إزالة الألغام عمل ٌيتسم بالخطورة ويتطلب تدريبا خاصا وإرادة فولاذية وأعصابً من حديد. لعل هذه الأسباب تفسّر اقتصار العمل ضمن هذا المضمار على الرجال. بيد أن كل ذلك لم يثن حنان ورفيقاتها من قرى محافظة المفرق الأردنية الشمالية على مشاركة الرجال في هذه العملية.
صوت ينذر بخطر داهم تطلقه كاشفة الألغام عند تحسسها أي جسم معدني. قد يكون لغما ما زال مختبئا في جوف هذا الحقل على الحدود السورية الأردنية مذكرا بتوترات سياسية شابت العلاقات بين الجارين الشقيقين خلال عقد السبعينات.
تشارك السيدة حنان في إزالة آثار تلك المرحلة، وقد انخرطت في أول فريق نسائي لإزالة ألغام في الشرق الأوسط شكلته جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، في إطار تعاونها مع الهيئة الوطنية لإزالة الألغام في الأردن، وصولاً إلى تنفيذ تعهدات البلاد بحسب إتفاقية أوتاوا لإزالة الألغام المضادة للأفراد.
حنان هي أم لثلاث أطفال أصغرهم لا يتجاوز سنة ونصف السنة من العمر. وقبل انخراطها في فريق الإزالة عملت حنان خياطة لثماني سنوات وهي تفتخر بعملها الجديد الذي يهابه الرجال، فما بالك بالنساء؟ وتقول إنه يؤمن لها موردا اقتصاديا متميزا يفوق مردوده ما تدره مهنة الخياطة بأضعاف.
رغم أنياب الفقر يبقى اتخاذ قرار بالانضمام إلى فريق الإزالة صعبا، فالخطر كبير. ولا مجال للخطأ.
يقال إن الخطأ الأول لعنصر الإزالة هو الخطأ الأخير.
وفي هذه الظروف قامت حنان بإقناعِ زوجِها وعائلتِها بالانخراط في العمل الجديد وخضعت لدورة تدريبية في أعمال الإزالة أقامتها الجمعيةُ النرويجية لتنضم بعدها الى رفيقاتِها في الفريق، وتمارس معهنّ هذا العمل الصعب والخطير بكفاءة يقر بها الرجال.
ليس من السهل في بيئة ريفية تتسم بالبساطة والمحافظة أن تخوض المرأة في مجال كهذا. وفي البداية لم يلق قرارها تفهما في وسطها الاجتماعي. لكن الوقت غير نظرة الناس.
وتقول حنان إنها ستعود إلى مهنتها السابقة، الخياطة، بعد انتهاء عمليات الإزالة وإغلاق برنامج المنظمة النرويجية. وستطوى بذلك صفحة في حياة حنان مارست فيها عملا تشك في أن تعود إليه يوما ما. وقد تشتاق إليه في لحظات معينة. من يدري؟
الموضوع فيديو
http://www.rtarabic.com/news_all_features/30920/video/