من البنتاجون إلى كابيتول هيل، يتفق الجميع تقريباً على أن مشاريع الفضاء العسكرية تعد من ضمن الأشياء الأكثر أهمية للأمن القومي الأميركي، لكنهم لا يتفقون على ما يجب عليهم عمله بشأنها.
وفي مراجعتهم السنوية لمشروع قانون سياسات وزارة الدفاع المعروف باسم «قانون التفويض الدفاعي»، والذي يرمز إليه اختصاراً بالحروف NDAA، أبدى أعضاء لجنتي الخدمات المسلحة بمجلسي الشيوخ والنواب رغبتهم في إجراء عملية إصلاح شاملة لنهج البنتاجون في مجال العمليات الفضائية.
ويريد أعضاء مجلس الشيوخ خلق وظيفة جديدة لمشرف عام على أعلى المستويات في البنتاجون لإدارة كل ما يتعلق بالفضاء والسيبرانية والحرب الإلكترونية. وهذا المشرف العام الجديد، والذي سيطلق عليه مسمى «كبير مسؤولي حرب المعلومات»، سيعين من قبل الرئيس، ويُثبت في منصبه من قبل مجلس الشيوخ، ويكون مسؤولاً بشكل مباشر أمام وزير الدفاع.
ووفقاً للملخص الذي قدمه مجلس الشيوخ عن قانون التفويض الدفاعي المذكور آنفاً فإن إشراف هذا المسؤول سيشمل مجالات الأمن السيبراني، والحرب السيبرانية، والفضاء، ومنظومات الإطلاق للفضاء، والحرب الإلكترونية، والطيف الكهرمغناطيسي. ويعتبر هذا بمثابة هزة تنظيمية ضخمة، خصوصاً إذا ما عرفنا أن كبير مسؤولي المعلومات في البنتاجون حالياً هو المدني الأعلى رتبة في الوزارة، المنوطة به مسؤولية إدارة مجالات الحرب المعلوماتية، بالإضافة إلى مسؤوليات تكنولوجيا المعلومات الأخرى ذات الطبيعة الأكثر تقليدية.
وقال أحد مساعدي رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ: «إن هذا التعديل هو اعتراف بأن الفضاء السيبراني، والفضاء بشكل عام، والمعلومات، قد تداخلت معاً ووصلت إلى نقطة باتت جميعها تتحكم في النظام ككل، لكنها لا تحصل على التركيز المطلوب من كل خدمة من الخدمات المسلحة على حدة».
لكن هذا الوضع سيتصادم حتماً مع رؤية مجلس النواب لمستقبل الفضاء، الموضحة في مشروع القانون 60-1 الذي مررته لجنة الخدمات المسلحة بالمجلس مؤخراً، والذي ينص على تشكيل فيلق فضائي مستقل تحت إشراف القوات الجوية الأميركية.
ومعلوم أن لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، لم تطالب بإنشاء قوة فضائية في نسخة قانون التفويض الدفاعي الخاص بها. والحقيقة أن مجلس الشيوخ ليس الجهة الوحيدة التي تختلف مع مجلس النواب حول هذا الأمر. فالقوات الجوية تعارض أيضاً فكرة إنشاء فيلق فضائي، حيث يقول قادتها إن الوقت الحالي ليس مناسباً لذلك. وقالت «ليزا ديسبرو» وكيلة وزارة القوات الجوية السابقة عن هذه النقطة تحديداً: «أنا لا أقول إننا لن ننشئ مثل هذه القوة أبداً، لكني أعتقد أننا يجب أن نبقي أعيننا وأذهاننا مفتوحة. فإنشاء هذه القوة الآن سوف يكون بمثابة تشتيت للانتباه. والهدف الأكثر عجلة على الإطلاق هو الاشتغال على القدرات، والعمل على تعزيزها والحصول على المنظومات التي نحتاج إليها».
وأضافت ديسبرو قائلة: «لقد كان من الواضح بشكل مؤلم من الإيجازات التي حصلنا عليها من جنرالاتنا أن كلا من روسيا والصين قد لحقتا بنا تقريباً في مجال القدرات الفضائية، بل هما في الطريق نحو تجاوزنا عما قريب».
ويُذكَر هنا أن رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور جون ماكين، كان قد اقترح أوائل هذا العام «مبادرة استقرار آسيا- الهادئ» لتعزيز الموقف العسكري الأميركي في المنطقة. وقال أحد مساعديه: النية هنا هي الاحتفاظ بالعجلة دائرة.. فهذه المبادرة في تصورنا ممتدة ولن تحدث لمرة واحدة فحسب». وهي مصممة على غرار «مبادرة الاطمئنان الأوروبية»، والتي هي مجموعة من المشاركات العسكرية مع الحلفاء الأوروبيين، بدأ الكونجرس تمويلها عقب قيام روسيا بضم منطقة القرم عام 2014 والاعتداء على أوكرانيا.
ومن منظور الكونجرس، فإن هذه المبادرة، السريعة البداية، قد وجدت كي تبقى، وقد أطلق عليها مسمى «مبادرة الردع الأوروبي»، كي يعكس هذا المسمى نواياها وطبيعتها الطويلة الأمد.
وقامت كلٌ من لجنتي الخدمات المسلحة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ بنقل تمويل هذه المبادرة من صندوق عمليات الطوارئ الخارجية إلى الميزانية الأساسية لهذا العام، علماً بأن المواد التي يجري إيرادها في الميزانية الأساسية، ينظر إليها باعتبارها ذات طبيعة أكثر ديمومة.
ومن الصعب حساب مقدار الأموال التي تريد كل لجنة من لجنتي الخدمات الدفاعية بالكونجرس إنفاقها على مبادرة الردع هذه، لأن المبادرة يجري تمويلها من خلال حسابات قائمة بالفعل، وليس حسابات جديدة. لكن رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب ماك ثورنبيري قال في ملخصه عن مشروع القانون إن التمويل عموماً سيزداد في هذه السنة المالية.
وقانون التفويض الدفاعي، الذي جرى تمريره من قبل كل لجنة يمثل الرشقات الافتتاحية في القتال من أجل تمويل هذه الأنشطة. وبعد ذلك سيحتاج أعضاء اللجنتين للاجتماع معاً، والخروج بقانون تفويض دفاعي موحد. لكن الميزانية التي جرى اعتمادها من قبل لجان المخصصات وكامل أعضاء المجلس هي التي ستحدد مقدار الأموال التي سيضطر البنتاجون لتقديمها للإنفاق على البنية الجديدة، والانخراط في أوروبا، أو في المحيط الهادئ.
الكاتب : كارولين هوك ,كاتبة أميركية متخصصة في شؤون الدفاع
مصدر