مما يتكون خط بارليف
كان خط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة وهو يتكون من خطين من الدشم المنفصله : يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، بطول 170 كم على طول قناة السويس، وكانت إسرائيل قد قامت بعد عام 1967 ببناء خط بارليف، والذي إقترحه حاييم بارليف رئيس الاركان الإسرائيلي في الفترة ما بعد حرب 1967 من أجل تأمين الجيش الإسرائيلي المحتل لشبه جزيرة سيناء ولضمان عدم عبور المشاه المصريين لقناه السويس .
ضم خط بارليف 22 موقعا دفاعيا، 36 نقطة حصينة، وتم تحصين مبانيها بالاسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف، كما كانت كل نقطة تضم عددا من دشم الرشاشات، و عدد من ملاجئ الافراد بالإضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات ،و عدد كبير من نطاقات الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة حتي قنابل زنه 2000 رطل ، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات، وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة، وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة، ويتصل كل موقع بالمواقع الأخرى سلكيا ولاسلكيا بالإضافة إلى اتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الإسرائيلي في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل ، وقد بلغت تكاليف خط بارليف خمسة مليارات من الدولارات
والسبب في القول بان خط بارليف اقوي خط دفاعي في التاريخ ، ان هذا الخط قد استفاد من كل الاخطاء التي وقع فيها الالمان والفرنسيين في تنظيم خطوطهم الدفاعيه السابقه ، فخط بارليف لا يمكن تطويق اجنابه لوقوعها موانع طبيعيه مثل خليج السويس في الجنوب والبحر المتوسط في الشمال ، ولم يكن لدي الجيش المصري الامكانيات لعمل انزال بحري من خليج السويس او البحر المتوسط بقوة مدرعه لتطويق هذا الخط لذلك فهو اقوي من ماجينو وسيجفريد والذين كانت اجنابهم عرضه للتطويق وهو ما حدث فعلا ، وكذلك كان خط بارليف قد اكتمل بناءه في كل خط المواجهه بل وطرأت عليه تحسينات خلال وقف اطلاق النار بعد خبرات حرب الاستنزاف مما جعله اقوي من حائط الاطلنطي الذي لم يكن قد اكتمل بعد .
والاهم من هذا كله ان خط بارليف كان يقع بعد سلسله من الموانع التي تعد الاصعب في العالم منها قناه السويس ذلك المانع المائي متعدد اتجهات التيار وسرعتها المختلفه التي تعيق اعمال العبور ، والتي اعتبرها خبراء العسكريه في العالم اقوي مانع مائي في العالم ، وخلف تلك القناه ، يقع ساتر ترابي ملغم بالغام افراد وشراك خداعيه ، وبزاويه ميل كبيرة جدا تمنع عبوره بالعربات والمدرعات ، وخلف الساتر الترابي تربض حصون خط بارليف وسط نطاقات مختلفه من الاسلاك الشائكه والالغام .
تطور فكرة الدفاع الثابت :
برعت اسرائيل في الدفاع والهجوم المتحرك في معارك الدبابات ، لكنها بعد انتهاء حرب يونيو 67 واحتلالها للضفه الشرقيه من قناه السويس فقد وجدت نفسها مجبرة علي الدفاع الثابت عن خط القناه مما اجبرها علي اعتناق استراتيجيه الدفاع الثابت والتي عارضها الجنرال شارون والجنرال اسرائيل تال بقوه ، لكنها كانت الاستراتيجيه الوحيده الممكن لها الدفاع عن خط القناه من اي عبور مصري محتمل .
ومن هذه الإستراتيجية، ونتيجة لعوامل أخرى كثيرة، نبعت من مسرح العملياتنفسه مثل قناه السويس وطول المواجهه وصلاحيه معظم خط الجبهه للعبور المصري المتوقع لتحرير سيناء، بدأ التحول الكبير في أسلوب الحياة العسكرية الإسرائيلية على الضفةالشرقية للقناة من اللهو والعبث إلى الحياة داخل الخنادق والدشم . وكانت البداية معركةرأس العش، في الأول من يوليه 1967. وكانت أول هزيمة تتكبدها القواتالإسرائيلية أثناء وبعد حرب يونيه 1967، ثم اشتباكات يومي 14، 15 يوليه 1967. وفي هذه الاشتباكات تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة. أمرت في أعقابهاالقيـادة الإسرائيلية أن تقوم القوات بإنشاء مواقع ميدانية محصنة على طولالمواجهة تسلسلت عبر المراحل الزمنية القصيرة كالآتي:
بدأت بإنشاء حُفر يوضع حولها شكاير رمل، بغرض الوقاية الفردية أثناء الاشتباكات، وقد فشلت تلك التحصينات البسيطه في حمايه الجندي الاسرائيلي من الاشتباكات المصريه القويه فتم إنشاء ملاجئ ميدانيه لوقاية نقط الملاحظة التي انتشرت على المواجهه ، وثبت فشلها ايضا مع تطور القوات المصريه في استخدام المدفعيه .
ثم قامت القوات الإسرائيلية بتعلية السواتر الترابية على طول القناة لعدم كشف أعمال وتحركات قواتها على الضفة الأخري ، وقد نجح ذلك في اخفاء التحركات الاسرائيليه عن نقاط ملاحظه المدفعيه المصريه مؤقتا .
ومع بداية الشتاء في نهاية عام 1967، قرر الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي، وقتئذ، إقامة تجهيزات حصينة لوقاية القوات الإسرائيلية على طـول القناة، وكلف الجنرال أبراهام آدان، الذي كان يعمل في رئاسة الأركان،بالتنسيق مع الجنرال يشعياهو جافيتش قائد المنطقة الجنوبية (( والذي تم قتله لاحقا بواسطه قوة صاعقه مصريه يقودها الرائد معتز الشرقاوي وقد نشرنا في موقعنا مقالا مختصرا لتلك العمليه وسنقوم قريبا بنشر تفاصيل أكثر تلك العمليه في حوارنا مع سيادته ))،
بالاستعانة بالعديد من الخبراء الألمان والبلجيكيين والأمريكيين للتخطيط لإقامة الخط الذي أطلق عليه بعد ذلك خط بارليف نسبة إلى رئيس الأركان الإسرائيلي. وحدد الجنرال بارليف إستراتيجية بناء الخط لتحقق عدداً من الأهداف، التي تتمشى مع إستراتيجية "البقاء الدائم في سيناء.
وكانت أهم هذه الأهداف هي:* إنشاء خط حصين للدفاع عن سيناء، ومنع القوات المصرية من العبور شرقاً، وتدميرها في المياه، قبل أن تصل إلى الشاطئ الشرقي.
* تأمين القوات الإسرائيلية، على خط الجبهة في سيناء، وتقليل تأثير النيران المصرية عليهم.
اعتبار هذا الخط، هو الذي تستند عليه الضربات الرئيسية الإسرائيلية، بعد مرحلة التعبئة، لتدمير القوات المصرية التي تكون قد نجحت في العبور.
* تجهيز الخط، بأسلوب علمي متقدم، ليكون خط ملاحظة أمامي لمراقبه أوضاع القوات المصرية.
وقد أثار التفكير في بناء الخط جدلاً شديداً بين القادة الإسرائيليين،وتزعّم جبهة المعارضة، وقتذاك، الجنرال إيريل شارون رئيس سلاح التدريب،والجنرال يسرائيل تال، برئاسة الأركان،
وكانت وجهة نظرهما تتحدد في الآتي:* إن عقيدة القتال الرئيسـية للقوات الإسرائيلية هي المرونة والحركة، بينماخط بارليف دفاع ثابت ومن ثم، يتعارض مع الفكر الإسرائيلي العسكري.
* إن الدفاعات الثابتة ستكون أهدافا سهلة للنيران المصرية، وبالتالي تزيد خسائر إسرائيل.
* إن الدفاعات الثابتة تحتاج لمن يحتلها ويدافع عنها، بينما عقيدة إسرائيل تعتمد على قوات قليلة في الأوقات العادية، والتعبئة الشاملة أثناء الحرب.
وتمت مناظرات ومباحثات، وكل يتمسك برأيه، إلى أن تغلب رأى رئيس الأركان "بارليف" معتمدا على قوة الحجة، والأقدمية والسلطة.
خط بارليف الابتدائيوبدأ إنشاء خط بارليف، بدءاً من 15 مارس1968، ولمدة عام كامل ينتهي في 15مارس 1969، بتكلفة 248 مليون دولار واستخدم كل الإمكانيات المحلية فيإنشائه، إذ اقُتلعت قضبان خط السكة الحديد (القنطرة/ العريش) والفلنكات والعوارض الخشبية الضخمة لتكون أسقفاً لحصون الخط، وقام بالإنشاء شركاتمدنية إسرائيلية. ويتكون الخط من 22 موقعاً حصيناً يحوى 36 نقطه قوية. وكلنقطه تمثل قلعة منفصلة، تتعاون مع القلاع الأخرى بالنيران، وحُصِّنت بكتل حجريه ورمال تقيها من قنابل تزن حوالي 1000 رطل، إذ أسقطت عليها مباشرة.
ولزيادة صلابة هذه النقط الحصينة، فقد أنشأت النقط الأمامية على حافة القناة مباشرة، وتم دفع الساتر الترابى على طول الضفة الشرقية للقناة إلى حافة القناة مباشرة، وتم تعليته إلى ارتفاعات تتراوح ما بين 16 ـ 22 مترا ليشكل في مجمله (قناة مائية + ساتر ترابي + قلاع حصينة) مانعاً يحبط أمل أي قوات مصرية في مجرد التفكير في عبورها إلى الضفة الشرقية.
وقد قامت القوات الجويه المصريه بطلعات استطلاع يوميه لتصوير مراحل العمل في خط بارليف بطول خط القناه لدرجه ان الخبراء المصريين كانوا يعلمون من الصور الجويه فقط مكونات الخط من الداخل ومما تم بناءه
كان هذا هو خط بارليف الأول، الذي تمكنت القوات المصرية من تدمير جزء كبير منهأثناء حرب الاستنزاف من خلال الأعمال القتالية.
نقلاً عن المجموعة 73 مؤرخين
http://group73historians.com/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1/158-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%AE%D8%B7-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%84%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%A7%D9%82%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86.html?showall=&start=3