mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43819 معدل النشاط : 58565 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: من الارشيف الاسرائيلي لحرب اكتوبر 1973 .....دور الاستخبارات الاسرائيليه عشيه الحرب السبت 21 مايو 2016 - 19:16 | | | بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يتم ذكر التاريخ فمن الحكمه الاطلاع على مايقوله اعداؤنا عنه فالعالم سيطلع على روايتنا ورواية العدو لكي يكون نظرته الخاصه على ماحدث فعلا وعلينا ان نعرف ماقاله وسجله العدو حول مفاصل تاريخيه مهمه ونحاول ان نفندها بما نملك من ادله ولهذا السبب ارتأيت ان اطلع القراء على ماسجلته اسرائيل حول صراعها معنا نحن العرب والغرض هو اطلاعنا عليه وتفنيده وليس بالضروره تصديقه او الاخذ به فالعدو وبلاشك سيحاول ان يضخم انجازاته وان ينسب لنفسه بطولات ليست بالضروره ان تكون قد حدثت موضوع اليوم يتحدث عن دور الاستخبارات الاسرائيليه عشية حرب اكتوبر 1973 " وتسمى اسرائيليا بحرب يوم كيبور "
--------- كانت حرب يوم كيبور عام 1973 مفاجأه مريعه لاسرائيل حيث تعرض امن اسرائيل بل ووجودها الى خطر كبير ولكن بنهايه الحرب تمكنت اسرائيل من ان تقلب الطاوله على اعدائها واضحت القاهره ودمشق تحت التهديد ولكن الانجاز الاسرائيلي لايقلل حجم الصدمه التي شعر بها الشعب الاسرائيلي بعد انتهاء الحرب السؤال الكبير الذي طرح هو : كيف لهذه الكارثه ان تحدث ؟
كانت اسرائيل دوله " لاتقهر " في اذهان ونفسيات قادتها العسكريين والسياسيين لكن هذا الشعوربالثقه اختفى بعد انتهاء حرب يوم كيبور وتم وضع معظم اللوم على اكتاف الاستخبارات الاسرائيليه حيث تم لوم اجهزه الاستخبارات الاسرائيليه لعدم تحديدها لوقت الهجوم " المصري-السوري " على الرغم من المعلومات الواضحه والتي كانت تقول ان مصر وسوريا يعدان للحرب وانها ستبدأ في 6 اكتوبر 1973
وبعد حرب 1967 وسعت اسرائيل من ارضها كثيرا باحتلال الضفه الغربيه وقطاع غزه ومرتفعات الجولان وشبه جزيره سيناء وقامت اسرائيل بنشر محطات التصنت الالكتروني والانذار المبكر على طول وادي الاردن على الحدود مع الاردن وفي جبل حرمون في الجولان لمراقبه سوريا وعلى الضفه الشرقيه لقناة السويس لمراقبة مصر
واعتبارا من العام 1969 استعملت اسرائيل الطائرات المسيره " الدرون " لتصوير القطعات العسكريه المصريه والسوريه ولاحقا الاردنيه وفي يوليو 1969 بدأ سلاح الجو الاسرائيلي بالقيام بقصف في العمق المصري في وادي النيل ردا على اعلان مصر لحرب الاستنزاف ضد اسرائيل
ونتيجه للهجمات الجويه الاسرائيليه , طلب الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر مساعده السوفييت للدفاع عن الاجواء المصريه ولم يتأخر السوفييت حيث ارسلوا بطاريات صواريخ " ارض-جو " من نوع سام ومن ضمنها الاحدث SAM-3 مع طواقمها السوفييتيه وارسلوا ايضا اسرابا من مقاتلات Mig-21 مع طياريها السوفييت واطقم ارضيه سوفييتيه ايضا
وقد استخدم السوفييت مقاتلاتهم نوع Mig-21 من اجل حماية القوات المصريه على طول قناة السويس ولتغطيه تحريك بطاريات سام للدفاع الجوي بالتدريج الى قرب قناه السويس وفي البدايه تجنب سلاح الجو الاسرائيلي الاشتباك مع المقاتلات السوفييتيه ولكن لاحقا اضطر سلاح الجوالاسرائيلي في يوليو 1970 الى الاشتباك واسقاط 4-5 مقاتلات Mig-21 سوفييتيه في قتال جوي تلاحمي Dog Fight فوق قناة السويس
وبسبب تدخل السوفييت بعمق في الدفاع عن مصر وحتى الى درجه الاشتباك المباشر مع الاسرائيليين فقد تحركت الولايات المتحده لانقاذ الامر وبدأت المفاوضات وتم طرح موضوع وقف اطلاق النار بناءا على خطه روجرز والتي دخلت حيز التنفيذ في 7 اغسطس 1970 وخطه روجرز تنص على وقف اطلاق النار وايقاف الانتشار للطرفين المصري والاسرائيلي لكن المصريون لم يلتزموا به فقاموا في اليوم التالي لدخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ بدفع بطاريات صواريخ للدفاع الجوي السوفييتيه الصنع الى قرب ضفه قناه السويس وقد افترض المصريون والسوفييت بأن اسرائيل لن ترد بسبب سريان وقف اطلاق النار وكان افتراضهم صحيحا , اسرائيل لم تفعل شيئا !! وهذا الخطا سيظهر اثره بعد ثلاثه سنين عندما قامت هذه البطاريات المصريه باسقاط مقاتلات سلاح الجو الاسرائيلي في الايام الاولى لحرب يوم كيبور على طول قناه السويس
وماقامت به اسرائيل انذاك في صيف 1970 كان الشكوى لواشنطن بان مصر خرقت وقف اطلاق النار ولكن Ray Cline وهو مدير استخبارات وزاره الخارجيه الامريكيه اخبر البيت الابيض بان الشكوى الاسرائيليه لا اساس لها وردا على هذا قام السفير الاسرائيلي في واشنطن انذاك اسحاق رابين باخبار ملحقه العسكري انذاك وهو الجنرال ايلي زعيرا بما حدث , فقام ايلي زعيرا مباشره بالاتصال بتل ابيب وطلب ارسال صور جويه للمواقع المصريه تظهر الانتشار العسكري المصري الاخير وعندما وصلت هذه الصور الى واشنطن قدمها ايلي زعيرا الى البيت الابيض وعرضها مباشره على الرئيس الامريكي السابق ريتشارد نيكسون انذاك شعر نيكسون بالغضب من Ray Cline وامر البنتاغون برفع حظرها عن تصدير الكثير من فئات الاسلحه الى اسرائيل والتي كان البنتاغون يعارض تصديرها لاسرائيل سابقا
وفي اواسط عام 1973 كانت الاستخبارات الاسرائيليه واعيه تماما بخطط العرب للحرب وكان الاسرائيليون يعلمون جيدا بان الجيشين المصريين الثاني والثالث سيعبران قناه السويس ويتوغلان الى عمق 10 كم في الجانب الاسرائيلي من قناه السويس " الضفه الشرقيه " وان الهجوم الاولي سيكون بقوات المشاه المصريه ثم تقوم بعدها الفرق المدرعه المصريه بعبور قناه السويس واسئناف الهجوم الى ممرات متلا والجدي " وهي ممرات استراتيجيه لعبور اي جيش في سيناء " كما ستقوم القوات البحريه المصريه وقوات المظليين بمحاوله الاستيلاء على شرم الشيخ الواقعه في اقصى جنوب شبه جزيره سيناء وكان جهاز امان " الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " على علم تام بخطط سوريا للحرب
ولكن المحللين الاسرائيليون كانوا يعتقدون بان العرب لايفكرون جديا بالحرب , وعلى الرغم من كل الاشارات التي توضحت بان العرب يهيؤن انفسهم للحرب استمر رأي المحللين الاسرائيليين الى ان وقعت الحرب ويرتفع السؤال : لماذا حدث هذا ؟
في نهاية عقد الستينيات وبدايه عقد السبعينيات انتشر مبدأ في اسرائيل بان العرب غير قادرين على الدخول في حرب مع اسرائيل فقد جاء الانتصار الاسرائيلي الساحق على العرب في حرب 1967 ليرفع ثقه الاسرائيليين بأن العرب غير قادرين على خوض حرب ضد اسرائيل لوقت طويل بعد هزيمتهم وحتى عندما ظهرت النيات العربيه الهجوميه فقد رفض المحللين الاسرائيلين الاعتقاد بان العرب سيبدأون الحرب قريبا
وكان جزء من سبب التهاون العسكري الاسرائيلي عشيه الحرب هو الخداع السياسي والعسكري الذي مارسه العرب حيث قام الرئيس المصري السابق انور السادات " والذي تسلم الحكم عام 1970 بعد وفاه عبد الناصر " بالكلام مرارا وتكرارا عن نيته الهجوم على اسرائيل فقد قال عام 1971 بان هذه السنه " 1971 " ستكون عام الحسم ومرت هذه السنه بدون هجوم مصري وفي عام 1972 استمرانور السادات بالتهديد علانيه ومرارا بانه سيهاجم , ومر عام 1972 بدون هجوم مصري على اسرائيل وفي عام 1973 كان انور السادات بالنسبه للاسرائيليين مثل " الذئب الصائح crying wolf " ........" كما ورد في النص "
وفي شهري سبتمبر واكتوبر 1973 وعندما بدات مصر فعليا بالتحضير للحرب كان الاعتقاد في اسرائيل لايزال ان مصر لن تدخل الحرب بسبب الاشعارات الكاذبه في السنوات الماضيه وبدا الوزراء المصريون بعقد مباحثات مع الحكومات الغربيه في معظم عام 1973 ليعبروا عن رغبه مصر بالسلام مع اسرائيل
اما الخداع العسكري المصري فقد كان اكثر فاعليه , فقد تم السماح لطلاب الكليات العسكريه المصريه باستئناف دراستهم ابتداءا من 9 اكتوبر 1973 كما تم السماح للضباط المصريين بالذهاب الى الحج في مكه كما قالت الصحافه المصريه يوم 4 اكتوبر 1973 بان 20 الف عسكري مصري من الاحتياط سيتم تسريحهم كما قام مصر صباح يوم 6 اكتوبر 1973 بنشر مفارز خاصه على طول الضفه الغربيه لقناه السويس وكان جنود هذه المفارز يقومون بالمشي بدون خوذ او قمصان او السباحه في مياه القناه او صيد السمك او اكل البرتقال !! " للايحاء بالاسترخاء العسكري "
وقد وصلت كل هذه التقارير الى امان " الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " وقد خدعوا بها تماما
وقد كان المصريون والسوريون حذرين جيدا فيما يتعلق بمن سيعلم بوقت بدأ الحرب في 6 اكتوبر 1973 قبل نشوبها ففي مصر لم يعلم بمواعد الحرب " قبل 1 اكتوبر 1973 " الا الرئيس المصري انور السادات ووزير دفاعه اسماعيل علي " المقصود المشير احمد اسماعيل علي " اما في سوريا فعلم بموعد الحرب مجموعه من الافراد لايزيدون عن عشره اشخاص " وهم الرئيس حافظ الاسد ووزير دفاعه ورئيس هيئه الاركان وقائد القوه الجويه وقائد الدفاع الجوي وقائد العمليات وقائد الاستخبارات "
وتم اعلام قاده الجيوش المصريه والفرق وضباط هيئه الاركان المصريه بموعد الحرب في 1 اكتوبر 1973 في اجتماع للمجلس الاعلى للقوات المسلحه المصريه وقد علم نظراؤهم السوريون بموعد الحرب بنفس اليوم وباجتماع مماثل اما قاده الالويه والكتائب فقد علموا بموعد الحرب يوم 5 اكتوبر 1973 اما باقي الضباط والجنود " المصريين والسوريين " فقد علموا بموعد نشوب الحرب قبل ساعه او ساعتين من نشوبها !
كما خشي المصريون والسوريون من اعتراض اسرائيل للرسائل المتبادله بينهما لذلك تجنب الاثنان التراسل بواسطه التلفون والراديو والكوابل
وقد قامت سوريا بعمليات خداع ايضا لكن الى مدى اقل من مصر فمثلا اذاعت دمشق يوم 4 اكتوبر 1973 بان الرئيس السوري حافظ الاسد سيقوم بزياره للمحافظات السوريه الشرقيه في زياره تستمر لتسعه ايام تبدا في 10 اكتوبر 1973
وعند انشغال المصريين في خداع اسرائيل فأنهم وضعوا في ذهنهم ان من الصعب خداع الاستخبارات الاسرائيليه , وكان تقدير المصريين ان الاستخبارات الاسرائيليه سيكون لها القدره على كشف توقيت الهجوم في فتره من 3-15 يوما قبل موعد الحرب , كما توقع المصريين ان القوات الاسرائيليه ستبدأ بالهجوم المعاكس بعد 6-8 ساعات فقط من بداية الهجوم المصري واكثر سيناريو تفاؤلا كان يقول ان اسرائيل سترد بهجوم معاكس خلال اول 24 ساعه من بدايه الحرب واتضح ان المصريين كانوا مخطئين في تقديراتهم فالاسرائيليون كانوا بطيئن وابطأ مما ظن المصريون والهجوم المعاكس الاسرائيلي لم يبدأ الا بعد مرور يومين كاملين على بدأ الحرب
وتاريخ بدأ الحرب في 6 اكتوبر 1973 تم اختياره من قبل المصريين والسوريين في 12 سبتمبر 1973 وربما في وقت متأخر " حوالي 1-2 اكتوبر 1973 " اما توقيت ساعه الهجوم وهو الساعه الثانيه ظهرا فلم يتم اختياره الا يوم 3 اكتوبر 1973 حيث كان السوريون يفضلون الهجوم فجرا عندما تكون الشمس في ظهرهم وكان المصريون يفضلون الهجوم عند المغيب لنفس السبب لذلك تم اختيار ساعه بدأ الحرب في وقت وسط " الظهر "
في حوالي شهر ابريل او مايو 1973 , اي قبل 6 شهور من بدأ الهجوم المصري-السوري المشترك على سيناء والجولان , كانت الاستخبارات الاسرائيليه تلتقط اشارات واضحه حول نيه مصر الدخول في الحرب حيث تم تحديد ان الرئيس المصري يملك الفرق العسكريه اللازمه لعبور قناة السويس ويملك الجسور اللازمه لعبور هذه القوات ويملك منظومات دفاع جوي " سام " لحماية القوات المصريه العابره من الغارات الجويه الاسرائيليه
وكان الجنرال ايلي زعيرا وهو مدير الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " امان " هو اكثر مسؤول كان يقول ان خطر الحرب كان ضئيلا وكان رئيس الموساد تسفي زامير اقل شكا في النوايا العربيه كما هو حال وزير الدفاع موشيه دايان ورئيس الاركان دايفيد اليعازر
وقد مر شهري ابريل ومايو 1973 بدون احداث باستثناء تعبئه جزئيه لقوات الاحتياط وقد كان الامر مكلفا اقتصاديا
وفي اغسطس 1973 قامت سوريا بنشر اعداد كبيره من القوات والاسلحه على طول الحدود مع مرتفعات الجولان مسنوده بشبكه متينه من منظومات الدفاع الجوي وكان تقدير الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه لهذا الانتشار العسكري السوري بأنه انتشار لاغراض دفاعيه ولحمايه سوريا من الغارات الجويه الاسرائيليه ولم تهجم سوريا انذاك
وعلى مايبدو فأن تقديرات الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه بأن الحرب لن تقع كان صحيحا في ربيع وصيف عام 1973 لكن التقديرات الاسرائيليه بقيت نفسها في خريف 1973 مما ادى الى نتائج كارثيه
وفي تشابه غريب للاحداث .... في 7 ابريل 1967 , اي قبل شهرين من اندلاع حرب الايام السته , اسقطت اسرائيل 6 مقاتلات سوريه وبدون خسائر اسرائيليه في اشتباك جوي تلاحمي فوق مرتفعات الجولان اما في عام 1973 ... ففي 13 سبتمبر 1973 , اسقط سلاح الجو الاسرائيلي 12 مقاتله سوريه في مقابل خساره مقاتله اسرائيليه واحده فوق سوريا وتشابه هاتين الحالتين عزز الرأي العسكري القائل بأن اسرائيل لاتزال متفوقه جويا على العرب
وفي نفس الوقت لم يجرب سلاح الجو الاسرائيلي فعاليه منظومات الدفاع الجوي الصاروخيه العربيه على نطاق واسع
وبعد ايام من المعركه الجويه في 13 سبتمبر 1973 , كان تقدير ايلي زعيرا مدير الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه بأن العرب غير قادرين حتى على البدأ في حرب استنزاف قبل نهاية عام 1975 !!
وكان المصريين يغطون زياده تحشداتهم بغطاء القيام بتمارين عسكريه , في حين كانت التحشدات السوريه اكثر وضوحا ومثيره للقلق وحتى بعد المعركه الجويه مع السوريين في 13 سبتمبر قامت سوريا بزياده قواتها على حدود مرتفعات الجولان مع الغاء الاجازات للعسكريين واستدعاء الاحتياط ورفع حالة الانذار وقد اثارت التحركات العسكريه قلق القياده الشماليه للجيش الاسرائيلي لكن المبدأ الاسرائيلي الذي يقول ان سوريا لن تبدأ الحرب بدون مصر كان سائدا ولكون مصر حسب التقديرات الاسرائيليه لم تكن تخطط للدخول في الحرب فان التحركات السوريه ليست ذات طابع هجومي وقد استمر هذا التقدير الاسرائيلي سائدا حتى بعد ان ارسلت الاستخبارات الامريكيه تقييما الى اسرائيل في اواخر سبتمبر 1973 ينص على ان هجوما مشتركا مصري-سوري كان ممكنا وكان الرد الاسرائيلي على التقدير الامريكي بأنه لايوجد شئ يثير القلق !!
وبدون شك فأن الحشود العسكريه السوريه على حدود الجولان كانت مقلقه مما دعا الاسرائيليين لارسال تعزيزات من الجنود والدبابات الى الجولان ولكن هذه التعزيزات كانت بسيطه كانت غير كافيه لمسك الجولان بل كانت قادره فقط على منع السوريين من الدخول في شمال اسرائيل في اليوم الاول للقتال وحتى هذه التعزيزات الصغيره كان يجب ان يتم الموافقه عليها من السلطات العليا وكان رئيس الموساد تسيفي زامير يشعر بالقلق المتزايد من الحشود السوريه في حين ان ايلي زعيرا مدير الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه كان يقلل من شان هذه الحشود وفي محاوله منه لتحريك الموقف قدم رئيس الموساد تسفي زامير يوم 3 اكتوبر 1973 الى رئيسه وزراء اسرائيل غولدا مائير تقييمه للموقف وقلقه من الحشود السوريه فاجابت مائير بان عليه ان يكلم وزير الدفاع موشيه دايان وقد كلمه , لكن دايان يبدو انه كان متأثرا بتقديره الشخصي المتفائل بالموقف كما تأثر بالتقييم المتفائل لمدير الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه ورفيقه العسكري " ايلي زعيرا " وبالتالي كان تحرك ديان بطيئا تجاه استدعاء الاحتياط
وفي تقييم قامت به اسرائيل بعد حرب يوم كيبور حول اسباب فشل الاستخبارات الاسرائيليه , تبين بان باحثا واحدا في الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " امان " لم يجرفه المبدا الاسرائيلي القائل باستحاله قيام العرب ببدأ الحرب وكان هذا الباحث هو ضابط صغير يدعى الملازم بنيامين سيمانتوف حيث جادل سيمانتوف بان التحشدات العسكريه المصريه على طول قناه السويس ماهو الا تمويه لعبور واسع المدى لقناه السويس لكن تقييمات سيمانتوف والتي قدمت لرؤسائه في 1 اكتوبر 1973 تم تجاهلها وقدم سيمانتوف تقييما اكثر تفصيلا لمخاوفه الى رؤسائه مره اخرى يوم 3 اكتوبر 1973 وتم تجاهلها ايضا من المستويات العليا وبالطبع فأن موقع سيمانتوف الوظيفي الصغير ورتبته المتدنيه لم تسمحا له بممارسه اي تأثيرات على المستويات العليا من القياده في الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " امان "
في 4 اكتوبر 1973 زادت مخاوف مدير الموساد تسيفي زامير , ففي نفس اليوم بدأ المستشارين السوفييت وعوائلهم بمغادره مصر وسوريا وفي مساء يوم 4 اكتوبر 1973 اظهرت صور جويه اسرائيليه بان الحشود العسكريه المصريه والسوريه من المشاه والدبابات وبطاريات سام للدفاع الجوي باتت عاليه جدا واكثر من السابق وعندما اطلعت الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه " امان " على هذه الصور كان تأثيرها عليها كتأثير ضربه المطرقه كما يقول احد الباحثين في " امان " وفي يوم 5 اكتوبر 1973 هبطت طائره نقل عسكريه يبدو انها محمله بمعدات عسكريه في مطار دمشق ولم تتحرك اسرائيل
وكانت اكثر الجوانب اهتماما في فشل الاستخبارات الاسرائيليه هو ان رئيسه وزراء اسرائيل غولدا مائير تلقت يوم 25 سبتمبر 1973 " اي قبل 12 يوم من نشوب الحرب " تحذيرا شخصيا من الملك حسين عاهل الاردن بأن هجوما مصريا-سوريا على اسرائيل على وشك ان يبدا وكانت الاردن قد ارسلت قوات الى جبهه الجولان لاثبات تضامنها العربي في حين ابقت حدودها مع اسرائيل هادئه مما دعا اسرائيل الى الابقاء على 28 دبابه فقط لحمايه الحدود مع الاردن وتحشيد قواتها تجاه الخطرين المصري والسوري
في يوم 5 اكتوبر 1973 وفي الساعه 2:30 فجرا تلقى مدير الموساد تسيفي زامير اتصالا عن طريق الكوابل " تلغراف " من مصدر موثوق بأن الحرب باتت حتميه بدون ذكر يوم او ساعه نشوبها لكن الرساله كانت واضحه " الحرب باتت حتميه " المصدر الغامض الذي نقل المعلومه هذه تم وصفه بانه افضل عميل يمكن ان تحظى به اي دوله في وقت الحرب فهو عميل اعجوبه وكان اول من استلم رساله العميل هو مدير مكتب رئيس جهاز الموساد وقد قرأ الرساله وهضم محتواها ووصف الامر لاحقا بقوله : لم نمر بمثل هذا الموقف سابقا
وعلى الرغم من التحذير الذي وصل رئيس الموساد تسيفي زامير فانه لم يبلغ رئيسه الوزراء او وزير الدفاع او رئيس الاركان بمحتوى الرساله بل ابلغ رئيس المخابرات العسكريه الاسرائيليه " امان " ايلي زعيرا بمحتوى الرساله وان الحرب حتميه وقريبه كما قرر رئيس الموساد تسفي زامير ان يذهب بنفسه الى اوروبا للقاء العميل صاحب المعلومه في منتصف ليل 5-6 اكتوبر 1973 وسماع المعلومه منه مباشره وانتظر ايلي زعيرا مكالمه تسيفي زامير قبل ان يتخذ اي قرار
في الساعه 3:45 فجر يوم 6 اكتوبر 1973 اتصل زامير بايلي زاعيرا عن طريق خط تلفوني مفتوح " لم يتم الاتصال بخط مشفر بسبب غياب عامل الشفرات في احدى السفارات الاسرائيليه في اوروبا بسبب عطله يوم كيبور " وقال زامير لزعيرا بان الحرب ستنشب في نفس اليوم عند وقت الغروب وقد كشف البحث لاحقا تبين بان الرساله تم تشويهها لقاده اسرائيل العسكريين والسياسيين , فبدلا من القول ان الحرب ستبدا ظهرا او قبل الغروب فقد وصلت الرساله اليهم بصيغه الجزم " عند الغروب " وكان وقت الغروب يوم 6 اكتوبر 1973 هو في الساعه 5:20 P.M وقد تم تحديد الوقت عند الاسرائيليين بحوالي الساعه 6:00 P.M العميل الذي قابل زامير اكد بان الهجوم سيكون مصريا-سوريا مشتركا وعلى جبهتين
وعلى العموم فان الهجوم لم يبدا في الساعه 6:00 P.M بل بدا في الساعه 1:55 P.M وقد كانت اسرائيل غير مستعده ففي جبهه الجولان اندفعت 1400 دبابه سوريه مع 1000 مدفع ضد 177 دبابه اسرائيليه و 50 مدفع والحجم الضئيل للقوات الاسرائيليه هماك كان موجودا فقط بعد ان تم استدعاء جزئي لقوات الاحتياط وعلى جبهه سيناء فقد عبرت القوات المصريه قناه السويس وتغلبت بسهوله على الدفاعات الاسرائيليه واسست راس جسر بعمق 10 كم داخل سيناء
وقد خاضت القوات الاسرائيايه المعارك في الجولان بعناد وكانت على شفير الهزيمه يوم 6 اكتوبر 1973 , وفي مساء يوم 7 اكتوبر كانت القوات السوريه قد سيطرت على معظم مرتفعات الجولان وادى التقدم السريع للقوات السوريه الى تقربها من بحيره طبريا والمستوطنات الاسرائيليه في الجليل , لقد كان موقفا لاينسى
اما على جبهه سيناء فقد كان الطريق مفتوح امام القوات المصريه تجاه ممري المتلا والجدي قبل وصول الاحتياطيات الاسرائيليه
لقد كانت تقديرات الاستخبارات الاسرائيليه خاطئه تجاه صواريخ ساغر السوفييتيه الصنع والتي استعملها المصريون بنجاح ضد الدروع الاسرائيليه وكانت التقديرات الاسرائيليه خاطئه تجاه منظومات الدفاع الجوي المصريه والسوريه والتي ابدت بجاعتها ضد المقاتلات الاسرائيليه
وعلى الرغم من ان الاستخبارات الاسرائيليه استمرت باداء مهمامها في المعارك لكن يرجع الفضل في قلب الامور لمصلحه اسرائيل الى الشجاعه والاقدام للقيادتين الشماليه والجنوبيه للجيش الاسرائيلي فبعد يومين من بدا الهجوم السوري على الجولان استلمت القوات الاسرائيليه زمام المبادره وفعت القوات السوريه الى الخلف خلال اسبوع
وفي اواسط اكتوبر 1973 استلمت القوات الاسرائيليه زمام المبادره ودمرت الدروع المصريه وعبرت قناه السويس وهاجمت الدفاعات المصريه من الخلف وفي اواخر اكتوبر كانت دمشق والقاهره تحت خطر الزحف الاسرائيلي ولولا تهديد السوفييت وتدخل القوى العظمى لفرض وقف اطلاق النار لكانت اسرائيل قد دحرت المصريين والسوريين بشكل تام وصريح
وعلى الرغم من ان الامور انتهت الى مصلحه اسرائيل الا ان خطأ الاستخبارات الاسرائيليه كان لايغتفر فبعد الحرب فتحت تحقيقات وطرد الكثير من الموظفين من الاستخبارات الاسرائيليه وفي حرب غزو لبنان عام 1982 اظهرت الاستخبارات الاسرائيليه مستوى افضل مما ابدته عام 1973 مما مكن القوات الاسرائيليه من تدمير الدفاعات السوريه بشكل اسرع من ما كان عام 1973
------------ المصدر
عدل سابقا من قبل mi-17 في السبت 5 نوفمبر 2016 - 21:35 عدل 1 مرات |
|
منجاوي
لـــواء
الـبلد : المهنة : Physicist and Data Scientist المزاج : هادئ التسجيل : 04/05/2013 عدد المساهمات : 3659 معدل النشاط : 3247 التقييم : 329 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: من الارشيف الاسرائيلي لحرب اكتوبر 1973 .....دور الاستخبارات الاسرائيليه عشيه الحرب السبت 21 مايو 2016 - 22:36 | | | المقصود بجملة Crying Wolf هي راعي الغنم الذي كذب على قومه بقدوم الذئب حتى توفف الناس عن تصديقه |
|