علجية عيش
عريـــف
الـبلد : التسجيل : 29/11/2016 عدد المساهمات : 91 معدل النشاط : 164 التقييم : 18 الدبـــابة : المروحية :
| موضوع: هكذا تسبب مراد باي في مقتل 500 شخص من الإنكشاريين الخميس 2 أبريل 2020 - 8:51 | | | كلما يأتي الحديث عن الحكام الأتراك عند المؤرخين إلا و يرد ذكر العلاقة التي ربطتهم بالعنصر اليهودي، فالحكام الأتراك لم يروا مانعا في السماح لليهود بالعيش في بلادهملا من باب التعايش مع الآخر، سواء السلاطين في اسطنبول أو الدايات في الجزائر، ففي إيالة الجزائر رحب العثمانيون باليهود المطرودين من اسبانيا حيث رأوا فيهم عنصرا حليفا يستخدمونه في صراعهم مع الإسبان ، كانت بداية الترحيب باليهود من الباي محمد الكبير (1779م -1796م) باستدعائه اليهود للعيش بوهران بعد أن استعادها، و قرّب البعض منهم فجعلهم وكلاء دبلوماسيين يمثلون مصالحه في الخارجلقد مرت المرحلة العثمانية بمدينة قسنطينة بثلاثة مراحل، كانت المرحة الأولى مرحلة البناء من أجل لتحكم في المدينة دامت 146 سنة من 1567 إلى 1713 حكمها 20 بايا، و المرحلة الثانية دامت 79 سنة حكمها خمس بايات في الفترة ما بين 1713 و 1793 ، و الثالثة التي دار على حكمها 21 بايا طيلة 45 سنة أي في الفترة الممتدة بين 1722 و 1837 م و تعد المرحلة الثانية بمثابة العصر الذهبي للمدينة و للجزائر ككل، أما المرحلة الثالثة كانت نهايتها إما القتل أو النفي أو إنهاء المهام، تقول المصادر أن المدينة تعرضت للعديد من الهجومات لكونها كانت تتميز بممرات تجارية ووفرة المياه جعلتها تمتلك ثروة حيوانية و وفرة المنتوجات الفلاحية، و شهد العهد العثماني استيطان أزيد من 09 آلاف يهودي بمدينة قسنطينة، و حتى في العلاقات الدبلوماسية التي انعكست سلبا على الأوضاع الداخلية للجزائر، و كانت سببا في أزمة جزائرية فرنسية انتهت باحتلال الجزائر عام 1830م ، و هذا الاهتمام بالعنصر اليهودي تواصل في عهد الدايات خاصة مع تنامي مصالح اليهود و ثرواتهم وازدادت شوكة اليهود قوة بعدما تم تعيين مصطفى باشا الوزناجي بايا على قسنطينة عام 1794 م، أي سنتين بعد مقتل صالح باي و تؤكد المصادر التاريخية أن تعيين مصطفى الوزناجي بايا على قسنطينة بعد مقتل صالح باي كان بضغط اليهودي بوشناق على الناخبين من الإنكشاريين ليختاروا مصطفى الوزناجي دايا للجزائر، عن طريق التهديد و تقديم الرشوة لشراء الأصوات و قد كان مصطفى الوزناجي مبغضا للعرب محبا لليهود مما جعل اليهود أصحاب نفوذ سياسي.. ، غير أن الأمر انقلب رأسا على عقب إذ أصبح اليهود هم الذين يتحكمون في الأتراك، و هذا ما ذكره المؤلف كمال بن صحراوي عن اليهودي سليمان المعروف بـ: جاكيت jaquette الذي توفي عام 1724م، و جاكيت اليهودي رجل كان مجهزا بالسفن، عندما قدم من ليفورن إلى الجزائر ، و قد احتكر تجارة الشمع و نجح في توطيد العلاقة مع حكام الجزائر مستغلا قدرته على تقديم معلومات، كما يحدث في الدول الأوروبية، و استخدامه كل الطرق للسيطرة على عقول الحكام متظاهرا بالتعلق بمصالح الإيالة.. و على نهج الباي محمد الكبير سار صالح باي حسبما كشفه الدكتور كمال بن صحراوي في كتابه "الدور الدبلوماسي ليهود الجزائر في أواخر عهد الدايات" حين خصص صالح باي قطعة أرض لليهود يقيمون عليها مساكنهم في قسنطينة و تجمعوا في مكان واحد عام ( 1771م – 1791م ) و أولى اهتمام كبيرا لهم كطائفة لها وزنها، مغفلا دورها الخطير الذي مارسته في المجالات المالية و التجارية، أما عن علاقة صالح باي بحمودة باشا باي تونس فالعلاقة تعود إلى الفترة التي تحولت فيها تونس إلى إيالة عثمانية مستقلة في 18 ماي 1573م وصدور فرمانات من السلطة العثمانية تؤكد على استقلالية تونس في إطار إيالة عثمانية منذ الحملة العثمانية سنة 1574 م و من هنا تباعدت سياسة تونس عن الجزائر منذ انفصالها عن الجزائر خاصة بعد المشاكل التي وقعت بين البلدين و تم تسوية بعضها مثل المشكلة التي وقعت سنة 1614 م لتمديد مناطق القبائل التابعة لبايلك قسنطينة في عمق التراب التونسي، و هو ما كشفه الدكتور حنيفي هلايلي في كتابه: " أوراق في تاريخ الجزائر في العهد العثماني" طبعة أولى 2008 ، غير أن الأمور زادت تأزما بين الجارتين.. ، ففي عهد حسن باي قسنطينة ( 1608- 1622 م ) تم إبرام معاهدة ضبط الحدود مع إيالة تونس عام 1614، لكن في عهد يوسف داي قام التونسيون بخرق المعاهدة فلجأ مراد باي تونس عام 1647 إلى استعمال القوة من خلال شن حملة عسكرية ضد الجزائر، انتهت بهزيمة الجيش التونسي في معركة السطارة قرب مدينة الكاف و ذلك في 17 ماي 1628م في عهد حسين باي قسنطينة، و صدرت اتفاقات تجبر الحكومة التونسية على إبقاء مجرى وادي صراع الحد الفاصل بين البلدين ( الجزائر و تونس) في المناطق الجنوبية.. ، و من هنا أصبح الوضع أكثر تأزما كذلك بحدوث المعارك بين القوات التي كان يقودها باي قسنطينة و التونسيين بسبب مسالة "الضريبة" التي كانت تدفع إلى بايلك قسنطينة في عهد علي خوجة، و خرج منها مراد باي منتصرا بعدما ارتكب مجزرة في الأسرى بلغ عدد ضحاياها حوالي خمسمائة ( 500) من الإنكشارية و أرسل آذانهم إلى تونس دليلا على انتصاره، ثم فتح المفاوضات مع المغربي مولاي إسماعيل في الفترة الممتدة بين 1672 إلى 1727م للقيام بعمل ضد الجزائر.. نشير هنا أن الضريبة التي كانت ترسل كل سنة إلى الجزائر كانت تتضمن ( 250 جرة زيت، 20 جُرّة من الصابون، بالإضافة إلى الهدايا التي ترسل إلى قادة الإنكشارية من برانس و عطور وورود و شالات تقدر بـ: 150 ألف جنيه فرنسي)، و لما خلف الداي الحاج مصطفى باي تونس نظم حملة عسكرية لفك حصار مراد باي تونس على قسنطينة و هاجم معسكر التونسيين خلال الليل، أين تمكن من تحرير قسنطينة و سحق القوات التونسية بالقرب من سطيف ( العلمة) كان ذلك بتاريخ 07 أكتوبر 1700م ، و عند تولي حمودة باشا بايا على تونس لعب صالح باي دورا كبيرا بشأن مساعيه لتأمين حدود البايلك الشرقي سنتي 1783 و 1787م و مطالبته بالتعويضات، لاسيما والوضع في تونس كان جد حرجا لتورطها في خلاف مع جمهورية البندقية Venetian Republic شمال شرق إيطاليا، و بذلك حصل صالح باي سنة 1784م على تعويض يقدر بـخمسة و عشرين ألفا ( 25 ألف) سُكـّة (نوع من العملات النقدية الإسلامية غير الدينار الذهبي و الدرهم الفضي، يطلق عليها اسم "السُكة") لفائدة القبيلة التونسية المقيمة داخل البايلك، و هذا العداء بين الإيالتين شجع باي تونس القوات الفرنسية على تكثيف قواتها البحرية الممركزة في الساحل الشرقي ، كما جهز أربعة زوارق مدفعية لحماية الأسطول الفرنسي من ضربات السفن الجزائرية.. لقد أدت هذه الأحداث إلى قتل جلهم في مناصبهم شنقا مرة، و خنقا تارة، و ذبحا تارة أخرى ، و لعل السبب في قتل هؤلاء الباشوات و الدايات يعود إلى سخط الرعية المظلومة و انتقام الجنود المرتزقة ( الإنكشارية)، أما سبب قتل البايات فيرجع إلى استحواذ الغيرة المقيتة على عقول الدايات و استيلاء الحسد الفتاك على قلوبهم مخافة امتداد قوة البايات المعنوية و سريان نفوذهم في صفوف الرعية فراحوا يجازونهم بالسجن و التعذيب و القتل و مصادرة أموالهم، و يقدم التاريخ أسوأ صورة على ذلك تقشعر لها القلوب و تشمئز لها النفوس تلك هي صورة قتل صالح باي ( باي قسنطينة) شنقا و قد ترك هذا القتل البشع في نفوس الرعية الجزائرية بأجمعها صدمة رهيبة تمخض مفعولها في النفوس الحساسة. علجية عيش
|
|