أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
عندما تحدث الرسول الأعظم محمد عن الجهاد كان مما قاله أن يكون (بأنفسكم وسيوفكم وألسنتكم ) في إشارة اللسان للحرب الدعائية والنفسية .، وعنها قال القائد الألماني روميل بأن : القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم ، وقال (تشرشل ) :كثيرا ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ ! يعرف د. حامد ربيع ، الحرب النفسية بقوله أنها (نوع من القتال لا يتجه إلا إلى العدو ولا يسعى إلا إلى القضاء على إيمان المستقبل بذاته وبثقته بنفسه ، وبعبارة أخرى هي تسعى لا إلى الإقناع والاقتناع ، وإنما تهدف إلى تحطيم الإرادة الفردية ، هدفها أكثر اتساعاً من الدعاية ، فهي تسعى للقضاء على الإرادة ولكنها لا تتجه إلا إلى الخصم أو العدو ). وقد استخدم العلماء الفرنسيون ثم د.حامد ربيع مصطلح التسميم السياسي في تعريف الحرب النفسية أو قريب منها .
ويعرفها اللواء الركن محمد جمال الدين محفوظ بأنها : الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة ، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة- التي توجهها- أهدافها .
ويمكن أن نعرّف الحرب النفسية أيضاً بأنها : عملية منظمة شاملة يستخدم فيها من الأدوات والوسائل ما يؤثر على عقول ونفوس واتجاهات الخصم بهدف تحطيم الإرادة والإخضاع ، (أو)تغييرها وإبدالها بأخرى بما يؤدي لسلوكيات تتفق مع أهداف ومصالح منظم العملية .
· الاتجاه : حالة استعداد عقلي انفعالي للسلوك نحو موقف أو شخص أو شيء بطريقة مطابقة لنموذج معين من الاستجابة سبق أن نظمت أو اقترنت بهذا المثير . (ميل لمناصرة أو معارضة ….. ) .
غايتها الرئيسية :
- شل عقل الخصم وتفكيره ونفسيته وتحطيم معنوياته وبث اليأس ، والتشجيع على الاستسلام والقضاء على كل أشكال المقاومة عنده . ( فرداً أو جماعة أو مجتمعاً ) .
خصائص الحرب النفسية : أ)لا تسعى للإقناع بل تحطيم القوة المعنوية للخصم . ب)موجهة أصلاً نحو الخصم (العدو ) . ج) تسعى لزعزعة الخصم وثقته بأهدافه ومبادئه بتصوير عدم إمكانية تحقيق هذه الأهداف والمبادئ . د) تحطيم الوحدة المجتمعية والنفسية للخصم ، ببعثرة الجهود وبلبلة القوى السياسية والسعي لتناحرها . هـ)التشكيك في سلامة وعدالة الهدف أو القضية و)زعزعة الثقة لدى الخصم بإحراز النصر وبقوته . ز) استغلال أي انتصارات في إضعاف عقيدة الخصم . ح)تفتيت حلفاء الخصم وكسب المحايدين . ط) تحقيق أهداف ومصالح الطرف الأول في ذلك .
أدوات الحرب النفسية :
1. الدعاية السياسية : (بإيجاد المعارضة داخل الصفوف ..)
2. التسميم السياسي (تحطيم الإيمان بالعقيدة والتماسك النفسي ، وتمزيق مكونات الشخصية )
3. الشائعات : (خلق بلبلة والتشكك …. )
4. الاغتيالات : (قتل قادة الرأي والميدان والسياسة …)
5. تشجيع التمرد : (هلع ، قلاقل ، فتنة ….)
6. غسل الدماغ : ( خلق شخصيات جديدة )
7. استخدام الأقليات : (العرقية و الطائفية والعشائرية )
8. استخدام المنظمات : ( بشرائها مالياً ، عقائدياً ..)
11. الضغط الاقتصادي أو التلويح باستخدام العقوبات الاقتصادية .
12. تعطيل وسائل الاتصالات : ( ضربها ، تشويشها ..)
وسائل الحرب النفسية :
1. الإنسان من حيث كونه فرد في المجتمع مناصر أو معارض أو مذبذب أو محايد
أو عميل يستخدم لنشر البلبلة وتحطيم المعنويات .
2. استخدام المنظمات (السياسية والاجتماعية وغير الحكومية والجمعيات .. ) .
3. استخدام كافة وسائل الاتصالات (المؤتمرات ، الدعوات ، السفارات ، الندوات ،
المقابلات ، التلفاز ، الإذاعة ، المرئيات ، الإنترنت ، المعارض .. ) .
4. استخدام القوة العسكرية أو المظاهر الحربية .
مقاومة الحرب النفسية :
أولا: تتم بالتعرف والتحليل والاكتشاف (للأداة ) المستخدمة وغاياتها ، هل هي دعاية أم إشاعة أم تجسس ، والى ماذا ترمي، وماهي عناصرها ومكوناتها … الخ
ثانيا: بإثارة المشكلة تبدأ مرحلة الإعداد المركز لحملة المقاومة (الدعاية المضادة ..)
ثالثا : اختيار وسائل الهجوم :مرئية ، مسموعة ، مكتوبة ، لقاءات ، مهرجانات …الخ
رابعا : إطلاق الهجوم المباشر بغرض إضعاف الخصم ،
وخامسا:عند تحقيق نتائج أو انتصارات ولو ضئيلة يتم توظيفها في كسب الرأي العام المعادي أو تحييده
سادسا :أما في غسل الدماغ تحديدا فالعلاج طويل جداً.
إضـاءات
يقول المفكر الاستراتيجي كلوزفيتز أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل مختلفة إن السياسيين هم من يشنون الحرب وسياستهم هي التي تسببها وصنعتهم فن الممكن . والدعاية لا تعمل في فراغ منفصل من الحقائق الاجتماعية أو السياسية ، إنها وسيلة أساسية يحاول القادة بواسطتها أن يكسبوا التأييد العام من الجمهور لسياساتهم ، أو أن يتجنبوا بواسطتها المعارضة لتلك السياسات ، ويتوقف نجاحهم - أو من يخالف ذلك - في إنجاز هذا الهدف على مقدار مهارتهم في استغلال فن الدعاية .
* قال الكاتب الروماني (فيجينيوس) في القرن الرابع (أن من يستحق السلام يجب أن يكون مستعداً للحرب) .
* يقول المفكر الروسي (بليخانوف) (أن رجل الدعاية يقدم آراء كثيرة لفرد واحد أو لعدد قليل من الأفراد ، ولكن مثير الفتن يعرض رأياً واحداً أو آراء قليلة لجمع غفير من الناس ) .
* يقول (هتلر) ( إن أسلحتنا الاضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب الأعداء ، فعندما يتخاذلون في الداخل ويقفون على حافة التمرد وتهددهم الفوضى الاجتماعية تحين الساعة لنفتك بهم بضربة واحدة )
· يقول د. مصطفى الفقي : ( إننا غالباً ما نعجز عن الحصول على حقوقنا أو الوصول لأهدافنا لسبب مباشر هو قصورنا في التعبير عن وجهة نظرنا حتى لو كانت الفرصة متاحة لنا ، لذلك كان طبيعياً ألا نرى دائماً جماعات ضغط عربية في دول أجنبية لأننا قد تفرغنا لإجادة الحديث عن النفس (المونولوج) ، وانصرفنا تماماً عن التمرس بالحديث مع الآخر (الديالوج) وساعد على ذلك بالطبع افتقاد ما يمكن تسميته بثقافة الديمقراطية في وطننا العربي الكبير بحيث أصبح كافياً لدينا أن نقنع أنفسنا بدلاً من أن نركز جهدنا في إقناع الغير ، وتلك في ظني هي جريمة العقل العربي الكبرى وخطيئته التي لا تغتفر ).
· سنتعرض في هذه الورق للدعاية السياسية وغسيل الدماغ ونلحقها بورقة منفصلة عن الإشاعة في الحرب النفسية.
الدعاية السياسية
Political Propaganda
- عملية إثارة إعلامية ونفسية مخططة للتأثير في اتجاهات وعقول وعواطف ومواقف الجماهير وآرائهم وأفكارهم وسلوكياتهم .
- وسيلتها : نشر معلومات (حقائق أو أكاذيب .. ) باتجاه معين في محاولة منظمة للتأثير في الآخرين .
- والدعاية أيضا :الإقناع المنظم بالوسائل غير العنفية .
- ويعرّفها د. عبد القادر حاتم بأنها (فن التأثير والممارسة والسيطرة والإلحاح والتغير والترغيب بقبول وجهات النظر أو الآراء أو الأعمال أو السلوك ) .
- ويقول د. أحمد بدر أنها (الجهود الواعية التي يقوم بها الداعية لنشر أفكار وآراء أو معتقدات معينة للتأثير في الرأي العام وعلى السلوك الاجتماعي ، دون أن تفكر الجماهير في الأسباب التي دفعتها لتبني تلك الآراء ومنطقيتها)
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:50
خصائص الدعاية السياسية
1. تمثل وجهة نظر أو مضمون فكري نفسي موجه .
2. وجود حجة تؤيد وجهة النظر .
3. لغة (أسلوب) تستخدم لعرض وجهة النظر .
4. وجود جماعة مقصودة .
5. أداة صالحة فعّالة لنقل وجهة النظر .
6. هدفها : تغيير آراء أو أفكار أو عقول أو مواقف الفئة المستهدفة .
ماذا تفعل بالضحية ؟
يؤدي المضمون الفكري النفسي الموجه إلى الشحن العاطفي والتوتر النفسي أو الإقناع الفكري ، وتكون من نتائج ذلك تشويه التتابع المنطقي عند الفرد (تلاعب بالعواطف) فتتغير الاستجابة لموقف معين (قبول ، رفض ، تفضيل ، كره … )
ولكن كيف نميز بين الدعاية والحقيقة ؟! يقول بعض العلماء أن الجواب بسيط : فإنك إذا وافقت على ما يقال (ترى أو تقرأ أو تسمع ) فإنه حقيقة ! وإذا لم توافق عليه فإنه دعاية ! وما يجعل الخبر دعاية السؤال لمن جاءت ولماذا ومتى …؟! وعليه فإن تحليل الدعاية تشمل تحليل ما تحاوله جهة ما من جعل الناس تفكر. بينما تحليل الرأي تشمل تحليل ما يفكره الناس .مواصفات الدعاية السياسية
1- استخدام الاستهواء والإيحاء والإقناع للجماهير .
2- استغلال ميل الفرد إلى المسايرة والتقليد .
3- ضرورة التكرار بصياغة واضحة ومفهومة .حيث أن العقيدة بنت الإيحاء والتكرار
4- ضرورة الاستمرار في لفت النظر والتنويع .
5- استغلال الجماعة المرجعية تأثيراً على الفئة المستهدفة بأن يكون الموضوع مفضلاً لدى هذه المرجعية .
6- التركيز على المواضيع المثيرة ، جالبة الانتباه .
11- استخدام أسلوب التهويل والتضخيم مثيراً (الاستقرار الأسري ، الأمن الشخصي ، العدالة .)
12- تخاطب العواطف والانفعالات وتستقطب مشاعر الناس ومودتهم بالكلمات المؤثرة (غضب خوف ، حب ، أمل .. ) 13- إثارة مشاعر الناس السلبية (يأس ، إحباط ، تهديد الأمن ، فشل ، هزيمة .. ).
14- تتناسق مع قيم وعقائد وعادات الجماهير .
15- تختار الوقت المناسب والمكان المناسب (القتيلين في رام الله ومحمد الدرة ولارسون ) .
16- قد تلجأ للتضليل والتحايل بذكر أنصاف الحقائق .
17- تفترض تلاعباً بالنفس بحيث لا تترك الفرد حراً في اختيار النتائج المترتبة على تحليله لموقف معين .
الدعاية والنظام السياسي
1. تعبئ الجماهير . 3. تبرر وجود النظام . 5. تحرّض ضد الأعداء
2. تغير من مواقفها . 4. تدافع عن شرعيته .
أنواع الدعاية السياسية
الدعاية البيضاء :
مصدر معروف وعبر وسائل الإعلام المتاحة . مثال : الدعاية العربية ضد الصهيونية .
الدعاية الرمادية :
لا تخشى معرفة مصادرها الحقيقية ولكنها تتستر وراء أهداف ما (إذاعات أوروبا الحرة ضد الدول الاشتراكية ) ( إذاعة الأكراد ضد تركيا ..) .
الدعاية السوداء :
· نشاط ذو مصدر سري ، و يقوم على نشاطات المخابرات والعملاء السريين .
· نشاط الإذاعات والمرئيات التي تتحدث وكأنها مع الفلسطينيين أو مع السلام ..الخ أو كأن المتحدثين فلسطينيين وطنيين ولكنها غير ذلك .
· تستخدم بشدة في الحرب النفسية .
· أل cnn أثناء حرب الخليج الثانية .
مقاومة الدعاية ( الدعاية المضادة) :
1. تحديد مبادئ الخصم وأهدافه بتحليل أفكاره السياسية التي تقوم عليها فلسفته الدعائية .
2. التعرف على الخلفية الفكرية والاجتماعية للخصم لاستثمارها في عملية تحليل أفكاره السياسية المعادية .
3. البحث عن نقاط الضعف لدى الطرف المعادي واستغلالها لأقصى حد .
4. استغلال مواضع التناقض والكذب لدى الخصم لشل دعايته والتهوين من شأنها .
5. إيجاد الفرص المناسبة (التوقيت) لمهاجمة الخصم والاستهزاء به .
6. الحقيقة : عرض الحقائق على الملأ دون مراوغة وتحليل بعضها بطريقة موضوعية متزنة .
7. تجنب المواجهة المباشرة لدعاية العدو حين تكون دعايته في أوجها .
8. الثقة بالجماهير ، وتحقيق ثقة الجماهير بالقيادة السياسية عبر الممارسات الديمقراطية والمشاركة .
9. تسخير كافة وسائل التربية والتعبئة والإعلام في مواجهة الخصم .
10. إشاعة الديمقراطية : لأنه في عصر ثورة المعلومات والاتصالات أصبح من المستحيل احتكار العقول أو التغطية عليها ، لذا فديمقراطية الرأي والإعلام وسيلة للثقة المتبادلة واستنتاج آليات للمقاومة .
11. تعلم فن مخاطبة الجماهير ، ونشر الأفكار وإقناع الغير .
12. إتقان اللغة وتعلم لغة الخصم ولغة العالم من حيث الألفاظ ومن حيث الطريقة في توصيل المعلومة (الدعاية ) .
نماذج الاستجابة السياسية
1. الهلامي : يميل حيث تميل الريح ، أو لا يحتفظ بثبات رأي .
2. البليد : عدم الاكتراث الشديد .
3. الدموي : من بينهم يظهر الانتهازيون .
4. البارد : غير مكترث ، ويحترم حرية الآخرين .
5. العصبي : ومن بينهم تجد الثوريين ، أو الفوضويين .
6. العاطفي : ومن بينهم تجد الثوريين ، أو الفوضويين .
7. الغضوب : يميل للتحكم وإصدار الأوامر والزعامة .
8. المتحمس: يميل للتحكم وإصدار الأوامر والزعامة .
الدعاية والإعلام
ليس للإعلامي غرض معين ينشره على الجمهور إلا الإعلام في حد ذاته ، أما الدعاية فتعمل للتأثير في اتجاهات الناس وآرائهم ومن ثم سلوكهم بحيث تأخذ الوجهة التي يرغب بها ويحدث هذا عن طريق الإيحاء أكثر مما يحدث بواسطة الحقائق والمنطق .
وتصبح الدعاية نوعاً من الإعلام إذا قام بها الداعية لاجتذاب الأفراد والجماعات إلى مبادئ جديدة تعتمد على الحقيقة .
الدعاية والتسميم السياسي
يشمل التسميم السياسي على التوجه في الخطاب الفكري والسياسي إلى العدو أو الخصم السياسي ، وقد يتجه إلى الآخر بمعناه العام وفق التحديد له .إلا أن التسميم الفكري يختلف عن الدعاية من حيث كونه لا يسعى إلى الإقناع أو الاقتناع بل إلى القضاء على الخصم بمعنى شل قدرته الفكرية والمعنوية . لذا فجوهر عملية التسميم السياسي التأثير على العقول والنفوس عن طريق التلاعب بعناصر التكوين المعنوي ، الأمر الذي يمثل قمة التوجيه السياسي أو المعنوي للخصم .
6. الاجتماعات : تعقد في مناسبات كما في حملات الدعاية الانتخابية .
7. المؤتمرات الصحفية : وخاصة في الدعاية السياسية .
الدعاية الأيدلوجية : الشيوعية كمثال :
* ذات نظرة فلسفية محددة ، مستمدة من الأيدلوجية الماركسية اللينينية .
* الصراع الدائم بين الطبقات .
يقول ستالين ( إن للدعاية الأهمية القصوى للانتصار النهائي للحزب ) وأضاف (لقد حققت ديكتاتورية البروليتاريا نجاحاً بسبب أنها عرفت كيف تقرن الإكراه والإلزام بالاستمالة والإقناع) .
أسس الدعاية الشيوعية :
1. الإدانة السياسية : لمغالطات وأكاذيب الرأسمالية .
2. نشر الفضائح السياسية للخصم: لتهيئة الجماهير وشحنها .
3. المبالغة : في حجم مشاعر الاضطهاد دفعاً بالجماهير للثورة .
4. الاستغلال : لكل حادثة مهما صغرت ، والعمل بلا تردد لإدانة كل تفاصيل الظلم
الناتج عن النظام الرأسمالي .
5. طرح الشعارات المرحلية : حيث قال لينين أن شعار المرحلة ليس إثارة جوفاء فحسب ( إنه تكتيك للخط السياسي في وقت معين ، كل شعار مرحلة يجب أن يكون من مجموع خصائص في وضع سياسي معين ) . إن الشعار يربط الواقع بحاجات الناس وكما قال تروتسكي (يتهموننا بأننا نخلق رأي الجماهير وهذا الاتهام غير صحيح لأننا نحاول فقط التعبير عن هذا الرأي .
6. مخاطبة العقل والمنطق ، وتجنب مخاطبة المشاعر والعواطف والغرائز كما يقول الشيوعيون .
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:51
الدعاية النازية
إنها دعاية لا عقلانية لأنها تهدف لإثارة المشاعر والعواطف لدى الأفراد ، وتغلب الدعاية النازية الصورة على التبرير والحس الاندفاعي على المنطق .
* استفادت الدعاية النازية من الغرائز : الأبوة ، الأمومة ، الجنس ، القوة ، العنف والكراهية والتدمير.
* يقول هتلر : ( إن الرأي العام لا يعتمد على الخبرة الشخصية أو على معرفة الأشخاص وهو يستسلم للدعايات التي تسيطر عليه دون أن يشعر ، والصحافة هي الموجه الوحيد … ) وحالياً اتخذ التلفاز هذا الدور بجدارة .
* الدعاية : فن التأثير بخيال الجماهير التي تسيطر عليها الغريزة حيث تجد بعد أن تتخذ شكلاً نفسياً (سيكولوجيا) ملائماً الطريق إلى قلبها ، ويجب إخضاع جميع البرامج المدرسية والتوجيهية لخدمة الدولة ، كما يقول أدولف هتلر في كتابه (كفاحي) .
* ويشرح غوبلز ، وزير الدعاية في عهد هتلر دعائم الدعاية النازية بقوله : ولنا أن نقارنها بالدعاية الصهيونية .
(ينبغي أن نبحث عن الأقليات الموتورة ، وعن الزعماء الطموحين الفاسدين وذوي العصبيات الحادة والميول الإجرامية فنتبناهم ونحتضن أهدافهم ونهول مظالمهم ونهيج أحاسيسهم بمزيج من الدعاية والشائعة مثيرين الغني على الفقير والرأسمالي على البروليتاري ، دافع الضرائب على فارضها ، الجيل الجديد على القديم ، وبذلك نحقق درجة من الفوضى يمكن معها التلاعب بمقدرات العدو وفق ما نشاء )
* خاطبت الدعاية النازية المشاعر وتلاعبت بالعواطف فلم تترك للشعب فرصة التفكير الهادئ فتبلدت عقوله حتى كف عن التفكير سوى تفكير واحد : هتلر هو القوة ، القوة الوحيدة الحقيقية .
* في دراسة (تشاكونين) بعد الحرب العالمية الثانية (اغتصاب الجماهير بواسطة الدعاية ) يقول عن الدعاية النازية أنها تقوم على عناصر عاطفية لا عقلانية وتأخذ بمبدأ الاستجابة الشرطية لبافلوف ، والدعاية ضمن هذه النظرية تحدث تحويلاً في الاندفاعات الطبيعية للفرد وتوجهها صوب مواضيع محضرة سلفاً . (التفوق الثقافي والعرقي الجرماني… ) .
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:52
الدعاية الأمريكية
الدعاية من رموزها
1. أمريكا قوية لا تهزم النسر الأمريكي
2. أمريكا ذات يد طائلة المارينز/رامبو
3. أمريكا لا تسامح المعتدين على مصالحها العراق/ليبيا
4. أمريكا تمثل حضارة العالم الجامعات
5. أمريكا تمثل قمة الديمقراطية جورج واشنطن
6. أمريكا تمثل قمة التقدم التقني و العلمي الإنترنت
7. أمريكا تمثل قمة التقدم الثقافي والفكري الجينيوم
8. أمريكا بلد الحرية تمثال الحرية
9. أمريكا راعية حقوق الإنسان بالعالم منظمات حقوق الإنسان
10. أمريكا حامية الأقليات المضطهدة الأكراد/الأقباط
11. أمريكا ضد الإرهاب والتطرف ملاحقة (بن لادن)
12. أمريكا بلد الرفاهية الجينز والهمبرجر والكولا
13. أمريكا بلد الصناعات السيارات الفارهة
14. أمريكا بلد الغنى والمتعة مايكل جاكسون/والت ديزني
غسيـل الدمــاغ
يقول د.أحمد بدر أن الشيوعيين الصينيين أعطونا مصطلح ( غسل المخ ) وأظهروا عن طريق تحويل المدنيين الغربيين وأسرى الحرب أن وسائل الإصلاح الفكري لا ينبغي فهمها على أنها نوع من السحر الأسود الذي تمارسه النظم الديكتاتورية على المواطنين الخاضعين . واستخدم المصطلح هنا للدلالة على :
- إرغام الشخص البريء على أن يعترف بكل إخلاص ذاتي
- أنه قد ارتكب جرائم خطيرة ضد الشعب والدولة .
- إعادة تشكيل معتقدات الشخص السياسية حتى ينكر معتقداته السابقة ويصبح داعية للشيوعية .
إن لغسيل الدماغ ارتباط بالدعاية والتطبيع(التسميم) السياسي حيث تهدف العمليات الثلاثة إلى تشكيل الاتجاهات وتشريب بعض المعتقدات وتحقير أو تحطيم معتقدات أخرى كما أن العمليات الثلاثة تستخدم بدرجات متفاوتة - العقل والعاطفة والمنطق والعقيدة والاستمالة والقهر .
الأساليب الفنية لغسيل الدماغ
1. السيطرة الكاملة : أي التحكم الكامل بكيان الضحية (السجين مثلا) ووجوده ويشمل هذا التحكم كل تصرفاته حتى بالنسبة لقضاء حاجاته الخاصة . ويطبق في هذا الخصوص قواعد صارمة تغطي جميع ساعات يقظته ونومه ، والهدف : وضع السجين تحت مضايقة سكيولوجية مستمرة ، وإعطاءه الدرس بأن سجانيه هم القادرون على كل شيء وأنه لا حول له ولا قوة .
2. الضياع والشك : يهمل السجين فلا يبلغ الاتهامات المحددة ضده ، وتقابل شكواه بالغضب ثم يطلب إليه الاعتراف الكامل … فيحتار ، فهو لا يستطيع الدفاع لجهله بالتهم ولا يستطيع أن يرجئ طلباتهم بالاعتراف .
1. يخضع الضحية لعملية استكشاف غير صريحة تسعى إلى تحديد نقط الضعف في شخصيته الفردية ، وأداة الوصول لذلك المقابلة أو المحادثة الشفهية الحرة ، التي قد تتم دون أن يعلم الضحية بغايتها الحقيقية .
2. مرحلة إثارة القلق : حيث يتم التلاعب بنقاط الضعف إلى حد التمزق وهذه العملية يسهل تنفيذها على الأسرى والمعتقلين حيث يكون الضحية مقيداً في حركاته وتنقلاته وعلاقاته ، ولكنها لا تستحيل بالنسبة للآخرين ، وبصفة خاصة الدبلوماسيين بفضل العنصر النسائي والوسائل الأخرى .
3. عندما تصل الضحية لمرحلة التمزق الكامل ، تبدأ مرحلة إعادة تشكيل شخصية الضحية ، ويتولى هذه العملية المحلل النفسي الذي يتسلم الشخص عقب وصوله إلى حالة التمزق ، ويعيد تشكيل شخصيته وفقاً للنموذج المستهدف (يصبح الشخص طفلاً في يد المحلل يشكله كما يريد ) .
4. الإطلاق : في هذه المرحلة يعلن المحلل النفسي أن الشخص قد أضحى صالحاً لأن يطلق في مجتمع العدو ناقلاً السموم التي حقن بها .
العمليات السيكولوجية في غسيل الدماغ
1. التقمص : يتقمص السجين عادة شخصية أكبر وأهم شخص من مستجوبيه أي أكثرهم نفوذاً وسيطرة ، وهذه العملية قد تؤدي لتعاطف السجين مع سجّانه فيسهل تطويعه .
2. هبوط المقدرة الفكرية : الضعف الصحي يؤدي للتفكير غير المتماسك .
3. قلة التلاؤم : نتيجة العزل الطويل ، وما يسببه ذلك من سهولة التطويع .
4. الإيحاء : ويلعب دوراً أساسياً في معاونة الأسير على تكوين اعترافاته وخصوصاً أنه لم يعد قادراً على التمييز بين أفعاله هو والأفعال التي أوحيت إليه عن طريق مستجوبيه
5. التكرار : تكرار القول أنه مذنب تؤدي للتقبل .
6. الشعور بالذنب : إجباره على مراجعة حياته الماضية وتبرير أفعاله الشخصية والسياسية من شأنه أن يثير لدى الأسير بعض الشعور بالذنب .
8. السلوك المشروط : باستخدام الثواب والعقاب وإيجاد علاقة مع تقدم السجين ومدى استجابته.
9. السلوك غير العقلاني بوجه المثير المفاجئ : الإخضاع للتحقير والمذلة والألم والخوف والجوع يؤدي للتصرف بطريقة انفعالية وعاطفية وسيقوم بالتسليم لسجانيه والإذعان لهم بعد وقت قصير .
10. تناوب الخوف والأمل : مع المعاملة القاسية والوحشية فإن سجانيه حريصون على استمرار أمل السجين بالحرية إذا أذعن لمطالبهم .
ملاحظات سياسية عن غسيل الدماغ
· قلة يستطيعون مقاومة غسيل الدماغ .
· الوسط يؤثر لاحقاً على من تعرض لغسيل الدماغ .
· تكاليف باهظة في العملية ولا يمكن تطبيقها على جمهور كبير .
· احتمالية المقاومة وزوال التأثير بعد السجن تظل قائمة لدى البعض .
· الشباب والمراهقون الأكثر صلاحية للميلاد السيكولوجي والأيدلوجي .
· الشخصيات الكلية (المتطرفة ) المطلقة التفكير قابلة للتحول .
· الشخصيات القادرة على النقد والتحكم بالذات تقاوم جيداً
· الشخصية التسلطية أكثر تقبلاً (للإصلاح) من الشخصية المتحررة .
وسائل غسل الدماغ
1. استخدام العقاقير الخاصة : التي تؤدي للاختلالات والإغماء والرعشة .
2. الصدمة الكهربائية : لها نفس مفعول العقاقير ، وتؤدي الوسيلتان إلى طرد عادات واتجاهات اكتسبها الدماغ المريض فتخف أوهامه وتتلاشى تخيلاته ولا يجد الدافع القوي للانتحار أو قتل الآخرين .
3. غيبوبة الأنسولين : حيث يؤدي حقنه لخفض السكر بالدم وغيبوبة عميقة .
4. استئصال جزء من الفص الدماغي الجبهوي : مما يزيل حالات التوتر ، ويؤدي إلى تبديل شخصية الضحية حيث يقول بعض العلماء أن بعض الأفراد ممن أجريت لهم هذه الجراحة نسوا عقيدتهم الدينية تماماً .
5. الأسلوب السلوكي : بتنفير الفرد من سلوك معين وغرس الكراهية والنبذ لهذا السلوك أو العادة لديه ويتضمن هذا الأسلوب : تجويع المريض وعزله ووضعه تحت إضاءة خافتة أو شديدة ، أو في غرفة معتمة وإعطاءه أدوية تسبب القيء والدوار ، وإسماعه كلمات سيئة ، ثم كلمات محبوبة حين الانتهاء ، ويستخدم التيار الكهربائي المتقطع أثناء الإيحاءات … مع تكرار هذه الطرق لأسابيع أو أشهر مما يؤدي لتغيير في عادات أو أفكار الضحية .
6. التنويم المغناطيسي : وله طريقتان :
الأولى : استخدام الإيحاء في عقل الشخص النائم ليلتقط الأفكار المطلوبة فتطبع كلها أو جزء منها في يقظته ، وتحدث بذلك تغييراً وتحويرا في فكره واتجاهاته .
الثانية : الحصول على اعترافات وشروح وتفاصيل مكتومة بطريقة سريعة ومختصرة .
النموذج الكوري في غسل الدماغ
1. استقبال الأسرى بابتسامة وبشاشة ، ومصافحتهم الواحد تلو الآخر ، تقدم لهم السجائر (على عكس توقع الأسرى عنهم أنهم خشنون بخلاء … ) .
2. يتم تهنئة الأسرى لأنهم هربوا من قيود الرأسمالية ويكررون التهنئة مرددين (كن مقاتلاً من أجل السلام) (ألا تكون بجانب السلام ) (طبعاً أنت تريد ذلك) (حسناً إنك مقاتل صادق لقضية السلام ) .
3. يطلب من كل أسير التوقيع على تعهد من أجل السلام ، فإن أبدى مقاومة قيل له أن توقيعه تأكيد على رغبة عالمية لكل البشر المفكرين (العرض بسيط ويبدو مقنعاً وبأسلوب يبدو محايداً ) .
4. يتعرف السجانون عن دقائق حياة الأسير ، يقدمون له استمارة ، ممهورة بشعار الصليب الأحمر لكسب الثقة ، وتخلو الأسئلة من أي صيغة عسكرية ، وأغلبها معلومات اجتماعية . عن الآباء والأمهات والأقارب والدخل والتحصيل العلمي والسكن.
5. كان الأسرى يوضعون في معتقلات على الحدود مع منشوريا وتدار من قبل لجنة عسكرية وسياسية يشرف عليها آمر المعتقل . وللمحقق الذي يتحدث الإنجليزية صلاحيات واسعة يمارسها أثناء التوقيف لتنفيذ : الإقناع والمذهبة والاعتراف ومن هذه الصلاحيات ، فرض العقوبات وتخفيضها وإبدال الأعمال الشاقة بالخفيفة أو العكس .
6. يعمل الأسرى من (7 صباحاً إلى 7 مساءً) ، ويخالط العمل النقاشات والمحاضرات ، ومن يبدي من الأسرى استعداداً للمطالعة يسمح له البقاء في المكتبة ذات الكتب الأيدلوجية الموجهة .
7. يتضمن منهج المحاضرات الدروس المتعددة والمتكررة التي تتضمن :
أ) تأجيج نار الكراهية والحقد ضد الولايات المتحدة .
ب) تبيان الدور السلمي البنّاء للدول الاشتراكية .
ج) توزيع النشرات الاشتراكية ومطالبة الأسرى بحفظها ، واستعمال التكرار مع
الزجر والحزم خلال ذلك كما يستعمل ذلك أي مدّرس مع تلامذته (رجع بعض
الأسرى وهم يعيدون مقاطع كاملة من تعاليم لينين ويجادلون من مواطنيهم من هم أكثر علماً وثقافة ..)
د) كل من يبدي عدم اكتراث أو يجادل عاتباً تعاد عليه المحاضرة في ساعة متأخرة
من الليل وفي الفجر ، من يشاكس يحرض عليه زملاءه الآخرين ، أو يضطر
لتذنيب نفسه علناً أمام زملاءه ، ويؤدي الجدال بين الأسرى إلى فقدان الثقة بينهم
وإلى الريبة والحذر وإلى ظهور المخبرين بعضهم على بعض .
8. علاوة على المحاضرات والمناقشات يتعرض الأسرى إلى الاستجواب الروتيني الذي تتخلله الوسائل النفسية للإرباك والتخويف والشك والغموض للقضاء على مقاومة الأسير
مثال :
يدخل الضابط المحقق ذو الثقافة الواسعة وهو يتكلم الإنجليزية بطلاقة ثم يضع مسدسه على المائدة ويقف وراءه مساعده ، يطلب منه ملفاً يحوي كمية ضخمة من الأوراق المطبوع عليها كلمات (سري للغاية) ثم يبدأ المحقق بتقليب أوراق قد تكون وهمية ويخاطب الأسير بقوله : أن كل هذه الأوراق تتضمن معلومات دقيقة عنه جاءت عن طريق مخبرين سريين .
9. عزل الأسير : عن حياته السابقة بقطع رسائل أهله السارة أو تأخيرها . أما الأخبار المحزنة والكئيبة فتسلّم إليه بسرعة
مثال :
إذا تذمر الأسير وتساءل عن سر تأخر الرسائل يتبرع صديقه المنتمي والموالي للكوريين للاستفسار عنها ، ثم سرعان ما يجلب بعضها ،الأمر الذي يزيد الأسير ثقة وتعلقاً بزميله ذاك ، ثم يخبره زميله أن التأخير حصل نتيجة ضرب الولايات المتحدة طرق المواصلات بالقنابل أو لإهمال الأقارب فتزداد ضغينة الأسير ويشعر بمزيد من المرارة تجاه دولته ومواطنيه ، ثم يسمح للأسرى بإذاعة الرسائل الإعلامية التي تتضمن الدعوة إلى السلام .
10. النتيجة : اكتسب الكوريون صداقة الأسرى الأمريكيين وطاعتهم ، وتفرقهم فيما بينهم . على عكس اليابانيين الذين عاملوا أسراهم بالقسوة والتهديد والإهانة مما زاد من تكتلهم ومقاومتهم وحقدهم ضدهم .
ملحوظة : رأى الباحث الأمريكي (براون) أن الأسرى لم يتعرضوا لعملية غسيل دماغ وإنما لعملية تمذهب (أدلجة) وتثقيف سياسي صارم أثار دهشة الغرب ؟!
12. التحصن بالإيمان ، ويقين الانتماء ، والتقرّب من الله في العبادة .
13. في حالة الضعف الذاتي إلجأ إلى جماعتك (تنظيمك) .
14. مارس تمارين الاسترخاء والتأمل .
15. التفكير بدعاية الخصم بمنطق الكشف عن المرامي ومحاولات تثبيط العزائم والتخذيل والزعزعة من الثقة بالنصر.
الشـــــــــــائعات *
أولا- ماهية الشائعة:
عرف البورت وبوستمان الشائعة في كتابهما "سيكولوجية الشائعة" بأنها "اصطلاح يطلق على موضوع ما ذي أهمية وينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الكلمة الشفهية، دون ان يتطلب ذلك البرهان والدليل".
ويعرفها جان مازونوف في كتابه "علم النفس الاجتماعي" بقوله: "الشائعة هي ضغط اجتماعي مجهول المصدر يكتنفه عموما الغموض والإبهام ويحظى عادة باهتمام قطاعات عريضة من المجتمع".
ويعرفها سعيد عبد الرحمن بقوله: "أنها ضغط اجتماعي مجهول المصدر يكتنفه الغموض والإبهام وهي تحظى من قطاعات عريضة أو أفراد عديدين بالاهتمام".
أخيرا يرى الدكتور محمد عبد القادر حاتم الشائعة" بأنها فكرة خاصة يعمل رجل الدعاية على أن يؤمن بها الناس كما يعمل على أن ينقلها كل شخص إلى الآخر حتى تذيع بين الجماهير جميعها".
الشائعة إذا ما هي إلا : خبر يحمل في طياته أهمية ويتناقله الأفراد عن طريق الأفواه وقادر على هز الرأي العام في المجتمع وبلورته.
يحدد البورت وبوستمان في كتابهما "سيكولوجية الشائعة" ميزات الشائعة فيقولان: "أن انتشار الشائعة لا بد أن يخضع لشرطين أساسيين هما: الأهمية والغموض". وهذان الأخيران هما شرطان أساسيان للشائعة حتى تسري في المجتمع، إلا أن شدة سريان الشائعة لا يكون حاصل جمع الأهمية والغموض وانما هي حاصل ضرب الأهمية في الغموض (الأهمية × الغموض). أي أن الغموض وحده لا يكفي لنشر الشائعات ما لم تصحبه أهمية الخبر المتعلق بالشائعة.
لنفرض مثلا أن هناك شائعة سمعناها عن ارتفاع سعر الورد في أوروبا وان هناك أزمة خانقة لزراعة الورد في هذه القارة. والسؤال هنا هل مثل هذه الشائعة يمكن أن تأخذ مكانا ما لدى الرأي العام العربي؟ لا نعتقد ذلك، لان مثل هذه الشائعة سيكتب لها الموت في المهد، لسبب بسيط وهو أن الورد لا يشكل أية أهمية تذكر بالنسبة إلى الفرد العادي في المجتمع العربي.
ولكن لنفرض أن الشائعة كانت تتعلق بالطحين أو السكر أو أية سلعة هامة فهنا نرى ان الأمر يختلف تماما، لان لهذه السلع أهمية كبيرة في حياة الأفراد.
الذي يمكن استنتاجه من كل هذا ان الغموض والأهمية يشكلان سمتين أساسيتين للشائعة. فشدة سريان الشائعة تتوقف على درجة غموضها وأهميتها، كما ان فرصة انتشارها تكبر كلما كان هناك تناسق وانسجام بين مضمونها والوسط والظروف التي ترمى بها.
ثانيا - أسباب ترداد الشائعة:
أ- لا تنمو الشائعة إلا في مجتمع تخيم عليه حالات قلق عامة مرضية بسبب أخطار حقيقية أو وهمية تتهدد جماعة بعينها في مصيرها.
ب- تتكاثر الشائعات وتتكاثف بنسبة انخفاض الأخبار الرسمية والموضوعية عن الوضع القائم. وبالتالي إذا غاب الإعلام كليا اثر حدث مثير ومفاجئ تنشأ الشائعات وتتكاثر وتتفشى بسرعة.
ت- إن انتشار الشائعة في أوساط جماعة معينة مرتبط مباشرة بطبيعة محتواها وأهميته بالنسبة الى مصير أفراد هذه الجماعة.
ث- تنتشر الشائعة بين أفراد الجماعة المعنية بوساطة أقنية غير عادية وبطريقة مغفلة.
ج- عندما تنتشر الشائعة شفهيا تتحول تلقائيا وفق قواعد التبسيط والتضخيم والتوجيه باتجاه المشاعر القوية للجماعة وتكسب من جراء ذلك بنية ذاتية.
ح- إن مفاعيل الإعلام الصحيح في محاربة الشائعات ليست أكيدة ولا آنية. نتائجها معكوسة النسبة ذا قورنت بضخامة الشائعات ومأساة الجماعة المعنية بأمرها.
من عوامل ترديد الشائعات :
يمثل1-حب الظهور 2-والخوف 3-والكره 4-والمرض النفسي عوامل نفسية هامة وراء ترديد الشائعات. كما أن: 5-انعدام المعلومات 6-والحروب 7-والأزمات 8-وعدم الاستقرار السياسي 9-وكذلك الفراغ 10-والعمر 11-والجنس تقف أيضا وراء ترديدها. فقلة المعلومات وانعدامها يخلقان حالة من عدم الثقة بين الحكومة والمواطن تجعل هذا الأخير اكثر عرضة للشائعات من غيره. وهنا يبرز دور أجهزة الإعلام والمسؤولين في الدولة. فواجب الوسائل الإعلامية إعطاء الأخبار الصحيحة للمواطن والتصدي لكل شائعة لدحضها وتفنيدها. وتؤدي مصارحة الزعماء لشعبهم في أوقات الأزمات والحروب، وكذلك مراقبة أعداء البلاد في الداخل والخارج، دورا هاما في ردع الشائعات ومقاومتها في المجتمع. أما عامل الفراغ فدوره غير محتاج ألي التأكيد ، ان اغلب الشائعات التي تطلق في أيام السلم يسهم فيها العاطلون عن العمل. وتظهر أهمية هذا العامل في الدول النامية حيث تنعدم أماكن التسلية والنوادي الرياضية والثقافية.
وإذا ما انتقلنا إلى عامل العمر والجنس رأينا أن هذين العاملين يقفان بدورهما وراء ترديد الشائعات، ففي دراسة قام بها معهد جالوب الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية على عينة طبقية من ألفى فرد اختيرت من عدة مدن أميركية لمعرفة مدى تقبل هؤلاء الأفراد لإحدى الشائعات المعادية ونشرها فوزعت البيانات على الأفراد ومنها الشائعة التي تقول: (فر أخيرا اكثر من 300 مجند أمريكي من قاعدتهم في "فورت ويكس" بنيوجرسي لرفضهم القتال ضد قوات المحور).
وكانت النتائج كما يأتي:
- انتشار الشائعة وترديدها عند الطبقة غير المتعلمة وعند النساء.
- انتشار الشائعة وتصديقها من قبل كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والأربعين.
- رفض الشائعة وعدم تصديقها لدى الأفراد المتعلمين والشباب
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:54
الأدوات الفعالة لمواجهة الإشاعة :
1- خلق الثقة بين الوسائل الإعلامية والشعب، وذلك عن طريق إعطائه الأخبار الصحيحة قدر الإمكان. والاستعداد الدائم من قبل الحكومة لدحض أية شائعة وذلك بعرض الحقائق أمام الشعب.
2- رفع المستوى الثقافي والتعليمي في البلاد، لان الإنسان المتعلم المثقف أقوى واوعى
3- إنشاء مكاتب او عيادات غرضها تحليل الشائعة ومعرفة جذورها وابعادها السياسية والنفسية والاجتماعية.
4- خلق أمكنة للتسلية وذلك عن طريق تأمين العمل وانتشار النوادي الرياضية والثقافية.
5- مراقبة أعداء البلد في الداخل والخارج .
6- خلق الثقة بين الشعب وزعماء البلاد وذلك بمصارحة الزعماء لشعبهم بالأمور الهامة عن طريق الاتصال المرئي او المسموع.
رابعا-أدوات بث الشائعات :
وقد عرف القرن العشرين تطورا هاما في وسائل نشر الشائعات، فبعد أن كان الفرد يقوم بالدور الرئيس في بث الشائعات أصبحت الشائعة تملك عدة أدوات هامة وفعالة، أهمها:
-الأجهزة الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة.
-الرسائل والمنشورات.
-الطائرات.
-العملاء من الخارج أو من داخل البلد المستهدف من قبل النظام المعادي وذلك عن طريق الشراء أو وسائل أخرى.
- المنظمات أو الأحزاب، والجماعات المؤيدة للنظام المعادي.
- الجواسيس المرسلة خصيصا لذلك.
- الطابور الخامس و الاقليات.
خامسا – أنواع الشائعات:
الصورة الأولى هي الشائعة التي تدور حول موضوع معين. ففي الأحوال العادية يبحث مثلا عن نسبة الشائعات التي تدور حول السياسية والجنس والاقليات الخ .
الصورة الثانية هي الشائعة الزاحفة: وهي التي تروج ببطء، وتتناقل من قبل الناس همسا وبطريقة سرية، وتنتهي آخر المطاف ألي أن يعرفها الناس جميعا. وتنمو مثل هذه الشائعات عادة في الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية.
الصورة الثالثة (الشائعة العنيفة) وهي التي يكثر حدوثها ووجودها أثناء الحرب والكوارث والأزمات والهزيمة. ان مثل هذه الشائعات تستند عموما الى العواطف الجياشة كالذعر والغضب والخوف.
الصورة الرابعة هي الشائعة الغائصة التي تظهر ثم تغوص لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظروف الملائمة والمساعدة للظهور. ويكثر هذا النوع من الشائعات في القصص المتشابهة التي يعاد تداولها في الظروف المتشابهة. فالعدو الصهيوني حاول ان يعاود نشر العديد من الشائعات في حرب تشرين 1973 ضد المصريين معتمدا على شائعات مماثلة ظهرت في حرب 1967. ولعل قصة اللسان وطابع البريد المشهورة تلقي المزيد من الضوء على هذا النوع من الشائعات وتتلخص القصة:
الصورة الخامسة: (الشائعة الوهمية) التي تنتج عن الخوف لا عن الرغبة.
الصورة السادسة (الشائعة الحالمة) التي تقف وراء حلم يراود بعض الأفراد. فالأفراد الذين يرددون أن الدولة ستقوم بإنشاء وحدات سكنية توزعها مجانا او بأسعار رمزية على الشباب الذي يود الزواج. يحاولون أن يجعلوا من أحلامهم شائعة وردية اللون تصل الى مسامع الأطراف المسؤولة.
أخيرا هناك شائعة "الكراهية" التي تنتشر من جراء الشعور بالكراهية لنظام او لحزب سياسي معين الخ. وأسباب هذا النوع من الشائعات هو الصراع السياسي بين الكتل والأحزاب.
سادسا - أهداف الشائعة وأغراضها:
أ- أنها تقوم مقام المعرفة الحقيقية وهذا يحدث في حال غياب المعرفة.
ب- أنها تكشف عن الاستعدادات الكامنة لدى الجماعة، وتعبر عن الحالة العاطفية والانفعالية لدى السكان أو حيث تتفشى.
ج- أنها تفسر ما يجري في مجتمع محدد وفي فترة زمنية معينة. هذا على مستوى مغزى الشائعة ومن هنا يمكن أن ينتج عنها ما يخفف التوتر او ما يزيد من حالة عدم الاطمئنان.
د- كثيرا ما تساعد الشائعة على شرح الأخبار الجديدة وبالتالي على سبر أغوارها.
هـ – أنها تؤثر في سلوكية المعنيين وكثيرا ما توجه الأعمال عينها.
تؤدي الشائعات دورا هاما في تعبئة الرأي العام، كما أنها تعد مقياسا لدرجة وجوده ونضجه. وللشائعة دور في تكوين الرأي العام والتأثير فيه أحيانا.
استخدمت الشائعة لإخفاء عمل عسكري ما. وهذا النوع من الشائعات نراه في اغلب التحركات العسكرية لأية دولة قبل الحرب وأثناءها ، من قبل دولة معينة الغرض منه تمويه التحرك الحقيقي وإخفاؤه. فتحرك القوات العربية قبل حرب تشرين 1973 وما أطلق من شائعات للتمويه يدخل في هذا الإطار.
قد يكون غرض الشائعة أيضا التقليل من شأن العدو وهيبته وأكبر مثال على ذلك الطائرات الخشبية في مصر أثناء الاعتداء الثلاثي 1956 والطائرات المموهة أثناء حرب الخليج الثانية (1990).
وأخيرا تستخدم الشائعة كطعم ضد العدو : فعندما تعلن دولة معينة ان قصفها مواقع العدو احدث خسائر فادحة في العتاد والرجال بلغ كذا وكذا، فإن تضخيم الخسائر من قبل ناشرها ما هو إلا فخ ينصب لدفع العدو إلى إعلان خسائره الحقيقية، هكذا تتمكن الدولة من معرفة خسائر العدو من خلال رده على مثل تلك الشائعة. ولقد استعمل الكيان الصهيوني مثل هذه الشائعات كثيرا أ ثناء حرب حزيران 1967 وبعده وفي الانتفاضة .
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:56
تعريف الحرب النفسية
الحرب النفسية هي إستخدام مخطط في وقت الحرب أو الطوارىء بطريقة دعائية، و ذلك للتأثير على أفكار و عواطف جماعات أخرى. ثم طرأ تغيير على التعريف فألغيت عبارة " في وقت الحرب أو الطوارىء" ، حتى يتوسع نطاق المفهوم
لينبارجر : الحرب النفسية هي إستخدام الدعاية ضد عدو ما، مع مساعدة عسكرية أو إقتصادية أو سياسية لإستكمال الدعاية، و هي الإستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول و مشاعر فئة معينة من الناس و هي تطبيق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الإقتصادية أو العسكرية بعد إستخدام الحرب النفسية من قِبل المدنيين أخذت التعريف التالي: إستخدام وسائل التخاطب الحديث بغرض الوصول الى الجماهير المستهدفة لكي يتم إقناعهم بقبول معتقدات و أفكار معينة. الحرب النفسية هي تهدف بغرض تقوية الروح المعنوية لأفراد الأمة، و تحطيم الروح المعنوية للعدو.
أهداف الحرب النفسية :
بث اليأس، و الإستسلام في نفوس العدو. تضخيم أخطاء العدو و ذلك لإحداث نوع من فقد الثقة بين الشعب و قيادته إضعاف الجبهة الداخلية للعدو، و إحداث الثغرات بها، و تشكيك الجماهير في قدرة قيادتها السياسية، و التشكيك بالقوة المسلحة.
العمل على تفتيت الوحدة بين الأفراد و القوات المسلحة حتى لا يثقوا ببعضهم
أنواع الحرب النفسية
الحرب النفسية الإستراتيجية
تصمم لتحقيق أهداف عامة شاملة بعيدة المدى، و تتسق مع الخطط الإستراتيجية العامة للحرب، و هي تتميز بالشمول و الإمتداد من حيث الزمان و المكان، و قد تستغرق وقتاً طويلا، عشرات السنين أو حتى مئات السنين، كما أن بُعدها المكاني قد يشمل المناطق المجاورة للهدف و أحياناً القارة كلها أو حتى الكرة الأرضية و ذلك حى يتحقق الهدف، ثم تستمر بعد النصر لكي يتم تثبيت دعائمه
أهداف الحرب النفسية الإستراتيجية
* تثبيت خطط الدولة السياسية الخاصة بالحروب و شرح أهدافها و أغراضها * تأكيد العقوبات الإقتصادية التي تفرضها الدولة على العدو. * خفض الروح المعنوية بين العدو و أفراده. * بث روح الكراهية داخل دولة العدو و بخاصة العناصر المضطهدة. * إطهار التأييد الأدبي للعناصر الصديقة في اقليم العدو. * تقديم المعاونة اللازمة لعمليات الدعاية التكتيكية.
الظروف التي تسهل نجاح الحرب النفسية الإستراتيجية
* الهزائم العسكرية التي يعانيها العدو. * النقص في الحاجات الأساسية ، و المعدات الحربية للعدو. * التضخيم النقدي الخطير لدى العدو. * التعب، و إفتقار الثقة في القادة. * نقص المواد الخام للازمة لاقتصاديات العدو. * مظالم الحكم و عدم العدالة في ادارة دولة العدو.
القيود على الحرب النفسية الاستراتيجية
* من الصعب تقدير نتائج عمليات هذه الحرب لأنها طويلة الأمد، و قد يتعذر لمس النتائج لعدم توفر المعلومات الكافية في معظم الظروف. * قد تقابل هذه الإجراءات، إجراءات أخرى مضادة في أرض العدو ، إذ أن العدو قد يلجأ إلى فرض عقوبات على أفراده العسكرين أو المدنيين في حال استمعوا على وسائل اعلام الخصم.
مثل اعتماد اسرائيل في حربها على العرب و خاصة الفلسطنيين الحرب النفسية الاستراتيجة التي ما زالت منذ عشرات السنين.
الحرب النفسية التكتيكية
هي حرب الصدام المباشر مع العدو و الإلتحام به وجهاً لوجه سواء بالحرب السياسية أو الإقتصادية أو المعنوية أو العسكرية ، و يستخدم في ذلك منشورات توزع بواسطة المدفعية و الطيران و مكبرات الصوت و الإذاعة اللاسلكية و الصحف و الكتيبات و المجلات التي تلقى من الطائرات
أهداف الحرب النفسية التكتيكية
تثبيط معنويات العدو و كفاءته القتالية. تسهيل احتلال مدن العدو عن طريق توزيع الإنذارات معاونة الحرب النفسية الإستراتيجية بالحصول على معلومات أدق حول نقاط ضعف العدو تقديم المعلومات و التوجيهات اللازمة للعناصر الصديقة التي تعمل داخل منطقة العدو حث العدو على أن ينظر الى أسباب الحرب بنفس النظرة التي ينظرها الى أسباب حربه، و بذلك يضعف الحماس في قتاله الظروف المساعدة في نجاح الحرب التكتيكية الهزائم المتكررة للعدو، و الخسائر الفادحة التي يُصاب بها. موقف العدو العسكري المزعزع
أمثلة تاريخية
من أشهر الأمثلة التاريخية في الحرب النفسية هي فتوحات جنكيز خان,فالسائد أن جنكيز خان قد أستخدم أعدادا هائلة من المقاتلين واجتاح بهم أغلب مناطق العالم, إلا أن الدراسات الحديثة اثبتت أن أراضي وسك اسيا لا يمكن ان تعيل أعدادا كبيره من السكان في ذلك الوقت الذين بإمكانهم غلبة سكان المناطق المجاورة المكتظة بالسكان, فأمبراطورية المغول بنيت بأبداع عسكري ليس إلا, بأستخدام قوات مدرية سريعة الحركة واستخدام العملاء و الجواسيس مع الاستخدام الصحيح للدعاية, فقد أشاع المغول أن أعدادهم خرافية و أن طباعهم شرسة وقاسية بغرض إخافة أعدائهم وخفض معنوياتهم ومن الرجوع للتاريخ لايمكنا معرفة من هو أول من عرف التعذيب النفسي ولكن يمكن القول أنه ظهر بصورة مشتته لا يصلح أن نطلق عليها أنها طريقة سائدة من طرق الحروب البشرية ومثال لذلك غزوات التتار فنجد أنهم لم يقوموا بهذه الأمور الوحشية في البلاد التي استولوا عليها لمجرد القتل والسلب والنهب والحرق وخاصة أنهم ليست بينهم عداوة سابقة ولكنها رغبة في ترهيب باقي الأمم إذن إنها الحـــــرب النفــــســية
ما مدى تأثير الحروب النفسية؟
في الماضي كنا نعتقد أن تعذيب الانسان أقصى تعذيب هو تعذيبه جسديا بالقتل، أو قطع الاعضاء.....الخ لكن مؤخراً اكتشف أن هناك نوعا معروفا أشد من ذلك إنه التعذيب النفسي الروحي حين يحس الانسان أن ارادته وقوته الداخلية محطمة وليس بها حول ولا قوة حينما يحس أن الضعف ينبع من داخله وليس للآخر آثر فيه بخلاف التعذيب الجسدي فإنه يشعر الرء بحقه الذي اغتصب منه ظلما فربما زاده ذلك قوة ودافعا أما التعذيب الداخلي فهو يصيب الانسان بالاستسلام الداخلي والخارجي وهذا يختلف أيضا عن الشعور بالنقص من أجل ظلم خارجي فإنه قد يقوده للأمام كالأعسر مثلا أما في الحرب النفسية فإنها تدفع المرء للركون للواقع المرير والاستسلام له دون محاولة تغييره وهذا هو ما يدفع الخصم إلى هذا الطريق من ألوان الحروب فهو أقل تكلفة من الناحية المادية هل تعد الحروب النفسية مظهرا من مظاهر التقدم الانساني خاصة أنها تتخذ سياسة حقن الدماء وحفظ الأنفس من الضياع؟
بالطبع للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نذكر مجموعة من الحقائق: إن الحروب النفسية ما هي إلا تحطيم للكرامة الانسانية حيث يصبح حيوانا بلا إرادة بلا تفكير بلا أحلام يتحكم فيه انسان آخر حينما ينادى أن العالم يجب أن يكون مقسما وفقا لاعتبارات معينه مثل: عالم متقدم، عالم نامي ، دول عالم ثالث،دول الشرق ، دول الغرب......الخ يجب أن نعلم أن كل هذه التقسيمات ما هي إلا جزء بسيط من الحرب النفسية عندما تكون النفس البشرية سيجارا بين أيدي القادة والسياسين يحرقونها سرعة وبطئا حسب ماتمليه امزجتهم المتقلبة يمينا وشمالا عندما يفقد الانسان إرادته وتفكيره يصبح جسدا بلا روح ولا يوجد أمامه سوى خيارين أحلاهما أمر من صاحبه:
1- أن يستسلم 2- أن يقاوم ولك في هذه الحالة إن المقاومة ستكون جسديا أما معنويا وروحيا فهي مفقوده ونتيجها معلومة وهي الفشل فهو كسهم في اتجاه خاطئ وأيا كان فهو ما يريده العدو لا يمكن أن أرد على هذا السؤال إلا أن أقول إنك كما أنك قد تقتل انسانا برصاصة فقد تقتل روحة وجسده بكلمه ولكن هل الحرب النفسية حرب شريفة كأي حرب نسمع عنها؟؟ بالطبع ليست كذلك؛ الحرب النفسية هي اذلال للكرامة الانسانية هي تدمير للإرادة الداخلية للمجتمع عامة والفرد خاصة إننا لو نظرنا إلى نتائج الحروب المادية سنجدها نتائج محسوسة قد تؤدي إلى الاستقرار مع مرور الزمن ويمكن طي صفحاتها بكل سهولة أما الحروب النفسية فهي مجال آخر يقوم فيه الانسان بإذلال كرامة أخيه الانسان يجعله ميت الإرادة قليل الحيلة.
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:57
الحــرب النفسيــة في النظام الدولي الجديــد
المقدمة. يعيش الإنسان في عديد من الدول والمجتمعات البشرية في عصرنا الحالي أزمة وجود، أو محنة استقرار أساسها الصراع الدائر بين الأقوياء من جهة، وأقوياء آخرين من جهة أخرى، وبين الأقوياء أو بعضهم من جانب والضعفاء و بعضهم من جانب آخر، وكذلك بين الضعفاء وأمثالهم، صراع دائم يفضي إلى محن وأزمات مستمرة اختلف المختصون في علم النفس والاجتماع بشان طبيعتها وأسباب حدوثها وأبعادها البنائية وبدايات الحدوث، أو ما يسمى بالجذور التاريخية لها، ويعود هذا الخلاف إلى تعدد المناهج التي تتناول مثل هذه الأمور، وكذلك إلى التعقيد الموجود في النفس البشرية، وهي خلافات تعكس التناقض العميق لرؤى الأزمات والدلالات والمعاني ذات الصلة بالتعامل معها، أو التحرر منها ومضامين هذا التحرر. وبالعودة إلى منطقتنا العربية والإسلامية ومعطيات الصراع، نتلمس أن الأزمات التي نتجت عنه والتي ستنتج لاحقا، عزاها غالبية السياسيين والباحثين إلى الاقتحام الغربي لها - أي المنطقة - وما تبعه من سيطرة على مقدراتها بأشكال وآليات تتجدد بين الحين والآخر. ويدعم هذا الرأي الكفاح المستمر لشعوبها بهدف تحقيق الاستقلال، ومقاومة ذلك الاقتحام بكافة أشكاله الثقافية والحضارية والاقتصادية والسياسية، ويدعمه أيضا اندفاع شرائح واسعة من مواطنيها ورغبتهم بالتعليم وإقبالهم عليه لتسليح أنفسهم بوسائل المقاومة ومفردات الثقة بالنفس لتفادي أية آثار محتملة لذلك الاقتحام، واستعدادهم للجهاد طويلا ضد المستعمر أو المقتحم وطرده خارجها مهما بلغ الثمن كما حصل للعديد من الدول العربية والإسلامية عبر سني نضال أبنائها الطويلة حتى تحقق لهم ما أرادوا بجهودهم المتواصلة. ومع هذا ينظر القلة إلى مجمل الموضوع نظرة مختلفة مردها إلى القدر الذي جاء بالمقتحمين في ظروف تفوقهم الحضاري، وهي النظرة التي لم تلق دعما علميا كافيا يساعد على ديمومة الاعتراف بها، في الوقت الذي أبقى فيه البعض الآخر الباب مفتوحا أمام المزيد من البحث والتقصي بغية الوصول إلى الأسباب والدوافع التي شجعت قسم من سكان هذا العالم على الغزو والاقتحام وجعلت القسم الآخر فريسة سهلة له، في زمن باتت وسائل تأثير هذا الغزو الفنية منها مثل العسكر، والإعلام مملوكة في معظمها للغزاة غير المنصفين، وبات فيه المعرّضون للغزو غير قادرين على منعها بالوسائل التقليدية، حتى ضاقت أمامهم فرص الدفاع إلا ما يتعلق منها بفاعلية الإيمان بالشرائع السماوية التي يتمسكون بها، والفكر المنطقي الذي يحملونه، ومعطيات التحصين لأنفسهم وتقليل فعل التأثير على حياتهم، وبمقدار العلم الذي يحصلون، لدرء خطر التأثير على قدراتهم خاصة بعد أن أصبح الغزو في عالم اليوم فكريا والمعركة نفسية سلاحها الإعلام وأدواتها كل وسائله المسموعة والمقروءة والمرئية. النظام العالمي الجديد. 1) النظام العالمي الجديد اصطلاح في السياسة بدأ استخدامه بشكل واسع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين المنصرم، وبالتحديد مع ظروف تفكّك الاتحاد السوفيتي، حيث اقترن بالعولمة ليعبر عن انتقال عمليات السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات بين المجتمعات البشرية بحرية ودون قيود. لكنه ومن الناحية العملية يعبر عن اتجاه للهيمنة على مقدرات العالم من طرف واحد (أمريكا) أو ما يسمى بالقطب الواحد. وهو بوجه العموم مصطلح ظهر على الصعيد الأكاديمي أول مرة بداية الستينات عندما استعمله المحامي الأمريكي المتقاعد كرنفينك كلارك، المستشار الفاعل لعدد من وزراء الخارجية في البيت الأبيض في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، لكنه ورغم الظهور المذكور لم يُدرج تعبيرا عاما في الفكر السياسي إلا بعد ثلاثين سنة على وجه التقريب، وكان أول من استخدمه بمعناه الحالي أواخر الثمانينات غورباتشوف 1989، وبوش 1990، والأمم المتحدة 1991. وباختصار يمكن القول أنه مصطلح لا يحمل في طياته أي جديد سوى محاولة الأمريكان لاستغلال انهيار الاتحاد السوفيتي في تعديل ميزان الصراع بينهم وبينه، وكذلك استثمار التخلخل الحاصل في الوضع الدولي آنذاك لإضافة المزيد من معايير القوة في كفة ميزانهم للصراع مع قوى أخرى ما بعد الاتحاد السوفيتي. هذا من وجهة النظر السياسية، أما من وجهة النظر النفسية السياسية فإنه (النظام العالمي الجديد) واقع لم يكن جديدا بتوجهاته وأهدافه، لأنه استمرار لذات الجهود في السيطرة وإدارة الصراع، والجديد فيه يتعلق فقط بالوسائل والأدوات التي اخترعتها أو استثمرت اختراعها أمريكيا لإيجاد قناعات خاصة وتحوير أخرى لصالح توجهاتها الستراتيجية في المجتمعات المستهدفة، وكان لها السبق في هذا المجال لعدة أسباب من بينها : آ- التطور التقني الكبير للمجتمع الأمريكي في كافة المجالات، وخاصة في وسائل الاتصال ونقل المعلومات. ب- الاقتصاد الأمريكي المتفوق من حيث القوة والقدرة على المنافسة مع اقتصاديات العالم الشرقي والغربي على حد سواء. ج- قدرة الردع الأمريكية المتفوقة في مجال أسلحة التدمير الشامل وكذلك في بعض مجالات الأسلحة التقليدية. 2) وتأسيسا على هذا التفوق سارعت أمريكا لاستخدامه كوسيلة ضغط على الحكومات، والشعوب الأخرى بعد أن بات أكثر من نصف العالم في قبضتها نتيجة لحاجة البعض إلى استثماراتها ومساعداتها لدعم اقتصاده، والبعض إلى تواجدها العسكري لتعزيز أمنه واستقراره، والبعض الآخر لمواقفها السياسية لتأكيد شرعيته، وآخرون إلى تقنياتها المتطورة لدعم تطوره واستمرار بقائه. 3) إن زيادة الحاجة للأقوى من قبل الأقل قوة وإمكانية فرضها واقع لمضاعفة فعل انتقال السلع والتقنية والمعلومات والثقافة والأفكار الذي سيؤدي حتما إلى أن تكون الحـدود والسيادة الوطنية في كثير من المجتمعات غير الرصينة مجرد رموز للماضي، ويبدو معها فعل التأثير على المجتمع المستهدف خارج قدرة المجتمعات غير الحصينة للحيلولة دون حدوثه، ويبدو معها النظام القيمي والأنماط الثقافية والنظم السياسية عرضة لاحتمالات التغيير، الأمر الذي لا يبقي أمام المجتمعات العربية و الإسلامية المستهدفة وسيلة أمثل للدفاع سوى التحصين النفسي ضد أدوات التأثير التي يمتلكها النظام العالمي الجديد، والتي تكاد أن تكون موجودة في كل بيت ومدرسة ومصنع مهما حاول المعنيون منع دخولها بأساليبهم المباشرة أو غير المباشرة. الحـرب النفسـية. 1- كانت الحرب بمفهومها العسكري التقليدي إحدى أهم الوسائل المتاحة لفض الصراعات القائمة وفرض الإرادات، حتى وقت قريب تدخلت فيه بعض المتغيرات التي أثرت على اتجاهات السياسة في الاعتماد المطلق على الحرب المباشرة، أو الصدام المسلح كعامل فاعل لتأمين غاياتها، ومن بين تلك المتغيرات : آ) ظهور الأسلحة المتطورة لدى العديد من الدول أدخل العالم حقبة الإستراتيجيات الشاملة بشكل أصبحت فيه احتمالات الحرب التقليدية كوسيلة من وسائل إدارة الصراع قليلة الاحتمال إلا في حدود ضيقة، لأن الاستخدام العام لتلك الأسلحة لا يسمح بخروج منتصرين في حرب سيحل الدمار بجميع أطرافها. ب) على الرغم من مقدرة الجيوش الحديثة وضخامة الأسلحة التي بحوزتها وقدرتها على التحشد والإسناد الإداري فإنها أصبحت شبه عاجزة لوحدها عن تحقيق الحسم العسكري بشكله الاعتيادي رغـم تفوقها على خصم أصبح ونتيجة للتطور يتمتع بفرص جيدة للمناورة وإمكانات عالية في استجلاب الدعم والإسناد وحرية معقولة لتأمين الاتصال بمستويات زادت من فرص مقاومته. ج) التطور الكبير الذي طرأ على وسائل الاتصال ونقل المعلومات جعل عالم اليوم صغيرا للحد الذي يستطيع فيه المرء أن يرى أحداثاً تقع في مختلف أنحائه لحظة وقوعها وهو جالس في بيته مما جعل هذه الوسائل ذات تأثير كبير على تشكيل الآراء والتوجهات والقناعات يمكن استثماره وبأقل ما يمكن من الخسائر. 2- إن المعطيات أعلاه أثرت على رؤية القوى المتنفذة في العالم (أمريكا والغرب) على وجه الخصوص، ودفعتهما إلى التفكير بوسائل جديدة قادرة على إحداث فعل التأثير على تشكيل الآراء والقناعات المناسبة، وتكوين الاستجابات المطلوبة، تتوافق في واقع الحال ومساعيهما الحثيثة لتسيير واستغلال الشعوب الأخرى بطرق مقبولة لا تثير احتمالات المقاومة كما يحدث عادة في التعامل مع الأساليب القديمة المتمثلة بالحرب التقليدية، وبكلفة أقل بالمقارنة مع الكلف الباهظة للحروب التقليدية، وسعة تدمير أقل بالمقارنة مع تلك الحروب. ولذا فقد بات التعامل على المستوى النفسي يحتل الحيز الأكبر بين الأسلحة المستخدمة في النظام الدولي الجديد للتأثير على وعي المستهدفين، أخذت فيه الحرب النفسية إطارا أكثر شمولية وأصبح فيه الإعلام أحد أدواتها المعروفة، وبات مفهومها الدقيق : استخدام المعطيات النفسية السرية والعلنية لإيجاد القناعات والآراء والاتجاهات التي تسهل تأمين المصالح وتعين على إدارة وتحليل الصراع. لكن الحرب النفسية مفهوم لم ترتبط نشأته بتطور تقنيات الإعلام ولا بشيوع تطبيقات النظام الدولي الجديد بل ويعود إلى الحروب، عندما أدرك بعض القادة العسكريين أن جنودهم يقاتلون قتالا شرسا تارة، ويتبلدون حد الجبن تارة أخرى، وكذلك جنود العدو الذين يستبسلون في الدفاع عن مواضعهم تارة، وينسحبون متقهقرين تارة أخرى حتى عزوا ذلك التناقض الانفعالي إلى العامل النفسي وتوجهوا إلى المختصين لدراسته وتطوير وسائل تقويته عندهم، وإضعافه عند خصومهم، فكانت إجراءاتهم العملية في هذا المجال شملت العديد من الوسائل والأدوات وضعت تحت عنوان الحرب النفسية التي عُرِفَت ما بعد الحرب العالمية الثانية بالاستخدام المخطط من جانب الدولة في وقت الحرب أو في وقت الطوارئ لإجراءات عاتية بقصد التأثير على أراء وعواطف وسلوك جماعات أجنبية عدائية أو محايدة أو صديقة بطريقة تعبر عن تحقيق سياسة الدولة وأهدافها. وعرفت بعد ذلك بقليل بأنها حملة شاملة تستعمل كل الأدوات المتوفرة وكل الأجهزة للتأثير في عقول جماعة محددة بهدف تدمير مواقف معينة، وإحلال مواقف أخرى تؤدي إلى سلوكية تتفق مع مصالح الطرف الذي يشن هذه الحملة. لكن تلك التعريفات قد تغيرت مع تطورات الأحداث والتقنية والنضج الفكري في مجالها لتكون الاستخدام المنظم لمعطيات علم النفس التطبيقية في تحليل وإدارة الصراع كما ورد في الفقرة (2) أعلاه. 3- إن التصور المذكور للحرب النفسية واعتمادها في تحليل وإدارة الصراع أعطاها أهمية بالغة ودفع العالم الغربي وأمريكا (القطب الواحد) في النظام الدولي الجديد على وجه الخصوص، إلى استخدامها سلاح كأحد أفضل الأسلحة المؤثرة لاعتبارات أهمها : آ) إنه سلاح غير مباشر يعتمد على المعرفة النفسية وتطبيقاتها في التعامل مع الوعي الإنساني تلك المعرفة التي قطعت فيها تلك الدول أشواطاً بعيدة المدى وتمرست في استخداماتها بمستوى يحقق لها التفوق المطلوب في العديد من بقاع العالم. ب) إن أمريكا في النظام العالمي الجديد امتلكت السلطات التشريعية والتنفيذية العالمية معاً وبموجبها حرمت على سبيل المثال التشويش على الإذاعات المرئية والمسموعة ومنعت الرقابة على المطبوعات والرقائق السينمائية وبقية وسائل الاتصال، وغيرها من ضوابط وقوانين مهدت لفتح الأبواب على مصاريعها أمام أسلحتهم النفسية دون أية مقاومة أو بقليل منها في أحسن الأحوال. ج) إن الابتعاد جهد الإمكان عن التدخل المباشر باستخدام الجيوش التي ارتبطت حركتها بالاستعمار التقليدي المقيت أمر يحتاجه أولئك المعنيون في الوقت الحاضر لتجميل صورتهم التي تشوهت في اكثر من مكان على الكرة الأرضية، إلا أن هذا الاتجاه يعني تقييد لحركتهم وخسارة لمصالحهم الآنية والمستقبليـة لا يمكن قبوله تماماً، وكتعويض لذلك فسح المجال واسعاً لاستخدام السلاح النفسي الذي يلبي الطموحات دون أية مشاكل جانبية. د) أمريكا والدول المتنفذة الأخرى هي دول رأسمالية يدير معظم مفاصل القرار فيها أصحاب رؤوس الأموال وفق نظام يضع في الحسبان الكلف المادية ومؤشرات الربح والخسارة لكل الفعاليات وبينها العسكرية، وبمقارنة بسيطة بين ما تتطلبه الحرب التقليدية أو النووية من مصاريف ضخمة، وما تحتاجه الحرب النفسية من أموال وجهود معقولة نجد أن ميزان المفاضلة تميل كفته لصالح الأخيرة وبفارق كبير جداً. هـ) يمتاز السلاح النفسي عن غيره من الأسلحة التقليدية كون إجراءاته متعددة ومتغيرة تتلون باستمرار تبعا للظروف، والمواقف، كذلك يتوجه إلى أهداف ليست معلنة واتجاهاته على وجه العموم غير مباشرة. وسلاح بهذه الخصائص يكتسب قوة التأثير غير المباشرة دون مقاومة المستهدفين أو ممانعة من قبل المجاورين في المنطقة. و) إن اللجوء إلى استخدام الجيوش في الحروب عبر كل الأزمنة يتمحور حول فرض إرادة أحد أطراف الصراع بالقوة عندما تعجز الوسائل الأخرى عن فرضها. وهذه نتائج لا يدوم أمدها طويلا لأنها وبقدر قوة الصدمة وقسوة الشروط التي يفرضها المنتصر ستخلق مشاعر للعدوان ويتشكل سلوك للمقاومة عند مواطني الطرف المقابل يدفعهم إلى تكثيف جهودهم لإزالة تلك النتائج بأسرع ما يمكن. أما السلاح النفسي الذي لا يتوقف تأثيره عند حالة معينة يمتاز بالاستمرارية وبسهولة التكرار والمرونة فـي اختيار الوقت والوسيلة، والمناورة بالجهد المتيسر، وهي مبادئ توفر له فرصاً جيدة لإدامة زخم التأثير بدرجات أشد وفترات زمنية أطول. ز) تمثل الحرب الاعتيادية مواجهة ساخنة بين أطراف الصراع يتلقى العسكريون فيها قوة الصدمة التي قد تمتد آثارها إلى المدنيين في العمق الاستراتيجي تبعا لشدتها واتساع رقعتها ( شموليتها ) وخلالها يحتفظ القادة المعنيون أحياناً بجهود تحمي المدنيين أو تقلل من تأثيراتها عليهم جهد الإمكان. بينما تختفي الحدود والفواصل في استخدامات السلاح النفسي ( إلا إذا أريد له ذلك ) وساحته على وجه العموم شاملة لكل المجتمع المستهدف. وبمعنى آخر إن تأثيراته السلبية لا تقتصر على جبهة القتال، والعبء الأكبر فيها لا يقع على العسكريين بمفردهم، وهو ما تسعى أطراف الصراع إلى تحقيقه في الوقت الحاضر. ح) إن سياقات تطبيق الحرب النفسية في كثير من الأحيان تعتمد على التعامل مع ميول الإنسان وحاجاته ورغباته ومن ثم غرائزه بأساليب إشباع مرغوب، أو تجنب منفر، وهي معطيات تستهوي في معظمها المتلقين وتمهد الطريق أمام السلاح النفسي للوصول إلى الهدف المطلوب في الزمان والمكان المحددين. 4- والحرب النفسية على وفق ما ورد أعلاه : عمل لا يتعلق إنجازه بالمؤسسة العسكرية فقط، لأن استخدام الجيش أو القوة العسكرية كان وما زال بيد الساسة بقصد فرض الإرادات وخلق القناعات " لصالح المنتصر " أو تحوير أخرى بالاتجاه الذي يريده المنتصر، وبالتالي أصبح الجيش وفعله أثناء الحرب وقبلها أو بعدها إحدى أدوات الحرب النفسية. وهو كذلك لا يقتصر فعله على الدبلوماسية فقط، في ممارسة الضغط والعزل وقطع العلاقات، ولا على الاقتصاد والتجارة وعمليات التجسس والاستخبارات فحسب، بل على كل جهد مدني أو عسكري الطابع، أو اقتصادي أو اجتماعي أو معلوماتي يمكن استثماره في تحليل وإدارة الصراع : آ) فإن كان أحد الأطراف في أحد كفتي الصراع على سبيل المثال يمتلك القدرة العسكرية الجيدة فقد يستخدمها أو يلوح باستخدامها ضد خصمه لخلق قناعات أو قبول واقع جديد، والقناعة والقبول مسألة نفسية. ب) وإن كان الاقتصاد هو الأقوى في جعبته فإنه سيلجأ إلى استخدامه على شكل عقود خاصة، ومنع تصدير وحصار وغيرها لتكوين تصورات وأفكار، والأفكار والتصورات مسألة نفسية. ج) وإن امتلك وسائل الاتصال وتقنية المعلومات، فسيبادر إلى استخدامها للتأثير في تكوين الاتجاهات والميول والرغبات، وهذه هي الأخرى معالم نفسية. 5- عليه أصبحت معظم الإجراءات التي يقوم بها الطرف المعني لإدارة صراعه مع الطرف المقابل ذات أبعاد نفسية ، ومن خلالها يمكننا القول : إن الحرب النفسية على وفق مفهومها الحالي في تحليل وإدارة الصراع، يحاول القائمون عليها استثمار معطياتها في أكثر من اتجاه، بينها : آ) يلجأ من خلالها كل طرف من أطراف الصراع لأن يُثبت في عقل الطرف الآخر نقاط قوامها الأفكار، والمفاهيم، والتصورات التي تدفعه للقيام بفعل معين، أو تجنب القيام بآخر. ب) وفيها يسعى كل طرف أن يهزم عدوه عمليا أو عقليا، وإن وجد نفسه غير قادر على ذلك يتحول بجهوده صوب التقليل من عدوانيته، أو تحييده. ج) وفيها أيضا يسعى كل طرف إلى جعل المحايدين في دائرة صراعه أصدقاء له لتفادي نتائج تحولهم إلى الكفة الأخرى مستقبلا، وكذلك يسعى لزيادة أواصر العلاقة مع أصدقائه، لجلبهم إلى صفه دعما لكفته في الصراع مع الآخرين. وهكذا تبقى الحرب النفسية عملية مستمرة دائمة، لا تقتصر على الحروب والأزمات، ولا على الأزمنة والأوقات، وبات هذا التصور الأكثر ملائمة لفهمها في وقتنا الراهن. 6- وعموما فإن الحرب النفسية عمل شامل يتم تحقيقه بأساليب متعددة متنوعة من بينها : آ - المباشرة: أولا: النشاط الدبلوماسي: اتفاقيات، أحلاف، تدخل في شؤون الآخرين، تكتلات،عزل.. الخ ثانيا: العمل العسكري: الهجمات الشاملة، الضربات الإجهاضية، مناوشات حدودية، استعراضات عسكرية، قصف أهداف استراتيجية، احتلال مناطق حيوية، أو التهديد به ـ أي العمل العسكري. ثالثا: الجهود الاقتصادية: حصار، مقاطعة، تضخم، إلغاء اتفاقيات، تزوير عملة، قروض، مساعدات، خطابات ضمان … الخ. ب- غير المباشرة ( النفسية ): السرية منها والعلنية، التي تشمل: أولا: الأنشطة الإعلامية لأغراض التحوير الفكري والخرق القيمي وتغيير الميول والاتجاهات. ثانيا: العمليات الاستخبارية للتسميم السياسي والتعزيز المعلوماتي، وإثارة المخاوف والفتن والاضطرابات. ثالثا: استعراض القوة وشراء الذمم والتآمر والتجهيل والتخريب النفسي والقيمي، والتلاعب بالآمال والطموحات واستغلال المشاعر الإنسانية وغيرها. 7- تأسيسا على ما ورد أعلاه يمكن استنتاج: آ) إن معطيات الصراع وطبيعته التي كونت شكل النظم السياسية في عالم اليوم تؤكد أن محاولات الهيمنة وتأمين المصالح واحتمالات المواجهة حالة موجودة بين الحلفاء والأصدقاء مثلما هي واقعة بين الخصوم والأعداء، وفرقها الوحيد لا يتعلق بمديات وجودها واستمرار بقائها، بل بوسيلة التنفيذ وطريقة التوصيل ووقت الشروع التي عادة ما تكون محكومة بالظروف المحيطة ووسائل الضبط المتيسرة، وهذا استنتاج يتطلب أيضا ديمومة التعامل معه دون توقف، لذا نجد في عالمنا اليوم اندفاعاً لمعظم النظم باتجاه تقوية جيوشها وتمتين اقتصادها ودعم دبلوماسيتها وتطوير وسائلها النفسية وإعداد شعوبها للدفاع الكفء مادياً ومعنوياً من جانب وتهيئة فرص أفضل للهجوم وظروف أحسن لفعل التأثير في عقول المستهدفين عندما تقتضي المصالح وضرورات استمرار الوجود من جانب آخر. ب) وعلى نفس الأسس الواردة لن يتبقى مجال للدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص إلا السعي لتطوير قدراتها في تحليل وإدارة الصراع وزيادة هامش مرونتها في التعامل مع الدول ذات التأثير الأقوى في عقول المتلقين من مواطنيها. ج) ومن حيث التطبيق نرى أن للحرب النفسية بمفهومها الحديث فعاليات شاملة وإجراءات متداخلة يكمل بعضها البعض. فأعمال السياسة الخارجية على سبيل المثال ذات الصلة بالعلاقات والخطب والمؤتمرات والرسائل والاتصالات والمذكرات تهدف في بعض جوانبها إلى تكوين قناعات تساعد في كسب ود الأصدقاء وتمتين عرى صداقتهم وجلب المحايدين إلى دائرة الصداقة ومن ثم التخفيف من عدوانية الخصوم ومحاولة تحييدهم، وهي معطيات نفسية قد يطلب المعنيون بالتعامل معها مساعدة الإعلام بكل وسائله وأدواته وأنشطته المعروفة لتجسيدها على أرض الواقع، وقد يستعينوا بالمقاطعة الاقتصادية والمساعدات المالية لنفس الغرض، كذلك تقتضي الضرورة اللجوء إلى العمل الاستخباري السري لتنفيذ بعض فقراته، وهذه التصورات تنطبق متغيراتها على معظم أهداف القوى السياسية الحالية في النظام العالمي الجديد الذي أصبح فيه استمرار تسجيل النقاط في وعي الآخرين أمراً أساسياً.
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:58
الإعلام والحرب النفسية في النظام العالمي الجديد. 1- على ضوء مفهومنا للحرب النفسية المذكور في أعلاه يصبح الإعلام أحد أهم الأدوات الميسورة للحرب النفسية، حيث الاستخدام المنظم لوسائله ومواده للتأثير على قناعات الطرف المستهدف، دون تجاوز استخدامات القوة العسكرية والإمكانيات الاقتصادية والتحركات السياسية وغيرها، لكن الإعلام من ناحية أخرى يتميز عن كل تلك الأدوات كونه القاسم المشترك لها جميعا والناقل الأساس لأهدافها وتوجهاتها في التأثير على الطرف المستهدف لأنه : آ) هو الذي ينقل أخبار العسكر وتفاصيل الحروب بصيغ تزيد المعنويات أو تضعفها. ب) وهو الذي يقلل من قيمة انتصار عسكري حصل بالفعل، أو يزيد من وقع خسارة لم تكن كبيرة في الواقع بغية تكوين حالة إحباط مؤلمة. ج) وهو الذي يهول أيضا من أثر الحصار الاقتصادي على بلد ما بهدف سحبه لتنفيذ أهداف محددة. د) وهو الذي يضخم كذلك من القدرة الدبلوماسية لدولة معينة لإجبار الآخرين على السير مع توجهاتها المرسومة. وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله مهامه وطريقته في نقل الأفكار والأخبار والمعلومات، وحاجة الجمهور إليه في المتابعة والترويج وإشباع الحاجات، وكذلك قدرته وشموليته في التأثير، يكون الإعلام في هذه الحالة الأداة الأكثر فاعلية من بين أدوات ووسائل الحرب النفسية المتاحة في وقتنا الراهن خاصة مع تطور تقنيات التوصيل وسبل التأثير في نظام كوني شامل (النظام العالمي الجديد). 2- وإذا ما عدنا إلى موضوع الإعلام كأحد أدوات الحرب النفسية في النظام العالمي الجديد تبيين لنا بعض الحقائق ذات الصلة به أن وجوده أو بالمعنى الأدق غالبية وجوده الفاعل بات بيد واحدة (القطب الواحد)،إذ إن: آ) غالبية الشركات العملاقة (متعددة الجنسيات) للصحافة والبث التلفازي والأقمار الصناعية الناقلة للبث الفضائي موجودة في اليد الأمريكية التي أنشأت النظام العالمي الجديد. ب) أساس عمل شبكة المعلومات (الانترنيت) أمريكي ورأس مالها أمريكي ومراكزها عبر العالم أمريكية، والقدرة على مراقبتها والتحكم بها في يد أمريكية تسعى لتعميم النظام العالمي الجديد. ج) 80 % من الأنباء العالمية التي تتداولها وكالات الأنباء في الدول النامية مصدرها الوكالات الأمريكية الغربية القادرة على الفبركة والصياغة حسب توجهات النظام العالمي الجديد . د) خمس عشرة شركة إعلامية أمريكية غربية تتحكم في المواد والوسائل والمؤسسات والتقنيات الإعلامية، والإعلانية في العالم. وأن 75 % من إجمالي الإنتاج العالمي من البرامج التلفزيونية أمريكي. و 90 % من إجمالي الأخبار المصورة و 82 % من إنتاج المعدات الإعلانية والإليكترونية. و 90 % من المعلومات المخزنة في الحاسبات الإلكترونية جهد أمريكي. هـ) رأس المال البالغ نحو (489) مليار دولار الذي يتحكم في سوق التقنية الإعلامية غالبيته أمريكي، يسعى أصحابه إلى استثماره للامتداد إلى السوق العالمي بدفع من النظام العالمي الجديد. 3- إن العرض الموجز لمفردات الإعلام والحرب النفسية وعلاقتهما بالنظام العالمي الجديد يدفع إلى جملة استنتاجات أهمها: آ) إن الدول النامية وبينها العربية والإسلامية ينبغي أن تعيد الكثير من حساباتها فيما يتعلق بالعلاقات وأساليب التعامل مع شعوبها، والغير وبما ينسجم ومعطيات النظام الدولي الجديد. ب) إن تقنيات الاتصال التي تتطور بسرعة مطردة لا تسمح بالتوجه للتعامل معها على أساس المنع والتشويش كإجراءات وقائية. بل يتطلب الواقع التوجه بكل القدرات المتاحة لأعمال الوقاية، أو ما يسمى بالتحصين النفسي الذي يتأسس على : أولا: المحافظة على النظام القيمي. ثانيا: زيادة مستويات التحصيل العلمي والثقافة العامة لعموم المجتمع. ثالثا: رفع مستوى المعنويات والروح الوطنية للمجتمع. ج) إن النظام العالمي الجديد وبعد أن أمتلك زمام المبادرة لم يعد مهتما كما في السابق بالحروب العسكرية التقليدية " رغم عدم الاستغناء عنها نهائيا " لكلفتها العالية وكثرة الخسائر البشرية فيها، واستعاض عنها بالحرب النفسية، الأكثر تأثيرا، والأقل خسارة من الناحيتين المادية والبشرية، ووجد في الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة الأداة الأكثر فاعلية. الدول العربية والإسلامية والنظام العالمي الجديد. 1- يحمل التاريخ الحديث في ثناياه كثيراً من مؤشرات الاستغلال والتنافس تغيرت أشكال التعبير عنها وتنوعت مصادرها تبعاً للظروف المحيطة. فكان الأمر بعد الحرب العالمية الأولى استعماراً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً مباشراً، تغيرت أنماطه بعد الحرب الثانية تبعاً لمجريات تلك الحروب، ومعطيات التطور الذي صاحبها، فكان استعماراً غير مباشر وتوزيعاً مبطناً لمناطق النفوذ دفع إلى تحالف غالبية الدول ذات المصالح وتكتلها في معسكرين ينحو الأول منحاً رأسمالياً، ويتجه الآخر اتجاهاً معاكساً نحو الاشتراكية انتهى سريعا مع بداية التسعينات تاركاً الساحة برمتها إلى المعسكر الأول متمثلا بالولايات المتحدة الأمريكية التي زادت من سرعتها لملء الفراغ، وكثفت من جهودها للتوسع في مناطق النفوذ بخطوات مدروسة سميت بالنظام العالمي الجديد لينسجم ومتغيرات هذا العصر والنظم السياسية والتطورات التقنية السائدة فيه. 2- ورغم ما تحقق لأمريكا من كسب في هذا المجال إلا أن الصورة مازالت معتمة وبعض أجزائها لم تكتمل بالطريقة التي أرادتها طرفاً واحداً، لأن العالم بطبيعته وعبر تاريخه الطويل لم يكن حكراً لأحد، وهذا يعني أن الصراع بينها من جهة وأطراف أخرى لا تتفق وتوجهاتها من جهة أخرى يمكن أن يطفو على السطح في الوقت الحاضر، أو المستقبل القريب، ومن بين تلك الأطراف سيكون العرب والمسلمين الذين سيستهدفون من قبل المعنيين بهذا النظاملعدة أسباب بينها : آ) إن العديد من المعطيات تشير إلى أن مقاومة النظام الدولي الجديد ستكون في الوطن العربي وبقية الدول الإسلامية التي تدرك أن التركيز بات على وجودها واستمرار بقائها، وهو إدراك يثير المعنيين بذلك النظام ويدفعهم إلى المقاتلة بكل الوسائل المتاحة للحيلولة دون حدوثه. ب) إن التطورات وشكل الصراع وطبيعة التوازنات في المنطقة العربية والإسلامية محسوبة في الاتجاه المعاكس لرغبة الأبناء ومصالحهم، وهذه حسابات سوف تجعل المعنيين بالنظام الدولي الجديد يتوقفون عند خطوط حمراء محددة لا يسمح بتجاوزها، ومن يخوض غمارها بصدق سيكون هدفاً مباشراً لهم. ج) تتبنى العديد من الدول العربية والإسلامية وغالبية شعوبها آراء ومواقف في القضية الفلسطينية - بؤرة الصراع الساخن في المنطقة - تتعارض مع الوجود الصهيـوني، واتجاهات النظام العالمي الجديد في تجسيده على أرض الواقع، وهي آراء يحارب الصهاينة والمعنيين بذلك النظام صفا واحداً لإسكاتها. 3- وإذا ما أضفنا مواقف الشعوب العربية والإسلامية إلى ما ورد أعلاه نستنتج أنها جميعاً مؤشرات لا تدع مجالا للشك في أن المعنيين بهذا النظام سوف لن يكونوا مكتوفي الأيدي أمام احتمالات الضرر الذي يمكن أن يصيبهم وحلفائهم انطلاقاً من الأرض العربية والإسلامية، وإذا ما قللنا من احتمالات استخدام الخيار العسكري الشامل للتعامل مع هذه الحقيقة في وقتنا الراهن على أقل تقدير لاعتبارات يتعلق بعضها بسيناريو احتلال العراق للكويت ونتائج حرب الخليج الثانية التي تركت نقاط عدة في عقول أهل المنطقة لا تود أمريكا خوض غماره (الخيار العسكري المباشر) قبل حصول النهاية ومحو الكثير من الآثار المترسبة لتلك النقاط في الذاكرة الشعبية العربية القريبة. ويتعلق بعضها بعدم رغبة معظم الأنظمة السياسية في المنطقة العربية والإسلامية في قبول قوات أجنبية هجومية على أراضيها قد تستفز شعوبها بمستويات يصعب السيطرة عليها. ويتعلق بعضها الآخر بظهور أصوات على مستوى الغرب القوي بالضد من سياسة التفرد في النظام الجديد، وظهورها يدفع إلى التريث في استخدام القوة العسكرية للتدخل المباشر في الوقت الحاضر على أقل تقدير. هذا وعندما لم يحبذ خيار الاستخدام المباشر للقوة في المنطقة العربية والإسلامية، أو عندما يعتقد أن استخدامه سيتسبب في آثار سلبية محتملة تفوق مقاديرها العوائد الإيجابية المحتملة، فلابد والحالة هذه أن يفكر المعنيون بالنظام المذكور بوسائل وأسلحة أخرى لا تقل تأثيراتها المطلوبة عن الصدام المسلح إن لم تزد عليه، بينما السلاح النفسي الأكثر احتمالاً وملاءمة مع بدايات قرن جديد وفلسفة سياسية جديدة (النظام العالمي الجديد) سيكون فيه الاستعمار الفكري النفسي هو الصيغة السائدة،وبأقل التكاليف. الأهداف المتوقعة للحرب النفسية في المنطقة. 1- من خلال استعراضنا لطبيعة الصراع الناجم عن النظام الدولي الجديد، وإلقاء الضوء على توجهات المعنيين به، ودور المجتمعات العربية والإسلامية في بعض جوانبه وكما ورد، فإن الأهداف (المحتملة) والتي يمكن أن تؤمن الغاية المتوخاة للمعنيين بهذا النظام ستكون على الأغلب : آ) الوجود النفسي لقادة الأمة: تمثل شخصية القائد في مجتمعاتنا التي يحكم فيها الفرد حكما مطلقا في كثير من الأحيان أهمية كبيرة للتأثير من خلاله على الجمهور في مجتمعه، وبذا ستضع القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد مسألة التعامل مع وجوده النفسي كرمز للقيادة والتقليد هدفاً رئيسياً من خلال التوجه إلى أفكاره وآرائه وأساليبه القيادية بالنقد والتحريف، وتشويه الحقائق لمن لا يكون مرغوبا من قبلهم، في محاولة للفصل بينه وبين جماهيره جهد الإمكان. وبالدعم والتورية والتعزيز لمن يمثل فلسفتهم في محاولة لزيادة أواصر العلاقة معه بقصد الإيهام والتسويف والاستسلام. ب) طبيعة الفكر الإسلامي الحنيف: بعد انتهاء الشيوعية كفلسفة لإدارة المجتمعات البشرية، أُعلن في الغرب وبأكثر من مناسبة أن الخطر الماثل للعيان لما بعد الشيوعية سيكون الإسلام الذي يحاول كثير من دعاته إثبات ملاءمته لكل شعوب العالم، وبذا سيكون الاتجاه المعاكس لهذه المحاولة خطوات لتشويه بعض تطبيقات الإسلام في مجريات الحياة من خلال التشجيع غير المباشر للتطرف والمغالاة، وتعميق الطائفية، ودعم التيارات القومية التي تعطي في مجملها صورة مشوهة للإسلام والمسلمين في آن معا. ج) عزل المجتمع العربي عن الإسلامي: المجتمعات العربية عمق استراتيجي للإسلام، والعكس صحيح أيضا إذ تشكل غالبية بلاد المسلمين عمقا للعرب، حيث تتقارب بينهم المشاعر والتطلعات والأهداف للعيش حياة أفضل قيميا، والتقائهم المفترض سيشكل قوة غير مرغوب فيها وفق النظام العالمي الجديد، وبذا ستتركز الجهود لتكوين أهداف مختلفة وتطلعات مختلفة لهم، ونقاط خلاف متعددة بينهم حتى تصل القناعات إلى مستوى التفرد بالرأي من أجل سلامة البقاء الذاتي. د) إرباك أداء الإنسان العربي والإسلامي: الإنسان أينما وجد فهو عماد النظام وأساس نجاح تجربته، وأداؤه المخلص الكفء معيار لتطور النظام وتقدمه، وإذا ما كان الأمر كذلك سيكون موضوع كفاءة العمل والرغبة بالإنجاز وجدية التعامل مع المهام والواجبات الوطنية للإنسان العربي المسلم اتجاهاً محسوباً للسلاح النفسي المعادي الذي سيتوجه إلى التشجيع غير المباشر للشعور بالنقص والاعتقاد بعدم الكفاءة وقلة الثقة بالنفس بين المواطنين لخلق فرص إحباط وخواء نفسي تبعدهم عن المساهمة في بناء الوطن الجديد وممارسة دورهم في الحكم، وتكوين المجتمع الصحيح. هـ) تجهيل المجتمع العربي والإسلامي: المتعلمون على وجه العموم أكثر قدرة لفهم مسئوليتهم الوطنية، وأكثر كفاءة لإدارة شؤون أنفسهم والآخرين، وأوسع مجالاً لإدراك غاية الآخرين وأهدافهم المبيتة بين السطور، وأحسن أداء في الدفاع عـن وطنهم ومكتسباتهم وهذه معطيات أدخلتها الأطراف المقابلة في حساباتها منذ أول تعامل لهم مع العرب والمسلمين، ومازالوا على هذا النهج سائرين، وبذلك سيستمرون بالتركيز على أمور تبعدهم - المتعلمين - جهد الإمكان عن اهتماماتهم الوطنية وفق برامج تزيد من احتمالات الجهل بالقضايا الأساسية المهمة، ومحاولة إلهائهم جهد الإمكان بأخرى بعيدة نسبيا، كذلك ستحاول على وفق برامج أخرى زرع بعض الأفكار والاهتمامات الغربية كبديل للأخرى الإسلامية، بالإضافة إلى التشجيع على هجرة العقول من المنطقة. و) إثارة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة: الضغط مفهوم يعبر عن الأحداث البيئية والنفسية التي يفسرها الفرد على أنها تهديداً أو تحديا لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها مع الفشل في التعامل معها إلى إضعاف وظائف الإنسان وإرهاقه وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس، وهي حالة تستثير في محصلتها النهائية سلوكاً غير اعتيادي وأداءً بمستوى متدن في عموم المواقف الحياتية، وهذا ما سيلجأ إليه الطرف المقابل في محاولاته للضغط على مجتمع المنطقة سياسياً واقتصادياً عن طريق الإعلام والفضائيات وبرامجها الموجهة ذات الطابع التشويهي وبوسائل متعددة، وحجج مختلفة. ز) استهداف العقل الفاعل للشباب: الشباب غاية الأمة ووسيلتها وقوتها الضاربة في الدفاع عن إنجازاتها، فصحتهم البدنية والنفسية وسلامة تفكيرهم تعزيز لتلك القوة وهي الجوانب التي سيحاول الطرف الآخر تأمين الخرق المناسب في بعض أركانها لتحوير تكوينها بوسائل عدة بينها على سبيل المثال نشر تعاطي المخدرات التي تهيئ متعاطيها لتقبل الغزو الفكري السلبي بعيداً عن الإحساس بالمواطنة ومسئولياتها الجسام، ونشر الفساد بطرق منها بث البرامج ذات الطابع الاجتماعي الموجه بأسلوب يسئ إلى القيم الاجتماعية والدينية السائدة، وغيرها.. ح) دعم فاعلية التطرف الديني السياسي: واجهت بعض مناطق العالم بشكل عام والوطن العربي والإسلامي على وجه الخصوص أحداث وتحديات ليست قليلة بدأت مع نهاية الستينات واستمرت حتى وقتنا الراهن فكونت إحساساً بفشل بعض الأيديولوجيات السائدة والنظم السياسية القائمة في حل مشاكل الإنسان وتلبية طموحاته، وهو فراغ نفسي دفع كثير من المتألمين إلى محاولة ملئه بالتوجه إلى الدين بشكل مغالى فيه طلباً للخلاص والحلول البديلة، وكاستجابة لذلك قوي الدين السياسي عملاً وتنظيماً، بمستويات حاول الغرب استغلالها بدعم بعض أطرافه غير الرصينة دعما مباشرا بغية توجيه تطرفه على وفق حسابات تؤمن مصالحهم (الغرب) وقد حققوا نجاحاً ملموساً في أماكن عدة من المنطقة، وهذا أمر يشجع على الدفع باتجاه تركيز الدعاية والبرامج الثقافية والمعلوماتية والدينية الخاصة بقصد التشويه المنظم للحقائق، وبما يخدم الجانب المعاكس لمعطيات الدين الإسلامي. ط) تدمير النظام القيمي: تعيش العديد من المجتمعات وبينها العربية والإسلامية نوعاً معقولا من التجانس والاستقرار النسبي في ضوء نظمها القيمية وضوابطها الاجتماعية، فهناك على سبيل المثال الصدق والأمانة والإيثار والتكافل والشعور بالمواطنة وصيانة المال العام والإخلاص في العمل … الخ من القيم والمعايير التي يؤدي خرقها إلى اضطراب المجتمع وضعف قدرته على الصمود والتحدي، وهذا هدف لا يغيب عن بال الأطراف الأخرى ومخططي الحرب النفسية من خلال البرامج الموجهة في هذا المجال . ي) تعميم مشاعر الإحباط في المجتمع: فشل الإنسان في إشباع حاجاته الضرورية - بيولوجية كانت أم نفسية - وتكرار ذلك الفشل يؤدي إلى الشعور بالإحباط وهي حالة نفسية تستثير العدوان الذي عادة ما يوجه داخل الإنسان حيث الرغبة في إيذاء الذات والعزلة والاكتئاب، أو نحو الخارج أي إلى الآخرين أشخاصاً كانوا أو مؤسسات ودوائر حكومية؛ حيث الميل إلى التخريب المادي المباشر مثل التجاوز على الممتلكات العامة وغيرها من أعمال متنوعة. والتخريب النفسي غير المباشر مثل عدم الإخلاص في العمل وتجنب تحمل المسئولية ووضع العراقيل أمام تقدم الآخرين. وغيرها من فعاليات تغري البعض لوضعها أهدافاً لحربهم النفسية الموجهة للمنطقة. الخلاصة. 1) الحرب النفسية وكما موضح في العرض أعلاه شاملة في أهدافها متداخلة في أساليبها ووسائلها، مركزية في التخطيط لتنفيذ خطواتها، وهذه المبادئ يمكن تطبيقها أيضاً على أساليب التعامل التي تنتهجها الأجهزة المعنية في المجتمعات المستهدفة. فالتخريب الفكري والقيمي الذي يمكن أن يضعه الطرف المقابل هدفاً لحربه النفسية على سبيل المثال يحتاج الرد عليه أو تجنب حدوثه عدة خطوات تبدأ أولاً بتحديد أشكاله ومن ثم قياس شدته واتجاهاته ووصف الأدوات والوسائل المستخدمة لتنفيذه، وهي جهود تعتمد بالدرجة الأولى على الرصد والتحليل والمتابعة بأسلوب البحث العلمي الذي يأخذ فيه علم النفس والاجتماع الحصة الأكبر بين علوم أخرى ذات صلة بالسلوك البشري وتعديلاته المقننة مثل الإعلام والتربية وغيرها. وهذا تصور يعين على تحديد حاجة المنطقة العربية والإسلامية أولاً إلى تنظيمات تخصصية فعالة، تأخذ على عاتقها واجب التحليل العلمي للصراع ورصد اتجاهات الحرب النفسية المعادية والعمل على مقاومتها. 2) أن يركز القادة العرب والمسلمون جهدهم للمساعدة في دفع المجتمع العربي والإسلامي لأن يخطو إلى الأمام خطوات سريعة تنسجم والتطور الحضاري السائد في العالم وتسهم في تقليص الهوة الموجودة بينه من جهة والمجتمعات المتقدمة من جهة أخرى، سعيا لتكوين فهم مشترك مع تلك المجتمعات تساعد على تسهيل التعامل معها بعيدا عن التآمر والشك والخوف والتوجس 3) أن تسعى الجهات والمراجع الدينية لتقديم الإسلام بروحه الأصيلة دينا للود والتسامح والتعاون، وتذليل الصعاب وسهولة التعامل مع الآخرين من خلال النشر والبرامج المعدة للفضائيات والأفلام السينمائية وغيرها من وسائل متعددة. 4) تخصيص جهد أكبر في مجال نشر الوعي الديني خارج المنطقة العربية والإسلامية، أي في الدول الغربية وأمريكا، ومحاولة تكثيف الدعم والإسناد للمسلمين المهاجرين إلى تلك الدول ليكونوا أداة تعريف جيدة بمبادئ الدين الإسلامي من ناحية وصلة تفاهم مع الديانات الأخرى من ناحية ثانية. 5) على البعض من المسلمين المقتدرين تغيير أساليب دعمهم المالي آخذين بنظر الاعتبار معالم العصر الحالي وذلك بتخصيص قدر من تبرعاتهم لنشر الوعي الإسلامي وتعميم الثقافة، ودعم التعليم الديني والعلمي، وفتح المدارس والمؤسسات العلمية ومراكز البحوث الإسلامية داخل المنطقة وفي بلاد الغرب. 6) أن يخصص جهد أكثر في وسائل الإعلام والتربية المحلية لتعزيز القيم والمعايير والتقاليد العربية والإسلامية التي تساعد على تحصين الإنسان المسلم في المنطقة من تأثيرات المد الأجنبي غير الملائم. 7) أن تتخلص الدول العربية والإسلامية وقادتها من موضوع التعامل على أساس الفعل ورد الفعل مع الأحداث والتوجهات المقابلة، وفي مجال الحرب النفسية الذي تتفوق به الدول الكبرى على سبيل المثال لا ينبغي التعامل على أساس المنع والتحريم المباشر الذي يصعب السيطرة عليه تقنيا، وبدلا عنه ينبغي التركيز على البناء النفسي القوي لأفراد المجتمع وتقوية فاعلية الضمير الإسلامي الكفيل بالتحريم الذاتي الأكثر ضمانا في الحماية من أنواع التحريم الأخرى الخارجية التي تأتي من قبل الدولة على وجه الخصوص. 8) وختاما علينا التأكيد أن الحرب النفسية باتت سلاحا فعالا تلجأ إليه أو تمارسه العديد من الدول والنظم السياسية في وقتنا الراهن بغية التأثير على المجتمعات المستهدفة، صديقة كانت أم عدوة، باتجاه إيجاد تقبل للأفكار وتكوين قناعات تؤمن مصالحها. وهي - أي الحرب النفسية - استخدام مستمر للعديد من الفعاليات وفق معطيات علم النفس التطبيقية قطعت فيه بعض الدول الكبرى أشواطاً بعيدة المدى حتى عدّ البعض استخداماتها تمهيداً لسيادة نوع جديد من أنواع الاستعمار يستعبد الناس فكرياً ونفسياً، والحرب النفسية بهذا المستوى أصبحت تخصصاً علمياً دقيقاً وسلاحاً سرياً شاملاً لا نملك نحن العرب والمسلمين إلا القليل من مفرداته، التي لا يجازف الغرب بتزويدنا أو حتى بيعنا بأثمان باهظة شيئاً منها ونحن الموجودين على رأس قائمة أهدافه الحالية والمستقبلية، وعلى هذا الأساس لم يبق أمامنا سوى جهودنا الذاتية التي ينبغي أن نبدأ بها أولاً وكلما كـأن ذلك ممكنا، حتى لا نجد أنفسنا يوماً وقد توقفنا آخر الركب ندفع ثمن عجزنا من أموالنا وأهـدافنا وطموحاتنا دون أن نجد من يمد لنا يده أو حتى يدفعنا إلى الأمام. والبداية عملية لابد أن تتأسس على إمكانات معقولة توضع في تنظيمات مناسبة قادرة على رصد وتحليل اتجاهات الحرب النفسية المقابلة، تأخذ في اعتبارها محاولة الاطلاع على جهود الغير وسبر غور البحث العلمي الذي يساعد كثيراً في التوصل إلى نهج عملي يقي المجتمع العربي والإسلامي من أية توجهات غير مناسبة. المراجع: (1) السيد سعيد، محمد، مجلة العربي الكويتية، العدد 494 يناير 2000 ص73. (2) الشيخ، رأفت، تطور التعليم في ليبيا في العصور الحديثة، دار التنمية للنشر والتوزيع. (3) العظم، صادق جلال ( 1996 ) ما هي العولمة، ورقة بحث مقدمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996م. (4) حنوش، زكي : مستقبل حقوق الإنسان والشعوب في ظل النظام العالمي الجديد، الفكر العربي العدد 90 خريف 1997، ص231. (5) التحصين النفسي يعني إكساب الإنسان الفرد، والجماعة قدر ة على فهم وإدراك ما يحيط بهما من اتجاهات خارجية بمستوى يكونون فيه قادرين على مقاومة تأثيراتها المحتملة. ويعني من جانب آخر التغذية الفكرية للإنسان الفرد والجماعة بكم من المعرفة والإيمان اللازمين لإبعادهم عن التأثيرات المحتملة لنوايا الآخرين الموجهة. (6) محسن، محمد : دعاية المقاومة في مواجهة الدعاية الإسرائيلية، الفكر العربي العدد 89 صيف 1997 ص222. (7) العبيدي، سعد ( 1990 ) الحرب النفسية في الميدان، بحث غير منشور، 1990م. (8) حسن زعرور : اتجاهات الشركات متعددة الجنسيات في ظل ثورة التكنولوجيا والإعلام، الفكر العربي العدد 89، صيف 1997، ص201. (9) أحمد رشتي، جيهان: الأسس العلمية لنظريات الإعلام، دار الفكر العربي (ب، ت).
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 15:59
طرق دراسة الحرب النفسية
هناك طرق متعددة لدراسة موضوع الحرب النفسية بشكل أعمق، ولعل أكثر هذه الطرق أهمية في نظرنا هي الدراسة المبنية على أهداف الحملات الدعائية، وهذه بدورها تنقسم إلى أقسام ثلاثة: أولها: هدف الدعاية المباشر والسريع، وهو تخطيط الروح المعنوية لدى القوات المحاربة للعدو، وثانيها: الهدف الاستراتيجي طويل المدى، وهو تحطيم إرادة المقاومة في بلد العدو، ويدخل في ذلك المخططات طويلة المدى للغزو الثقافي، أما الهدف الثالث فهو: هدف دفاعي يتصل بحماية جنودنا ضد دعاية الأعداء .
مفهوم الحرب النفسية وأهدافها
تعرف الحرب النفسية بأنها : «الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية، أو المحايدة، أو الصديقة، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة (الموجه) أهدافها».
الأهداف
وأهداف الحرب النفسية تختلف باختلاف وصف الدولة التي توجه إليها: 1. فمع الدول المعادية : يكون الهدف هو التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول وجيوشها لتحطيم روحها المعنوية، وإرادتها القتالية، وتوجيهها نحو الهزيمة.
2. ومع الدول المحايدة : يكون الهدف هو التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول، لتوجيهها نحو الانحياز للدولة الموجهة، أو التعاطف مع قضيتها، أو على الأقل البقاء في وضع الحياد ومنعها من الانحياز إلى الجانب الآخر. 3. ومع الدول الصديقة : يكون الهدف هو التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول، لتوجيهها نحو تدعيم أواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق أهدافها؛ لذلك تفضّل بعض الدول استعمال اسم الدعاية بدلاً من لفظ الحرب النفسية.
وتحقق الحرب النفسية هدفها في تحطيم روح العدو المعنوية وإرادته القتالية من خلال المهام الرئيسة الآتية: 1. تشكيك العدو في سلامة وعدالة الهدف الذي يحارب من أجله. 2. زعزعة ثقة العدو في قوته، من حيث: الرجال، والعتاد، والقادة، وثقته في أماكن إحراز النصر، وإقناعه بأنه لا جدوى من شنِّ الحرب أو الاستمرار في القتال. 3. بث الفرقة والشقاق بين صفوف العدو وجماعاته. 4. التفريق بين العدو وحلفائه ودفعهم إلى التخلِّي عن نصرته. 5. تحييد القوى الأخرى وحرمان العدو من محالفتها.
وهناك عدة صور وأساليب للحرب النفسية لأداء تلك المهام، نذكر منها ما يلي: 1. الشعارات والهتافات، لإثارة انفعالات الغضب والكراهية أو الشجاعة والحماسة. 2. الكلمة المسموعة أو المقروءة، التي من شأنها التأثير على العقول والعواطف والسلوك، طبقاً لمقتضيات الموقف (لكل مقام مقال). 3. الإشاعات، وهي أخبار مشكوك في صحتها ويتعذّر التحقق من أصلها، وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدي الموجهة إليهم، ويؤدي تصديقهم أو نشرهم لها إلى إضعاف روحهم المعنوية.
صور وأشكال الحرب النفسية في المدرسة الإسلامية
نذكر فيما يلي بعض الأمثلة من صور الحرب النفسية وأشكالها التي زخرت بها معارك الإسلام في عصر النبوة: 1 - الشعارات والهتافات : اتخذ المسلمون الشعارات والهتافات لتحقيق عدة أهداف، منها: التعارف فيما بينهم أثناء الالتحام بالأعداء أو في الظلام، ومنها إثارة انفعالات الشجاعة والحماسة في نفوسهم، مع ترويع العدو وبث الرهبة والخوف في قلبه، ومن أمثلة صيحات القتال التي استخدمها المسلمون في عصر النبوة: (أحدٌ أحدٌ) في غزوة بدر، و (أَمِتْ أَمِتْ) في غزوة أحد، ومنها أيضاً: (يا خيل الله اركبي) في غزوة ذي قرد، هذا إلى جانب التكبير الذي كان شعار كل مسلم: (الله أكبر). وما تزال كل الجيوش في هذا العصر تتخذ لرجالها صيحات للقتال تحمّسهم وتحفّزهم إلى الإقدام والاستبسال في المعركة، وهي تستند في هذا إلى إدراكها للعوامل النفسية وأثرها على إرادة القتال.
2 - التفريق بين العدو وحلفائه : في غزوة الخندق تجمّعت قوى قريش والقبائل الأخرى واليهود للقضاء على المسلمين، وحدث أن جاء (نعيم بن مسعود الغطفاني) ـــ وكانت غطفان من القبائل التي انضمت إلى قريش في التجمّع المذكور ـــ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه أسلم، ولا يعلم قومه بذلك، وطلب منه أن يأمره بما يشاء، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : «إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة»، فقام (نعيم) بهذه المهمة بأسلوب بارع حاذق، بحيث حققت مهمته هدفها في الوقيعة بين المتحالفين وفي إزالة الثقة فيما بينهم، فقد ذهب (نعيم) إلى يهود بني قريظة ـــ وكان لهم نديماً في الجاهلية ـــ فقال لهم: «قد عرفتم ودّي إياكم، وقد ظاهرتم قريشاً وغطفان على حرب محمد، وليسوا كأنتم، البلد بلدكم، به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه، وإن قريشاً وغطفان إن رأوا نهزه (أي فرصة) وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادكم وخلّوا بينكم وبين محمد، ولا طاقة لكم به، فلا تقاتلوا حتي تأخذوا منهم رهناً (رهائن) من أشرافهم حتي تناجزوا محمداً»؛ قالت بنو قريظة: «أشرت بالنصح، ولست عندنا بمتهم».
ثم خرج (نعيم) إلى قريش فقال لهم: «بلغني أن قريظة ندموا، وقد أرسلوا إلى محمد، هل يرضيك عنا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم، فأجابهم أن نعم، فإن طلبت قريظة منكم رهناً من رجالكم فلا تدفعوا لهم رجلاً واحداً».
وجاء (نعيم) غطفان فقال لهم: «أنتم أهلي وعشيرتي، وقال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم مما حذرهم». أرسل (أبو سفيان) وسادة غطفان إلى قريظة (عكرمة بن أبي جهل) في نفر من قريش وغطفان في ليلة سبت، وطلبوا منهم الاستعداد للهجوم نهار السبت، ولكن قريظة اعتذروا بأنهم لا يقاتلون يوم السبت، ثم طلبت رهائن من قريش وغطفان قبل أن تشرع بأي هجوم. فقالت قريش وغطفان قد صدق (نعيم)، ولما رُفض طلب قريظة بإعطائها رهائن من قريش وغطفان قالت: لقد صدق (نعيم)، وهكذا كانت دعوة (نعيم) البارعة سبباً في تفريق جمع الأعداء.
3 - تحييد القوى الأخرى وحرمان العدو من محالفتها : اتَّبع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة سياسة تقوم على عقد الاتفاقات والمعاهدات مع مختلف القبائل لكفالة حرية الدعوة، وحسن الجوار والمعاملة، وكانت النتيجة المباشرة لتلك المعاهدات حرمان قريش من قوى كان يمكنها أن تتحالف معها وتشد أزرها في صراعها مع المسلمين.
4- زعزعة ثقة العدو في إحراز النصر : وتعتبر غزوة الفتح مثلاً في هذا المجال؛ فلقد أدى التخطيط العبقري الذي وضعه الرسول القائد صلى الله عليه وسلم ، والذي اعتمد فيه إلى أقصى حدٍ على العوامل النفسية إلى زعزعة ثقة قريش في إمكان النصر على المسلمين، حتى لقد قال زعيمهم (أبو سفيان) لقومه: «يا معشر قريش: هذا محمد جاءكم فيما لا قِبَل لكم به»، وقد حقَّق تخطيط رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدافه بفتح مكة بلا قتال.
5 - التخويف والضغط النفسي : كتب (أبو سفيان) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «نريد منك نصف نخل المدينة، فإن أجبتنا إلى ذلك، وإلاّ أبشر بخراب الديار وقلع الآثار»، ودعم كتابه بقول الشاعر: تجـاوبت القبــائل مـن نـزار لنصر اللات في البيت الحرام وأقبلت الضَراغم من قريش على خيـلٍ مُســوَّمــــةٍ ضِــــرامِ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم بكتاب جاء فيه: «وصل كتاب أهل الشرك والنفاق والكفر والشقاق، وفهمت مقالتهم، فوالله مالكم عندي جواب إلاّ أطراف الرماح، وأشغار الصفح، فارجعوا ويلكم من عبادة الأصنام، وأبشروا بضرب الحسام وبفلق الهام، وخراب الديار وقلع الاثار».
الوقاية من الحرب النفسية
من الحقائق العلمية أن الروح المعنوية العالية للمقاتلين هي أولى دعائم النصر في المعركة، وأن الحرب النفسية تستهدف تحطيم هذه الروح، ومن أجل ذلك، تتخذ الجيوش كل التدابير التي من شأنها تحقيق ما يلي: 1. رفع الروح المعنوية وتقوية إرادة القتال لدى رجالها. 2. تحصين رجالها ووقايتهم من آثار الحرب النفسية المعادية. 3. إزالة آثار الحرب النفسية المعادية واستعادة الروح المعنوية العالية. والواقع أن هناك علاقة وثيقة بين (رفع) معنويات الجيش بهذه التدابير، وبين (خفض) معنويات العدو بالحرب النفسية بالصور والأشكال التي عرفناها، ذلك لأن هذا العمل في كلا الاتجاهين ـــ رفع في أحدهما وخفض في الآخر ـــ سوف يزيد المسافة بين مستوى معنويات الطرفين، فيساهم بذلك بدور كبير في إحراز النصر على العدو. 1. تنمية الاتجاهات النفسية الصحيحة لدى الأفراد : يعرف الاتجاه النفسي بأنه ميل عام مكتسب، ثابت نسبياً، يؤثر في دوافع الفرد ويوجه سلوكه، كالميل إلى أشياء أو موضوعات معينة تجعل الفرد يقبل عليها ويحبها أو يرحّب بها، أو يعرض عنها ويرفضها، ويتضمن الاتجاه النفسي نوعاً من الحكم وإبداء الرأي بالقبول أو الرفض، أو بالموافقة أو بالمعارضة. والاتجاهات النفسية مكتسبة وليست فطرية، فالفرد يدركها أولاً بناء على اتصاله بعناصر البيئة المحيطة به. والموضوعات التي تتمركز حولها الاتجاهات تتصل كثيراً بالنواحي الثقافية والخلقية والاجتماعية.
يقول الجنرال (مارشال) في كتابه: (الجنود في مواجهة القتال): «إذا رغبنا في الحصول على الجندي الصالح، فيجب أن تتجه أنظارنا إلى مهد الطفل عندما تنشئه أمه ليكون رجلاً، وإلى المدرسة حيث يتعلم كيف يضحي بمصالحه الشخصية من أجل الوطن، وفي أروقة الحكومة حيث ينبثق في قلوب الشعب وعي صادق عن الواجب».
وينمّي الإسلام في المسلم الاتجاهات النفسية الإيجابية الصحيحة نحو فكرة إعداد القوة والقتال لإعلاء كلمة الله على ما يلي: 1. بناء الشخصية الإسلامية على الإيمان والتوحيد في العقيدة والأخلاق والعمل، وتبدأ عملية البناء منذ الطفولة وتتغلغل في جميع مراحل التربية والتنشئة الاجتماعية، ومن خلاله يكتسب الفرد الاتجاهات النفسية الصحيحة منذ نشأته. 2. تحرير الشخصية الإسلامية من خوف الموت وحب الدنيا. 3. توفير الصحة النفسية للمسلم ليكون ذا شخصية سوية، وقادراً على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه. وعلى ذلك، يصبح إقبال المسلم على الوفاء بتكاليف الإسلام والجهاد في سبيل الله عن إيمان واقتناع، وفي شجاعة واستبسال، تعبيراً عملياً عن تلك الاتجاهات النفسية وعن إيجابياتها وقوتها. 2. غرس عقيدة القتال : تُعرّف عقيدة القتال بأنها: مجموعة المبادئ والأفكار والاتجاهات التي يعتنقها أفراد الجيش فيما يتعلق بالقضية التي يحاربون من أجلها، أي أن عقيدة القتال تتعلق بالجانب المذهبي أو المعنوي، ولذلك تسمى أحياناً بالعقيدة المعنوية أو الروحية. وقد ظهرت عدة نظريات أو مدارس فكرية عن عقيدة القتال وتنميتها في نفوس الجنود، نوضح أهمها كما يلي:
1. المدرسة الجبرية: وهي تقول بأن وظيفة الجندي هي الطاعة العمياء للأوامر والقتال دون أدنى تفكير أو مناقشة ولا تؤمن بضرورة إعداد الجندي معنوياً من خلال عقيدة قتال معينة، ولا بضرورة تفهمه للهدف الذي يحارب من أجله، وكان (فريدريك الأكبر) يعتنق هذه النظرية، ويقول عن رجاله إنهم: «متى اجتمعوا في صفوفهم وعلموا أن الضابط وراءهم بالسوط فإنهم يضطرون خوفاً، ويكفي أن آمرهم حتى يلقوا بأنفسهم في النار دون تفكير، لأنهم يجهلون كل شيء حتى الغرض الذي يقاتلون من أجله». وواضح أن المدرسة الجبرية قد أصبحت غير ذات موضوع إزاء التطور الذي حدث في شكل الحرب وأسلحتها، بحيث أصبح كل شبر من أرض المعركة يحتاج إلى تصرف وابتكار من الجندي الذي يعمل ـــ بسبب ما اقتضته الحرب الحديثة من انتشار ـــ بعيداً عن قائده وحتى عن زملائه.
2. مدرسة العقيدة المحددة: وهي تنادي بضرورة اعتناق الجنود لعقيدة محددة (دينية أو سياسية أو مذهبية ... إلخ) تتركّز حولها جميع اتجاهاتهم الفكرية، وتوحّد جهودهم للدفاع عنها، وبذلك يصبح انتصار هذه العقيدة هو هدف القتال. وتؤمن هذه المدرسة بأن العقيدة القتالية هي التي تحرّك الجندي ـــ بدافع ذاتي ـــ إلى الاستبسال في القتال والتصميم على تحقيق الهدف مهما كانت التضحيات. وواضح أن هذه النظرية تؤمن (بفردية) المقاتل وتحترم شخصيته، وتدرك حقيقة أن المقاتل المنتصر هو الذي يدخل المعركة مشبعاً بعقيدة معينة ومقتنعاً بالهدف الذي يقاتل من أجله. وتأخذ بهذه النظرية الدول التي لا تنفصل عقيدتها العسكرية عن عقيدتها السياسية.
3. مدرسة تنمية الاتجاهات: وهي تتفق مع مدرسة العقيدة المحددة في انقضاء عهد الجندي الذي يعمل بغير دافع أو هدف، إلاّ أنها لا تتقيد بعقيدة محددة ثابتة، بل تنادي بفكرة تنمية الاتجاهات الصحيحة وتوضيح المبادئ العامة، وقضايا الوطن والخطر المحدق به في المواقف المختلفة.
ووجهة نظر هذه المدرسة تقوم على ما يلي: 1. أن العقيدة القتالية ليست هي الدافع الوحيد للقتال، بل هناك دوافع أخرى ذاتية واجتماعية، مثل: حب الظهور بمظهر الشجاعة والبطولة، أو حب السيطرة والقيادة، أو الرغبة في الحصول على الثناء، أو المكافأة ... إلى غير ذلك من الدوافع.
2. أن الحرب ليست قتالاً بين العقائد أو المذاهب بقدر ما هي قتال من أجل أهداف تخضع لظروف واتجاهات متغيرة، فالشيوعية والرأسمالية ـــ مثلاً ـــ اللتان حاربتا جنباً إلى جنب ضد النازية في الحرب العالمية الثانية أصبحتا خصمين فيما بعد، وعملت الأولى على إسقاط الثانية. وواضح أن معتنقي هذه النظرية يريدون أن يختاروا لأنفسهم الأهداف التي يقاتلون من أجلها بحسب الأحوال والظروف المتغيرة، ولذلك يمكن أن يُقال إنهم يضعون المصالح فوق المبادئ.
أما النظرية الإسلامية، فهي تقوم على فلسفة (الجهاد في سبيل الله)، وهي فلسفة متكاملة تتناول شخصية المجاهد وتكوينه النفسي والوجداني، وسلوكه الاجتماعي، وتنمي لديه الاتجاهات النفسية الإيجابية التي تحركه ــ ذاتياً ـــ نحو الاستبسال في القتال في سبيل الحق وإعلاء كلمة الله. وإذا كانت (النظرية الجبرية) في دفع المحاربين إلى القتال هي النظرية التي سادت في الحروب قديما وظلت سائدة إلى عهد قريب حتى ظهرت الأسلحة الحديثة، فتحولت الأمم عنها إلى النظريات التي تعتمد على غرس الدوافع الذاتية في نفوس المحاربين، فإن الإسلام قد سبق ـــ منذ أربعة عشر قرناً ـــ بتقرير نظرية الدوافع التي تحرك الإنسان عن إيمان واقتناع وليس عن جبر أو قسر، ذلك لأن الحرية والاختيار والاقتناع من أصول الدعوة الإسلامية.
وتتميز عقيدة الجهاد في سبيل الله ـــ التي هي جوهر العقيدة العسكرية الإسلامية ـــ بأنها مادة وروح، أي تجمع بين الجانب العسكري المتعلق بإدارة الحرب، وبين الجانب المعنوي المتعلق بالتعريف بأسباب الحرب ودوافعها وأهدافها. وإذا كانت الدول التي تأخذ بنظرية (العقيدة المحددة) تربط عقيدتها العسكرية بعقيدتها السياسية، فإن النظرية الإسلامية تربط العقيدة العسكرية بــ (العقيدة الدينية)، وبذلك فهي تتميز بالخصائص الآتية: 1. الثبات والاستقرار، لأن الدين أثبت وأدوم من السياسة. 2. النبل والشرف والعدل في الغاية والوسيلة، لأن السياسة غالباً ما تخضع للأهواء والأطماع والمصالح. 3. توليد أقوى الدوافع على الإطلاق، لأن أية عقيدة سياسية مهما عظمت لا ترقى إلى مستويات عقيدة الجهاد التي يجد فيها المجاهد الوسيلة إلى الظفر بمرضاة الله وإلى دخول جنة عرضها السموات والأرض. 4. تنزيه المقاتل من دوافع المفاخرة أو حب الظهور، أو الرغبة في الثناء، فهو لا يستحق الجنة ولا يجد ريحها إلاّ إذا كان جهاده خالصاً من أجل إعلاء كلمة الله، فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الرجل يقاتل للشجاعة، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فأي ذلك في سبيل الله؟» فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».
إن كل الدول تعمل على تنمية دافع الوطنية في نفوس أبنائها منذ نعومة أظفارهم، لكي يقف الجندي مدافعاً عن وطنه المهدد بالخطر ممتلئ النفس بالعاطفة الوطنية، ومستعداً للتضحية بالروح في سبيله. لكن ما (الوطنية) إلى جانب (إعلاء كلمة الله)، فإذا كانت النفس يزيدها حب الوطن قوة بمقدار ما في الوطن كله من قوة، فما أكثر ما يزيدها الإيمان بالوجود كله، وخالق الوجود كله من قوة. 5. عدالة الحرب وشرف المهمة والهدف: من الحقائق المعروفة أنه كلما أدرك الجندي أن الحرب التي يخوضها حرب عادلة، وأن الهدف الذي يقاتل من أجله يستحق التضحية بحياته، كان صادق العزم في القتال قادراً على مواجهة أقسى تحدياته. وقد أثبتت الدراسات التي أُجريت عقب الحرب العالمية الثانية أن أغلب الجنود الذين يتمتعون بروح معنوية عالية هم الذين كانوا يؤمنون بالغرض من الحرب.
إن المجاهد في الإسلام، يقاتل وهو مدرك تمام الإدراك أنه يخوض حرباً عادلة وشريفة المقاصد والوسائل، وبذلك تتوافر له جميع الظروف الموضوعية لبعث الروح المعنوية العالية، وهو ما يستفاد من دراستنا وما نلخص آثاره في مجال بناء الروح المعنوية فيما يلي:
المحارب المغربي
لـــواء
الـبلد : العمر : 29المهنة : طالب جامعي المزاج : مغترب التسجيل : 20/08/2008عدد المساهمات : 3109معدل النشاط : 3041التقييم : 347الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: الحرب النفسية الأحد 11 نوفمبر 2012 - 16:02
مواضيعك رائعة يا اخي لكن تفتقر لشيء واح و هو المصدر