كانت أوروبا في العصور الوسطى تجهل الكثير عن شعوب الشرق، لايعرفون الكثير عن المغول والتتار الزاحفين وسط آسيا , ولا الإمبراطورية البيزنطية , ولا السلاف الشرقيين. معلوماتهم عن المسلمين في الشرق كانت سطحية, لذلك وقع حكامها في أخطاء سياسية وتعرضوا لأخطار كثيرة نتيجة لسوء التقديرات وفساد القرارات المبنية على غياب المعلومات الدقيقة. وقد تحقق ذلك بخسائرهم الفادحة خلال الحروب الصليبية نتيجة لاستهانتهم بقوة مسلمي الشرق الأوسط, وعجزهم عن إدراك التهديد التركي.
وعلى مر السنين, تنامى الاهتمام بالمعلومات, وجرت سلسلة من المحاولات, انتهت بنشأة المخابرات الدبلوماسية, على النسق التالي:
- حاول الإمبراطور " فردريك الثاني " ( 1212 - 1250 م ) إقامة اتصالات دبلوماسية ثابتة مع الحكام المسلمين.
- أرسل الملك الفرنسي " لويس التاسع" ( 1226 - 1270 م ) بعثات إلى بلاد المغول, لم تستفد كثيرا, بينما حصل التجار الإيطاليون على معلومات كثيرة, نادرا ما أقبل عليها حكام أوروبا آنذاك.
- في القرن الخامس عشر, اتسع نطاق التجارة بين الشرق والغرب, وانشأت المدن الإيطالية سفارات دائمة لها خارج البلاد, واشتهرت سفارات البندقية بنشاطها في الحصول على المعلومات الهامة الدقيقة.
- في القرن السادس عشر, تأكد ارتباط أعمال المخابرات الدبلوماسية, إذ أنشأت أغلب حكومات أوروبا سفارات لها في الخارج, تزودها بمعلومات يحصل عليها سفراؤها. وكان المجتمع ينظر إلى السفراء على انهم جواسيس, وما زالت الحكومات تعاملهم بحذر شديد, خصوصا وأن السفارات الدائمة التي أنشأها حكام أوروبا في تلك العصور أرسلت قواعد إنشاء شبكة منتظمة من الجاسوسية.
- في عهد الملكة " إليزابيث الأولى " ملكة بريطانيا, عينت لورد " بورجلي " وزيراً للخارجية, وكلفته بتعقب مؤامرات الكاثوليك في بريطانيا , فشكل أول نواة للمخابرات الإنجليزية, وأسند إدارتها إلى " فرانسيس ويلسنجهام ", الذي اقترن اسمه دائما بتكوين أول جهاز مخابرات منظم في تاريخ إنجلترا.
وكان يعرف آنذاك بجهاز الخدمة السرية .