تعتمد إستراتيجية الطيران الخاصة بإسرائيل على مدى قوة علاقتها بالولايات المتحدة، ويعد هذا الأمر صحيحًا من ناحية وجود المنصات، أو التطوير الجاري للتكنولوجيا المشتركة فيما بينهم. ولحسن حظ إسرائيل، لا يوجد أي سبب حقيقي يمكن من خلاله تصديق إمكانية ضعف التحالف الأمريكي الإسرائيلي قريبًا.
هكذا ختم روبرت فارلي، المحاضر في كلية باترسون للدبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كنتاكي، مقاله عن القدرات العسكرية لسلاح الطيران الإسرائيلي، والذي بدأه بعرض خلفية تاريخية عن السلاح، الذي أصبح ذا دورًا مركزيًا في الدفاع عن الكيان الجديد منذ الستينيات، فأثبت كفاءة إستراتيجية وقدرة على الوصول إلى أهداف حيوية بعيدة، بجانب قدرته على تأمين المعارك وحماية السكان المدنيين من الهجمات الجوية لأعدائه.
ويشير فارلي إلى أن قوات الطيران الإسرائيلية استطاعت الوصول إلى هذه المرتبة من خلال التدريب الفعال، وضعف خصومها، والمرونة في التصميم والشراء. وأنه عبر سنوات مزجت إسرائيل بين الشراء من فرنسا والولايات المتحدة، وبين بناء الطائرات بنفسها لزيادة عدد مقاتلاتها، واستقرت في النهاية على الخلط بين الشراء من شريكها الأساسي: الولايات المتحدة، وبين الصناعة المحلية.
قاعدة إسرائيل التقنية
قام فارلي بعد ذلك بسرد تاريخ توريد المقاتلات لإسرائيل، حيث اعتمدت في بداية تأسيسها على كل السبل المتاحة، ثم زادت وارداتها من الدول الأوروبية وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا، حتى استقرت على فرنسا وتطورت علاقتها بها بشكل واضح، فأمدتها بطائرات الميراج التي مثّلت كلمة السر في انتصار إسرائيل في يونيو / حزيران 1967، وكان لفرنسا أيضًا مساهمة تقنية بارزة في المشروع النووي الإسرائيلي.
ولكن لم تستمر العلاقات بسبب الحظر الذي فرضته فرنسا في نفس العام، مما دفع إسرائيل إلى البحث عن طريق جديد، فلجأت ببساطة إلى سرقة ما تريد، وبالفعل استطاعت الحصول على المخططات التقنية الأساسية للميراج، وأنشأت مشروع «صناعات إسرائيل الجوية IAI» الذي أنتج مقاتلتي نيشر Nesher وكفير Kfir. واستطاعت كلا الطائرتين تحقيق نجاح فعلي، وتم تصديرهما إلى العديد من الدول، من بينها الأرجنتين وكولومبيا والإكوادور وسريلانكا، وكان نجاح الاستثمار الحكومي في هذا المجال دليلًا على إمكانية اعتماد إسرائيل على نفسها في هذه الصناعة.
ومع هذا النجاح، الذي ظل آسرًا للعديدين ورافعًا من طموحاتهم في تطوير سلاح الطيران الإسرائيلي محليًا، استمرت إسرائيل في استيراد الطائرات الأمريكية F4 وF15، وكذلك F16. ولكنها استمرت في التطوير معتمدةً سياسة المزج بين المقاتلات عالية ومنخفضة التقنية. فأنتجت طائرات اللافي Lavi كي تعمل كمكملة لـ F15.
ولكن يشير فارلي إلى أن الأمر لم يكن سهلًا على إسرائيل أن تقوم بتصدير طائرات اللافي كما فعلت مع سابقاتها، بسبب قيود التصدير التي تفرضها الولايات المتحدة، حيث أنها لن تقبل بتصدير مقاتلات شبيهة بالـ F16، ومليئة بقطع أمريكية مهمة، مما دفع الكنيست الإسرائيلي إلى القضاء على مشروع اللافي مُشعلًا بذلك موجة من التظاهرات العمالية المرتبطة به، والتي باءت بالفشل دون تغيير القرار.
البدائل
وفي جزء أخير يتحدث فيه فارلي عن بدائل إسرائيل في تطوير سلاحها الجوي، حيث لجأت إلى التعديل بشكل مكثف على التقنيات التي تستوردها من الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، أصبحت طائرات F-15 I المعدلة إسرائيليًا أكثر المقاتلات الإسرائيلية أهمية في المعارك ذات المدى الطويل، حيث زادت من نطاقها وقدراتها الإلكترونية. وعلى الرغم من عدم وجود مشروع أساسي لمؤسسة الصناعات الجوية IAI إلا أنها استطاعت تحقيق نجاح كبير، حيث عكفت على تطوير القطع والذخائر وتصديرها.
وأشار الكاتب في ختام مقالته أنه حتى لو حدث المستحيل وتأثرت علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، فإن كفاءة إسرائيل في تطوير القطع وأنظمة التسليح التي اكتسبتها عبر عقود، لن تُعجزها عن الحصول على شريك قوي أخر.
الكاتب : روبرت فارلي
المحاضر في كلية باترسون للدبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كنتاكي
المصدر