السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمكن تقسيم الدول إلى ثلاثة تصنيفات أساسية: قوية، وهشة، وفاشلة.
الدول القوية تتمتع بسيادة كاملة على حدودها، وتُوفر لمواطنيها فرصًا سياسية جيدة. تحتل هذه الدول كذلك مركزًا متقدمًا في المؤشرات الاقتصادية والحقوقية، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي، ومؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، ومؤشر منظمة الشفافية الدولية، وتقرير الحريات العالمية من مؤسسة «فريدوم هاوس».
تحمي الدول القوية مواطنيها من العنف السياسي والجنائي، وتضمن الحريات المدنية والسياسية، وتوفر مناخًا مشجعًا للنمو الاقتصادي والاستثمار. يسود في هذه الدول حكم القانون؛ ويتمتع القضاء بالاستقلال؛ حالة البنية التحتية فيها جيدة؛ وتعمل الدولة على صيانة وجودة خدمة الطرق، والاتصالات، والمدارس، والمستشفيات. باختصار: الدول القوية هي أماكن يمكن العيش فيها بسلام ونظام.
لكن لا تتمتع كل الدول بهذه المواصفات؛ إليك المؤشرات الأساسية التي قد تعرف من خلالها إذا كنت تعيش في دولة هشة أو فاشلة، وفقًا لكتاب أصدرته مؤسسة «بروكنغز» البحثية الأمريكية:
الدول الفاشلة
1. تواجه قوات الدولة من الجيش والشرطة انتفاضات مسلحة تقودها حركة معارضة أو أكثر. ويقترن هذا العنف بظهور أكثر من مجموعة انفصالية، أو تنوعات للاضطرابات بين المدنيين، وأسباب عديدة للغضب في المجتمع، ومعارضة من أطياف مختلفة للحكومة القائمة.
لا يتوقف الأمر عند وصف الدولة بالفاشلة على شدة العنف المُوجه ضدها، بل على قدرته على الاستمرار في القتال ضد أجهزة الدولة، مثل الحركات المسلحة في بوروندي، وأنجولا، والسودان. وما يجعل المواجهة المسلحة لقوات الدولة شرعيةً في نظر الحركات المعارضة هو اقتران العنف ضد الدولة بمطالب سياسية وجغرافية سواء بالانفصال أو الحكم الذاتي.
2. حروب أهلية لأسباب عرقية، أو دينية، أو اجتماعية:
يشعل الخوف من الآخر حربًا من جانب نظام الحكم على المجموعات والأعراق المغضوب عليها. وتزداد شدة هذه الحرب إذا اقترنت بالطمع في ثروات طبيعية مكتشفة مثل البترول، والماس، والمعادن الأخرى.
3. لا تستطيع الدول الفاشلة حماية حدودها؛ وتفقد السيطرة على أجزاء من أراضيها:
في الحقيقة، عادةً ما تمارس الدول الفاشلة سلطتها فقط في العاصمة، وأجزاء أخرى من الدولة تسكنها مجموعات عرقية معروفة بولائها للسلطة. يمكننا كذلك قياس مدى فشل أجهزة الدولة عن طريق المساحة التي تفرض فيها سلطتها داخل البلد.
4. تعادي الدولة الفاشلة جزءًا من أقاليمها:
تفرض الدول الفاشلة قمعًا شديدًا على أقاليم بعينها بدوافع عرقية أو اجتماعية، أو بدافع إحساس النخبة الحاكمة بالخطر. كما تمارس ضغوطًا على أغلبية المواطنين، وتُحابي قلةً منهم ليكونوا مجموعة حاكمة صغيرة ومترابطة.
5. ازدياد العنف الجنائي:
تمارس الدولة الفاشلة ذاتها جريمة منظمة ضد مواطنيها؛ لذا ترتفع معدلات العنف الجنائي، والخروج على القانون؛ ويصيب الشلل أجهزة الشرطة في مواجهة العصابات المسلحة.
6. لا تقدم الدولة خدمات ملائمة:
إذا كان الأمن – وهو الخدمة الأساسية التي يجب أن توفرها الدولة- غائبًا؛ فلا عجب ألا تستطيع الدولة الفاشلة تقديم خدمات صحية أو تعليمية أو قانونية ملائمة لمعيشة مواطنيها اليومية.
7. مؤسسات الدولة ضعيفة ومعطوبة:
لا تتمتع الدول الفاشلة بمؤسسات محددة الأدوار. يكون الجيش هو المؤسسة الوحيدة المحتفظة بقدر ما من التماسك، لكن المؤسسات التنفيذية لا تمارس مهامها؛ والمؤسسات القضائية – إن وُجدت – لا تتمتع بالكفاءة ولا الاستقلال.
8. بنية تحتية مدمرة:
الدول الفاشلة لا تقدم خدمات الطرق والمواصلات، والاتصالات، والصرف الصحي، والكهرباء، والمياه بشكل ملائم أو حتى منتظم. تتخلص الدولة من عبء إدارة المستشفيات والمدارس وتعطيها للقطاع الخاص دون رقابة أو مساءلة؛ فتتدهور أكثر؛ ويضرب الفساد جميع المرافق الحيوية.
9. الفساد:
يوجد قدر من الفساد المالي والإداري في كافة الدول، لكن الدول الفاشلة تعتمد على الفساد في إدارة أمورها اليومية في جميع المؤسسات.
10. مؤشرات ضعيفة للناتج المحلي ونصيب الفرد منه، وارتفاع التضخم بشكل صارخ، وفقدان السيطرة على العملة المحلية والقطاع المالي.
الدول الضعيفة
على المؤشرات السابقة نفسها، تتحقق في الدول الهشة أو الضعيفة بعض ملامح الدول الفاشلة، بينما تؤدي هذه الدول في أمور أخرى بشكل جيد. قد تكون البنية التحتية مدمرة، والخدمات ضعيفة وغير ملائمة، لكن الدولة لم تفقد السيطرة على حدودها، أو تشتعل فيها حرب أهلية أو عرقية شاملة.
لكن الدول الهشة تتسم ببعض الملامح:
1. ضعف مزمن في بنية الدولة لأسباب جغرافية أو اقتصادية، أو دولة قوية تمر بمرحلة ضعف بسبب أخطاء إدارية، أو استبداد، أو فساد وطمع من النخب الحاكمة، أو عدوان خارجي.
2. تشهد الدول الضعيفة توترات طائفية، أو عرقية، سياسية عميقة لم تتحوَّل بعد إلى حرب أهلية.
3. البنية التحتية ضعيفة ومتدهورة:
يضرب الإهمال والفساد المرافق الحيوية، مثل: التعليم، والصحة، والكهرباء والطاقة، والمواصلات العامة، والاتصالات. قد تكون هذه الخدمات جيدة في المدن الكبرى، لكن الأقاليم البعيدة عن المركز والمناطق الريفية لا تتمتع بخدمات ملائمة.
4. حكم القانون يكون شكليًّا فقط:
تدعم الدولة حكم القانون بالقول لا بالفعل. فمؤسسات الدولة تعادي المجتمع المدني؛ ويقوم نظام الحكم على الاستبداد، سواء كان نظام الانتخابات ديمقراطيًّا أو لا.
5. حكم الفرد:
تقع العديد من الدول ذات المظهر القوي في تصنيف الدول الضعيفة بسبب حكم الفرد، والتدهور المستمر للخدمات، والفرص السياسية المتاحة للمواطنين. تتمتع الدولة بسيادة على أراضيها، وقد تكون الأوضاع الاقتصادية فيها جيدة لفئة من المواطنين، لكنها تُعد دولة ضعيفة لقمعها المستمر للمعارضة، وإغلاق المجال السياسي، وإهمال فئات واسعة من المواطنين في الاحتياجات الأساسية مثل الطعام، والماء، والصحة.
لن احدد لك اخي المشارك مرتكزات الحوار بل ساترك الامر لمجريات النقاش.
انما يرتبط كل ماسبق بشكل اساسي بالجيش، ومن ثم النزاع المسلح، ويتجسد هذا في عالمنا العربي بابلغ صورة ان غضينا الطرف عن واقع افريقيا بشكل عام.
فهنا نجد شبهة تناقض فبجانب الجيش يؤمن الحدود ويحمي الدستور، وبجهة اخري سيطرته بشكل مفرط تحل اركان الدولة، فكم من دولة حكمها العسكر نزلوا بها للحضيض، وكم من دولة سيطرت عليها الهواجس العسكرية فتسببت في اختلال في ميزان الدولة الاقتصادي، وكم من دولة اخري تجيش جيشها بقوة مما اخل بالتوازن الاقليمي فتسبب في سباق تسليح للدول المحيطة وحول بنية الدولة لمنهج صرفي بحت علي حساب المجالات الاخرى.
مرد ذلك يعود الي ان غالبية حكومات الدول تسعي لكسب ود المنظومة العسكرية لتأمين كراسيهم، مما يتيح المجال للمنظومة العسكرية بالسيطرة تدريجيا علي مقاليد الامور، حتي وان كانت علي حساب الميزانية الضخمة المرصودة قياسا بالميزانيات المرصودة للتعليم والبحث العلمي والبني التحتية ومشاريع تنمية البلد، بل حتي وان انبثقت من وسط كل هذه الفوضي صناعة او تنمية اقتصادية سنجدها توظف بشكل او باخري للجيش، وفي الاغلب تكون صناعات عسكرية بحته.
هذا الامر ليس حكرا علي الدول العربية فقط بل يتجلي في الدول المتقدمة بشكل بليغ وان انعكست الصورة هنالك قليلا. فلدينا الجيش راس الهرم تحته السلطة وفي المزيلة الوطن والمواطن، ولديهم في راس الهرم راس المال الذي يستخدم الجيش كاداة لزيادة الطلب حيناً وزيادة العرض فينة اخري، ثم تاتي السلطة وبعدها الوطن والمواطن.
عليه يتفق الاثنان ان في اسفل الترتيب السلطة والوطن والمواطن، ويختلف الترتيب فقط ما بين راس المال والجيش.
فبمنظور مجرد اخر سنجد الجيش عبارة عن منظومة تشكل اداة اقتصادية فعالة في يد من يحركها، سواء اكان من ضمن المنظومة العسكرية ام من خارجها (راس المال).
الموضوع كبير والتداخلات لا تنتهي وسأكفتي بهذا القدر الان مع املي في ان يدار حوار بشكل عقلاني منطقي بعيدا عن العاطفة والتوترات الحزبية والانتماءات وان يحسن الاخوة الظن في حديث البقية دون اشارات خفية او معاني عرقية او مذهبية.
ولكم الشكر والتقدير
ويبقي الامر الله اعلم