ملاحظة : ادناه تحليل نشره موقع معهد واشنطن كتبه ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب والتحليل يتعلق بنصائح للادارة الامريكيه لكيفية التعامل مع مصر في الفترة القادمه
ولكون المنتدى عسكري بشكل خاص فقد تم حذف المقاطع (غير المتعلقه بالمجال العسكري) من المقاله ولو انه احيانا تكون الامور متداخله بحيث يصعب الفصل
لذلك المقاله منشورة بتصرف وهي تعبر فقط عن وجهة نظر صاحبها وتم نقلها هنا للتناقش حولها
-------------------------------
عندما أقر الكونغرس الأمريكي "قانون تفويض الدفاع الوطني" في كانون الثاني/يناير، تضمن القانون بنداً يقضي بالحدّ بشكل كبير من المساعدة العسكرية الأمريكية المقدمة إلى مصر ما لم تحسّن البلاد سجلها في مجال حقوق الإنسان بشكل كبير. وبناء على توجيهات الكونغرس، اتخذت إدارة بايدن خطوة غير مسبوقة بتوقيعها على بيان "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة الصادر في 12 آذار/مارس والذي يُعرب عن القلق العميق لـ "المجلس" إزاء "مسار حقوق الإنسان في مصر". وفي الوقت نفسه تقريباً، أفادت بعض التقارير أن القاهرة تلقّت من روسيا خمس طائرات مقاتلة متطورة من طراز "سوخوي-35"، وهي أول عملية تسليم في دفعة تضم 24 طائرة كان قد تم شراؤها في عام 2018.
ومجتمعة، تسلّط هذه التطورات الضوء على التحديات المتزايدة للعلاقات الأمريكية مع الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان. وعلى الرغم من أن مصر لا تزال شريكاً حيوياً للسلام وحليفاً رئيسياً من خارج حلف "الناتو"، إلا أن العلاقات الأمريكية-المصرية كانت تتأرجح لبعض الوقت بفضل الخلافات العميقة حول مجموعة واسعة من القضايا. وفي السابق، حاولت واشنطن استخدام مزيج من الدبلوماسية الهادئة، والتصريحات العلنية، وربط أموال المساعدات الخارجية بحل بعض القضايا الأكثر إثارة للجدل، إلّا أن هذه الجهود أثبتت أنها غير مجدية إلى حدّ كبير، ولم يكن المسار واعداً حتى في ظل عدم التدخل نسبياً خلال عهد إدارة ترامب. وبالنظر إلى التركيز المكثف للإدارة الأمريكية الجديدة على حقوق الإنسان وتسلّم [مصر] طائرات "سوخوي-35" - وهي خطوة تخضع للعقوبات - فقد تضطر واشنطن إلى إعادة معايرة نهجها.
------------------------
لدى الولايات المتحدة قائمة طويلة من المصالح مع مصر، وعلى رأسها الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل من عام 1979، والتي تبقى حجر الزاوية للاستقرار في المنطقة. وتُعد الصداقة مع مصر أمراً بالغ الأهمية للمتطلبات العسكرية الأمريكية. وعلى وجه الخصوص، يُعتبر توفير القاهرة للحقوق المنتظمة للتحليق الجوي وأولوية الوصول إلى قناة السويس في أوقات الأزمات أمران لا غنى عنهما لكي تحافظ الولايات المتحدة على وضع القوة المرن والسريع الاستجابة في البحر الأحمر والخليج العربي ومناطق أخرى. وقد أدّت العلاقة العسكرية الوثيقة بين الدولتين - المدعومة بـ "التمويل العسكري الخارجي" - إلى جعل واشنطن المزوّد المفضل (وإن لم يكن الوحيد) للعتاد العسكري لمصر، وهو دور منع في الآونة الأخيرة روسيا والصين من التوغل بصورة أكبر في المنطقة.
ولدى الولايات المتحدة أيضاً مصلحة قوية في الاستقرار الداخلي لمصر. ولضمان هذه الغاية، زَوّدت واشنطن القاهرة بمروحيات هجومية والتدريب اللازم لمساعدتها في حملتها المستمرة منذ سنوات ضد الجهاديين السنّة في شبه جزيرة سيناء
---------------------------
حتى الشراكة العسكرية التي كانت قوية ذات مرة تعرضت للتعكر مؤخراً بسبب شراء مصر لطائرات "سوخوي-35". وتدّعي القاهرة أنها اضطرت لشراء الطائرة من روسيا لأن واشنطن لن تبيعها أفضل الطائرات من طراز "إف -35". لكن في الحقيقة، رفضت السلطات المصرية بدائل موثوقة لطائرات "إف -35" التي تلبي متطلباتها العسكرية، وبدلاً من ذلك استمرت في اتفاقها مع موسكو حتى بعد تحذيرها مراراً وتكراراً من العواقب. وحالما تستلم القاهرة الطائرات الروسية، فقد تكون قد فتحت نفسها للعقوبات بموجب "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات".
عد سنوات عديدة من النداءات المحبطة والمتجاهلة بشأن هذه القضايا، فإن وضع شروط على الأموال هو موضوع يرضي بلا شك الكثيرين في واشنطن وخارجها. والسؤال المطروح على صانعي السياسة في الولايات المتحدة هو ما إذا كان تقليص 300 مليون دولار في نطاق "التمويل العسكري الخارجي" - وربما أكثر من ذلك إذا تم فرض عقوبات بموجب "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" - سيكون له تأثير إيجابي على سلوك مصر.
وإذا كان التاريخ أي دليل، فإن الإجابة هي لا. أولاً، لم تعد قيمة المساعدة الأمريكية كما كانت عليه من قبل: ففي عام 1978، شكلت المساعدات الأمريكية ما يقرب من 6.4٪ من "الناتج المحلي الإجمالي" لمصر، لكنها اليوم أقل من نصف في المائة. ثانياً، تنظر الحكومة المصرية إلى جميع خصومها السياسيين - سواء كانوا إسلاميين أم ليبراليين - على أنهم يشكّلون تهديداً وجودياً وتَعتبر الإجراءات الأمنية الصارمة أمراً مهماً لبقائها في الحكم. ثالثاً، قد تعتقد مصر الآن أنها تستطيع شراء المزيد من أسلحتها من دول أخرى بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة. وفي النهاية، قد لا تضمن روسيا والصين مبيعات عسكرية، لكنهما لا تطرحان أسئلة حول حقوق الإنسان أيضاً. رابعاً، يُظهر سجل العَقدين الماضيين نجاحات عرضية ولكن القليل من الأدلة على أن الشرطية والتهديدات الأمريكية تؤدي إلى تغييرات مستدامة في السياسة المصرية. بعبارة أخرى، مهما كانت مطالب واشنطن شرعية وقانونية، إلّا أن هناك احتمال كبير بأن تكون غير فعالة - وستزيد من تآكل العلاقة خلال سير الأحداث.
وفي هذه الحالة، قد ترغب واشنطن في التوقف وإعادة النظر في خياراتها قبل تنفيذ العقوبات وشروط المساعدة التي لا تملك أملاً يذكر في تحقيق الغرض المقصود منها. وقد يكون المسار الأكثر حكمة هو خفض التوقعات، واتخاذ وجهة نظر أكثر صلابة في العلاقات الثنائية، والتركيز بشكل أضيق على المصالح الجوهرية. فمصر لم تعد القوة الإقليمية التي كانت عليها من قبل، لكنها لا تزال فاعلاً ذو شأن وشريكاً أمنياً مهماً. وعلى الرغم من التحديات الخطيرة، إلّا أن العلاقات الثنائية تواصل توفير فوائد مهمة وملموسة، بدءً من السماح بمنح تصاريح للتحليق الجوي وأولوية الوصول إلى القناة، وإلى الحد جزئياً من التجاوزات الروسية والصينية في زاوية محورية بين إفريقيا وآسيا.
وفي النهاية، يجب أن تكون المساعدات الأمريكية متناسبة مع قيمة العلاقة وأن تكون كافية لحماية المصالح الأمريكية. فخفض المساعدات بقيمة 300 مليون دولار - ولكن دون تنفيذ اقتطاعات أو عقوبات إضافية - من شأنه أن يرسل إشارة واضحة عن استياء واشنطن بينما يسمح في الوقت نفسه للعاصمتين بإدارة علاقاتهما وفق مصالحهما المتبادلة. وقد يثبت هذا التخفيض في التمويل أيضاً استدامته في الأذونات السنوية المستقبلية بعد عام 2021. لكن تقليصه بشكل أكبر قد يؤدي إلى ردود فعل عنيفة ومؤلمة تؤدي إلى انهزام ذاتي، مما يقوّض التعاون المصري بشأن المصالح الأساسية لواشنطن وأولوياتها المحددة (على سبيل المثال، إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين خطأً؛ الحد من المزيد من مشتريات أنظمة الأسلحة الروسية الهامة). ولربما كانت العلاقة الثنائية في فترة من الفترات "استراتيجية"، إلّا أن واشنطن قد تضطر حالياً إلى الاكتفاء بأن تكون "مثمرة".
.washingtoninstitute