من هو نزار هنداوي :
هو مواطن فلسطيني الاصل اردني الجنسيه وفي نفس الوقت يحمل جواز سفر سوري دبلوماسي
ولد نزار هنداوي في العام 1954 وعمل صحافيا في الاردن قبل ان ينتقل الى لندن حيث تزوج فتاة بريطانيه " من اصول ايرلنديه " تدعى آن ماري ميرفي
اتهم في ابريل 1986 بوقوفه خلف محاوله تفجير طائره شركة العال الاسرائيليه " الرحله 016 " والتي كانت تحط كترانزيت في مطار هيثرو اللندني في بريطانيا قادمه من نيويورك ومتوجهه الى تل ابيب والتي كانت تحمل 375 راكبا
كان نزار هنداوي قد تعرف على أن ماري ميرفي في العام 1984 , حيث كانت تعمل كعامله تنظيف غرف في فندق هلتون في بارك لين في لندن وهو كان يعمل صحافيا
وقد دخل الاثنان في علاقه حميميه لسنتين , في العام 1986 اصر نزار هنداوي على أن ماري ميرفي ان تسافر الى اسرائيل للقاء والديه حيث كان يروم الزواج بها وخصوصا انه كان يعاني من مشكلة التاشيره في بريطانيا
وهكذا حجز تذكره لأن ماري ميرفي على طائره العال الاسرائيليه واعطاها علبه مغلفه كهديه لاهله
القصه :
في الساعه 8 صباح يوم 17 ابريل / نيسان 1986 اوصل نزار هنداوي حبيبته أن ماري ميرفي الى مطار هيثرو اللندني , وقد قام بانزالها بباب المطار ولم يوصلها لداخل المطار
وشدد نزار هنداوي عليها ان لاتذكر اسمه ابدا لان الامن الاسرائيلي قد يحققون معها اذا علموا بعلاقتها به
بعد ان نزلت ان ماري ميرفي من السياره عاد هنداوي الى لندن ثم ركب باص خاص بالخطوط الجويه السوريه عائدا للمطار حيث كان قد حجز تذكره على رحله الخطوط الجويه السوريه الى دمشق في الساعه 2 ظهرا
اكتشف ضباط الامن الاسرائيليين على متن طائره العال الاسرائيليه وجود متفجرات زنه 1.5 كغم من نوع Semtex في حقيبة آن ماري ميرفي زوجه نزار هنداوي والتي كانت احدى المسافرات على هذه الطائره
وكانت آن ماري ميرفي حاملا في الشهر الخامس , ووجدت مع المتفجرات اله توقيت لضبط تفجير العبوه المتفجره
بعد التحفظ على أن ماري ميرفي ادعت انها لاتعلم بانها تحمل متفجرات , وان العبوه اعطيت لها مغلفه كهديه من خطيبها نزار هنداوي
وان الغرض من سفرها الى اسرائيل هو للقاء والدي نزار هنداوي من اجل التعرف بهما " من اجل التمهيد للزواج حيث انها كانت حاملا من نزار هنداوي بدون زواج "
سمع نزار هنداوي وهو في داخل باص الخطوط الجويه السوريه بنبا اكتشاف القنبله والقاء القبض على حبيبته , فنزل من الباص وذهب الى السفاره السوريه في لندن طلبا للمساعده
استقبله السفير السوري في لندن وقام بتسليمه لرجال الامن السوريين والذين قاموا بعمل تغييرات في مظهره من ضمنها قص وتغيير لون شعره
الا انه في اليوم التالي وهو 18 ابريل / نيسان 1986 سلم نزار هنداوي نفسه للشرطه البريطانيه
خضع هنداوي لتحقيق مكثف على مدى ايام , ومورست عليه وسائل ضغط منها حرمانه من النوم
اثناء التحقيقات قال هنداوي ان محاوله التفجير تمت بامر من مسؤول كبير في استخبارات القوات الجويه السوريه قبل عام من الحادث
وان السلطات السوريه قامت باعطائه جواز سفر جديد واوراق ثبوتيه مع دروس لتحضير اعداد المتفجرات
وادعى هنداوي بانه عاد ثانيه لسوريا من اجل وضع التفاصيل النهائيه للعمليه
وقال انه استلم المتفجرات يوم 5 ابريل / نيسان 1986 في فندق Royal Garden في لندن
وقد تم دعم الاعترافات بسلوك هنداوي بعد معرفته باكتشاف القنبله وانه لجا الى السفاره السوريه والتي قامت بتغيير مظهره
كما قيل ان المخابرات البريطانيه اعترضت اتصالات سوريه ذكرت اسم هنداوي
كما ان جواز سفر هنداوي السوري كان اصليا وكذلك اوراقه الثبوتيه الاخرى علما انه لم يكن مواطن سوري
تمت احالة نزار هنداوي للمحكمه حيث كانت المفاجأة متمثله بتراجع هنداوي عن اعترافاته التي ادلى بها في التحقيق
وقال هنداوي في محاكمته بان ضحيه لمؤامره نظمها عملاء اسرائيليون
وانه تعرض لتعذيب من قبل الشرطه البريطانيه والتي جعلته يوقع على اوراق لم يقرأها وخصوصا انه تم تهديده بتسليمه للموساد الاسرائيلي وان والديه تم اعتقالهما
محامي هنداوي عرض في المحاكمه رؤيه جديده للاحداث تقول ان هنداوي كان ضحيه لمؤامره اسرائيليه من اجل احراج الحكومه السوريه والاساءه الى العلاقه بين سوريا وبريطانيا
لكن المحكمه لم تأخذ بنظريه هنداوي ومحاميه
حكمت المحكمه على هنداوي بالسجن 45 سنه
ردود الافعال :
بعد صدور الحكم قطعت بريطانيا علاقاتها الدبلوماسيه مع سوريا
في 10 نوفمبر 1986 قال رئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك لصحيفة واشنطن تايمز بان المستشار الالماني ووزير خارجيه المانيا يعتقدان ان قضية نزار هنداوي كانت مصممه لاحراج سوريا وحافظ الاسد ويقف خلف الامر عملاء الموساد وانه شخصيا مقتنع بهذا
لكن بعد ايام قليله غير جاك شيراك من تصريحاته وقال ان اسرائيل بريئه
اما الرئيس السوري حافظ الاسد فقد قال في 20 اكتوبر 1986 في مقابله مع مجلة تايمز بان اسرائيل هي من خطط لعمليه هنداوي
اما الكاتب البريطاني باتريك سيل فقد قال بان مصدر في الاستخبارات السوريه اخبره بأن الاستخبارات السوريه وقعت في فخ نصبته اسرائيل
حيث اخترق الموساد الاسرائيلي الاستخبارات السوريه وتلاعب بها من اجل الصاق تهمة الارهاب بسوريا
اما العقيد مفيد عكور وهو ضابط الاستخبارات السوريه والذي ذكر اسمه نزار هنداوي في اعترافاته فقد القي القبض عليه في دمشق بتهمة التعاون مع اسرائيل
تطورات الحكم :
في ابريل 2001 كان نزار هنداوي على موعد لاطلاق سراح مشروط لكن طلب اطلاق السراح تم رفضه
وكان من المخطط ان يم اطلاق سراح نزار هنداوي عام 2016 بعد ان يكون قد قضى ثلثي المده
لكن في عام 2012 قرر مجلس اطلاق السراح المشروط العوده عن قراره السابق واطلاق سراح هنداوي
في مارس 2013 حصل هنداوي على اطلاق سراح لكنه مازال مسجونا بانتظار ترحيله الى الاردن
الروايه السوريه للحادثه :
وهي مقتبسه من السيد فاروق الشرع نائب الرئيس ووزير الخارجيه السوري السابق ووردت في كتابه " الروايه المفقوده " :
نزار هنداوي الذي لم يسبق لي أن تعرفت إليه، فلسطيني الأصل أردني الجنسية، حامل جواز سفر سوري لأن السفارة الأردنية لم تجدد له جواز سفره الأردني، وإسرائيل لا تعترف أصلًً بالهوية الفلسطينية حتى تمنحه جوازًا يثبت هويته الفلسطينية. وكما علمت في مرحلة لاحقة بعد اجتماع عقد بين الرئيس الأسد والعاهل الأردني، أن السلطات الأردنية كانت قد سحبت من الهنداوي جواز سفره الأردني بجريرة فعلة أبيه الذي حكمت عليه بالتعامل مع العدو. فرأى أحد فروع الأمن السورية حينذاك ضالته الرخيصة فيه للاستفادة منه في تصيد الأخبار الثمينة من مصدرها، فطلب منحه جواز سفر سوري دبلوماسي باسم مستعار كما جرت العادة في بعض الدول ومنها سورية لدوافع أمنية.
الهنداوي بهذه المواصفات، مثير للريبة من دون شك، ومن ثمّ لا يمكن إلا أن يكون مراقبًا من قبل الأمن البريطاني، وخصوصًا عندما أوصل صديقته
الإيرلندية آن مورفي إلى مطار هيثرو وتركها بعد أن وصلت المطار من دون أن يرافقها في داخل المطار، مع أنها حامل منه على ما يبدو في الشهر السادس.
وهكذا دخلت آن مورفي وحدها البوابات في مطار هيثرو، ثم اجتازتها بسهولة إلى المربع الأمني لطائرة العال من دون أن تلحظ أي من الأجهزة الإلكترونية
أو أي أحد من رجال الأمن، من بريطانيين «حاذقين » أو إسرائيليين «بارعين ،»
أن حقيبتها اليدوية محشوة بالمتفجرات وبصاعق تفجير أيضًا وهو الذي كما ذكرت الصحافة البريطانية أن الهنداوي دسها في حقيبتها اليدوية من دون معرفتها كهدية مفاجئة حلوة لأهله الذين سيكونون بانتظار هذه الخطيبة الأجنبية في مطار بن غوريون.
رجل الموساد - الذي يرى ولا يُرى - هو الذي لحظها على سلم الطائرة ولم يلحظها الأمن الإسرائيلي في المطار وهي تهم بالدخول إلى الطائرة إلى جانب مئات المسافرين فأعاد تسليمها إلى أمن المطار الإسرائيلي الغافل الذي فتح حقيبتها بعيدًا عنها من دون أن يخشى انفجارها فأذهله ما رأى، كما ادعى، فاستدعى الأمن البريطاني شريكه المتعاقد في مكافحة الإرهاب الدولي، ليكتشفا خيوط جريمة العصر بلا منازع!
لقد تقبل هذه الأمور، بحسن نية أو سوء نية، القضاء البريطاني والمحققون قبله، كما جاء في وسائل الإعلام البريطانية، ولكن كيف يمكن أن تنطلي على الخارجية البريطانية؟ والتي تدرك مسبقًا كل هذه الأمور مع تفاصيلها وأجهزة تنصتها، فتقدم على طرد السفير السوري الدكتور لطف الله حيدر من دون وجه
حق، وتبادر بقطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية وبريطانيا بتسرع وعصبية قبل أن تستخدم حقها الطبيعي في الاستفسار المباشر من السفارة السورية في لندن، أو عبر سفارتها في دمشق التي منحت تأشيرة قانونية على جواز السفر الذي كان يحمله الهنداوي، ومن دون أن يكلف وزيرها نفسه أو أحد مساعديه عناء الاتصال بنظيره السوري للاستفسار الشخصي منه وهو الذي كان قد زاره قبل عدة أسابيع فقط.
الإثارة في مسرح اللامعقول هذا لم تنته فصولها بعد، والفصول الأغرب ليس طول فترة الحكم الذي أصدره القضاء البريطاني بحق الهنداوي ) 45
عامًا(، وإنما في عدم تقديم السيدة آن مورفي معه للمحاكمة أمام القضاء على الرغم من أن الحقيبة التي كانت تحملها بيدها هي حقيبتها اليدوية، وأنها وحقيبتها المحشوة بالمتفجرات والصاعق هي التي اجتازت بوابات مطار هيثرو من دون أن يصحبها الهنداوي، وهي التي كادت لو قدر لها أن تصعد إلى الطائرة أن تودي مع حقيبتها اليدوية بحياة مئات المسافرين وطاقم الطائرة فضلً عن حياة من سيكونون على الأرض حين سقوط الطائرة وليس صديقها الهنداوي الذي بقي في لندن يتسكع في شوارعها، في سيارته التي سمع من مذياعها اسمه الحقيقي وليس الاسم المستعار الذي أطلقه عليه الأمن السوري.
لنفترض جدلً أن السيدة مورفي ساذجة وبسيطة إلى درجة «الهبل ». وإذا افترضنا بالاتجاه المعاكس أن السيدة مورفي كانت بارعة في التمثيل ولعبت دور المغرر بها لستة أشهر على الأقل مع الهنداوي، وتجاهلت عن عمد ما وضعه داخل أحشائها وأحشاء حقيبتها اليدوية، ألا تستحق مساءلتها أمام القضاء البريطاني عن علاقتها بالمخابرات السورية أو بالموساد الإسرائيلي في الوقت الذي يخفي الموساد علاقته التعاقدية مع الأمن البريطاني.
مفارقات عجيبة تعجز أفلام هيتشكوك وأغاثا كريستي عن التعامل معها، فكيف تعامل معها القضاء البريطاني المشهود له على مستوى العالم بالمهنية العالية، أو المحلفون الذين أمضوا ساعات وأيامًا يراقبون ويتساءلون؟ أم أن المحققين البريطانيين المشهود لهم بالحذاقة تعاملوا مع قضية الهنداوي وكأنها قضية امرأة بيضاء دمها أزرق غرر بها رجل ملون في عهد العبودية فلا تقدم للمحاكمة حتى لو ارتكبت جريمة، أما هو فدمه إرهابي غير محدد الزمرة مشتبه به ومذنب مهما فعل. عقدت مؤتمرًا صحافيًا في دمشق اتهمت فيه تاتشر بعدم النزاهة لأنها لم تستطع أن تنسى بأنها كانت ومازالت رئيس جمعية الصداقة البريطانية - الإسرائيلية في مجلس العموم البريطاني لأشهر بعد أن أصبحت رئيسة الحكومة البريطانية.
في إحدى جلسات مجلس الوزراء في سورية، وبعد أن وضعتُ المجلس بتفاصيل قضية الهنداوي التي أثارت ضجة لا سابق لها، وكيف تعامل معها القضاء البريطاني، علق ساخرًا رئيس الوزراء الدكتور عبد الرؤوف الكسم، المعروف بحسه الذكي للدعابة: كيف لم ينتبه القضاء البريطاني إلى أن السيدة مورفي الحامل في شهرها السادس بوضوح ذاهبة إلى أهل الهنداوي لتطلب يده منهم للزواج. إن هذا قد يحصل في أوروبا ولكنه مستحيل أن يحصل في مجتمعنا. فهل خفي هذا الفارق الثقافي الصارخ أيضًا عن ملاحظة السلطات التنفيذية والقضائية في بريطانيا العظمى؟
الروايه الاسرائيليه للحادثه :
وهي مقتبسه من الموقع الرسمي لجهاز الامن العام الاسرائيلي " الشاباك "
لقد أحبط رجال الأمن التابعين لشركة "إلعال" يوم الخميس الموافق 17 أبريل نيسان 1986 في مطار "هيثرو" بلندن محاولة لتفجير طائرة تابعة للشركة في الجو. وكانت الطائرة من طراز "بوينغ 747" في رحلة رقم 016 في طريقها من نيويورك إلى تل أبيب عبر لندن وكان على متنها 395 شخصاً من ركاب وأفراد طاقم.
وكان الاعتداء سيتم من خلال إدخال عبوة ناسفة إلى بطن الطائرة عن طريق رسولة لم تكن إلا إحدى الركاب وتحميلها العبوة الناسفة دون علمها بذلك. وقد كشف رجال الأمن التابعين لشركة "إلعال" العاملون في لندن العبوة الناسفة ومنعوا الاعتداء. وبعد اكتشاف العبوة الناسفة أُحيلت القضية إلى السلطات المحلية التي اعتقلت الراكبة المذكورة ثم اعتقلت مَن أرسلها وهو مواطن أردني يدعى نزار هنداوي.
وكانت الراكبة المخدوعة إيرلندية تبلغ 32 عاماً تدعى آن ماري ميرفي علماً بأنها كانت في الشهر السادس من الحمل. وقد وصلت إلى نقطة تفتيش أمتعة المسافرين قبل إغلاقها بحوالي 40 دقيقة. وقد تعامل معها مساعد رجل الأمن ضمن إجراءات التفتيش الأمني الروتيني للركاب.
ولدى قيام رجل الأمن باستجوابها لم تظهر مؤشرات مثيرة للشبهة. إذ أجابت الراكبة التي أثارت انطباعاً بأنها شابة بسيطة بالنفي على السؤال الذي طُرح عليها حول منحها أي غرض لنقله إلى إسرائيل. وكانت خلال الاستجواب هادئة ولم تظهر عليها أي علامة انفعال. غير أن تفتيش أمتعتها أدى إلى كشف مؤشرات أخرى مثيرة للشبهة: إذ تم العثور على حاسوب جيب علمي من طراز "كومودور" مع سلك جاهز للتوصيل الكهربائي. كما أثارت حقيبتها الشبهة بسبب ثقلها الاستثنائي. وعند فحص الحقيبة عثر رجل الأمن على متفجرات تم إخفاؤها في أسفلها تحت جدار داخلي مزدوج للحقيبة. واستدعى رجل الأمن الشرطة البريطانية وتم إيقاف الراكبة على ذمة التحقيق.
وتبين عند قيام الشرطة المحلية بفحص المتفجرات العثور داخل حاسوب ال"كومودور" المشار إليه على صاعق مغلَّف بمتفجرات بلاستيكية من نوع "سامتيكس" كان موصولاً بجهاز توقيت إلكتروني كان سيشغل بدوره المواد شديدة الانفجار التي تم إخفاؤها داخل الحقيبة. كما اتضح من فحص جهاز التوقيت بعد قطعه عن المتفجرات أن الطائرة كانت ستنفجر بعد مضي ساعتين وربع ساعة على إقلاعها من لندن متوجهةً إلى إسرائيل أي على ارتفاع 39 ألف قدم في أجواء المنطقة الواقعة ما بين إيطاليا واليونان.
إرتباط هنداوي بسوريا
وقد تبيَّن من التحقيق مع آن ماري ميرفي أنها كانت قد تعرفت قبل ذلك الموعد بعامين على مواطن أردني يدعى نزار هنداوي قدَّم نفسه على أنه صحفي حيث نشأت علاقة غرامية بينهما. وقد استمرت العلاقة بينهما متقطعة كون هنداوي لم يُقم في بريطانيا. ولدى ظهوره مجدداً في أبريل نيسان 1986 واكتشافه أن ميرفي حامل منه – اقترح هنداوي أنهما سيتزوجان ويقضيان شهر العسل في إسرائيل. وقد منح هنداوي ميرفي مبلغاً من المال لاقتناء الملابس واستصدار جواز سفر والحصول على تذكرة السفر جواً إلى إسرائيل. كما أنه أخبرها بأنه لن يستطيع ركوب الطائرة معها بصفته مواطناً أردنياً ولذلك فإنه سيتوجه إلى الأردن ثم يصل منه براً إلى إسرائيل لاستقبالها في مطار بن غوريون.
وقد حضر هنداوي عشية رحلة ميرفي الجوية إلى منزلها حاملاً معه حقيبة كبيرة وساعدها على حزم أمتعتها. كما أنها لاحظت خلال سفرهما إلى المطار أنه نبش حقيبتها حيث اتضح فيما بعد أنه قام بذلك لغرض توصيل حاسوب ال"كومودور" بالبطارية وإلصاقه بجدار الحقيبة الأسفل بالقرب من المتفجرات.
وقد تم الاستدلال من التحقيق مع المخرب هنداوي ومعتقلين آخرين في القضية أن السوريين وقفوا وراء مخطط الاعتداء عبر رجال سفارتهم في لندن. وقد نقل رجال المخابرات التابعة لسلاح الجو السوري الحقيبة حيث تم إخفاء المتفجرات من سوريا إلى بريطانيا في رحلة للخطوط الجوية السورية. كما أنهم أعدوا البنية التحتية اللازمة لتنفيذ العملية في لندن بما في ذلك شقة آمنة استُخدمت لتقديم الإرشادات وإجراء الاستعدادات وكذلك مأوى للفرار إليه بعد ارتكاب الاعتداء. كما تبيَّن من التحقيق مع هنداوي أنه كان على صلة بالمخابرات السورية منذ مطلع الثمانينيات وأنه كان على علاقة تحديداً بضابطيْن كبيرَيْن من مديرية الأمن التابعة لسلاح الجو السوري.
وقد عرض أحد الضابطين المدعو هيثم سعيد علي هنداوي خلال شهر فبراير شباط 1986 زرع قنبلة في طائرة تابعة لشركة "إلعال". وتلقى هنداوي من سعيد تعليمات دقيقة حول كيفية وضع القنبلة. كما نصحه سعيد باستخدام شابة لإدخال العبوة الناسفة إلى الطائرة بحجة أنها أقل إثارة للشبهات. وتلقى هنداوي وعداً بمنحه مبلغ 250 ألف دولار مقابل قيامه بالمهمة.
وقرر هنداوي استخدام صديقته آن ماري لغرض نقل الحقيبة إلى طائرة "إلعال". وكما سلف فإنه عرض عليها يوم 7 أبريل نيسان 1986 الزواج منه وإقامة حفل الزواج في إسرائيل وقضاء شهر العسل فيها. وقد ساعد هنداوي يوم 16 أبريل نيسان صديقته على حزم أمتعتها في حقيبة أحضرها خصيصاً لهذا الغرض ، ثم رافقها في اليوم التالي إلى المطار مشغلاً في الطريق جهاز التوقيت الخاص بالعبوة الناسفة.
وبعد أن ودّع هنداوي ميرفي عاد إلى الفندق حيث كان يقيم وانتظر سيارة للخطوط الجوية السورية كانت ستنقله إلى المطار ومنه جواً إلى سوريا. غير أن أحد أفراد طاقم الطائرة السورية أبلغ هنداوي لدى وصوله لنقله بأن ميرفي قد اعتُقلت في المطار. وأوعز هذا الشخص إلى هنداوي بركوب سيارة أجرة والتوجه فوراً إلى مقر السفارة السورية ، كما أنه أعطاه ظرفاً مختوماً وأمره بتسليمه إلى السفير السوري شخصياً.
وبعد أن اطّلع السفير السوري على فحوى الرسالة التي حملها إليه هنداوي أوعز إليه بالتوجه مع سوريَيْن آخرَيْن إلى شقة آمنة في لندن. وتم حجزه في الشقة حتى صبيحة اليوم التالي عند مجيئ السوريَيْن إلى الشقة للعودة به إلى مقر السفارة. غير أن هنداوي شك في وجود مخطط للقضاء عليه وأقدم على الفرار واستدعى شقيقه الذي اتصل بالشرطة البريطانية. وبالتالي جرى اعتقال هنداوي علماً بأنه كان يحمل ساعة اعتقاله جواز سفر دبلوماسياً سورياً.
واتضح أن الشقة حيث احتُجز هنداوي كانت تابعة لحارس في السفارة السورية ، كما تبين أن الشخصين الآخرين اللذين قاما بحراسته في الشقة يعملان أيضاً حارسَيْن في السفارة السورية. وتم إبعاد الثلاثة من بريطانيا. وعند قيام الشرطة البريطانية بتفتيش الشقة عُثر فيها على وثائق مزوَّرة خاصة بهنداوي ومستندات رسمية للسفارة السورية.
المحاكمة والانعكاسات
لم يتم تقديم آن ماري ميرفي للعدالة. أما نزار هنداوي فقد حُكم عليه يوم 25 أكتوبر تشرين الأول 1986 بالسجن الفعلي لمدة 45 عاماً. وادّعى وكيل الدفاع عنه خلال المحاكمة بأن القضية لا تعدو كونها عملاً استفزازياً لجهاز "الموساد" الإسرائيلي الذي زرع القنبلة بهدف اكتشافها والاستفادة من ذلك سياسياً على حساب سوريا. وبالتالي اضطُر رجل الأمن الإسرائيلي الذي أدلى بشهادته أمام المحكمة تحت لقب Mr. A يحجبه ستار عن رواد المحكمة والصحفيين ، أضطُر لنفي الادعاء بأنه من رجال جهاز الموساد وأنه زرع بنفسه القنبلة في الأمتعة التابعة لآن ماري ميرفي عند تفتيشها.
وقد قطعت بريطانيا في أعقاب هذه القضية علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا. إن اكتشاف العبوة الناسفة في لندن أحبط الاعتداء وأنقذ حياة 395 من ركاب الطائرة وأفراد طاقمها. ونوه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك شمعون بيرس في إشارة متأخرة إلى الحادث بأنه لو تم الاعتداء لكانت دولة إسرائيل مضطرة لشن حرب على سوريا بسبب ضلوعها فيه.
توافق نادر للصدف
لقد وقع الحادث المشار إليه في لندن بعد مضي أقل من نصف عام على اختبار آخر تعرضت له منظومة الأمن التابعة لشركة "إلعال" ، إذ هاجمت مجموعتان تخريبيتان بصورة متزامنة تجمعات لركاب شركة "إلعال" في مطارَي روما وفيينا في شهر ديسمبر كانون الأول 1985.
ونتيجة إحباط هذين الاعتداءين قُتل في روما 3 مخربين وأُلقي القبض على رابع بعد إصابته ، فيما قُتل في فيينا مخرب واحد وقُبض على آخرَيْن. وقد اشتمل الحادث في فيينا على مطاردة عدد من ضباط الأمن والحراس العاملين في شركة "إلعال" لسيارة المخربين بالتعاون مع الشرطة المحلية. وقد قُتل خلال الحادثين 16 مدنياً بينهم أحد ركاب شركة "إلعال" وجُرح 120 آخرون بينهم 7 من مستخدمي "إلعال" إضافةً إلى 4 من مساعدي ضباط الأمن وأحد الحراس.
وقد وقفت وراء تخطيط الاعتداءَيْن المذكورَيْن وارتكابهما مجموعة "أبو نضال" علماً بأن المخربين توجهوا إلى روما وفيينا من دمشق حيث كان مقر قيادة فصيل "أبو نضال". وتبيَّن لاحقاً أنه كانت هناك صلة نادرة بين الحادثين والحادث في لندن إذ إن ضابط الأمن المسؤول عن رحلة الطائرة التي كانت ستنفجر في طريقها من لندن إلى تل أبيب شارك أيضاً في حادثة فيينا حيث عمل ضابط أمن في محطة "إلعال" هناك.
إن كلا الحادثين يعكسان بعض التعقيدات التي يواجهها العمل في مجال الحراسة والأمن والكفاءات العالية المطلوبة للتجاوب مع التهديدات المتنوعة ، إذ تقتضي الحاجة من ناحية التأهب والرد السريع عندما يشن الخصم الهجوم ، فيما تجري من ناحية أخرى "حرب أدمغة" بين منظومة الحراسة والتنظيمات الإرهابية التي تبحث عن ثغرات فيها لاختراقها ووضع عبوة ناسفة تفجّر الطائرة في الجو حتى بالاستناد إلى مسافرين أبرياء أو مخدوعين.
------------------
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3