تُمثِّل مراقبة المياه الإقليمية أو «المناطق الاقتصادية الحصرية» EEZ بما فيها أولوية جليّة لأية دولة تملك سواحل بحرية، ولا سيّما إذا ما استأثرت تلك المراقبة بتوليفةٍ دقيقة من التكنولوجيات المتقدِّمة ذات الصلة، وعلى الأخص تلك الجوّية منها، التي يُصار إلى نَشْرها اعتماداً على الميزانية والوضع السائد في المنطقة المحلية، وهذا ما سلَّطَت الضوء عليه نشرة «الحرب البحرية الدولية/شيبارد» Naval Warfare International / Shephard المتخصصة.
استحدَثت فورة في البيانات فرصاً جديدة في مجال مراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية» في الآونة الأخيرة، كما يؤكّد خبراء في هذه الصناعة. وبالإمكان نَشْر مجموعة هائلة من الأنظمة لهذا الغرض، بما في ذلك الأقمار الصناعية، و«طائرة الدورية البحرية» MPA، و«العربات الجوّية غير الأهلة» UAV، و«عربات السطح غير الآهلة» USV، فضلاً عن السفن، بدءاً من «سفن الدورية في أعالي البحار» OPV وصولاً إلى الفرقاطات الكبيرة.
توليفاتٌ ناجحة
تتأثَّر توليفة الأنظمة التي تنشرها أي دولة بمجموعة متنوّعة من العوامل، ليس أقلّها الميزانية المتوافرة، حيث يميل حالياً العديدُ من الدول باضطراد إلى التكنولوجيات غير الآهلة الأرخص كلفةً.
وفيما قد تتغيَّر التكنولوجيات الجاري نَشْرها لهذا الهدف، ثمة اهتمامٌ متنامٍ على مستوى العالم بحماية ومراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية»، حيث يزداد نشاط هذا السوق بشكلٍ دراماتيكي، خصوصاً على خط التصدير من آسيا-المحيط الهادئ إلى أوروبا وإلى الولايات المتحدة، في ظل نزاعاتٍ كتلك الناشئة حول الجزر في بحر الصين الجنوبي، التي تُسهِم في توسُّع هذه السوق المختصَّة.
وفي هذا السياق شدَّدَ ثيبوت ترانكارت Thibaut Trancart ، نائب رئيس تسويق أنظمة «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR لدى شركة «ثاليس» Thales، على الأهمية المتزايدة لمراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية» على نطاقٍ علني. فأكثر من 90 بالمئة من التجارة العالمية تجري عبر البحار، وتتوقَّع Thales أنْ تشهد سوق الأنظمة ذات الصلة في «المناطق الاقتصادية الحصرية» نموّاً كلّ عام على مدى العقد المقبل.
ويُضاعِف العديد من الدول، فضلاً عن منظّماتٍ من مثل «الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل» Frontex اهتمامها وتركيزها على هذا المجال، وأشار ترانكارت إلى أنّ ذلك يُظهِر مدى الحاجة إلى وسيلةٍ متكاملة لتنفيذ المراقبة، خصوصاً لحماية «المناطق الاقتصادية الحصرية»، مشدِّداً على قيمة التنسيق بين مختلف المنصّات.
ويتمثَّل هدف شركاتٍ على غرار Thales في مساعدة العملاء على «رؤية ما تتعذَّر رؤيته»، بحسب ترانكارت، مؤكَّداً أنّ الهدف الأول هو تمكين البحريات وقوات خفر السواحل من رصد ما يكمن أمامها ومن ثمّ تحديد هويّة التهديد وتصنيفه، وهذا ما يكتسي أهمية بالغة لأنّ «المناطق الاقتصادية الحصرية» تغدو أكثر اكتظاظاً ونشاطاً يوماً بعد يوم، سواء بحركةٍ ملاحية مشروعة أو بنشاطات تهريب وقرصنة غير مشروعة، فضلاً عن تهديداتٍ أخرى.
ويوضح ترانكارت: «يتعيّن علينا دعم عملائنا من قعر البحار إلى أعالي الفضاء، وتمكينهم من إحراز صورة شاملة عبر دمج المعلومات المتأتِّية من مختلف المستشعرات والسَّماح لهم باستعراضٍ مرئي لهذه المعلومات بأفضل وأسهل وسيلة ممكنة».
وينصبّ تركيز شركة Thales بمعظمه على المستشعرات المحمولة جوّاً، ولعلّ أبرز منتجاتها هو رادار المراقبة المتعدِّد الأدوار «سيرش ماستر» Searchmaster، الذي تؤكّد الشركة أنّه يهدف إلى رصد التهديدات المتواصِلة من الغوّاصات التي تتَّسِمُ بصمتٍ أو هدوءٍ فائق، فضلاً عن التحدِّي المتنامي للزوارق الهجومية الصغيرة السريعة و«المزالج المائية النفّاثة» Jet Ski من قِبَل قراصنة ومُشغِّلين آخرين غير شرعيين.
إنّ البحث عن أجسامٍ متحرِّكة أو ثابتة يحظى بالاهتمام في مناطق كبيرة أو على طول حدودٍ متشّعبة إنّما يستدعي الحاجة إلى أنظمة مراقبة محمولة جوّاً ذات مستوى عالٍ بازدياد من الأداء والقدرة على رصد أصغر الأجسام عند أمداءٍ بعيدة، كما تؤكِّد الشركة.
الإمارات ونظام AMASCOS الجوّي
في هذا النطاق، سلّط رانكارت الضوء على نظام «أماسكوس» AMASCOS، وهو حجر الزاوية لعروض Thales الخاصة بحماية «المناطق الاقتصادية الحصرية». ويُغطِّي هذا النظام للمراقبة المحمولة جوّاً مهام بحرية وأخرى فوق البرّ على حدٍّ سواء، ويدمج مجموعة متنوّعة من المستشعرات، بما في ذلك رادار ومسبار صوتي، فضلاً عن عددٍ من التكنولوجيات الأخرى. وهذا النظام هو قيد الاستخدام فعلياً لدى العديد من الدول، من بينها الإمارات العربية المتحدة، الذي يستخدم سلاحها الجوّي هذا النظام على متن طائراتها للدورية البحرية MPA.
ويُشدِّد هذا المُصنِّع للمعدات الأصلية OEM على أنّ مراقبة المناطق البحرية هي في صميم تطوير نظام AMASCOS، مشيراً إلى أنّ السيادة البحرية هي أحد عناصر الدفاع الوطني أهميةً حاسمة، في وقتٍ نشهد فيه نشوء تهديدات غير تقليدية أو نظامية، على غرار القرصنة والنزاعات الحدودية، فضلاً عن تحدّياتٍ أخرى مثل الحاجة إلى التحكُّم بالهجرة الجماعية، إذ إنّ هذا المتطلَّب لم يكن يوماً أكثر إلحاحاً مثله في الوقت الراهن لكي تتحكَّم الدول على حدودها البرّية والبحرية بفضل قدرات معزَّزة محمولة جوّاً.
ولقد توسَّع نطاق التحدّيات التي تُواجِه «المناطق الاقتصادية الحصرية»، وأصبحت أكثر تنوُّعاً على المدى العقد الفائت. وشدَّد ترانكارت على نشوء نزاعاتٍ عديدة وتضاعُف تحدِّي الهجرة غير المشروعة التي انبثقت كقضيةٍ حسَّاسة للدول الأوروبية في الآونة الأخيرة. وهنا تبرز الحاجة إلى مراقبة منسَّقة وتعاونية، واضطرار الدول للعمل معاً وامتلاك منصّات وأنظمة مهام متوافقة لاستحداث وعيٍّ محيط مترابِط.
شركة Saab وتذليل الصِّعاب
مع تضاعُف الوعي العام للتحدّيات التي تُواجِه «المناطق الاقتصادية الحصرية» خصوصاً تلك التي تُحفِّزها نشاطات مثل الصيد غير المُرخَّص له، أشار جوناس هارما Jonas Härmä، رئيس قسم المبيعات والتسويق لأنظمة المراقبة المحمولة جوّاً لدى شركة Saab، إلى ما تُشكِّله هذه التحدّيات من تهديدٍ عسكري أيضاً، وقال: «على سبيل المثال، إذا ما تطلّعنا شَطْرَ بحر الصين الجنوبي، والنزاع الدائر في تلك المنطقة، بإمكاننا أن نرى النزاعات ذاتها في مناطق أخرى في العالم على حدٍّ سواء، خصوصاً حيث هناك العديد من الدول التي تطمع بمنطقةٍ جغرافية ذاتها».
لذا ينبغي على مراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية» أنْ تُركِّز على مجموعة من النشاطات، بدءاً من تلك الجنائية وصولاً إلى الأخرى العسكرية، وأوضح هارما: «إنّها خليطٌ من التداعيات المُقلِقَة في فترات السّلام، من ناحية انتهاكات الصيد وتهريب المخدرات وغيرها من النشاطات المُخِلّة بالقانون، بل هناك بالطبع المَنْحى العسكري، إذ بمجرّد دخول غوّاصتَين إلى أي موقعٍ حتى يصبح بمثابة منطقة محرَّمة ممنوعة الدخول، ومن ثمّ يحيط التحدِّي بمُجريات الأمور التي كانت اعتيادية».
ولطالما كان لشركة Saab حضورٌ قوي في المراقبة المحمولة جوّاً، خصوصاً من خلال نظام السيطرة والإنذار المبكر المحمول جوّاً Erieye (AEW&C)، التي تمّ إدماجه على عددٍ من الطائرات في أنحاء العالم وهو قيد الاستخدام حالياً في ثماني دولٍ، من بينها البرازيل والسويد وتايلاند.
وتعمل الشركة حالياً على منتَجَين جديدَين مُقتَدِرَين في مجال حماية «المناطق الاقتصادية الحصرية». ويُشكِّل نظام «غلوبال آي» GlobalEye رادار المدى المُمدَّد لنظام Erieye وعدد آخر من الأنظمة وقد تمّ تركيبه على الطائرة النفّاثة البعيدة المدى Bombardier Global 6000 التي اشترت الإمارات العربية المتحدة ثلاث طائرات منها. وأبرمت الإمارات عقداً في كانون الأول/ديسمبر 2020 لشراء طائرتين إضافيتين بلغت قيمته نحو مليار دولار أميركي، وينص العقد على الإنتهاء من عمليات التسليم في العام 2025. وسلَّط هارما الضوء على طائرة الدورية البحرية Swordfish، وهي منصّة متعدِّدة الأدوار مُرتَقبَة تستند أيضاً إلى طائرة Global 6000.
وقال هارما: «كلّ ما حولنا يصبح أكثر تكراراً وسرعةً وتملُّصاً وتعذُّراً على الرصد، وتكمن تهديدات اليوم في كلّ المجالات. والحل هو في امتلاك القدرة على رصد وتعقُّب مجموعة واسعة من الأهداف على أمداءٍ ممدَّدة والمثابرة في القيام بذلك. ويغدو التعقيد في السيناريوهات القتالية اليوم أكثر صعوبةً، وهو السبب وراء تصميم نظام GlobalEye لكي يتولَّى هذا التحدِّي بكلّ فعالية».
وفيما يُنتَظر توافر نظامي Swordfish و GlobalEye في السوق الدفاعية، تُواصِل شركة Saab اعتبار مراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية» مجالاً يستدعي تركيزاً أساسياً، وأكّد هارما أنّهما قد صُمِّما أخذاً في الاعتبار التعاون عبر مجالاتٍ عديدة، جنباً إلى جنب المنصّات المدنيّة. وقال: «نحتاج لأجل التمكُّن من تعظيم الخَرْج العملاني إلى الاقتدار في التشبيك والترابُط مع خفر السواحل أو الشرطة أو كلّ مَنْ هو مسؤول عن مراقبة المناطق الاقتصادية الحصرية في أي بلدٍ كان، سواء كان جهة عسكرية أم أخرى مدنيّة».
ومراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية» والدفاع عنها ليسا مسألة الإشراف على الحركة الملاحية في المنطقة، بل أيضاً التركيز بشكلٍ رئيسي على الدفاع عن منصّات استراتيجية مثل منصّات التنقيب عن النفط، حيث بالإمكان تركيب رادار وأنظمة أخرى مباشرةً على مثل هذه المنصّة لمراقبة المنطقة المحلية، وذلك يُشكِّل خير مثالٍ على منصّةٍ استراتيجية يمكن استخدامها في مهام حماية المياه الإقليمية.
وتعتمد التكنولوجيا المستخدمة في مثل هذه المهام على مجموعة من العوامل، أبرزها العامل الجغرافي. ففي بعض البلدان هناك بعض النقاط التي يصعُب رصدها على غرار المضائق أو الطرق الداخلة والخارجة من المرافئ، حيث يتعيَّن هناك تطبيق نهجٍ دفاعي مختلف ربّما يتضمّن استخدام «عربة جوّية غير آهلة»، وهي غير مُكلِفة نسبياً.
تكنولوجيات جديدة
مع تنامي مجموعة التحدّيات في «المناطق الاقتصادية الحصرية»، حَدَثَ تغيُّر أيضاً داخل فئات معيّنة من التهديدات. وهو الحال مع قطاع مصائد السمك، كما أوضحَ برادلي سولي Bradley Soule، كبير محلِّلي مصائد الأسماك في مؤسّسة «أوشين مايند» OceanMind غير الربحيّة التي توفِّر للحكومات وسلسلة إمداد المأكولات البحرية معلوماتٍ حول سفن الصيد وسلوكها.
هناك أنواع مختلفة من النشاطات في مصائد الأسماك التي قد تُثير قلق الحكومات، وهو ما يُصطَلح على تسميته، بحسب سولي، بعبارة «غير شرعي، غير مبلَّغ عنه وغير منظَّم» IUU.
وواقع أنّ الحكومات تُبدي هواجسها أيضاً إزاء النشاطات غير المنظَّمة وغير المُبَلَّغ عنها - ليس فقط تلك غير الشرعيّة - إنّما يُسلِّط الضوء على تعقيد المشكلة. ويقول سولي: «هناك أشياءٌ تُعتبر قانونية من الناحية التقنية، ومع ذلك تُثير المخاوف».
وفيما كانت النشاطات غير الشرعيّة شائعة على الأخص في مناطق ذات الحُكْم الضعيف حيث تعمل السفن بعيداً عن المراقبة من دون رخصة أو إذن، فإنّ ذلك قد توارى أمام التهديدات الطارئة حديثاً المتأتِّية من مُشغِّلين الذين على الرغم من كونهم شرعيين فإنّهم ينشطون مع رخصةٍ انتهت صلاحيتها في الآونة الأخيرة أو أنّهم يتجاوزون النطاق المسموح به ترخيصاً، حيث تتمثل مشكلة الإفراط في صيد الأسماك، على سبيل المثال.
وفي هذا الإطار، أشار سولي إلى أنّ التكنولوجيات لا تحلّ المشكلات بحدّ ذاتها، بل ينبغي أن تُستَخدم من أجل التقدُّم لتحقيق نتائج من نوعٍ ما، وأوضحَ أنّ مؤسّسة OceanMind تستخدم التكنولوجيا للمساعدة على توفير تحليلٍ للحكومات وسلاسل الإمداد من أجل رصد أي شذوذٍ في السلوكيات وتأمين تقييماتٍ للمخاطر لها لكي تقوم بتحرِّياتها الخاصة.
مراقبة تهريب الوقود!
تستند مؤسّسة OceanMind في تحليلاتها إلى بياناتٍ تُجمَع من مصادر عديدة، بدءاً من تعقُّب «نظام تحديد الهويّة الأوتوماتيكي» AIS وصولاً إلى الرادار، بغض النظر عن مصدر البيانات. وشدَّدَ سولي على فائدة معلومات نظام مراقبة السفن الذي تستخدمه الحكومات لتعقُّب سفن الصيد. وتفيد المؤسّسة من التصوير الساتلي والراداري والكهروبصري وتُقارِن المعطيات مع قاعدة بيانات كبيرة جداً لسِجلّات السفن، كما وتستخدم خوارزميات «تعلُّم الآلة» للمساعدة على تحديد هويّة السفن المرصودة. وأضاف سولي أنّ المؤسّسة فيما تُركِّز على مصائد السمك تتطلّع إلى مشاريع أخرى للإفادة من التقنيات ذاتها، على غرار مراقبة تهريب الوقود.
بيانات وتحليلات
تكمن الفورة في البيانات البحرية أيضاً في صميم «منصّة ويندوورد الاستخبارية» Windward Intelligence Platform، وهي أداة تحليل برمجية خدماتية «تجمع معاً الذكاء الاصطناعي والخبرة البحرية من أجل رؤية وفَهْم ونمذجة المخاطر في البحر»، بحسب الشركة التي طوَّرَت هذه التكنولوجيا.
ويمكن للحكومات ومؤسّسات أخرى أن تستخدم هذه المنصّة لاكتشاف السفن التي قد تكون متورِّطة في نشاطات غير شرعية، على غرار تهريب الأسلحة والممنوعات والإتجار بالبشر، بحسب ناطقٍ باسم شركة «ويندوورد» Windward. وبوسع المستخدمين أنْ يُغيِّروا من مجالات المخاطر المستهدَفة للتركيز على سفنٍ معيّنة، ومناطق أو نشاطات محدّدة يودّون تحليلها. وقال الناطق: «يتمثَّل الهدف في تسهيل المهام على المحلِّلين لاستبصارٍ موثوق في كلّ ما يرصدونه. فإذا ما كانت الحكومة مهتمّة فحسب بسفنٍ في منطقة معيّنة فبوسعها عندئذ أن تختار تلك المنطقة وجَعْلها جزءاً من ملف بيانات المخاطر الذي تقوم بتحليله». بات ذلك متاحاً بفضل فيضٍ من البيانات المتوافرة حالياً من مجموعة هائلة من المصادر فضلاً عن تكنولوجياتٍ جديدة من مثل «تعلُّم الآلة» Machine Learning، وهو ما لم يكن متوافراً قبل نحو عشر، بل خمس سنوات.
لكن بالنسبة إلى معظم الحكومات والشركات الخاصة، فإنّ مناولة وتحليل هذه البيانات هي بمثابة «مَجاهِل غير مُكتَشَفة». ومن شأن تطوير اختصاصات مثل «العلوم البيانية» و«الذكاء الاصطناعي» (AI) أن يُمكِّن شركات كشأن Windward من تفعيل هذه البيانات واستمداد استفساراتٍ يُستَفاد منها عَمَلياً، إذ إنّ استبصارات البيانات الصائبة يمكن أن تُشكِّل فارقاً بين وقوع هجومٍ إرهابي، على سبيل المثال، ومؤامرة مُحبَطة في الوقت المناسب.
وأكّد سولي أنّ التطوير المتواصل لتكنولوجياتٍ وعملياتٍ تستند إلى «البيانات الكبيرة» في الآتي من السنوات سيكون حسّاساً لشركاتٍ مثل OceanMind. وهناك وفرة من المعلومات المتاحة للمُحلِّلين لكي يستخدموها، ولكي يفهموا المخاطر سواء في مصائد الأسماك أو غيرها من المجالات البحرية.
توقُّع التغيُّر
يتصوّر الخبراء ثلاثة اتّجاهات رئيسية لتطوُّر هذه الأنظمة في السنوات المقبلة. أولاً، سيزداد استخدام «العربات الجوّية غير الآهلة» و«الأنظمة الجوّية غير الآهلة» لمراقبة «المناطق الاقتصادية الحصرية». ثانياً، ظهور أنظمة متقدِّمة جداً ستدمج معاً صورة سطح تكتيكية مع صورة تحتمائية تكتيكية، بغية الحصول على معلومات شاملة من تحت الماء، وفوق الماء، وفي الجو. وهم يُشدِّدون في الاتّجاه الثالث على الأهمية المتنامية للمجال التحتمائي في حماية «المناطق الاقتصادية الحصرية»، حيث لا هوادة في الاستخفاف بتهديداتها.
وعلى نحو مماثل، يتوقَّع ترانكارت، من شركة Thales، أنْ تغدو التهديدات التي تُحيق بـ «المناطق الاقتصادية الحصرية» في العقد المقبل أكبر وأشدّ خطراً لأنّ المنطقة البحرية ستغدو أكثر اكتظاظاً. وهو يتصوَّر مزيداً من التعاون بين مختلف الدول في هذا المجال «بما يستحدث مفهوماً مختلفاً للعمليات لدى عملائنا، وهو بدوره سيُمهِّد الطريق أمام المورِّدين، كشأننا، لتبنِّي خريطة طريقنا التكنولوجية».
ويختم ترانكارت بأنّه سيكون في المستقبل القريب ثمة تشديدٌ على التضافر ما بين منصّات المهام الآهلة وغير الآهلة، وهو ما تتصدَّى له شركة Thales ضمن أولوليتها عبر تطويرها نظام AMASCOS.
ويقول: «إنّ المنصات بحدّ ذاتها ستتغيّر - وفي غضون خمس إلى عشر سنين سنشهد مزيداً من التعاون بين المنصّات الآهلة والأخرى غير الآهلة في مراقبة المناطق الاقتصادية الحصرية».
ويبقى التحدِّي الكبير أمام الشركات المتخصصة في إحراز أفضل صورة ممكنة عن منطقةٍ كبيرة يتعيَّن تغطيتها بدقّةٍ متزايدة. فبإمكان الدول أنْ تُشغِّل طائرات ومراكب و«عربات جوّية غير آهلة»، لكن من أجل أنْ تتَّخِذ القرارت الصائبة ستحتاج إلى جَمْع كلّ المعلومات على شاشةٍ واحدة أو حجرة قيادة واحدة والتمكُّن من مراقبة النطاق الواسع لمياهها الإقليمية أو «المناطق الاقتصادية الحصرية» في آنٍ.
مصدر