الجيش الألماني سيصبح أقوى بالضرورة كي يتحضر لحرب مفروضة
أفادت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن الجنرال إبرهارد زورن، المفتش العام للقوات المسلحة الألمانية، توقّع في ورقة استراتيجية سرية أن تواجه هذه القوات سنوات صعبة. ولفت زورن إلى أن احتمال اندلاع نزاع مسلح بين بلاده وروسيا تتزايد، وحض على تعزيز تركيز القوات الألمانية على الدفاع عن نفسها في مواجهة أي هجوم عسكري. وأوردت المجلة الألمانية في موقعها على الإنترنت، أن الجيش الألماني يفكر في تغيير جذري في استراتيجيته، ويعتبر أن ذلك بات ضرورياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي الورقة الموضوعة في سبتمبر (أيلول) وحصلت عليها المجلة أخيراً، أمر زورن الجيش الألماني بالاستعداد "في شكل أكثر فاعلية" لحرب داهمة مع روسيا.
وفي الورقة نفسها، كتب زورن، "يمكن أن تحصل هجمات ضد ألمانيا من دون إنذار وأن تتسبب بضرر كبير قد يكون وجودياً"، بحسب "دير شبيغل". وتُعَد قدرة القوات المسلحة الألمانية (بوندسفييار) في الدفاع عن نفسها واستعدادها العملاني، "عاملين أساسيين لبقاء" البلاد ككل. وفي الورقة المؤلفة من 68 صفحة والمعنونة "أدلة عملانية للقوات المسلحة"، يضع زورن خطة لإصلاح واسع النطاق لجيش بلاده، ويشير إلى أن التركيز على التعاون مع قوات أجنبية في مهمات خارجية، على غرار ما حصل في أفغانستان، "لم يعد مفيداً في الوضع الحالي بمفاجآته التي تهدد النظام".
ويضيف زورن أنه " بدلاً من ذلك، سيهيمن الدفاع على أعمال الجيش الألماني، بما في ذلك القدرة على توفير ردع مرئي وموثوق". ويحض زورن قوات الـ"بوندسفييار" على تسليح نفسه استعداداً لـ"حرب مفروضة". ووفق الموقع الإلكتروني، تتكرر عبارة "الردع" بكثرة في تلك الورقة التي تلفت إلى أن نزاعاً مباشراً يهدد أكثر من ذي قبل البلدان الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الواقعة في أوروبا الشرقية. بالتالي، تستنج الورقة أنه يتوجب على ألمانيا أن تؤدي دوراً رائداً في أوروبا وتجعل قواتها أكثر متانة، "ذلك أن قوات منتشرة، مكثفة ومتوائمة مع هذا السيناريو ومدربة، تشكل العمود الفقري لهذا الردع". وفي حين أن إرسال قوات صغيرة متخصصة في مهمات خارجية لم يعد كافياً، فقد بات المطلوب الآن نشر قوات كبيرة جاهزة للقتال تكون مستعدة لأي حرب يخوضها الحلف.
ووفق "دير شبيغل"، يبدو أن ذلك الضابط الأرفع مستوى في الجيش الألماني (يحمل زورن أربع نجوم على كتفيه) يطبّق "نقطة التحول" التي أعلنها المستشار الألماني أولاف شولتز بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. إذ يستهل زورن الورقة بالإشارة إلى أن "الحرب في أوروبا أصبحت واقعاً من جديد". بالتالي، يتوجب على ألمانيا الاستعداد لمواجهة عدوان روسي على الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي، وعلى الجيش الألماني أن يوفر "قوات قادرة على الرد وعلى القتال" ولا تنتظر الدعم من الولايات المتحدة. وينبّه زورن إلى أن الاتحاد الأوروبي والحلف لا يستطيعان تحمل تكاليف البدء بالتخطيط وإرسال القوات بعد وقوع الحرب، بل عليهما فعل ذلك منذ الآن.
وفي السياق نفسه، ذكّرت المجلة بأن الدعوة إلى تعزيز دور الـ"بوندسفييار" في الدفاع عن ألمانيا وحلفائها ليست بجديدة. إذ عدّل حلف شمال الأطلسي مبادئه بعدما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014. وآنذاك، نشر الحلف قوات كوماندوس صغيرة الحجم في البلدان الأعضاء في أوروبا الشرقية، وأجرت جيوش بلدان أعضاء تدريبات بوتيرة أكبر من المعتاد على الحدود الشرقية للحلف. في المقابل، استبعد جميع خبراء الحلف الاستراتيجيين آنذاك، حدوث هجوم روسي على بلدان الحلف، لكن هذا الموقف يبدو كأنه "تبخر" من ورقة زورن. إذ أشارت المجلة إلى أن تطبيق ما أشارت إليه تلك الورقة يتطلب تعديلات ضخمة في القوات المسلحة الألمانية، التي تملك خططاً لإشراك وحدات عسكرية صغيرة في عمليات تدخل حربية يجريها الحلف، لكنها تفتقر إلى خطط لإعداد وحدات أكبر للتدخل. والمقصود بالوحدات الكبيرة تلك التي يتألف كل منها من 10 آلاف عسكري، إضافة إلى امتلاك معدات ولوجستيات قتالية.
وبحسب "دير شبيغل"، فقد أضافت الورقة، أن حلفاء ألمانيا باتوا يعتبرونها "أمة رائدة" في المجال العسكري وذلك بفضل موقعها الجغرافي، ويتوقعون منها "استعداداً عملانياً واستعداداً مصاحباً للتحرك". وفي الورقة نفسها، كتب جنرال ألماني آخر لم تورد مجلة "دير شبيغل" اسمه أنه "إذا لم نتحرك فوراً ونعيد تسليح قواتنا، لن يتمكن أي جيش من التحرك في أوروبا".
ولفتت المجلة إلى أن القوة العسكرية الألمانية الوحيدة العاملة في الخارج تتمثل بتلك المنضوية في مهمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي، لكن الخلافات مع حكومة مالي تُبقي الجنود الألمان الألف، داخل مخيماتهم في شمال ذلك البلد الأفريقي. وفي ذلك الصدد، يطالب الـ"بوندسفييار" ووزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبريشت، بإعادة القوة إلى الوطن لأنها تستهلك موارد لا طائل من تحتها.
independentarabia