مساء يوم 24 فبراير، ذهب شوارتزكوف ليحصل على بعض الراحة استعدادا لليوم الثاني من الهجوم البري. و عاد لغرفة الحرب فجر يوم 25 فبراير بمزاج جيد و احساس بان النصر هو في متناول اليد. و كان نجاح هجوم الفيلق المجوقل عميقا داخل العراق بدون اي خسائر تذكر و كذلك هجوم المارينز الناجح جدا لا يقل عن معجزة في نظرة. العرب شرقا تقدموا بشكل جيد (بعض التأخير ربما بسبب الاسرى) و كذلك القوات العربية الشمالية نجحت جزئيا في الاقتحام (من اسباب التأخير هو قلة عدد معدات فتح طرق في حقول الالغام). و قد ذكرت التقارير ان 3 كتائب مصرية وصلت حافة حقل الالغام العراقي عند ساعة الصفر الجديدة و لكنها فضلت ان تتراجع خلف الحدود مرة اخرى اثناء الليل.
الاستخبارات تشير الى ان فرق النسق الاول للجيش العراقي: 7و 8 و 14و 18و 29 تعتبر فاقدة للقدرة القتالية بعد معارك الامس. و فرق المشاة الميكانيك 5 قد ضربت بشدة. و كانت الفرقة 3 دروع لا تزال تحاول الصمود بين مطار الكويت و مدينة الجهراء. و بقيت 3 فرق عراقية بقوتها تواجه الساحل بانتظار الهجوم البرمائي عند مدينة الكويت.
و فجأة ظهر على خارطة غرفة العمليات ما اثار استغراب شوارتكوف. العلامة المصاحبة للفيلق السابع لم تتقدم اثناء الليل! صاح الجنرال في ضباط غرفة العمليات: "ماالذي حصل للفيلق السابع؟ هذه الخارطة خاطئة!"
"تم تحديثها للتو يا سيدي و هي صحيحة".
"احضر لي تقارير المواقع"
و عندما تبين ان المواقع على الخارطة صحيحة، احمر وجه شوارتزكوف بالغضب. "اتصل بيوسوك الان". و صاح في قائد العمليات طالبا تفسيرا لهذا الذي يراه على الخارطة، ثم صاح فيه قبل ان يرد انه لا يريد ان يعرف سبب التأخير. و ان يخبر قائد الفيلق (الجنرال فرانكس) ان بديله جاهز لو احس ان العمل اكبر من قدراته.
و قد حصل شوارتزكوف على مكالمة بنفس المضمون (و ان كانت الحدة مختلفة) من كولن باول. حيث قال له ان اساس الخطة ان لا يتمكن الحرس الجمهوري العراقي من الهروب. و الان نجد ان القوات التي من المفروض ان تحاصر الحرس الجمهوري هي القوات الوحيدة المتأخرة عن جدول عملياتها! و هذا الامر محرج خصوصا و ان الفرقتين مشاة مارينز و اللواء 24 مدرع قاموا بواجبهم باسرع من المطلوب.
و هذا الحادث سيبقى محل خلاف تاريخي بين اطرف المسألة. من جهته اتهم شوارتزكوف قائد الفيلق بعدم استغلال ضعف العدو و عدم المرونة في تنفيذ العمليات، فيما من السهل الدفاع عن موقف الفيلق بأن تقديم موعد الهجوم البري 15 ساعة امر ليس سهلا على الاطلاق الالتزام به، ناهيك عن ان اختراق حقول الالغام في الليل يزيد من المسألة تعقيدا. و قد اختار فرانكس سلامة قواته على السرعة. عموما، لا يزال الفيلق ضمن مواقيته للاشتباك مع الحرس الجمهوري بعد 72 ساعة. و قد قام قائد عمليات المنطقة بواجبه و حمى مرؤوسيه من غضبة شوارتزكوف و لكن افهمهم ان السرعة مطلوبة.
من جهة الطرف العراقي، فقد بدأت معالم المشكلة في جنوب الكويت بالبروز. فالهجوم المرتد العراقي للفرقة 5 مشاة ميكانيك قد فشل فشلا ذريعا. و مازاد من فداحة الخسارة ان هذا الهجوم كان مقررا في الخطة الدفاعية العراقية و قد تم التخطيط له مسبقا و بدقة. و لكن بسالة العراقيين و تقدمهم في القتال لم تسعفهم امام المارينز. حيث لاحظ المارينز ميل العراقيين للهجوم التعرضي المباشر و الضعف في المناورة و ان الهجوم جاء مشتتا و لو كان مجمعا و بتوقيت واحد لما كان من شك ان خط قتال المارينز كان سيتم اختراقه. و كان استطلاع المارينز سيئا بفعل الضباب و العواصف لدرجة ان دبابتين و مدرعتين عراقيتين تجاوزتا خط الصد الامريكي و توقفتا امام مقر القيادة ليخرج ضابط برتبة رائد ويطلب الاستسلام! و فد ادعى اولا انه قائد اللواء 22 من الفرقة 5 و لكن تبين كذبه و انه قائد كتيبه و حسب). قال الرائد عدي ان الفرقة 5 على و شك الهجوم و رغم ميل بعض السرايا للاستسلام لكن معظم الفرقة تنوي القتال و اعطا العقيد الامريكي خارطه لقطاعات الفيلق كاملة. و استبسل العراقيون في التقدم و اسعفهم الضباب في الالتحام مع العدو لدرجة منع المدفعية الامريكية من التدخل. لكن كان هناك تهور في التصويب العراقي و عدم دقة في رمايات كافة الاسلحة و ساعدت المروحيات المارينز في توجيه ضربات دقيقة على الدرع العراق. و انتهي القتال بتدمير 100 عربة ثقيلة و عدة مئات من الاسرى. و لكن الهجوم اوقف تقدم المارينز نحو الكويت مدة 24 ساعة. و هو ما سيكون له اثر في الحرب.
و عليه قرر قائد الفيلق الثالث العراقي التراجع لخط دفاعي اكثر امانا عند منطقة المطلاع. و طلب من الفرقة 3 دروع عمل حائط صد لحماية القوات اثناء الانسحاب شمالا للفرق الساحلية الثلاث نحو حفر الباطن. و هذا التحركات كلها تشير الى تفكير سليم من قبل قائد الفيلق العراقي صلاح عبود.
R. Atkinson - Crusade
K. Pollack - Arabs at War