أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

بطولات لا تنتهى

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 بطولات لا تنتهى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
maiser

لـــواء
لـــواء
maiser



الـبلد : بطولات لا تنتهى 01210
التسجيل : 23/01/2010
عدد المساهمات : 2765
معدل النشاط : 2828
التقييم : 154
الدبـــابة : بطولات لا تنتهى Unknow11
الطـــائرة : بطولات لا تنتهى Unknow11
المروحية : بطولات لا تنتهى Unknow11

بطولات لا تنتهى 111


بطولات لا تنتهى Empty

مُساهمةموضوع: بطولات لا تنتهى   بطولات لا تنتهى Icon_m10الخميس 9 سبتمبر 2010 - 22:04

عملية إنقاذ

بقلم‏:‏ د‏.‏ نبيل فاروق


***********************


اندلعت حرب السادس من أكتوبر‏1973‏ م بغتة‏,‏ علي نحو لم يتوقعه أو يتخيله العدو الإسرائيلي قط‏,‏ بفضل خطة خداع استراتيجية متقنة‏,‏ تضافرت من أجلها جهود العديد من أجهزة الدولة‏,‏ وعلي رأسها جهاز المخابرات العامة‏,‏ الذي نفذ العشرات من العمليات المدهشة‏,‏ التي شاركت فيها عقول خبرائه‏,‏ وبطولات رجاله‏,‏ وبسالات عملائه‏,‏ الذين لم يتركوا ثغرة واحدة‏,‏ أو احتمالا ولو ضئيلا‏,‏ يمكن أن ينفذ منه الخصم‏,‏لإدراك أن مصر لم ولن تستسلم للهزيمة والاحتلال وأنها ستهب حتما لاستعادة حقها‏,‏ ونيل ثأرها‏,‏ وإن طال المدي‏..‏
وفي غفلة من العدو وعيونه‏,‏ هبت مصر‏,‏ وانقضت كعاصفة عاتية‏,‏ أو كإعصار مباغت عنيف‏,‏ لتقتلع خط‏(‏ بارليف‏),‏ أقوي مانع عسكري عرفه التاريخ‏,‏ وتسحق بلا رجعة أسطورة العدو الذي لا يقهر‏..‏
وانهزم العدو‏,‏ وانتصر جيشنا‏,‏ وراحت قواتنا تتدفق علي الضفة الشرقية لقناة‏(‏ السويس‏),‏ وأطلقت رمال‏(‏ سيناء‏)‏ زغرودة فرحة‏,‏ وهي تستقبل الجنود أصحابها وأبناءها‏..‏
وتوالت الانتصارات‏,‏ وأدرك العالم ـ لأول مرة ـ أن‏(‏ مصر‏)‏ دولة قوية صنديدة‏,‏ قادرة علي المقاومة‏,‏ والقتال‏..‏ والنصر‏..‏

ومع فرحة النصر‏,‏ وسحر العبور‏,‏ خرجت جموع الشعب المصري إلي الشوارع‏,‏ إثر إعلان وقف إطلاق النار‏,‏ تهتف باسم قائدها‏,‏ وشجاعة وعبقرية رجاله‏,‏ وبسالة جنوده وأبنائه‏,..‏
وفجأة‏,‏ انطلقت من وسط الجموع صرخة‏,‏ تحمل كل فرحة الدنيا‏..‏
ـ‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏.‏
اخترقت الصرخة أذني‏(‏ ماهر‏),‏ الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية‏,‏ وأحد عملاء رجال المخابرات المصرية‏,‏ الذين ساهموا في الحرب النفسية ضد العدو الإسرائيلي‏,‏ طوال عدة أعوام ناجحة‏..‏
واستدار‏(‏ ماهر‏)‏ إلي مصدرها‏,‏ ووقع بصره علي صاحبها‏,‏ الذي اندفع يشق الجموع نحوه‏,‏ وهو يهتف بسعادة غامرة‏:‏
ـ ياإلهي‏!..‏ كم تسرني رؤيتك‏.‏

وحتي قبل أن يبتسم‏(‏ ماهر‏)‏ الذي تعرف صاحب الصرخة علي الفور‏,‏ كان هذا الأخير يعانقه في حرارة‏,‏ ويصافحه بانفعال لا محدود‏,‏ ويشد علي يده في قوة‏,‏ متسائلا في اهتمام‏:‏
ــ هل تذكرني يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك؟‏!‏
اتسعت ابتسامة‏(‏ ماهر‏)‏ وهو يقول‏:‏
بالطبع أذكرك يا‏(‏ إبراهيم‏)...‏ كيف حالك؟‏!‏
أطلق‏(‏ إبراهيم‏)‏ هذا ضحكة عالية‏,‏ تموج بالارتياح‏,‏ قبل أن يجيب‏:‏
ـ أنا في خير حال‏...‏ بفضلك‏,‏ بعد الله سبحانه وتعالي‏,‏ فلولاك لكان حالي الآن غير الحال‏...‏
غمغم‏(‏ ماهر‏):‏
ــ لولاي أنا؟‏!‏

ربت‏(‏ إبراهيم‏)‏ علي كتفيه بحرارة‏,‏ قائلا‏,‏ ومكررا‏:‏
ــ لولاك‏,‏ بعد الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏.‏
جمدت ملامح‏(‏ ماهر‏)‏ بضع لحظات‏,‏ قبل أن يستعيد ابتسامته‏,‏ وهو يغمغم‏:‏
ــ حمدا لله علي سلامتك يا‏(‏ إبراهيم‏).‏
نطقها‏,‏ وعقله يستعيد ذكريات أربعة أعوام مضت‏..‏
ذكريات أهم عملية في حياته‏...‏
عملية إنقاذ‏..(‏ إبراهيم‏)...‏

‏***‏
‏(‏ إبراهيم‏)‏ شاب بسيط‏,‏ من أبناء‏(‏ مصر‏)‏ الذين عاشوا مرحلة النكسة‏,‏ وانكسرت في أعماقهم حماسات جميلة‏,‏ عاشوا يتغنون بها طويلا‏,‏ فانسحقت معها نفوسهم‏,‏ وخيم الظلام علي أحلامهم وآمالهم‏,‏ فصاروا يتخبطون فترة كالعميان‏,‏ في سنوات عصيبة عسيرة‏,‏ استقر خلالها العدو في‏(‏ سيناء‏)‏ وتدلت قدماه في مياه قناة‏(‏ السويس‏)‏ وصدي ضحكاته الساخرة الظافرة يؤذي مسامع كل مصري وطني‏...‏
وعلي الرغم من أن‏(‏ إبراهيم‏)‏ قد خضع للتجنيد الاجباري كسواه‏,‏ في تلك الفترة التي راحت‏(‏ مصر‏)‏ تسعي فيها لاستعادة جيشها وقوتها‏,‏ إلا أن حلم السفر والعمل في الخارج ظل يراوده‏,‏ في صحوه ومنامه‏,‏ كأمل أخير في الخروج من الأزمة‏,‏ وتجاوز المحنة‏,‏ التي تصور مخطئا‏,‏ كفئة من أهل‏(‏ مصر‏)‏ أن عبورها أكثر استحالة من عبور بحر من النيران‏,‏ بزورق من القماش‏,‏ المغموس في بنزين نقي‏..‏
والعجيب ان هذا الحلم لم يفارق‏(‏ إبراهيم‏)‏ لفترة طويلة‏,‏ حتي وهو يشارك رفاقه تدريباتهم ومناوراتهم‏,‏ ويستمع إلي أحاديثهم التي تؤكد أن أحدا منهم لن يخرج من مرحلة التجنيد الإجباري أو يتجاوزها‏,‏ إلا بعد مرور المحنة‏,‏ التي تبدو وكأنها لا خروج منها قط‏...‏
شئ ما في أعماقه كان يؤكد له أنه سيتجاوزها يوما‏,‏ علي نحو أو آخر‏.‏
ولان ذهنه منشغل دوما بأحلامه وأمنياته‏,‏ ارتكب‏(‏ إبراهيم‏)‏ خطأ بسيطا في اثناء احدي المناورات‏,‏ مما أدي إلي اصابته بجرح‏,‏ استلزم نقله إلي أحد المستشفيات العسكرية للعلاج‏.‏
وفي المستشفي العسكري‏,‏ جلس‏(‏ إبراهيم‏)‏ ينتظر دوره كالمعتاد‏,‏ في صمت وصبر وسكوت‏,‏ وعيناه تراقبان كل ما يحدث حوله‏,‏ كوسيلة للتسلية البريئة‏,‏ في ظروف كهذه‏..‏
ثم وقعت عيناه علي‏(‏ صبحي‏)...‏

ضابط من أصل عربي‏,‏ ترك مهنته ودولته‏,‏ وأتي ليقيم في‏(‏ مصر‏)‏ مع زوجته‏,‏ معلنا إيمانه بأهداف وطموحات قادتها‏,‏ ومؤكدا استعداده للموت من أجلها‏..‏
وفي‏(‏ مصر‏)‏ استقر‏(‏ صبحي‏)‏ وحاز القبول لدي بعض المسئولين‏,‏ فطاب له المقام‏,‏ وحظي بمقام رفيع‏,‏ ومنصب ممتاز‏,‏ وعلاقات قوية‏,‏ بدت واضحة للغاية‏,‏ في تعاملاته داخل المستشفي العسكري‏,‏ وأسلوب حديثه مع كبار مديريها ومسئوليها‏.‏
وانبهر‏(‏ إبراهيم‏)‏ بوضع‏(‏ صبحي‏)‏ هذا في المستشفي‏,‏ وانبهر أكثر باقتراب هذا الأخير منه‏,‏ وجلوسه إلي جواره‏,‏ بمنتهي البساطة والتواضع‏,‏ والانهماك معه في حديث طويل‏,‏ وكأنهما صديقان قديمان‏...‏
وكعادة المصريين البسطاء‏,‏ أفرط‏(‏ إبراهيم‏)‏ في الحديث‏,‏ وراح يدلي بكل مالديه عن وحدته‏,‏ ورفاقه‏,‏ وتدريباتهم‏,‏ والمناورة التي أصيب فيها أيضا‏...‏
وباهتمام مغلف بالهدوء والبساطة‏,‏ استمع إليه‏(‏ صبحي‏)‏ هذا‏,‏ وتركه يروي كل ما لديه‏,‏ قبل أن يمنحه ابتسامة كبيرة‏,‏ ويربت علي كتفه‏,‏ قائلا‏:‏ ــ لابد أن نلتقي كثيرا يا أخ‏(‏ إبراهيم‏)...‏ سأعطيك عنواني ورقم هاتفي‏,‏ وسأنتظر زيارتك‏.‏
لم يصدق‏(‏ إبراهيم‏)‏ نفسه‏,‏ عندما طلب منه‏(‏ صبحي‏)‏ زيارته‏,‏ واحتفظ بالورقة التي تحوي العنوان ورقم الهاتف‏,‏ وهو يمني نفسه بأن يساعده هذا الشخص‏,‏ صاحب الاتصالات والنفوذ‏,‏ في تحقيق حلمه القديم‏...‏

وفي أول اجازة له‏,‏ اتصل‏(‏ إبراهيم‏)‏ بذلك الرجل‏(‏ صبحي‏)‏ فاستقبل الرجل اتصاله بالحرارة والترحاب‏,‏ وطلب منه أن يأتي لزيارته فورا‏...‏
ولم يضيع‏(‏ إبراهيم‏)‏ لحظة واحدة‏...‏
لقد ذهب فورا لزيارة‏(‏ صبحي‏),‏ وكله لهفة في أن يقص عليه حلمه‏,‏ وأن يجد لديه مطلبه‏...‏
وفي منزله‏,‏ استقبله‏(‏ صبحي‏)‏ بحرارة وترحاب أكثر‏,‏ ليقفز انبهار‏(‏ إبراهيم‏)‏ إلي الذروة‏,‏ مع مرأي المنزل الفاخر‏,‏ والأثاث الأنيق باهظ الثمن‏,‏ والأجهزة التي لم ير لها مثيلا‏,‏ إلا في أفلام السينما الحديثة فحسب‏...‏
ومع انبهار‏(‏ إبراهيم‏)‏ وخفقات قلبه المشدوهة‏,‏ راح‏(‏ صبحي‏)‏ يتحدث إليه‏,‏ ويسأله عن أحواله‏,‏ وأحوال وحدته‏,‏ وآخر أخبار المناورات‏...‏

وفجأة‏,‏ سأله‏(‏ إبراهيم‏)‏ وكأنه لم ينتبه إلي وجوده إلا في هذه اللحظة‏:‏
ـ سيد‏(‏ صبحي‏)...‏ ألك معارف في دول الخليج؟‏!‏
صمت‏(‏ صبحي‏)‏ بضع لحظات‏,‏ وهو يتطلع إليه‏,‏ قبل ان يبتسم ابتسامة كبيرة‏,‏ وهو يتراجع في مقعده‏,‏ قائلا‏:‏
ــ لي أخت تقيم في‏(‏ الكويت‏)‏ وزوجها يمتلك تجارة كبيرة هناك‏.‏
هتف‏(‏ إبراهيم‏)‏ في لهفة‏:‏
ــ وهل‏..‏ هل يمكنك أن تجد لي عملا لديه؟‏!‏

اتسعت ابتسامة‏(‏ صبحي‏)‏ أكثر‏,‏ وهو يجيب‏:‏
ــ بالتأكيد‏.‏
ولم يكد‏(‏ إبراهيم‏)‏ يغادر المنزل بعدها‏,‏ وهو يكاد يطير فرحا‏,‏ حتي أطلق‏(‏ صبحي‏)‏ هذا ضحكة عالية مجلجلة‏,‏ والتقط سماعة هاتفة‏,‏ مغمغما‏:‏
ــ طير جديد وقع في القفص‏.‏
في الليلة نفسها‏,‏ وإثر المحادثة الهاتفية‏,‏ استقبل‏(‏ صبحي‏)‏ ضيفا آخر‏,‏ في التاسعة والنصف مساء‏,‏ وصافحه في حرارة‏,‏ قائلا‏:‏
ــ لدينا طير جديد‏.‏
سأله ذلك الضيف الجديد‏(‏ ماهر‏)‏ في اهتمام‏:‏
ــ وما نوعه؟‏!...‏

ولساعة كاملة‏,‏ راح‏(‏ صبحي‏)‏ يشرح لصديقه‏(‏ ماهر‏)‏ كل ما يتعلق بذلك الشاب‏(‏ إبراهيم‏)‏ قبل أن يقول في النهاية‏:‏
ــ وكما تري هو صيد ممتاز‏,‏ سيسعد الأصدقاء محبي السلام في العالم الحر‏,‏ وموقعه سيمنحنا الكثير من المعلومات‏,‏ التي ستساعدنا علي معرفة ما إذا كان المصريون يستعدون بالفعل لحرب ثأرية‏,‏ أو أنهم سيستسلمون لحالة الاحتلال هذه‏.‏
قال‏(‏ صبحي‏)‏ كل هذا واستخدم تلك المصطلحات التي ميزت عالم الجاسوسية‏,‏ في تلك الحقبة‏,‏ مطمئنا الي أن‏(‏ ماهر‏)‏ يعمل إلي جواره‏,‏ لصالح المخابرات الإسرائيلية‏,‏ التي رمز إليها وهما‏,‏ باسم‏(‏ العالم الحر‏),‏ دون أن يخطر بباله‏,‏ ولو لحظة واحدة‏,‏ أن‏(‏ ماهر‏)‏ هذا يعمل لحساب جهاز مخابرات آخر تماما‏..‏
لحساب المخابرات العامة المصرية‏..‏
ولقد استمع إليه‏(‏ ماهر‏)‏ في هدوء واهتمام‏,‏ كما علمه رجال المخابرات المصرية‏,‏ قبل أن يقول في حزم‏:‏
ـ أريد أن أراه أولا‏,‏ وسأخبرك برأيي بعدها‏.‏

ضحك‏(‏ صبحي‏)‏ قائلا‏:‏
ـ اطمئن‏..‏ لقد طلبت منه أن يحضر غدا مساء‏,‏ مع كل أوراقه‏,‏ فهو يتصور أن لدي من الاتصالات‏,‏ مايمكن أن يتيح له الخروج من وضعه الحالي‏,‏ والسفر للعمل في‏(‏ الكويت‏)‏ فورا‏.‏
أدرك‏(‏ ماهر‏)‏ علي الفور أن‏(‏ صبحي‏)‏ قد ألقي شباكه بالفعل حول‏(‏ إبراهيم‏),‏ وأنه لم يعد أمامه سوي أن ينشب مخالبه فيه‏,‏ ويلقيه في المستنقع‏,‏ الذي كاد هو نفسه أن يقع فيه‏,‏ لولا يقظته في اللحظة الأخيرة‏,‏ ولجوئه إلي رجال المخابرات المصرية‏..‏
وبعد منتصف الليلة نفسها بساعة أو يزيد‏,‏ التقي‏(‏ ماهر‏)‏ بضابط المخابرات المصري‏(‏ أ‏.‏ص‏),‏ الذي يتابع حالته‏,‏ وأخبره بأمر‏(‏ إبراهيم‏),‏ ومايعده‏(‏ صبحي‏)‏ الجاسوس له‏.‏
وبكل الحزم‏,‏ قال‏(‏ أ‏.‏ص‏):‏
ـ لاتدعه يقع في الفخ أبدا يا‏(‏ماهر‏)..‏ امنعه من هذا بأي ثمن‏...‏ هل تفهم‏..‏ بأي ثمن‏.‏
ثم صمت بضع لحظات‏,‏ قبل أن يضيف‏:‏
ـ ربما كانت سياسة بعض أجهزة المخابرات الأخري‏,‏ هي أن تترك مثله‏,‏ حتي يسقط في المستنقع‏,‏ لتزيد من عدد انتصاراتها‏,‏ عندما تلقي القبض عليه فيما بعد‏,‏ أما نحن فسياستنا تختلف‏..‏ إننا نسعي لمنعه من السقوط‏,‏ بأية وسيلة كانت‏.‏
ووضح يده علي كتفه‏,‏ مكملا‏:‏
ـ إنها مهمتك‏.‏
والتقط‏(‏ ماهر‏)‏ الكلمة‏,‏ وأقسم في أعماق نفسه علي تنفيذها‏,‏ بالأسلوب الذي حدده له‏(‏ أ‏.‏ص‏)..‏
مهما كان الثمن‏..‏
وفي زيارة‏(‏ ابراهيم‏)‏ التالية‏,‏ كان‏(‏ ماهر‏)‏ هناك‏,‏ يشاركهم مجلسهم‏,‏ ويتعامل مع‏(‏ ابراهيم‏)‏ بغلظة وفظاظه وتجاهل‏,‏ جعل هذا الأخير يبغضه كل البغض‏,‏ ويتصور أنه يحاول منعه من السفر للعمل في‏(‏ الكويت‏),‏ لأنه يغار منه‏,‏ ويرفض له الخير‏..‏
وحاول‏(‏ ابراهيم‏)‏ ان يجتذب‏(‏ ماهر‏)‏ بأية وسيلة‏,‏ طوال تلك الليلة‏,‏ ولكن‏(‏ ماهر‏)‏ ظل عابسا في وجهه‏,‏ متجهما معه‏,‏ حتي انصرف الشاب‏,‏ تاركا كل أوراقه للجاسوس‏(‏ صبحي‏)‏ وهو يلعن‏(‏ ماهر‏)‏ في أعماقه ألف مرة‏..‏
وبعد انصرافه‏,‏ سأل‏(‏ صبحي‏)‏ ماهر في حيرة‏,‏ عن سر تعاملاته الفظة مع‏(‏ ابراهيم‏),‏ فأجابه في حزم‏:‏
ـ إنه لايساوي شيئا‏..‏ كل مالديه من معلومات يمكنني إحضار ماهو افضل منه‏..‏
وصمت لحظة‏,‏ قبل أن يضيف‏:‏
ـ وبسعر أقل‏..‏

ليلتها ضحك‏(‏ صبحي‏)‏ كما لم يضحك من قبل‏,‏ وتصور انه قد فهم هدف‏(‏ ماهر‏)‏ من إبعاد‏(‏ إبراهيم‏),‏ وقال في حماس‏:‏
ـ انت علي حق‏..‏ لماذا نمنحه مكافآت كبيرة‏..‏ فلنخبرهم أننا قد جندناه‏,‏ ولنمنحهم ماكنا سنحصل عليه من معلومات‏,‏ ولنربح نحن مكافأته‏.‏
شاركه‏(‏ ماهر‏)‏ ضحكته وهو يشعر بارتياح عميق في أعماقه‏,‏ لأن مهمته قد نجحت من الضربة الأولي‏..‏
ولكنه لم يكتف بهذا‏,‏ فما تعلمه من رجال المخابرات المصرية‏,‏ جعله لايستكين لأي نصر عاجل وسريع‏,‏ لذا فقد التصق أكثر بالجاسوس‏(‏ صبحي‏),‏ وحضر كل مقابلاته التالية مع‏(‏ إبراهيم‏),‏ وتأكد من أنه لم يعد يوليه الاهتمام الكافي‏,‏ حتي يأس الشاب‏,‏ وانصرف نهائيا‏,‏ وهو يبغض‏(‏ ماهر‏)‏ أشد البغض‏..‏
ثم قرر رجال المخابرات العامة إنهاء قضية الجاسوس‏(‏ صبحي‏),‏ وتم إلقاء القبض عليه‏,‏ في مارس‏1969‏ م‏.‏
وفي التاسع والعشرين من ابريل‏,‏ في العام نفسه‏,‏ نشرت الصحف تفاصيل إلقاء القبض علي الجاسوس‏(‏ صبحي‏)‏ ونشرت صورته‏,‏ وصورة‏(‏ ماهر‏),‏ ودوره في العملية‏,‏ التي لعب فيها دور الجاسوس المزدوج‏,‏ ليخدم المخابرات الإسرائيلية وجاسوسها‏,‏ ويوقع الجميع في النهاية‏..‏
وقرأ‏(‏ ابراهيم‏)‏ الصحف‏,‏ وشاهد الصور‏..‏
ووقع قلبه بين قدميه‏..‏

لحظتها فقط فهم‏(‏ إبراهيم‏)‏ ماالذي كان يفعله‏(‏ ماهر‏),‏ عندما كان يتعامل معه بكل الغلظة والخشونة والصلف‏,‏ أثناء زياراته للجاسوس‏(‏ صبحي‏)..‏
لحظتها فقط أدرك انه قد منعه من السقوط في مستنقع رهيب‏,‏ لو دفع فيه قدميه‏,‏ لحملت الصحف صورته‏,‏ إلي جوار صورة‏(‏ صبحي‏)‏ في ذلك اليوم‏..‏
وتحولت مشاعره في لحظة واحدة‏,‏ تجاه‏(‏ ماهر‏),‏ من البغض الي التقدير‏..‏ كل التقدير‏..‏
لقد أنقذت حياتي ومستقبلي يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏..‏
انتزعت عبارة‏(‏ إبراهيم‏)(‏ ماهر‏)‏ من أفكاره وذكرياته‏,‏ فاستعاد ابتسامته‏,‏ وهو يربت علي كتف‏(‏ ابراهيم‏)‏قائلا‏:‏
ـ لم أكن وحدي يا‏(‏ إبراهيم‏).‏
هتف‏(‏ إبراهيم‏)‏ في حرارة‏:‏
ـ أعلم هذا يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏..‏ أعلم هذا‏..‏
ثم عاد يعانقه‏,‏ ليهمس في ذلك‏..‏
أبلغهم تحياتي‏..‏ وشكري أيضا‏..‏ شكري الجزيل‏.‏
ابتسم‏(‏ ماهر‏)‏ مرة أخري قائلا‏:‏
ـ سأفعل‏.‏
مرة أخري‏,‏ تصافحا‏,‏ وافترقا وسط الجموع‏,‏ التي تحتفل بالنصر‏,‏ و‏(‏ماهر‏)‏ يشعر بالسعادة والفخر‏,‏ والزهو بنفسه‏,‏ لأنه شارك يوما في تلك العملية‏,‏ التي مازال يعتبرها أهم عملية في حياته‏..‏
عملية إنقاذ‏...‏ مواطن مصري‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد كشكي

مقـــدم
مقـــدم
احمد كشكي



الـبلد : بطولات لا تنتهى 01210
العمر : 34
التسجيل : 02/08/2010
عدد المساهمات : 1029
معدل النشاط : 1034
التقييم : 26
الدبـــابة : بطولات لا تنتهى Unknow11
الطـــائرة : بطولات لا تنتهى Unknow11
المروحية : بطولات لا تنتهى Unknow11

بطولات لا تنتهى Empty10

بطولات لا تنتهى Empty

مُساهمةموضوع: رد: بطولات لا تنتهى   بطولات لا تنتهى Icon_m10الجمعة 10 سبتمبر 2010 - 6:05

قصة جميلة جدا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

بطولات لا تنتهى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» من قصص حرب العزة و الكرامة ----- صورة هيام / لقاء الخالدين ---- اكتوبر 1973 بطولات لا تنتهى
» قذارة علنية لا تنتهى --- الموساد ينشر إعلانا على موقعه يطلب "جواسيس" من العالم العربى
» ولن تنتهى اجزاء السلسله ........ايه ده يا رجاله
» مصر تنتهى من حفر النفق السادس بين سيناء و وادى النيل
» بالفيديو.. فرقة المدفعجية تنتهى من تصوير "دماغو وحر فيها"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: المخابرات والجاسوسية - Intelligence-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019