[rtl]الوقاية من العمليات النفسية[/rtl]
[rtl]تناولنا الأساليب والوسائل المتبعة في العمليات النفسية، وعرفنا مدى خطورة تلك الأساليب والوسائل. ولتتمكن القوات الصديقة من الوقوف في وجه هذه التحديات لا بد لها من دراسة الأساليب الوقائية الكفيلة بصد هذه الهجمات الشرسة، خاصة بعد أن عرفنا أن العمليات النفسية توجه جهودها وعملياتها ضد الجنود لتحطيم معنويات العدو مستهدفة من ذلك الحصول على استجابات بدرجة أكثر من عملها للحصول على عمل مباشر. ولكي تكون عمليات تحطيم معنويات العدو ذات فاعلية، فإنها يجب أن تتجه نحو المعنويات الفعلية التي يُعنى بها الجنود ويهتمون لها "فالجنود الذين يتناولون غذاءً جيداً لا يمكن تخويفهم باحتمال أنهم سيواجهون الجوع في تاريخ قادم بعيد، والجنود الذين يتوافر لهم ضباط أكفاء لا يمكن حثهم على القيام بثورة، والجنود الذين تصل إليهم الرسائل تباعاً لا يمكن أن يشعروا بنقص معلوماتهم عمن تركوهم وراءهم في أرض الوطن. ومع هذا، فإن النقاط الضعيفة في تنظيم العدو يمكن أن تقدم الأهداف لتحطيم المعنويات، فموقف الهزيمة مثلاً يفرض إجهاداً كبيراً على الجنود وعلى الضباط الذين يقومون بأعمال ذات مسؤولية، وفي مثل هذا الوقت يبرز التفكك داخل الوحدات، ويكون المجال مهيأ لانتشار الشائعات على نطاق واسع، كما يكون تأثير عمليات الدعاية ضد المعنويات ذا أثر بالغ.[/rtl]
[rtl]وعليه فإن نجاح أي دفاع ضد العمليات النفسية ينبني على أساس عاملين اثنين هما: [/rtl]
[rtl]1. جودة الأغذية والتموين والمواصلات والأسلحة بالنسبة للجنود. [/rtl]
[rtl]2. تنسيق الخدمات المعنوية لمقاومة العمليات النفسية. [/rtl]
[rtl]ويكون ذا فائدة إذا توفر للقوات الصديقة مجموعة من الضباط الأكفاء ليديروا عمليات نفسية مضادة باقتدار مثلما كان يفعل الألمان في حروبهم التي خاضوها ضد أعدائهم، عندما كانوا يعيِّنون ضباط توجيه معنوي على دراية بواجباتهم ليخوضوا العمليات النفسية الدفاعية. إذاً فالعمليات النفسية الدفاعية توجه ضد عقل المستمع، لخلق اتجاهات باعتقاد معين أو بالشك الذي يؤدي إلى العمل المطلوب. ومن المهام الرئيسية للعمليات النفسية الدفاعية اجتذاب الانتباه ثم استمرار الإبقاء على هذا الاجتذاب، ولكن العمليات النفسية التي تبدأ بتركيز انتباهها على ما يعرفه العدو مقضي عليها بالفشل من البداية. وأخيراً علينا أن نذكر أن العمليات النفسية الدفاعية يجب أن تجعل من أهدافها أعمال (مقاومة التخريب المعنوي) و(مقاومة الجاسوسية). وتستطيع العمليات النفسية الدفاع عن أرض الوطن ضد عمليات العدو إذا تمكنت من أن تخلق وعياً بالحذر من الدعاية وتجعل الناس قادرين على نقد الاتجاهات والآراء المضادة للسياسة القومية. على أن التكتيكات الرسمية المعدومة المهارة والاكتفاء بالتشهير العام بالانشقاق والخروج على رأي الجماعة تجعل المواطن يعتقد ما اعتقده (مستر بامبل) في رواية (أوليفر تويست) عندما قال إن (القانون حمار وغبي). [/rtl]
[rtl]أولاً: أساليب مكافحة العمليات النفسية[/rtl]
[rtl]وفيما يلي نتناول بعضً من أساليب مكافحة العمليات النفسية لبيان كيف نتمكن من مجابهتها: [/rtl]
[rtl]1. مكافحة الطابور الخامس[/rtl]
[rtl]إن المُرجفين موجودون في المجتمع البشري منذ أقدم العصور، فقد سبق أن استخدمهم القائد الإسرائيلي (يشوع) قبل نحو خمسة آلاف عام عندما غزا أريحا، كما استخدمهم الإسكندر المقدوني (الإسكندر الأكبر) الذي يعتبر أحد عباقرة الحرب في كل العصور، ملك مقدونيا من (356ق.م ـ 323ق.م) وجنكيز خان (1162 ـ 1227م، إمبراطور مغولي) وفردريك الكبير (ملك بروسيا من 1712 ـ 1786م الذي هزم النمسا) ونابليون وغيرهم من القادة الآخرين في حروبهم المختلفة. ظهر تعبير (الطابور الخامس) خلال الحرب الأهلية الأسبانية بين قوات الجمهورية الأسبانية وقوات (الجنرال فرانسيسكو فرانكو ـ ديكتاتور أسبانيا) حينما قال (الجنرال سولا) أحد قادة فرانكو: "إن أربعة أرتال تتقدم نحو مدريد للاستيلاء عليها، ولكن هناك رتلاً خامساً كاملاً داخل المدينة له القابلية على إنجاز ما لا يستطيع أي رتل إنجازه". يُعد الطابور الخامس سلاحاً فعالاً إذا استخدم الاستخدام الأمثل. في تحطيم كيان الأمم بإضعافها وتفتيتها بالإشاعات والأراجيف لإثارة الفزع بين صفوف المواطنين بإظهار مقدرة العدو العسكرية والقيام بأعمال التجسس والتخريب وإثارة النعرات القومية والإقليمية والطائفية والعرقية بين المواطنين. إن عناصر الطابور الخامس، هم من الأقليات النفعية التي تسكن أرض الوطن والتي تمت بصلة الدم والعرق إلى دولة الخصم، وهم أيضاً المستاءون من نظام الحكم، وأصحاب المبادئ المخالفة لمبادئ النظام القائم، والخونة من أهل البلد الذين يشتري العدو ذممهم بالمال أو الجنس أو المغريات الأخرى، والجواسيس الذين يُرسلهم العدو سياحاً أو مبشرين أو وكلاء أو تجاريين أو في شكل بعثات علمية. ويمكن اتخاذ التدابير التالية لمكافحة نشاط هذا الطابور: [/rtl]
[rtl]أ. إعداد منهاج توعية واضح وشامل يستهدف تنمية الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين مبيناً نوايا العدو، مع التركيز على الدور التخريبي الذي يلعبه هذا الطابور وإيضاح أساليبه في العمل. [/rtl]
[rtl]ب. تحقيق الوحدة الوطنية المتراصَّة كي لا ينفذ منها الوكلاء وعناصر الطابور الخامس. [/rtl]
[rtl]ج. الحد من النشاط الأجنبي ومراقبته بواسطة منظمات مقاومة الطابور الخامس. [/rtl]
[rtl]2. مواجهة الإشاعات[/rtl]
[rtl]إن للشائعة تعاريف وأنواع مختلفة ذات تأثير على نفوس المستمعين، ونعلم أن الإشاعة غالباً ما تجد آذاناً صاغية وتسري في الشعب الضعيف الأعصاب كسريان النار في الهشيم، وتنخر بنيانه الداخلي. وفيما يلي استعراضاً للأساليب التي يمكن أن اتخاذها لمواجهة الإشاعات كل حسب نوعها: [/rtl]
[rtl]أ. إذا كانت الإشاعة تتعلق بموضوع يتطلب الكشف عن الحقائق المجردة فيه في الوقت الذي تبدأ فيه الإشاعة بسبب تعلق الموضوع مثلاً بالأسرار العسكرية أو كان يمس العلاقات الدولية أو يؤثر على السياسة الإنتاجية، وكان هنالك حرج في الكشف عنها ضمن السقف الزمني الذي تثار فيه مثل هذه الأنواع من الإشاعة، وأن الاستمرار في عدم الرد عليها بصورة مباشرة يتيح زيادة انتشارها، فعلى الأجهزة المسؤولة أن تلبي طلب الجماهير وتعمل على تهدئة الموقف والقلق، وذلك بالكشف عن الأركان الصحيحة للموضوع الذي تضمنته الإشاعة، وبهذا تكون الإشاعة قد حققت غرضها، بالرغم من اكتشاف الجماهير لجوانب الخداع والكذب فيها، لأن الهدف الرئيسي والبعيد للإشاعة هو إثارة الحرج والقلق. وعلى هذا الأساس فإن التخطيط لمكافحة هذا النوع من الإشاعات يرتكز على الأسس التالية: [/rtl]
[rtl](1) معالجتها بالأساليب التي تؤدي إلى تحقيق أهدافها والمواجهة غير المباشرة، بحيث يؤدي هذا الأسلوب إلى التخفيف من حدة الإشاعة أو مكافحتها حسب مساعدة الظروف. [/rtl]
[rtl](2) لا يُفضَّل الاعتماد على العلاج الوقتي (بإصدار بيانات وتصريحات تستند على وقائع غير سليمة)، لأن هذا الأسلوب يشكل سلاحاً ذا حدين، قد يؤدي إلى بروز حرب مكشوفة للإشاعة تستند على تلك الوقائع غير السليمة.[/rtl]
[rtl](3) إن مواجهة الإشاعة بصورة صريحة ومكشوفة وتوضيح جوانب الصحة فيها وجوانب الكذب والخداع والدجل في جوانبها الأخرى، كفيل بإزالة التربة الصالحة لترويج الإشاعة، كما يؤدي كذلكً إلى تدريب الجماهير وتوعيتها على معالجة الأمور بالعقل والمنطق وتخفيف حدة التأثيرات السطحية في المشاعر والانفعالات. [/rtl]
[rtl]ب. أما بالنسبة للإشاعات ذات الطبيعة الفردية والتي لها تأثيرات جماهيرية فيستخدم أسلوب الإقناع العقلي القائم على تمكين الجماعات والأفراد من الشعور بالثقة بالنفس وضرورة استخدام المنطق والعقل وعدم الانقياد لمعلومات أو أفكار غير مؤكدة وغير صحيحة، وكذلك ينبغي عدم معالجتها علاجاً فردياً ـ لأن أهدافها قد تكون أعمق من أهدافها الفردية ـ وإيجاد الأسلوب الملائم والمدروس لمواجهتها، ويجب أن لا تساهم الأجهزة المجتمعة فيها، إلا بحدود التوجيه. [/rtl]
[rtl]ج. أما الإشاعات ذات الأهداف والطبيعة الجماعية، والتي لها تأثير على الوحدة الوطنية ووحدة البناء الاجتماعي، وتُوجَّه نحو نقاط الضعف لدى الفئات المختلفة في المجتمع، فإن مقاومتها تتم باستخدام الأسلوب الإعلامي المباشر وفقاً لأحكام العقل والمنطق. [/rtl]
[rtl]د. هناك إشاعات ذات طبيعة مجتمعية تستند بشكل عام على جهود تتولى الإشراف عليها وإطلاقها وترويجها أدوات النشر الخارجية، مما يُمكن لها أن تسير في مجالات عالية حسب مستوى ذيوع ونشاط أدوات النشر تلك، وتستخدم فيها الأكاذيب وأنواع الخداع والتضليل كأسلوب الرأي العام العالمي. وترتكز مواجهة مثل هذه الإشاعات على تنفيذها خارجياً، والعمل على توجيه الجماهير داخلياً وتعريفها بأعدائها وألوان الإشاعات التي يستخدمها أولئك الأعداء في بث روح الثقة والاضطراب في الخارج والداخل، لأن تماسك البنيان الداخلي وقوة الجبهة الداخلية يفتت ويلغي كل ألوان الشائعات. [/rtl]
[rtl]هـ. شائعات الضغط: إذا كانت الشائعة تمسُّ موضوعاً يتعذر الكشف عن الحقائق فيه ـ في الوقت الذي تنطلق فيه الشائعات ـ ويتيح الاستمرار في عدم الرد على الشائعة بصورة مباشرة إلى سريانها وذيوعها، فإن مصمم الشائعة يضع ذلك في اعتباره عندما يبدأ في تصميمها فهو يرتكز في تصميمه للشائعة على أن أحد محاورها يمكن أن يؤدي إلى الاعتقاد في صحة الشائعات، وهنا تتعرض الأجهزة المكلفة بمواجهة الشائعات لحرج شديد نتيجة للصراع الذي يحدث بسبب ضغط الجماهير وترديدها للشائعة، مما يثبت موضوعها في الأذهان أو يثير الاعتقاد في صحتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن مواجهة الشائعات قد يؤدي إلى الكشف عن بعض الأدوار أو المواقف ذات الأهمية الكبرى أو التي ترتبط بمسائل سرية يصعب الكشف عنها داخل الإطار الزمني الذي تثار فيه الشائعة. [/rtl]
[rtl]و. هنالك بعض الأمور ينبغي إتباعها لمقاومة الإشاعات ووأدها في مهدها منها: [/rtl]
[rtl](1) إلقاء المحاضرات عن الإشاعة ومخاطرها وطرق الوقاية منها. [/rtl]
[rtl](2) تدريس مادة العمليات النفسية ـ التي من عناصرها الإشاعة ـ في الكليات والمعاهد والمراكز العسكرية. [/rtl]
[rtl](3) وضع اللافتات والصور التي تظهر فيها حالات انتشار الإشاعات ومخاطرها وأسلوب انتقالها. [/rtl]
[rtl](4) الاهتمام والعمل على خلق الوعي الثقافي والفكري والسياسي تجاه الإشاعة ومخاطرها عن طريق النشرات والمطبوعات التي تضم الشعارات المختلفة منها: (لتقبر الإشاعة وهي في مهدها)، (عدم المعرفة بمعلومة أفضل من إعطائها خطأ)... إلخ.[/rtl]
[rtl](5) إطلاع الشعب وجيشه في الميدان على الأحداث والمواقف المختلفة. [/rtl]
[rtl](6) التحرِّي عن مصدر الإشاعة ومحاسبة مروجيها. [/rtl]
[rtl](7) غرس الروح الوطنية والتفاني والولاء للدولة. [/rtl]
[rtl](8) الابتعاد عن الفكاهات والنكات السياسية والقتالية لأنهما من أساليب الإشاعات التي يروجها العدو. [/rtl]
[rtl]وقد عقّب الدكتور محمود أبو النيل في كتابه (علم النفس والشائعات) على محاربة الشائعات مقترحاً برنامجاً لذلك قائلاً: "لمحاربة الشائعات قواعد وأسس يتم إتباعها مثل تصوير مروجي الشائعات في الصحف بصورة مضحكة وساخرة". ويقترح عمل عمود في كل صحيفة يومية يتلقى الشائعات التي يسمعها المواطنون ويقوم أخصائيون في علم النفس والاجتماع والسياسة وتخصصات أخرى بتحليل مضمونها وكشف الدوافع وراءها. كذلك يمكن أن يوجَّه برنامج يومي من الإذاعة يدحض الأكاذيب ويكشف الحقائق. ويمكن بعد تحليل الشائعات أن يتم بث حقائق مضادة للشائعات الأولى، تتضمن توضيحاً للأحداث يتولى القيام بها أفراد يطلق عليهم (حراس المعنوية). [/rtl]
[rtl]ثانياً: الوسائل والأساليب التي استخدمها المسلمون لمقاومة العمليات النفسية المضادة ولتوجيه حملات نفسية لأعدائهم[/rtl]
[rtl]كانت وسائل الكفار هي نفسها الوسائل التي استخدمها المسلمون والصحابة، حيث قدمت ظروف العصر، وطبيعة الحياة في ذلك الوقت، وسائط واحدة لشن العمليات النفسية ومواجهتها. واستخدام المسلمون أساليب متعددة ليحققوا هدفين: [/rtl]
[rtl]الهدف الأول: مقاومة العمليات النفسية الموجَّهة إليهم من أعدائهم والتحصن ضدها. [/rtl]
[rtl]والهدف الثاني: توجيه ضربات معنوية ونفسية إلى الأعداء، ونشر الدعوة وبثها أيضاً. [/rtl]
[rtl]ومن الأساليب التي استخدمها المسلمون في مقاومة العمليات النفسية ما يلي: [/rtl]
[rtl]1. تحطيم منطق العدو[/rtl]
[rtl]استخدم الرسول r هذا الأسلوب لمقاومة أسلوب التشكيك ومحاولات الإعجاز والتعجيز التي قام بها الكفار واليهود، حيث طلب منه الكفار أن يأتيهم بالمعجزات، فسألوه لهم، وسألوه لنفسه، ووجهوا له الأسئلة عن وجود الله وكيفية خلقه، لكن الرسول r تخلص من هذه الأسئلة التي ظن الأعداء أنه لا يستطيع منها فكاكاً، فقال للكفار: ما بهذا بعثني الله إليكم، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله تعالى، حتى يحكم الله بيني وبينكم، واستخدم هذا الأسلوب الصحابة بعده. [/rtl]
[rtl]2. أسلوب الإعجاز ومقاومة الحجة بالمنطق والإقناع[/rtl]
[rtl]استخدم المسلمون أيضاً في مقاومتهم للعمليات النفسية المضادة أسلوب الإعجاز، لإخراس الألسنة، فها هو الرسول r يستقبل عتبة بن ربيعة، الذي جاءه ليعرض عليه أموراً لعله يقبل أحدها أو ما شاء منها، ويتنازل عن دعوته، ولكن الرسول r يظل يسمع من عتبة، ثم يفاجئه بكلام لا يستطيع الرد عليه، يقرأ عليه (سورة فصلت)، وبذلك لا يستطيع عتبة إلا أن ينصح قومه بألا يتصدوا مرة أخرى لطريق محمد r فقد سمع منه كلاماً، ما هو بكلام للبشر، وهكذا كان لهذا الأسلوب تأثير واضح، في إخراس ألسنة الكفار وتعجيزهم. [/rtl]
[rtl]3. أسلوب ربط المجتمع، أو تقوية الجبهة الداخلية[/rtl]
[rtl]كان من أهم الأساليب التي حصن بها الرسول r أصحابه من العمليات النفسية المضادة، أسلوب ربط المجتمع الداخلي، وعَمِل على ذلك بالمؤاخاة والمساواة والحرية، والقضاء على الرَّق، والقضاء على الأثرة والأنانية كما ذكرنا فيما تقدم. وهذا الأسلوب كان له رد فعل جميل، حيث جعل الصحابة مجتمعاً واحداً متماسكاً لا تجد الحملات المعادية ثغرة واحدة تنفذ منها إليه ولا إلى قائده، وأدى ذلك إلى أن يشعر كل واحد من الصحابة بشعور أخيه، ويندفع لنصرته، مفتدياً إياه بماله ونفسه، ولا أدل على ذلك من إعتاق أبي بكر لسبع رقاب من الصحابة، كانوا يُعذَّبون لأنهم دخلوا في الإسلام، اشتراهم بغالي الثمن، وأعتقهم لله. [/rtl]
[rtl]4. أسلوب الصبر والسلم وعدم الحرب[/rtl]
[rtl]نهج الرسول r في مقاومته للعمليات النفسية المضادة للدعوة وله ولأصحابه أسلوب الصبر والسلم وعدم الحرب، وكان يعلِّم أصحابه هذا الأسلوب، فكان ينهاهم عن الرد على ما يقوله أو يفعله الكفار، فقد تحمل الأذى وتحمل السب والشتم والاستهزاء، ولم يقابل الأذى بأذى، ولم يقابل السب أو الشتم بمثله، بل إنه كان من الناحية القبلية يستطيع ذلك، حيث إن له قبيلة يهمها حمايته والوقوف إلى جانبه. [/rtl]
[rtl]5. أسلوب تحسين العلاقات مع غير المسلمين[/rtl]
[rtl]استخدم الرسول r هذا الأسلوب لتكون له علاقات طيبة مع جميع الناس، وبذلك يدافع عنه أعداؤه، كما يدافع عنه أصحابه، وهذا الأسلوب يشبه في عصرنا هذا عقد معاهدات الصداقة والأحلاف. [/rtl]
[rtl]6. تفنيد الشائعات[/rtl]
[rtl]استخدم المسلمون أيضاً أسلوباً مهماً من أساليب مقاومة العمليات النفسية، هو أسلوب تفنيد الشائعات، وهذا الأسلوب يعمل على دحض الشائعة وقتلها في مهدها قبل أن تؤثر في مستمعيها. [/rtl]
[rtl]7. أسلوب نشر الدعوة[/rtl]
[rtl]وإلى جانب العمليات النفسية كان الرسول r وأصحابه يقومون بالدعوة ونشر الدين، فلم ينشغلوا فقط بدحض الشائعات، أو مقاومة العمليات النفسية، بل التفتوا إلى المهمة الرئيسية التي هي نشر الدين، فكان النبي r يلقى الأذى ومع ذلك يمر في الأسواق وموسم الحج، وأماكن تجمعات الناس يدعو إلى الله، وكان الصحابة يلقون الأذى ويقومون بالدعوة سراً وجهراً، كما كانوا يقومون بتوجيه الضربات المعنوية والنفسية إلى أعدائهم. [/rtl]
[rtl]8. أسلوب تحويل الانتباه وتثبيط الهمم[/rtl]
[rtl]وهو أسلوب يستخدم لتحويل نظر العدو من جهة إلى جهة أخرى، أو من جبهة إلى جبهة أخرى، أو من موضوع إلى موضوع آخر، مستغلين فرصة انشغال العدو في الجبهة الأخرى للحصول على مكاسب معينة، وقد استخدم هذا الأسلوب في الحرب العالمية الثانية ولا يزال يستخدم في كافة المجالات والميادين. [/rtl]
[rtl]9. أسلوب شراء الذمم[/rtl]
[rtl]استخدم كثير من المسلمين في هجرتهم من مكة إلى المدينة هذا الأسلوب، حتى يدعهم الكفار يشقون طريقهم إلى المدينة، فقد خرج الكفار يقاتلون صهيب بن سنان الرومي، فوقف لهم بسهمه وسيفه، ثم دلهم على ماله في مكة، فرجعوا إلى المكان الذي دلهم عليه، فرحين بالمال تاركين صهيباً يأخذ طريقه إلى المدينة، وبذلك نجح أسلوب شراء الذمم في صرف الكفار عن صهيب. ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب لم يُفلح من قبل مع أبي طالب، كما لم يفلح مع النجاشي، مما يدل على أن هذا الأسلوب يصلح مع ذوي النفوس الضعيفة الذين يغريهم المال، وينسيهم مبادئهم، وهذا يحدث كثيراً في العصر الحديث، حيث تنشر الصحف والإذاعات المأجورة ما تأخذ ثمنه من مقالات مظهرة أنه رأي محايد. وهنالك أساليب أخرى عديدة استخدمها المسلمون في مواجهة العمليات النفسية منها على سبيل المثال: توجيه الضربة في الوقت المناسب واستخدام أسلوب العنف لإسكات الخصم. [/rtl]
[rtl]ثالثاً: مجابهة العمليات النفسية الإسرائيلية[/rtl]
[rtl]إن نجاح العدو في عملياته النفسية يتم في غياب مخططات عربية للمجابهة بالشكل المطلوب، وما يُمارس من دعاية مضادة يفتقر إلى الخطة المتناسقة المتكاملة أولاً، وإلى الأجهزة الدعائية القوية التي تقوم على أكتاف مختصين في هذا المجال ثانياً، كما أن أسلوب الدعاية العربية الحالي هو أسلوب مُبتسر يفترض أن العالم يعرف قضيتنا بخفاياها ودقائقها، كما أنه أسلوب يتميز بأنه يتبنى النظرة العربية إلى إسرائيل التي تتصف: إما بالاستهانة وإما بالمبالغة العظمى، مما يجعلها دعاية مترددة حائرة تقف أمام إعلام ودعاية العدو المخططة المنظمة. وعليه فإن المجابهة العربية المطلوبة يجب أن تعتمد دراسة عميقة لأساليب العدو التي تمليها عليها أهداف عملياته النفسية الاستراتيجية والتكتيكية ثم دراسة لوسائله المستخدمة ووضع التقويم الشامل لكل ذلك، ثم وضع الخطة الشاملة للمجابهة على ضوء هذا التقويم وملاحقتها وإحباطها. إن دراسة الأسس التي تقوم عليها عمليات العدو النفسية هي عملية ضرورية، وذلك للعمل على تعريتها وإفهام الفئات المستهدفة حقيقة هذه الأسانيد الباطلة التي يعتمدها عمله الإعلامي الدعائي النفسي. ويقتضي التخطيط العلمي لمجابهة عمليات العدو النفسية إعداد خطة دعائية موحدة ومحكمة يرفدها جيش من الساسة الدعائيين المتخصصين على أرفع المستويات العلمية، وأجهزة إعلامية راسخة قادرة على بناء وتنفيذ الخطة الدعائية. ويساعد في هذه المجابهة وفي وضع الخطة الشاملة دراسة طبيعة دولة العدوان العنصرية الاستيطانية التوسعية التي تعمل على استقطاب وتعبئة اليهود من خلال استراتيجية تستغل أول ما تستغل الأساس الأيديولوجي. وما يساعد في هذه المجابهة أيضاً أمور نحصرها في الآتي: [/rtl]
[rtl]1. دراسة العدو من حيث التكوين النفسي. [/rtl]
[rtl]2. دراسة الخلفية الثقافية والنمط الإنساني الذي يمثله. [/rtl]
[rtl]3. دراسة ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. [/rtl]
[rtl]4. دراسة ورصد جميع السلبيات الخفية لديه. [/rtl]
[rtl]واستغلال كل ذلك يساعد في المجابهة وفي توعية مواطنينا ورفع روحهم المعنوية، وشن عمليات نفسية مضادة تعمل على تحطيم إرادة العدو القيادية والشعبية وتزرع بذور التخاذل والانهزام والفتنة والشقاق بين طوائفه، وتضع شرخاً لا يلتئم بين أفراد جماهيره وقادتهم. ويساعد ذلك أيضاً في كشف زيف دعاية العدو وملاحقتها أولاً بأول ثم توجيهه الخطة الدعائية الشاملة التي توجه إلى تلك المجالات كافة، والتي تنطلق ـ كما سبق ـ من إستراتيجية واضحة الأهداف محددة المقاصد، يضعها خبراء متخصصون في كافة المجالات العسكرية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ثم يتبلور هذا التخطيط الشامل في خطط مرحلية تنفذ حسب توقيتاتها مع وضع كافة الاحتمالات والبدائل المقترحة بحيث ينضوي كل ذلك تحت الاستراتيجية العامة للعمليات النفسية. [/rtl]
[rtl]رابعاً: واجبات ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة في التصدي للعمليات النفسية[/rtl]
[rtl]يُعد ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة أهدافاً ذات أهمية في الهجوم النفسي الذي يشنه العدو ـ سواء كان ذلك في السلم أو في الحرب ـ وهناك واجبات على ضباط وجنود القوات المسلحة ينبغي أن يلتزموا بها في التصدي للعمليات النفسية منها: [/rtl]
[rtl]1. أن يكون لدى كل ضابط وضابط صف وجندي الوعي السياسي والديني الكامل ويعرفوا ما تتخذه الحكومة أو القيادة العسكرية من إجراءات تتعلق بمجال الدفاع النفسي. [/rtl]
[rtl]2. أن يتفاعلوا مع القوى الشاملة التي تعمل من أجل الدفاع ضد الهجمات النفسية التي يشنها العدو. [/rtl]
[rtl]3. أن يلموا بالمعلومات الأساسية الكافية التي تمكنهم من التصدي للعمليات النفسية بنجاح. [/rtl]
[rtl]4. عليهم الإلمام بطرق وأشكال وإمكانات العمليات النفسية[/rtl]