لم تقم البحرية التركية من قبل بالعمل في الملاحة البحرية المعتمدة على حاملات الطائرات، وإذا تم تعديل سفينة "تي جي غي أناضولو" لتصبح حاملة طائرات خفيفة، ستكون هذه المرة الأولى التي تدير فيها تركيا "قاعدة عائمة" في المياه العميقة.
من ناحية أخرى، لدى البحرية التركية قدرات برمائية قوية، وسجل قتالي ناجح أيضا، فبدأت أنقرة ببناء قدراتها البرمائية في ستينيات القرن العشرين على مستوى كتيبة، وسط تصاعد الوضع في قبرص، فقبل التدخل العسكري سنة 1974، تمكنت تركيا من إنشاء فوج مشاة برمائي شارك في الحملة العسكرية.
أما في الوقت الحاضر، فلدى البحرية التركية قوة برمائية بمستوى لواء، جنبا إلى جنب مع وحدات الكوماندوس البحرية من النخبة. وقد تم تكليف وحدات من هذا اللواء بعمليات مكافحة الإرهاب ضدّ حزب العمال الكردستاني منذ التسعينيات، وفقًا لتقرير صادر عن "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" التركي.
علاوة على ذلك، وخلال حملة "درع الفرات" التركية الأخيرة في سورية، تم نشر قوات النخبة من الكوماندوس في منطقة العمليات، بالقرب من مدينة الباب. فقوات المشاة التابعة للبحرية التركية ما فتئت تقاتل في حروب بلادها لأكثر من أربعة عقود، واكتسبت بالفعل خبرة جديدة في العمليات غير التقليدية وحرب المدن.
إذا الخيار بين تصميم السفينة المستقبلية الرائدة لتركيا كسفينة هجوم برمائية أو تصميمها كحاملة طائرات خفيفة سوف يكون متعلقا بالقرار بين تعزيز قدرات وثقافة استراتيجية عسكرية قائمة بالفعل، أو بناء دور جديد للبحرية. فإذا كان الخيار الأول هو الخيار المفضل، فإن تركيا قد ترقي لواء مشاة البحرية لديها إلى فيلق بإمكانيات استطلاعية.
ويقول التقرير التركي إنه في حال اختارت أنقرة الخيار الأخير، فإن تشغيل حاملة طائرات خفيفة من شأنه أن يوفر خيارات عسكرية مرنة للحكومة التركية في أثناء عملها على أجندة استراتيجية خارجية. فتمكن تركيا من بناء نوع من قدرات الطيران البحري بالطائرات المقاتلة ثابتة الجناحين يعني أنها لن تقتصر على الاعتماد على القواعد الجوية داخل الأراضي التركية.
ففي الوقت الحالي، وبدون القدرة على التزود بالوقود جوا، يمكن للمدى القتالي المجدي لمنصات سلاح الجو التركي - في الغالب طائرات أف-16 بمختلف أنواعها - دعم العمليات على بعد بضع مئات من الكيلومترات من الحدود التركية. إذا قد يكون الانتشار المتقدم بديلا لتوسيع نطاق الوصول.
ومع ذلك، يعتمد هذا الخيار على الاتفاقات السياسية مع الدول المضيفة المحتملة، مثل قطر. وقد كشفت أزمة الخليج الحالية عن ضعف خيارات الانتشار المتقدم في الجوار التركي، خصوصا عندما طالبت دول مجلس التعاون الخليجي قطر بإغلاق القاعدة التركية. وبالتالي، قد تسعى أنقرة إلى امتلاك "قاعدة جوية عائمة" للتخلص من الاعتبارات الديبلوماسية.
ويُشير تقرير المركز التركي إلى أن تشغيل سفينة "تي جي غي أناضولو" كحاملة طائرات خفيفة سيكون له سلبياته أيضا. فقد أصدرت المجموعة الاستراتيجية الأسترالية عددا من التحليلات الغنية حول هذه القضية قبل بضع سنوات عندما كانوا يجهزون منصات هبوط طائرات الهليكوبتر من طراز "كانبيرا/ Canberra" التي تستند إلى تصميم خوان كارلوس واحد، بطائرات ستوفل أف-35 بي: وحدث جدل حول هذا الأمر.
فأشارت التقديرات إلى أن تحويل منصات هبوط طائرات الهليكوبتر من طراز "خوان كارلوس واحد" إلى حاملات طائرات خفيفة يمكن أن يكلف 500 مليون دولار لكل وحدة. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذا التعديل يتطلب شراء أصناف مختلفة من طائرات "أف-35 بي"، يضاف إليها تكاليف دورة حياتها. وقد يعني هذا التحويل عبئا إضافيا على الإقتصاد الدفاعي التركي، الذي قد يكلفه ذلك تكلفة شراء مماثلة لسفينة ثانية من طراز "خوان كارلوس واحد".
التقرير (Turkey’s Forward-Basing Posture) الذي أعدّه الدكتور "جان كسب أوغلو"، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من "معهد الأبحاث الاستراتيجية" في "الكلية العسكرية التركية"، تمت ترجمته من اللغة الإنكليزية من قبل "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات".
ويبحث التقرير بالتفاصيل توسّع تركيا، الدولة الإقليمية المتزايدة النفوذ، عبر قواعدها المتقدمة التي قد تختلف في أجندتها السياسية والعسكرية، إلا أنها "تعكس طموحات تركيا الإقليمية في العشرينات القادمة من هذا القرن، من خلال عمليات الانتشار خارج البلاد، والتي ستبني من خلالها علاقات ثقافية استراتيجية قوية من الدول المضيفة".
http://www.turkpress.co/node/39554