العقيدة الروسية في القتال خارج مدى الرؤية و انعكاساتها على تسليح المقاتلات : الأر-27 أنموذجا
تعود أصول النموذج الروسي الحالي للقتال خارج مدى الرؤية إلى فترة الحرب الباردة حيث كان دراسات الخبراء السوفيات تؤكد ضعف احتمال اصابة صواريخ الجو جو لأهدافها Low kill probability و ضعف أجهزة البحث الخاصة بالصواريخ أمام الإجراءات المضادة. و انطلاقا من هذه القناعة بنيت العقيدة الروسية في القتال خلف مدى الرؤية على ركيزتين اثنتين تهدفان إلى دفع احتمال إصابة الهدف إلى أقصى حد ممكن مع الأخذ بالإعتبار الظروف القتالية المختلفة, لا سيما كافة الإجراءات المضادة التي يمكن أن تتخذها القوة المعادية.
أولا, و أثناء سبعينات القرن الماضي تقريبا, كانت تقنية السوفيات الرئيسيية في اطلاق صواريخ جو جو من مدى BVR تقوم على اطلاق صاروخين جو جو لتدمير هدف واحد. و طبعا إذا أضفنا احتمال الإصابة الخاص بالصاروخ الأول إلى احتمال الإصابة الخاص بالصاروخ الثاني سنتحصل على احتمال أكبر لإصابة الهدف, بالتالي استخدام صاروخين بدل صاروخ واحد لتدمير هدف معين سيزيد في احتمال الإصابة. لكن على عكس ما يظهر من الوهلة الأولى, لا تعد هذه التقنية أمرا هينا, إذ تتطلب حمولة مضاعفة و هو ما سيؤثر على قدرة المقاتلة على المناورة و إضافة إلى الإنعكاسات على مستوى المدى القتالي, خاصة و أننا نتحدث عن مقاتلات سيادة جوية.
و كنتيجة لهذه الطريقة في التفكير, يمكننا ملاحظة عائلة الفلانكر Sukhoi Flanker و التي تتميز مقاتلاتها بعدد نقاط تعليق عادة ما يكون أكبر من نظيره في المقاتلات الغربية, إذ تكون المقاتلة من عائلة الفلانكر مجهزة لحمل 8 إلى 12 صواريخ جو جوللقتلا خارج مدى الرؤية BVR missiles .
حمولة مقاتلات Su-35BM/Su-35-1 من صواريخ جو جو
إضافة إلى ذلك زودت بعض المقاتلات السوفياتية بنظام اختيار الأسلحة Weapons select mode يقوم آليا باختيار صاروخين لتدميرهدف واحد.
أما النقطة الثانية التي تعتمدعليها نظرة الروس للقتال خلف مدى الرؤية فهي استعمال صاروخين معا لتدمير هدف واحد شريطة أن يعتمد هذين الصاروخين على طريقتي توجيه مختلفة. ففي فترة السبعينات كان تقنية السوفيات تقوم على استخدام صاروخين في آن واحد, أحدهما يعتمد توجيها راداريا شبه نشط Semi-active radar homing و آخر يعتمد باحثا حراريا Heatseeking . فلو كان الصاروخين المعتمدين يستخدمان نفس طريقة التوجيه فإن تأثير الإجراءات المضادة سيكون له نفس الإثر على الصاروخين أي أن ما يتلقاه أحد الصاروخين من إعاقة و تشويش سيكون هو نفسه الذي سيتلقاه الصاروخ الآخر و بالتالي ما قد ينجح في إعاقة أحد الصاروخين يمكنه النجاح مع الصاروخ الآخر. لذلك فإن استخدام صاروخين بطريق توجيه و أجهزة بحث مختلفة سيعزز من حظوظ تخطي الإجراءات المضادة و يرفع من احتمال إصابة الهدف.
و كنتيجة لهذه العقيدة, ركز الروس على تنويع طرق توجيه صواريخ الجو جو و هو ما يظهر جليا في صاروخ Vympel R-27 أو ما اصطلح الغرب على تسميته ب AA-10 Alamo.
إن الناظر من الوهلة الأولى يعتقد أن صاروخ الأر-27 هو نظير السبارو AIM-7 الأمريكي, لكن بمجرد التركيز قليلا نكتشف وجهة النظر هذه غير صائبة اطلاقا. فقد لعبة عقيد الروس لعبتها في هذا السلاح لتخرج إلى النور نسخا عديدة منه تعتمد كل واحدة منها على طريقة توجيه معينة, ليكون الأر-27 بذلك عائلة ثرية و متنوعة من الصواريخ جو جو, سيتم فيما يلي عرض مختلف نسخها لإبراز تنوع طرق التوجيه و هو ما فرضته النظرة السوفياتية الروسية للقتال خلف مدى الرؤية.
R-27ER1/R-27R1
تعتمد هذه النسخة التوجيه الراداري شبه النشط معتمدة على باحث راداري شبه نشط و هو 9B-1101K
تعتمد النسخة ER حارق طويل Long burn يوفر مدى يبلغ 70 ميل بحري, بينما تعتمد النسخة R حارق قصير Short burn يوفر مدى يبلغ 43 ميل بحري.
R-27ET1/R-27T1
R-27ET1 مركب على جناح سو 35
تعتمد هذه النسخة على التوجيه الحراري مع اختلاف في حجم الحارق (ET لنسخة الحارق الطويل) و تستخدم النسخ القديمة نسبيا الباحث الحراري 36T seeker
من اليمين اليسار: R-27ER1 و R-27T1 (لاحظ الحجم الأكبر للصاروخ R-27ER1 كونه يستخدم الحارق الطويل Long burn)
R-27P/R-27EP
يعتبر هذا الصاروخ أول صاروخ جو جو يعتمد على التوجيه السلبي إذ يعتمد على تتبع الإشعاعات الرادارية الصادرة من المقاتلة المعادية, فيكون بذلك أول صاروخ جو جو مضاد للإشعاعات Anti-radiation homing air to air missile. تستخدم هذه النسخة باحث سلبي متعقب للإشعاعات Anti-radiation seeker يعمل على نطاق X-band و هو 9B-1032 و يبلغ مدى كشف هذا الباحث 130 ميل بحري.
R-27A/R-27EA
هذه النسخة هي الأحدث من بين نسخ الأر-27, تعتمد على باحث راداري نشط Active radar seeker و هو 9B-1103M المطور انطلاقا من الباحث الراداري المستخدم في الأر-77 و هو 9B-1348E.
Agat AAM seekers. Left to right: 9B-1101K dual plane monopulse semi-active homing seeker used in R-27R1/ER1, 9B-1348E active radar homing seeker used in R-77 variants, and 9B-1103K active radar homing seeker for R-27EA
الخلاصة
و هكذا, و من خلال عرضنا لمختلف نسخ الأر-27 نكتشف كيف دفع الاعتماد على صاروخين بطريقتي توجيه مخلفتين لإصابة هدف واحد المصممين الروس إلى تنويع طرق التوجيه في عا~لة صواريخ واحدة مما أنتج عائلة ثرية جدا تتيح خيارات متعددة.
المصدر
http://www.ausairpower.net/APA-Rus-BVR-AAM.html