كان توجه العراق بارسال طائراته المقاتلة لايران مفاجأة كبيرة للامريكان. حيث كان توقعهم ان العراق قد يرسل بعض مقاتلاته غربا نحو الاردن. اما ان يرسل العراق طائراته لايران، عدو الامس اللدود فكان هذا خارج كل الحسابات.
لايقاف هروب الطائرات العراقية، تم تخصيص 3 اسراب اف-15 في دوريات على مدار الساعة شرق العراق لمنع اي طائرة عراقية من الهرب. و كانت الدوريات تغطي 5 مسارات متوفعة لطائرات العراق الهاربة (سميت المسارات باسماء انثوية: كارول، شارلوت، الين، اميلي، سندي). و كان المسار سندي هو اكثر المسارات اهمية كونه يغطي المسار المباشر بين بغداد و ايران. و كان مغطي على مدار الساعة باربع طائرات اف-15 اول زوج يدور مسارا بقطر 50 كم و الزوج الثاني يتزود بالوقود من طائرات التزويد الجوي.
كان الروتين قاتلا للطيارين الامريكيين، فالعراقيين يفضلون الهرب بالنهار حيث من الصعب على الامريكيين الاشتباك فوق الدفاع الجوي العراقي و بالليل حين يملك الامريكان الميزة يبقي العراق طيرانه على الارض. و قد كسر الروتين حادث مميز عندما رصد الاواكس طائراتا ميغ-25 عراقية تندفعان بسرعه كبيرة نحو ايران على ارتفاع 1200 متر و بسرعة حوالي 1800 كم/ساعة. تحرك زوج F-15 نحو الهدفين و اطلق صاروخا سبارو. انحرفت طائرات الميغ شمالا بسرعة 2 ماخ و هربتا من الصاروخ بعد اطلاق صاروخين على الطرف الامريكي. ناورت الطائراتان و حاولت الطائرة الامريكية الثانية اطلاق 3 صواريخ و لكن لم تنطلق لعطل فني. و بالتالي انسحبت الطائرة الثانية و لحقتها الاولى بعد اطلاق صاروخ سبارو اخر لم يؤثر على الطائرات العراقية المنسحبة.
تابع قائد السرب (ضمن الزوج الثاني من F-15 الذي كان يتزود بالوقود من الجو) المعركة على شاشة الرادر، وقدر ان العراقيين لم يكونوا يريدون الهرب لايران هذه المرة، بل ارادو استدراج الامريكان لكمين. و بعد انتهاء الاشتباك، انسحب العراقيون غربا نحو قاعدة التقدم في ضواحى بغداد. و قدر قائد السرب انه لو انطلق باقصى سرعة ممكنة فانه سيصل للطائرتين جنوب بغداد و قبل الوصول للقاعدة الجوية و قد يستطيع اسقاط تلك المقاتلات.
و بدأ السباق. و قد درس الامريكان تكتيكا عراقيا من ايام الحرب مع ايران، حين كان العراقيون يغرون الايرانيين بمطاردة مقاتلاتهم بينما تكون طائرة ميراج F1 جاهزة للانقضاض على الفريسة من الاسفل. و كان قائد السرب حريصا اشد الحرص من مثل هذا الفخ و بقى مركزا على شاشة الرادار لدرجة انه لم ينتبه على الرياح التي تدفعه للشمال قليلا قليلا. و لم ينتبه لخطأه حتى نظر من النافذة ليجد نفسه في وسط بغداد! و ما هي الا لحظات حتى بدأت صافرات الانذار في الطائرة تعلن فتح رادارات سام 2 و سام 3. و لكن الصواريخ لم تطلق (ربما حرصا من العراقيين على طائرتي الميغ). و عاد قائد السرب لمطاردة الميغ التي اصبحت على ارتفاع منخفض للهبوط. اطلق صاروخا سبارو بدون فائدة. و اكمل قائد السرب المطاردة و اطلق صاروخا اخر على الطائرتين العراقيتان اللتا كادتا تلامسا ارض المطار و لكن بطء الطائرات العراقية شوش على الصاروخ و ضرب الارض. و نجا العراقيون من ذلك الاشتباك. في الاسبوع التالي اسقطت نفس الدورية 4 طائرات عراقية هاربة لايران. و توقف العراقيون عن التحليق الجو تماما بعد ان كانوا يسيرون 20 دورية في اليوم و انتهت الحرب الجوية للطيارين العراقيين. بعد نجاحهم في تهريب حوالي 90 طائرة لعدو الامس ايران.
الجدير بالذكر ان المخطط الامريكي بقي لفترة طويلة قلقا من تسمح ايران للعراقين باخراج طائراتهم من ايران لعمل هجوم جوي شامل و انتحاري، و كان ممن هدأ مخاوفهم الامير بندر و كذلك التقارير ان الايرانيين بدأوا يدهنوا شعار طيارانهم على تلك الطائرات خلال ايام من وصولها.
المصدر:
R. Atkinson
Crusade