أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 جند من السماء ( حرب الاستنزاف )

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:26

جند من السماء



بقلم : لواء طيار أح متقاعد / محمد زكى عكاشة .
إهــــــــــداء
بسم الله الرحمن الرحيم
َفليُقاتل في سَبيل الله الذين يَشرُونَ الحياةَ الدُنيا بالآخرةِ ، ومَنيُقاتِل في سَبيل الله فـُيقتَل أو يَغلِب فسَوف نؤتيـه أجراً عظيماً.(74) النساء (صدق الله العظيم)
إلي المصريين حقاً . الذين أدوا واجبهم ثم انصرفوا في صمت
وأولهم الشهداء ..الذين قدموا أرواحهم ، ودمـاءهم ، وعرقهم
فداء لتراب هذا الوطن . لا أجد ما أقوله لكم إلا قول عظيم من أحد أبناء مصر البسطاء
هَـديل حَمَـام الحِمـا.... ترَاتيل أسـاميكـم
ياننـّي عـين الوطـن ... قلبي يناديـــكم
صلـّي الحَمَام وانجلا... صلـّي الحَمَام وانجلا
الله يجازيكم
(كابتن غزالي)


شكـــر وتقـديـــر
أصدق آيـات الشكر والتقدير أقدمها ، لكل من ساهم في ظهور هذا الكتاب ..بداية من القادة الذين كانوا في مواقع تتيح لهم معرفة الكثير.. وقد حظيتمنهم بشرف اللقاء مرات عديدة. وقراءة وثائقهم ، مما أتاح لي الوصول إلىحقيقة ما جري من أحداث .
أيضا الزملاء من الضباط والصف رجال الصاعقة ، والمشاة ، والبحرية ،والمدفعية ، والطيارين الذين اشتركوا وساهموا في صناعة الأحداث، ومنهمعرفت أكبر قدر من الحقيقة التي أسعى لتقديمها للقارئ الكريم.
والشكر واجب للمؤسسات التي قدمت المعلومات والوثائق التي أفادت الكتاب وهي :
- أكاديمية ناصر العسكرية
- الهيئة العامة للاستعلامات
وأشكر الأستاذة/ سمر محمود حسن. والسيد/ أكرم حنفي محمود .وحمدي عبدالحميد. والسيد/محمد حسان، لما قاموا به من جهد في الإعداد والتنسيقوالتصحيح.
وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يكون علما ينتفع به.
وفقنا الله جميعا لخدمة مصر دائما
مقدمــة


"إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة"كانت هذه الكلمات هي الصيحة التي أطلقها الرئيس جمال عبد الناصر بعد هزيمةيونيو 67. فكانت خير تعبير عن خطة مصر المستقبلية والتي تحولت إلى جهدوعرق استمر لسنوات، دفع فيه آلاف من شباب مصر أرواحهم ودماءهم رخيصة فيقتال شرس مع العدو الصهيوني حتى تحقق لهم النصر. وثبت للعالم كله وأولهمالعدو الإسرائيلي أن في مصر رجال لديهم من العزم والإصرار ما يجعلهمقادرين على حماية مصر ضد أي عدو.

ولأن النصر الإسرائيلي في حرب 67 كان أكبر بكثير مما يتوقعون، ولأن النصرلم يكن نتيجة جهد إسرائيل فقط، بل كان الجزء الأكبر منه تقصير وإهمالمصري، فقد صدقت إسرائيل كلها قادة وشعباً أن مصر لم تعد تقدر على فعل شيءسوى الاستسلام. كان انتصارهم كبيراً فحجب عن أعينهم حقيقة مصر وشعب مصر.

أفاق الرئيس عبد الناصر من الوهم الذي كان يعيشه كما قال هو.اكتشف حقائق بديهية كان أهمها وأولها أن القيادة السياسية لابد وأن تعملبتنسيق وتناغم مع القوات المسلحة .. وأن السياسة عليها أن تحدد الأهدافبوضوح تام وتخطط استراتيجيا لها، ثم توفر للقوات المسلحة ما يجعلها تحققهذه الأهداف بأعلى قدر من الكفاءة .. كما تيقن الرئيس عبد الناصر أنالقوات المسلحة جزء من الشعب وأداة من أدوات الدولة وليست كيان مستقل عنها.

سنعرض في الكتاب ماذا حدث خلال أعظم وأروع ست سنوات في تاريخ مصر (1967-1973) .. وسنعرض كيف استطاعت مصر أن تحقق خلال السنوات الست خلاف ما كانالعالم كله يجمع عليه وهو أنه لن تقوم لمصر قائمة إلا بعد 20-30 عام. فمنبقايا قوات مسلحة مهزومة في نظر العالم أجمع تمكنت مصر بعد أيام فقط أنتواجه العدو الإسرائيلي في رأس العش جنوب بورفؤاد. وكانت هذه المعركة هيأول شمعة تضئ الظلام الذي حل على مصر منذ الخامس من يونيو. وتوالت بعدهاشموع كثيرة ومعارك شرسة ظهر فيها المقاتل المصري بحق.

إن حرب الاستنزاف 1969 وقد استمرت أكثر من 500 يوم أصبحت في التاريخ صفحاتمضيئة. تشهد على أن شعب مصر يمكن أن يقهر المستحيل فعلاً وليس مجازاً. فقدبدأت بمعارك المدفعية ثم تطورت إلى عمليات عبور لقناة السويس ومهاجمةالعدو الإسرائيلي في خط بارليف، ثم مهاجمته في أعماق بعيدة عند إيلاتوالعريش. ثم لما ألقت إسرائيل بقواتها الجوية في حرب الاستنزاف لكسر إرادةمصر، تصدت لها القوات الجوية المصرية وهي مازالت في طور البناء فأوقعت بهاخسائر لا يستهان بها، ثم جاءت قوات الدفاع الجوي في نهاية حرب الاستنزافلتؤكد لإسرائيل أن قواتها الجوية التي تلقب بالذراع الطويلة يُمكن أن تقطعهذه الذراع فوق السماء المصريـة.

سنرى في مرحلة حرب الاستنزاف الدور الرائع الذي قامت به القيادة السياسيةالمصرية لدعم القوات المسلحة والجهد الخارق الذي بذلته لتوفير احتياجاتالقتال اللازم لها.

وسنرى دور العسكرية المصرية الحقيقي حين أصبح الهدف واضحاً. فبعد قتال شرسوعنيف مع العدو الإسرائيلي لأكثر من عام براً وبحراً وجواً، تم إجبارإسرائيل على أن تطلب من أمريكا الحليف التاريخي لها أن تقوم بمبادرة لوقفإطلاق النار والتي عرفت باسم مبادرة روجرز في أغسطس 1970.

ثم نتعرض لفترة التحضير لحرب أكتوبر 1973 وسنعرف أن وصف "أحد أهم المعارك في التاريخ" لم يطلق عليها من فراغ .. وأن مصر طوال ست سنوات كانتتدافع وتبنى قواتها المسلحة، وتخطط لاسترداد سيناء في وقت واحد .. وكانتإسرائيل تزيد الأمر صعوبة كل يوم حتى يدب اليأس في قلب مصر. فقناة السويسعسكرياً من أصعب الموانع المائية في العالم، فأنشأت الساتر الترابي علىشرق القناة لتزيد صعوبة العبور ثم أنشأت النقاط الحصينة التي عرفت باسم خطبارليف الشهير. والتي كانت تدعى أنه غير قابل للاختراق. ثم أضافت مواسيرنابالم لتحول سطح مياه القناة إلى نيران لا تنطفئ. لكن مصر لم تتردد فيالتجهيز للحرب، فكانت تنام وتصحو على أن النصر آت ولا ريب. وتحقق هذافعلاً وسقط الخط الشهير بحصونه وجنوده في أيد جنود مصر الذين كانوا يملكونمع السلاح الإيمان والعزم والإصرار على قهر العدو الإسرائيلي.

ثم نعرض لملحمة التخطيط للعبور وكيف تم تدريب وحدات القوات المسلحة عليها؟ وكيف تمت دراسة أدق التفاصيل التي تتعلق بعملية العبور؟ وكيف تم التغلبعلى صعوبات عديدة ؟ وكيف دارت المعارك بين قوات مصر المسلحة والعدوالإسرائيلي ؟ وسيتأكد لنا دور الطائرة والقوات الجوية في حروب مصروإسرائيل التي بلغت خمس جولات، وأنها السلاح الحاسم الذي يرجح النصر بصورةكبيرة، لمن يستطيع أن يستخدم قواته الجوية بالصورة الصحيحة. سنشهد كيف تمبناء القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي وسط أصعب الظروف، وكيف شارك أبناءمصر جميعاً في بناء هذه القوات، حتى العمال والفلاحين الذين كان دورهمعظيماً ولا يقل عن دور الجنود. شاركوا في مرحلة البناء بالجهد والعرق بلواستشهد منهم الكثير جنباً إلى جنب مع الجنود المقاتلين في مرحلة بناءحائط الصواريخ في منطقة قناة السويس. كما شارك المدنيون في القتال أثناءحرب 1973 حين قاموا بالدفاع عن مدينة السويس وأجبروا العدو على الانسحابمنها واستشهد العديد من أفراد المقاومة المدنيين حتى لا تقع مدينة السويسفي أيد العدو.

وسنعرض خلال فترة التحضير للمعركة وفترة القتال دور القيادة السياسية التيتولاها الرئيس أنور السادات بعد رحيل الرئيس عبد الناصر. كيف خطط للمعركةمصريا وعربياً ؟. كيف تعامل مع الاتحاد السوفيتي الحليف الأهم قبل وأثناءالمعركة ؟ كيف شارك في خطة الخداع الرائعة التي أذهلت إسرائيل ؟ ثم كيفتدخل في مرحلة القتال؟ وبماذا انعكس دور القيادة السياسية إيجاباً وسلباًعلى حرب أكتوبر1973 ؟

كانت حرب الاستنزاف وحرب أكتوبرتختلف تماماً عن الجولات الثلاثة السابقة بين مصر وإسرائيل(1948-1956-1967). حيث كانت القوات المسلحة المصرية تجد نفسها مدفوعة إلىقتال مع العدو الإسرائيلي دون إعداد أو تخطيط، وإنما تنفيذاً لقرار سياسيلا يتوافق مع قدرة وكفاءة القوات المسلحة. فكان الطبيعي أن تنتصر إسرائيلفي الجولات الثلاثة. لكن الموقف اختلف تماماً في حربي الاستنزاف وأكتوبر73بما سمح بظهور قدرة القوات المسلحة. وهذا سيجعلنا نستعرض الصورة بشكل أكبربما يوضح دور المقاتل المصري في مختلف الأسلحة (مشاة - بحرية - صاعقة -مهندسين ...الخ) في كافة المواقع وعلى مدار سنوات امتدت من يونيو67 وحتىأكتوبر1973.

وإن كنا سنعرض لبعض الأحداث والمواقف في مراحل القتال المختلفة بالتفصيلوبأسماء أصحابها من الشهداء والأبطال، فإننا لا ننسب الفضل لهؤلاء وإنماهم نموذج فقط يعبر عن مئات الآلاف من شعب مصر الذين قاتلوا وحاربوا وهزمواالعدو الإسرائيلي بعد ست سنوات فقط وليس 20 عاماً كما كان يقول الجميع.

وسنعرض للمواقف المضيئة خلال حرب أكتوبر 1973 والتي رغم كل ما كتب عنها لمتنـل حقها من الدراسة والتحليل بالصورة الكافية خاصة في مصر. وأرجو أنيكون ما كتبته في هذا الكتاب جزء بسيط يساهم في إظهار الحقيقة التيتستحقها "أحد أهم المعارك في التاريخ" حرب أكتوبر 1973.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:27

جند من السماء .. الفصل الثاني

بالفصل الثاني: الهزيمة أكبر مُعلم

هناك قول مأثورمتواتر يقول "يندر أن يتعلم المنتصر من انتصاره، أما المهزوم فهو أكبرالمتعلمين من الهزيمة" وقد تطابق هذا القول مع ما حدث بعد حرب 67. فقدعاشت إسرائيل نشوة الانتصار بصورة تفوق حجم الانتصار. فوقعت في فخالاستهانة بمصر وجيش مصر فوقعت في أخطاء جسيمة سنعرض لها لاحقا.. بينما فيمصر المهزومة كان الموقف يختلف تماماً. وسنرى مصر أخرى غير مصر التي ُهزمت.

استوعبت مصر قيادة وجيشاً وشعباً درس الهزيمة جيداً. فبدأت على الفوروبصورة لم تكن متوقعة في نسج ملحمة الانتصار القادم لا محالة. وكان أهم ماانتهت إليه القيادة السياسية والعسكرية المصرية أنها كانت تجهل العدوالإسرائيلي جهلاً تاماً. وأن القصور والنقص في المعلومات قد أوقعنا فيأخطاء فادحة كلفتنا كثير من الأرواح والدماء. فكان طبيعياً أن يأخذاستطلاع العدو اهتماماً كبيراً من فكر وتخطيط القيادة العسكرية. فاندفعتأجهزة المخابرات الحربية والاستطلاع في كل اتجاه وبوسائل متنوعة بغيةالحصول على أي معلومة عن العدو الإسرائيلي، خاصة في سيناء، لأنها مسرحالعمليات في الحرب المقبلة. وتركيزاً على حجم وتمركز وأنواع الوحداتالإسرائيلية في سيناء بدءً من شاطئ القناة وحتى عمق سيناء التي تتمركزفيها الوحدات والاحتياطيات الإسرائيلية.

بدأت المخابرات الحربية المصرية بعد أيام من توقف القتال في دفع دورياتخلف خطوط العدو بواسطة ضابط من الصاعقة ومعه 2 فرد ولمدة 5 أيام ثمالعودة، ثم تطورت هذه الدوريات وأصبحت ضابط بمفرده يتسلمه عند القناة بعضمن أفراد سيناء الذين ساهموا بجهد رائع في نجاح تلك الدوريات. كان الضابطيعيش معهم كأنه من أهل سيناء ولمدة شهر كامل يقوم فيه بجمع وتصويرالمعلومات والمواقع المكلف بها. وكان دور أهل سيناء هو توفير الحماية لهذاالضابط وتأمين تحركاته من مكان لآخر، وتوصيل المعلومات إلى القيادة في مصرإذا استدعى الأمر. ونجح هذا الأسلوب نجاحاً باهراً فلم تكتشف إسرائيل أيمن تلك الدوريات رغم تكرارها على مدى سنوات.

وبدأت المخابرات الحربية المصرية في تغيير صورتها التي كانت عليها قبل حرب67. فلم تكتف بالحصول على المعلومات عن العدو الإسرائيلي بل اندفعت فىمحاولة تحسب لها هي مهاجمة العدو وتكبيده أكبر خسائر ممكنة. بدأت بفكرة مناللواء/ محمد صادق مدير المخابرات الحربية بضرورة تدمير موقع إسرائيليعبارة عن مخزن ضخم تم فيه تجميع وتشوين الذخيرة والأسلحة التي تمالاستيلاء عليها بعد انسحاب القوات المصرية. وكان الأمر يتطلب موافقةالرئيس عبد الناصر الذي تخوف في بادئ الأمر من أي آثار للعملية، خاصة وأنمصر قبلت وقف إطلاق النار. لكن اللواء/ محمد صادق كان عنده الأسباب والردالمقنع. فشرح للرئيس أن العملية تهدف إلى عدة أشياء :-

أولاً: سحب مكسب ضخم من العدو الإسرائيلي بمنعه وحرمانه من استخدام هذا الحجم من الذخيرة التي استولى عليها.
ثانياً: العملية ستغير فكر الضباط والجنود المصريين عن الجيش الإسرائيلي والصورة التي تقول أنه الجيش الذي لا يقهر .
ثالثاً: رسالة إلى إسرائيل بأن مصر مازال لديها رجال مقاتلون يستطيعون الوصول إليها والنيل منها في أي مكان.
رابعاً: سنعلن أن الذين قاموا بها من أبناء سيناء الذين شكلوا تنظيماً باسم منظمة سيناء العربية. وبهذا فلا خوف علي وقف إطلاق النار.

ووافق الرئيس عبد الناصر وتم تكليف المقدم/ إبراهيم الرفاعى ومعه مجموعةمن الضباط والصف والجنود يعملون معه في المخابرات الحربية بتدمير هذاالموقع. وفى مساء يوم 4/7/1967 تم تنفيذ المهمة وسُمع دوى انفجار مخزنالذخيرة لمسافات بعيدة. ونجحت العملية أيما نجاح حيث تم التخطيط والإعدادلها بدرجة عالية من الدقة، وفى مرحلة التنفيذ وضحت الكفاءة القتاليةالعالية التي تتمتع بها هذه المجموعة.

وقد تطور تفكير اللواء/ صادق لهذه المجموعة فتم دعمها بضباط وأفراد منالصاعقة تحت قيادة المقدم/ إبراهيم الرفاعى الذي قام بإعداد خطط وبرامجتدريبية للمجموعة، أسفرت عن إنشاء وحدة خاصة على مستوى عالي من التدريبوالكفاءة القتالية أطلق عليها اسم المجموعة 39 قتال. ونتيجة لهذا المستوىالعالي لأفراد المجموعـة أمكـن استخدامها في مهاجمة العدو الإسرائيليلأكثر من خمسين مـرة كانت كلها ناجحة إلا من 4-5 عمليات فقط هي التي فشلت.وسنتحدث عن المجموعة 39 قتال وعن بعض عملياتها بالتفصيل لاحقاً في فترةحرب الاستنزاف.

وكان لابد للقوات الجوية المصرية من أن تساهم في جهود الاستطلاع والحصولعلى المعلومات عن العدو وقواته فى سيناء. ولم تكن مصر في تلك الفترة تمتلكطائرات استطلاع، لكن تم التغلب على هذا النقص بالروح المصرية وبالتفكيرالمبتكر. فقد كانت الطلعات تتم بواسطة الطائرة المقاتلة القاذفة سوخوى-7وطائرات الهليكوبتر وهما غير مجهزتان بكاميرا تصوير. لكن طيار السوخوى-7كان يقوم بالطيران فوق المواقع المطلوب استطلاعها ومعه في الطائرة جهازتسجيل (ريكوردر) وما أن يعبر القناة إلى سيناء حتى يبدأ بشرح ووصف كل ماهو موجود على الأرض تحت الطائرة وعن يمينها وشمالها، فيتم تسجيل هذا الوصفعلى جهاز التسجيل وبعد الهبوط يتم تفريغ الشريط وكتابة المعلومات ودراستهاوتحليلها.

أما طيار الهليكوبتر فقد كان يطير على ارتفاع منخفض جداً وعند الموقعالمراد تصويره يقوم بالارتفاع ويقوم فرد من طاقم الطائرة عند البابالجانبي للطائرة المفتوح بالتصوير بواسطة كاميرا في يديه، ثم يعاود الطيارالانخفاض بسرعة إلى ارتفاع منخفض جداً حتى لا يتعرض إلى وسائل الدفاعالجوي الإسرائيلي.

كان هذا أسلوبا بدائياً وشديد الخطورة، لكن الطيار المصري نجح وأثبت انهقادر على قهر أي صعاب. وتم الحصول على حجم ضخم من المعلومات عن العدووقواته، أفاد القيادة العامة فائدة كبيرة في التخطيط للعمليات . لكن الأمرلم يخل من خسائر فتم إسقاط طائرة سوخوى-7 فوق مطار المليز واستشهد الرائدطيار/ توفيق وليّ الدين، كما أسقطت طائرة سوخوى-7 ثانية لكن الرائد طيار/محمد عبد الرحمن استطاع القفز بالمظلة في منطقة سهل الطينة شرق القناةوطاردته الطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية لساعات لكنه استطاع الهرب منهارغم إصابته أثناء القفز وعبر القناة سباحة حتى وصل إلى الضفة الغربية فيصباح اليوم التالي. وجدير بالذكر أن أول من قابله على الضفة الغربية كانأحد الفلاحين ما أن تأكد أنه مصري حتى قام بخلع جلبابه وأعطاه له بدلاً منملابسه المبتلة والممزقة.

وكان لابد من تنفيذ الاستطلاع بأسلوب علمي، وخطة مستمرة. فبدأت قيادةالقوات الجوية في إنشاء رف(4طائرة) استطلاع من طائرات ميج21 بقيادة الرائدطيار/ حسين عزت ورف استطلاع سوخوى-7 بقيادة نقيب طيار/ سيد كامل ورفاستطلاع اليوشن- 28 بقيادة الرائد طيار/ عز الدين سعيد.. كان الطيارونجميعاً يدركون جيداً أنه لابد وأن نُعيد إعداد أنفسنا بأنفسنا. وتشّبعالجميع بهذا الإحساس فأصبح العمل يتم تنفيذه بإخلاص وتفاني دون توجيه أوأوامر. وفى أكتوبر1967 بدأ الإعداد النظري للطيارين بمدرسة المخابراتالحربية، ثم تلاها فترة طيران تدريبي. وفى بداية عام 1968 أصبحت هذهالأرفف جاهزة وتشارك في استطلاع العدو. ثم تطورت الأرفف إلى سربين ميج21،سوخوى-7، ثم تشكل منهما لواء جوي للاستطلاع.

بذل الطيارون جهداً خارقاً خاصة نواة الأرفف الأولى، فقد كانت مهامهممتعددة. كان هناك خطة شهرية لاستطلاع الثلاث محاور الرئيسية في سيناء(المحور الشمالي والأوسط والجنوبي) حتى عمق 30كم داخل سيناء، وكذا استطلاعالنقط الحصينة في خط بارليف من بورسعيد شمالاً حتى السويس جنوباً بالإضافةعلى استطلاع الشاطئ الشرقي لخليج السويس. كان هذا الاستطلاع يتم بصورةدورية متلاحقة حتى تقف القيادة العسكرية على آخر موقف لحجم وتشكيلاتومواقع العدو أول بأول.

كان تنفيذ هذه الطلعات يستلزم تدريباً خاصاً لطياري الاستطلاع، ثم أثناءالتنفيذ كان التصوير الجوي يتم والطائرة تطير على ارتفاع متوسط (3-4 كم)وهي أنسب ارتفاع لتوجيه طائرات العدو عليه لاعتراضه أو لإسقاطه بواسطةالصواريخ أرض/جو الهوك


الذي كان في هذهالآونة يمثل قمة تكنولوجيا الصواريخ م/ط ، وكان يشكل تهديداً كبيراللطيارين لأن إمكاناته على الارتفاع المنخفض عاليه. وعند تنفيذ الاستطلاععلى ارتفاع منخفض بالنظر كانت الطائرة تتعرض للمدفعية م/ط (المضادةللطائرات) الرادارية.. لكل هذه المخاطر التي تهدد تنفيذ الطلعة، كان يتمفي التدريب التعاون بين طائرات الاستطلاع ووحدات أخرى من القوات الجوية أوالدفاع الجوي، للخروج بأفضل أسلوب لخداع الدفاع الجوي الإسرائيلي وتجنبتأثيره.

كما إن الطائرات السوفيتية بتجهيزاتها المحدودة كانت لا تسمح للطيار بجمعمعلومات وفيرة في الطلعة الواحدة، وكذا الكاميرات السوفيتية كانت تحد منمناورة الطائرة بصورة كبيرة. فكان لزاماً التغلب على هذه العوائق. ووافقتروسيا بعد ضغوط متكررة على توريد طائرات (ميج21ر) مجهزة بمستودعات تصوير،وتم تدريب الطيارون عليها وتبين أن مستودع التصوير كبير الحجم وثقيل الوزنويتطلب حوالي ساعتين لتركيبهً.

واهتدى المهندسون المصريون إلى كاميرا إنجليزية ذات بعد بؤري مناسب،وبمجهود المهندسين في ورش الطائرات وبعيداً عن أعين المستشارين السوفيت تمتركيب الكاميرا داخل مقدمة الطائرة بدلاً من جهاز الرادار، ونجحت التجربةفي التركيب بعد عملية شاقة ومعقدة ذهنياً وبدنياً. وكانت الخطوة التاليةهي تجربة الكاميرا والطائرة في الجو، وكان لزاماً إخطار المستشارينالسوفيت الذين أبدوا اقتناعهم بالتعديل، واقترحوا أن يتم تنفيذ التعديل فيطائرة سوفيتية في روسيا وإعطائها لنا كهدية. ووصلت الطائرة المعدلة فيمصانع طائرات الاتحاد السوفيتي، لكن اكتشف أن الكاميرا التي تم تركيبهاكانت عمودية على محور الطائرة الطولي، أي أن الطائرة تطير إلى الأمام فيحين أن فيلم كاميرات التصوير يدور عرضياً وليس طولياً مع اتجاه الطيران..!! وهو خطأ لا يمكن أن يقع فيه السوفيت عن سهو. ولهذا قررت قيادة القواتالجوية استكمال تعديل الطائرات في ورش الطائرات المصرية.

لقد حقق طياري الاستطلاع نجاحاً كبيراً في عملهم، فقد تمكنوا من عمل خريطةكاملة لموقف العدو من شاطئ القناة وحتى عمق 30كم في سيناء.. شملت كافةمواقع العدو وأسلحته وتجهيزاته وتوزيع قواته. وكان النجاح الأكبر هو تصويرخط بارليف الشهير بأدق التفاصيل التي فيه مما ساعد كثيراً في أعمالالكمائن والغارات التي تمت خلال حرب الاستنزاف، وساعدت بصورة أكبر فيعملية العبور يوم 6 أكتوبر فقد تدرب الضباط والجنود المصريون على مواقعمطابقة تماماً لما هو موجود في الصور. فبمجرد عبور القناة كان كل فرد يعرفطريقه الذي سيتجه إليه لتنفيذ مهمته.

وجاء يومي 14-15 يوليو1967 بأحداث متعددة أضافت زخماً كبيراً إلى الضباطوالجنود المصريين الذين كانوا يتلهفون على إثبات ذاتهم وكفاءتهم. فمنذانتهاء حرب يونيو والطيران الإسرائيلي لا يكف عن استطلاع الجبهة المصريةحتى أصبح وكأنه مسح جوي بالصور لمواقعنا غرب القناة.
وكان هذا يكشف تجهيزاتنا الدفاعية وأماكن تمركز الوحدات والأسلحة خاصةالمدفعية الثقيلة ومراكز القيادة ومناطق تشوين الذخيرة....الخ. وكان لابدمن منع العدو من هذه الطلعات والتصدي لها. وفى يوم 14 يوليو حاول العدوالإسرائيلي إنزال لنشات وقوارب في قناة السويس عند مناطق القنطرة وكبريتوالشط وبورتوفيق. وعلى الفور قامت القوات البرية بالتصدي له بالمدفعيةوالرشاشات.

وكانت فرصة سانحـة فقام الفريق طيار/مدكور أبوالعز قائد القـوات الجويـةبدفـع 20طائرة ميج17 وفى حماية 12 طائرة ميج21 بالهجوم على مواقع العدو فيشرق القناة وأحدثت به خسائر كبيرة. ثم تكرر هذا في اليوم التالي 15 يوليو.

وكان هذا إعلان بأن مصر لن تستسلم، وأن قواتها الجوية ستعود مرة أخرىوستقاتل القوات الجوية الإسرائيلية، رغم فارق الإمكانات الشاسع. وأسفرتمعارك اليومين عن خسائر للعدو الإسرائيلي (3طائرة - 8 لنشن بحري وزورق -تدمير وإصابة 19 دبابة - 18 عربة مدرعة - 27 لوري) علاوة على خسائر كبيرةفي الأرواح. بينما كانت خسائرنا (3 طائرة - 2 لنش بحري) علاوة على 25 شهيد- 108 جريح.

كانت الهجمات الجوية التي تمت على العدو الإسرائيلي يومي 14 ، 15 يوليوتأكيداً لمعركة رأس العش التي وقعت قبل أيام. وكان لها تأثير معنوي هائلعلى ضباطنا وجنودنا في منطقة القناة بعد أن شاهدوا بأعينهم الوحداتالإسرائيلية المتمركزة على الشاطئ الشرقي للقناة تنسحب في ذعر مهرولة إلىداخل عمق سيناء حتى تبتعد عن مرمى الطيران المصري المؤثر، كما شاهدوابأعينهم طائرات مصرية تقصف وتدمر مواقع إسرائيلية، وتشتبك في قتال جوي معطائرات إسرائيلية وتسقطها... وبدأ المقاتل المصري يشعر ويتأكد بأن ما دارفي 5 يونيو1967 ليس هو الانتصار الكبير الذي حاولت إسرائيل ترويجه، وأنناقادرون على توجيه ضربات للعدو الإسرائيلي، وأنه ليس الجيش الذي لا يقهر.وكان هذا هو الكسب الكبير الذي حصلت عليه مصر من معارك يومي 14 ، 15يوليو، ألا وهو زرع وتأكيد الثقة في المقاتل المصري بأنه يستطيع أن يواجهويقاتل الجندي الإسرائيلي.

كان الدفاع الجوي المصري يعاني من نقص كبير في الكفاءة القتاليةنتيجة تدمير جزء كبير منه في حرب يونيو ولضعف إمكانيات الصواريخ (سام -2).وكذا ضعف الكشف الراداري خاصة على الارتفاع المنخفض. فكان لزاماً أن يقعالعبء الأكبر في حماية القوات في منطقة القناة والأهداف الحيوية للدولةعلى عاتق القوات الجوية المصرية.

ورغم أن مهام القوات الجوية في هذه المرحلة، هي إعادة البناء ورفع الكفاءةالقتالية وتجهيز وتطوير القواعد والمطارات، إلا أنها قامت بتنفيذ واجبالدفاع الجوي الذي كلفت به بأقصى ما تستطيع، وبجهد يفوق الخيال. كانتالقوات الجوية قد بدأت في إعادة تشكيل أسراب المقاتلات من طائرات (ميج21)والمقاتلات القاذفة من طائرات ( سوخوي-7 + ميج17) والتي تمركزت فى مطاراتقويسنا - ألماظة - أنشاص - بني سويف- غرب القاهرة . ثم بعد أشهر انضمإليها مطارات المنصورة – بلبيس ، لتصبح طائرات القوات الجوية أكثر قربا منخط الجبهة.

كان الواجب الملقى على عاتق القوات الجوية هو تغطية الفترة من أول ضوءوحتى آخر ضوء (14ساعة) يومياً بمظلات جوية من كل مطار بعدد 2 طائرة + 2طائرة أخرى على الأرض في حالة الاستعداد الأولى (الطيارون داخل كابينةالطائرة). على أن تقلع في خلال 3 دقيقة في حالة أي اشتباك جوي مع طائراتالعدو. كان الطيار في هذه الفترة ينفذ يومياً 2-3 طلعة مظلة جوية بالإضافةإلى 1 –2 مرّّّّّّّّّّّّّّّه في حالة الاستعداد الأولى. وفي الغالب تقلعالحالة الأولى لمرة أو مرتين كل يوم. كان العدو يتابع راداريا المظلاتالجوية المصرية ويقوم باختراق الجبهة بطائراته وما أن تقلع الحالة الأولىلدعم المظلة الجوية التي تتأهب للاشتباك حتى يعود مرة أخرى إلى الشرقمبتعداً.

كان العدو يهدف إلى إنهاك وتشتيت المجهود الجوي المصري وقد نجح في هذا أولالأمر. وقد تنبهت قيادة القوات الجوية إلى أن هذا الجهد الضخم الذي يُبذلفي طلعات المظلات، يتم على حساب تدريب الطيارين ورفع كفاءتهم القتالية.فبعد هذا الجهد لا يمكن للطيار أن يمارس مهام تدريبية. كما جاءً هذا الجهدعلى حساب الحالة الفنية للطائرات واستهلاك عمر المحركات. فتم تخفيض عددالمظلات وأصبحت بالتناوب بين القواعد والمطارات، واعتماداً أكبر على حالاتالاستعداد الأولى على الأرض. كما أن كتائب صواريخ الدفاع الجوي كانت قدبدأت في استعادة كفاءتها بصورة مقبولة.

جاء شهر سبتمبر 67 والمواقع الدفاعية في الجبهة تتحسن، والوحدات المتمركزةغرب القناة تستكمل تدريجياً. لكن كان لزاما أن تظل الجبهة ساخنة حتى لايتجمد الموقف ويظن العدو الإسرائيلي بأن المعارك السابقة في يوليو كانتمجرد فلتات.. فأصدرت القيادة العامة أوامرها لوحدات المدفعية والأسلحةالبرية الأخرى في قطاع الإسماعيلية يوم 20 سبتمبر بقصف وتدمير مواقع العدوالإسرائيلي في شرق القناة، واستمر القصف مستمراً لمدة أكثر من ساعة..تحققت فيها خسائر كبيرة في الأفراد بين قتيل وجريح خلاف إصابة عدد منالدبابات وعربات اللاسلكي. ولما كانت الخسائر موجعة للعدو الإسرائيلي فقدكان الرد على قصفة المدفعية المصرية هو توجيه نيران المدفعية الإسرائيليةإلى مدينة الإسماعيلية فتم تدمير عدد من المنازل وسقوط عدد من القتلىوالجرحى المدنيين. وكان هذا هو أسلوب العدو الإسرائيلي الرخيص والذي سنريأنه عقيدة مستمرة لديه، تهدف إلي زرع الخوف والرهبة في نفوسنا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:28

جند من السماء .. الفصل الثاني



اصطياد القرش الإسرائيلي :
انحسر ظلام يونيو67 في معركة رأس العش التي بزغ منها الأمل، ثم وضح فيمعارك الطيران المصري يومي 14 ، 15 يوليو. ثم تلألأ هذا الأمل ساطعاً فييوم 21أكتوبر 1967 والذي أصبح يوماً مشهوداً في تاريخ مصر والبحريةالمصرية. ففي هذا اليوم اكتملت ثلاثية مهاجمة العدو الإسرائيلي براً وجواًوبحراً.

في صباح هذا اليوم كان العميد بحري/ محمود فهمي رئيس عمليات البحرية وهوأحد الرجال المصريين حقا، وسنعرف قدره بما سنسرد من أحداث بطولية رائعةقامت بها القوات البحرية تحت قيادته. كان الرجل يمارس مهامه اليومية فيمركز عمليات القوات البحرية. كانت تقارير الاستطلاع لأيام ثلاثة سابقةتقول بأن أحد المدمرات الإسرائيلية تقوم بالمرور فى المنطقة شرق بورسعيدولكن خارج المياه الإقليمية. وصباح يوم 21أكتوبر أبلغ أحد قباطنة السفنالتجارية (ضابط بحري سابق) بأنه رأى 2 مدمرة إسرائيلية شمال شرق بورسعيد.وفى العاشرة صباحاً اتصل قائد قاعدة بورسعيد وأبلغ مركز العمليات بأن إحدىالمدمرات الإسرائيلية تمر شمال بورسعيد على مسافة 15 ميل أي خارج المياهالإقليمية بثلاثة أميال.

كان المرور بهذه الطريقة يحمل استفزازاً إسرائيلياً لقواتنا البحرية. فهيوإن كانت خارج المياه الإقليمية إلا أن المرور بهذه الطريقة يعني التحرشوتكراره اليومي يعني الإهانة. ولم يتوان العميد/ محمود فهمي فدخل إلى قائدالقوات البحرية في مكتبه ومعه خريطة الموقف في منطقة بورسعيد طالباً الأمربإغراق هذه المدمرة حيث لدينا في قاعدة بورسعيد البحرية لنشات صواريخطراز( 183ر) يحمل كل منها صاروخين قادرين على إغراق هذه المدمرة. لكن ردقائد القوات البحرية على حماس العميد/ محمود فهمي مذكراً له بأن أوامرالقيادة العامة هو ألا تشتبك مع العدو إلا إذا بدأ هو أو بأذن من القيادةالعامة. فطلب منه الأذن بأن يتصل هو بالقيادة العامة فوافق له .

وعلى الفور اتصل بهيئة عمليات القوات المسلحة التي قامت بإبلاغ القائدالعام وبعد ساعة جاء الرد بأن الفريق أول/محمد فوزي صدق على مهاجمةالمدمرة إذا دخلت المياه الإقليمية المصرية. فما كان منه إلا أن جمعمعاونيه لدراسة الموقف وتجهيز الخطة. كان لزاما أن تكون المدمرةالإسرائيلية داخل المياه الإقليمية حسب أوامر القائد العام. ولم يكن صعباًعمل خطة خداع بمثابة الطعم الذي سيجذب المدمرة إلى مياهنا الإقليمية. فتمإرسال إشارة عاجلة ومفتوحة أي غير مشفرة باللاسلكي إلى قائد قاعدة بورسعيدالبحرية بالا يشتبك مع المدمرة الإسرائيلية الموجودة أمام بورسعيد.

وكان من المعروف أن أجهزة التنصت الإسرائيلية سوف تلتقط الإشارة فيسـودلديهم الشعور بالاطمئنان وأنهم حتى لو دخلوا للمياه الإقليمية المصرية فلنيتصدى لهم أحد. وفى نفس الوقت تم إرسال الأوامر بالشفرة إلى قائد قاعدةبورسعيد البحرية بأن تستعد لنشات الصواريخ للخروج من القاعدة لمهاجمةالمدمرة الإسرائيلية.

كان مركز عمليات القوات البحرية وعلى رأسه العميد/ محمود فهمي يخيم عليهتوتر وقلق شديدين، فما أصعب لحظات الانتظار. وفى الخامسة إلا ربع مساءًانفتح باب الأمل على مصراعيه فقد التقطت المدمرة الإسرائيلية الطعم وبدأتفي الاقتراب من المياه الإقليمية المصرية وعلى الفور صدرت الأوامر بخروج 2لنش صواريخ ومهاجمة المدمرة بلنش واحد وإذا لم تغرق يتم إغراقها بواسطةالثاني. وخرج لنشا الصواريخ الأول بقيادة النقيب/ شاكر عبد الواحد والثانيبقيادة النقيب/ لطفي جاد الله.

"وفى تمام الخامسة وعشرين دقيقة مساء 21 أكتوبر 1967 انطلق أول صاروخ فيالتاريخ ليصيب وحدة بحرية معادية أثناء الحرب.. وانتقلت إلى مكتب العقيد/عادل هاشم حيث البلاغات من قاعدة بورسعيد كانت متلاحقة تنساب كما تنسابالأنغام العذبة فى سيمفونية جميلة.. صاروخ نمرة واحد طلع .. نمرة واحدأصاب الهدف.. صاروخ نمرة اثنين طلع.. نمرة اثنين أصاب الهدف ..الهدفتحطم.. هكذا وفى دقائق معدودة تحطمت أكبر وحدة بحرية إسرائيلية، لقد غرقتمدمرتهم الكبيرة إيلات، لقد أهنا كبرياءهم وجدعنا أنفهم. وعلى الفور أمرتبعودة اللنشين إلى القاعدة. الأول بعد أن أطلق صواريخه والثاني محملبالصواريخ. وعاد اللنشان بعد أن استقبلا استقبالاً حماسياً رائعاً منأهالي بورسعيد. كانوا يهللون ويمجدون أبطال البحرية المصرية الشجعان، فقدرأوا كل ما حدث رؤية العين، فلم يكن الظلام قد أقبل إلا بعد أن دخلتاللنشات رصيف القاعدة.

وانتقلت أنا وقائد القوات البحرية إلى مكتبه، حيث أخذ كل منا يهنئ الآخر.كما كنا نتقبل التهاني من كل قريب وبعيد عما أحرزته البحرية المصرية منانتصار عظيم فى دقائق محدودة.. غير أنه كان يدق في رأسي الهدف الثاني الذيأبلغنا به صباح اليوم. مدمرة إسرائيل الثانية، والتي بسببها استبقيتصواريخ اللنش الثاني بدون إطلاق. كنت أتوقع أن تهم المدمرة الثانيةلمحاولة إنقاذ من تبقى على قيد الحياة من أفراد مدمرتهم الأولى.

وحوالي السابعة إلا عشر دقائق هرع إلى العقيد/ عادل هاشم وقال ظهر هدف علىشاشة الرادار في نفس مكان غرق المدمرة إيلات أو بجواره قليلاً. فأصدرتالأمر على الفور بخروج اللنش الثاني بقيادة النقيب/ لطفي جاد الله. وبعدأقل من عشرين دقيقة، أسرعت إلى القائد في مكتبه وأخطرته بأننا أغرقنامدمرة إسرائيل الثانية.

وفى صباح اليوم التالي، عقدت مؤتمراً صحفياً بناء على تعليمات من القائدالعام للقوات المسلحة وفى مكتبه بالقاهرة، حضره جميع مراسلي الصحف المصريةفقط وعلى رأسهم الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام في هذا الوقتوسردت القصة كاملة. غير أن الذي ظهر في الصحف لم يكن على الصورة الكاملةالتي ذكرتها الآن.

لكن الذي يحيرني ويشغل بالي، هو هل غرقت المدمرة الإسرائيلية الثانية"حيفا" ؟ أم أنها لم تكن في مسرح العمليات أصلاً ؟. وهل ما ظهر على شاشةالرادار بعد ضرب "إيلات" بأكثر من ساعة ونصف هو صدى المدمرة إيلات نفسهابعد أن انقلبت رأساً على عقب ؟ كما زعمت بعض الكتب التي تمثل وجهة النظرالإسرائيلية. فقد أنكرت جميع المصادر الإسرائيلية غرق المدمرة "حيفا" غيرأنه لم تقدم إلى العالم دليل على ذلك. وليس ذلك من طبع الإسرائيليين، فقدكان بإمكانهم عقد مؤتمر صحفي على ظهرها كما فعلوا في مناسبات أخرى. ولكنالثابت أن تلك المدمرة لم تظهر بعد ذلك وحتى الآن في الموانئ الإسرائيليةأو غير الإسرائيلية".

وعن نفس المعركة تقول وثائق القوات المسلحة المصرية "ثم على الفور تحركسرب لنشات الصواريخ من لنشين واتخذ خط سير الإطلاق، وفى تمام الخامسةوخمسة وعشرين دقيقة من مساء 21 أكتوبر 1967 أطلق اللنش الأول صواريخه علىالمدمرة وبعد لحظات كان الهدف مشتعلاً بالنيران.. وفى حوالي الساعةالسابعة إلا عشر دقائق ظهر هدف على شاشة الرادار فصدرت التعليمات بتوجيهضربة بالصواريخ لتدميره وإغراقه، وبعد دقائق أمكن إصابته بإصابة مباشرة،وانفجرت المدمرة بدوي هائل وانبعث منها وهج شديد أضاء الأفق ثم هوتالمدمرة إلى قاع البحر بعد سبعة دقائق من إصابتها".

وعن واقعة تدمير وإغراق المدمرة الثانية "حيفا" يبدو أن القيادة المصريةسياسياً وعسكرياً كانت مازالت تعاني من عقدة ذنب البلاغات العسكريةوالبيانات غير الحقيقية التي صدرت في يونيو67. فلم تعلن في الصحف إلا عنإغراق المدمرة "إيلات" لأن إسرائيل اعترفت بإغراقها. لكن واقعة تالية ترجحما يقوله اللواء/ محمود فهمي، ففي يناير 68 تمكنت البحرية المصرية منإغراق الغواصة الإسرائيلية "داكار" أمام ميناء الإسكندرية. ولم تعلنإسرائيل غرقها ولم تعلن مصر أيضا عنها.. وفى عام 1980 بعد توقيع معاهدةالسلام تقدمت إسرائيل بطلب إلى مصر بالسماح لها بالبحث عن جثث طاقمالغواصة من الضباط والجنود الإسرائيليين الغرقى في الغواصة.


وجاءرد الفعل الإسرائيلي على الهجوم البحري المصري بصورة تتوافق مع العقيدةوالفكر الإسرائيلي، الذي يعتمد في أهم جوانبه على إثارة الذعر والخوف منالقوة الإسرائيلية.. ففي مساء 21 أكتوبر وبعد ساعة من الهجوم البحريالمصري تمسحت إسرائيل في العوامل الإنسانية والناحية الأخلاقية وأرسلت إلىمصر عن طريق مراقبي الأمم المتحدة طلب بعدم التعرض بالنيران لأعمال إنقاذضحايا المدمرة إيلات. بل وزادت بأن طلبت من مصر المساعدة في إنقاذهم أنأمكن !!. ومضت ثلاثة أيام وجاء الرد الإسرائيلي ضد أهداف مدنية. وتناستالأخلاق والإنسانية فقامت بقصف معامل تكرير البترول في الزيتية بالسويس.مما أدى إلى تدمير جزء من تلك المعامل واشتعلت النيران في الصهاريج لمدةثلاثة أيام.


كانت هذه هي المرة الثانية التي تهاجم فيها إسرائيل أهداف مدنية على قناةالسويس، ردا على العمليات العسكرية التي تقوم بها قواتنا. وبعد المرةالثانية هذه استوعبت القيادة المصرية الرسالة جيداً. وأصبح إلحاق أي هزيمةأو خسائر عسكرية من جانبنا في الجيش الإسرائيلي، سيكون الرد بمهاجمة وقصفالأهداف والسكان المدنيين الموجودين في بورسعيد - الإسماعيلية - السويس..فأصبحت هذه المدن بسكانها تمثل عبئاً وقيداً على عمل القوات المسلحة فيجهة القناة. فلم يكن هناك من حل إلا تهجير سكان المدن الثلاث إلى داخلالوادي ومدن الدلتا. ورغم صعوبة القرار على المواطنين، ورغم تحول المدنالثلاث إلى مدن أشباح لا يوجد فيها إلا عشرات الأفراد. إلا أن الجميعارتضى هذا الأمر ونفذ القرار بنجاح تام.. وبتمام تهجير السكان المدنيينأصبحت للقوات المسلحة المصرية حرية الحركة التي تجعلها تهاجم العدوالإسرائيلي دون خشية من رد فعله الدنيء. وكان قرار التهجير رسالة إلىإسرائيل من القيادة المصرية بأننا لن نستسلم ونجهز أنفسنا لحرب قادمة لاشك ومستعدون لدفع تكاليف هذه الحرب.

القرار 242 : أصدر مجلس الأمن في نوفمبر 1967 القرار 242 الخاصبالنزاع العربي الإسرائيلي. وفورصدوره أثار القرار جدلاً شديدا. فقد قامبصياغته البريطاني لورد كاردون فوضع في مقدمة القرار مبدأ هام وهو عدمجواز احتلال أراضي الغير بالقوة. ثم جاء في بنود القرار أنه يتعين علىإسرائيل أن تنسحب من (أراضي) احتلتها أثناء حرب يونيو1967، ثم يتحدث عنسلام بين دول المنطقة وحدود معترف بها.

وتلقفت إسرائيل هذه الثغرة وقالت في كل وسائل الإعلام الإسرائيليةوالعالمية إن القرار ينص على الانسحاب من (أراضي) وليس (الأراضي). وأصبحت(أل) هذه هي الحجة التي تستند عليها إسرائيل في إفشال أي جهود تبذل فيسبيل تنفيذ هذا القرار.

كانت إسرائيل في هذا التوقيت هي الأقوى عسكرياً وسياسياً علاوة على الدعمالأمريكي لها. فهي منتصرة في حرب ضد ثلاثة دول وتحتل أراضي بآلاف الكيلومترات وتريد أن تجني ثمرة الانتصار. فمن اللحظة الأولى بعد صدور القراراتخذت إسرائيل موقفاً متعنتاً صلباً. أوضحت أن حل الأزمة لابد وأن يتمبالمفاوضات المباشرة مع العرب، وأنها لن تنسحب من أي أراضي تحتلها إلا بعدالوصول إلى حل تقبله إسرائيل. وبذلك تبين لمصر أن إسرائيل تتكلم من مركزالقوة لذا فهي تريد فرض إرادتها على العرب.

وكان قبول مصر بهذا القرار نابعاً من موقفها العسكري الذي لم يكتمل بعد،وحتى يتاح الوقت للقيادة العسكرية لبناء واستكمال القدرة العسكرية للوحداتالمصرية.. كما أن قبول مصر بهذا القرار كان يظهر المرونة السياسية لمصروأنها تسعى إلى السلام. عكس الدعاية الصهيونية التي ركزت على أن العربيريدون القضاء عليها بالحرب. كما أن تعيين السفير جونار يارنج ممثلا للأممالمتحدة في تنفيذ القرار كان يحرم إسرائيل من المفاوضات المباشرة بينهاوبين العرب الذي هو أول خطوات الاعتراف بها.

وفى أعقاب صدور هذا القرار قام وزير الخارجية محمود رياض بشرح الموقفسياسياً وبشرح أبعاد القرار 242 أمام مجلس الوزراء. وعلق الرئيس عبدالناصر أمام المجلس "إننا سوف نتعاون مع يارنج برغم إيماننا من الآن بفشلهفي مهمته وسنستمع إلى أمريكا برغم أنها تريد الآن أن تجعلنا ندخل غرفةمظلمة اسمها التفاوض بشأن القرار 242. إننا سوف نتعاون مع الشيطان نفسهولو لمجرد إثبات حسن النية..ولكننا نعرف من البداية أننا نحن الذين سنحررأراضينا بقوة السلاح. وهي اللغة الوحيدة التي سوف تفهمها إسرائيل. فلتساندأمريكا إسرائيل في غزواتها، ولتحاول كلتاهما أن تصفي القضية الفلسطينية،ولكنهما تعرفان جيداً أننا لم ننهزم في الحرب، طالما أننا لم نتفاوض معإسرائيل ، ولم نوقع صلحاً معها ، ولم نقبل تصفية القضية الفلسطينية".

وهكذا مضى عام 1967 واستطاعت مصر في خلال الشهور الست الأخيرة التاليةللهزيمة أن تحقق نجاحاً مطرداً في نواحي عديدة. فالقيادة السياسية وضحتأمامها الرؤية الاستراتيجية والتي تبلورت في :
- الصمود العسكري بسرعة بهدف منع إسرائيل من استغلال نجاحها العسكري، وبانتهاء الصمود نتحول إلى مرحلة أخرى من الدفاع النشط.
- السير مع المقترحات السياسية والدبلوماسية لكسب الوقت طالما أنها تسعى إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية.
- أن استرداد الأرض لن يتم إلا بالقوة. والقوة تحتاج إلى سلاح متطور حديث،وإلى تنظيم وتدريب عالي ومتواصل ولهذا تتفرغ القوات المسلحة للدفاع عنتراب مصر.
- يتم تعبئة الجبهة الداخلية في شتى المجالات حتى تحمى ظهر القوات المسلحةوتقدم الدعم المادي والمساندة المعنوية في معركة تحرير الأرض.




وتمإعادة تنظيم الدولة بما فيها القوات المسلحة. والأهم هو أن أهل الكفاءةوليس أهل الثقة أصبحوا هم المسئولون عن تنفيذ استراتيجية الدولة.. والقواتالمسلحة وقفت على قدميها بأسرع مما كان أحد يتوقع. وحققت انتصارات علىالعدو براً وجواً وبحراً فعادت الثقة إليها، وعرفت وتأكدت مصر كلها أنجنودها قادرين على مواجهة هذا العدو وأن النصر قادم ولا شك.. وبنهايةالعام ولرفع كفاءة القيادة والسيطرة في الجبهة، صدر الأمر بإنشاء الجيشالثاني في المنطقة من بورسعيد إلى الإسماعيلية جنوباً والجيش الثالث منجنوب الإسماعيلية وحتى السويس، على أن تصبح منطقة البحر الأحمر تحت قيادةعسكرية مستقلة. كما تغيرت قيادة القوات الجوية وأصبح العميد طيار/ مصطفىالحناوى قائدا للقوات، وكان يسبقه في كشف الأقدمية الكثير، فتم إحالة عديدمن الضباط إلى التقاعد نتيجة لهذا. وتولى العميد طيار/ حسنى مبارك قيادةالكلية الجوية. حيث وقع عليه عبء تزويد الأسراب الجوية بالطيارين بأسرعوقت، حتى تتمكن هذه الأسراب خاصة المقاتلات والمقاتلات القاذفة من رفعكفاءتها القتالية.
وقد صادف هذاالاختيار أهله، فقد كان العميد طيار/ حسنى مبارك مدرسا في الكلية لفترةطويلة في خدمته. وكانت الكلية تعمل من ثلاث مطارات في العمق حتى تتفرغللتدريب بعيدا عن مجريات الحرب ( مرسى مطروح _ المنيا _ إمبابه) ، ورغمهذا الانتشار الجغرافي ، كانت المتابعة يوميه. وكان تحقيق الهدف شاقاومرهقا للجميع قائدا ومدرسين، لكن مدرسي الكلية كانوا قدر المسئوليةفبذلوا جهدا خارقا متصل، حتى بلغ معدل الطيار 4-5 طلعات تدريس يوميا.فنجحت الكلية الجوية في مهمتها بصورة رائعة، انعكست على أعداد الطيارين فىأسراب المقاتلات والمقاتلات القاذفة . لقد كانت الكلية الجوية قيادةومدرسين حقا هي الجندي المجهول الذي ساهم طوال فترة الحرب (1967 –1973 )بجهد فائق من وراء ستار الحرب ..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:29

جند من السماء .. الفصل الثاني


خط بارليف : فوجئت إسرائيل بعد يونيو67 بأن جيشها أصبح يدافع عن الدولة في ظل عاملين أساسيين هما :-
• الجيش الإسرائيلي يدافع وهو على بعد 200 كيلو متر من المناطق السكانية الإسرائيلية التي كانت تمثل لهم الفزع الأكبر أثناء الحروب.
• أن الجيش الإسرائيلي أصبح يدافع وهو يرتكز على الضفة الشرقية للممر المائي العالمي قناة السويس.

كان العامل الأول : يعني أن المدرعات الإسرائيلية يمكن أن تلعبدوراً حاسماً في مواجهة أي قوات مصرية تستطيع العبور إلى الشرق. فالمساحاتالشاسعة في صحراء سيناء، ومحاور الاقتراب إلى وسط سيناء المعروفة (الجنوبي- الأوسط - الشمالي)، إضافة إلى تفوق الجيش الإسرائيلي في حروب الحركة.يجعل إسرائيل لديها تفوق كبير في الحرب القادمة خاصة أن المسرح الذي ستجرىعليه المعارك مناسب تماماً لقتال المدرعات والتي يساندها الطيران. وهو ماتتفوق فيه إسرائيل عن مصر كثيراً.

وكان العامل الثاني : يمثل ورقة سياسية لا تستطيع إسرائيل إغفالها.فارتكاز القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة يعني خلق حقيقةملموسة واضحة لمصر وللعالم أن قناة السويس لن تعود الملاحة إليها إلابموافقة إسرائيلية وبشرط استخدام إسرائيل لهذا الممر المائي الدولي.

كانت القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة، قد بدأت بعد يونيو67بإنشاء حفر وخنادق يوضع حولها شكاير رمل بغرض الوقاية الفردية أثناءالاشتباكات، ثم تم إنشاء ملاجئ ميدانية لوقاية نقط الملاحظة التي انتشرتعلى المواجهة. ثم قامت بتعلية السواتر الترابية. لكن كل هذه الترتيبات لمتكن تمنع الخسائر البشرية التي تتكبدها نتيجة القصف المدفعي المصري منالضفة الغربية للقناة. فتم تعميق الخنادق وأقيمت تحصينات أخذت تتطور بغرضحماية الجنود الإسرائيليين المتمركزين على طول القناة.

ومنذ اللحظة التي اتضح فيها دون شك أن المصريين لن يتوقفوا عن القتال،أصبح لزاماً على القيادة العسكرية الإسرائيلية ورئيس الأركان حاييم بارليفاتخاذ قرار بشأن شكل الدفاع عن سيناء أمام القوات المسلحة المصرية. وعقدتاجتماعات عديدة في هيئة الأركان الإسرائيلية نتج عنها في نهاية الأمرالقرار بإنشاء خط التحصينات على خط مياه قناة السويس، وقد اتخذ هذا القرارالذي يتعارض مع الفكر العسكري الإسرائيلي لأن إسرائيل على المستوى السياسيوالعسكري كانت مطمئنة من ناحية. ومن ناحية أخرى كان هذا الخط يحقق لها :-
أولاً: التمسك بالأراضي التي احتلتها وتعتبر "توراتيا" أرض محررة.
ثانياً: فرض الأمر الواقع على الأراضي الجديدة وتغيير معالمها الديموجرافية مستقبلاً.
ثالثاً: إقناع المجتمع الدولي بأن العرب ومصر لن تقوم لها قائمة في المستقبل القريب.
رابعاً: تأثير نفسي عنيف على العرب، خاصة مصر وتذكيرها بالهزيمة صباحاً ومساءً.






كانهناك معارضين لقرار بارليف بإنشاء خط الدفاع على حافة القناة، أولهم كانالجنرال يسرائيل طال وأريل شارون. كان انتقادهما عنيفاً فكانا يقولان"بضرورة السيطرة على المجال الذي يتصل ببناء خط دفاعي متحرك. كان شارونوطال ومجموعة من الجنرالات يأخذون على خط بارليف نقاط الضعف الآتية :-
- أن مواقعه الحصينة كانت في متناول المدافع المصرية : علماً بأن المدفعية هي أقوى الأسلحة لدى المصريين.
- أن وجود خط بارليف نفسه يشكل بالنسبة للمصريين إغراء دائماً للعودة إلى فتح النيران وتوجيه عمليات الفدائيين ضده.
- لإسكات المدفعية المصرية ينبغي استخدام الطيران مما قد يؤدي إلى تصاعد القتال.

وكان للجنرال ماتيتياهوبيليد رأى يقول : إن المسئولين السياسيين فيإسرائيل بدلاً من أن يضعوا أمن البلاد في قدرة الجيش على الحركة فيالتكتيك الدفاعي، فإنهم قد نقلوا إلى الحدود البعيدة على ضفاف قناة السويسما كانوا قد رفضوه للحدود القريبة، على حدود إسرائيل نفسها. ألا وهي حربالخنادق والتحصينات". وكان هذا أحد أخطاء إسرائيل التي لم تتعلم منانتصارها. وفي قول إسرائيلي أخر.

"كان خط بارليف يشغل مكاناً بارزاً في إطار نظرية الحدود الآمنة والردع.فقد كان بمثابة جوهرة التاج. وكان يمثل علاوة على ذلك رمز استقرار إسرائيلفي مواجهة أعدائها. وهو رمز لا شك في أنه يكلف الكثير. إذ أنفقت إسرائيلمن أجل بناؤه نحو 400 مليون دولار. وكانت القناة قد أصبحت من وجهة نظرالمصريين منذ تأميمها عام 1956، رمز استقلالهم الوطني، بيد أنالإسرائيليين كانوا يسخرون بصورة سافرة من هذا الممر المائي الشهيرويطلقون عليه أسماء مثل (أفضل خندق مضاد للدبابات في العالم) ويصفونه بأنه(الفاصل الاستراتيجي الذي سيتحول إلى قناة من الدماء إذا حاول المصريونعبورها) وقد صرحالجنرال بارليف نفسه حين كان يشغل منصب رئيس الأركان : لا أعتقد أنالمصريين يستطيعون مهاجمة أحد حصوننا والاستيلاء عليه، ولا أعتقد أنهميستطيعون عبور القناة ومع هذا ففي وسعهم التسلل بين الحصون وزرع الألغام.فهم يستطيعون أن يفعلوا هذا فقط.

وهكذا فإن كل القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم موشيه دايان وزير الدفاعوحاييم بارليف رئيس الأركان في ذلك الوقت، وضعوا ثقتهم الكاملة في خطبارليف، ووصفوه بأنه صـورة النجـاح الإسرائيلـي.. وكان راديو إسرائيل يذيعحتى حرب1973 أغنية شعبية تشيد بتحصينات خط بارليف. وكان الصحفيـونوالممولـون الأغنياء في منظمة النداء اليهودي الموحد 000الخ يقومونبزيارات دورية لخط بارليف. كما أن المجموعة الحاكمة قد جعلت من خط بارليفأحد شعاراتها الرئيسية خلال الفترة الانتخابية، ووصفته بأنه نموذج لنجاحسياسة الردع التي تنتهجها الحكومة".

تم بناء خط بارليف على مراحل. في البداية تم إنشاء دشم قوية حول المحاورالتي تبدأ من عند القناة إلى داخل سيناء في اتجاه المحاور الرئيسيةالثلاثة. فأقيمت المواقع الرئيسية فى بورتوفيق أمام السويس، وهي المنطقةالتي تؤدى إلى المحور الجنوبي(ممر متلا والجدي). وأمام الإسماعيلية وهيتؤدي إلى المحور الأوسط. وأمام القنطرة وهي المنطقة المؤدية إلى المحورالشمالي. طريق القنطرة ـ العريش.

لكن المواقع في المرحلة الأولى وحتى نهاية عام 1968 لم تكن تصمد لقوةنيران المدفعية المصرية. وكان وضع جنود إسرائيل بمثابة انتحار لهم. فلميكن هناك مخرج من هذا المأزق إلا أن تدعم الدولة هذا الخط.. فتم دفع عشراتالجرارات والبلدوزرات وجاءت آلاف سيارات النقل المحملة بالأحجار لكي تفرغحمولتها على شاطئ القناة. علاوة على استخدام قضبان سكة حديد خط القنطرة -العريش في زيادة تحصين هذه المواقع.
وانتهـى الأمر قبل حرب 1973 بأن أصبح الخط يتكون من 22 موقع دفاعي، تشمـل36 نقطة حصينة تسيطر على المواجهة والأجناب والمنطقة الخلفية. كما أقيمتفي الفواصل بين النقاط الحصينة مرابض للدبابات بفاصل 100 متر بين مربضوآخر. وقد اختيرت أماكن هذه النقط والمسافات بينها لتغطي كافة اتجاهاتالعبور المحتملة، وتتبادل المعاونة فيما بينها بالنيران أو مع الدباباتالموجودة في الفواصل التي بين النقط .

وتم تعلية الساتر الترابي حتى وصل ارتفاعه إلى 20 متر كما تم إزاحته غرباًحتى لامس حافة القناة. وزادت إسرائيل على هذا كله بأن وضعت مواسير نابالمفى النقط الحصينة تصب عند سطح القناة فتحيل القناة إلى شعلة من النيران.وتم إجراء تجارب أثناء فترة توقف إطلاق النار، وكان الغرض من التجارب هوبث الرعب في قواتنا وإحباط أي نية للهجوم المصري.

كانت كل نقطة حصينة أشبه بقلعة خرسانية. فمن شمال وجنوب النقطة 15 نطاق منالأسلاك الشائكة بينها حقول الغام ، وفى غرب النقطة المواجه لقواتنا 8نطاق من الأسلاك الشائكة والألغام، والنقطة مزوده بأجهزة إنذار لكشف أيتسلل.. وبكل نقطه ملاجئ ودشم للأسلحة الصغيرة والرشاشات بأنواعها في جسمالساتر الترابي، عددها 24 ملجأ للأفراد والمعدات، 26 دشمة للرشاشات، 4دشمة للأسلحة م/ط ،عدد من مصاطب الدبابات.. ومغطاة بشكائر الرمال وقضبانالسكة الحديد وردم بِِسُمك 3 متر، ثم 7 صف بلاط خرساني..علاوة على شبكاتحديدية وضع بداخلها الأحجار وتم رصها فوق سقف الدشم الخرسانية طبقاتمتعددة للحماية من القصف المدفعي المصري.. كان يشغل كل نقطة 30-35 فردفقط. لكن تم تزويد كل نقطه بقوة كبيرة من النيران تمكنها من قتال قواتتتفوق عليها حتى تصل إليهم الاحتياطيات القريبة، والتي على بعد 500 متر منالخط الأول. ثم احتياطي أكبر من المدرعات على بعد 3-5 كم.. كان التخطيط أنكل نقطة حصينة يمكنها صد وقتال كتيبة كاملة (300 فرد) لمدة أسبوع.




ولم يغفل حاييمبارليف عن أماكن إعاشة الأفراد في النقط الحصينة، فكانت أماكن الإقامة قمةفي الرفاهية والراحة. فمطبخ على مستوى عالي وآلة عرض سينمائي وهاتف مباشرللاتصال بالأهل في إسرائيل علاوة على ملاعب رياضية وأماكن للحفلات..

وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية في نسج أسطورة دعائية عن خطبارليف، بهدف إحباط المصريين وزرع اليأس في النفوس، حتى يصبح اقتناعهمكاملاً بأن عبور قناة السويس شيء مستحيل بسبب خط بارليف.. وكانت هذه أقوالالقادة الإسرائيليين وسنرى فى أكتوبر ماذا قال هؤلاء القادة عن هذا الخط.

قال حاييم بارليف "لقد كلفنا خط بارليف خمسمائة مليون منالدولارات ووضعنا فيه خبرة ثلاثين خبيراً عسكرياً من إسرائيل وأمريكاوألمانيا، وضعناه ليكون حاجز أمن وخطاً دفاعياً دائماً ورادعاً لمصر".

وقال موشى دايان وزير الدفاع الإسرائيلي "يلزم مصر كي تحقق عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، يلزمها سلاح المهندسين الأمريكي والروسي معا".

وقال دافيد اليعازر رئيس أركان حرب الجيش في حرب 1973 "لن يكون من المنطقي من جانب المصريين أن يبدءوا بفتح النيران لأن اندلاع الحرب سوف يعود بأخطار جسيمة عليهم".

وقال خبراء عسكريون أمريكيون وأوربيون في الصحف العالمية "خط بارليف غير قابل للتدمير حتى بالقنبلة الذرية".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:30

جند من السماء .. الفصل الثاني



هم يبنون بارليف ونحن نبني حائط الصواريخ :
لم تكن إسرائيل فقط هي التي تقيم خط دفاعها الشهير، لكن على الجانبالآخر من القناة كانت مصر تعمل بجهد يفوق الخيال طوال الليل والنهار.وسنرى أن هذا ليس من قبيل البلاغة أو التهويل. القوات البرية (مشاة -مدفعية - مهندسين 000الخ) تدعم وتستكمل الخط الدفاعي على قناة السويس،إضافة إلى التدريب المستمر لرفع الكفاءة القتالية. والقوات الجوية وخاصةالكلية الجوية أصبحت في سباق مع الوقت لإمداد الأسراب الجوية بأكبر عددممكن من طياري القتال.

وفـى بدايـة عام 1968 بدأت أحد ملاحم القوات المسلحة المصرية، فقد صـدرالقـرار الجمهوري بإنشـاء قوات الدفاع الجوي وتعين قائداً لها اللواء/محمد على فهمي. كانت مهمة هذه القوات هو الدفاع عن وحماية مسرح عملياتالجبهة والأهداف الحيوية في عمق الدولة ضد أي هجوم جوي معادي.

أي أنها ستواجه القوات الجوية الإسرائيلية المزهوة بانتصارها الخاطف فييونيو67. كانت المهمة بالغة الصعوبة خاصة وأن وسائل الدفاع الجوي التيتملكها مصر في هذا الوقت (صواريخ - رشاشات) كانت ضعيفة الإمكانيات ومحدودةالكفاءة.

وبدأت الدراسة والإعداد والتجهيز لعمل منظومة متكاملة.. فبداية لابد منتوافر حقل رادارى يغطي سماء مصر لكشف الطائرات المعادية وهي مازلت علىمسافة بعيدة من الهدف، ثم يتم التعامل معها بطائرات المقاتلات الاعتراضيةوهي على المدى البعيد، ثم بالصواريخ أرض/جو وهي مقتربة من الهدف، ثمبالمدفعية م/ط (المضادة للطائرات) إذا تمكنت من الوصول إلى الهدف. ولتنفيذهذه المنظومة كان لابد من وجود رادارات الإنذار التي تغطي طرق اقترابطائرات العدو، وبكفاءة تمكنها من تغطية الارتفاع المنخفض. وإنشاء مواقعلكتائب الصواريخ أرض/جو. وكذا عمل خطة تعاون محكمة مع القوات الجويةلتغطية سماء مصر ضد أي هجمات جوية.

على الواقع كانت الصورة قاتمة للغاية، فالأسلحة والأجهزة والمعداتالمتوفرة لا تكفي لوضع أي خطة فعالة. وإمكانيات الصد للأسلحة أقل كثيراًمما يجب، وعدد أجهزة الرادار لا يحقق بناء أي حقل إنذاري.. وكان هذا منحيث الكم، أما من حيث النوعية فقد كان هناك نقاط ضعف عديدة. فالصواريخ سام2 سلاح فعال به مزايا جيدة لكن عيبه الخطير كان الارتفاع المؤثر له فيالاشتباك، فهو يستطيع الاشتباك وتدمير طائرة على ارتفاع 2كم أو أعلى بدرجةإصابة عالية. لكن تقل نسبة الإصابة بصورة كبيرة تحت هذا الارتفاع. وكانالطيران الإسرائيلي من دروس حرب 67 يعلم هذا العيب تماماً وقد استغله فيبداية الأمر بصورة جيدة.

والمدفعية م/ط كانت أنواع قديمة، وبصفة عامة كانت غير قادرة على إسقاط أوإصابة الطائرات المعادية، وإنما أقصى ما تستطيعه هو تشتيت هذه الطائراتأثناء الهجوم. أما الرادارات فكانت من الأنواع القديمة، يسهل إعاقتهاإلكترونياً والتشويش عليها، فكان هذا يعطي لطائرات العدو إمكانية تفاديالكشف الرادارى والوصول إلى أهدافها بأمان تام.

كان الموقف صعباً حقيقة، لكن إرادة التحدي والعزم والإصرار كانت كفيلةبقهر هذه المصاعب والتغلب عليها. وكان البناء يقوم على دعامتين أساسيتين :
- زيادة عدد الوحدات وكم الأسلحة والمعدات وبأنواع متطورة لمواجهة العدو الجوى.
- الاستفادة بأقصى ما يمكن مما لدينا. ومحاولة تطويرها سواء بإدخالتعديلات فنية على الأسلحة والمعدات، أو رفع مستوى الاستخدام وابتكارأساليب جديدة.

وتصدت القيادة السياسية المصرية لتنفيذ دورها في هذا المخطط. فبذلت كلجهودها للحصول على الأسلحة والمعدات من روسيا أساساً أو من دول أخرى مثلالمجر ويوغسلافيا.. لكن كانت حصيلة هذا الجهد محدودة للغاية. مما آثارالرئيس عبد الناصر من القيادة السوفيتية لكن لم يكن أمامه سوى أن يكظمغيظه. ونقف هنا لحظة.

قبل شهور قليلة وافق الرئيس عبد الناصر على تقديم خدمات الصيانة والإعاشةللأسطول السوفيتي في الموانئ المصرية، مما سهل تواجد الأسطول السوفيتي فيالبحر الأبيض وهي خطوة هائلة للسوفيت على المستوى الاستراتيجي.. فقد أصبح الأسطول السوفيتي مشاركاً للأسطول السادس الأمريكي في البحر الأبيض.

كما وافق الرئيس عبد الناصر أيضاً على تواجد الخبراء السوفيت في وحداتالقوات المسلحة المصرية، كدعم في أعمال التجهيز والتدريب والتخطيط.. وأصبحلكل مستوى قيادي بدءاً من الوزير وحتى مستوى قائد الكتيبة وقائد السربخبير سوفيتي ملازم له. لكن مجريات العمل اليومي أثبتت أن كفاءة القائدالمصري لا تقل عن الخبير السوفيتي، إن لم تتفوق عليها في كثير منالمواقف.. وأصبح الاحتكاك مستمراً بين القائد المصري والخبير السوفيتي،وانتهى الوضع بعد تكرار المشاكل بتدخل وزير الدفاع، وأصبح الخبير السوفيتيفي معظم مواقع القيادة خاصة الصغيرة مجرد ملاحظ للقائد المصري.

كان موقف الاتحاد السوفيتي المتخاذل صادماً للجميع، وتكرر هذا الموقف مراتعديدة لاحقاً، لكن لم يكن أمامنا إلا أن نضغط بكل الوسائل حتى نحصل على أيقدر من الأسلحة والمعدات التي تغطى مطالبنا.

نجحت الجهود التي بذلت في تطوير الصاروخ سام 2. وأصبح قادر على الاشتباكمع الطائرات على ارتفاع 200 متر بكفاءة عالية. وكان هذا مفاجأ للطيرانالإسرائيلي القادم مطمئنا على ارتفاع منخفض، فإذا به يواجه صواريخناالمؤثرة. وكان هذا يعني حرمان طيران العدو من حرية الطيران على الارتفاعاتالمنخفضة كما أصبحت قدرته على المناورة عالية بحيث أصبح قادراً على ملاحقةأحدث الطائرات الإسرائيلية.

وعن خطة التعاون بين القوات الجوية والدفاع الجوي، كانت المشكلة هي عدمقدرة كتائب الصواريخ سام 2 على تمييز الطائرات الصديقة من الطائراتالمعادية. مما يحد كثيراً من إمكانية التعاون بين المقاتلات الاعتراضيةالمصرية وبين كتائب الصواريخ أثناء صد الهجوم الجوي المعادي. كما كان هذاالنقص يعرض طائراتنا للإصابة بنيران صواريخنا، وحدث هذا مراراً فييونيو67. لكن أمكن الحصول على أجهزة التمييز والتي تعرف باسم (أجهزةالتعارف) وبهذا تم حل إشكالية كبيرة وأصبح التعاون بين المقاتلات المصريةوكتائب صواريخ سام 2 على درجة عالية من الكفاءة.
ولما كان حقل الرادار المصري به ثغرات رهيبة تسمح بدخول الطائراتالإسرائيلية دون أي إنذار، فكان لزاماً تغطية هذه الثغرات. خاصة وأن روسيامازالت متباطئة في إمدادنا بالرادارات المطلوبة. فكان الابتكار المصري هوإنشاء وحدات المراقبة بالنظر.. كانت هذه الوحدات تتكون من 2-3 فرد تمتدريبهم على التمييز بين أنواع الطائرات بالنظر وخاصة الإسرائيلية. وتمتوزيع هذه الوحدات على مناطق عديدة على ساحل البحر الأبيض وخليج السويسوفى الصحراء الشرقية، وهي طرق الاقتراب المنتظرة للطائرات الإسرائيلية.وبواسطة جهاز لاسلكي يتم الإبلاغ عن أي أهداف جوية تعبر فوق أو حولالنقطة. وفى لحظات تصل المعلومة إلى مركز العمليات الرئيسي، فيتولى اعتراضتلك الأهداف إما بواسطة المقاتلات أو بالصواريخ.

وبهذا تم حل جزء من مشكلة النقص الكبير في أجهزة الرادار. لكن لابد وأننذكر بالفضل والعرفان جنود وصف ضباط وحدات المراقبة بالنظر. فيكفي أننتخيّل تحملهم وَجلَدِهم على المعيشة القاسية، إما في منطقة صحراوية نائيةأو منطقة ساحلية مهجورة بعيداً عن أي عمران أو أي مظاهر للحياة. وكانلإبلاغهم عن الطائرات الإسرائيلية فضل كبير في نجاح عمليات الاعتراضوالتصدي لهجمات العدو. وكان 1968 بداية الملحمة ولكي لا نسبق الأحداث،فسنعرف كيف استطاعت مصر بناء حائط للصواريخ على ضفة قناة السويس حين نصلإلى أعوام 1969-1970 حيث حرب الاستنزاف.

وانتصف عام 1968 وساد جبهة قناة السويس هدوء نسبي. فالقوات المسلحةالمصرية منهمكة في التخطيط لأعمال القتال الذي يسير بخطى ثابتة تتمشى معنمو قدرات الوحدات والتشكيلات. والقيادة السياسية تدعم القوات المسلحةفيجتمع الرئيس عبد الناصر مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لضمان العملالجماعي ووحدة الفكر، والتوجه نحو تحقيق هدف مصر كلها بقهر العدوالإسرائيلي واستعادة سيناء المحتلة.
كان نشاط العدو في سيناء وتحركاته ونواياه هي الشاغل الأول للقيادةالعسكرية علي كل مستوى. وفى المقابل كان تدريب القوات اليومي مستمر، علاوةعلى التخطيط والتجهيز لأعمال الدفاع أو الاشتباك مع العدو. كانت فترةالهدوء هذه فرصة عظيمة للقيادة المصرية وللوحدات المقاتلة. فكان التخطيطوالإعداد والتجهيز يتم بعيداً عن ضغط العدو. كما قطعت الوحدات المقاتلةشوطاً كبيراً في رفع الكفاءة القتالية لها. وتم استكمال نسبة كبيرة منالأسلحة والمعدات التي أعطت صلابة وقـوة لجبهـة قناة السويس. لكن النسبةكانت أقـل بصورة واضحة في القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي.

وخلال فترة الهدوء الذي ساد النصف الأول من عام 1968، وقعت معركة كبيرة في21 مارس.. حاولت إسرائيل التوغل في الأراضي الأردنية بغية احتلال مناطقمعينة (مرتفعات البلقاء) حتى تصبح وسيلة ضغط للتخلص من الفدائيينالفلسطينيين. بدأت المعركة في الفجر بحشد15 ألف جندي إسرائيلي من المدرعاتوالمشاة المحمولة بالمجنزرات والمظليين إضافة إلى الدعم الجوي.. إلا أنتصدى الجيش الأردني متلاحماً مع قوات المقاومة الفلسطينية أوقعا بإسرائيلهزيمة نكراء.. حاولت أن تخفيها لكنها لم تفلح. فحين ارتفعت خسائر القواتالإسرائيلية قامت بالانسحاب في الساعة الخامسة مساء دون أن تحقق هدفها.وبلغت خسائرها 700 فرد بين قتيل وجريح وأكثر من 150 دبابة ومركبة . مقابلخسائر أردنية قدرها 170 فرد بين قتيل وجريح وحوالي 60 مركبة.

وفى منتصف عام 1968 كانت الظروف قد أصبحت مهيأة أمام مصر لبدء استنزافالعدو ووضعه تحت ضغط نيراني من قواتنا، والانتقال من مرحلة رد الفعل إلىالفعل على أن يكون هذا بهدف.
أولاً: إيقاع أكبر خسائر بجنود العدو ومعداته والحصول على أسرى ووثائق ومعلومات.
ثانياً: تطعيم الوحدات المصرية للمعركة المقبلة من الخبرات المكتسبة من القتال الحقيقي.
ثالثاً: اختبار كفاءة الأسلحة وكذا أساليب القتال واختيار الأنسب منها وتطويره للخروج بعقيدة قتال وخبرات قتالية مصرية خالصة.
رابعاً: فرض حالة من الاستنزاف الاقتصادي على إسرائيل من خلال إجبارها على الاحتفاظ بنسبة عالية من قواتها في حالة تعبئة مستمرة.
واستقر الرأي في يوليو 1968 على أن يبدأ الاشتباك مع العدو بطاقة متدرجة.وعلى المسرح البري في المرحلة الأولى ، حيث التفوق المصري في القوات خاصةفي مجال المدفعية، التي ستشكل عنصراً حاسماً في استنزاف العدو. وبدأ بحثوترتيب أولويات الأهداف التي يشكل تدميرها للعدو خسائر كبيرة. وعكفتالقيادات المنفذة في سرية تامة على الدراسة واختيار العناصر القائمةبالتنفيذ وتدريبها في مناطق منعزلة. وتم رفع الأمر للقيادة العامة لتحديدتوقيت الهجوم. وبنهاية أغسطس 1968 كانت الرؤية واضحة تماماً أمام القيادةالعامة للقوات المسلحة لتنشيط الجبهة طبقاً لخطة مدروسة وليست رد فعل.

كان يوم 8 سبتمبر نقطة تحول رئيسية في تنشيط الجبهة. فقد أرادت مصر أنتعلن عن نفسها بقوة، وتصيب إسرائيل بخسائر كبيرة في قواتها المتمركزة علىالقناة. فصدرت الأوامر بتنفيذ قصفه مدفعية وتحت سترها يتم دفع دوريات قتالعلى طول الجبهة. شملت القصفة الأهداف شرق القناة وحتى عمق 20 كيلو مترشرقاً. اشترك في القصفة 38 كتيبة مدفعية من مختلف الأعيرة لمدة ثلاث ساعاتمتواصلة. وإلى جانب المدفعية قامت جميع الأسلحة المضادة للدبابات بإطلاقنيرانها من الضفة الغربية على الأهداف المرئية على الضفة الأخرى. وقامتالدوريات برص الألغام على الطرق الرئيسية والفرعية.

وحققت القصفة أهدافها فتم تدمير 19 دبابة وثمانية مواقع صواريخ وعشراتالدشم ومناطق الشئون الإدارية والعربات. ويومها أذاعت إسرائيل بيان عسكرييقول بأن خسائرها من هذه القصفة فرد واحد جريح، وبعد سنوات ظهر في الكتبالإسرائيلية أن الخسائر في هذا اليوم كانت 28 فرد بين قتيل وجريح. ولم تجدإسرائيل رداً على هذا القصف إلا اللجوء إلى أسلوبها الدنيء فقامت بتوجيهنيرانها إلى مدن القناة والتي كان بعض سكانها مازالوا متمسكين بالبقاءفيها، فأوقعت خسائر فيهم.

وفى أكتوبر 1968 تلاحقت الخسائر على العدو الإسرائيلي، فقد نشطت الطائراتالإسرائيلية لاستطلاع الجبهة. فاتخذ اللواء طيار/ مصطفى الحناوى قائدالقوات الجوية القرار بمواجهة هذا النشاط حتى يتوقف العدو عن استباحةالجبهة واستطلاع قواتنا.
وفى 23/10/1968 خطط العقيد طيار/ ممدوح طليبة قائد اللواء لمعركة جويةمحدودة مع العدو الإسرائيلي بطريقة الصيد الحر. كانت الطائرات الإسرائيليةتخترق الجبهة من فوق مدينة الإسماعيلية على ارتفاع 2-3كم ثم تتوجه إلىالأهداف المطلوب استطلاعها وهي مطمئنة إلى أنه لن يتم اعتراضها بالطائراتأو بالصواريخ أرض/جو.

كانت الخطة المصرية المقابلة هي أن يتم دفع تشكيل من طائرتان ميج21 علىارتفاع منخفض غير مكتشف رادارياً، وخلفهم بمسافة 5-6 كيلو متر تشكيل آخرمن أربع طائرات ميج21. ولعجز إمكانات الرادار المصري تم تنفيذ الطلعةبالحسابات الملاحية (وهي طريقة بدائية). وتم ارتفاع ودفع التشكيل الأول (2طائرة) ليكون طعم فاتجت إليه طائرات العدو، وبعدها تم دفع التشكيل الثاني(4 طائرة) خلف الطائرات الإسرائيلية ومهاجمتها. وتم التنفيذ بدقة متناهيةوأسقطت طائراتنا أربع طائرات ميراج إسرائيلية.
كان المشتركون في هذه المعركة :
- ملازم طيار/ مدحت زكي (أسقط طائرة)
- رائد طيار/ على ماسخ (أسقط طائرة)
- ملازم طيار/ عبد الحميد طلعت
- رائد طيار/ فوزي سلامة (أسقط طائرة)
- ملازم طيار/ رضا العراقي
- نقيب طيار/ أحمد أنور (أسقط طائرة)
كان لهذا الاشتباك فرحة خاصة ومردود هائل على طياري القوات الجوية، فقدأزاح جزء كبير من عدم الثقة في أنفسهم، حتى أن الرئيس عبد الناصر وهويستقبل أفراد التشكيل في منزله للتهنئة بالنصر قال لهم "أظن دى أول مرةطيار مصري يضرب طيار يهودي". فانبرى له قائد اللواء شارحاً له بأنه كانتهناك سوابق عديدة في يونيو67 لكن الهزيمة لم تسمح بظهورها، فهز الرئيس عبدالناصر رأسه بين مصدق ومندهش وغير متأكد.

وفى 26 أكتوبر 1968 تكررت قصفة المدفعية المركزة حيث اشتركت 32 كتيبةمدفعية في قصف العدو لمدة سبعون دقيقة، استهدفت بالدرجة الأولى مواقعالصواريخ. إضافة إلى دوريات عبرت تحت ستر نيران المدفعية، قامت باصطيادبعض الدبابات والمركبات التي كانت تحاول الهرب أثناء القصف. واعترف العدوبعد سنوات أيضاً أن خسائره في هذا اليوم كانت 49 فرد (قتيل وجريح).

وكان على إسرائيل أن ترد على قواتنا بعد أن تلاحقت عليها الخسائر في جبهةالقناة، بعد أن وضح التفوق المصري على القناة الذي يزداد يوماً بعد يوم.فلجأت إلى أسلوب مختلف تماماً في الرد. فدفعت ليلة 31 أكتوبر/1 نوفمبر1968 (2 طائرة) هليكوبتر محملة بقوة من المظليين الذين يتكلمون العربيةإلى منطقة نجع حمادى في صعيد مصر. مخترقة الحدود المصرية من المنطقة جنوبالغردقة. حيث لا توجد دفاعات أرضية أو أجهزة إنذار رادارية أو دفاع جويسواء في منطقة البحر الأحمر أو في منطقة الصعيد. وقامت مجموعة من المظليينبعد الهبوط بتدمير 6 محولات للكهرباء، فانقطع التيار الكهربائي عن المحطةالتي تمد الوادي شمالاً والقاهرة بنسبة من كهرباء السد العالي. وقامتمجموعة أخرى بتدمير جزء بسيط من قناطر نجع حمادى وكوبري قنا.

كان اختيار إسرائيل منطقة نجع حمادى للهجوم عليها عودة إلى أعمال الردعالعسكري الذي تكرر من إسرائيل مراراً. فقد اختارت هدفاً ذو ثقل معنويوتأثير سياسي وفى منطقة منعزلة حتى يتم مهاجمته بأقل حجم من القوات وبأقلخسائر في حالة الاشتباك. وكان لهذه العملية هدفان :
أولاً: إجبار القيادة العسكرية المصرية على نشر قواتها حتى الغردقةفتصل المواجهة إلى 1000 كيلو متر مما يقلل ويخفف من التفوق المصري علىجبهة قناة السويس.
ثانياً: إحراج القيادة السياسية المصرية وإثارة القلق والبلبلة بينأفراد الشعب المصري بعد أن اخترقت إسرائيل عمق مصر ودمرت أهداف حيوية دونأي اعتراض أو مقاومة،خاصة وأنها لم تكتشف .






لكنتنفيذ العملية لم يؤت ثماره، فعلى المستوى السياسي كان التأثير ضعيفاً لأنالشعب المصري بفطرته أدرك أن للحرب تكاليف، وأن العدو سيوقع بنا خسائر كمانوقع نحن به. خاصة وأن الأجهزة المسئولة استطاعت إصلاح المحولات بأسرع مايمكن واستأنفت دفع التيار الكهربائي.
أما على الجانب العسكري فكان درساً مفيداً للقيادة العامة، فقد أعيد النظرفي الخطط العسكرية وتهدئة الأوضاع على الجبهة، إلا من اشتباكات بالأسلحةالصغيرة والقناصة ودوريات الاستطلاع.. وصدرت الأوامر والتكليفات لاستكمالشبكة الإنذار الجوي جنوباً (المراقبة بالنظر) حتى وصلت إلى آخر موقع علىالحدود الشرقية مع السودان. وإنشاء نسق ثان للمراقبة بالنظر بطول الحافةالشرقية لوادي النيل. كما تم إنشاء قوات الدفاع الشعبي، ووزعت عليهاالأسلحة والذخيرة وأجهزة المواصلات. وتم تكليف سرب مقاتلات ميج21 بقيادةالنقيب طيار/ سمير عبد الله بمهام القتال الليلي.

وكان ختام عام 1968 مثيراً للغاية حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكيةإلى إعلان موافقتها على تزويد إسرائيل ولأول مرة بخمسين طائرة من طرازفانتوم ف-4. لتثبت مساندتها الكاملة لإسرائيل. وكانت الطائرة الفانتوم فىهذا الوقت من أحدث طائرات الترسانة الأمريكية .
المجموعة 39 قتال :بزغت فكرة هذه المجموعة بعد أن قام المقدم/ إبراهيم الرفاعى بتفجير مخازنذخيرة العدو في 4 يوليو 1967. فقد كلفه اللواء/ محمد صادق مدير المخابراتالحربية بتشكيل مجموعة للعمل خلف خطوط العدو، وتعمل تحت قيادته شخصياً.وتكونت المجموعة في أول الأمر من عدد محدود من الضباط والصف والجنود وكانتتعمل تحت اسم منظمة سيناء العربية، ثم تم دعمها بعد أن أثبتت نجاحاًملموساً في عملياتها ضد العدو، ثم أطلق عليها اسم المجموعة 39 قتال فيبداية عام 1969. كان المقدم إبراهيم الرفاعى ضابطاً يتحلى بقدر كبير منالوطنية والإخلاص والشجاعة، وانعكس هذا كله على كل من كان معه في المجموعةفتميزت بروح قتالية وكفاءة عالية. فتحقق الهدف من إنشائها وأوقعت في العدوخسائر ملموسة، كما كانت مصدر هام للاستطلاع والحصول على معلومات عن العدوفي سيناء.

قامت المجموعة حتى بداية 1969 بتنفيذ 10 عمليات استطلاع للعدو، في المناطقمن بورسعيد إلى السويس وحتى شرق ممر متلا. لكن أصعب هذه العمليات كانتعملية استطلاع مطار رأس نصراني في جنوب سيناء وقام بتنفيذ العملية الرائد/أحمد رجائي عطية بمرافقة كل من سليمان عبد الله وسالم جبلي من أبناءسيناء. وقد استغرقت المهمة خمسة أيام قطعوا خلالها مئات الكيلومترات دونأن يكتشفهم العدو.
وقامت بعمل كمين للعدو في منطقة جبل مريم جنوب الإسماعيلية، بقوة ضمتثمانية ضباط بقيادة الرفاعى ومساعده الرائد/ عصام الدالي + 23 صف وجندي.وأسفر الكمين الذي تنفذ من العاشرة مساء وحتى السابعة صباحاً عن تدميرعربة وقتل 2 جندي وأسر ثالث بدرجة عريف يدعى ياكوف رونيه.

وسنجد أن هذه المجموعة في استعراضنا للأحداث وحتى حرب 1973، قد قامتبأعمال بطولية من استطلاع خلف خطوط العدو إلى كمائن إلى غارات على مواقعللعدو. وفى أماكن لم يتوقعها العدو في سيناء على الساحل الشرقي لخليجالسويس . وقد حققت نسبة نجاح كبيرة في معظم عملياتها. وإن تقلص دورها بعدإقالة الفريق/ محمد صادق فلم تكلف بمهام تناسب إمكانياتها إلا في مقاومةقوات العدو في ثغرة الدفرسوار قبل انتهاء حرب أكتوبر بأيام قليلة.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:31

الفصل الثالث: حرب الاستنزاف
500 يوم قتال


استمرت حرب الاستنزاف من 8 مارس 1969وحتى 8 أغسطس 1970. دار خلالها العديد من المواقف والأحداث وحفلت بالبطولةوالتضحيات.. دماء وشهداء.. جهد يفوق الخيال.. قتال يومي.. ضرب للعدو وتلقىضربات.. ينبت لمصر مخالب وأنياب تنهش بهما لحم العدو الإسرائيلي.. ورغمهذا تسقط هذه الحرب في كهف النسيان ولا يُذكر عنها إلا القليل حتى تكادتسقط من ذاكرة الوطن.. علماً بأن هذه هي المرة الأولى التي تنتصر فيها مصرعلى إسرائيل.
نصر ولا ريب : اطمأنت القيادةالعسكرية المصرية لموقف قواتـها في الجبهة، بعد ما دار في الفترة السابقةمن أعمال قتال ودروس مستفادة.. فكان لابد وأن تستأنف قتال العدو بصورةأكبر. فصدرت الأوامر بتوجيه قصفة مدفعية مركزة على طول الجبهة يوم 8 مارس1969 بحشد نيراني بلغ 24 كتيبة مدفعية، علاوة على أسلحة الضرب المباشر.واستمرت القصفة خمسة ساعات متواصلة وأحدثت خسائر شديدة في دشم بارليفوبطاريات المدفعية الإسرائيلية ومناطق الشئون الإدارية.




ولأنمصر كما قلنا ُولدت من جديد في 11 يونيو 67، فقد ذهب الفريق/ عبد المنعمرياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة ومعه اللواء/عدلي سعيد قائد الجيشالثاني واللواء/ عبد التواب هديب مدير المدفعية لتفقد وحدات المدفعية فيصباح اليوم التالي. وتفقدوا قطاع القنطرة واطمأنوا على الروح المعنوية، ثمطلب الفريق رياض تفقد موقع النقطة نمرة 6 شرق الإسماعيلية حيث كانت تتميزبتحصين إسرائيلي كبير. وبعد إتمام المشاهدة ولحظة خروجه من الموقع انطلقتمدفعية العدو وسقطت دانه بالقرب منهم وأصيب القادة الثلاثة، لكن الفريق/رياض استشهد بعد لحظات. وكان لاستشهاد الفريق رياض وقع شديد على مصر كلهاتجلى في جنازته التي احتشد فيها الآلاف من المدنيين يودعون ابن من أبناءمصر المخلصين.
كانتجنازة الفريق/ رياض إعلان ثان بعد 10،9 يونيو67 من الشعب المصري بأنناسنقاتل. وأن مصر لن تركع أو تستسلم مهما كانت التضحيات. فرغم إن الفريقرياض لم يكن ذو شهرة على المستوى الشعبي بحكم منصبه الذي يجعل وقته وجهدهداخل القوات المسلحة. لكن ما أن استشهد حتى أصبح حديث كل بيت وكل تجمعوترددت بطولته حتى على لسان رجل الشارع البسيط.

اشتعلت الجبهة حماساً لاستشهاد الفريق رياض، فنشطت الدوريات بمختلفأنواعها علي طول الجبهة بمهاجمة واقتناص للمعدات والأفراد من الضفةالغربية.. وسنعرض لبعض عمليات قوات الجبهة التي تمت بعد استشهاد الفريقرياض وأهمها :

في 15/3/1969 دفع قائد الكتيبة 33 صاعقة الرائد/ مدحت عثمان دورية استطلاعمن ضابط ومعه 3 فرد لاستطلاع النقطة القوية جنوب البحيرات المعروفة باسمالتبة المسحورة. ونجحت الدورية في الحصول على المعلومات التفصيلية عنالنقطة بل تمكنت من الحصول على بعض الذخائر. وتم التدريب على موقع مماثلهيكلي لمدة 20 يوماً بهدف إيقاع أكبر خسائر في العدو والحصول على أسير.وفى 16/4/1969 تم دفع الدورية بقيادة الملازم أول/ محمد مصطفي ومعه قائدمجموعات الاقتحام. الملازم أول/ عبده عرفه و43 فرد صف وجندي. وقبل العبورقامت الدورية بأداء ركعتين لله وبعد انتهاء الصلاة رفع العريف/ فتحي يونسيديه داعيا بصوت خفيض اللهم ارزقنا الشهادة، وكان بجواره ملازم أول/ عبدهعرفه الذي قال له
- مستعجل ليه يا فتحي
فرد عليه عريف فتحي يونس : حد يطول يا فندم
- ربنا يكرمنا وننفذ المهمة
وعبرت الدورية القناة في العاشرة مساء في صمت تام، مسلحة بالبنادق الآليةوالقنابل وقواذف أر.بي.جى. وألغام مضادة للدبابات ومعدات لفتح الثغرات.كان التخطيط محكما، عبرت الدورية على يسار النقطة بمسافة 600 متر وقامتبالالتفاف ونفذت الهجوم من ناحية الشرق خلف النقطة.. وحدث اشتباك مع أفرادالنقطة الذين لم يتوقعوا أن الهجوم من الشرق وسقط من العدو الإسرائيليحوالي 10 قتلى. وتم القبض على أحدهم حيا تم سحبه والعبور به بواسطة ملازمأول/ عبده عرفه وتولى محمد مصطفي تأمين عودة الدورية. وعادت الدورية كلهابسلام ومعها الأسير ادمون مراد اهارون. لكن استشهد عريف فتحي يونس بعدوصوله للضفة الغربية بعد أن أصيب أثناء الهجوم.

تعين اللواء/ أحمد إسماعيل رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة خلفاً للفريقرياض. وكان اللواء/ محمد صادق مدير المخابرات الحربية شديد الاقتناع بأنإسرائيل لا تعرف إلا لغة القوة، فكانت خطته تقوم على أن تتبارى وتتسابقوحدات الجيش الثاني والثالث في إيقاع أكبر خسائر للعدو. كما أعطى تعليماتهلقائد المجموعة 39 قتال الذي كان هو الأب الروحي لها بأن تخطط لعمل ثأريكبير رداً على استشهاد الفريق رياض. وعلى الفور تمت مراقبة واستطلاع موقع(نمرة 6) الذي أصاب الفريق رياض ورُسمت خريطة تفصيلية كاملة للموقع وتموضع خطة الاقتراب والهجوم . وتم التدريب على موقع هيكلي حتى أصبح كل فردفى المجموعة يعرف مهمته وكيفية تنفيذها تماماً. وتحدد تاريخ تنفيذ العملية19/4/1969 وسميت العملية "رياض".

"كان الموقع الإسرائيلي يتكون من 4 دشم مقامة على اللسان الموجود ببحيرةالتمساح، كما يوجد موقعان حصينان على ربوتين تبعدان عن الدشم بحوالي كيلومتر لحماية الموقع الموجود باللسان. ولم يكن في حسبان القادة الإسرائيليينإمكان مهاجمة هذا الموقع لاعتبارات كثيرة من أهمها : أن الموقع على حافةالبحيرة مباشرة وتحميه مسافة طويلة من المانع المائي (عرض بحيرة التمساح13 كم). كما أن تحصين الموقع وقوة النيران الموجودة به، وأسلوب الحمايةووجود موقعين حوله يشكلان مع الموقع نمرة 6 مثلثاً، يوفر له قوة دفاعيةكبيرة.
وأسهمت الخطة والتنسيق بين قيادةالمجموعة 39 قتال وقيادة الجيش الثاني ومدفعية الجيش، في توفير كل العناصرالتي جعلت من الهجوم مفاجأة كاملة. بدأ قصف المدفعية قبل التحرك بحوالي 20دقيقة، واستمر طوال فترة عبور القوارب الحاملة للأفراد لبحيرة التمساح وقداستغرق 14 دقيقة. ووصلت قوة الهجوم إلى الشاطئ الشرقي حوالي الثامنة مساء.وفور الوصول إلى الشاطئ بجوار الموقع بدأت المجموعات في اتخاذ تشكيل قتاليتكون من :
المجموعة الأولى : المقدم/ الرفاعي + 6 من أفراد الصاعقة البحرية للقيادة والسيطرة.
المجموعة الثانية: رائد/ أحمد رجائي عطية + 12 فرد للهجوم على الدشمة رقم 1.
المجموعة الثالثة : نقيب/ محيي نوح + 12 فرد للهجوم على الدشمة رقم 2.
المجموعة الرابعة : ملازم أول/ وئام سالم + 11 فرد للهجوم على الدشمة رقم 3.
المجموعة الخامسة : ملازم أول/ محسن طه + 11 فرد للهجوم على الدشمة رقم 4 .

إضافة إلى مجموعة بقيادة رائد طبيب/ محمد عالي نصر ومعه نقيب بحري/ إسلامتوفيق وملازم أول/ مجدي وسام حافظ و3 أفراد من الصاعقة البحرية. بقيت علىالشاطئ بهدف تأمين منطقة النزول.. وعلى الشاطئ الغربي للقناة كان العميد/مصطفي كمال ومعه ضابط مخابرات يجيد العبرية ومعهما جهاز تنصت لاسلكيلالتقاط اتصالات الموقع الإسرائيلي وتوفير المعلومات للقوات المهاجمة أولبأول".
دخلت المجموعات إلى الموقع واتجه كلفرد إلى المكان المخطط له في الهجوم، فقام بعضهم بإلقاء مولدات دخانوقنابل يدوية من فتحات التهوية فى الدشم، والبعض الآخر كان بجوار أبوابالخروج لاستقبال كل من يحاول الخروج، والبعض هاجم العربة النصف جنزيروسيارة نقل ونسف 2 مخزن ذخيرة.. واستمرت القوة داخل الموقع ساعتان تمخلالها قتل وتدمير كل ما بالموقع من أفراد ومعدات.
وعـادت القوة سالمة إلا من ثلاثة جرحى(النقيب محيي نوح و2 فرد) تم نقلهم إلى المستشفي وقام بزيارتهم الرئيس عبدالناصر وبصحبته اللواء/ صادق وتحاور معهم الرئيس واستفسر منهم عن كافةتفاصيل العملية.
وفى الخامسة والنصف مساء اليوم التالي،نقلت وكالات الأنباء من تل أبيب بياناً عسكرياً إسرائيلياً، يقول أن وحدةمن 15 جندي كوماندز مصري عبرت القناة مساء السبت لمهاجمة موقع إسرائيليشمال بحيرة التمساح أمام الإسماعيلية. وبعد معركة قصيرة أصيب فيها جنديإسرائيلي ودمرت سيارة مدرعة، تمكنت القوات الإسرائيلية من رد القوةالمصرية المهاجمة. وهو بيان أقل ما يوصف به أنه بيان هزيل أو مضلل فتدميرالموقع بالكامل تحول إلى جرح جندي وتدمير عربة !!
وجاء الرد الإسرائيلي دنيئاً كالعادةموجهاً إلى أهداف مدنية.. ففي ليلة 29 أبريل 1969 أغارت إسرائيل بقواتمحمولة جواً على محطة محولات نجع حمادي للمرة الثانية، وأسقطت عبوات ناسفةزمنية قرب مدينة ادفو أصابت بعض المدنيين.. وانطلقت وسائل الإعلاموالدعاية الإسرائيلية تصف وتمجد في العملية وأشبعتها وصفاً وتحليلاً. لكنقواتنا ردت عليها في اليوم التالي مباشرة بهجوم على النقطة جنوب البلاحوتم نسفها تماماً.
وكان لابد من إبلاغ إسرائيل رسالةبأننا نستطيع أن نطولها في العمق أيضاً وضد أهداف مدنية.. فتوجه إلىالأردن مقدم/ إبراهيم الرفاعى والرائد/ عصام الدالي ولحقت بهم طائرة محملةبالصواريخ والقواذف. وبالتعاون مع منظمة فتح تم استطلاع عدة أهداف فيإيلات والنقب والعقبة. واستقر رأى القيادة في مصر على قصف مصنعي الفوسفاتفي منطقة سدوم. "وقبل منتصف ليلة 19/20 مايو قصفت الدورية المصنعين في وقتواحد مستخدمه 32 صاروخاً من عيار 130مم وأدى القصف إلى انفجار محطةالكهرباء التي تغذي المنطقة واشتعال الحرائق فيها وفى منطقة المصانع".وغادرت الدورية الموقع بسلام. ووصلت الرسالة إلى إسرائيل فتوقفت لفترة عنمهاجمة العمق المصري.
وتوالت العمليات الهجومية المصرية،وأيقنت إسرائيل أنها لابد وأن ترد بعمل هجومي عسكري بعد توالي النجاحالمصري واهتزاز ثقة الجنود الإسرائيليين. فقامت بالهجوم بقوة كتيبة مدعمةعلى موقع الجزيرة الخضراء، وكانت قوته سرية مشاة. وكاد العدو أن يحققالنجاح المطلوب، لكن المدفعية المصرية في غرب القناة طلبت من قائد السريةالمصرية الاحتماء بالخنادق هو وجنوده، وقامت بقصف شديد على الجزيرة كله.وكانت مفاجأة لأفراد العدو الذي أصيب بخسائر عالية فانسحب على الفورتاركاً معداته ولنشاته المدمرة. وكان لقصف مدفعية الجيش الثالث المركزالفضل الأكبر في فشل الهجوم الإسرائيلي.
واستمرت وتيرة الهجوم المصري المتصاعد،فتم مهاجمة نقطة البلاح ونقطة الشط بنجاح كبير... لكن في 8/7/1969 قامتالمجموعة 39 قتال بمهاجمة النقطة نمرة 6 شمال التمساح، للمرة الثانية.فوجئت القوة المهاجمة بأن الهجوم كان معروف للعدو مسبقا،ً وأن أفرادالنقطة كانوا في انتظارهم . فما أن أصبحت القوة بقيادة المقدم/ الرفاعىعلى أبواب الموقع، حتى بدأت إضاءة المنطقة بطلقات كاشفة إسرائيلية تبعهانيران كثيفة من عدة اتجاهات، فلم يكن هناك مفـر من الانسحاب بعـد استشهاد9 أفراد. ولأن التحضير للعملية تم في سرية تامة، فقد تسرب الشك بأن هناكمن أبلغ إسرائيل عن العملية. وتتبعت أجهزة المخابرات المصرية الخيوط،فتكشف لها بعد أكثر من عام أن إسرائيل قد نجحت في تجنيد جاسوس مصري باعوطنه وزملاءه فتم إعدامه هو وشريكته.
وفى 10 يوليو 1969 وجهت القوات المصريةضربة قاصمة إلى القوات الإسرائيلية. فقد تحدد هذا اليوم لمهاجمة 2 نقطةحصينة إحداها في الجيش الثاني شمال الإسماعيلية, والثانية في قطاع الجيشالثالث ومعروفة باسم نقطة لسان بورتوفيق. وتمت العمليتان بنجاح وتكبدالعدو خسائر فادحة في هذا اليوم. وسنلقى الضوء على عملية لسان بورتوفيقلأن نتيجتها كان لها أثر كبير في مجريات حرب الاستنزاف.
كلف اللواء/عبد القادر حسن قائد الجيشالثالث قوات الصاعقة بالجيش بالإغارة على نقطة العدو في لسان بور توفيق.تم استطلاع النقطة قبل شهر من التنفيذ، وتبين أن قوة العدو الموجودة فيهاتتكون من سرية مشاة مدعمة بفصيلة رشاشات + 4 دبابة باتون. وعند التحضيرللمهمة تنافست كل من الكتيبة 33 و 43 فيمن سيقع عليه الاختيار لتنفيذالعملية. وفى النهاية وقع الاختيار على الكتيبة 43. وتم إنشاء موقع هيكليللتدريب عليه. واستمر التدريب لمدة شهر بمعدل 4 مرات يومياً، واطمأن قائدالمجموعة المقدم/ صالح فضل إلى أن الأفراد قد أصبحوا على دراية كاملةويحفظون عن ظهر قلب ماذا سيدور عند مهاجمة الموقع الإسرائيلي. وتم تحركهمإلى الجبهة قبل يوم من التنفيذ. وتحدد الهجوم في الساعة الخامسة عصر يوم10 يوليو 1969 وتشكلت القوة المهاجمة كالآتي :-مجموعة القيادة والسيطرةبقيادة نقيب/ سيد إسماعيل إمبابى قائد السرية
- فصيلة بقيادة ملازم أول/ رؤوف أبو سعده
- فصيلة بقيادة ملازم أول/ معتز الشرقاوى
- فصيلة بقيادة ملازم أول/ محمد عبد الحميد عبد ربه
- فصيلة بقيادة ملازم أول/ حامد إبراهيم حامد
- جماعة خاصة بقيادة رقيب أول/ حسنى سلامة
وتم دعم القوة المهاجمة بسرية قاذف لهب وسرية مهندسين عسكريين، إضافة إلىتمركز كتيبة مدفعية هاوتزر (ضرب مباشر) بقيادة الرائد/ سامي المصري فيبورتوفيق.
وبدأ العبور في وضح النهار بعدد 14قارب في كل قارب 10 فرد ومن أوسع منطقة في القناة (400 متر) أمام النقطة.وكان لابد وأن يشعر أفراد الموقع بالهجوم، فصعدت إحدى دبابات العدو إلىمصطبة مجهزه في الساتر الترابي وأطلقت قذيفة أصابت موتور أحد القوارب..لكن أكمل أفراده العبور بالمجاديف، وأصيب الجندي/ عبد الحليم رياض محمدبشظية في ذراعه لكنه استمر معهم .. ودخلت القوة الموقع واكتشفت أن هناك 5دبابات قام الرقيب أول/ حسنى سلامة بتدمير 3 منها، وملازم أول/ معتزالشرقاوى ومحمد عبد ربه بتدمير دبابتين وقتل كل من فيهم إلا واحد خرجمستسلماً من الدبابة تم تسليمه إلى أحد القوارب المنتظرة على الشاطئ..ولما شعر الجنود الإسرائيليين أن دباباتهم قد دُمرت دخلوا مسرعين للاختباءفي الملجأ المحصن، كان عبارة عن عربة بضائع من عربات السكة الحديد ومحاطبشكائر رملية. فتم وضع 4 شكائر متفجرات حول العربة لتدمير الملجأ بالكاملوقتل كل من فيه. واستمرت القوة في الموقع 45 دقيقة كاملة تم خلالها زرععلم مصر.
وعادت القوة التي ذهبت 140 فرد إلىالضفة الغربية وقد أصبحت 141 فرد، لكن الجندي البطل/ عبد الحليم رياض الذيظل ينزف طوال مدة العملية، ورغم ذلك استمر في القتال، استشهد فور الوصولإلى الضفة الغربية ومعه الجندي/ سامي زكي مسعد. وعلى الفور ظهر الطيرانالإسرائيلي محاولاً مهاجمة وتدمير كتيبة المدفعية أثناء انسحابها، لكنعناية الله أطاشت قذائفهم فلم تصب الكتيبة بأي خسائر رغم أنها كانت متحركةعلى طريق محدود لا يسمح بأي مناورة. كانت الخسائر الإسرائيلية في هذااليوم أكثر من 40 قتيل علاوة على 5 دبابات مما جعلهم يفكرون بعد هذهالعملية تفكير آخر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:31

20 يوليو 1969 : لابد وأن نقف أمام هذا اليوم بنظرة فاحصةومتأملة.. فجيش إسرائيل الذي لا يقهر مرت عليه شهور وهو يتلقى اللطمات منضباط وجنود مصر الأبطال. وكل ما يستطيع الرد به هو مهاجمة موقع منعزلبصورة دعائية لا تقدم ولا تؤخر في حجم الخسائر التي يتلقاها يوميا، أو قصفمدن القناة.. وفى ثلاث محاولات للعبور إلى الغرب لم يحقق العدو أي نتائجملموسة. وأحدثت أعمال القتال المصرية رد فعل علي الفكر السياسي والعسكريالإسرائيلي وعلى الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي.
أدركت إسرائيل أن القوات المصريةأصبحت تمتلك قوة أكبر في العدد والمعدات، وأن مصر مصممة على القتال، ولنتقنع بأي صلح بالشروط الإسرائيلية. وأكد هذا أن مصر أعلنت في أول مايو علىلسان الرئيس عبد الناصر أن قرار وقف إطلاق النار أصبح غير ساري وأننابدأنا حرب الاستنزاف ضد إسرائيل.
لكل هذه الأسباب ومع ازدياد خسائرإسرائيل، وشعور القيادة العسكرية الإسرائيلية بفشلها في إرغام مصر على وقفحرب الاستنزاف. بدأت إسرائيل تعيد التفكير في أسلوب المواجهة مع مصروتستعرض مختلف طرق الحل الممكنة.
"وبناء على نتائج الدراسات العديدةالتي جرت. اجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي بناء على طلب موشى دايان وزيرالدفاع وأصدر قرار من أخطر القرارات العسكرية. هو إدخال القوات الجويةالإسرائيلية في حرب الاستنزاف بكل إمكانياتها التدميرية. وقد أدى هذاالقرار إلى إحداث تغيرات جذرية في موازين القوى الاستراتيجية على جبهةالقناة. بدأت في صالح إسرائيل ثم تحولت ضدها وأصبحت في صالح مصر بعد مضيحوالي ستة أشهر على بداية الحرب". ولكي نؤكد مدى تأثير الهجمات المصريةسنعرض ما كتب وقيل داخل إسرائيل.
فيقول زيف تشيف المحلل الإسرائيلي في كتابه عن حرب الاستنزاف "الفانتوم فوق النيل" إن عملية لسان بورتوفيق هي التي أنهت الجدل داخل أروقة القيادة الإسرائيلية حول حتمية تدخل الطيران الإسرائيلي في المعركة، ويضيف: لقد كان هذا النجاح هو أبرز ما حققه المصريون وكان سيحفزهم إلى نشاط أكبر، فكان لابد من إيقافهم بسرعة.
وصرح المتحدث العسكري الإسرائيلي فيالصحف وقتها "أمام الضغط الهائل الذي مارسه المصريون في الجبهة، والحياةالتي أصبحت لا تطاق على الضفة الشرقية للقناة أقدمت القيادة الإسرائيليةعلى استخدام الطيران الذي كانت كل الآراء تصر على الاحتفاظ به للمستقبل".
وقد أعلن موشى دايان وقتئذ "أنالهجوم الجوي هو الرد الإسرائيلي على ما أعلنته مصر من حرب استنزاف في شكلضربات المدفعية وأعمال العبور ضد الجبهة الإسرائيلية شرق القناة".
بدأت إسرائيل منذ هذا اليوم استخدامقواتها الجوية بعنف، فقامت طائراتها بالهجوم على القوات في منطقة القناةوعلى مدينة بورسعيد.. ولأن الموقف كان واضحاً أمام القيادة المصرية فلميستغرق الأمر إلا ساعات وصدرت الأوامر بإشراك القوات الجوية المصرية فيحرب الاستنزاف...كان من حسن طالع القوات الجوية المصرية أن يتوالى علىقيادتها أبناء مخلصون يقدرون حجم المسئولية. فقبل شهر من بدء إشراكالطيران المصري في المعركة تغيرت قيادة القوات الجوية وأصبح اللواء طيار/على بغدادي قائداً لها واللواء طيار/ حسنى مبارك رئيساً للأركان. وإن كانتغيير القيادة خاصة بعد فترة قصيرة نسبياً له آثار سلبية إلا أن كل منهمجاء مكملاً لما بدأه السابق.
كانت افتتاحية حرب الاستنزاف في 20يوليو، هي انطلاق تشكيلات القوات الجوية المصرية من قواعد المنصورةوقويسنا وبلبيس وأنشاص بطائرات ميج17 وسوخوى7 (مقاتلات قاذفة)، وفى حمايةتشكيلات من طائرات ميج21 (مقاتلات). وقامت في الساعة 6:30 مساءً بقصفمواقع للعدو ومحطات رادار ومعسكرات ومناطق شئون إدارية للعدو بعمق 35 كيلومتر في داخل سيناء.
وكان دور السرب 62 مقاتلات قاذفة الذيشرفت بقيادته في هذه المهمة، هو قصف ومهاجمة موقع صواريخ هوك أرض/جو فيمنطقة رمانة على المحور الشمالي، إضافة إلى موقع أخر. وكنت صاحب أولمواجهة بين الطائرة ميج17 والصاروخ الذي يهدد طائرات القوات الجويةالمصرية.. وبفضل التدريب المستمر وثقتنا في أننا نستطيع أن نواجه إسرائيلتمكنا من تدمير الموقع، (تكرر الهجوم على هذا الموقع أكثر من خمسة عشر مرةطوال حرب الاستنزاف) وكانت نتائج الهجمة الأولي رائعة فتم تدمير الأهدافبنسبة 70 –80 % وتم إسقاط 2 طائره ميراج واستشهد لنا طيار. وتكررت الهجماتطوال عام كامل، واستشهد من السرب خلال فترة الحرب كل من ملازم طيار/ أحمدالسبروت، طلال سعد الله، ومحمود حمدي.
وكانت الهجمة الأولى مؤشراً على أن ما دفعته القوات الجوية من ثمن خلال العامين السابقين في التدريب والتجهيز قد آتى ثماره أخيراً (فقدت القوات الجوية المصرية 54 طيار في التدريب والمعارك على مدى الفترة السابقة)..وأصبح الطيار المصري الذي تحمل كثيرا بعد يونيو 67 على كفاءة وثقة بالنفستمكنه من التصدي للعدو الإسرائيلي. رغم التفوق العددي والنوعي الذي يتمتعبه الطيران الإسرائيلي. ولكي يتضح الأمر أمام القارئ لابد من وقفه لبيانالفارق الشاسع بين القوات الجوية المصرية والإسرائيلية. وسنركز علىالحمولة والمدى فقط لعدد ثلاث طائرات من كل جانب لبيان هذا الفارق. وبنظرهبسيطة على الجدول التالي نجد أن طائرة واحدة فانتوم تلقى حموله أكبر قدرا من حمولة 4 طائرات ميج 17 أو 4 طائرات سوخوى7
جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Gond_3_2


وبنظرة على هذه المقارنة نجد أن التفوقفي المدى والتسليح لصالح إسرائيل بما يوازي الضعف تقريباً. وكان هذا يعنيأن الطائرات المصرية لا تستطيع قصف أهداف في العمق الإسرائيلي كما وأنهافي الاشتباكات الجوية لا تستطيع البقاء في الجو مثل الطائرات الإسرائيلية.كما أن تجهيز طائرة واحدة يوفر كثيرا عن تجهيز 4 طائرات في الوقت وفي عددالفنيين وفي عدد المعدات.
لكن هذا التفوق لم ينل من أبناء القواتالجوية. فوضع اللواء طيار/ حسنى مبارك رئيس الأركان وكان مسئولاً عن إدارةالعمليات، خطة تتناسب مع الإمكانيات المتاحة مع المناورة في التخطيط طوالعام كامل بناء على المواقف المستجدة والدروس المستفادة. فحققت القواتالجوية المصرية نجاحاً باهراً بكافة المقاييس رغم خسائرها الغير قليلة.
كانت الخطة تقوم على قصف وتدمير العدووأهدافه في عمق سيناء (حتى 35كم) بواسطة تشكيلات المقاتلات القاذفة، وتحتحماية مباشرة من المقاتلات، التي كانت ترافق المقاتلات القاذفة حتى مواقعالعدو، وأذكر هنا أنه في أحد غارات المقاتلات القاذفة بقيادة الرائدطيار/سمير فريد على موقع صواريخ هوك، صدرت الأوامر من مركز العمليات أنتتراجع المقاتلات إلي غرب القناة، لكن قائد تشكيل الحماية( طائرات الميج21 ) الرائد طيار/مجدي كمال رد على مركز العمليات
- أنا منتظر فوق الموقع لغاية الميج 17 ما يخلص الهجوم .
كان تخطيط الهجمات والحماية لها يختلف في كل مره حتى لا يكتشف العدوالتكتيك المصري، الذي أصبح يستند على خبرة مصرية. كان عامل التوقيت حاسماًفي تنفيذ هذه المهام وكذا ارتفاع الطيران في الذهاب إلى الأهداف (ارتفاع30 متر). حتى لا يكتشف العدو الإسرائيلي طائراتنا إلا عند عبورها قناةالسويس. وبهذا التكتيك تتمكن المقاتلات القاذفة من مهاجمة الأهداف . وفيأثناء عودتها تلاحقها الطائرات الإسرائيلية، لكن وعلى الفور تظهرالمقاتلات المصرية جاهزة للاشتباك مع الطائرات الإسرائيلية. فكان العدومجبراً على أن تتم الاشتباكات الجوية غرب القناة.
وسنعرض مثال لذلك ما كانت تقوم به أسراب قاعدة المنصورة (ميج17 ، ميج21)والتي كانت مكلفة بمهاجمة العدو الإسرائيلي في المحور الشمالي (طريقالقنطرة - العريش).
- تقوم تشكيلات المقاتلات القاذفة بالطيران إلى موقع صواريخ هوك أرض/جوالمتمركز في رمانة على المحور الشمالي على ارتفاع 30 متر يتبعها بدقائقتشكيلات الحماية.
- تعبر تشكيلات الميج17 قناة السويس مثلا الساعة 11:00 وهنا يتم الإبلاغ عنها لمراكز القيادة الإسرائيلية.
- تصل تشكيلات الميج17 إلى الهدف الساعة 11:03 ثم تقوم بقصف الموقع 2-3 هجمة وتغادر الموقع الساعة 11:06.
- تغادر التشكيلات الموقع الإسرائيلي وتأخذ طريق العودة على ارتفاع 30 متر وتعبر غرب القناة الساعة 11:09.
وبهذا فإن طائراتنا المهاجمة تبقي 9 دقائق فوق سيناء حتى العودة إلى غربالقناة. ولما كان الإبلاغ عن الطائرات المصرية يستغرق 3 دقيقة، ثم تنطلقطائرات الميراج الإسرائيلية من قاعدة المليز وسط سيناء خلال 3 دقيقة.. ثمتحتاج إلى 3-4 دقيقة حتى تصل قناة السويس فيكون الوقت الذي تحتاجهالطائرات الإسرائيلية 9-10 دقيقة. وعلى هذا كانت الميراج الإسرائيلية تصلإلى قناة السويس وقد عبرت تشكيلات الميج17 إلى غرب القناة .. وهنـا تتصدىلهـا تشكيلات الحماية (ميج21) ولا يكون أمامها إلا أن تشتبك مع مقاتلاتناأو تعود إلى قواعدها، وهو ما كان يحدث غالباً حيث أن المقاتلاتالإسرائيلية تفضل دائماً أن يكون الاشتباك مدبر ومخطط له.
وكان التخطيط المصري هو استثمار تدميرموقع صواريخ الهوك أرض/جو في رمانة لأنه كان يغطى المنطقة من القنطرة وحتىبورسعيد وبعمق حتى مدينة العريش.. فيتم مهاجمته وتدميره قبل الغروب. ولأنإعادة تشغيله تحتاج إلى 12 ساعة على الأقل فكان يتم دفع طائرات القاذفاتأو الهليكوبتر ليلاً لمهاجمة مواقع إسرائيلية على الساحل الشمالي وحتىمدينة العريش. في 28/9/1969 تم دفع 2 طائرة هليكوبتر(مى8) ليلاً بقيادة كلمن مقدم طيار/ جلال النادي والنقيب طيار/ سمير عبد السلام لمهاجمة معسكرإسرائيلي في منطقة مصفق عند بحيرة البردويل. وتم القصف بالصواريخوالبراميل الحارقة (كان هذا تعديل مصري لتسليح الطائرة) وتم تدمير كاملللمعسكر وأفادت وسائل استطلاع بأن الخسائر كانت عالية. وتكررت هذه الطلعاتأكثر من مرة .. إلا أن الطيران الإسرائيلي تمكن من مطاردة 2 طائرة قاذفهاليوشن28 كانت تقصف منطقة العريش ليلا ، وأثناء العودة نجح في إسقاطهما،واستشهد رائد طيار/ محمد عبد الجواد وتمكن الرائد طيار/ أنيس خضير منالقفز بالمظلة ووصل إلى الشاطئ بعد أن قضى 20 ساعة في البحر.
جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Gond_3_1وتحملطياري المقاتلات عبئا كبيرا طوال حرب الاستنزاف، فكان عليهم أن يقوموابحماية هجمات المقاتلات القاذفة، وطائرات الاستطلاع أثناء تنفيذ مهامهافوق أرض العدو. بالإضافة إلى التصدي لطائرات العدو. ورغم إن المجهودالمطلوب كان شاقا، لكن طياري المقاتلات بروحهم العالية جعلتهم يتسابقونلتنفيذ المهام دون كلل.
وسنروى مثال يوضح ما نقول تكرر كثيرا.أثناء الحرب، مجموعة من الطيارين في قاعدة غرب القاهرة لتلقى تدريب علىطائره ميج 21 طراز مختلف عما كانوا عليه. وفى 25 يونيو70 وأثناء إحدىالمحاضرات انطلقت إشارة باختراق طائرات للجبهة. يعتبر الطيارون في وضعحالة الاستعداد الثالثة( إقلاع في 15 دقيقه)، وفورا انطلق نقيب طيار/تميمفهمي والملازم أول/نبيل فؤاد بالعربة إلى أول الممر حيث طائرات حالاتالاستعداد، وأقلع التشكيل إلي الجو بعد9 دقائق فقط. وبدأ توجيه التشكيلإلى منطقة العين السخنه نحو طائرات العدو، واشتبك التشكيل وأسقط طائرهميراج للعدو. ومن المفارقات أن يتكرر نفس السيناريو يوم 2 يوليو، بنفسالطريقة، وبنفس الطيارين، ونفس المنطقة، لكن ينجح العدو في هذه المرةويسقط الطائرتان ويقفزا كلاهما بالمظلة.

كان مكسب القوات الجوية من هذه الهجمات هائلا، فعلاوة على تدمير مواقعالعدو وتكبيده خسائر في الأفراد والمعدات ، أصبح الطيارون المصريونيتعاملون مع العدو الإسرائيلي دون هيبة أو خوف . في أحد الغارات انحرفالنقيب طيار / حمدي عقل عن موقع العدو المخصص له بسبب عطل في البوصلةالملاحية. وأبلغ قائد السرب الذي رد عليه فورا بأن يختار هدف أخر ويهاجمه. فمن غير المقبول أن تعود الطائرات دون مهاجمة العدو. فتوغل بالتشكيلشرقا حتى وجد معسكرا قام بمهاجمته 5 هجمات (المعدل 2 هجمة) حتى نفذت منهالذخيرة دون أي تدخل من العدو.
ولما وجد العدو أنه لا ينال منطائراتنا رغم تفوقه في الكم والنوع، فقد لجأ إلى إجبارنا على الدخول فيمعارك جوية مدبرة. كان يقوم بدفع طائراته للاختراق في منطقة العين السخنة،فتندفع مقاتلاتنا (ميج21) للاشتباك معه فيقوم بالمناورة معها حتى تستهلكالوقود، وتصبح مضطرة للخروج من الاشتباك، وهنا يقوم بدفع تشكيل جديد يطاردمقاتلاتنا المنسحبة من الاشتباك. وقد نجح العدو في هذا الأسلوب وأسقط عددغير قليل من طائراتنا. إضافة إلى أن من كان يقفز بالمظلة يتعرض لأخطارجسيمة لصعوبة المنطقة وطبيعتها الوعرة. فقد استشهد نقيب طيار/ أحمد نورالدين لأن وسائل البحث والإنقاذ وصلت إليه بعد فوات الأوان فعُثر علىجثمانه وبجواره شواهد تؤكد أنه هبط سالماً بالمظلة. لكن وفى أحد هذهالمعارك بتاريخ 9ديسمبراستطاع نقيب طيار/ أحمد عاطف عبد الحي بطائرتهالميج21 إسقاط أول طائرة فانتوم إسرائيلية. وبهذا سقطت الهالة التي حاولتإسرائيل صنعها حول هذه الطائرة.
كما استطاعت القوات الجوية المصرية رغمإمكانياتها المحدودة كما ونوعاً عن نظيرتها الإسرائيلية، أن توجه ضرباتموجعة إلى العدو بأسلوب آخر.. فبتنسيق للجهود والتخطيط الجيد بين اللواءطيار/ حسنى مبارك واللواء/ محمد صادق مدير المخابرات يتم دفع طائرةهليكوبتر ليلاً محملة بأفراد من المجموعة 39 قتال إلى الشاطئ الشرقي لخليجالسويس. وتهبط الطائرة بعيداً عن الهدف بمسافة آمنة، ثم يقوم أفرادالمجموعة بزرع الألغام على الطرق أو مهاجمة الأهداف، ثم وبسرعة يتمالتقاطهم وعودتهم بالطائرة. وفى مرات أخرى كانت الطائرة الهليكوبتر تقومبقصف الموقع بالصواريخ والقنابل الحارقة ونجحت هذه الطلعات أكثر من مرة.
كانت فرحـة ولا شـك أن تقف القواتالجوية المصرية بعد ما نالها في عام 67، أمام العدو لمدة عام كامل تشتبكمعه وتقاتل وتوقع به الخسائر. لكن لا ننسى أن الثمن كان شهداء في عمرالزهور. وأرواح ودماء بُذلت عن حب وإيمـان في سبيـل هذا الوطـن. فكماأوقعنا بهم خسائر كانت لنا خسائر مثال يـوم 11/9/1969. في الصباح قامت 32طائرة مقاتلة قاذفة (ميج17 ، سوخوى7) بمهاجمة مواقع العدو شرق القناة،ولأن الضربة كانت موجعة فقد ردت إسرائيل بعنف وظلت الاشتباكات الجوية معقاعدة المنصورة مستمرة حتى الثامنة مساء.. وفى هذا اليوم استشهد 2 طيار منالمقاتلات القاذفة فوق المواقع الإسرائيلية، وقفز 7 طيارين بالمظلات نتيجةالاشتباكات الجوية في مقابل نجاح ملازم أول طيار/مصطفى جامع في إسقاططائرة ميراج فوق مدينة السنبلاوين وأسر الطيار الإسرائيلي.
وقبل ختام هذا الجزء من الحديث عنالقوات الجوية المصرية ودورها في حرب الاستنزاف. هناك أمور لابد من ذكرهالما لها من دلالات لن تغيب عن فطنة القارئ. وقد كنت مشاركاً في إحداثهابحكم موقعي كقائد سرب مقاتلات قاذفة (ميج17) في قاعدة المنصورة الجوية.كان أسلوب استخدام القوات الجوية طوال حرب الاستنزاف ناجحاً بصورة ملموسةإلا من بعض مرات قليلة خاصة على المحور الشمالي الذي كان ناجحاً بصورةأكبر من المحور الأوسط والجنوبي.
في 25/7/1970 تـم تكليفـي كقائد سرببالاستعداد لمهاجمة مواقع للعدو شرق القناة بواسطة 2رف (8 طائرة) ميج17،على أن يتم حمايتها بطائرات ميج21 سوفيتية يقودها طيارون سوفيت. وتمالتنسيق مع قوة الحماية لمدة يومان وتحت إشراف 3 جنرالات سوفيت متواجدينفي القاعدة. كان التنسيق هو أن تهاجم الطائرات المصرية مواقع العدوكالمعتاد، فتقوم الطائرات الإسرائيلية بمطاردتها حتى غرب القناة. وهنايقوم الطيارون السوفيت بالاشتباك والقتال مع الطائرات الإسرائيلية. ولمنكن ندرى ما هو السر في طلب السوفيت الاشتراك في القتال الفعلي في هذاالتوقيت ؟ وكان الشرط أن يتم القتال والاشتباك غرب القناة، وأن الطائراتالسوفيتية لن تعبر شرق القناة تحسباً لأن يقفز أحدهم بالمظلة أسيراً لدىإسرائيل فتتعقد الأمور بالنسبة للاتحاد السوفيتي.
فى الواحدة ظهراً يوم 27/7/1970 قام تشكيل (8طائرة) ميج17بمهاجمة مواقع العدو، وعاد إلى غرب القناة دون أن يتبعه الطيرانالإسرائيلي. ولم يتم الاشتباك المطلوب. فتقرر تكرار الطلعة في السادسةمساءً. فقام تشكيل (4 طائرة) وتشكيل آخر (4طائره) بمهاجمة موقعين للعدوعند الكيلو 10 والتينة. لكن التقطت إسرائيل إشارات لاسلكية سوفيتية قبلوصول طائراتنا إلى أهدافها، فانطلقت طائرات الميراج الإسرائيلية مبكراً.فما أن أتمت تشكيلاتنا المصرية هجومها واتجهت غرب القناة إلا ووجدتالميراج الإسرائيلية خلفها، وأبلغ الطيارون المصريون باللاسلكي أن العدويطاردهم. وظهر على الرادار موقع المطاردة وموقع الطائرات الإسرائيلية، كلهذا ولم تتدخل طائرات الحماية السوفيتية. فما كان من قائد التشكيل الأولإلا أن ناور وأفلت بتشكيله وعاد إلى القاعدة سالما، لكن التشكيل الآخربقيادة نقيب طيار/ ماهر قاسم لحقت به الميراج واشتبك معها بتشكيله (الميج17) فأصاب طائرة إسرائيلية وسقطت طائرتان لنا قفزا طياراها بالمظلة.
ورغم أن الاشتباك وقع غرب القناة كما هو مطلوب، ورغم وجود 12 طائرة ميج21سوفيتية في منطقة الاشتباك، ورغم أن اثنان من الطيارين السوفيت أفادابأنهما شاهدا الطائرات الإسرائيلية، لكن لا ندرى سبب عدم دخول المقاتلاتالسوفيتية في الاشتباك، الذي كاد أن يكبدنا خسارة فادحة..! وبعد نصف ساعةحضر اللواء طيار/ حسنى مبارك لمناقشة وتحليل ما حدث في حضور الطيارينالمصريين والسوفيت. وانتهى الأمر بأن التنسيق لم يكن بالقدر الكافي وألقىالفشل كله على التنسيق. وحاول أحد الجنرالات السوفيت إقناع الحاضرين بهذاالعذر لكن لم يقتنع أحد.
وبعد 7 أيام من هذه الواقعة فى 3 أغسطس 1970 استطاعت الطائرات الإسرائيلية استدراجتشكيل سوفيتي مكون من 4 رف (16 طائرة) ميج21 منطلقا من قاعدة بني سويفالجوية إلى كمين في منطقة العين السخنة، وأسقطت منه 5 طائرات في دقيقتينعلاوة على طائره سادسه هبطت بإصابات بالغة، وعادت الطائراتالإسرائيلية دون خسائر. علماً بأن الخبراء السوفيت هم الذين أداروا هذاالاشتباك من بدايته إلى نهايته دون تدخل أي عنصر مصري من قريب أو بعيد.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:32

المجهود الجوي للجانبين خلال حرب الاستنزاف

20 يوليو 1969 – 8 أغسطس 1970

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Gond_3_3

يوضح الجدول إجمالي المجهود الجوي للجانبين (مجهود القصف والاستطلاع والحماية فوق ارض العدو)

"الخسائر الجوية المصرية والإسرائيلية 20 يوليو 69 - 8 أغسطس 1970"

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Gond_3_4

(*) عذراً أيها القارئ إذا وجدت تضارب واختلاف في أرقام الخسائر المصريةوالإسرائيلية من القتلى والجرحى، والمعدات والطائرات مع أي مراجع أخري.فكل هذه الأرقام مستقاة من وثائق وجهات رسمية. لكن هذا هو المتاح أمام أيباحث.

وقد قامت القوات الجوية المصرية على مدار فترة يوليو 69 - أغسطس 1970
1- 1991 طلعة للمقاتلات شملت صد هجمات العدو الجوية وحماية تشكيلات المقاتلات القاذفة وطائرات الاستطلاع.
2- 470 طلعة للمقاتلات القاذفة لقصف أهداف العدو في سيناء وخط بارليف.

موقف القوات الجوية المصرية والإسرائيلية في بداية حرب الاستنزاف

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Gond_3_5


لا تشمل هذه القوة طائرات النقل والهليكوبتر والتدريب

وبنظرة محايدة على تلك الجداول والمقارنات نجد أن :
1- إجمالي المجهود الجوى الإسرائيلي 4 أضعاف المجهود الجوى المصري
2- أوزان القنابل المسقطة بالطن من جانب إسرائيل70 ضعف المسقطة من جانب مصر
3- خسائر الطائرات الإسرائيلية 85 % مقارنة بخسائر الطائرات في الجانب المصري..
وللوهلة الأولى لمن يقرأ هذه الأرقام يقول إن إسرائيل قد دمرت جبهة قناةالسويس بالكامل، أو الجزء الأكبر منها في أسوأ الأحوال، لكن الواقع يثبتعكس ذلك تماما. وقد ذكرنا في تقرير الفريق أول/ فوزي الذي قدمه للرئيس عبدالناصر إن عدد الشهداء المصريين عدة مئات ومثلهم من الجرحى. وهذا يثبت إنتأثير الطيران الإسرائيلي على مجريات حرب الاستنزاف لم يكن بالقدر الذيتوقعته إسرائيل.. فكيف تسقط طائرات العدو21 ألف طن قنابل وتكون الخسائرالمصرية أقل من ألف قتيل فقط ؟! فلو إن كل طن قنابل قتل جندي أو ضابط مصريلكان عدد القتلى المصريين 21 ألف قتيل.
لكن هذه النتائج لم تتحقق لأن التجهيز الهندسي للقوات، واستخدام الأرضوالإخفاء كان من أهم العوامل التى وفرت لها الحماية. فالقنبلة الإسرائيليةكانت تسقط فينتج عنها حفرة 10×15(متوسط 80 قنبلة يوميا)، لكن الجنديالمصري لحظة القصف يكون محتمياً في حفرة برميليه والقيادات في الملاجئوالدشم. ولم يتوقف العمل اليومي طوال فترة الحرب إلا مرات محدودة. كما إنأغلب القصف الإسرائيلي كان بالقنابل ومن ارتفاع عالي لتجنب المدفعية م/طفكان القصف غير دقيق .
وفى الجانب الآخر كان الطيران المصريرغم حجمه وإمكاناته المحدودة، يحقق تأثيرا كبيرا من هجماته. حيث كان القصفبالصواريخ أساسا لتدمير الهدف والقنابل لتعظيم الخسائر ومن ارتفاع منخفض،وحقق هذا نتائج كبيره في تدمير أهدافالعدوٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ. وفى القتال الجوى كانت الخسائرتقريبا متساوية، وهو ما يحسب للقوات الجوية المصرية قيادة وطيارين وفنيينوموجهين. ويشارك في هذا النجاح قوات الدفاع الجوى المصري. فبنظرة على حجمالقوات الجوية وعدد الطائرات لدى كل منهم، نجد إن الفرق كبير بين 196طائره لدى مصر تواجه 262 طائره لدى إسرائيل، مع الوضع في الاعتبار أن 20طائره تى يوـ16 لم تكن تشارك في القتال لأنها قاذفة قنابل ثقيلة لا يتناسبعملها مع حرب الاستنزاف. كما لا ننسى الفارق الهائل في إمكانات الطائراتالإسرائيلية عن الطائرات المصرية
ورغم كل هذه العوامل السابقة، فقداستطاعت مصر بأبنائها في القوات الجوية القيام بعدد (7200 ) سبعة آلافومائتان طلعه جوية على مدار حرب الاستنزاف. وما يجب أن نتوقف أمامه هو إنهذه القوات التي أدت هذا العمل الرائع، كانت قبل أشهر معدودة مجرد مجموعهمن الطيارين مبعثره في مطارات شبه مدمره, لديها بعض عشرات من الطائرات.وإن كان هناك فضل في هذا فهو للقادة الذين توالوا على قيادة القواتالجوية، الفريق طيار/مدكور أبو العز واللواء طيار/مصطفي الحناوي واللواءطيار/علي بغدادي واللواء طيار/حسنى مبارك.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:33

السياسة الأمريكية فى خدمة إسرائيل :
بينما الهجمات المصرية والإسرائيلية متبادلة بالمدفعيات والصواريخوالطائرات، كانت الجهود السياسية والدبلوماسية تلعب دورها في خلفية مشهدالقتال الذي كان متواصلاً لأكثر من عام. صدر القرار242 من مجلس الأمن،وتعين السفير جونار يارنج مندوباً من الأمم المتحدة لتنفيذ هذا القرار.واستمر طوال عام ونصف تقريباً وهو يقطع آلاف الأميال بين مصر وإسرائيلونيويورك دون نتيجة أو بارقة أمل في نجاح محتمل.
كان التنسيق الإسرائيلي- الأمريكيمحكما،ً فاصبح يارنج وكأنه يدور حول نفسه. إسرائيل متمسكة بأن القرار لايقول بالانسحاب من كل الأراضي، وأن الحدود الآمنة لإسرائيل ليست هي حدود 4يونيو، والتفاوض لابد وأن يكون مباشراً مع مصر. وأمريكا ألقت بكل ثقلهالكي يستمر احتلال اسرائيل للأراضي العربية. أما الاتحاد السوفيتي الذي هوحليف لمصر فلم يكن متحمساً للمطالب العربية بتحرير كل الأراضي المحتلة،وإن كان يردد ويقول بأن من حق أصدقاؤه العرب أن تعود إليهم الأرض المحتلة.
وبالتوازي مع مهمة يارنج كانت هناكمباحثات أمريكية - سوفيتية للوصول إلى حل لمشكلة الشرق الأوسط. كانتأمريكا فيها تعرض وتتبنى مطالب إسرائيل مستغلة في ذلك التردد الذي كانتعليها القيادة السوفيتية. وعلى التوازي أيضاً بدأت مباحثات بين الدولالأربع الكبرى (أمريكا - روسيا - فرنسا - إنجلترا) لإنقاذ مهمة يارنج منالفشل الذي يلوح، والتي قال عنها كيسنجر "لقد انقضي عام وربع العام على تجوال السفير يارنج ولم يحقق شيئاً.إن عربته غائصة في الوحل ولن تتحرك بقوتها الذاتية". وكان الموقف العربي على المستوى السياسي باهتاً وضعيفاً، إلا من بصيص أمل هو حرب الاستنزاف التي تخوضها مصر بعزم وثبات.
وتصديقاً لما سبق نقرأ في مذكرات إسحاقرابين سفير إسرائيل في الولايات المتحدة بعد يونيو67، وسنكتفي بالقليل منالقراءة الذي يكشف الكثير.. يقول "عاد نيكسون من أوروبا بعد أن أجرىمحادثات مع الدول الحليفة للولايات المتحدة. وبصفته معجباً جداً بالرئيسديجول تساءلت : هل ينتظرنا خطر بسبب تأثر مواقفه من مواقف الرئيس الفرنسي ؟
فطمأنني كيسنجر قائلاً : إن الرئيس لم يطلع الزعماء في أوروبا على خططأمريكية لحل أزمة الشرق الأوسط ولكنه قال لديجول وغيره : إن الولاياتالمتحدة تعارض الحل المفروض، ومتمسكة بالتزاماتها لحماية أمن إسرائيل.
وابتسم كيسنجر عندما قال : إن الرئيس ديجول شرح للرئيس نيكسون بأنجميع مواقف فرنسا في الشرق الأوسط لا يقصد بها سوى 00 جلب الخير علىإسرائيل".
ولنرى ما وصلت إليه السياسة الأمريكيةفي تبنى موقف اسرائيل ومحاولة فرضه على مصر بكل الطرق.. يقول رابين "وفى15 يناير 1969 تنفست الصعداء، فقد سلم راسك (وزير الخارجية الأمريكي) إلىتشارينكوف المفوض السوفيتي فى واشنطن رسالة هامة جداً جاء فيها : إنه يمكنالتوصل إلى سلام فقط عن طريق التفاوض بين الأطراف في الشرق الأوسط (يعنيبالأطراف مصر وإسرائيل) ويجب على الأطراف أن يتفاوضوا، ويمكن أن يفعلواذلك تحت إشراف طرف ثالث.
يجب أن توقع الأطراف معاهدة يلتزم بها كل طرف نحو الآخر.
لا يوجد التزام لانسحاب إسرائيلي شامل.
إذن لقد قبلت الولايات المتحدة في هذه المرحلة بجوهر المواقف الإسرائيلية،وعلى الرغم من أنها لم تحدد بدقة ماهية السلام، ولم تفصّـل عناصرهالحقيقية فإنها لم تبق أدنى شك حول ضرورة الانتقال من حالة وقف إطلاقالنار إلى حالة السلام".
بهذا الاعتراف الصريح ومن رابين، نجد أن مهمة يارنج ما كانت إلا مضيعةللوقت، وأن الدور الأمريكي ضد مصر مازال مستمراً منذ 1967. ولهذا لم يعولالرئيس عبد الناصر كثيراً على الجهود الدبلوماسية، بل كان مدركاً الدورالأمريكي وكذا الدور السوفيتي، وإنما تماشى معها لكسب الوقت فقط حتى تجهزالقوات المسلحة للمعركة الحاسمة.
العين بالعين .. والقصف بالقصف :لم تهتز مصر أو تفقد تركيزها بإشراك الطيران الإسرائيلي في حرب الاستنزاف.بل تصاعدت وتيرة العمليات المتبادلة.. فقامت القوات المصرية في ليلة 10/11أغسطس 1969 بمهاجمة النقط القوية الإسرائيلية في الدفرزوار والفردان فيوقت واحد. وجاء الرد الإسرائيلي بالإغارة ليلة 27/28 أغسطس على معسكرمنقباد في منطقة أسيوط، متسللاً من منطقة البحر الأحمر بطائرات هليكوبترحتى قرب المعسكر وقامت بإنزال بعض مدفعيات الهاون التي قصفت المعسكروأحدثت به بعض الخسائر.
لكن في يوم 9/9/1969 قام العدوالإسرائيلي بغارة كبيرة على منطقة الزعفرانة جنوب السويس بعيداً عنالاشتباكات الدائرة في جبهة القناة.. قامت الضفادع الإسرائيلية بإغراق 2لنش طوربيد متمركزان في مرسى السادات لتأمين عملية إبرار بحري، ثم قامتبإنزال سرية دبابات (10 دبابة) مدعمة بوحدة من المشاة الميكانيكي علىالشاطئ الغربي لخليج السويس. ثم زحفت هذه القوة براً في اتجاه الزعفرانةفلم تجد إلا نقطة حرس الحدود (5 فرد) استشهدوا جميعاً. ثم قامت بتدميرموقع رادار مصري.
كانت إسرائيل تبغي دعاية إعلامية علىمستوى ضخم من هذه الغارة، فتعين الجنرال إبراهام آدان قائداً لهذه الغارة.واصطحب معه كاميرات ومصورين قاموا بالتقاط فيلم دعائي أطلق عليه اسم "غزومصر" وتم عرضه في وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية مرات متلاحقة بصورةمثيرة . وقد استمرت قوة الإغارة 6 ساعات على الشاطئ الغربي تحت حمايةكثيفة من الطيران الإسرائيلي ثم انسحبت.
سمع الرئيس عبد الناصر بخبر الإغارة فيالعاشرة صباحاً وكان يتابع مناورة تدريبية لفرقة مدرعة وبصحبته الفريقأول/ فوزي، فكان طبيعياً أن يقطع برنامجه ويعود إلى القاهرة وهو في أشدحالات الضيق. وطلب توجه رئيس الأركان فورا إلى منطقة الزعفرانة للوقوف علىما حدث في الإغارة، وموافاة الرئيس بالموقف . وفى الثانية ظهرا اتضح أناللواء/ أحمد إسماعيل يتابع الموقف من مكتبه في القاهرة، لهذا وللتقصيرالواضح في الدفاع عن المنطقة قام الرئيس عبد الناصر بإعفاء اللواء/ أحمدإسماعيل من منصبه وتعين اللواء/ محمد صادق رئيساً للأركان وإعفاء اللواءبحري/ فؤاد ذكري قائد القوات البحرية وتولي بدلاً منه اللواء بحري/ محمودفهمي.
وكان طبيعياً أن ترد مصر على عمليةالزعفرانة بعملية مماثلة. حتى تعي إسرائيل أن مصر لا تفزع أو تروع من هذهالعمليات. وأن الحرب سجال وجيش إسرائيل الذي لا يقهر كما يقولون، يمكن أنيتلقى ضربة تلو ضربة من القوات المصرية. فقامت في 1/10/1969 قوة منالمجموعة 39 قتال محمولة بطائرات هليكوبتر، ومجموعة أخرى محمولة في زوارقبحرية، بالنزول والإبرار على الشاطئ الشرقي لخليج السويس في منطقة رأسملعب. وتقدمت المجموعتان على الطريق الساحلي حتى رأس مطارمه حيث قامتالمجموعتان بنسف الطريق وزرع 14 لغماً نتج عنها تدمير 3 عربة مدرعة ودبابةوجرح وقتل 10 أفراد ، وعادت القوة سالمة دون أي تدخل من قوات العدو.
وتكررت الهجمات المصرية على نقاط العدوفي جبهة قناة السويس طوال شهري أكتوبر ونوفمبر، في 16 نوفمبر 1969 كانتإحدى عمليات الكتيبة 43 صاعقة بهدف خطف أسير. وتم التدريب على التفجيربعبوات خاصة حتى يتبقى أفراد من الدورية الإسرائيلية أحياء يمكن أسرهم.وقام المقدم/ صالح فضل قائد مجموعة الصاعقة بتمثيل دور عربة العدو بنفسهحتى يتأكد من دقة تنفيذ العملية. ولما تم التفجير في التدريب تعرض المقدم/صالح لبعض الإصابات، لكنه اطمأن إلى حسن إعداد وتجهيز العملية. وفى موعدالتنفيذ عبرت قوة هجوم مكونة من عشرة أفراد بقيادة ملازم أول/ معتزالشرقاوى، وقوة ساترة من عشرة أفراد بقيادة نقيب/ حمدي الشوربجى.. تمالعبور في الثانية صباحاً ووصل أفراد الصاعقة إلى موقع الكمين واتخذواأماكنهم. وكان أهم ما يشغل بال الجميع هو الإخفاء والتمويه حتى لا يكتشفالعدو مكان الكمين. وفى الصباح مرت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية التي كانتتمسح الجبهة ولم تكتشف الكمين وفى الساعة 12 ظهراً ظهرت عربة جيب أمامالكمين وتم التفجير، واندفع أفراد الكمين نحو العربة فوجدوا الأربعة ركابفي العربة قد قتلوا. واتضح من التفتيش أن هذه العربة كان فيها جنرالجافيتش قائد قطاع جنوب سيناء ومعه السائق واثنان من الحرس، وتم إحضارمحفظته وشنطة وثائق علاوة على رتبته العسكرية وعادت القوة كلها سالمة.
وفى المقابل كرر العدو هجماته علىالأهداف المنعزلة في منطقة البحر الأحمر. فهاجم فنار أبو الدرج ومنطقة رأسشقير. كان العدو الإسرائيلي يهدف من تلك الهجمات إجبار مصر على نشر قواتكبيرة جنوب السويس، حتى يخف الضغط عليه في جبهة القناة. ونجح في إسقاط 2طائره ميج21 وهى تهبط بمطار الغردقة بعد طلعة تدريب.
وجاءت نهاية عام 1969 حافلة بالنتائجوبأسلوب الأداء الراقي للقوات التي تشترك في الهجوم على العدو. فما أنصدرت أوامر قائد الجيش الثاني اللواء/ عبد المنعم خليل إلى الفرقة الثانيةالمشاة بالتخطيط والتجهيز لعملية عبور أكبر من الدوريات، حتى تسابقتالوحدات تتنافس على من سيقوم بالتنفيذ.
وفى 6 ديسمبر مساءً عبرت سرية مشاة مدعمة القناة (أكثر من 100 ضابط وفرد)وقامت بالهجوم على النقطة القوية جنوب البلاح. وكانت إسرائيل تقوم بسحبمعظم أفراد النقطة لحمايتهم من الهجمات المصرية وتكتفي بعناصر الحراسةوالمراقبة فقط، الذين فروا هاربين بمجرد أن اكتشفوا عبور القوة المصريةإليهم. وقامت القوة باحتلال النقطة وقام أفراد القوة برفع علم مصر لأولمرة على أرض سيناء.
وفى الصبـاح اندفع العدو بقواته،محاولاً استرداد النقطة ومعتقداً أنها إحدى الدوريـات. لكن السرية قامتبصد الهجوم بكفاءة عالية، مما جعل العدو يتراجع وينتظر. وفى الظهيرة اتصلقائد الجيش الثاني طالباً من الفريق أول/ فوزي أن تستمر القوة هناك، حيثأنها مدعمة بالنيران من الضفة الغربية. لكنه رفض هذا الطلب وأمر بعودةالسرية إلى الغرب بعد أن حققت مهامها باقتدار. وتم تنفيذ الانسحاب في مساء7ديسمبر، لكن العلم المصري ظل مرفوعاً حتى وقف إطلاق النار في أغسطس 1970.حيث كانت تحميه نيران قواتنا من الضفة الغربية. حقاً أنهم جند من السماء.
واختتم العام 1969 بعملية رائعة، فقددفع اللواء 117 مشاة مجموعة من 2 ضابط + 3 فرد عبروا قبل فجر 14 ديسمبرإلى الضفة الشرقية. وقاموا برص 4 لغم على الطريق وحفروا حفرا شخصيةاختبئوا فيها طوال نهار 14 ديسمبر حتى الساعة الخامسة مساءً. حين مرت عربةمدرعة انفجر فيها أحد الألغام وقتل ثلاثة أفراد وتم أسر أول ضابط إسرائيلييدعي "دان افيدان" الذي ظل يصرخ مردداً طوال طريق العودة "أنا ما ليش دعوةبالحرب أنا ضابط إداري".
وفى ليلة 23/24 ديسمبر هبطت 2 طائرههليكوبتر بجوار محطة رادار في منطقة على شاطئ خليج السويس وتمكن العدو منتفكيك المحطة وتحميلها في الطائرتين إلى إسرائيل، لأن الخبراء السوفيتأفادوا بأن تكون الحراسة ووسائل الدفاع حول الموقع الهيكلي لخداع العدو،وترك الموقع الحقيقي دون حراسه أو دفاع.
وفى ختام العام كانت العملياتالإيجابية المصرية قد بلغت 44 عملية مقابل 28 عملية إسرائيلية. عدا أعمالالقوات البحرية التي سنعرضها تفصيلاً على حده.
وفى مساء 6 يناير 1970 تم عقد اجتماعللمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية برئاسة الرئيس عبد الناصر لمدةثلاثة أيام. بهدف أن يكون الرئيس على علم كامل بالموقف العسكري، وأن يجتمعبقادة أفرع القوات المسلحة وقادة الجيوش والمناطق العسكرية. ويقول الفريقأول/ فوزي عن هذا الاجتماع "وكنت قد قدمت للرئيس موقف القوات المسلحةعموماً حتى آخر عام 1969 .. ذاكراً الانتهاء من بناء حجم القوات المسلحةالمقرر في الخطة، عدا النقص المطلوب استكماله من الطيارين والطائراتالقاذفة طويلة المدى للردع الجوي، كذلك النقص الظاهر في قوات ومعداتالدفاع الجوي. وذكرت إحصائية عام 1969 وهي :
قام العدو بحوالي 3500 طلعة طائرة لضربوسائل الدفاع الجوي وقواته وقوات الجبهة. وأمكن للعدو تدمير 2 سرية مدافع37مم، 10 مدفع ميدان، 19 مدفع مضاد للدبابات. وكانت خسائرنا في الأفراد 16ضابط + 150 رتب أخرى استشهاد أما الجرحى فكانوا 19 ضابط + 299 رتب أخرى.
وقامت قواتنا الجوية بعدد 2900 طلعةجوية للحماية منها 170 طلعة طائرة هجوم ضد أهداف أرضية، 70 طلعة استطلاعجوي. كما تمت 22 معركة جوية اشتركت فيها 110 طائرة مقاتلة مصرية ضد 130طائرة إسرائيلية. وكانت خسائرنا 23 طائرة وخسائر العدو 14 طائرة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:34

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه: نترك عزيزي القارئ الجبهة المشتعلة في قناة السويس بالقتال براً وجواً،ونذهب إلى البحار المصرية لنعرف ماذا كان يدور فيها، منذ إغراق المدمرةإيلات في أكتوبر 67 وحتى توقف القتال في أغسطس 1970.
بعد إغراق المدمرة إيلات تفرغت القواتالبحرية المصرية لأعمال التدريب ورفع الكفاءة القتالية للوحدات . واستمرهذا الوضع حتى سبتمبر 1969 حين تولي اللواء/ محمد صادق منصب رئيس أركانحرب واللواء/ محمود فهمي قائداً للقوات البحرية. كان الأول يمتلئ حماسةوتصميماً على مهاجمة العدو بأية وسيلة وفى أي مكان، وكان الثاني أشد منهحماسة وتصميماً، فالتقى الرجلان على هدف واحد. وبعد أيام من تولي منصبيهمادارت المناقشات عن كيفية مهاجمة العدو من البحر؟. وتطور النقاش إلى دراسةثم تخطيط ثم تنفيذ، وقد استغرق ذلك حوالي شهر كامل.
تم اختيار موقعين على ساحل البحرالأبيض شرق بورسعيد بمسافة 40 كيلو متر، لتكديسات وتجمعات شئون إداريةومخازن وقود في منطقتي بالوظة ورمانة. ووضـع العقيد/ جلال فهمي قائد لواءالمدمرات الخطة في سرية تامة بإشـراف قائد القوات البحرية. كانت الخطة "أن تغادر المدمرتان الناصر ودمياط ميناء الإسكندرية في ميعاد مناسب، ثمشرقاً لتعبر أمام البرلس عند الغروب. ثم تلتقي مع لنشات الصواريخ التيستقوم بواجب الحراسة أمام قاعدة بورسعيد. حتى تصل إلى موقع الضرب أمامالأهداف في الحادية عشر مساءً. وقبل عشر دقائق من وصول المدمرتان إلى نقطةالضرب، يقوم فوج المدفعية الساحلية في بورسعيد بضرب الموقع الإسرائيلي شرقبورفؤاد لمدة عشر دقائق، حتى يتيقن الإسرائيليون أن الضرب من البر مناتجاه بورسعيد. ثم تقوم المدمرتان بقصف الأهداف المخصصة لكل منهما لمدةعشرين دقيقة".
وكان لابد من إبحار المدمرتين على نفسخط السير للعملية عدة مرات، حتى يتعود الاستطلاع الإسرائيلي على وجودالمدمرتين في تلك المناطق. وفرضت سرية تامة حتى على أطقم المدمرتين الذينكانوا يؤدون مهامهم على أن أنها ضمن برنامج التدريب السنوي. وتحدد لتنفيذالعملية ليلة 8/9 نوفمبر 1969.. وفى التوقيتات المحددة بدأت المدمرةالناصر بقيادة المقدم بحري أ.ح/ عادل شراكي والمدمرة دمياط بقيادة المقدمبحري أ.ح/ عدلي محمد عطية التحرك حسب ما جاء في الخطة. وبدأت المدفعيةالساحلية في بورسعيد قصفها فى الموعد المحدد، ووصلت المدمرتان إلى نقطةالهجوم وقامتا بقصف موقعي رمانة وبالوظة.
انتهى الهجوم وبدأت رحلة عودةالمدمرتان. وكما هو متوقع بدأ الطيران الإسرائيلي الظهور بعد 10 دقائق فوقالمدمرتين، فألقى القنابل المضيئة وتبعها بالهجوم على المدمرتين. كانتالطائرات الإسرائيلية تهاجم بالقنابل وليس بالصواريخ، وهذا يقلل فرصةإصابة الأهداف خاصة وأنها متحركة. لكن يبدو أن الطائرات الإسرائيلية التيكانت تحت الطلب كانت مخصصة لمهام أخرى. ومما أدى إلى فشل الهجوم الجوي علىالمدمرتين والذي استمر قرابة الساعتين المناورة التي كان يقوم بها قائداالمدمرتان، علاوة على استبسال أطقم المدفعية م/ط التي استطاعت أن تشتتهجمات الطائرات. وكان المفروض أن تتدخل القوات الجوية بطائرات المقاتلاتميج21 للحماية فوق المدمرتين، لكن الضباب الكثيف كان يغطي قاعدة المنصورةالجوية فمنع إقلاع الطائرات. ولما تأزم الموقف واستمر الهجوم الجويالإسرائيلي، ألح اللواء/ محمود فهمي على إقلاع أي طائرات لدعم المدمرتينفي المعركة. فقام اللواء طيار/ حسنى مبارك باستنفار اثنان من الطيارينفقاما بالإقلاع رغم الظروف الصعبة متجهين إلى مكان المعركة. وما أن ظهرتالطائرات المصرية على الرادار الإسرائيلي, حتى انسحبت الطائراتالإسرائيليـة وعـادت المدمرتان سالمتان، ووصلتا ميناء الإسكندرية فيالسادسة صباح 7 نوفمبر. وجاءت تقارير رجالنا خلف الخطوط بأن الخسائر كانتشديدة في المعسكرات الإسرائيلية.
ولأن اللواء بحري/ محمود فهمي كانجريئاً ومقداماً يبغي أن يقدم لمصر أغلى الانتصارات، فقد كان يرتب ويجهزلعملية هجومية أخرى ضد العدو في نفس الوقت مع عملية هجوم المدمرتين. وكمايقول هو في مذكراته بأنه توصل إلى أن مصر لديها قوة من أفراد الضفادعالبشرية لم تستخدم من قبل، رغم ثقته في كفاءة أفرادها ومستواهم العالي.ولديه معدات وأجهزة للغطس، ولديه ألغام تستطيع أن تدمر السفن. فلا يتبقىإلا تكليف الضفادع البشرية بالمهمة وتوصيلهم بمعداتهم وأسلحتهم إلى مسرحالعمليات.
وقام باستدعاء الرائد بحري/ رضا حلميقائد لواء الوحدات الخاصة، وبادره بأنه يكلفه بضرب وإغراق ثلاث سفنإسرائيلية في ميناء إيلات. وبالتنسيق مع اللواء/ محمد صادق تم إرسالالرائد/ رضا إلى الأردن تحت ساتر أنه ضابط سيقوم بالتفتيش على جهاز مصريموجود في ميناء العقبة الأردني. وهناك التقى بضابط المخابرات المصريالرائد/ إبراهيم الدخاخنى الذي وفر له كل ما يحتاجه بالتعاون مع أفرادمنظمة التحرير لاستطلاع ميناء إيلات. وكان للرائد/الدخاخنى دوراً هاماًوحيوياً في استقبال وتحرك وإخفاء وإعاشة أفراد الضفادع البشرية ومعداتهموأسلحتهم، حيث كانت العمليات تتم دون علم السلطات الأردنية.
وعاد الرائد/ رضا بحصيلة وفيرة منالمعلومات والصداقات مع أفراد منظمة التحرير الفلسطينية، فالكل يتعاون علىضرب العدو. وعُرض الموقف على اللواء/ محمود فهمي ووُضعت الخطة وتصدقعليها، وبدأت إجراءات التنفيذ. فتم إرسال المعدات والألغام بصحبة الرائد/مصطفي طاهر من قوة الضفادع البشرية بطائرة نقل مصرية هبطت في مطار هـ-3العراقي القريب من الحدود الأردنية، وكان الساتر أن هذه الصناديق والمعداتخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية. كان ذلك يوم 2 نوفمبر1969 وتولي أفرادالمنظمة بالتنسيق مع الرائد/ الدخاخنى مسئولية نقل الصناديق والمعدات إلىداخل الأردن. وغادرت القوة المنفذة القاهرة إلى عمان على دفعتين يومي 3 ،4 نوفمبر بجوازات سفر مدنية، وأقاموا ثلاثة أيام في عمان دون تحرك لتأمينالعملية.
وفجر السابع من نوفمبر تحركت القوةالمنفذة من عمان، وتقابلت مع المعدات والألغام في نقطة متفق عليها معالعناصر الفلسطينية. واستأنفت السير بالعربات في طريق جبلي فوصلت فيالسابعة مساءً قرب منطقة التجهيز. وتم إخراج المعدات وتجهيزها لبدءالعملية، لكن التعب كان قد حل بالجميع فقرر الرائد/ رضا تأجيل العملية 24ساعة. فأخذ الجميع قسطاً من الراحة. وبعد ظهر يوم 8 نوفمبر بدأت المجموعةالتحرك نحو البحر سيراً على الأقدام لمسافة 5 كيلو متر.
كان الجو عاصفاً والريح شديدة وحالةالبحر سيئة، وكانت الخطة توصيل 3 مجموعات في قارب مطاط (كل مجموعة ضابط +صف ضابط) إلى مسافة 2كم من ميناء إيلات، ثم تقوم المجموعات بالسباحة حتىالهدف ووضع الألغام والعودة سباحة حتى القارب مرة ثانية. وبدأ التحرك رغمالظروف الجوية السيئة وتعطل موتور القارب وتم إصلاحه في العاشرة مساءً.ورغم هذا قرر الرائد/ رضا إكمال العملية فوصل إلى مسافة 2كم من ميناءإيلات ، لكن في الواحدة والنصف صباح يوم 9 نوفمبر.. فكان من المستحيلإتمام العملية حيث يحتاج التنفيذ إلى 6 ساعات في الظلام التام. وهنا قررالرائد/ رضا أن يستفيد من الموقف فقام باستطلاع الميناء فوصل إلى مسافة300 متر من أرصفه الميناء. وشاهدت القوة الميناء عن قرب، وتبين عدم وجودأي سفينة حربية داخل الميناء.
وعاد الجميع إلى عمان يملؤهم الغيظ،وقرر الرائد/ رضا أن يعود إلى الإسكندرية لإحضار ما يلزمهم من معدات وقطعغيار. ولما قابل اللواء/ محمود فهمي وحكى له ما حدث كظم غيظه وضيقه وقالله في هدوء ” اذهب ولا تعد إلا وقد انفجرت الألغام الستة التي معك في قلبإسرائيل. إن ثقتي فيك وفى مجموعتك كبيرة". وانصرف الرائد/ رضا مسرعاًمتلهفاً على الوصول إلى عمان.
وفى مساء يوم 14 نوفمبر بدأت المجموعةالتحرك من عمان، فوصلت بعد رحلة شاقة ومليئة بالمغامرات إلى مكان التجهيزظهر يوم 15 نوفمبر. وفى الخامسة والنصف مساءً تحرك القارب المطاط بقيادةالرائد/ رضا حلمي ومعه المجموعات الثلاث المكونة من :-
المجموعة الأولى : ملازم أول/ عمر عز الدين ومعه الرقيب/ محمد العراقي
المجموعة الثانية : ملازم أول/ حسنين جاويش ومعه الرقيب/ عادل البطراوى
المجموعة الثالثة : ملازم أول/ نبيل عبد الوهاب ومعه الرقيب/ محمد فوزي البرقوقى
كانت حالة البحر سيئة مثل المرة السابقة، إلا أنهم وصلوا قرب ميناء إيلاتفي الثامنة تقريبا.ً وفى لحظات كان أبطال مصر الستة في الماء كل منهم يحمللغمه معه وعلى بعد 2 كيلو متر من الهدف. وفى الحادية عشر مساءً أصبحوا علىبعد أمتار من الأهداف. لكن صف ضابط الجماعة الأولى نفذ الأكسجين من جهازهفأمره الملازم أول/ عمر عز الدين بالعودة. وتقدم هو بمفرده لتلغيمالسفينة.. وفى دقائق تم تثبيت الألغام الخمسة في أماكنها وبدأت رحلةالعودة في الحادية عشر وعشرين دقيقة. لكن بعد أمتار من مغادرة الهدف أشارالرقيب/ البرقوقى إلى الملازم أول/ نبيل عبد الوهاب بالصعود إلى سطحالماء. وبمجرد الصعود اكتشف نبيل أن الرقيب/ البرقوقى قد توفى. فما كانمنه إلا أن ألقى بمعدات الغطس ونسى موعد اللقاء مع القارب المطاط المنتظر،ونسى سلامته الشخصية، نسى كل شيء ولم يفكر إلا في أن يعود بالرقيبالبرقوقى معه. فرجع إلى الشاطئ سابحا وهو يحمل جثمان الشهيد . فالعمليةنجحت ويكتمل النجاح بعودة القوة سالمة ، لكن وكما قال ابن مصر الرائع نبيلعبد الوهاب. "لو تركته لعثرت إسرائيل على جثته وطنطنت بها إعلامياً".
وعادت القوة متفرقة ولم تصل إلىالقارب، وهنا جاء دور الرائد/ الدخاخنى الموجود في ميناء العقبة، فاختلقللسلطات الأردنية قصة عن هليكوبتر مصرية أحضرتهم حتى منطقة طابا وأنهمتخلفوا عنها في العودة. وفى الواحدة صباحاً انفجرت خمسة ألغام مصرية فيعمق وقلب إسرائيل ، في ميناء إيلات وهوت إلى القاع السفينتين "داليا"و"هدروما".
وفور عودة أبطال مصر والاحتفال بالنجاحوالتهنئة وفرحة النصر، بدأ تقييم العملية ودراستها.. الدروس المستفادةوالأخطاء لتلافيها مستقبلا ً. فقد كان اللواء/ محمود فهمي مصمم على أنيهاجم سفينتي الإنزال "بيت شيفع" و"بيت يام" بعد أن استخدمتهما إسرائيل فيعمليات الإنزال التي كانت تتم في خليج السويس. لكن العدو الإسرائيلي تنبهبعد الإغارة الناجحة على ميناء إيلات فقام بتكثيف الدوريات البحرية فيالميناء ليلاً، مع إلقاء عبوات متفجرة كل عشر دقائق لمقاومة أي أعمالللضفادع البشرية مرة أخرى. كما كانت السفينتان تغادران الميناء ليلاًوتعودان في الصباح.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:35

وفى 31 يناير 1970جاءت رسالة من إدارة المخابرات الحربية إلى قائد القوات البحرية بأنالسفينتان بيت شيفع وبيت يام ترابطان في ميناء إيلات لإجراء بعضالإصلاحات. وتلقف اللواء/ فهمي المعلومة بفرحة غامرة، واستدعى على الفورالرائد/ مصطفي طاهر قائد لواء الوحدات الخاصة بالنيابة وأعطاه الأوامربالاستعداد لمهاجمة ميناء إيلات مرة أخرى وتدمير السفينتين.
وتمت دراسة الخطة سريعاً وتصدق عليهامع تعديل عن المرة السابقة أن تقوم المجموعات بالسباحة من نقطة الانطلاقوحتى الهدف ثم العودة سباحة أيضاً (مسافة 12 كيلومتر) . وتحرك الرائد/مصطفي على الفور إلى عمان ومع الرائد/ الدخاخنى تمت دراسة تفاصيل العمليةعلى الطبيعة. ولحقت به المجموعة المنفذة بنفس طريقة المرة السابقةبالطائرة العسكرية التي هبطت في المطار العراقي. وكانت القوة مكونة منمجموعتان :-
المجموعة الأولى ملازم أول بحري/ عمرو البتانونى ومعه العريف/ على أبو ريشة
المجموعة الثانية ملازم أول بحري/ رامي عبد العزيز ومعه الرقيب/ فتحي محمد أحمد
وتم تجهيز الألغام في المسكن السري فيعمان، وتم التحرك إلى مدينة العقبة بالعربات المدنية فوصلوا في الثامنةمساءً. وبعد الإحماء نزل الأفراد إلى الماء. وكان الجو عاصفاً وممطراًوالبحر حالته شديدة السوء. وفى منتصف الطريق إلى الهدف أبلغ الرقيب/ فتحيقائد مجموعته رامي عبد العزيز بفقد الوجه الزجاجي الخاص به، فأمره بالعودةإلى نقطة الانطلاق مرة أخرى حيث أنه لن يستطيع الغطس.
واستمر الثلاثة الآخرين في السباحة نحوالهدف. وفجأة ظهر لنش إسرائيلي يقوم بدورية ويلقى عبوات متفجرة لكن قامالثلاثة بالغطس وأفلتوا منه. وعندما بدأت أنوار مدينة إيلات تلوح لهموتقترب، بدأت العبوات المتفجرة تتوالى حولهم من لنشات الدوريات. كانالميناء في ظلام تام إلا من كشافات قوية على جانب كل سفينة متجهة إلىالمياه، حتى تستطيع أن تكشف أي ضفدع بشري يهاجم السفينة. وانفصلتالمجموعتان وتوجه رامي عبد العزيز إلى بيت يام وعمرو البتانونى ورفيقه إلىبيت شيفع. وفى الثانية عشر تماماً كانت الألغام ملتصقة بالسفن منزوعة تيلالأمان وجاهزة للانفجار بعد ساعتين. وبدأت رحلة العودة تحت الماء لمدة 15دقيقة، ثم الصعود إلى السطح. وفى لحظة قدرية يصعد رامي إلى سطح الماءفيلتقي بعمرو البتانونى ورفيقه على بعد مترين منه فيتعانقان فرحة بتنفيذالمهمة.
وتكرر ما حدث في المرة الأولى انفجارهائل في الميناء وفى السفينتين يعقبه صفارات الإنـذار وسرينة الإسعافوالمطافئ. ويصل أبطالنا إلى الشاطئ منهكين بعد سباحة 12كم متواصلة ويسلمواأنفسهم إلى السلطات الأردنية وتتكرر قصة الرائد/ الدخاخني عن الطائرةالهليكوبتر التي فاتهم اللحاق بها.
ولما كان اللواء/ محمود فهمي يعيشمعركة مصر ليل نهار، فقد كان النصر يسعى إليه دوما. فجاءته العمليةالرابعة دون سعى منه. "في أحد أيام شهر فبراير 1970 استدعاني وزير الحربيةالفريق أول/ فوزي وقال لي : أن هناك مهمة يكلفك بها الرئيس جمال عبدالناصر شخصياً.. وتتلخص هذه المهمة في أنه وردت معلومات بأن إسرائيل قداشترت حفار للبترول من كندا، وفى نيتهم إحضاره إلى خليج السويس للتنقيب عنالبترول فيه وقد أمر الرئيس عبد الناصر بأن أخطرك أنه يكلفك شخصياً بمهمةتدميره خارج البحر الأحمر أو داخله، ولكنه لابد وأن يدمر قبل وصوله إلىخليج السويس".
وبدأ التنسيق الفوري مع مكتب الرئيسعبد الناصر ومع المخابرات العامة، فتبين أن الحفار يقوم بقطره أحد لنشاتالقاطرة الهولندية ويقوم بحراسته أفراد من البحرية الإسرائيلية، موجودالآن في ميناء داكار بالسنغال وسيظل هناك ثلاثة أسابيع لإجراء بعضالإصلاحات. وتم تكليف الرائد بحري/ خليفة جودت قائد لواء الوحدات الخاصةفي هذا الوقت بالمهمة. فانطلق بهذا التكليف واجتمع على الفور مع الفنيينلدراسة وحساب كمية المفرقعات اللازمة، وعدد الألغام، وأنسب الأماكن لوضعهابالحفار. وتم التنسيق مع المخابرات العامة على كيفية نقل أفراد الضفادعوتوصيلهم حتى داكار.
وسارت الأمور كما جاء في الخطة ووصلتالألغام والمعدات والأفراد إلى داكار، ولم يبق سوى الاستطلاع والهجوم. وإنكان السفير المصري هناك غير موافق على العملية بل طلب من وزارة الخارجيةإيقاف العملية. للحفاظ على العلاقات بين مصروالسنغال.
وبينما مجموعة الضفادع في اليوم التاليللوصول تقوم بتجهيز معداتها والرائد/ خليفة يقوم بتلقين الأفراد السبعةبكيفية الهجوم ودور كل منهم، جاء الخبر بأن الحفار خرج من ميناء داكار إلىالبحر. فكانت الصدمة والحسرة للجميع عدا السفير.
وعاد الرائد/ خليفة ومعه مجموعةالضفادع البشرية إلى مصر مرة أخرى، في انتظار دخول الحفار إلى أحد الموانئلاصطياده فيها. ومرت عشرة أيام طويلة وثقيلة حتى جاءت المعلومة بأن الحفاردخل ميناء أبيدجان في ساحل العاج. وفى اليوم التالي مباشرة غادرت المجموعةالأولى. الرائد بحري/ خليفة جودت وملازم أول بحري/ حسنى الشراكى وملازمأولبحري/ محمود سعد والرقيب/ أحمد المصري مطار القاهرة إلى باريس ثم إلىأبيدجان. وتم إرسال المعدات رأسا إلى أبيدجان أما الألغام فقد حمل كل منهمواحد في حقيبته.
وصلت المجموعة أبيدجان في مساء 7 مارسوكان في استقبالهم السفير إحسان طلعت ومندوب المخابرات العامة العقيد/محمدنسيم، اللذان قدما قدراً كبيراً من الجهد ساعد في إنجاح العملية. كان نسيمجاهزاً بالخريطة الخاصة بالميناء ومكان الحفار ونقطة الانطلاق للهجوموحركة السفن، وأن الحفار سيغادر أبيدجان يوم 8 أو9مارس على أكثر تقدير.وعلى هذا قرر الرائد خليفة/ تنفيذ العملية في نفس الليلة، دون انتظارللمجموعة الثانية التي ستصل صباح يوم 8 مارس حتى لا يفلت الحفار منهم مرةثانية. وأسرع في العاشرة مساءً إلى الميناء لعمل الاستطلاع اللازم ثم عادإلى الفندق لتجهيز الألغام وضبط توقيت انفجارها. وفى الثالثة صباح يوم 8مارس انطلق السفير ليقود سيارته حاملاً مجموعة الضفادع إلى منطقة الميناء.وفى الرابعة والنصف صباحا انطلق الملازم أول/ محمود سعد وهو يحمل لغمينوالملازم أول/ حسنى الشراكى يحمل لغماً والرقيب/ محمد المصري يحمل اللغمالرابع. واستغرق الوصول إلى الحفار نصف ساعة سباحة، وتم تثبيت الألغامالأربعة ونزع تيل الأمان على أن يتم الانفجار بعد ثلاث ساعات. وفى أثناءالتنفيذ ظهر في منطقة العملية اثنان من الوطنيين لكن الرائد/ خليفة استطاعالتصرف وأبعدهم عن المنطقة حتى لا تكتشف العملية.
وعادت المجموعة إلى السفارة وتم ارتداءالملابس المدنية على عجل، وفورا إلى الفندق ثم إلى المطار الذي وصلوه فيالثامنة صباحاً. كان في انتظارهم سكرتير السفارة بالجوازات وتذاكر السفر.وأبلغهم نسيم وهم في المطار بأن الألغام انفجرت وأنه سمع صوتها من الفندقالذي يبعد 7 كيلو متر عن الميناء. وفى نفس الوقت كانت المجموعة الثانيةتصل إلى مطار أبيدجان وكان السفير في استقبالهم فما كان منه إلا أن أعادهمعلى نفس الطائرة التي أحضرتهم بعد أن طمأنهم بأن العملية قد نفذت بنجاح.
ولم يكن من الممكن الإعلان عن العمليةفتكتمت مصر ما حدث.. إلا أن إسرائيل كانت واثقة تماماً خاصة بعد ظهور بعضالقرائن أن من قام بهذا العمل الجريء هم المصريون الذين أصبحوا يضربونهاداخل وخارج إسرائيل. وفى أول اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة شكرالرئيس عبد الناصر اللواء بحري/ محمود فهمي وقاله له "أطلب ما تشاء" فكانرده هو طلب تحديث الوحدات البحرية ودعمها بأجهزة متطورة في مجال الحربالإلكترونية والإعاقة والشوشرة.
أسفر الهجوم الثاني الذي تم على ميناءإيلات عن غرق السفينة بيت يام، أما بيت شيفع فقد أصيبت فقط وتم إصلاحها.وكانت تخرج من ميناء إيلات ليلاً وتعود إليه في السادسة صباحاً تحسباً لأيهجمات أخرى من الضفادع البشرية المصرية. ولأن اللواء/ محمود فهمي كانمصمماً على إغراق هاتين السفينتين، فقد أمر لواء الوحدات الخاصة بمهاجمةميناء إيلات للمرة الثالثة وتدمير السفينة بيت شيفع. لكن ولأنها لا ترسوفي الميناء ليلاً ولا يمكن مهاجمتها بالنهار، فكانت الخطة أن يتم تلغيمرصيف الميناء في الواحدة صباحاً توقيت الانفجار بعد 12 ساعة، فتكون بيتشيفع في الميناء ويتحقق المطلوب. وبنفس طريقة المرات السابقة مساء يوم 14مايو 1970 قامت المجموعتان :
ملازم أول بحري/ عمر عز الدين ومعه الرقيب/ على أبو ريشة
ملازم أول بحري/ نبيل عبد الوهاب ومعه الرقيب/ فؤاد رمزي
وبعد أن أفلتوا من الدوريات البحرية الإسرائيلية والعبوات المتفجرة التيكانت كثيفة عن المرات السابقة، وبعد جهد كبير في الوصول إلى الرصيف، وضعواالألغام على مسافة ثلاثة أمتار من حائط الرصيف حتى لا تكتشف. وعاد الأبطالالأربعة سباحة سالمين إلا من بعض إصابات في الأذن من جراء العبواتالمتفجرة، وسلموا أنفسهم إلى السلطات الأردنية التي استقبلتهم أحسناستقبال. لكن العملية لم تحقق المطلوب، فقد انفجرت الألغام قبل الموعدالمحدد بخمس ساعات تقريبا، لبدائية أجهزة التوقيت الروسية، كما أن بيتشيفع تأخرت في الوصول إلى الميناء فلم يصيبها شيء من هذه الألغام.
وفى أثناء تنفيذ الهجوم على ميناءإيلات للمرة الثالثة، كان الاستطلاع البحري قد رصد سفينة إسرائيلية شمالبحيرة البردويل تقوم بأعمال التنصت والاستطلاع . فأصدر اللواء / محمودفهمي أوامره بمهاجمتها وإغراقها. وفى مساء 13 مايو تمكن لنش صواريخ بقيادالرائد/ مجدي ناصف أن يغرق السفينة الإسرائيلية (أوريت) شمال بحيرةالبردويل.وقد اعترفت إسرائيل بإغراقها وإن ادعت بأنها سفينة أبحاث
وقبل أن نختتم هذا الجزء لابد وأن نذكربأن اللواء بحري/ محمود فهمي كان ما يشغله ليل نهار هو كيفية الوصول إلىالعدو وتكبيده الخسائر. فذو الحسي الوطني العالي لمثل هذا الرجل كان لابدوأن يجهز للمعركة الكبرى القادمة ، وقرر أن الهجوم في هذه المعركة سيكونعلى ميناء حيفا. فقام في عام 1972 قبل إحالته إلى التقاعد بشهور بإرسالالرائد/ خليفة جودت إلى لبنان، لتجهيز منطقة انطلاق للضفادع البشرية حتىتقوم بمهاجمة ميناء حيفا الإسرائيلي عند بدء العمليات. وتم تشوين المعداتوالأجهزة الخاصة بالغطس. وتمت عمليات استطلاع ودراسة للميناء وبناء عليهاتم تدريب أفراد الضفادع البشرية على مهمة مهاجمة ميناء حيفا في منطقةرشيد. لكن لم يتم هذا في حرب أكتوبر ولا ندري ما هي الظروف التي حجبت هذاالهجوم. كما يذكر إن في عهد هذا القائد الشجاع قامت البحرية المصريةبإرسال خمس رحلات استطلاع بالغواصات. كانت الرحله تقوم بها غواصة واحدةلمدة 15 يوما أمام الشواطئ الإسرائيلية، تقوم فيها بجمع المعلومات عنرادارات العدو وأجهزة الإنذار البحرية وأسلوب التشغيل وتوقيتات العمل .وتمت هذه الرحلات كلها بنجاح تام.
إن تاريخ العسكرية المصرية يشرف بأنيكون أحد أبناؤه اللواء بحري/ محمود فهمي الذي أعطى لمصر كثير منالانتصارات، وللبحرية المصرية فخر وشرف ستباهى به طوال أيامها المقبلة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:36

الفصل الرابع: تصعيـد إسرائيـل .. ورد مصر



وأخيراً .. تحرك الدب السوفيتي :
في يناير 1970 بلغت حرب الاستنزاف مرحلة شديدة الحرج لكل من مصر وإسرائيل.فخسائر إسرائيل البشرية مستمرة وبأرقام كبيرة في القتلى والجرحى، نتيجةالهجمات المصرية التي شملت البر والبحر والجو. كانت الأرقام تصيب الشعبالإسرائيلي بإحباط شديد، فبدأت الثقة في الحكومة والجيش الإسرائيلي تهتز.كما وضح أمام قادة إسرائيل أن غارات العمق في صعيد مصر والبحر الأحمربواسطة الكوماندوز لم تأت ثمارها، وأن الشعب المصري لم يثور على قيادته.

فكان لابد من الدخول في مرحلة جديدة من الاستنزاف، لزيادة الضغط على الشعبالمصري ودفعه إلى الثورة على قيادته لإيقاف حرب الاستنزاف. ودارت مناقشاتفي رئاسة الأركان الإسرائيلية، وكان الرأي هو تصعيد القصف الجوي ليكون علىأهداف في عمق مصر. وبحثت الحكومة الإسرائيلية الأمر خاصة الموقف السوفيتيوالأمريكي. واستقر الرأي على أن الدولتين لن يكون لهما ردود فعل حادة. وفى6 /ا/1970 وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على قصف العمق المصري وسميتبالخطة "بريما".

ولما تعين شارون قائداً لجبهة سيناء في ديسمبر 1969 كانت أهم مطالبه تركيزالهجمات الجوية وبشكل مكثف على قناة السويس، لتدمير شبكة الدفاع الجوي فيالجبهة، ليسمح للطيران الإسرائيلي بالعمل في حرية تامة، ويصبح الطريق إلىعمق مصر آمنا.ً

وفى7 يناير1970 بدأ توغل العدو الإسرائيلي في غاراته داخل العمق المصري،فقامت طائراته بمهاجمة أهداف عسكرية قريبة من القاهرة في مناطق المعاديوأنشاص ودهشور. وتكررت الغارات على أهداف مدنية، كان أكبرها التي تمت علىمصنع أبو زعبل وعلى مدرسة بحر البقر. وكان توقع اسرائيل في محله فقدالتزمت روسيا بالإدانة فقط والرفض السياسي للغارات، بينما دعمت امريكا هذهالغارات. وفى هذا يقول رابين سفير إسرائيل في أمريكا "أراد سيسكو أن يقفعلى ما يدور فاستدعاني إلى مأدبة غداء في 13 يناير، وطلب مني تقييم الموقفالعسكري في حرب الاستنزاف. قلت : أننا نعيش الوضع العسكري وليس فقط بناءعلى حجم النشاطات وإنما أيضاً بناء على نتائجها. فكلما قلت خسائرنا فيالأرواح، كلما كان أفضل. وإنني أشعر أننا كلما ضربنا مصر في عمق أراضيهاكلما تحسن الوضع العام. إنك تعلم بأنه نفذت عمليتان جويتان في عمقالأراضي المصرية. فقد قصفت طائراتنا أهداف عسكرية قرب القاهرة. صمت سيسكوولم يتفوه بنبت شفه. هل هو اعتراف صامت ؟ إنني واثق من ذلك".

وتسلمت مصر رسالة إسرائيلي لكنها قبلت التحدي ولم يتزعزع إيمانها باستكمالحرب الاستنزاف. فتم عمل خطة فورية للانتشار خاصة الوحدات التي يمكن أنتعلو فيها الخسائر من جراء هذه الهجمات. فتم نقل الكليات الحربية إلىالسودان، وضباط الاحتياط إلى صعيد مصر، والجوية والبحرية إلى ليبيا. وقرر الرئيس عبد الناصر التوجه فوراً إلى الاتحاد السوفيتي في زيارة سرية في الفترة 22-25 يناير 1970.

ويقول الفريق أول/ محمد فوزي الذي صحب الرئيس في رحلته "كان أهم لقاءتم مع القادة السوفيت منذ عام 1967. إذ تعمد الرئيس عبد الناصر تصعيدالمباحثات وتوتيرها، لدرجة أنه هدد أمام القادة السوفيت بترك الحكم لزميلآخر يمكنه التفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية. إذ إن الشعب المصري يمرالآن في مرحلة حرجة فإما أن نسلم بطلبات إسرائيل أو نستمر في القتال.. وإندفاعنا الجوي في الوقت الحاضر لا يتمكن من منع غارات إسرائيل على العمقالمصري. واسترسل الرئيس عبد الناصر في طلب وحدات كاملة من الصواريخ سام-3بأفرادها السوفيت وأسراب كاملة من الميج21 بطيارين سوفيت، وأجهزة رادارمتطورة للإنذار والتتبع بأطقم سوفيتية. وبرر عبد الناصر طلبه هذا بأنالزمن ليس في صالحنا، لأن تدريب الطيارون والأطقم المصرية على الأسلحةالجديدة سوف يستغرق وقتاً طويلاً. كرر الرئيس طلب طائرة قاذفة لردع إسرائيللأن مدى عمل طائراتنا المقاتلة القاذفة لا يمكنها من الوصول إلى عمقإسرائيل مثل طائرات سكاى هوك والفانتوم التي تضرب عمق مصر حالياً.

ولما كان طلب الرئيس عبد الناصر لا يمكن إجابته إلا بموافقة مجلس السوفيتالأعلى. فقد وعد الرئيس بريجينيف بالعمل بسرعة لإجابة طلب الرئيس عبدالناصر. وفى اليوم التالي لهذا اللقاء المتوتر دُعي الوفد المصري لجلسةمباحثات صباح 25/1/1970. حيث قرر الرئيس بريجينيف أمام الحاضرين موافقةاللجنة المركزية ومجلس السوفيت الأعلى على طلب الرئيس عبد الناصر وقالأنها أول مرة يخرج فيها جندي سوفيتي من الاتحاد إلى دولة صديقة منذ الحربالعالمية الثانية" .

وتقرر إمداد مصر بالآتي :
• فرقة كاملة دفاع جوي من صواريخ سام-3 بكافة معداتها وأجهزتها وأفرادها.
• 3 لواء جوي مقاتلات (95 طائرة) ميج21 متطورة بطيارين سوفيت.
• 4 جهاز رادار ب-15 لرفع كفاءة الإنذار الجوي.
على أن تقوم مصر بإنشاء المواقع والتحصينات والمرافق اللازمة للمعدات فيالأماكن التي تخططها القيادة العسكرية المصرية. وقد تعهد الفريق أول/ فوزيبتجهيز المواقع خلال 40 يوم. كما اتفق على أن يكون تواجد الوحداتالسوفيتية مؤقتاً لحين استكمال تدريب الكتائب المصرية، عندئذ يعود الأفرادالسوفيت إلى وطنهم.

لا شك أن القرار السوفيتي كان مؤثراً وحيوياً في الصراع المصري -الإسرائيلي. فقد دعم هذا القرار قدرات الدفاع الجوي المصري القتالية، كماتفرغ الطيارون المصريون للعمل في جبهة قناة السويس. لكن ما نتوقف أمامه هوأن هذا القرار جاء بعد أكثر من 300 يوم قتال مرت في حرب الاستنزاف. كما نتوقف أيضاً وبأهمية شديدة أمام طلب الرئيس عبد الناصر لطائرة مقاتلة قاذفة تستطيع أن تصل إلى عمق إسرائيل.

فنذّكر أن هذا الطلب ذكره الرئيس شخصياً مع الجانب السوفيتي في اجتماعاتيونيو 1967. وتكرر الطلب مراراً لكن دون جدوى. وحتى حين وافقت روسيا علىإرسال قواتها إلى مصر وهو أمر هام حقاً، لم توافق على إرسال طائرة تستطيعالوصول إلى عمق إسرائيل. لم يكن هذا الرفض عن حذر أو بطء في القرار كماكان يقال دائما، وإنما هي النظرة السوفيتية إلى الصراع في الشرق الأوسط.فالدعم السوفيتي لمصر يقف عند حد الدفاع وفقط، أما الدعم بأسلحة هجوميةتطول عمق إسرائيل فمرفوض تماماً. ولو استعرضنا تاريخ العلاقة المصرية -السوفيتية سنجد الكثير من المواقف التي تؤكد هذا.

ولن نتكلم عن الفترة قبل 1967 رغم إن فيها الكثير مما يقال.. لكن سنذكر مابعد هزيمة يونيو. فقد أمدت روسيا مصر بطائرات القتال الرئيسية (ميج21-ميج17 – سوخوى7 ). والطائرة الميج21 طائرة قتال اعتراضيه على الارتفاعاتالعالية ،لكن الطيارون المصريون خاصة قادة الأسراب باجتهاد شخصي منهم ،بدراسة الطائرة وبعد تجارب عديدة ومحاولات، وبالتجربة والخطأ، نجحوا فيالوصول إلى أفضل استخدام وأنسب تكتيك لمجابهة الطائرات الإسرائيلية.واكتشف الطيارون المصريون شكل المناورة التي يتبعونها في الاشتباكات معمقاتلات العدو. خاصة المناورة بالسرعة المنخفضة التي كان يُحرّمها الخبراءالسوفيت على الطيار المصري. كان هذا التحريم نتيجة أن السوفيت قد صنعّواالطائرة الميج21. لكنهم لم يقاتلوا بها في آي معارك، فكان هذا يعطى للطيارالمصري أفضليه نتيجة خبرته القتالية على الطائرة.

أما الميج 17 والسوخوى7 فقد نجح الطيارون والمهندسون المصريون في إضافةقدرات وإمكانات للطائرة، فتم زيادة حمولة السوخوى7 من الوقود، وتم إضافة 2قنبلة 100 كجم للطائره ميج17 ..كما ابتكر الطيارون أسلوب مخالف للأسلوبالسوفيتي في قذف القنابل حقق نتائج باهرة، وتدرب الطيارون على مهاجمةالأهداف من عدة اتجاهات مما يشتت الدفاعات الجوية حول الموقع.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:36

صواريخنا تقطع الذراع الطويلة :
واجه الدفاع الجوي المصري طوال النصف الثاني من عام 1967 جميع صور الهجماتالجوية المعادية. الطائرات الإسرائيلية تقوم باختراق الجبهة للاستطلاعوتحديد أماكن الأهداف الحيوية، ولمعرفة رد فعل الدفاع الجوي، واختبار عملكتائب الصواريخ في ظل التشويش والإعاقة الإلكترونية. ثم بعد ذلك الهجومالمستمر على مواقع كتائب الصواريخ ووحدات المدفعية المضادة للطائرات،والذي اشتد حتى بلغ 800 طلعة خلال الشهر.

" بلغ التركيز في القصف الجوي قدرا كبيراً من المبالغة في تدمير المواقع،وصل إلى استخدام وزن متفجرات يكفى لتدمير خمسة مواقع ضد موقع واحد. فقدألقيت على أحـد المواقع لا تتجاوز أبعاده 300×300 متر حوالي50 قنبلة ( 15طن) من المتفجرات بينما المعدل الكافي لتدمير مثل هذا الموقع لا يتجاوز 3طن من المتفجرات"( ).

كان كل ما لدينا في جبهة قناة السويس 6 كتائب صواريخ سام-2 لم تستطيعالصمود أمام عنف الغارات الإسرائيلية، فتم سحبها للخلف وألقى عبء الدفاعالجوي عن قوات الجبهة على عاتق وحدات المدفعية المضادة للطائرات. وقد جرتمحاولة في شهر ديسمبر لإدخال بعض كتائب الصواريخ، لكن تم مهاجمتها بعدد180 طلعة طائرة على مدى 8 ساعات، فعادت مرة أخرى إلى الخلف.

وانتهى عام 1969 بدمائه وشهدائه وميزان القوى يميل بوضوح إلى جانبإسرائيل. لكن الدماء والشهداء لم تذهب هدراً فقد تجمع لدى مصر حصيلة هائلةمن الخبرات والتجارب. فالحرب أصدق مدرسة لتعليم الحرب. كما أن دماءالشهداء والزملاء أطلقت روح التحدي لدى المقاتل المصري. وانفجر في داخلهإصرار وعزم جعلته يبدع حلولاً للمشاكل كانت تبدو مستعصية على الحل، مثلمشكلة التشويش، والاشتباك مع الطائرات على ارتفاع منخفض، والوقت اللازملتنفيذ الاشتباك.

عاد الرئيس جمال عبد الناصر من رحلته السرية إلى موسكو، واجتمع بمجلسالوزراء في اليوم التالي. وكان موضوع الاجتماع الرئيسي هو بناء مواقعالصواريخ سام-3 وعددها "150 موقع ومثلها للمواقع التبادلية ومثلها للمواقعالهيكلية.. كما أن الخطة تستوجب إزاحة هذا التجميع الذي أخذ شكل مستطيلمغلق واجهته بطول 100كيلو متر من القنطرة شمالاً حتى جبل عتاقة جنوباًوبعمق 30كم" وأن يتم هذا في خلال 40 يوماً. لهذا تقرر اشتراك جميع شركاتالمقاولات للبناء والتشييد والطرق من القطاع العام والخاص. وتم تخصيص جميعخامات الإنشاء اللازمة، وتكليف مئات المهندسين وآلاف العمال من الرجالوالنساء لإنجاز المهمة في الوقت المحدد. ووضعت الخطط ومعدلات التنفيذوالرسومات الإنشائية في إدارة المهندسين العسكريين التي كانت كخلية نحلطوال 24 ساعة تحت قيادة أحد أبناء مصر العظام اللواء مهندس/ جمال محمدعلى، الذي حمل على عاتقه كل هذا الجهد، ثم فاجأ العالم أجمع بعملية عبورالقناة 1973 .

لم يكن صعباً على إسرائيل أن تكتشف النوايا في إنشاء حائط الصواريخ في الجبهة، وانهالت تصريحات قادة إسرائيل فقال موشى دايان "إن معركتنا سوف نكسبها فوق سماء القاهرة" مشيراً إلى أن الغارات على العمق المصري ستجعل الشعب المصري ينهار. ثم استطرد قائلاً "علينا ألا نسمح لمصر أن تقيم نظام دفاع جوي بصواريخ سام غرب القناة وإننا قبلنا التحدي". كما قال بارليف رئيس الأركان "إن صواريخ سام ليست دفاعية، وإن مجرد إقامة هذه الصواريخ سيعطى مصر قوة هجومية، وسيخلق لديها شعور بالحرية لفعل ما تريد".

كانت تصريحات قادة إسرائيل تنزل إلى الواقع في شكل مئات الطائرات التيتهاجم وتقصف مواقع البناء بآلاف القنابل والصواريخ. "ففي شهر مارس 1970وجهت إسرائيل 116 هجمة جوية ضد العاملين في إنشاء هذه المواقع، وفى شهرأبريل تعرض هؤلاء الأبطال إلى 103 هجمة جوية إسرائيلية" .. ونتيجة لهذهالهجمات استشهد مئات من أبناء مصر واختلطت دماء العمال من الرجال والنساءبدماء الضباط والجنود ثمناً لتحرير الأرض. كانت وحدات المدفعية المضادةللطائرات والرشاشات تحاول باستماتة أن تقلل من أثر هذه الغارات. ورغم ذلكصمم العاملون في البناء على إنجاز المهمة، فهروباً من القصف الجويالإسرائيلي تقرر العمل ليلاً تحت أضواء المصابيح، ومع ذلك كانت طائراتالعدو تقوم في صباح اليوم التالي بقصف ما تم إنشاؤه قبل أن يجف.

وفى 9 أبريل 1970 عقد اجتماع ضم الرئيس جمال عبد الناصر والفريق أول/ فوزيوزير الحربية والفريق/محمد صادق رئيس الأركان واللواء/ محمد على فهمي قائدالدفاع الجوي ومعهم 4 من قادة كتائب الصواريخ المقرر دفعها للجبهة. وشرحاللواء/ فهمي الموقف في الجبهة، ثم تبعه الرئيس الذي وجه حديثه إلى قادةالكتائب ليعرف رأيهم الصريح في دخولهم إلى الجبهة. وتحاور القادة الأربعةمع الرئيس وشرحوا له كافة التفاصيل التي تتعلق بتنفيذ دخولهم. وتناقش معهمالرئيس، وفى النهاية كان قراره تأجيل دخول الكتائب على أن يعقد مؤتمر تاليبعد أسبوع.

عقد الاجتماع التالي في 16/4/1970 "وبدأ الرئيس عبد الناصر الاجتماع بعرضالمشكلة قائلاً أنه لا يمكن السكوت على الاعتداءات المتكررة التي يمارسهاالطيران الإسرائيلي. ولابد من إيجاد وسيلة للرد عليه، ثم تحدث عن خبرةالقتال في فيتنام، وكيف واجهت صواريخ سام-2 الطائرات الأمريكية. ثم أدارحوار مع قادة الكتائب حول إمكانية تنفيذ كمائن بكتائب الصواريخ لاصطيادطائرات العدو. وانتهى الاجتماع في الثانية صباحاً بعد إقرار موضوع الكمائنكحل مؤقت" .

كانت فكرة الكمين تتلخص في دفع كتيبة صواريخ سام2 ليلاً، تقوم بالتمركزعلى الجبهة في أحد الأماكن المحتمل اقتراب طائرات العدو منه، ثم إطلاقالصاروخ علي الطائرة، والتحرك فوراً إلى الخلف. كانت الفكرة بسيطة لكنتنفيذها كان شديد الصعوبة خاصة وأن كتيبة سام-2 بها مجموعة ضخمة منالأجهزة والمقطورات والهوائيات كبيرة الحجم وثقيلة الوزن. إضافة إلىالكوابل التي تربط كل هذه المعدات.

كان المطلوب فك كل هذه المعدات وتحميلها على عربات وجرارات، ثم التحركوإعادة تركيبها في مكان الكمين مرة أخرى. وبعد إطلاق الصاروخ والاشتباك معالعدو، يتحتم فك المعدات وتحميلها بسرعة حتى لا تتعرض لهجوم جوي بعداكتشاف موقعها. لكن بالتدريب والتصميم نجح رجال الفاع الجوي في تقليل زمنالتجهيز والاشتباك إلى مستوي غير مسبوق.. مثال ذلك أن زمن فك معداتالكتيبة المقرر من السوفييت هو 6 ساعة. لكن بجهد المقاتل المصري وصل الزمنإلي 45 دقيقة.. وكان هذا مؤشراً طيباً أعطى القيادة الأمل في نجاحالفكرة.. وبعد أسبوع من القرار في يوم 23/4/1970 تحركت مساءً أول كتيبتينلتنفيذ فكرة الكمائن.

وعند الفجر كانت الكتيبتان جاهزتان. وبعد فترة انتظار قصيرة ظهرتالطائرات الإسرائيلية، وأطلقت كل كتيبة صاروخ فسقطت أول طائرة إسرائيلية.وعلى الفور عادت الكتيبتان بعد نجاح المهمة. ولما كان النجاح يولد النجاحفقد تسابقت الكتائب توالت الكمائن وتوالى إسقاط الطائرات الإسرائيلية.ووصلت نسبة نجاح الكمائن إلى 72%. ونتيجة لهذا أصبحت الغارات الإسرائيليةعلى الجبهة تتم بحذر بالغ فضعف تأثيرها وانخفضت خسائرنا من هذه الغارات.

ونجحت الكمائن في إسقاط بعض طائرات العدو، ولكن الهدف كان إنشاء تجميعللدفاع الجوي على طول الجبهة متماسكاً تغطي فيه كتائب الصواريخ قوات الجيشالثاني والثالث. وبعد دراسات عديدة استقر الرأي على أن يتم تحرك هذهالكتائب على انساق. بحيث تتحرك كتائب النسق الأول في اتجاه القناة وتحتلمواقعها تحت حماية النسق الخلفي، ثم بعد ذلك يتم تحرك النسق الخلفي فيوثبة واحدة نحو القناة ويحتل مواقعه أمام النسق الأول الذي ينقلب إلى نسقخلفي. ويتم التعاون بين النسقين بالنيران ويكوّن النسقان معا تجمعاًمتماسكاً. لم يكن الأمر سهلاً في التنفيذ، فتحرك 24 كتيبة صواريخ يعنيحجماً ضخماً من المعدات والقوات، يستلزم تجهيزات ميدانية للكتائب وتجهيزمراكز قيادة وسيطرة، ووسائل اتصال بين مراكز القيادة والكتائب، وتمهيد طرقومدقات، وإنشاء مواقع هيكلية لخداع العدو عن الأماكن الحقيقية.

كـان من الضروري أن يتم هذا التحرك واحتلال المواقع في ليلة واحدة. وفـىليلـة 28/29 يونيو1970 بدأ تحرك النسق الأول، وأثبت رجال الدفاع الجوي أنهلا مستحيل أمامهم. ففي صباح يوم 29 يونيو كانت الصواريخ والمدفعية م/طالمصاحبة لهـا في مواقعها وجاهزة للاشتباك. ولم يشعر العدو الإسرائيليبهذا التحـرك طـوال يـوم 29. وفى ليلة 29/30 يونيو كانت الوثبة الثانيةتتم بنجاح مذهل. وفى صباح يوم 30 يونيو كان هناك تجميع دفاع جوي متماسكقوى على مسافة 30كم غرب القناة. وأصبح الموقف مختلف تماماً على الجبهة.

وفى العاشرة والنصف صباح يوم 30 يونيو قامت إسرائيل باستطلاع جوي فوقالجبهة، والتقطت الصور الجوية التي أظهرت ما قامت به مصر. وأعطت المواقعالهيكلية التي كانت تملأ الجبهة صورة أكبر لحجم الدفاع الجوي الجديد.وتأخر الرد الإسرائيلـي فقـد قام في السادسة مساء30 يونيو بهجوم على أطرافحائط الصواريخ بواسطة 24 طائرة.

لكن التجميع الجديد كان متماسكاً يغطي بعضه البعض بالنيران، ونجح قادةالألوية في إدارة المعركة ونجحت الكتائب في إسقاط 2 طائرة فانتوم و2 طائرةسكاى هوك، كما أسرت ثلاث طيارين إسرائيليين. وكانت هذه أول مرة تسقط طائرةفانتوم بالصواريخ المصرية. وفى صباح يوم 1 يوليو حاول العدو استطلاعالموقف مرة أخرى بطائرة استطلاع في حماية المقاتلات, لكن كتائب الصواريخأطلقت صاروخ واحد على طائرة الاستطلاع التي فرت شرقاً ومعها باقي طائرةالحماية.






وفىيوم 4 يوليو حاول العدو الإسرائيلي مهاجمة كتائب الأطراف مرة أخرى، وقبلأن تبدأ طائرات العدو هجومها أسقطت صواريخنا طائرة فانتوم، ففرت باقيالطائرات إلى الشرق. وفى يوم 5 يوليو حاول العدو تكرار المحاولة ونجحتصواريخنا في إسقاط طائرة فانتوم وطائرة سكاى هوك. وهنا توقف العدوالإسرائيلي عن مهاجمة كتائب الصواريخ. وأعطى هذا الفرصة لمصر لتدفعبصواريخ أخرى من العمق، كما نشطت أعمال الكمائن مرة أخرى، وحتى وقف إطلاقالنيران أعلنت مصر أنها أسقطت 16 طائرة إسرائيلية. لكن مجلة أفييشن ويكالأمريكية المختصة بشئون الطيران نشرت في نوفمبر 1970 "حصر لخسائر إسرائيلخلال الفترة من 30 يونيو حتى 7 أغسطس 1970 قالت فيه أن عدد الطائراتالإسرائيلية التي أسقطهـا الدفـاع الجـوي بلغ 17 طائرة تم تدميرها بينماأصيبـت 34 طائرة أخرى" .

في بداية أغسطس 1970 كانت مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار قاربت علىالتنفيذ من شروطها أن لا يحاول أي طرف دعم قواته الحالية بأي قوات إضافيةبعد سريان وقف إطلاق النار. وقبل أن يبدأ التنفيذ بساعات، قامت مصر بدفعتجميع الصواريخ إلى مواقع متقدمة غرب القناة مباشرة ودعمه بكتائب إضافيةمن العمق. وبهذا امتدت مظلة الدفاع الجوي إلى 20 كيلو متر شرق القناةانتظاراً للمعركة الكبرى القادمة.

لقد أثبتت ملحمة بناء حائط الصواريخ المصري أن في مصر رجال قادرين على بذلالأرواح والدماء والعرق في سبيل هذا الوطن. إن الرجال الذين نجحوا في بناءحائط الصواريخ تحت قصف القنابل والصواريخ يقفون جنباً إلى جنب مع آباءهمبناة السد العالي وأجدادهم بناة الأهرامات.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:37

الجيش الإسرائيلي يترنح :
حفل عام 1970 (يناير – أغسطس) بأحداث متلاحقة يتأرجح ميزان النصر فيها بينمصر وإسرائيل. فحين بدأت إسرائيل في اختراق العمق المصري ومهاجمته، بدا فيأول الأمر أن الضربات الجوية ستجعل مصر تتراجع عن حرب الاستنزاف، لكن هذاالهجوم استنفر في مصر كلها التحدي والتصميم الذي يقهر المستحيل، فأمكنبناء حائط صواريخ على جبهة القناة كان بداية انحسار السيادة الجويةلإسرائيل فوق الجبهة. وبالتوازي مع هجمات العمق، حاولت إسرائيل توجيهضربات أخرى حتى تفقد مصر الأمل تماماً في إمكانها مواصلة حرب الاستنزاف.

فى 17 يناير 1970 قام العدو الإسرائيلي بعملية إبرار بالهليكوبتر غربمدينة السويس حيث هبط من الطائرة عربة جيب تحمل 9 جنود كوماندوز لمهاجمةأحد محطات ضخ البترول، لكن عند اقترابهم من الهدف تصدت لهم نيران الرشاشاتوالأسلحة الصغيرة من قوات الدفاع الشعبي التي كانت تحمى المحطة، ولمااكتشف العدو أن المحطة عليها حراسة انسحب من المنطقة.. وفى 22 يناير قامالعدو بالهجوم على جزيرة شدوان أمام مدينة الغردقة. كانت قواتنا فيالجزيرة تتكون من سرية صاعقة وقوه بحريه تضم 26 جندي وصف ضابط، وراداربحري. ويدعمها مدفعية مضادة للطائرات علاوة على 2 لنش بحري. لم تكن هذهالقوه بتسليحها المحدود تستطيع صد قوة إسرائيلية تقدر بكتيبة مظلات مدعمهبقوات خاصة .

بدأ العدو هجومه بقصف الجزيرة بالطائرات، ثم تلي ذلك إبرار لقواته علىالجزيرة في حماية مظلات جوية .. ووجهت قوات العدو إنذارا بالميكرفون إلىالوحدات المصرية بالاستسلام حيث أنها أصبحت محاصره بحرا وجوا . لكن القوهالمصرية رفضت واستمرت في المقاومة. ومما زاد الموقف تعقيدا أن الاتصال بينقوة الجزيرة وقيادة منطقة البحر الأحمر قد انقطع منذ بداية الهجوم.

واستمر القتال طوال يوم 22 يناير وواصل العدو هجومه على المواقع الصامدةليلا. وقد حاولت قيادة منطقة البحر الأحمر دفع 2 لنش طوربيد للاقتراب منالجزيرة لاستطلاع الموقف، لكن طائرات العدو نجحت في إغراقهما. ومساء يوم22 قامت 2 طائره قاذفه مصريه( اليوشن 28) بقصف العدو الموجود على الجزيرة.وتم دفع 2 دورية صاعقة في المساء لدعم قوات الجزيرة، لكن تصدى العدو لهماوفشل الاتصال مع قوات الجزيرة. لكن 2 دوريه أخرى نجحت في الوصول للجزيرةواشتركت في القتال وأوقعت خسائر في العدو بمنطقة الفنار. ودار قتال ليلياستمر لمدة 6 ساعات تمكن العدو فيها من إغراق 2 لنش بحري. وفى الخامسةمساء 23 يناير انسحب العدو من الجزيرة. وكانت خسائرنا 62 جندي قتلى وجرحى.

ويقول جاى بوشينسكى مراسل جريدة شيكاغو نيوز، وكان مصاحبا لقواتالعدو في برقيته لوكالة يونايتد برس "رغم إن الطائرات الإسرائيلية قصفتالجزيرة قصفا مركزا لعدة ساعات قبل الإنزال الإسرائيلي، فقد قاومت القوهالمصرية مقاومة باسلة ولم يكن الأمر سهلا للمهاجمين. لقد شاهدت بطولات منالجنود المصريين لن أنساها ما حييت.

جندي مصري يقفز من خندقه ويحصد قوه من الإسرائيليين وظل يضرب إلى أن نفدتآخر طلقه معه ثم ُيقتل. وفى موقع آخر خرج جنديان متظاهرين بالتسليم،وتقدمت قوة للقبض عليهما فخرج جندي ثالث فجأة من موقعه فقتل 5 جنودإسرائيليين".

ثم عاود العدو هجومه الجوي يوم 6 فبراير على إحدى كاسحات الألغامجنوب ميناء الغردقة فاستطاع الطائرات إغراقها. وكانت آخر الغاراتالإسرائيلية إبرار جوي بعدد 2 طائرة هليكوبتر شمال رأس غارب يوم 12 يونيوحيث قامت مجموعة من جنوده برص ألغام وشراك خداعية على الطريق.

لم تكن مصر حتى منتصف عام 1970 تقف ساكتة أو مكتفية ببناءها حائطالصواريخ. وإنما كانت الهجمات البحرية على ميناء إيلات بواسطة الضفادعالبشرية،ً والهجمات الجوية على نقط خط بارليف ومواقع العدو داخل سيناء.إضافة إلى أعمال الإغارة والكمائن على طول جبهة القناة والشاطئ الشرقيلخليج السويس، والتي بلغت 16 إغارة وكمين على مدى الشهور الستة. سنذكرأهمها والتي أحدثت أكبر خسائر للعدو.

في 19/2 /1970 تمكن كمين نهاري من المشاة في قطاع الجيش الثالث من العبورشرقا،ً ومهاجمة قول متحرك في منطقة شمال الشط فدمر دبابة وثلاثة عرباتمدرعة وقتل 18 فرد وأسر فردين.. وفى 25 مارس عبر كمين آخر من المشاة فيالجيش الثالث ودمر دبابة وعربتين نصف جنزير وقتل وجرح 15 فرد.

وكان ختام حرب الاستنزاف عملية ناجحة نالت شهرة كبيرة أطلقت إسرائيل عليها "السبت الحزين".كان التنافس الرائع بين الجيشين حافزاً لأن يطلب قائد الجيش الثانياللواء/ عبد المنعم خليل من قواته أن تحضر أسرى معها لأن الجيش الثالثيتفوق عليهم في عدد الأسرى. وتم التخطيط لعملية كبيرة يقوم بتنفيذهامجموعة من الصاعقة وأخرى من المشاة تم تدريب المجموعتين لمدة شهر يومياً.وشدد قائد الجيش على المجموعات ضرورة إحداث أكبر خسائر وإحضار أسرى. وتحددالتنفيذ السبت 30 مايو 1970.

عبرت المجموعتان منتصف ليلة 29/30 مايو. كانت مجموعة الصاعقة من الكتيبة83 مكونة من 10 صف ضابط وجندي بقيادة ملازم/ محمد التميمى وملازم/ عبدالحميد خليفة، ومجموعة المشاة من اللواء 135 مشاة مكونة من 21 فرد بقيادةالنقيب/ شعبان حلاوة. تمركز كمين الصاعقة في منطقة شمال مدينة القنطرة،وكمين المشاة في جنوب رأس العش. واتخذ الأفراد مواقعهم مستفيدين من طبيعةالأرض مع الإخفاء والتمويه الجيد وحتى الصباح لم يحدث أي شيء غير عادي.

في العاشرة صباحاً أفادت عناصر الاستطلاع والمراقبة المصرية، أن هناكقول إسرائيلي مكون من 4 دبابة + 4 مدرعة متجه من القنطرة شمالاً إلى رأسالعش. وصدرت الأوامر لكمين الصاعقة بألا يشتبك مع القول وهو متحرك شمالاً،وإنما ينتظره وهو في طريق العودة. وصدرت الأوامر لكمين المشاة بالاشتباكمع القول. ومر القول أمام كمين الصاعقة، ولم يكتشفهم رغم العناصر التيتقوم بتفتيش الأرض إضافة إلى الطائرات التي تحلق باستمرار فوق الجبهةللاستطلاع. ووصل القول مطمئناً في الحادية عشرة صباحاً، وتلقفه كمينالمشاة بالهجوم المفاجئ فقتل وجرح كل من في القول إلا شاويش واحد كانيحاول الفرار تم أسره. وعادت الدورية سريعاً إلى الغرب لأن موقع إسرائيليقريب بدأ قصف شديد على موقع الدورية علاوة على وصول طيران العدو. مما اضطرأفراد المجموعة إلى الاحتماء والاختباء في السواتر والحفر. لكن في السابعةمساء وصل كل أفراد المجموعة سالمين ومعهم شاويش المظلات الأسير.

وأعاد العدو تنظيم القول للعودة، وفى السابعة مساء كان القول مكون من 3عربة مدرعة محملة بجنود المظلات، ووصل أمام كمين الصاعقة.. تجهز الجميعللاشتباك، كانت المهمة الأولى ملقاة على عاتق رقيب/ يوسف عبد الله حاملأر.بي.جي الذي عليه أن يوقف العربة الأولى بأول قذيفة. وعند التنفيذ طاشتأول قذيفة منه وكان هذا الخطأ سيؤدي إلى كشف موقع الكمين، فانطلقالرقيب/يوسف مندفعاً حتى أصبح على مسافة 100متر من العربة الأولى وأطلققذيفته الثانية من المواجهة فدمرها. تبعه باقي أفراد الكمين بالهجوم علىالعربة الثانية والثالثة فقتل وجرح كل من فيها عدا الرقيب/ يائير دورىتسيفى الذي استسلم بعد مقاومة. وأثناء العودة فـّر مرة أخرى محاولاًالهروب لكن الجندي/ خليفة مترى ميخائيل لحق به ودار بينهما قتال فرديبالأيدي استمات فيه الجندي خليفة حتىتمكنٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ من السيطرة عليه والعودة به إلى الضفة الغربية.

بلغت خسائر إسرائيل في هذا اليوم 35 قتيل خلاف الجرحى والأسرى، فكانطبيعياً أن تتحول المنطقة من القنطرة وحتى رأس العش إلى جحيم من النيران.ظل طيران العدو يقذف المنطقة كلها بالقنابل حتى 1000 رطل لمدة سبعة أيام.نتج عنه تدمير في طريق بورسعيد والترعة الحلوة وبعض المنشآت المدنية، لكنالخسائر في الأفراد لا تذكر لحسن تجهيزهم للملاجئ والحفر البرميلية التيقللت كثيراً من تأثير القنابل عليهم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدرع المصرى

لـــواء
لـــواء
الدرع المصرى



الـبلد : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Egypt110
التسجيل : 14/06/2010
عدد المساهمات : 5975
معدل النشاط : 6717
التقييم : 438
الدبـــابة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B3337910
الطـــائرة : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  B91b7610
المروحية : جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  76af2b10

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  411


جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Empty

مُساهمةموضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف )    جند من السماء ( حرب الاستنزاف )  Icon_m10الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:38

حصاد السنوات الثلاث (1967 – 1970) :
توقف القتال بين مصر وإسرائيل في 8 أغسطس 1970 بقبول كلا الطرفين لمبادرةروجرز (وزير الخارجية الأمريكي). والتي كانت تنص على التزام كل من مصروإسرائيل بوقف لإطلاق النيران مدته 90 يوماً. وفى هذه الفترة يعود السفيريارنج يمارس نشاطه في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 لإقامة سلام دائم،يقوم على الاعتراف المتبادل وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلت فيمعركة 1967.

وبتنفيذ هذه المبادرة وسريان وقف إطلاق النار، سكتت المدافع وهدأت الأنفاسبما يسمح بتقييم ما حدث خلال 1155 يوم من القتال مرت منذ وقف إطلاق النارالأول في 10 يونيو1967. كان القتال أساساً بين مصر وإسرائيل وفى الخلفيةالسياسة الأمريكية والسوفيتية بتأثير كبير وواضح. ثم الدول العربية بتأثيرضعيف ومتردد وأوروبا والمجتمع الدولي الذين لم يكن لهما تأثير يذكر علىمجريات القتال. وسنبدأ التقييم بالأطراف الخارجية (أمريكا وروسيا) ثم بعدذلك بأطراف القتال.

* الولايات المتحدة الأمريكية : بانتهاء حرب1967 حققت أمريكا نصراًسياسياً كبيراً على مصر بعد أن ساندت إسرائيل ودعمتها، حتى استطاعت هزيمةمصر عسكرياً واحتلال سيناء. كما فرضت على المجتمع العالمي إصدار قرار منمجلس الأمن ينص على وقف إطلاق النار ولا ينص على الانسحاب من الأراضيالمحتلة. وتصورت أمريكا أنها بهذا قد خلقت وضعا جديدا في منطقة الشرقالأوسط لن يتغير إلا عن طريقها.

كان التصور الأمريكي أن مصر بعد هزيمة 67 لن تقوم لها قائمة، ولن تغامربالقتال مرة أخرى إلا بعد سنوات طويلة يترسخ فيها الوضع الجديد. وتجد مصرنفسها مجبرة علي أن تقبل بشروط إسرائيل التي تتخذ غطاء أمريكيا عند طرحها.كما كان التصور الأمريكي أيضاً أن الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل كافي،لبقاء تفوق إسرائيل على مصر حتى ترضخ في نهاية الأمر.

فعندما صدر القرار 242 والذي ينص على عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة.ساندت التفسير الإسرائيلي للقرار ومشكلة (أل) التي تعني حصول إسرائيل علىبعض الأراضي التي احتلتها في67. ثم قامت بشتيت الجهود السياسية باقتراحمباحثات ثنائية مع روسيا ثم محادثات بين الدول الأربع (أمريكا – روسيا –فرنسا – إنجلترا) كل هذا بالتوازي مع مهمة السفير يارنج الذي يتعثر فيعراقيل إسرائيل في كل خطوة يخطوها. فكان طبيعياً أن تفشل كل هذه الجهود.

وكان هذا ما تبغيه أمريكا وتسعى إليه، ونجحت في تجميد الموقف سياسياً.وعلى الجانب العسكري استمرت في إمداد إسرائيل بأحدث ما في الترسانةالأمريكية من أسلحة. تمثل في طائرات الفانتوم وسكاى هوك وصواريخ الدفاعالجوي طراز هوك، والتي كانت تحقق لإسرائيل مهاجمة العمق المصري. دون أنتستطيع مصر الرد لأنها لا تملك طائرات تصل إلى عمق إسرائيل – وإن قامتبالرد في العمق الإسرائيلي بوسائل أخرى – كما أنها أيدت إسرائيل فيمهاجمتها للعمق المصري.
لكن التصور الأمريكي والذي تمت على أساسه تحركات وخطط السياسة الأمريكية،تآكل يوماً بعد يوم حتى وصل في النهاية إلى شيء مختلف تماماً.. كان هذابسبب شيء بسيط عبقري، السبب أن مصر لم تقبل الهزيمة وقررت القتال بعد أياممن هزيمة يونيو1967. كان المقاتل المصري هو المعول الذي هدم ما بناهالسياسيون الأمريكيون..

فخسائر إسرائيل مرتفعة ومتوالية، وميزان النصر يميل نحو مصر.. وتبلورالموقف أمام السياسيين في أمريكا بأن التفوق الإسرائيلي لم يحقق شيئاًحاسماً، مما سيؤدي إلى فقد إسرائيل قدرتها على الردع وممارسة الضغوط ضدمصر. كما أن الوجود السوفيتي في المنطقة أصبح شيء مقلقاً لأمريكا، لأن هذاالوجود بمثابة تمدد وتوسع للنفوذ السوفيتي في الشرق الأوسط. الأمر الذي قديؤدي إلى احتمالات المواجهة بين القوتين العظيمتين. وهي لا ترغب في ذلك.فتقدمت بمبادرة روجرز إنقاذاً لإسرائيل ولتعيد تقييم الموقف.

* الاتحاد السوفيتي : سارع الاتحاد السوفيتي بعد يونيو1967 إلىالوقوف بجانب مصر. كان واضحاً للعالم كله أن الهزيمة ليست هزيمة مصر فقطوإنما هي هزيمة أيضاً للاتحاد السوفيتي. ونحن لا ننكر الدور السوفيتي فيأعقاب1967، بخصوص إعادة تسليح القوات المسلحة المصرية والذي استمر حتى حربأكتوبر1973. لكن ما يؤخذ على الموقف السوفيتي أنه رغم الدعم بالسلاحوالمعدات المستمر، كان هناك قيود صارمة لا يحيد عنها في نوعيات وأعدادالأسلحة والمعدات والطائرات التي يزود بها مصر.

كانت روسيا لا تستجيب لكل ما تطلبه مصر من كميات وأنواع. وإنما تقدم لمصرالنوع والكمية التي يقدر أنها توفر الحد الأدنى اللازم للدفاع عن نفسها.كان الهدف أن تحتفظ مصر بقدرتها على الصمود ولا تتعرض لهزيمة كبرى مثل ماحدث في 1967. وقد أدركت القيادة السياسية المصرية هذا التوجه السوفيتيالذي يجعلها غير قادرة على فرض حل عسكري على إسرائيل، أو حتى التهديدباستخدام القوة.

ونتيجة لهذه النظرة السوفيتية واجهت مصر مصاعب عديدة في الحصول على ماتريده من أسلحة ومعدات لكي تحقق هدفها في تحرير الأرض. "وكثيراً ما اتبعالاتحاد السوفيتي أساليب التسويف والتباطؤ الشديد فضلاً عن الرفض، فيتسليم مصر ما تطلبه من أنواع الطائرات الحربية الحديثة. خاصة المقاتلاتالقاذفة بعيدة المدى القادرة على تهديد أراضي إسرائيل. بل أصر على ألايمنح مصر سوى قدر محدود من صواريخ الدفاع الجوي سام6 الذاتية الحركة، وهيسلاح دفاعي لكنها تمثل عصب الدفاع الجوي عن القوات البرية المهاجمة عندتحركها في عمق أراضي العدو" .

لكن الرئيس عبد الناصر الذي كان يعي ويدرك تماماً الموقف السوفيتي، استطاعفي لقائه مع القادة السوفيت في يناير 1970 إجبارهم على إرسال قوات سوفيتيةلحماية العمق المصري ضد غارات إسرائيل. وتطور الدعم السوفيتي تحت ضغط عبدالناصر إلى بناء حائط الصواريخ، الذي شكل تهديداً كبيرا للطائراتالإسرائيلية. وأسفر في نهاية الأمر عن تراجع التفوق الجوي الإسرائيلي،والذي وضح من 30 يونيو1970 بعد أن تساقطت الطائرة الفانتوم الإسرائيليةوسكاى هوك تباعاً.
وقد اعترضت القيادة السوفيتية على قبول مصر مبادرة روجرز وكان موقفاًغريباً حقاً. فالجهد السوفيتي السياسي ضئيل، أمام التحرك الأمريكي والضغوطلإفشال أي مبادرات تسوية سلمية. كما وأنه لم يقدم لمصر السلاح القادر علىردع إسرائيل والحسم في القتال الدائر لمدة ثلاث سنوات. بل كما ذكرنا أنهقدم الدعم الحقيقي والمؤثر تحت ضغط من الرئيس عبد الناصر. كان الهدفالسوفيتي من رفض مبادرة روجرز هو أن تبقى مصر تحت ضغط الحاجة إلى روسيا.كما وأن توقف القتال لفترة سيسمح لمصر أن تقيم الأمور بهدوء، وستظهرالدروس المستفادة من القتال. بما يعني تطوير ورفع القدرة القتاليةالمصرية، وهو أمر غير مرغوب فيه من القيادة السوفيتية التي تسعى إلى أنتكون قدرة القوات المسلحة المصرية دفاعية وفقط.

* إسرائيـل : خرجت إسرائيل دولة وشعباً وجيشاً من حرب 1967 وقدأيقنت أنها حققت جزء كبير من الحلم التوراتي (إسرائيل من النيل إلىالفرات). وكان النصر مدوياً ليس عن كفاءة إسرائيلية فقط، وإنما الجزءالأكبر كان بسبب قصور فادح من جانبنا. واستراحت إسرائيل واطمأنت إلى أنمصر لن تقوم لها قائمة على الأقل لعشر سنوات قادمة. واستكمالا للحلمالإسرائيلي حاول ديان وزير الدفاع الإسرائيلي أن يخلق أمر واقع جديد،بأحقية إسرائيل في نصف مسطح قناة السويس. فيكون لإسرائيل الحق في نصف دخلالقناة بعد فتحها للملاحة. وحاول تنفيذ ذلك يوم 13 يوليو 1967 بإنزال قاربمطاط في القناة تحت حراسة عربة مدرعة، تقوم بحمايته من على الشاطئ فيمنطقة لسان بور توفيق. وكان أحد أفراد القارب يحمل علما إسرائيليا ضخما.فما كان من قواتنا وهى على بعد 100 متر من هذا المشهد إلا أن قام جنديبفتح النيران على الزورق، واندفعا جنديان آخران إلى مياه القناة وقلباالزورق الإسرائيلي، وسحبا أول أسيرين إسرائيليين. الملازم بحري(فيروفلاكسى أبراهام) والرقيب بحري (يعقوب كاهانونى).

وانتاب القادة الإسرائيليون غرور قاتل، فرغم ما يتمتعون به من حنكةعسكرية وخبرة قتال، فقد وقعوا في خطأ جسيم جر عليهم خسائر فادحة بعد ذلك.فلقد صدقوا أنهم انتصروا بجهدهم فقط وأن الجندي الإسرائيلي يتفوق عليالمصري في كل شيء. تناسوا عوامل كثيرة ساهمت في هذا النصر ذكرناها فيكتاب(صراع في السماء).. لقد وقعت إسرائيل خلال هذه الحرب (1967-1970) فيعدة أخطاء سنعرضها باختصار.

أول هذه الأخطاء : تنازلت إسرائيل عن مبدأ هام في عقيدتهاالقتالية، فالجيش الإسرائيلي لما يتميز به من خفة حركة وقدرة علىالمناورة، كان يعتمد على الهجوم بعنف وبحسم ونقل المعركة إلى أرض العدو.وكان هذا عامل تفوق واضح على كل الجيوش العربية التي تعتمد على الدفاع منالثبات. وقد حقق هذا المبدأ نجاحاً مستمراً للقوات الإسرائيلية. لكن انقلبهذا المبدأ إلى خط دفاعي تدافع فيه قوات إسرائيل من الثبات. وكان صاحب هذاالفكر حاييم بارليف الذي سمى خط الدفاع باسمه، وقد عارضه جنرال شارونويسرائيل تال لكن لم يؤخذ برأيهما وتم تنفيذ الخط الدفاعي على شاطئ القناةالشرقي. كان الخط الدفاعي هذا هدية السماء للمصريين. فقبل عام 1967 كانالضابط والجندي المصري لا يعرف شيئاً عن الجيش الإسرائيلي، وجاءت حرب 1967لتجعل الجيش الإسرائيلي أسطورة لا تقهر. وإن الجندي الإسرائيلي كائن أرقىمن البشر العاديين. وجاء خط بارليف ليضع الجندي الإسرائيلي على بعد 200متر من الجندي المصري. وكان هذا قدم السعد على مصر وجنودها. فبداية منمعركة رأس العش بعد عشرين يوماً فقط من حرب 1967، واستمراراً بالاستطلاعالمتواصل خلف خطوط العدو، وبأعمال الكمائن والغارات المستمرة وخطف الأسرى،والاشتباك شبه اليومي مع جنود العدو، بدأت الهالة والأسطورة الإسرائيليةتتساقط أمام عيون الضباط والجنود المصريون. ومع كل يوم قتال، كانت الثقةالمصرية في النفس تزداد. حتى وصلت أعمال العبور إلى كتيبة (أكثر من 350فرد) واستمرت في الضفة الشرقية يوماً كاملاً.

كان الخطأ الثاني الذي وقعت فيه إسرائيل : هو أن جيشها فقدالمبادأة وهو أحد عوامل القتال الأساسية. فقد انقلبت الآية التي استمرتطويلاً في يد إسرائيل وأصبحت مصر هي التي تقوم بالفعل ثم يأتي رد الفعل منإسرائيل. ولهذا تمكنت مصر من تحديد حجم قوات الهجوم ومكان الهجمات، ودرجةتصعيد الموقف وأيضاً متى تتوقف. وإن كان الموقف تغير مرة حين أشركتإسرائيل طائراتها في 20 يوليو 69 ومرة أخري حين أخذت زمام المبادأة وقامتبتصعيد القتال بمهاجمة العمق المصري.






وكان الخطأ الثالث : هو أن إسرائيل لم تتخل عن الاستعراض فيأعمالها القتالية. فأغلب هجماتها كانت على مواقع منعزلة قليلة العدد، لكنبوسائل الإعلام التي تصاحب القوات المهاجمة تقوم بإضفاء هالة ضخمة علىالعملية، فيصدق الشعب الإسرائيلي أن قواته تلحق خسائر كبيرة في المصريين.لكن الخطيئة أن القادة الإسرائيليون صدقوا هذا.. كما أن هجماتهم على نقطمنعزلة ومحطات كهرباء في صعيد مصر لم تكن تحدث الخسائر التي تجبر مصر عليإيقاف الحرب. على عكس الهجمات المصرية التي كانت ضد مواقع حصينة رئيسيةتوقع فيها خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات.

وكان الخطأ الرابع : أن إسرائيل عندما صعدت الهجمات الجوية بمهاجمةالأهداف المدنية بالقنابل، وأوقعت خسائر في المدنيين، لم تكن تدرك أن هذاالموقف أشعل القوات المسلحة حماساً ورغبة في الانتقام. فقامت قواتنابعمليات عديدة رداً على تلك الهجمات.. فخيّم علي حكومة وشعب اسرائيل كآبةوحزن لارتفاع الخسائر البشرية فى قواتهم. وقد عبرت مجلة "التايمز"الأمريكية عن هذا بمقال نشرته في يونيو1970 (ذكرى مرور ثلاث سنوات على حربيونيو1967) تحت عنوان "الكآبة تتزايد في إسرائيل" قالت المجلة "في الذكرىالثالثة لحرب1967، اتسمت حالة الإسرائيليين بالكآبة والضياع، وبدءوايسألون عما إذا كانوا قد كسبوا حرباً بالفعل ؟ أم أنها مجرد الجولة الأولىمنها ؟ ".

وقد اعترف قادة إسرائيل بعد توقف القتال بمدى الخسائر التي كانت تعانيهاإسرائيل من الهجمات المصرية. فقال إيبان وزير الخارجية يوم 29 أغسطس 1970"إن خسائرنا في الأفراد والقتلى وفى المعدات الثمينة (يقصد الطائرات) جعلتحرب الاستنزاف غالية التكاليف بالنسبة لنا. ولولا وقف إطلاق النار لواجهتإسرائيل تصاعداً في الحرب مع مصر، وبالتالي زيادة في عدد القتلى والجرحىوتآكل التفوق الجوي".

وقال متيتياهو بيليد أحد القادة العسكريين فى سبتمبر 1970 "إن الجيشالإسرائيلي فشل في الناحية العسكرية في حرب الاستنزاف، وهذه أول معركةيهزم فيها في ساحة القتال منذ قيام الدولة، لدرجة أننا في إسرائيل أمسكنابأول قشة ألقيت لنا وهي وقف القتال".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

جند من السماء ( حرب الاستنزاف )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية

 مواضيع مماثلة

-
» حرب الاستنزاف من وجهتى النظرالمصرية "حرب الأستنزاف" ووجهة النظر الإسرائيلية "الاستنزاف المضاد"
» حرب الاستنزاف(1967- 1970)
» حرب الاستنزاف
» حرب الاستنزاف
» حرب الاستنزاف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History :: الشرق الأوسط :: حرب الاستنزاف 1967 - 1970-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019