اذا كان الخامس من يونية 1967 قد حمل اعتقادا للعالم ان الجيش المصري قد هزم شر هزيمة فان ماحدث في راس العش اوضح لي علي الاقل اننا لم نهزم واننا لم تتح لنا فرصة حتي للحرب بل كان الامر منذ اللحظات الاولي يوم 6 يونية الانسحاب حتي قبلها كان الاسرائيليون لم يدخلوا العريش كاملة
ان عظمة ماحدث في راس العش هو الفاصل الزمني القصير بين المعركة وبين النكسة وان القوات الاسرائيلية المهاجمة كانت باعداد كبيرة من الدبابات والمدرعات ومع ذلك صدتها فصيلة صاعقة لا يتجاوز عددها الثلاثون فردا وبقيت راس العش هي المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تلوثها اثار الاحتلال الاسرائيلي
خريطة توضح الكمائن التي تعرضت لها القوات الاسرائيلية وبعض التفاصيل الخاصة بالمعركة
جزء من حرب 1967 |
|
<TABLE class=infobox style="BORDER-TOP-WIDTH: 0px; PADDING-RIGHT: 0px; PADDING-LEFT: 0px; BORDER-LEFT-WIDTH: 0px; BORDER-BOTTOM-WIDTH: 0px; PADDING-BOTTOM: 0px; MARGIN: 0px; PADDING-TOP: 0px; BORDER-RIGHT-WIDTH: 0px; cellpadding: 0" width="100%">
<TR> التاريخ <td>1 يوليو 1967 </TD></TR> <TR> المكان <td>بورفؤاد، على الضفة الشرقية لقناو السويس المقابلة لبورسعيد </TD></TR> <TR> النتيجة <td>انتصار مصري. وظلت بورفؤاد الجزء الوحيد غير المحتل في سيناء حتى قيام حرب أكتوبر 1973 </TD></TR></TABLE> |
الأطراف المتخاصمة
مصر | إسرائيل |
القادة
العميد أحمد صلاح الدين | |
الحشود
قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلا مزودين بالأسلحة الخفيفة | سرية دبابات (10 دبابات ) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة فى عربات نصف جنزير |
الخسائر
| تدمير ثلاث دبابات وبعض العربات نصف جنزير |
اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات بحرب اكتوبر 1973 فى مذكراته عن حرب اكتوبر عن معركة راس العش :" فى اليوم الأول الذى تولى فيه اللواء أحمد إسماعيل قيادة الجبهة فى أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق ـ شرق القناة ـ فى اتجاه بور فؤاد ـ شرق بورسعيد ـ لاحتلالها ، وهى المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو . تصدت لها قواتنا ، ودارت معركة رأس العش ".
وأضاف قائلا :" كان يدافع فى منطقة رأس العش ـ جنوب بور فؤاد ـ قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلا . تقدمت القوة الإسرائيلية ، تشمل سرية دبابات ( عشر دبابات ) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة فى عربات نصف جنزير ، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التى تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية . عاود العدو الهجوم مرة أخرى ، إلا أنه فشل فى اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب ، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير بالإضافة لخسائر بشرية واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب ، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذى ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973 ".
وبحسب الجمسى ، فقد كانت هذه المعركة هى الأولى فى مرحلة الصمود ، التى أثبت فيها المقاتل المصرى ـ برغم الهزيمة والمرارة ـ أنه لم يفقد إرادة القتال.
أحداث المعركةفي الساعات الأولى من صباح 1 يوليو 1967 ، وبعد ثلاثة أسابيع من النكسة ، تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس من القنطرة شرق في اتجاه الشمال بغرض الوصول إلى ضاحية بور فؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد على الجانب الآخر للقناة كان الهدف احتلال بور فؤاد، وكانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو 1967 ، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي.
[1] وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة رأس العش جنوب بور فؤاد وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلا مزودين بالأسلحة الخفيفة.
في حين كانت القوة الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة ، وحين هاجمت قوات الاحتلال قوة الصاعقة المصرية تصدت لها الأخيرة وتشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية.
فوجئت القوة الإسرائيلية بالمقاومة العنيفة للقوات المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد أجبرتها على التراجع جنوبا.
عاود جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، إلا انه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، اضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب.
بعد الهزيمة التي تعرض لها جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تحاول إسرائيل بعد ذلك محاولة احتلال بور فؤاد مرة أخرى وظلت في أيدي القوات المصرية حتى قيام حرب أكتوبر 1973، وظلت مدينة بور سعيد وميناؤها بعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل .
ففي اليوم الأول الذى تولى فيه اللواء أحمد إسماعيل قيادة الجبهة فى أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق ـ شرق القناة ـ فى اتجاه بور فؤاد ـ شرق بورسعيد ـ لاحتلالها ، وهى المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو . تصدت لها قواتنا، ودارت معركة رأس العش.
كان يدافع فى منطقة رأس العش ـ جنوب بور فؤاد ـ قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلا . تقدمت القوة الإسرائيلية ، تشمل سرية دبابات ( عشر دبابات ) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة فى عربات نصف جنزير ، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التى تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية . عاود العدو الهجوم مرة أخرى ، إلا انه فشل فى اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب ، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير وزيادة خسائر الأفراد. اضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذى ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973.
رقيب أول/ حسني السيد سلامه
مقتبس من موقع المؤرخ :-
من غير الممكن ان نتحدث عن معركة رأس العش التي وقعت بعد أيام قليلة من نكسة 67 دون أن نتعرض للنكسة ذاتها وما شابها من أحداث، فقد اتُهم الجندي المصري بالفشل والهزيمة بينما نحن لم نحارب ولم نقابل جندي إسرائيلي واحد.
لكننا برغم ذلك تلقينا قرارا غريبا بالانسحاب من ارض المعركة بدون نظام، فعدنا منهزمين نفسيا كبقايا لوحدات عسكرية، فمثلا كتيبة الصاعقة التي كان قوامها يزيد على 350 فرد عاد منها ما لا يتعدى 140 فرد!
عدنا إلى بورسعيد حيث اقمنا في مدرسة "أشتوم الجميل" الخاصة ببورسعيد نحاول استيعاب ما حدث، وبعد يومين وصلت الينا كميات من أسلحة مضادة للدبابات عبارة عن RBJ من طراز جديد يدعى RBJ7 عديم الارتداد بينما كان الجنود مدربون فقط ونظريا على طراز RBJ2 العتيق وهو سلاح استخدمه الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الأولى وكان ضعيف التأثير والمدى، بينما استخدم RBJ7 في الحرب العالمية الثانية ومع ذلك لم يصل الينا إلا بعد النكسة اي بعد ما يزيد عن عشرين عاما على استخدامه في الحرب العالمية الثانية.
بعد ان استلمنا شحنات الـ RBJ7 ادركت انه وصل الينا بدون ذخيرة، فقمنا بالاتصال بقيادة الجيش فاخبرونا ان الذخيرة ستصل في اليوم التالي وهو ما حدث بالفعل، لكن السلاح برغم ذلك وصل بدون دلائل الاستخدام (الكتالوجات) التي من المفترض ان تشرح اسلوب استخدام السلاح وقاعدة التصويب الخاصة به لانه يختلف تماما عن الطراز القديم الذي تلقى الجنود تدريبهم عليه.
لكنني بعد فحص السلاح اكتشفت تطابقا بين تلسكوب التصويب الخاص به وبين تلسكوب المدفع الرشاش 14.5 المضاد للطائرات الذي تلقيت فرقة في استخدامه عام 1962 في مدرسة المدفعية وحصلت فيها على تقدير امتياز.
فأعلنت لقائد سريتي النقيب/ احمد عبد الحميد سعودي قدرتي على استخدام السلاح الجديد لكنه لم يقتنع الى ان توصلنا لاتفاق بان اجري تجربة عملية امامه في مطار الجميل بغرب بورسعيد وبعد نجاح التجربة كلفتني قيادة الكتيبة بتدريب جميع الجنود من حملة الـ RBJ2 على السلاح الجديد اعتبارا من صباح اليوم التالي.. طبعا التدريب يبدأ من تعليم فك وتركيب السلاح وحركته الميكانيكية ثم قاعدة التصويب الخاصة به .. الخ.
وبعد ثلاثة ايام من التدريب النظري وقبل ان يبدأ التدريب العملي وصل الملازم/ تحسين عبد القادر في العاشرة من صباح اليوم الرابع وطلب مني جمع الجنود المتواجدين في المدرسة من أي فئة بعد ان وصلت معلومات بأن اليهود في طريقهم إلى مدينة بورفؤاد الواقعة في مواجهة بورسعيد على الضفة الشرقية للقناة.
وبالفعل جمعنا كل من وجدناه فكنا حوالي 18 مجند اضافة الى ضابط واحد برتبة ملازم ويدعى فتحي على عبدالله، وكل منا حمل ما استطاع من اسلحة وذخائر واستقللنا عربة عسكرية وسلكنا طريق المعاهدة بورسعيد الإسماعيلية حتى وصلنا إلى نقطة ارشاد السفن المسماة برأس العش وترجلنا حتى شاطئ القناة وتولى نقلنا للضفة الشرقية أحد اللنشات الصغيرة الخاصة بهيئة قناة السويس.
وكانت المهمة واضحة تماما وهي منع اليهود من دخول بورفؤاد الا فوق اجسادنا، وكانت بورفؤاد خلفنا بحوالي 8 كم بينما أمامنا على بعد 2 كم تقريبا كنا نرى اليهود بالعين المجردة يتحركون بين مجنزراتهم وكأنهم ذاهبون إلى نزهة بينما نحن بامكانيات شبه منعدمة بمعداتنا الخفيفة، بدون أدوات حفر، أو وسائل إعاشة أو حتى باقي معدات القتال.
طبيعة الأرض التي جرت عليها المعركة كانت غاية في الصعوبة فهي عبارة عن لسان من الأرض موازي للقناة وسط المياه لا يزيد عرضه على 60 أو 70 متر على يمينه قناة السويس وعلى يساره منطقة ملاحات يصعب الخوض فيها، وكان هذا اللسان هو الطريق الوحيد للوصول إلى بورفؤاد وهو ما يعني أنه لكي يحتل اليهود المدينة يجب أن يمروا من هذا الطريق وعلى الأخص الجانب الأقرب للقناة لأنه الجزء الأصلب من الأرض.
بحكم دراستي للفنون العسكرية كنت على يقين ان اليهود يستخدمون دائما اسلوب "الالتفاف والتطويق" لمحاصرة العدو بدلا من المواجهة المباشرة التي يخشونها ولذلك وعند توزيع الأفراد على الموقع وضعت فردين في المؤخرة بمدافع رشاشة خفيفة تحسبا لتطويقنا من الخلف.
كان ينبغي علينا أن نمهد الأرض عسكريا استعداد لملاقاة العدو فكان على كل جندي ان يحفر لنفسه ما يسمى بالحفرة البرميلية وهي حفرة مستديرة قطرها نحو 80 سم بعمق يسمح للجندي بالنزول فيها بحيث لا يظهر منه الا رأسه وأكتافه، ونظرا لغياب أدوات الحفر كان الجنود يحفرون بأيديهم حقيقة لا مجازا في الأرض الصلبة وبسونكي البندقية والدبشك الحديدي لتكوين الحفر البرميلية والسواتر الترابية، وتم حفر حفرة برميلية أكبر قليلا للملازم فتحي عبدالله في المؤخرة ومعه جندي الاتصال ليبقى على صلة بالقيادة طوال الوقت.
وبحلول الساعة الرابعة عصرا كان قد وصل الينا دعم ممثل في مدفع من طراز ب10 المضاد للدبابات عديم الارتداد بطاقم مكون من 3 أفراد، وهو مدفع أكبر حجما وابعد مدى ويعمل عليه فردان، فرد للتعمير وفرد للضرب وهو يطلق صوت مرعب لذا ينبغي لمن يعمل عليه ان يرتدي كاتم للصوت لحماية اذنيه.
كما وصل التالي:
- 4 رشاش خفيف + اربعة أفراد
- 1 جهاز اشارة R105 من فصيلة الإشارة بفرد يحمله
- مدفع رشاش متوسط (يعمل بشريط طلقات بعدد 250 طلقة) بعدد فردين من سرية المعاونة
وهكذا أصبح عدد القوة بالضفة الشرقية 24 مقاتل بقيادة الملازم/ فتحي عبدالله وهو ضابط حديث التخرج قليل الخبرة لم يشترك من قبل في اعمال قتالية حيث تم دفعه إلى الجبهة في نهاية شهر مايو 1967 أي قبل النكسة بأيام.
وتم الدفع بجماعة من المهندسين العسكريين في منتصف المسافة بيننا وبين اليهود لزراعة الألغام المضادة للدبابات والأفراد في عجالة.. كل هذا تحت سمع وبصر اليهود.
كما احتلت فصيلة هاون بقيادة الملازم/ نادر عبدالله خلف نقطة الإرشاد على الضفة المقابلة وصعد أحد افراد الاستطلاع إلى صهريج المياه الخرساني لتوجيه النيران متى بدأ الاشتباك.
كذلك احتلت فصيلة قوامها 26 مقاتل بقيادة النقيب سيد اسماعيل امبابي خلف اعواد البوص على طريق معاهدة القناة بالمنطقة المقابلة لبداية تقدم اليهود.
بالطبع كل هذه التحركات كانت مكشوفة وبالعين المجردة لليهود لكنهم برغم ذلك ارسلوا طائرة استطلاع صغيرة (سوبر بكب) حلقت فوق مواقعنا على ارتفاع منخفض جدا حتى انني رأيت من موقعي قائد الطائرة وهو ينظر لنا ويضحك ولابد أنه احصانا كلنا فردا فردا وعرف ما نحمله من معدات، فضلا عن بث الرعب في نفوسنا... هذا الطيار لابد أنه أبلغهم على الجانب الآخر الا يقيموا لنا أي حساب فلابد أننا سنفر عند اول مواجهة!
في هذه الاثناء رأيت بالعين المجردة على خط الافق في الجانب الآخر من الملاحات جنود اسرائيليين وهم ينفخون أحد القوارب المطاطية في حركة يعرفها جيدا أفراد الصاعقة حيث يتم نفخ هذا النوع من القوارب عن طريق جهاز يعمل بالقدم فيقوم فرد بالارتكاز على اكتاف فردين آخرين ويبدأ في الصعود والهبوط في حركة ميكانيكية حتى ينتهي من مهمته، هنا تأكد لدي حدسي بأنه يستعدون لعملية تطويق من الخلف في حالة تعزر الاقتحام من الامام، فقمت بلفت نظر قائد الفصيلة الذي بادر إلى وضع فردين في المؤخرة تحسبا لهذا الاحتمال، لكن أحد قادة العمليات لقيادة مجموعة الصاعقة عبر الى القناة للإطمئنان على أوضاع الفصيلة ورفض فكرة أن يقوم اليهود بالالتفاف على الموقع عبر الملاحات فقام بتعديل وضع الأفراد قبل أن يعود إلى الضفة الاخرى، فراجعت الملازم/ فتحي عبد الله في أن يعود الفردين إلى مؤخرة الموقع لكنه رفض الفكرة تماما، وكان هذا خطأ جسيما دفعت الفصيلة ثمنه غاليا.
وانقضت الساعات الأخيرة من النهار في تحسين الأوضاع واستكمال الذخائر دون راحة أو طعام أو شراب، برغم توفر هذا كله، لكن التركيز كان من الجميع على المعركة وحدها.
ومع اخر ضوء، تحديدا قبل المغرب بنحو 10 دقائق بدأت القوات الاسرائيلية في فتح نيرانها علينا على سبيل اكتشاف المدى الذي ستصل اليه لتحديد موقعنا بدقة، ثم وجهت نيران دباباتها نحو فصيلة النقيب سيد اسماعيل امبابي الذي كان يشكل خطرا اكبر على اليهود، لكن هذه المجموعة الصغيرة التي لا يتعد قوامها 26 مقاتل نجحت في تعطيل اليهود لنحو ثلاث ساعات كاملة إلى أن سكتت نيرانهم فبدأ في التقدم وتوجيه نيرانه لضرب صهريج المياه على الضفة الاخرى لاسقاط نقط توجيه النيران وضرب المنطقة المحيطة به المنتشر بها مدافع الهاون، وبالفعل تمكن من ضرب الصهريج الخرساني واسكات مدافع الهاون ولم يبق امامه غيرنا.
بدأ العدو في التقدم نحونا وفتح نيرانه علينا في الوقت الذي لم نكن نملك فيه أي أسلحة يمكنها ان تصل اليه لذا لم يكن امامنا الا ان ندخر الذخيرة حتى يتقدم العدو اكثر، وبالفعل اقترب العدو اكثر واكثر حتى وصل الى منطقة الألغام وانفجر بعدها بالفعل بالرغم من انه كان يرى زرعها بعينية لكن تفاديها كان صعبا.
في وسط هذا الصخب، كان الملازم فتحي عبدالله يرقد في حفرته خلف الحفرة ، وبسبب حداثته بالمعارك كان ينادي علي كلما سمع صوتا ليسأل "ايه ده يا حسني يا سلامة؟!.." فاجيب: " 5 دانات هاون جايين في السكة .. وطي دماغك.. ".
بعد ان تخطى العدو منطقة الألغام ليصل الى نحو 800 متر منا اصبح في مدى نيران المدفع ب10 الذي وصل الينا بعد ان غادرت طائرة الاستطلاع الخاصة بهم بمعنى انهم لم يكونوا على علم بوجوده، وبالفعل شكل هذا المدفع مفاجأة لهم قبل ان يركزوا نيرانهم عليه ليصيبوا طاقمه المكون من فردين ويحطموا تلسكوب التنشين الخاص به، وحينما وصلت لموقع المدفع لم أجد طاقمه ويبدو انهم انسحبوا الى الخلف ووجدت الذخيرة الخاصة به لكن جهاز التنشين كان معطلا فلجأت الى التصويب عن طريق ماسورة المدفع بشكل تقريبي، بحيث كنت استعين بفتح كتلة المدفع من الخلف واوجه الماسورة قبل التعمير ثم اعمر المدفع واطلقه، كل هذا بدون كاتم صوت.
قبل النكسة كنت قد قضيت 3 سنوات كاملة في اليمن فاكتسبت خبرات اهلتني لاستخدام معظم انواع الاسلحة، وكان علي في هذة المعركة ان اتولى استخدام 9 مدافع RBJ لان الجنود لم يتموا بعد تدريبهم عليها فكنت اطلق القذيفة واترك السلاح لحامله ليتولى اعادة تعميره واذهب للآخر بنفس الطريقة، وهكذا.. وقد اصاب ذلك العدو بالتخبط وعطله عن التقدم لنحو ساعتين.
وكان ان بدأ العدو في استعمال القذائف الفسفورية لاضاءة ارض المعركة وهي طلقات حارقة اذا سقطت على الجلد تصيب المقاتل بحروق بالغة من الدرجة الأولى أما اذا اصابت الثياب فهي تجعل المقاتل هدفا سهلا للإصابة لانها تجعله مميزا وواضحا وسط الظلام، لذلك امرت المقاتلين بان يخلعوا ملابسهم ويلقونها على الناحية العكسية اذا اصابتهم اي قذيفة من هذا النوع.
وفي الساعة الثانية صباحا اجرى الرئيس عبد الناصر اتصالا تليفونيا مباشرا بالموقع حيث ابلغ القائد بترقية جميع المقاتلين في الضفة الشرقية للدرجة الأعلى ومنحهم نوط الشجاعة، وحثنا على الا نسمح لليهود بالمرور الى بورفؤاد الا فوق جثثنا
بعض أبطال رأس العش - حسني سلامة الثاني من اليسار في الصف الخلفي
في هذه الاثناء بدا ان العدو ادرك صعوبة المرور بشكل مباشر فلجأ للخداع، فاولا تقدم احد افراد استطلاع العدو ووضع جهازا صوتيا بين أشجار عشبية قريبة لكي نصوب أسلحتنا الصغيرة اليه وبما انه من المستحيل ان تصل امدادات الينا فتوقع ان نفر هاربين بعد ان تنفد ذخيرتنا لكنني ادركت الخدعة بفضل من الله فمنعت الجنود من اطلاق اي طلقة على الاشجار وتقدمت قرابة المائة ياردة وبأحد مدافع الـ RBJ وبغريزة التوجيه على الصوت اطلقت احد الدانات ليصمت الصوت إلى الأبد.
وخلال التبادل النيراني الكثيف وفي لحظة شديدة الغرابة توقفت القوات المعادية عن الضرب فجأة واسكتت كافة نيرانها وكان لهذا معنى واحد هو ان العدو له قوات خلفنا يخشى اصابتها وانه قام بتطويقنا بالفعل كما كنت اخشى فنبهت الملازم فتحي عبدالله واشرت عليه بارسال حاملي الرشاشات الخفيفة لتأمين المؤرخة لكنه رفض!، وخلال هذا الجدل رأيت 7 أفراد على خط الأفق خلف الموقع موجهين نيران أسلحة صغيرة علينا وقال صوت ينطق بعربية سليمة (ارمي السلاح، كل واحد يسلم نفسه ويرغ ايديه فوق!) فتأكدت ان الواقعة وقعت وتم تطويقنا.. كان الأقرب الى المهاجمين من الخلف بالطبع هو ضابط الموقع/ فتحي عبدالله وفرد الاشارة الملازم له في الحفرة، وسمعت صوتا يسأل: (انتو مين؟.. انتو يهود والا سودانيين!) فصرخت بأعلى صوتي (أنزل يا فتحي دول يهود) في الوقت ذاته تحركت بسرعة ووجهت رشاش خفيف (جرونوف) الى اتجاه الملاحات لضرب اي شئ يتحرك مهما كان، وضغطت على زناد المدفع موجها اياه الى الجميع ولم اتوقف الا بعد انتهاء شريط الرصاص المكون من 250 طلقة، ولم اتحقق من مقتل المهاجمين الا بعد ان سمعت اصوات الدبابات والمجنزرات تتقدم من جديد، لقد فشل التطويق ولم يعد امامهم الا الهجوم من الامام..
وبدون لحظة تفكير وجهت الرشاش الى القوات المهاجمة وصرخت في الجنود للاشتباك مع المجنزرات التي كانت عديمة الفائدة في الحقيقة مع هذا المدى القريب، لكن العدو كان يستخدمها لبث الرعب في الجنود، ومع ذلك دمرنا دبابة وعربتان مجنزرتان على بعد 80 إلى 100 متر واشتعلت النيران ودوت الانفجارات وانا اتنقل وثبا من موقع الى موقع مثل الكانجارو ، وعاقت هذه المركبات المحترقة تقدم من خلفها واستمر التراشق قرابة نصف الساعة قبل ان يفر اليهود هاربين!
بعدها ساد صمت طويل.. لا صوت بشري واحد من الطرفين.. لا اصوات رصاص.. لا أصوات قنابل.. او محركات.. ليس سوى صوت النيران المشتعلة هنا وهناك.
لا اعرف ماذا حدث بعد ذلك، لكنني افقت مع أول ضوء لاكتشف أنني الحي الوحيد في هذا المكان وان المهمة نُفذت بنجاح وان العدو فر هاربا.
افقت على صوت الرائد/ السيد الشرقاوي قائد كتيبتي وهو يناديني من الضفة الغربية للقناة ويأمرني بالعبور اليه سباحة قبل ان يجذبني من يدي ويخرجني من مياه القناة الى سيارته الجيب التي كانت تختبئ خلف الأحراش، متجهين الى بورسعيد.
وفي اليوم التالي وجدت طلبا لمقابلتي من النقيب أشرف مروان صهر الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله ، وما ان رآني حتى احتضنني بقوة وعرفت انه كان مع الرئيس جمال عبد الناصر في مكتبه يتابعان المعركة مباشرة، واتضح ان خط اللاسلكي كان مفتوحا طوال الوقت وموصلا بنقطة الارشاد ومنها بشكل مباشر إلى الرئيس جمال عبد الناصر شخصيا في مكتبه حيث ظل مستيقظا طوال الليل يتابع المعركة ويخط على الورق تصوراته حول سير المعركة، وعلمت أنه خط أسمي حوالي 12 مرة فلما سأله من هذا قال: "في واحد هناك أسمه حسني سلامه، هو اللي شايل المعركة على اكتافه.. ".
كان هذا هو الجندي المصري الذي لم يتملكه الشعور بالهزيمة في عام 1967 لانه لم يقاتل فعلا في هذة الحرب بل فرض عليه موقف الانسحاب في معركة لم يدخلها..
فلما سنحت له فرصة القتال لم يتردد..
واستخدم اسلحة لم يتدرب عليها..
وحفر الأرض بيديه..
بدون طعام ..
بدون شراب..
بدون خطة مسبقة..
لكن اليهود فشلوا في تخطيهم حتى ولو على جثثهم ..
وخلال الليل قمنا باخلاء الجرحى والمصابين ، ولا اعلم ان كان العدو قد اخلى جرحاه وقتلاه ام لا، لكنه حاول تعديل اوضاعه والهجوم في اليوم التالي في مواجهة منطقة التبين فتصدت له احد وحدات الصاعقة من الكتيبة 103 وهرب العدو مرة اخرى بالقرب من قطاع القنطرة شرق وفي داخل عمق سيناء.
أسماء وأوضاع
قائد العملية: رائد/ السيد الشرقاوي
رئيس العمليات: نقيب/ أحمد شوقي الحفني
قائد فصيلة الضفة الشرقية: ..
1- ملازم: فتحي عبدالله
2- رقيب الفصيلة: حسني السيد سلامه
ضابط المعاونة – هاون: ملازم/ نادر عبدالله
3- مدفع ب10 رشاشات ملازم/ محمود الجزار (شهيد)
4- عريف/ محمود امين
5- عريف/ محمد سلامة
6- جندي/ بكري سيد احمد
7- جندي/ محمد ابراهيم ابوزيد
8- جندي/ السيد عبد الحميد محمد
9- جندي/ عبد المنعم ابراهيم الجزار
مجموعة الضرب من الضفة الغربية
(من قوة السرية 2 – الكتيبة 43 صاعقة – الفصيلة 3)
نقيب/ سيد اسماعيل امبابي
ملازم/ حامد جلفون
رقيب/ ابراهيم الدسوقي محمد
عريف/محمد خميس حمد
عريف/ طلعت ابراهيم خليل
جندي/ فؤاد عبد المنعم حمد
جندي/ سعيد حامد
جندي/ عبد المرضي مبروك محمد
جندي/ احمد محمد السيد
جندي/ عبد الله محمود شنش
جندي/ عبد الحميد عبده
جندي/ محمد احمد حسين عيد
جندي/ سمير طايع سلطان
جندي/ محمد عبدالعال راشد
جندي/ عبد العظيم جعفر
جندي/ النحاس محمود محمد
جندي/ محمد عبد المحسن عبدالرازق
جندي/ فوزي محمد عبدالله
جندي/ عاشور العوى (مصاب)
جندي/ محمد عبد الحميد سويد (مصاب)
جندي/ السيد مهني محمد (مصاب)
جندي/ سعيد على احمد (مصاب)
جندي/ صلاح الدين محمود محمد (شهيد)
جندي/ محسن محمد حسن البطيح (شهيد)
جندي/ محمد عثمان ابراهيم (شهيد)
جندي/ محمد عبد السلام واصل (شهيد)
الصحف تتحدث عن نتائج المعركة