المعضلة النيجرية- تيجاس أم ثاندر JF-17؟
في سبيلها لتحديث أسطول قواتها الجوية، تواجه نيجيريا خيارًا صعبًا بين مقاتلات تيجاس الهندية والمقاتلات الصينية JF-17.
وفي خضم هذا الصراع، بذل وزير الشؤون الخارجية الهندي جهوداً دبلوماسية للترويج لتيجاس، في حين تعمل الصين على الاستفادة من بصمتها الراسخة في الطيران العسكري النيجيري.
وترتفع طموحات الهند مع توقع زيادة الصادرات الدفاعية، في حين تهدف تيجاس إلى تعزيز بصمتها العالمية بدءاً بالاستحواذ المحتمل على نيجيريا.
الجدير بالذكر أن نيجيريا تسعى لعقد صفقة قوامها 15 مقاتلة نفاثة.
وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين الهند ونيجيريا، فإن بيع طائرة تيجاس المقاتلة لنيجيريا أمر غير مرجح إلى حد كبير، لعدة أسباب.
تجري شركة HAL، وهي شركة الطيران المملوكة للدولة والتي تنتج طائرات تيجاس، محادثات مع ثلاث دول على الأقل ــ نيجيريا والفلبين والأرجنتين ــ لبيع الطائرات المقاتلة. وأبدت مصر أيضًا اهتمامًا بتيجاس، لكن المحادثات ما زالت في مرحلة أولية. وقال رئيس مجلس إدارة شركة HAL سي بي أنانثا كريشنان أن المناقشات مع المشترين المحتملين تتقدم وأن الشركة تفتح مكاتب في بعض الأسواق الخارجية لتسهيل الصادرات.
احتياجات نيجيريا الدفاعية وتحدياتها
تعد نيجيريا واحدة من أكبر الدول وأكثرها اكتظاظا بالسكان في أفريقيا، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 477 مليار دولار ويبلغ عدد السكان 214 مليون نسمة. كما أنها واحدة من أكثر البلدان اضطرابا في القارة، حيث تواجه تهديدات أمنية من مصادر مختلفة، مثل جماعة بوكو حرام المسلحة، والحركات الانفصالية، والعنف الطائفي، والقرصنة.
والقوات الجوية النيجيرية، التي يبلغ قوامها نحو 15 ألف فرد و150 طائرة، في حاجة ماسة إلى التحديث والتوسع. فوفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، يتكون مخزون القوات الجوية النيجيرية في الغالب من منصات قديمة أو متهالكة، مثل طائرة ألفا جيت، وطائرة إف-7، وميج-21. وتُشغل نيجيريا أيضًا ثلاث طائرات فقط من طراز JF-17 Thunder، وهي طائرة مقاتلة تم تطويرها بشكل مشترك بين باكستان والصين، والتي حصلت عليها في عام 2021.
وينبع اهتمام نيجيريا بتيجاس من علاقاتها العسكرية والدبلوماسية الطويلة الأمد مع الهند، والتي يعود تاريخها إلى الستينيات. وقد ساعدت الهند نيجيريا في إنشاء أكاديمية الدفاع والكلية البحرية، كما تعاونت الدولتان في التدريب العسكري المشترك، وبرامج التبادل، وعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وتبادلت الهند ونيجيريا كذلك، أفضل الممارسات والمناقشات في مجال مكافحة الإرهاب، خاصة في أعقاب الهجمات الجهادية التي أثرت على البلدين.
لماذا يُعد بيع تيجاس لنيجيريا غير محتمل؟!
على الرغم من العلاقات الوثيقة بين البلدين، فإن بيع المقاتلة تيجاس الهندية لنيجيريا أمر غير مرجح إلى حد كبير. وذلك لعدة أسباب.
أولاً: لا تزال طائرات تيجاس غير مثبتة في القتال ولم يتم تشغيلها بشكل كامل من قبل القوات الجوية الهندية.
وقد تم عرض تيجاس على بوتسوانا ومصر لكن كلا البلدين رفضا ذلك، على الرغم من عرض شركة HAL إنشاء مرافق إنتاج في مصر لطائرة تيجاس Mk1A. واختارت مصر بدلاً من ذلك طائرة Golden Eagle الكورية الجنوبية، بينما من المحتمل أن تختار بوتسوانا طائرة SAAB JAS 29 Gripen.
ثانيًا: تواجه تيجاس منافسة من الموردين الآخرين، مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، الذين لديهم منتجات أكثر رسوخًا وموثوقية في السوق. وقد تفضل نيجيريا شراء المزيد من طائرات JF-17 من باكستان، وJ-10CE الصينية، وهي أرخص وأكثر توافقًا مع أسطولها الحالي. كما قد تفكر نيجيريا أيضًا في شراء طائرات Su-30 أو MiG-29 من روسيا، والتي تعد أكثر قوة وتنوعًا من طائرات تيجاس.
وبدلاً من ذلك، قد تختار نيجيريا طائرات F-16 من الولايات المتحدة، وهي أكثر تقدمًا وتتمتع بحزم دعم وتدريب أفضل.
ثالثًا: قد لا تتناسب صواريخ تيجاس مع متطلبات نيجيريا التشغيلية وقيود الميزانية.
تيجاس هي طائرة مقاتلة خفيفة مصممة لمهام التفوق الجوي والهجوم. بينما تحتاج نيجيريا إلى طائرات متعددة الأدوار وأكثر قدرة على التكيف، ويمكنها أداء مهام مختلفة، مثل الدفاع الجوي والهجوم الأرضي والاستطلاع والدوريات البحرية. علاوة على ذلك، فإن طائرة تيجاس ليست طائرة رخيصة، حيث تتكلف حوالي 40 إلى 60 مليون دولار لكل وحدة، وهو ما قد يكون باهظ الثمن للغاية بالنسبة لميزانية الدفاع النيجيرية، مقارنة بـ 17 إلى 25 مليون دولار للطائرة الصينية JF-17.
تعد طائرة تيجاس المقاتلة إنجازًا رائعًا لصناعة الدفاع الهندية وعنصر تصدير محتمل للدبلوماسية الدفاعية الهندية. ومع ذلك، فإن طائرات تيجاس ليست خيارًا قابلاً للتطبيق بالنسبة لنيجيريا، التي تحتاج إلى طائرات أكثر كفاءة وتوافقًا وبأسعار معقولة لتحديث قوتها الجوية ومواجهة التحديات الأمنية.
قد يكون اهتمام نيجيريا بتيجاس، مجرد لفتة دبلوماسية أكثر من كونها نية جادة للشراء، ومن غير المرجح أن يتم بيع تيجاس لنيجيريا.
كما يمكن أن تكون هذه الأعمال أيضًا جزءًا من صفقة أكبر، بقيمة مليار دولار لتعزيز صناعة الدفاع في البلاد.
وستعمل الهند من خلال الصفقة التي تم توقيعها مع الذراع الإدارية للمجمع الصناعي العسكري التابع لحكومتها، أن تصبح شركة الصناعات الدفاعية النيجيرية (DICON)، مكتفية ذاتيًا بنسبة 40٪ في التصنيع المحلي وإنتاج المعدات الدفاعية بحلول عام 2027.
وعلى الرغم من كل هذه الأسباب التي تجعل من بيع طائرة تيجاس المقاتلة لنيجيريا أمر غير مرجح، إلا أنه يتم الإشارة في بعض المصادر الإخبارية المتخصصة، إلى عدم رضا نيجيريا عن مقاتلاتها الثلاث الصينية/الباكستانية الصنع من طراز JF-17.
(ولكن يجب أن نضع بالاعتبار، اعتماد نيجيريا على أسطول من الطائرات الصينية بدون طيار مثل Wing Loong و CH-3 و CH-4، لتنفيذ عملياتها العسكرية).
وتعود العلاقات العسكرية بين البلدين -وكلاهما مستعمرتين بريطانيتين سابقتين- إلى زمن طويل. وقد تم تعزيز هذه الشراكة في عام 2007، عندما وقع البلدان على مذكرة تفاهم لتنظيم تعاونهما الدفاعي. وأدى ذلك إلى تدريب عسكري مشترك وبرنامج تبادل ونشر مشترك لقوات عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
كما تم تبادل أفضل الممارسات والمناقشات في مجال مكافحة الإرهاب، وكان آخرها في عام 2021، في وقت كانت فيه الهجمات الجهادية تؤثر على كلا البلدين. خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتم إنشاء خمس لجان تنسيق دفاعية مشتركة، وهي ديناميكية يبدو أن جائحة فيروس كورونا قد أبطأتها. لكن هذا لم يمنع الفرقاطة الهندية آي إن إس تاركاش من زيارة لاغوس في عام 2022 لإطلاق عملية مشتركة لمكافحة القرصنة في خليج غينيا.
وكانت هذه المهمة أيضًا إشارة قوية لطموح الهند الجيوسياسي.
وتستورد الهند ما بين 8% إلى 10% من احتياجاتها من النفط الخام من نيجيريا كل عام، وبالتالي فهي على استعداد لتقديم ضمانات أمنية.
ولا تزال الهند تعتمد بشكل كبير على واردات النفط لتغذية اقتصادها، وتعد الإرادة الهندية لإرسال السفن بعيدًا عن مسرح عملياتها التقليدي، هي علامة على جهودها لتأمين طرق إمداداتها بوسائلها الخاصة.
لقد كانت عمليات مكافحة القرصنة واستعراض القوة على مستوى العالم من اختصاص الدول الغربية لفترة طويلة، ثم قامت الصين بتقليدها فيما بعد لترسيخ مكانتها كواحدة من القوى الهيكلية للنظام العالمي. وهي المكانة التي تهدف الهند الآن إلى الوصول إليها بطريقتها الخاصة.
وأخيراً، وبعد البحث في مسألة عزم نيجريا على شراء 15 مقاتلة جوية، لم يبدو لنا خياراً مرجحاً لدى النيجريين حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
وهكذا، تبقى المعضلة النيجرية قائمة.
تحياتي.
ملاحظات على بعض ماورد بمصادر المقال من معلومات:
- حول ماورد بخصوص رفض مصر لمقاتلة تيجاس على الرغم من عرض شركة HAL إنشاء مرافق إنتاج في مصر للنسخة Mk1A، لايمكننا الجزم بصحة هذا الرفض، وخاصة مع وجود أخبار عن صفقة مصرية للاستحواذ على عدد من مقاتلات تيحاس.
- سعر المقاتلة ثاندر، والوارد بالمقال -وفقاً لأحد المصادر- ربما يكون غير واقعي. وخاصة أن صفقة 3 مقاتلات ثاندر اللاتي حصلت عليهن نيجيريا في صفقة مع باكستان، تكلفت 184 مليون دولار.
ربما شملت الصفقة باقة تسليحية أو أجهزة ومعدات أرضية، وربما أيضا عقد للصيانة. ومع ذلك يبقى سعر الوحدة المذكور في المقال بعيداً عن الواقعية.
- كل مصدر من مصادر المقال، يقودنا إلى طرف بعيد كل البعد عن الطرف الذي يقودنا إليه مصدر آخر. وبشكل أدق، أدعي أنه يمكننا تقسيم المصادر إلى فريقين، وكل فريق يعتقد بوجوب التزام نيجيريا بخياره هو.
- تيجاس وثاندر ليستا الخيارين الوحيدين أمام نيجريا، ولكنهما الأبرز.
Ref
India and China Vie for Nigerian Jet Fighter Contract
Nigeria interested in Indian-made Tejas fighter jet, but sale is highly unlikely
LCA Tejas role for IAF – View from a simple sortie rate model
NIGERIA EYES TEJAS JETS AS IT IS UNHAPPY WITH ITS 3 CHINESE MADE JF-17 FIGHTERS