل بلاجدال تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، بدعوى انها تملكجميع المعلومات وتستطيع ان تقمع وتزيح جانبا الاستعداد لإعطاء تقدير حولالمعلومات والتقديرات المستقلة. وبرزت هذه الظاهرة بشكل خاص عشية الحربلدى ضابط الاستخبارات فس اللواء الجنوبي، المقدم غداليا، كما فسرنا فيالبند 26 آنفا من التقرير الجزئي (تفاصيل اخرى في البنود 274 ـ 276). 120. لقد سمعنا كيف ينظر ضباط الاستخبارات باستخفاف الى ما يسمى «طريقةالمظلة»، التي بموجبها يحمي ضابط المخابرات نفسه من الانتقاد فيما بعد،بحيث يعرض أمام قادته كل الإمكانيات المفتوحة، وذلك لكي يقرر قائده بنفسهما هي الإمكانية الأكثر معقولية. وحسب موجهي الانتقاد لـ«طريقة المظلة» لايتصرف على هذا النحو ضابط الاستخبارات الذي يقوم بواجبه كما يجب، انما هوملزم بأن يختار بنفسه الامكانية التي يراها ملائمة، ويعرضها وحدها أمامقادته. لقد رأينا ان هذه الطريقة سادت في شعبة الاستخبارات العسكرية وفيهيئة القيادة العامة، وهي التي تسببت في خلق ذلك النهج الذي تم بموجبه عرض«رأي شعبة الاستخبارات العسكرية» أو «رأي دائرة البحوث» فقط على القياداتالعليا، وذلك بعد أن تتم بلورة الإمكانيات المختلفة، أولا داخل شعبةالاستخبارات العسكرية. وتفشت هذه الظاهرة ايضا في صفوف ضباط الاستخباراتفي الألوية، وخير دليل على ذلك هو تصرف ضابط الاستخبارات في اللواءالجنوبي: فهو أيضا عرض أمام قائد اللواء تقديرا واحدا فقط، وليس تقديرهالمستقل بالذات، انما تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية بعد أن تبناه مندون نقاش (أنظر البند 274، لاحقا). وبهذه الطريقة ضرب مضمون وأهدافتقديرات الاستخبارات الميدانية وضرب كمالها، وفقدت قيمتها المعلومات التيوصلت الى ضابط الاستخبارات في اللواء. ايضا عندما كان ضابط الاستخبارات فياللواء قادرا على التفسير وعلى التأشير نحو واحدة من الإمكانيات المتوفرة،أراح نفسه من ذلك عندما قبل بتقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخباراتالعسكرية (رأي البحوث). وبهذا تعظم الخطر في أن لا تصل العلامات الدالةالى قائد اللواء بواسطة مصفاة ضابط الاستخبارات في اللواء، الذي عرض عليهنفس تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (حول واجب قائداللواء في تقدير المعلومات، أنظر الى البند 239 لاحقا). يبدو لنا انه من كثرة التحفظات من «طريقة المظلة»، انتقل بعض ضباطالاستخبارات الى تطرف معاكس. فالمفروض انه عندما يتوصل ضابط الاستخباراتالى بلورة رأي، بناء على المعلومات المتوفرة لديه، يقول فيه ان احدىالامكانيات المفتوحة أكثر احتمالا من غيرها،عليه ان يقدمها أمام المسؤولينعنه بصفتها تقديره الشخصي. ولكنه، في هذه الحالة أيضا، يجب ان يعرض صلبالمعلومات المتوفرة لديه وأن يذكر أيضا الامكانيات الأخرى، حتى لو رأىأنها بعيدة الاحتمال. هكذا يستطيع قائده بلورة رأي خاص به، وفقا للمعلومات التي عرضت عليه ووفقاللتجربة الغنية التي يكون قد مر بها وشعوره كقائد، حتى لو كان مخالفالتقديرات ضابط الاستخبارات عنده. بيد انه في حالة عدم وجود امكانية لدىضابط المخابرات اللوائي للوصول الى تقدير خاص به، واضح ومنمق (وليس مجردتخمين)، فمن واجبه ان يعرض أمام قائده ما يمتلك من معلومات مرفقا إياهابتقدير مختصر حول جودة المصادر التي أحضرت المعلومات، والقائد يعطي عندئذتقديره الشخصي من دون أن تكون بين يديه تقديرات ضابط المخابرات اللوائيالتي تشير الى هذه الإمكانية أو تلك على أنها الأفضل. فإذا كانت هذه هي الظروف، فإن أية أقاويل عن «طريقة المظلة» لا تقوى علىإجبار ضابط الاستخبارات على أن يعرض تقديرا خاصا به، على عكس الحالة التييكون فيها مجبرا من الناحية المهنية على إعطاء ما يمكن إعطاؤه من تقديرجيد للمعلومات. 121. سبق وقلنا ان المخابرات الميدانية لم تكن الوزن الملائم في تقديراتدائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية أو رئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية أو رئيس أركان الجيش، ونضيف هنا انها لم تصل الى المستوى القياديالعسكري بواسطة قنوات أخرى كانت تستطيع ومن الضروري أن تستخدم لنقل هذهالمعلومات الحيوية، على سبيل المثال: من قائد اللواء الى رئيس الأركان أومن ضباط القيادة في اللواء الى ضباط القيادة العامة للأركان. في هذهالموضوع، رأينا شيئا استثنائيا في تصرف قائد اللواء الشمالي، الذي استنفرقيادة الأركان العامة، اثر الصور الجوية من يوم 24 سبتمبر، عندما علم انهلا يستطيع الحصول على امكانية التحذير(انظر البند 199 لاحقا). واتضح لناأيضا أن وقتا طويلا قد فات، منذ وصول فيلم التصوير من قاعدة سلاح الجو الىطاقم قيادة دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية والى ضابطالاستخبارات اللوائي لكي يبدأوا في تحليل الصور. أجل، لقد عبر وقت طويلأكثر من الحد، منذ أن انتهوا من تحليل الصور في سلاح الجو وحتى تمكنت شعبةالاستخبارات العسكرية من توصيل تحليلاتها الى القيادة، بل في بعض الأحيانوصلت التحليلات في خضم القتال.
raed1992
لـــواء
الـبلد : العمر : 32المهنة : Junior Android Developerالمزاج : جميل ولذيذ طول ما انت بعيد عن مصر...هااكالتسجيل : 17/09/2010عدد المساهمات : 7246معدل النشاط : 6822التقييم : 303الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: جيش تونس الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 20:23
معلش يادرع سامحه عشان مصدر معلوماته الوحيد جريدة الشروق اللى قالتله ان الجزائريين انقذوا الجيش المصرى وهما اللى حمو مصر وكلام كتير مالهوش معنى تخيل ان يكون مصدر معلوماتك الست ام حسين بياعة البيض بالاشتراك مع عم شكرى الحلاق ومعهم الواد تامر المدمن واشرف المحشش... .....تخيل لو الاشكال ديه هيا مصدر معلوماتك كمان لو كل دول عايزين جنازه ويشبعو فيها لطم مع الاسف الاعلام احيانا يتخطى دوره الموكل به وينحرف الى اهداف شخصيه مالها فى العمل الاعلامى من قرابه او يمكن تسميته باعلام انما هو ناشر فتنه واشكرك على ماقلته واتمنى ان تضع مشاركتك هذه فى مشاركه منفرده للرد على كلام كثير قيل او تسمح لنا بوضعها واقتباسها للرد على كثير من هذه الافتراءات مع القليل من التلخيص لكيلا يتعذر على الاعضاء الاجلاء قراءتها واتمنى منك ان تستمر فى تصحيح المفاهيم لنا ولاخوتنا فى كل مكان خاصة ادعياء الهزيمه والخيانه والكلام الذى قيل ويقولونه دائما للحط من انتصار اكتوبر عن جهل او تعمد او تاثر بالاله الاعلاميه الاسرائيليه او الاعلام العربى الموجه ضد العرب