في يوم من الايام وجهوا سؤالا الى ألبرت أينشتاين عن الطريقة التي يستعين بها للوصول الى اكتشافاته العبقرية. فاجاب بغاية التواضع، ان الطبيعة هي التي تعلمه تلك الطريقة. فلاحظ الشخص المتحدث معه قائلا: " لو كان الامر كذلك فقد كان بمقدور الجميع اتباع هذه الطريقة ". فقال اينشتاين ان الطبيعة صوتها هادئ جدا وليس بوسع الجميع الاصغاء اليه"..
ويحب ميخائيل سيمونوف مصمم مقاتلتي "سو – 27 " و" سو-30" ان يعيد هذا الكلام. ويصادف يوم 19 اكتوبر/تشرين الاول الذكرى الثمانين لميلاده. وتحدث ميخائيل سيمونوف في تصريح ادلى به لصحيفة "ازفيستيا" حول تاريخ تصميم وصنع نماذج أحسن المقاتلات الروسية وكيفية تعاونه مع الامارات العربية في هذا المجال.
إنجازات سيمونوف تكفي لعمرين، لكنه يحضر كل يوم الى موقع العمل ويكتظ مكتبه بنماذج جديدة من المقاتلات والطائرات الاخرى.
ويقول سيمونوف مشيرا اليها : "ها هو مستقبل طيراننا. لكن وقتها لم يحن بعد".
تحولت طائرته "سو – 27" الى علامة تجارية مشهورة مثل "كلاشنيكوف" علما ان هذه الطائرة تعد سلعة تجارية تصديرية رئيسية لدى روسيا وهي تجلب مليارات من العائدات المالية.
كيف ساهم العرب في الدعاية لمقاتلة "سو"
يقول ميخائيل سيمونوف ان :" البيريسترويكا هي التي ساعدت في جعل طائرة "سو" احسن مقاتلة. وقد حمل عدم توفر الاموال شركة "سوخوي" على اتخاذ خطوة يائسة وهي محاولة بيع طائرة "سو" الى خارج البلاد. وكانت الامارات العربية اول بلد في العالم توجهت طائرات "سو" اليها.
ويعود سيمونوف بذاكرته إلى تلك الفترةِ فيقول: إن شخصا يدعى العقيد خالد، كان مسؤولا عن شراء الطائرات لسلاح الجو الإماراتي، ولقد تفحص خالد الطائرة ، وحلق فيها، وبعد ذلك قال: الطائرة جيدة. لكن هل باستطاعتها أن تُـغرِق مدمرة فأجابه ممثل الشركة بأن "سو - 27" مقاتلةٌ وليست قاذفة. وان المعركة الجوية هي شيء. اما ضرب الاهداف البحرية هو شيء يختلف تماما. وبدا ان الحديث قد انتهى. وعندما عـلـم سيمونوف بالأمر، اقترح على العرب بان يحددوا ما يريدونه من الطائرة. وقال: "اذا اردتم ان تدمر الطائرة اهدافا على بعد 100 كيلومتر فلا مانع لذلك. واذا اردتم ان تغرق المقاتلة مدمرات فسنؤمن ذلك". وباشر مع مساعديه في إجراء الدراسات والتعديلات. إلى أن أصبحت الطائرة مقاتلة متعددة المهام.
ويقول سيمونوف ان العرب لم يقوموا بشراء. ويؤكد أن العقيد خالد اعترف له بأن الامريكيين هم من حال دون إتمام تلك الصفقة.
ويقول مراسل الصحيفة: " كثيرا ما توصف طائرتا "سو – 27 " و"سو-30" بانهما احسن المقاتلات ، لكنهما لم تشاركا في حرب واحدة. فبم تبرر افضليتهما؟"
- وابتسم المصمم قائلا: " يعتبر هذا الامر سرا".
ويضيف قائلا: " بالمناسبة لا يجوز ان يغيب عن بال احد ان استعراض المعدات الحربية لا يعتبر دعاية لها فحسب بل تتم مقارنتها مع نماذج منافسة. وعلى سبيل المثال فكيف قورنت طائرة "سو" بطائرة "ميراج" التي كانت في حوزة الامارات العربية ؟ لقد تم اختيار احسن طيارين لديهم و قاما بالتحليق وتجربة الطائرتين بالتناوب. وتم تسجيل وتوثيق كافة المعلومات المستلمة باعتبارها مادة اساسية لاجراء التحليل التفصيلي".
احسن مقاتلة في القرن العشرين
ويقول المصمم ان "مقاتلة " سو- 30 ام كا اي" تعتبر بالحق طائرة قتالية لا مثيل لها. وتثبت هذا الامر المعارك الجوية التي اجرتها
مع الخصوم المحتملة. وذلك في مطلع التسعينات حين وجهت الينا دعوة للمشاركة في المعركة التدربية مع طائرة "اف – 15" الامريكية".
واستطرد سيمونوف قائلا:" ان شروط المعركة قضت بان تسير مقاتلتنا في البدء خلف الطائرة الامريكية ثم تتبادل الطائرتان وضعيتهما. الامر الذي يسمح في المعركة الحقيقية بتوجيه صاروخ وتدمير الهدف. فلم تواجه طائرتنا في كلا الحالتين اية مشكلة في تحقيق النصر على خصمها."
وبحسب قول الكسندر خارشيفسكي رئيس مركز التدريب القتالي لسلاح الجو الروسي في مدينة ليبيتسك والشاهد على ما حدث فان مقاتلة "سو – 27 " صعدت بسرعة اكثر من طائرة "اف – 15" لقدرتها الاكبر على المناورة. واضطرت "اف – 15" الى تحقيق التحليق الافقي قبل صعودها والتخفيض بذلك من السرعة، الامر الذي مكن الطيارين الروس من القيام بمناورة سريعة والوصول الى وراء "اف-15" وتدمير الهدف.
وكانت الهزيمة واضحة تماما. لذلك عندما علم الامريكيون عن بيع روسيا " سو-30" الاكثر تقدما للهند فانهم طلبوا بان يسمح لهم بزيارة نيودلهي حيث تم تنظيم المباريات بين المقاتلات. فقرروا بان يحضروا "أف – 15" الاكثر تقدما. فانتهت المباراة بنتيجة "6:4 " لصالح طائرات "سو". وبالمناسبة فان الهنود لجأوا الى حيلة حين قدموا بدلا من "سو – 30" الحديثة "طائرة " " سو-30"" التدريبية التي لا توجد فيها محطة رادار ومحركات ذات قوة الدفع المتحكم فيها.. وفي المرة اللاحقة جلب الامريكان طائرة "اف – 16" .
ويقول سيمونوف ان تلك الطائرة تعتبر اصغر حجما واخف من "سو-30" ، الامر الذي تجعلها تفوز في المعركة القريبة. لكن الواقع بات العكس بالعكس. ودحرت طائرات "سو ام كا اي " الامريكان بنسبة 100%.
سيمونوف: افكارنا تشغل في طائرات اخرى
يحتفل سيمونوف اليوم بعيد ميلاده الثمانين الامر الذي لا يمنعه من الحضور اليومي الى العمل حيث يكتظ مكتبه بنماذج مختلفة من الطائرات.
ويمزح المراسل مشرا اليها: " انها كلها مشاريع ترمى الى سلة مهملات".
فلا يوافق عليه سيمونوف قائلا: " لم تشهد شركة "سوخوي حالة حين لا يصنع نموذجها الجديد على دفعات. ولكل شيء وقته. لكن الافكار المطروحة في تلك المشاريع تشغل اليوم في طائرات اخرى".
والجدير بالذكر ان شركة "سوخوي" تعد احدى كبرى الشركات الصانعة للطائرات في العالم. وتزود العشرات من جيوش العالم بمقاتلاتها. وقد اشترت القوات الجوية الروسية اثناء معرض "ماكس – 2009" في موسكو 48 مقاتلة من طراز "سو-35". واعربت القوات الجوية الهندية عن رغبتها في شراء 50 طائرة من هذا النوع الى جانب 105 مقاتلة "سو -30 ام كا اي" المتوفرة لديها. ويقوم رئيس الشركة الحالي ميخائيل بوغوسيان بتنفيذ مشروع ضخم. وهو صنع طائرة " سوخوي سوبر جيت ". وستبدأ عملها قبل انتهاء السنة الجارية اول طائرة مصنوعة على دفعات من هذا النوع في التحليقات بالخطوط الجوية الروسية. وتنوي شركة "سوخوي" صنع 1000 طائرة من هذا الطراز.
ويقول سيمونوف بهذا الصدد: " ان السماء كبيرة. وتتسع لكل الطائرات".