الذهب في الجزائر.. بين تضخم الأسعار وتقييد الاستيراد
تشهد أسواق الذهب في الجزائر منذ عام ركودا غير مسبوق، والسبب في ذلك تراجع قيمة العملة المحلية، وتجميد منح رخص استيراد الذهب، مع توجه حرفة صياغة الذهب المحلية نحو الانقراض.
ومنذ مطلع العام الجاري شهدت أسعار الذهب في مختلف المناطق الجزائرية ارتفاعا كبيرا تجاوزت نسبته 30%، حيث ارتفع سعر الغرام الواحد من الذهب المستورد ليصل عتبة التسعة آلاف دينار جزائري (نحو 82 دولارا).
وبلغ سعر الذهب المحلي ستة آلاف دينار جزائري (نحو 55 دولارا)، في حين وصل سعر الذهب المستعمل إلى حدود 4500 دينار (41 دولارا) بنسبة تتجاوز 35%.
ويشدد خبراء على أن الإجراءات الحكومية الجديدة الخاصة بمنح رخص استيراد الذهب والتي صدرت أوائل العام الماضي على وقع التقشف تسببت في جمود تام لعمليات الاستيراد.
شروط الاستيراد
ويوضح الخبراء أن دفتر الشروط يتضمن شروطا تعجيزية للمستوردين، وهو ما أثر بشكل مباشر على الأسعار، وتسبب في حالة ركود كبيرة بالأسواق.
ويتضمن دفتر الشروط الذي صدر في فبراير/شباط 2016 بهدف وقف الفوضى التي يشهدها هذا القطاع شروطا يعتبرها مستوردو الذهب مجحفة وتعجيزية.
ويشيرون مثلا إلى المادة الـ24 التي تجبر مستورد الذهب على تقديم شهادة تثبت ممارسته للمهنة لمدة تزيد على 15 عاما في مجال تحويل وتكرير الذهب والفضة والبلاتين، وشهادة الجودة العالمية (أيزو) بهدف ضمان جودة المصنوعات الفاخرة المعدة للبيع.
كما يشترط أن تفوق قيمة الذهب المستورد بمرتين الذهب المصنوع محليا، ولا يمنح الاعتماد إلا للشخص الذي يمتلك رأسمال يتجاوز 1.8 مليون دولار خلال تقديمه طلب إنشاء الشركة.
كما تلزم المادة الـ24 المستوردين بالتصريح الإجباري عن هويات وعناوين الزبائن مع أرقام بطاقات هوياتهم الشخصية.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة البليدة فارس مسدور أن "أسعار الذهب تأثرت فعلا بإغلاق باب الاستيراد"، لكنه يوضح للجزيرة نت أن ثمة أسبابا أخرى لذلك، خاصة أن باب الاستيراد يقول "لم يغلق حصرا على تجارة الذهب، وإنما على كثير من التجارات الأخرى".
كما أن سعر الذهب في الأسواق العالمية "لم يرتفع بل شهد تحسنا مقارنة بالسنوات الأخيرة" حسب تقييم مسدور.
انهيار الدينار
ويرى الأستاذ الجزائري أن "السبب المباشر هو التضخم الذي مس الجزائر في كل القطاعات بسبب انهيار قيمة الدينار المحلي لمستويات غير مسبوقة، حيث قام البنك الجزائري خلال العامين الأخيرين بخفض إرادي للعملة المحلية لعدة مرات".
ويؤكد مسدور أن الإشكال يتعلق بالمضاربات على العملة المحلية وعلى أسعار الذهب في سوق يقول إنها "غير منظمة، وخاضعة للممارسات الاحتكارية والمضاربات غير السوية بين التجار، خاصة في السوق السوداء".
ورغم تأثير تجميد الاستيراد فإن مسدور اعتبر أن هذه الخطوة قد تساهم في إنشاء شراكات مع دول أخرى، وقد تساهم أيضا في إحياء حرفة صياغة الذهب التي تتجه نحو الانقراض ببلاده.
من ناحية أخرى، يرى ممثل تجار الذهب والمجوهرات في الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين أكرم عبد الصمد أن تجارة الذهب في الجزائر تشهد ركودا غير مسبوق، والسبب برأيه ليس ارتفاع الأسعار فقط، بل الأمر يتعلق أيضا بحدوث تغير في عادات وتقاليد العائلات الجزائرية.
ويوضح عبد الصمد في حديثه للجزيرة نت أن الشخص المقبل على الزواج أصبح يخير زوجته بين شراء طاقم الذهب وبين الذهاب في عطلة شهر العسل، وأغلبية النساء يخترن الثاني.
وفي الوقت الذي رحب فيه عبد الصمد بتجميد عمليات الاستيراد فإنه حذر من توجه حرفة صياغة الذهب في بلاده نحو الانقراض لعزوف الشباب عن تعلم الحرفة.
وطالب السلطات الجزائرية بتنظيم معرض مع السلطات الإيطالية لتمكين الحرفيين الجزائريين من الاطلاع على أحدث التقنيات المتبعة عالميا في هذه الصناعة، للخروج بها من الطرق والممارسات التقليدية المتبعة حاليا، مما يسمح لهم بمنافسة المنتج الأجنبي بكل قوة.
http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2017/3/30/%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B6%D8%AE%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%82%D9%8A%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AF