أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:38
مصـر : ذكرنا أن مصر قد باتتيوم 10 يونيو67 في حال وصحت يوم 11 يونيو في حال آخر. واستعرضنا كيف أنالرئيس عبد الناصر نفسه اجتمع مساء 11 يونيو بالفريق أول/ فوزي وكلفهبمهام للقوات المسلحة نابعة من فكر استراتيجي واضح.. مهام وتكليفات تأخرتعشر سنوات، لكنها صدرت لتصحيح ما فات.. تعلن عن بداية مرحلة جديدة تعيشهامصر كلها قيادة وجيشاً وشعباً.. كانت مظاهرات الشعب فى9 ،10 يونيو التيأعلنت فيها رفض الهزيمة هي الشرارة التي فجرت في الإنسان المصري كل طاقاته.
نجح أهـل الخبـرة والكفـاءة الذين تولوا قيادة القوات المسلحة طوالالسنوات الثلاث 1967-1970 في بناء قوات مسلحة تعرف المهمة المكلفة بها،ومن العدو الذي تقاتله ؟ وتعرف دورها في منظومة الدولة. ومن هذا انطلقالجميع في التدريب والقتال. وتحولت القوات المهزومة والفلول العائدةالمنسحبة في67 إلى قوات على درجة عالية من الكفاءة القتالية. وتصاعدت هذهالكفاءة، حتى وصلت إلى أن تطلب أمريكا وإسرائيل ضمناً وقف إطلاق النار،لأن الخسائر الإسرائيلية بلغت حداً لا يحتمل.
كانت حرب الاستنزاف أول صراع مسلح تفرضه مصر على إسرائيل واستمر ثلاثسنوات. فاضطرت إسرائيل إلى الاحتفاظ بنسبة عالية من جنود الاحتياط، فانعكسهذا سلبياً على معنويات شعب إسرائيل، الذي صدق القادة حين أعلنوا أن حرب1967 هي آخر الحروب. وأنهم ينتظرون العرب لتوقيع المعاهدة بشروط إسرائيل.ثم تهتز مصداقية القادة في نظر الشعب حين "تنشر مجلة جيش الدفاعالإسرائيلي أن إسرائيل فقدت خلال حرب الاستنزاف40 طيار و27 طائرة. علاوةعلي 827 قتيل و3141 جريح وأسير. كذلك خسرت مدمرة + 7 زورق وسفن متنوعة.وأيضا 72 دبابة + 119 عربة مجنزرة +81 مدفع هاون" - بالتأكيد هذه الأرقامتقل كثيراً عن الحقيقة – ومع التأكيد على إن حرب الاستنزاف فيها ما هوانتصار وإيجابي لمصر، أيضاً فيها ما هو خسائر وسلبي. لكن في المجموع نجدأن الإيجابي والانتصار يفوق الخسائر والسلبيات بكثير. رغم أنها لم تحققاسترداد شبر واحد من الأرض المحتلة، وهو ما يقوله المهاجمين لها دون دراسةأو تحليل دقيق.
كان الخطأ الذي وقعت فيه مصر أثناء تقدير الموقف، أنها افترضت أن الحربستنحصر في منطقة قناة السويس وبالقوات البرية فقط. فإذا بالعدو يوسع نطاقالعمليات على طول الشاطئ الغربي لخليج السويس حتى الغردقة والوصول إلىأعماق الصعيد.- وإن كانت أعمال غير ذات قيمة عسكرية – إلا أنه أجبرالقيادة العسكرية المصرية على تعديل في خطة المواجهة، ونشر القوات علىحدود مصر الشرقية بالكامل وحتى أعماق الصعيد.
كانت هناك أخطاء أيضاً في التصعيد والتهدئة في عمليات الجبهة، مما جعلالعدو الإسرائيلي يقتنص المبادأة من مصر ويشرك قواته الجوية في مهاجمةأهداف مدنية وعسكرية في العمق، وإن لم يستمر هذا طويلا. ونجحت القيادةالسياسية في إجهاض هذه المبادأة الإسرائيلية بوجود قوات سوفيتية للدفاعالجوي (طيران – صواريخ) لحماية العمق المصري من الغارات.
ووقعت القيادة السياسية والعسكرية في خطأ الحذر الإعلامي الشديد.فكان الإعلام المصري أقل بكثير من أحداث وبطولات الحرب نفسها، مما جعلالكثير من الكتاب والمثقفين بل وبعض من عامة الشعب يستنكرون حربالاستنزاف، ويعتبرون أنها استنزاف لمصر. على العكس من الإعلام الإسرائيليالذي كان يضخم ويروج بحرفية متقنة أي انتصار إسرائيلي أثناء الحرب مهماكان حجمه صغيراً.
وكان هناك خطأ للقيادة السياسية المصرية لكنه كان مفروضاً عليها ولم يكنله مخرج. ألا وهو عدم قدرتها على تحقيق التوازن بين القوات المصريةوالإسرائيلية في التسليح كما ونوعاً. وهذا الخطأ يرجع أساساً لقرارالقيادة السوفيتية غير المعلن بإمداد مصر بالأسلحة الدفاعية فقط. ولكنوبرغم هذه الأخطاء منا أو مفروضة علينا، فقد كسبت مصر كثيراً من حربالاستنزاف قيادة وجيشاً وشعباً.
كان أول وأهم هذه المكاسب : هو ظهور وبناء عقيدة قتال مصرية. فبعدالمواجهات المتعددة براً وجواً وبحراً مع العدو الإسرائيلي وبالدروسالمستفادة من تحليل كل مواجهة أو اشتباك، نجد أن القائد والضابط والجنديالمصري أصبح يخطط وينفذ ما يراه هو من خبرته الواقعية، وليس من النظرياتالتي يقول بها الخبراء السوفيت. وتجلى هذا بصورة كبيرة في القوات الجويةوالدفاع الجوي. فخبرة القتال انعكست على الارتفاع بمستوى الطيارينوالموجهين وأطقم الطائرات الأرضية، وأطقم الدفاع الجوي.
ثاني هذه المكاسب : هو أن الاشتباك المستمر مع العدو البري أوالجوي بواسطة الجيوش الميدانية على طول الجبهة، أفاد في أسلوب تجهيز مسرحالعمليات وتحصينه. كما أمكن معرفة مدى الإصابة والتدمير للدبابة المصريةوالإسرائيلية والمقارنة بينهما، فبدأ التركيز على الصواريخ المضادةللدبابات والتي كانت مفاجأة للعدو الإسرائيلي في حرب 1973. وأدت معاركالمدفعية المستمرة إلى استحداث وسائل متطورة لإدارة النيران. ونستشهد علىذلك بما قاله العميد/ أشعيا عن قصفة يوم 8 مارس 1969 "لقد ارتعدت من شدةالقصف وفاعليته لقد استخدم المصريون حوالي 150 بطارية مدفعية وأعداداًكبيرة من الدبابات والمدافع المضادة للدبابات والرشاشات، وكانت معظمالطبات ذات صمام تأخير، لقد شن المصريون مفاجأة على طول جبهة القتال، فقتلمن قتل وجُرح الكثير من الهجوم، وتهدمت المخابئ كما لو كانت بيوتاً منورق، ثم تبعه قصف آخر ووضح أن هناك ثمة تغيير في أسلوب الدفاع" .
وقد عرفنا من قبل ما قام به الدفاع الجوي المصري من تطوير للمعداتوالصواريخ واستخدام أسلوب الكمائن، الذي قطع ذراع إسرائيل الطويلة، فلمتقدم شيئاً لقواتها في مرحلة العبور أثناء حرب 1973. فضلاً عن أن التشويشالرادارى على الدفاع الجوي هو الذي كتب ميلاد إدارة الحرب الإلكترونية فيالقوات المسلحة المصرية، وكان لها باع كبير أثناء حرب 1973 في إبطال مفعولالتشويش الإسرائيلي على قواتنا.
ثالث هذه المكاسب : أن قتال حرب الاستنزاف أفرز الاجتهاد والفكرالمصري الذي نجح في تعظيم وسائل ومعدات القتال المتاحة. وسنضرب مثال واحدفقط باللواء الجوي 205 مقاتلات قاذفة. تمكن قائد اللواء المقدم طيار/ محمدعبد الرحمن من تجهيز دفعة من الطيارين للقتال في زمن قدره 3 شهور بمتوسط65 ساعة طيران لكل طيار، مقابل طيارين تدربوا في روسيا في مدة 6 شهوربمتوسط 30 ساعة طيران لكل طيار. كما استطاع ومعه المهندسون والفنيون منخفض مدة تفتيش الطائرة السوخوى-7 من 17 يوم إلى 5 أيام. وتموين 4 طائرة فيزمن قدره 4.5 دقيقة. وهذه الأرقام لها دلالات كثيرة وتترجم أثناء القتالإلى مضاعفة عدد الطلعات وكفاءة قتالية أعلى ...الخ. وهذا مثال واحد فقطتكرر كثيراً في وحدات القوات المسلحة.
رابع هذه المكاسب : في يونيو 67 كان لأجهزة الحرب الإلكترونية التيفي حوزة الجيش الإسرائيلي دور ومؤثر في القيادة والسيطرة على القواتالمصرية (بالتشويش والتنصت والتداخل). وعاودت إسرائيل استخدام الحربالإلكترونية في حرب الاستنزاف بشكل مؤثر. وهذا النوع من الحرب لم يكنمعلوما للجيش المصري قبيل الحرب، فأتاحت حرب الاستنزاف لمصر التخطيطالواعي والدقيق لاقتناء أجهزة تتلاءم وإمكانيات القوات المصرية، حتىتستفيد منها إلى أقصى حد. وروعي تأثيرها على العدو مع حماية موجاتناالكهرومغنطيسية من مراقبة وتشويش العدو.
خامس هذه المكاسب : أن حرب الاستنزاف حطمت الحاجز النفسي بين مصروإسرائيل على كافة المستويات السياسية والعسكرية، فالهزيمة قبل ذلك فيثلاث جولات كانت تشكل عبئاً ثقيلاً في التخطيط على القائد وفى التنفيذ علىالمقاتل. لكن بتوالي العمليات وتحقيق نجاح يتلوه نجاح سقط هذا الحاجزنهائياً. وشاهدنا كيف كانت الوحدات تتسابق وتتنافس على الإغارة أو خطفأسير، حتى أن 15% من قوات الجبهة قامت بالعبور والقتال الفعلي في الشرق معالعدو. كما وضح هذا بصورة أكبر على الطيارين المصريين، فأصبحت الطلعاتالجوية المصرية سواء قصف لمواقع العدو أو اعتراض طائراته تتم بصورة يوميهعاديه. وبسقوط هذا الحاجز النفسي وبتوالي الانتصار تولدت روح أكتوبر التيسنعرف عنها الكثير في الصفحات التالية. كما أن الشعب المصري كله رجالونساء، شبابا وشيوخ, تلاحم مع قواته المسلحة التي أزالت جزء كبير منالهوان الذي شعر به في 1967.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:39
ونلخص للقارئ الكريم ما دار في 500 يوم قتال متصل في الآتي : "معدلات الاشتباكات البرية : 1-2 قصفة مدفعيه مدبره يوميا بحجم 2-3 كتيبة مدفعيه... اشتباكات فردية2-13 اشتباك يومي... اشتباكات المدفعية خلال عام 69 حوالي 4000 اشتباك ...تراشقات بأسلحة الضرب المباشر والأسلحة الصغيرة 10-20 اشتباك يوميا...دوريات وكمائن 2-4 داوريه/كمين يوميا… تنفيذ1-2 عمل تعرضي (هجومي) كبيربالقوات أسبوعيا... كان إجمالي الأعمال القتالية المصرية الناجحة، والتي أحدثت خسائر بالعدو81 عملا في مقابل 32 عملا ناجحا للقوات الإسرائيلية.لصالحنا بنسبة 2,6 : 1 قصف العدو الإسرائيلي أهدافا مدنيه أحدثت خسائر بالمدنين 52 مره.... قصفالعدو الإسرائيلي أهدافا في العمق 35 مرة.... نفذت قواتنا غارات في العمقالإسرائيلي 10 مرات.
وحتى لا أتهم بالانحياز للقوات المسلحة المصرية وأنا أحد أبناءها بتضخيمانتصارها في حرب الاستنزاف سأستشهد بقول من الجنرال عايزرا وايزمان أحدقادة إسرائيل ووزير الدفاع فيما بعد في كتابه "على أجنحة النسور" يقول عنحرب الاستنزاف :- عندما وافق المصريون على إيقاف النيران في أغسطس 1970 فسرنا ذلك بأنهاعتراف منهم بأنهم لم يتحملوا القصف الكثير من جانبنا. ومع عدم التقليل منالخسائر التي تحملوها نتيجة لهجمات سلاحنا الجوي فقد تحققت مخاوفي من أنحرب الاستنزاف التي أريقت فيها دماء أفضل جنودنا انتهت بأن أصبح للمصريينحرية العمل لمدة ثلاث سنوات للتحضير لحرب أكتوبر. وعلى ذلك فمن الجنون أن نقول أننا كسبنا حرب الاستنزاف والعكس فإن المصريين وبرغم خسائرهم هم الذين استفادوا منها أكبر فائدة.
في الفترة من 1970-1973 أخذ قادتنا (الإسرائيليون) يرددون أننا كسبنا حربالاستنزاف فأثروا على عقولنا بدلاً من القول أننا فشلنا في تدمير شبكةصواريخ الدفاع الجوي المصري، وعلينا أن نستعد للتغلب عليها لأنها ستلعبدوراً حاسماً في الحرب القادمة، ولابد من إيجاد وسيلة لإسكاتها وهكذا عشنافي الأوهام بدلاً من مواجهة الحقائق. وقد نكون نجحنا في رفع الروحالمعنوية للشعب ولكننا دفعنا الثمن غالياً.. بينما كانت حرب الاستنزافمستمرة دون أن يتمكن جيشنا من إيقافها، أصبحت تدريجياً وليس كالآخرينمقتنعاً بأنها المرة الأولى التي لم ننتصر فيها، لقد قلت مراراً أننافشلنا في هذه الحرب.
وسنظل نذكر أن حرب الاستنزاف هي الحرب الأولى التي لم تنتصر فيهاإسرائيل وهي حقيقة عبّّّّدت الطريق أمام المصريين لشن حرب يوم كيبور فيأكتوبر 1973 كان هذا قول عايزرا وايزمان ولا تعليق لنا عليه.
وقال جنرال شارون في سيرته الذاتية التي حررها بالعبرية (دافيد شانوف) وترجمها إلى العربية أنطوان عبيد ونُشرت عام 1992 : "كانجنودنا على امتداد القناة يواجهون الموت باستمرار، وفى غياب نظرة شاملةوبعيدة المدى وجدت قواتنا نفسها معرضة للنيران المصرية من دون حماية أوملجأ، فقررت من تلقاء نفسها بناء المعاقل، واتسعت الإنشاءات مع مرورالوقت، وغدت مصطنعة أكثر فأكثر متحولة إلى خط محصن حقيقي. وعندما تعرضتمواقعنا لنيران المدفعية الثقيلة، تكبدت قواتنا خسائر جسيمة..ثم يضيف:وخلال السنوات الثلاث لحرب الاستنزاف، انشغل جنودنا بإصلاح الأضرار وتحصينالمواقع التي دمرتها المدفعية، وكلفتنا الكمائن والغزوات ضد دورياتناأرواحاً غالية جداً، وعند وقف إطلاق النار كانت خسائرنا قد بلغت 1366إصابة منها 367 إصابة مميتة، وكان الحاخام الأكبر يزورنا باستمرار، ويصلىمع الجنود، ويقضى الليل معهم".
ونختتم ملحمة حرب الاستنزاف بخطاب الرئيس عبد الناصر في يوليو 1970 : "إن الجيش المصري قام بجهد خارق لإعادة بناء نفسه، بعد ظرف من أسوء الظروفالتي واجهها نضالنا. وتمكن هذا الجيش الذي ظنه العدو أن أمره قد انتهى إلىعشرات السنين من أن يعود إلى القتال مرة أخرى، في سرعة سوف يعدها التاريخالمنصف لهذه الفترة ضرباً من المعجزات.. إن الجهد المتفاني الذي بذله مئاتالألوف من رجال وشباب مصر ممن كان لهم في هذه الفترة العصيبة شرف الخدمةالعسكرية حقق مستوى قتالي لم يكن على بال صديق أو بال عدو قبل ثلاث سنوات". في يناير 1970 بلغت حرب الاستنزاف مرحلة شديدة الحرج لكل من مصر وإسرائيل.فخسائر إسرائيل البشرية مستمرة وبأرقام كبيرة في القتلى والجرحى، نتيجةالهجمات المصرية التي شملت البر والبحر والجو. كانت الأرقام تصيب الشعبالإسرائيلي بإحباط شديد، فبدأت الثقة في الحكومة والجيش الإسرائيلي تهتز.كما وضح أمام قادة إسرائيل أن غارات العمق في صعيد مصر والبحر الأحمربواسطة الكوماندوز لم تأت ثمارها، وأن الشعب المصري لم يثور على قيادته.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:40
الفصل الخامس هدنة .. ثلاث سنوات
تنََََفذ وقف إطلاق النار بين مصروإسرائيل في الثامن من أغسطس 1970. وغمر المنطقة هدوء شامل بعد أن صمتتالمدافع وهبطت الطائرات. إلا من صخب سياسي بدأ منذ اليوم الأول للهدنة،فقد أثارت الحكومة الإسرائيلية موضوع حائط الصواريخ المصري الذي تمركز علىحافة القناة قبل وقف إطلاق النار بساعات. وقدمت صوراً جوية لمواقع الجبهةقبل وبعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، حتى تثبت أن مصر خرقت الاتفاق، لكنأحد لم يستمع إليها وأصبح حائط الصواريخ أمراً واقعاً. وكان لهذه الخطوةأثر كبير في حرب أكتوبر1973.
وبدأت مصر سياسياً وعسكرياً تلتقط أنفاسها بعد القتال العنيف الذي استمرزهاء عامان، والكل يشعر بأن الظروف قد أصبحت مواتية للعمل والتخطيطللمرحلة المقبلة في هدوء. لكن الأقدار فاجأت الجميع بما لم يكن فيالحسبان.. فبعد أيام فقط من الهدوء اشتعلت المنطقة لكن في اتجاه آخر. فقدوقع صدام بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية في عمان بدأ أول الأمرمحدوداً، لكنه تصاعد متخذاً صورة القتال بين الطرفين. وكاد الأمر يتصاعدأكثر حين حاولت سوريا التدخل لمساندة الفلسطينيين بقواتها لكن أمريكاوإسرائيل تصديا للمحاولة وهي في مهدها فعادت القوات السورية إدراجها إلىأراضيها.
وتتقدمت مصر لتلعب دورها القائد، فدعا الرئيس عبد الناصر إلى اجتماع قمةعربي في القاهرة حضره الملوك والرؤساء العرب. دارت فيه أحداث غريبة ومواقفشاذة انتهت بتوقيع اتفاق يقضى بأن تغادر منظمة التحرير الفلسطينية الأردن.ونجح ثلاثة من القادة العرب في إخراج السيد/ ياسر عرفات رئيس المنظمةوتهريبه من الأردن بعد حصاره ومحاولة تصفيته. واختتمت هذه الأحداثالمتلاحقة بحدث هو قمة الدراما. ففي يوم 28 سبتمبر 1970 وبعد وداع الرئيسعبد الناصر للملوك والرؤساء العرب، وقد حقق نجاحاً في وقف القتال بينالأردنيين والفلسطينيين توفى جمال عبد الناصر في المساء.
دخلت مصر في منعطف حزين بفقد الرئيس عبد الناصر لكن وكعادة الشعب المصريبعبقريته البسيطة تجاوز حزنه الهائل في أيام معدودة. فالكل كان يعي بأنالوطن هو الأهم، وأن العدو مازال يتربص بهذا الوطن. وتولي الرئيس أنورالسادات مقاليد الحكم في سهولة ويسر. وكان طبيعياً نتيجة لهذا أن يتم وقفإطلاق النار لمدة ثلاث شهور أخرى حتى يستطيع الرئيس السادات وهو الرئيسالجديد دراسة الموقف دراسة شاملة وإعادة ترتيب أمور عدة فرضها اختفاء عبدالناصر.
كان أهم ما حدث عقب وفاة عبد الناصر أن الرئيس إليكس كوسيجين وكان يرأسالوفد السوفيتي لتقديم العزاء طلب أن يجتمع بالمسئولين المصريين، فتمترتيب اجتماع له مع بعض الوزراء وبعض أعضاء اللجنة العليا للاتحادالاشتراكي. وكان أهم ما قاله هو إن شحنات السلاح إلي مصر ستتوقف لحيناستقرار القيادة الجديدة في مصر. لكن الأهم هو "نحننريد أن نساعدكم على استعادة أراضيكم المحتلة، لكننا لا نعتقد أن الحربالمسلحة ضرورية لتحقيق هذا الهدف، وإنما يجب أن تعطى الفرصة كاملة للعملالسياسي. وفى مطلق الأحوال فإننا نرجوكم أن تعرفوا أننا لسنا على استعدادلمواجهة خطرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ونأمل أن يكون ذلك مفهوماًلديكم جيداً باعتباركم أصدقاء للاتحاد السوفيتي". وكانت هذه هي سياسةروسيا تجاه مصر. دعم سياسي وعسكري للدفاع فقط، أما الهجوم لتحرير الأرضواستعادة سيناء فغير مقبول بالمرة. ونظن كلمات كوسيجين رئيس الوزراء لاتحتاج إلى شرح أو توضيح.
والتقىالرئيس السادات قادة القوات المسلحة لأول مرة في 30 ديسمبر 1970 "وبعد أناستمع الرئيس السادات إلى تقارير القادة وخطط الدفاع والاستنزاف والردعوخطط تطوير القوات المسلحة قال : علينا الاستعداد في أي وقت حتى 5 فبراير1971 والشعب أيضاً يجب أن يكون جاهزاً للمعركة.. ولن نمد وقف إطلاق النارمرة ثالثة إلا إذا وُجد جدول زمني.. وعن موقف الاتحاد السوفيتي أشارالسادات أنه يجب ألا نصنع شقاق مع المستشارين السوفيت.. وقد كسبنا معركةغارات العمق بفضل المعاونة السوفيتية.. ويجب الاستعداد ونكون جاهزين قبل 5فبراير لكل احتمال رغم النقائص، ولكن يجب عمل شيء بما هو موجود لدينا..لقد كسبنا معركة سياسية ضد أمريكا لأول مرة، وليس لنا حجة.. ولازم نعملمعركة كويسة بالفكر الهادئ والتخطيط السليم والأعصاب الهادئة ونقابل كلموقف بما يستحقه. ثم أكد قائلاً لا تَخلوا بي في 5 فبراير أو تَخلوابالشعب اللي حيكون جاهز لتلقى أي صدمات وأنا أجهزه لأسوء الفروض !!".وانتهى الاجتماع والقادة مندهشون ويتساءلون عن آخر كلمات اللقاء وعن تجهيزالشعب لأسوء الفروض. وانقضى عام 1970 بأحداثه الدرامية، وجاء عام 1971 بأحداث ووقائع متلاحقةجعلت موعد الحرب المتوقع يتراجع خطوات وخطوات.. في يناير 1971 اجتمع وزراءالحربية والخارجية والداخلية وشئون رئاسة الجمهورية مع قيادات الاتحادالاشتراكي لدراسة الموقف بعد يوم 5 فبراير موعد انتهاء وقف إطلاق النار،وتبادل الجميع وجهات النظر. كان أبرز ما في الاجتماع أنه تم دون حضور أوإخطار الرئيس السادات، أيضاً أن الفريق أول/ فوزي قال بأن الحرب إذا بدأتفلن تكون حرب استنزاف أو محدودة.
وكان على الرئيس السادات أن يحسم أمره فقد اقترب يوم 5 فبراير والشعب كلهفي انتظار القرار. ولما كانت القوات المسلحة غير مستعدة وغير جاهزة لحربالتحرير، وروسيا مازالت مقتنعة بعدم هجوم مصر على إسرائيل. فقد خطر للرئيسالسادات أن يتقدم بمبادرة جديدة حتى يخرج من المأزق الذي وجد نفسه فيه.فالقيادات حوله تنادي بالحرب وهي غير قادرة على تكاليفها ولا تملكإمكاناتها، وروسيا أعلنتها صراحة اتجاهها نحو الحل السلمي، وإسرائيل تنتظرماذا سيسفر عنه الموقف بعد 5 فبراير، وهي مقتنعة بأنها مازالت الأقوى لأنخلفها الدعم الأمريكي السياسي والعسكري.
وفاجأ السادات الجميع يوم 5 فبراير 1971 بإعلانه عن مبادرة للسلام تضمنت الآتي: 1- بمجرد الانسحاب الجزئي للقوات المسلحة الإسرائيلية عن الأراضيالعربية المحتلة كبداية للانسحاب الكامل تبدأ مصر في تطهير قناة السويسوفتحها للملاحة الدولية. 2- بعد هذه الخطوة، تقبل مصر مد وقف إطلاق النار لمدة محددة يضع خلالها السفير يارنج جدولاً زمنياً لتنفيذ قرار مجلس الأمن. 3- تعبر القوات المسلحة المصرية قناة السويس إلى الضفة الشرقية، وتقبل مصرالترتيبات التي تحقق عملية فصل القوات المتحاربة. وذلك خلال فترة وقفإطلاق النار المحددة، وإذا انتهت هذه الفترة دون تقدم ملموس يكون للقواتالمسلحة المصرية الحق في تحرير الأراضي العربية المحتلة بالقوة. 4- ترفض مصر أي مناقشة حول نزع سلاح سيناء، ولكنها على استعداد لقبول مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود وفقاً لقرار مجلس الأمن. 5- ترفض مصر أي شكل من أشكال الوجود الإسرائيلي في شرم الشيخ. ثم أعلن عن امتناع مصر عن إطلاق النار لمدة شهر.. وجاء الرد الإسرائيليمعبراً عن العقيدة الإسرائيلية. فقال القادة الإسرائيليون إن المبادرة لاتحوي جديداً.
وقال دايان "ليس لدى إسرائيل أي نية للانسحاب من أفضل خط استولت عليه" وقالت مائير رئيسة الوزراء "إنها ترى أن يكون الاتفاق على إعادة فتح قناة السويس منفصلاً لا صلة له على الإطلاق بمهمة السفير يارنج ولا بمباحثات الدول الكبرى".
وفى 8 فبراير أعلن السفير يارنج صيغة اتفاق وكان نصه كما يلي :- 1- إعلان إسرائيل بالتزامها بالانسحاب إلى حدود مصر الدولية ومن غزة ليعود الوضع إلى ما كان عليه قبل حرب يونيو1967. 2- تعهد من مصر بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل يتم فيه النص على إنهاء حالةالحرب، والاعتراف بحقها في الوجود، والاعتراف بحق كل دولة في العيش بسلامداخل حدود آمنة ومعترف بها. والعمل على منع أي أعمال عدوانية من أراضي كلدولة ضد الأخرى، وعدم تدخل أي طرف في الشئون الداخلية للطرف الآخر. وضمانحرية الملاحة في مضيق تيران بناءً على ترتيبات خاصة بالنسبة لشرم الشيخ.
وتلقف الرئيس السادات مبادرة يارنج لأن بها كثير من المكاسب لمصر أولهااستعادة الأرض كاملة. كما وأنها تحرك الوضع الراكد سياسياً منذ أغسطس1970. وبعد يوم واحد فقط أعلنت مصر على لسان وزير الخارجية السيد/ محمودرياض أنها تقبل الصيغة التي تقدم بها السفير يارنج . وأعلن وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكية أن مبادرة السادات في 5 فبرايرورد مصر الإيجابي على مبادرة يارنج خطوات مشجعة، جعلته يتحرك مسرعاً إلىإسرائيل حتى لا تتسرع في رفض ما هو معروض. لكن القيادة الإسرائيلية لمتستجب لروجرز وأدخلته في دوامة الحدود الآمنة، والانسحاب من أراضي وليس كلالأراضي ...الخ. وانقضى شهر فبراير دون أي بادرة إيجابية من جانب إسرائيل،مما دعي الأمم المتحدة إلى إصدار بيان يناشد مصر وإسرائيل ضبط النفس. كماتقدم بيرجس القائم على رعاية المصالح الأمريكية بطلب شفوي إلى مصر بأنيستمر وقف إطلاق النار بعد 6 مارس حتى تتمكن أمريكا من مواصلة جهودها فيإقناع إسرائيل بقبول مبادرة السادات ومبادرة يارنج، حيث أن هذا يستلزمجهداً ووقت طويل.
ولم ينتظر الرئيس السادات حتى نهاية موعد وقف إطلاق النار، فذهب في زيارةسرية إلى روسيا يومي 2،1 مارس. بذل فيها جهداً كبيراً لإقناع القيادةالسوفيتية بأن السلاح المقدم إلينا لا يضعنا حتى على قدم المساواة معالعدو الإسرائيلي، في الوقت الذي يجب أن نكون فيه متفوقين عليهم حتىنستطيع الهجوم أو التهديد بالهجوم.
وأخذ موضوع الطائرة جانباً كبيراً من المناقشة. كان الحوار يدور حولالطائرة تى- يو22 التي تستطيع الوصول إلى داخل إسرائيل وبحمولة قنابلمؤثرة. لكن القيادة السوفيتية كانت تراوغ هذا الطلب بصورة مثيرة للدهشة،فمرة يقولون تتمركز الطائرات في روسيا ويتم إرسالها إلى مصر عند الطلب،ومرة يقولون تتمركز في مصر لكن تعمل بأوامر من روسيا، ومرة يقولون بأنالتدريب عليها للطيارين المصريين يستغرق 4 سنوات. ولم ينجح الرئيس الساداتفي الحصول على الطائرة، لكنه نجح في الحصول على معدات وأسلحة أخرى كانتمطلوبة.
وفور عودته من روسيا دعا الرئيس السادات القيادات العسكرية في 3 مارس وشرحلهم ما دار في زيارته السرية وكان أهم ما جاء في كلامه للقيادات:- - لنا الحق في فتح النيران بعد يوم 7 مارس 1972 مع عدم الانقطاع عن السير في الحل السلمي. - الاتفاق على إرسال الشحنات المتعاقد عليها سابقاً. - إرسال 4 طائرة ميج25 بالطيارين السوفيت مجهزه للقيام بأعمال الاستطلاع الجوي فوق إسرائيل. - طلب السوفيت مساعدات للأسطول الروسي بحراً وبراً في البحر المتوسط وفى قاعدة مرسى مطروح. - قال السوفيت إن أي زيادة في الأسلحة الروسية للدعم يعقد الموقف السياسيأكثر وتصبح احتمالات الحرب أكبر. وعند النقطة الأخيرة التي ذكرها الرئيسالسادات للقيادات العسكرية المصرية يتأكد موقف روسيا مرة أخرى بأن السلاحالسوفيتي للدفاع وليس للهجوم، وأن على مصر السعي للحل السلمي مهما كانتشروط إسرائيل التي لا تتنازل عنها أبداً.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:40
الصـدام الداخلـي المحتـوم : كان ولابد أن تتصاعد الأمور الداخلية في مصر ويشتعل الصراع على السلطة حتىيصل إلى لحظة الاصطدام بين كل من الرئيس السادات من ناحية وقيادات الدولةكلها من ناحية أخرى.. وزراء( الحربية – رئاسة الجمهورية – الداخلية –الإعلام) رئيس مجلس الشعب اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي – بالإضافة إلىعدد من القيادات في مواقع متفرقة. بدأ الصراع مكتوماً بعد انتخاب الساداترئيسا للجمهورية، فقد كان تصور الجبهة الأخرى أن الرئيس السادات سيكونواجهة للحكم أما زمام الأمور فسيكون في أيديهم.
وكان الرئيس السادات متنبها لهذا منذ اللحظة الأولى، لأن هناك أكثر منواحد يؤمن يقينا أنه أحق من أنور السادات بالرئاسة. ظهر هذا جليا في قراروقف إطلاق النار الذي كان ينتهي في فبراير، واجتماعهم في يناير الذي أشرناإليه سابقاً. وخرج الرئيس السادات من المأزق بمبادرة 5 فبراير. وجاءالموقف الثاني حين اقترب مارس من نهايته وظهر الإلحاح على بدء القتال منجانب الجبهة المضادة للرئيس السادات. وانعقد مجلس الأمن القومي في 26 مارس1971 لمناقشة الموقف من إسرائيل. ودار حوار طويل انتهى بأن الأغلبيةالساحقة وليس من بينها الرئيس السادات أقرت كسر وقف إطلاق النار في نهايةشهر إبريل بعمليات عسكرية على طول الجبهة.
وخرج الرئيس السادات من هذا الاجتماع وقد تأكد أن صداماً لابد واقعا بينهوبين كل قيادات الدولة. كان يشعر بأنه محاصر بقرار حرب في وقت لم تتوافرفيه الظروف السياسية والعسكرية بعد، ولو أعلن هذا سيبدو أنه الانهزاميوالمتقاعس عن الحرب وسط هؤلاء الصقور. وكان على الرئيس السادات أن يجدمخرجاً من هذا الحصار، واهتدى إلى المخرج بدهاء لم يكن غريباً على الرئيسالسادات. فقد كان هناك مشروع إقامة اتحاد عربي ثلاثي بين مصر وليبياوسوريا تمت دراسته وأصبح جاهزاً للخروج إلى الواقع في يونيو1970. لكنمبادرة روجرز وأحداث الأردن جعلت المشروع يتواري، وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر بدأ يتجدد الحوار فيه بين الرؤساء الثلاث.
أجرى الرئيس السادات في أواخر مارس بعد جلسة مجلس الأمن القومي اتصالات معالرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس الليبي معمر القذافي ليتفق معهم علىاجتماع ثلاثي في ليبيا يوم 16 أبريل 1971. ويتم توقيع اتفاق بين الرؤساءالثلاثة يوم 17 أبريل بقيام "اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة". وعادالرئيس السادات إلى القاهرة ليجد عاصفة سياسية في انتظاره. فقد تجمعتمراكز القوة والسلطة في الدولة لإفشال هذا المشروع. وحدث ما أراده الرئيسالسادات تماماً، فقد غابت فكرة الحرب المقررة في أبريل عن ذهن الجبهةالمضادة، وأصبح ما يشغلهم هو الإطاحة بالرئيس السادات نفسه.
وجرت المواجهة مع الرئيس السادات في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي،وتجاوز الحوار حدود الأدب، مع الهجوم الحاد على الاتفاقية بهدف التراجععنها. لكن الرئيس السادات تماسك أمام الهجوم الحاد ولم يخضع أو يتنازل عنموقفه. ثم تقدمت المواجهة خطوة إلى الأمام بأن قدم وزير شئون رئاسةالجمهورية مذكرة عن تقرير رأى عام من داخل القوات المسلحة شمل 36 نقطة،نعرض أهمها :- 1- "كيف يؤتمن البعث السوري الذي تسبب في الانفصال وهدم الوحدة الأولى. 2- سوريا مرتبطة بمخطط أمريكي يهدف إلى جرنا إلى معركة ونكسة أخرى. 3- إن الرئيس القذافي صغير السن ويفتقر إلى الحكمة والخبرة. 4- هذه العملية فيها تحويل لاهتمامات الجماهير بما فيها القوات المسلحة . 5- مصر هي التي تتحمل العبء كله. 6- هذه الاتفاقية خداع استراتيجي. 7- بصفة عامة الموقف يعتبر سلبي في مجموعه".
كان هذا التقرير بمثابة تهديد آخر عن طريق القوات المسلحة. وتلقى الرئيسالسادات التهديد وبدأ الرد على الفور. استدعى اللواء/ الليثي ناصف قائدالحرس الجمهوري وشرح له ما يدور من حرب خفية بينه وبين مراكز القوةوالسلطة، فتعهد له بأنه سيكون بقواته إلى جانبه لأنه هو الرئيس الشرعيللبلاد. ثم اتبع الرئيس السادات ذلك برسالة عن طريق صديق إلى الفريق/ محمدصادق رئيس الأركان حتى يطمئن إلى موقف القوات المسلحة، وقد تعهد له بأنالقوات المسلحة لن تتدخل في ذلك الصراع السياسي.
وفى خضم هذا الصراع وصل روجرز وزير الخارجية الأمريكي للاجتماع مع الرئيسالسادات الذي كان متلهفاً على أي جديد يأتي به. لكن الزيارة فشلت ولم تحققشيء يذكر، سوى أنه في حوار مع رئيس تحرير الأهرام قال أن دخول هنري كيسنجرمستشار الأمن القومي الأمريكي في المشكلة ليس في صالح مصر إطلاقاً، لأن"ولاءه الأول والثاني والثالث لكيسنجر والرابع لأي سيد يستعمل خدماته وولاءه الخامس لأمته. ورد هيكل : إنه قابل بولائه لأمته ذلك لأن ولاءه لأمته سوف يجعله يعرف أن مصالح الولايات المتحدة كلها مع العرب. وقاطعه روجرز : ماذا تقول ؟ أمته ليست الأمة الأمريكية. ولاءه لليهود".
وفى احتفال عيد العمال في 1 مايو أعلن الرئيس السادات إقالة السيد/ علىصبري من جميع مناصبه، وأعقب ذلك بتحرك سريع داخل القوات المسلحة لضمانوقوفها على الحياد في ذلك الصراع خاصة في القوات الجوية، فعقد اجتماع موسعلأكثر من مائة قائد في الجيش الثالث يوم 11 مايو ثم أعقبه يوم 12 مايواجتماع آخر مع عدد كبير أيضاً من قادة الجيش الثاني. (حضرت بنفسي اجتماعيوم 12 مايو بحكم منصبي كقائد سرب).. قام الرئيس خلال الاجتماع بشرحالموقف السياسي والجهد المبذول مع أمريكا وروجرز ويارنج واستغرق ذلك حواليالساعة. وبدأت الأسئلة التي وضح أنها كانت مرتبه، فكان أول سؤال عنالأسباب الحقيقية لإقالة السيد/ على صبري ؟ وكان السؤال الثاني من طياربالقوات الجوية عن السلاح السوفيتي وعدم قدرته على تنفيذ المهام المطلوبة.وقد أسهب الرئيس فقص كل ما دار من قِبل الجبهة المضادة ثم أجاب علىالسؤالين واستغرق هذا ساعتين تقريباً، كان مجمل ما قاله لنا هو أن نتجهبأبصارنا إلى العدو وإلى المعركة ولا ننشغل بأي شيء آخر، وإن الشعب يدعمناويقف خلفنا في المعركة المنتظرة. كما قام بامتداح الفريق أول/ فوزي الجالسبجواره والثناء علي جهده بصورة ملفتة.
ومساء يوم 12 مايو قدم أغلب قيادات الدولة استقالاتهم لكن أبرزهم كانوزراء الحربية والداخلية والإعلام وشئون رئاسة الجمهورية، ورئيس مجلسالشعب، ظنا منهم بأن هذه الاستقالات كفيلة بإسقاط الرئيس السادات من منصةالحكم. ومساء نفس الليلة أوقف الفريق/ صادق اجتماع كان الفريق أول/ فوزيقد عقده مع قيادات القوات المسلحة لمناقشتهم في قرارات الرئيس السادات،ومحاولة تأليبهم عليه. فقال الفريق/ محمد صادق - سيادتك قدمت استقالتك فليس من حقك استكمال الاجتماع أو إصدار أوامر.
وفىنفس الوقت تحرك اللواء/ الليثى ناصف بقوات الحرس الجمهوري وقبض على كل منقدم استقالته، وتم تقديمهم إلى المحاكمة وعرفت القضية باسم "مراكز القوى".وتعين الفريق/ محمد صادق وزيراً للحربية واللواء/ سعد الشاذلي رئيساًللأركان. وانتهى بذلك الصراع الداخلي الذي استمر قرابة 8 شهور لصالحالرئيس السادات، الذي نجح في اللعب بورقة الاتحاد مع سوريا وليبيا، حتىيهرب من بدء القتال في أبريل 1971. وانتصرالرئيس السادات في صراعه الداخليوانفرد بالقرار السياسي، لكن كان عليه أن يواجه السؤال الذي مازال معلق فيالهواء دون إجابة "ماذا سنفعل مع إسرائيل ؟".
أثار الصراع الداخلي في مصر قلقاً كبيراً لدى روسيا، فالصورة مهتزة فيموسكو. فالذي يتردد في مصر ويصل إليهم في موسكو أن الرئيس السادات أطاحبرجال روسيا تقرباً من أمريكا، وإنه "الرئيس السادات" هو الواعي تماماًبأن الحل في يد أمريكا وليس روسيا. فتحركت القيادة السوفيتية على الفورووصل إلى القاهرة يوم 25 مايو وفد سوفيتي برئاسة نيكولاى بادجورنى رئيسالجمهورية. ولم يكن يغيب عن فطنه الرئيس السادات إن ما قام به في صراعه معالجبهة المضادة له سيثير قلق روسيا، فكان مستعداً لاستقبالهم بحفاوة وود،ولكي يزيد ويؤكد اطمئنانهم وقع معاهدة صداقة وتحالف بين مصر والاتحادالسوفيتي لمدة 15 عاماً.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:41
عــام الحســم : استهلت القيادة العامة للقوات المسلحة عام 1971 بوضع خطة هجومية في الأشهرالأولى من العام، تحت اسم الخطة "جرانيت".. كان الخط العام في هذه الخطةأن المعركة ستبدأ بالعبور ثم القتال بقواتنا مع العدو الإسرائيلي في معركةحاسمة بين قناة السويس وخط المضايق، مع الاعتماد على التحضير الجيدوالمفاجأة في نجاح الخط.. وقد تم عرض قرارات القادة وخطط العمليات علىوزير الحربية ورئيس الأركان وتم التصديق عليها. وزادعلى التصديق أنه أعطى التصرف المطلق إلى قادة الجيوش وليس القيادة العامةللقوات المسلحة في أعمال قتال القوات سواء في الدفاع أو الهجوم.
ويقول اللواء/ عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني "والحقيقة أن هذاالمؤتمر الخاص بالتصديق على القرارات وإعطاء قادة الجيوش سلطة التصرفالمطلق مع المرونة والمبادأة زادني اطمئناناً على قواتي التي ستكوّن رؤوسكبارى في الضفة الشرقية بعد العبور. خاصة من ناحية الحماية الجوية، حيثوضّح قائد قوات الدفاع الجوي أنه يمكن للصواريخ المضادة للطائرات حمايةقواتي في رأس الشاطئ المرتقب إنشاء الله.
وكان قد تم تنظيم التعاون والتنسيق بيني وبين اللواء/ عبد المنعم واصلقائد الجيش الثالث لتأمين المنطقة الفاصلة بين الجيشين في قطاع البحيراتالمّرة جنوب الدفرسوار بالمشاة المدعمة بالدبابات والأسلحة م/د.. كما تمبيننا تنسيق الضربات المضادة بالقوات المدرعة من الجيشين في هذه الثغرةإذا نجح العدو في الاختراق غرباً. وقد تخصص لواء مدرع من الجيش الثالث معلواء مدرع من الفرقة 21 المدرعة أو الفرقة 21 بالكامل للهجوم المضاد في اتجاه الدفرسوار في حالة اختراق العدو لمواقعنا به". كان هذا في عام 1971.!!
نلفت نظر القارئ الكريم إلى أنه منذ عام 1971 ونحن في تخطيطنا أنهناك ثغرة بين الجيشين في قطاع البحيرات المرّة، وأن العدو يمكن أن يعبرإلى الغرب من منطقة الدفرسوار، وأن قواتنا المكلفة بهذه المهمة جاهزةومحددة بل ومدربة للقضاء عليه في حالة عبوره. وسنقارن هذا مع مجريات حربأكتوبر73 حين نصل إليها..
أعلن الرئيس السادات في بداية عام 1971 إن هذا العام سيكون عام الحسم.وكان هذا الإعلان إعلامياً أكثر منه سياسياً أو عسكرياً. فقد شاهدنا كيفأنه وافق على كسر وقف إطلاق النار في أبريل تحت ضغط الآخرين، ثم كيف التفعلى هذا القرار بالمناورة التي قام بها تحت مسمى الاتحاد الثلاثي مع ليبياوسوريا والذي ولد ميتاً.
وكان طبيعيا بعد انتصاره على الجبهة المناوئة له في 15 مايو أن يجتمعبقيادات القوات المسلحة وتم الاجتماع في 3 يونيو 1971 حيث شرح لهم قصةالمؤامرة عليه، ثم تحول بالحديث إلى المعركة مع إسرائيل "إني مؤمن بأنهلابد من المعركة يوماً ما، ولكني لو تمكنت من عبور قواتي دون دم ثم أقاتلفي سيناء. وهذا ما أعمل به الآن. واستكمل مع روسيا كل شيء ينقصنا. ثم قال عن المعاهدة المصرية – السوفيتية، طلبت المعاهدة لشيئين :- الأول : عاجل وهو حاجتي إلى معدات للمعركة وهذا يربط الشرف الروسي بالمعركة. والثاني : آجل وهو بناء الدولة الحديثة، لأننا في حاجة إلى العلمالحديث، وهو متكامل في روسيا وأمريكا ليس فقط للحرب ولكن للسلم والصناعةأيضاً. وبهذا سأنتج هنا الذخيرة، وفى الخمس سنوات القادمة سأستكمل صناعتيتماماً. أنا محتاج لهم ليس فقط 15 سنة ولكن 30 سنة. نحن في حرب صليبيةجديدة قد تطول لأكثر من 50 سنة. ولكن علينا إعادة إسرائيل إلى حدودهاوبناء الدولة على العلم الحديث. وإسرائيل لن تفاجئنا ويجب أن يكون لديناألف طيار محترف مع طائرات بعيدة المدى بصفة دائمة.. ولا تخشوا من النفوذالسوفيتي. ولا يمكن للمصريين أن يكونوا شيوعيين. ويجب أن نستفيد من الروسأكبر فائدة ولكن ليس لأن يحاربوا معركتنا أبداً .. أبداً". ثم أعقب هذا الاجتماع زيارة الرئيس السادات إلى جبهة قناة السويس واللقاءبالضباط والجنود تم خلال الزيارة شرح أبعاد مؤامرة الجبهة المضادة كمااتخذ عدة قرارات كان لها مردود كبير في رفع الروح المعنوية للقوات المسلحةكان أهمها :- 1- اعتبار مدة الخدمة بالجبهة خدمة حرب بأثر رجعي منذ حرب يونيو1967. 2- منح أجازه للضباط والجنود لمدة 15 يوماً لكل من أمضى في الجبهة سنتين. 3- عودة 25% من البدلات التي تم استقطاعها بعد يونيو1967.
ما أن تقلدت القيادة الجديدة للقوات المسلحة الأمر، الفريق أول/ محمد صادقوزيراً للحربية، والفريق/ سعد الشاذلي رئيساً لأركان حرب، حتى بدأت فيدراسة الموقف على الجبهة وموقف العدو الإسرائيلي لكي تضع خطة الحربالمقبلة حتماً. وبالدراسة والتخطيط اختلف فكر الرجلان، فوزير الحربية يرىأن الخطة يجب أن تكون عملية هجومية تقوم بتدمير العدو في سيناء والوصولإلى خط الحدود الدولية، على حين إن رئيس الأركان كان يرى أن الخطة يجب أنتكون لعملية هجومية محدودة، وبنجاحها يمكن استكمال التقدم شرقاً.. ويقولالفريق/ الشاذلي في مذكراته "وعندما عرضت هذه الأفكار على الفريق أول/محمد صادق عارض هذه الفكرة بشدة. وقال إنها لا تحقق أي هدف سياسي أوعسكري. وسوف يبقى ما يزيد على 60.000 كيلو متر مربع من سيناء تحتالاحتلال. ومن الناحية العسكرية سوف تخلق لنا موقفاً صعباً فبدلاً من خطناالدفاعي الحالي الذي يستند إلى مانع مائي جيد فإن خطنا الدفاعي الجديد سوفيكون في العراء وأجنابه معرضة للتطويق. وبالإضافة إلى ذلك فسوف تكون خطوطمواصلاتنا عبر كباري القناة تحت رحمة العدو. لقد كانت فكرته في العمليةالهجومية تحرير سيناء وقطاع غزة في عملية واحدة مستمرة. قلت له كم أود أننقوم بتنفيذ ذلك. ولكن ليس لدينا الإمكانيات للقيام بذلك سواء في الوقتالحالي أو في المستقبل القريب.. رد قائلاً : لو إن السوفيت أعطونا الأسلحةالتي نطلبها فإننا نستطيع أن نقوم بهجومنا هذا في خلال عام أو أقل. لمأوافقه على رأيه.. وبعد مناقشات طويلة وعبر جلسات وصلنا إلى حل وسط هوتجهيز خطتين، خطة تهدف إلى الاستيلاء على المضايق، وأخرى تهدف إلىالاستيلاء على خط بارليف. أطلقنا على الأولى اسم "العملية 41" وقمنابتحضيرها بالتعاون مع المستشارين السوفيت بهدف إطلاعهم على ما يجب أن يكونلدينا من سلاح وقوات، لكي نصبح قادرين على تنفيذ الخطة. أما الخطة الثانيةفقد أطلقنا عليها "المآذن العالية" وكنا نقوم بتحضيرها في سرية تامة. ولميكن يعلم بها أحد من المستشارين السوفيت، كما إن عدد القادة المصريينالذين سمح لهم بالاشتراك في مناقشتها كان محدوداً للغاية. وفى خلال يوليووأغسطس 1971 كانت الخطتان قد تم استكمالهما. كانت الخطة 41 غير قابلةللتنفيذ إلا إذا توافرت أسلحة ووحدات افترضنا وجودها. أما خطة المآذنالعالية فقد كانت أول خطة هجومية مصرية واقعية.
في شهر يونيو1971 كان الرئيس السادات اهدأ بالا عن الشهور الأولى منالعام. فقد حسم الصراع الداخلي مع الجبهة المضادة له، ومن ناحية روسيا فقدأعطاهم طمأنينة كبيرة بتوقيعه معاهدة التحالف والصداقة، والقوات المسلحةالمصرية مستقرة في أعمالها التدريبية وعلى رأسها قيادة موالية تعمل بجهدوإخلاص في سبيل الاستعداد للمعركة القادمة .. بقى شيء واحد مازال ينغصعليه تفكيره، الولايات المتحدة الأمريكية. كان موقفها بمبادرة روجرز عام 1970 قد أعطى بصيصا من الأمل بأن تقومبدورها كقوة عظمى، ويتواصل ضغطها على إسرائيل حتى تقبل بالحل السلميوالانسحاب. لكن مجريات الأحداث وكان آخرها في مايو 1971 بزيارة روجرز وزيرأحبطت الرئيس السادات، وظهر جليا أن توقف الجهود الأمريكية يتوافق تماماًمع ما تريده إسرائيل من استمرار هذا الوضع والذي أطلق عليه اللاسلمواللاحرب.
لكن الأمل ظهر في الموقف الأمريكي حين طلب الملك فيصل ملك العربيةالسعودية زيارة الرئيس السادات وهو عائد من واشنطن. في 19 يونيو، وحكى لهما دار بينه وبين الرئيس الأمريكي حول مصر، وكان أهم ما يشغل بال الرئيسالأمريكي المعاهدة المصرية – السوفيتية. ثم فاجأ الملك فيصل الرئيسالسادات بورقة بها أربعة أسئلة من الرئيس نيكسون للسادات طالبا أن يكونالرد مكتوباً. كانت الأسئلة تدور حول موقف مصر من أمريكا بعد هذه المعاهدةوفى ظل وجود مستشارين وجنود سوفيت على أرض مصر. وعلى الفور قام الرئيسالسادات بكتابة الرد الذي يؤكد أن المعاهدة لا تقيده بشيء، وأن قرارهمازال في يده بالنسبة للعلاقات مع أمريكا، وأن الخبراء والجنود السوفيتسوف يغادرون عند توقيع أي اتفاق سلام.
وفى أمريكا كان هناك صراع بين كيسنجر مستشار الرئيس للأمن القومي وروجرزوزير الخارجية، حيث استطاع الأول سحب ملفات الأزمات العالمية بعيداً عنوزارة الخارجية، فالتقي مع زعماء فيتنام سراً في باريس لإنهاء حرب فيتنام،وبدأ يتلمس طريقاً لإنشاء علاقة بين الصين وأمريكا، ووضع شكل خطوات الوفاقمع روسيا. أما أزمة الشرق الأوسط فكان كيسنجر لا يتدخل فيهاً بحجة أنهيهودي وهذا يجعل وضعه حساساً إذا تدخل. لكن حين فشل وليم روجرز في مهمتهحتى مايو من العام 1971، كان كيسنجر يقدم للرئيس الأمريكي تقرير موقف عنالشرق الأوسط كان أهم ما فيه هو : 1- "إن أزمة الشرق الأوسط ليست جاهزة للحل، فالمواقف بين الأطراف متباعدة نتيجة لاختلال الموازين بين أطراف النزاع. 2- إنه مع الفجوة الواسعة بين مواقف الأطراف، فإن التوصل إلى حل سوف يقتضيضغطاً شديداً على إسرائيل وهذا الحجم من الضغط لا يقدر عليه الرئيس خصوصاًوهو مقبل في السنة القادمة (1972) على إعادة ترشيح نفسه للرئاسة. 3- استمرار الركود في الأزمة سوف يؤدي إلى خلافات عربية – سوفيتية ويتعينعلى الولايات المتحدة أن تمسك بأعصابها وتنتظر حتى تظهر هذه الخلافات أوتنفجر. 4- إنه بينما يجرى الاستعداد لعقد قمة أمريكية – سوفيتية في موسكو فإنه منالأفضل الانتظار بمحاولات الحل حتى ُتطرح بنظرية ترابط الأزمات على مائدةالبحث في موسكو بين القوتين الأعظم. 5- إن الرئيس السادات حتى هذه اللحظة لا تبدو عليه سمات رجل دولة قادر علىأن يقود شعبه إلى تسوية سلمية مع إسرائيل. وما يبدو من تصرفاته حتى الآنهو أنه بهلوان سياسي والأرجح أن حكمه لن يطول".
لكن هذا التمنع من كيسنجر عن التدخل في الأزمة لم يمنعه من إرسال إشاراتخفية ورسائل سرية غير رسمية عن طريق بعض الأصدقاء إلى مصر، يدعو فيها إلىلقاء سري مع مسئول مصري حتى يستمع إلى وجهة النظر والمطالب المصرية. ولميكن هذا العرض بريئاً كما يبدو في ظاهره، وإنما هي إحدى ألاعيب كيسنجر.فالموقف على الأرض لم يتغير وإسرائيل مازالت تملى شروطها وأنها لن تنسحبإلى حدود 4 يونيو67ولم تستجب لمبادرة السادات في فبراير ولا ليارنج، فماذاحدث حتى تغير موقفها ؟.
كما إنه أعلن أكثر من مرة أنه لن يتدخل في هذه الأزمة لأنه يهودي، ومازالكيسنجر يهودي فما الذي جعله يسعى إلى سماع وجهة النظر المصرية ؟. كانالهدف من هذا السعي واضحاً، فهو يهدف من وضع أزمة الشرق الأوسط علىالمائدة في القمة التي ستعقد في موسكو بين الرئيس الأمريكي والسوفيتي.وإلى الوقيعة بين السوفيت ومصر بالتلميح بأنه على اتصال بالمصريين، وهذايجعل السوفييت يتشككون في المصريين، واستخدام أزمة الشرق الأوسط فيالمقايضة مع أزمات أخرى بين روسيا وأمريكا، كما جاء في تقريره الذي قدمهإلى الرئيس نيكسون فيما أسماه ترابط الأزمات.
كان الرئيس السادات مشجعاً لهذا الاتصال، لكن مستشاريه أوضحوا له ما ترمىإليه هذه الاتصالات فتراجع مؤقتاً عنها. وقارب عام 1971 على الانتهاءومازال الرئيس السادات يصر على إنه عام الحسم، وهو يعلم تماماً أن القواتالمسلحة غير مستعدة للمعركة. وبهذا وضع نفسه في مأزق شديد. لكن جاءه طوقالنجاة من هذا المأزق بنشوب الحرب بينالهندٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ وباكستان في أواخر عام71،فخرج على الشعب بأن الضباب السياسي الذي تولد عن هذه الحرب منع القواتالمسلحة من القتال، حيث أن روسيا كانت مدعمة للهند في هذه الحرب، وعليهفقد تأجل الحسم لوقت آخر. وقد أصيب الشعب المصري بإحباط شديد من جراء هذهالكلمات التي لم تقنعه، وكان رد الشعب عليها هو إطلاق عديد من النكاتالساخرة عن عام الضباب وعام الحسم.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:42
من صراع إلى صراع : انقضى عام 1971 بأحداثه والتي كان أبرزها صراع الرئيس السادات مع مراكزالقوة وتغيير القيادة العسكرية، لكن جاء العام 1972 ويحمل في طياته صراعآخر للرئيس السادات. فقد تعين الفريق أول/ محمدصادق وزيراً للحربية. لكنبمضي الأيام ظهر التباعد الكبير بين فكر الرئيس السادات وفكر الفريق أول/صادق خاصة في النقطة الأولى والأهم وهي الحرب.. فالرئيس السادات يتبنىفكرة العبور إلى الضفة الشرقية بأي وسيلة سلما أو حربا،ً والحصول على أيقدر من الأرض في سيناء وحتى ولو بضعة أمتار(كما قال هو) وهو منطق غيرمقبول عسكريا. والفريق أول/ صادق لا يرى إلا أن تكون المعركة شاملةومستمرة حتى خط الحدود المصرية.
كان الرئيس السادات يضع في اعتباره عوامل عديدة حيث القوى العظمى لها دورفي هذه الحرب، والإمداد السوفيتي المتردد يلعب دوراً هاماً في هذه الحرب،إضافة إلى قناعته التامة بأن الحل في يد أمريكا. ورغم أن الفريق أول/ صادقكان متفقاً مع الرئيس السادات في موقف روسيا من الحرب، لكنه كان يبغيمعركة فوق طاقة القوات المسلحة .. بدأ الخلاف بينهما في أول الأمرمكتوماً، لكنه تصاعد بمضي الأيام. وفى 2 يناير 1972 عقد الرئيس الساداتاجتماعاً لقادة القوات المسلحة سنذكر بعض ما جاء فيه :
"لواء/ عبد القادر حسن (مسئول الإمداد العسكري) : سيادتك موقفجريتشكو غير مفهوم.. هذا راجل مارشال وفاهم إن العملية عملية مليون جندي..نحن نستطيع وضع 2 مليون جندي. لكن هذا ليس الموضوع، العملية مش أسلحةتقليدية.. إحنا عاوزين نوعية سلاح، لازم يعطونا سلاح مثلما أعطوا الهند.لكن معانا اتفاقية الأسلحة على خمس سنين يعني معناها إن مفيش حرب لمدة خمسسنين. فالمنظر حتى من شكل الاتفاقية متعب. الرئيس السادات : لا. أنا لم أخذ هذا الانطباع. أنا قرأت الاتفاقية وقرأت تقريرك وقرأت تعليق صادق ولم أخذ هذا الانطباع أبداً. لواء/ محمد على فهمي (قائد الدفاع الجوي) : مشكلة الدفاع الجويحالياً إني عاوز أحارب حرب هجومية بأسلحة دفاعية. التسليح عندنا كان منصبعلى أساس صد العدو عن النفاذ إلى العمق بتاعنا. اليوم طبيعة العملياتكدفاع جوي اختلفت وعاوز انتقل إلى مسرح سيناء. طبيعة أرض مختلفة وتحتاجإلى معدات مختلفة توفر الحماية للقوات البرية في أثناء عملياتها الهجومية.لو مسكت السلاح الموجود عندي حالياً من نوع الصواريخ الخفيفة "الاستريلا"نجد أنه ليس عندنا القوة التدميرية المطلوبة، وارتفاعها لا يتعدى كيلوونصف. طلبنا النوع المعدل قالوا ليس موجود عندنا. وأنا أعلم يقينابمناقشتي مع الخبراء المختصين إن عندهم نوع رباعي يضرب على ارتفاعات أعلىوله قوة تدميرية كبيرة. بالوسائل الموجودة لا نقدر على توفير دفاع جويكافي أمام السكاى هوك والفانتوم. بالنسبة للكوادرات (صاروخ أرض/جو علىشاسيه دبابة) هم عرضوا فوج واحد، لكن لطبيعة العمليات المنتظرة نحن نريد أربعة أفواج.ومن ناحية القيادة والسيطرة لا أتصور مثلاً إن الخبراء يتصلوا بروسيابالمفتوح ومكالماتهم مؤمنه. وأنا في جبهة القتال اضطر أرسل إشاراتيبالشفرة ومعنى هذا20-30 دقيقة علشان أوصّـل معلوماتي. لواء/ عبد القادر حسن : نظام السرية والتأمين طلبناه منهم، وقلت لهم كيف يمكن إن قواتكم الموجودة عندنا فيها هذا البند وقواتنا ليس فيها. اللواء/ سعيد الماحي (قائد المدفعية) : والله يافندم إذا سمحتسيادتك أنا حاتكلم كمصري أولاً وكعسكري ثانيا،ً دون أن أدخل في اعتباريالسياسة الدولية ومشاكلها رغم أن لها اعتبارها في الوزن السياسي والعسكري.إسرائيل عايزه تقعد في الأرض من غير أن يقلقها أحد. وهذا الموقف في صالحالأمريكان، وقد يكون في صالح روسيا بالنسبة لموقفها في الهند وباكستان.وفى صالح العالم اللي مش عاوز مشاكل. لكنه في غير صالح واحد بس وهو مصر. أنا كمصري وإحنا كقوات مسلحة لدينا إمكانيات لاشك فيها ولدينا قدره على القتال ولازم نأخذ مخاطرة محسوبة. لواء/ على عبد الخبير (قائد المنطقة المركزية): إذا كان الهدف من العمليات هو مجرد حرب فهذا لا يعتبر هدف في حد ذاته.إنما الهدف هو تدمير القوى المعادية والوصول إلى ما نريده. وهذا يتحقق إذاكانت القوات عندها من الإمكانيات ما يمكنها من تحقيقه فعلاً. وأولهاالقوات الجوية والغطاء الجوي. الحاجة الثانية بالنسبة للتسليح. فيه مشاكلفي التسليح لها تأثير على العمليات. عندنا مشاكل في فتح الثغرات والليعندنا وسائل بدائية. لواء طيار/ على بغدادي (قائد القوات الجوية) : الذي أريد أن أطلبههو وجود طائرة ردع سواء غربية أو شرقية تقدر باستمرار أن تصل إلى قلبإسرائيل كل يوم. لأن هذا سوف يفرض على العدو أن يأخذ الفانتوم ورا للدفاععن عمقه. لواء بحري/ محمود فهمي (قائد القوات البحرية) : أنا عاوز أتكلم علىوسيلة من وسائل الضغط على الاتحاد السوفيتي. وجود الاتحاد السوفيتي فيالبحر الأبيض مرهون بكلمة واحدة من سيادتك. وجودهم في البحر الأبيض وجودرئيسي ومن أهم العوامل بالنسبة لهم وإحنا ممكن نبتدى الضغط من دلوقت ونحددعدد الوحدات السوفيتية التي تدخل موانينا، وبعدين نقدر تمنعها خالص. اعتقدهذا الضغط هو الضغط المؤثر على الاتحاد السوفيتي. الرئيس السادات : أنا لسه ما وصلتش لهذه المرحلة يا محمود. لواء/ أحمد ثابت : أنا عاوز أتكلم في النقطة اللي بعض الأخوان اتكلموا فيها، وهي إن نعمل أي شيء بالإمكانيات الموجودة معنا. لازم نتذكر إن فيه توقيتين رئيسيين في الحرب. بداية العمليات ونحن قادرين على تحديده، إنما التوقيت الثاني متى وأين أنهى العمليات ؟ الرئيس السادات : أنا عايز حلول مش عايز كلام كلاسيكي. نحن لسنا قاعدين في البنتاجون، ده يقول أنا عايز، وده يقول أنا ناقصني إمكانيات. إحناهنا في القاهرة قاعدين علي النيل فى كورنر ومزنوقين فيه. وأنا اتفق معالأخ الماحي اللي قال إن إحنا عندنا إمكانيات بس اتعودنا باستمرار نطلبالأكثر، وده لازم وده قال وده عاد. فيه سؤال بيطرح نفسه. فيه سؤال فيالجامعات. أين ثورية المعركة ؟ وأين الحسم في المعركة. وأين وأين ؟؟ وإحنالن نتساوى مع إسرائيل بعد خمس سنين ولا بعد عشر سنين. لواء/ سعد الشاذلي (رئيس الأركان) : هو مما لاشك فيه يافندم وبرغم النواقص، فإن القوات المسلحة قادرة على أن تقوم بعمليات محدودة.ويمكن هناك نقطة واحدة نريد أن تركز عليها، وهي نقطة الحرب الإلكترونيةلأنها سوف تكون عماد عملنا في الدفاع الجوي والقوات الجوية. فيه نقطةثانية وهي هل نقدر نقوم بعمليات دون علم الروس ؟ الرئيس السادات : مؤكد لازم نقول للروس. لكن ليس مسبقاً قوى. الروسمش عاوزينا نتحرك لأنهم لا يثقوا فينا كقوة عسكرية. ثانياً مادام مشواثقين، لا يريدوا الدخول في مغامرة لا يعرفوا نتيجتها ويضطروا للتورطمعنا بحكم المعاهدة. وإذا أخلوا بتعهدهم فقدوا مركزهم مش في البحر الأبيضلوحده، وإنما في المنطقة بالكامل. الفريق أول/ محمد صادق (وزير الحربية) : كل واحد من القادة الموجودينهنا له رغبة في القتال وإيمان بأنه مفيش حل سلمي. بالعكس كلنا نقول إن كانربنا راضي عن هذا البلد فهي لازم تنهى مشكلتها عسكرياً حتى تستعيد ثقتهافي نفسها. وإحنا كعسكريين مؤمنين بالله ومؤمنين بإنقاذ مصر، فالإنقاذ الوحيد الذي يمكن أن يقدم لمصر في هذه الأيام هو نصر عسكري. الموضوع الوحيد إن مصر لا تتحمل هذه المرة أبسط هزيمة، بل لا تتحمل حتى أبسط عدم النصر.لا تتحمله. فلابد أن نكون ضامنين للمعركة على الأقل بنسبة 60-70% مع الأخذ في الاعتبار كل المخاطرات. الحاجات اللي ناقصانا هامةً وحيوية جداً وأولها طيارة الردع اللي تصل إلىأرض العدو. تفتكر سيادتك إنك سألتني : تقدّّر خسائرنا أد إيه في العبور؟قلت لسيادتك 17.500، في آخر مشروع عملناه أنا تركت الروس يقدّّّّرواخسائرنا لغاية اليوم الرابع من المعركة. تقديرهم كان أكثر من 35.000عسكري، وده كله إحنا قابلين لكن لا نرمى الناس بدون أن نحقق مكسب. وقبل أنتعبر قواتي لابد أن يكون عندي الاحتياطي الكافي من الذخائراللى يخللينىأقدر أواصل المعركة بالقوة. أنا مش عايز أوصل لخط الحدود، لكن عاوز أوصللخط المضايق بحيث أجد خط دفاعي أقف عليه. حتى لو استهلكت 25.000 عسكري،لابد أن ندخل معركة كبيرة وليست استنزاف لأن الاستنزاف ليس في صالحنا. الرئيس السادات : أنا بس عايز أقول حاجة واحدة. ابتداء من دلوقت عامل الوقت ليس في صالحنا".المطلوب عسكرياً أن أنهى العمليات بفرض إرادتي على الجانب الآخر بتدميرهإنما إذا أتيت في نصف المهمة ووّصلتني إمكانياتي إلى حد معين، طيب أزايأفرض على العدو أن يقف.
كانت هذه المناقشات تعبير ومرآة صادقة عن رؤية ورؤى القيادة السياسيةوالعسكرية المصرية نحو الحرب. الكل يتكلم من منطلق وطني مصري لكن الأسلوبوالأفكار متباعدة بشكل كبير. الرئيس السادات يتمنى أن يجد حلاً للأزمة عنطريق سلمي، والقادة منهم من يقول بالحرب بما هو متاح، ومنهم من يريد دعماًكبيراً خوفاً من نتيجة الحرب. لكن المؤكد إن الجميع كان يستهدف سلامة مصروشعبها، والدليل الأكبر على هذا إن الجميع قد اتفقوا على إن المعركة حتميةوالوقت ليس في صالح مصر.
وتمضي الأيام ويزداد الخلاف بين الرئيس السادات والفريق أول/ صادق حتى وصلالأمر إلى أن كل منهما بدأ يتشكك في الآخر ولا يأمن له. وأصبحت المشاداتوالتناقضات حول القضايا العسكرية تأخذ الشكل العلني.
ثم تجيء القمة التي عقدت في موسكو بين الرئيس الأمريكي والرئيس السوفيتيفي يونيو1972، والتي أسفرت عن ترتيبات بين القوتين الأعظم لتخفيف حدةالمواجهة بينهما. لكن كانت الصدمة الأكبر في مصر من هذه القمة هو اتفاقالدولتين على "ضرورة خلق نوع من الاسترخاء العسكري في منطقة الشرق الأوسط"وهذا بنص الكلمات التي جاءت في البيان الختامي للقمة. وكان لهذه العبارةالتي وردت في البيان الأمريكي – السوفيتي وقع خطير عند مصر وعند الرئيسالسادات بوجه خاص. فالدولتان اتفقتا على كبح جماح الحرب حتى لا تتصاعدالأمور بين مصر وإسرائيل فتؤدي إلى مواجهة بينهما، وإسرائيل حاليا لا تريدالحرب، فيصبح المتضرر الوحيد من هذا الاتفاق هو مصر.
اقتنع الرئيس السادات بأنه إذا كانت روسيا تحاول تخفيف التوتر مع أمريكا.فإنه بالتالي ليس مخطئاً في تفكيره بأنه لابد أن يتصل بأمريكا لأن الحلعندها. وشعر الرئيس بأنه إذا لم يتحرك فسوف يصبح ضحية على مذبح التقاربوالوفاق، وسوف يستخدم الموقف المصري – الإسرائيلي في لعبه تراكم الأزماتالتي ينادي بها كيسنجر.
كل هذه العوامل كانت تضغط على الرئيس السادات لأنه حتى الآن لم يُجِب على السؤال المعلق في الهواء "ماذا سنفعل مع إسرائيل ؟".فما كان منه إلا أن اتخذ قراراً خطيراً بإنهاء مهمة الخبراء السوفيت فيمصر ابتداء من منتصف يوليو 1972. فجر القرار المشاعر والتداعيات والتي كانلها أثر كبير في مجريات الأحداث اللاحقة. في مصر انتاب الجميع فرحة كبيرةخاصة القوات المسلحة التي كان احتكاكها مع الخبراء السوفيت مثار مشاكلومشاحنات يومية، وشعر القادة أنهم تخلصوا من قيد ثقيل على أفكارهموتحركاتهم. وأيقنت أمريكا أنها كسبت نقطة على الاتحاد السوفيتي وإن كانتلم تسع إليها أو تبذل فيها جهداً يذكر. أما الدول العربية وعلى رأسهاالمملكة العربية السعودية فقد لقي القرار ترحيباً كبيراً لأنه انحسارللنفوذ السوفيتي في المنطقة.
أما في الاتحاد السوفيتي فقد كان للقرار وقع شديد بدأ بالغضب للكرامة ثمما لبث أن استوعبت القيادة السوفيتية الموقف. وظهر أمامها جليا أن مركزهافي مصر مهدد بالضياع وبالتالي في المنطقة وبخاصة في البحر الأبيض. كما ظهرأيضاً للقيادة السوفيتية أن الرئيس السادات بقراره هذا ليس هو بالرئيسالذي يتواري خلف الدعم السوفيتي ليؤجل الحرب أو يتهرب منها. فهو بهذاالقرار وضع مصر أمام مسئوليتها وحدها. وفى نفس الوقت كان العديد منالقيادات السياسية والعسكرية في مصر يقولون بأننا لا يجب أن نخسر روسيانهائياً، واقتنع الرئيس بهذا الرأي فأرسل بعثة برئاسة الدكتور/ عزيز صدقيلكي تخفف وقع الصدمة وحفظاً لماء وجه السوفييت أمام العالم.
فوجئ الرئيس السادات بعودة البعثة وفى جعبتها عديد من الموافقات على إمدادودعم مصر بشحنات الأسلحة المتأخرة. بل وتقديم أسلحة جديدة منها طائراتميج23 وطائرات سوخوى-20 وصواريخ متطورة وعربات قتال ونظام متكامل للحربالإلكترونية. وتحيّر الرئيس السادات من هذا الكرم السوفيتي المفاجئ غيرالمتوقع فقال في 8 أكتوبر 1972 في اجتماعه مع بعثة الدكتور/ صدقي "إنالروس يحاولون إغراقه في بحر من السلاح، استجابوا لجميع طلباته وأكثر حتىيورطوه في معركة يظنون أنه لن يكسبها حتى وإن تحققت كل مطالبه من السلاح.وإذن فهم يستجيبون لكل طلباته وينتظرون محنته لكي يعود إليهم وقتها طالباًدعمهم وحينئذ يفرضون عليه كامل شروطهم".
وآثار نجاح بعثة الدكتور/ صدقي غيرة الفريق أول/ صادق فاندفع داخل وحداتالقوات المسلحة مهاجماً هذه الزيارة وهذه البعثة، وكان يصرح للضباطوالجنود بأنه لن يقدم استقالته، بل لمح في بعض الأماكن إلى أن شيئاً يدبّرله للتخلص منه. وجاء مؤتمر يوم 24 أكتوبر 1972 ليضع خاتمه صراع آخر بينالرئيس السادات والفريق أول/ صادق وزير الحربية. كان المؤتمر موسعا معالقادة العسكريين ليستمع منهم مباشرة كل ما يهم الموقف العسكري والمشكلاتالتي تواجه القيادات لتنفيذ المهام المطلوبة.
في بداية الاجتماع قام الرئيس السادات بشرح الموقف السياسي وزياراته إلىروسيا التي تمت في مارس وأكتوبر1971 ثم زيارته في أبريل 1972. كما شرحالموقف السوفيتي تجاه الحرب التي تنوي مصر القيام بها، وتطور الأحداث التيانتهت بطرد الخبراء السوفيت، ونجاح بعثة الدكتور/ صدقي رئيس الوزراء فيالحصول على أسلحة جديدة والتعجيل بتسليم الأسلحة المتعاقد عليها من قبل..ثم فتح بعد ذلك باب المناقشة. وكان اللواء/ محمد الجمسي هو أول المتحدثينسائلاً عن الموقف العربي. فرد الرئيس بأن الرئيس حافظ الأسد سيشترك معناعن قناعة وإن ليبيا سوف تقدم ما لديها من طائرات ميراج وعدد من العرباتوالمدفعية والهاونات.
"اللواء/ عبد المنعم واصل (قائد الجيش الثالث) : إن التدريب والروحالمعنوية على مستوى عال، ولكن إذا قمنا بالهجوم في ظل الأوضاع الحاليةفيجب علينا أن نتوقع خسائر كبيرة. إن الساتر الترابي الذي أقامه العدو علىالضفة الشرقية قد أصبح متصلاً بارتفاع يصل في إلى 20 متر. إن العدو يرانيويكشف موقعي لمسافة طويلة وأنا لا أراه ولا أعرف ما يدور خلف هذا الساتر.يجب أن نزيد من ارتفاع الساتر الترابي من ناحيتنا حتى يصل إلى ارتفاع سائرالعدو أو يزيد. الفريق/ سعد الشاذلي (رئيس الأركان) : سيادة الرئيس، هل ستقوم سيادتكم بتحرك عربي لتعبئة القوى العربية أم إن المعركة ستكون قاصرة على دول الاتحاد ؟. الرئيس السادات : ستكون المعركة مصرية أساساً، وسوف يقف العرب موقفالمتفرج في البداية. ولكنهم سوف يجدون أنفسهم في موقف صعب أمام شعوبهمفيضطروا في النهاية إلى أن يغيروا موقفهم. الفريق أول/ صادق (وزير الحربية) : يجب أن نأخذ في حسابنا إمكانية الضرب في العمق. ومن المحتمل جداً أن تقوم إسرائيل بتشجيع من أمريكا بهجوم مفاجئ على مصر. الرئيس السادات : إني أوافق تماماً. قد تبدأ إسرائيل ضربتها قبل 7 نوفمبرالقادم. وفى هذه الحالة سوف ينسى العالم المشكلة الأصلية ويبدأ الحديث عنوقف إطلاق النار. اللواء/ على عبد الخبير (قائد المنطقة المركزية) : إن القواتالمسلحة لم يتم تدعيمها بأية أسلحة جديدة تزيد من قدرتها الهجومية بلالعكس هو الصحيح. إن الاستهلاك العادي في أسلحتنا يجعل قواتنا في تناقصوليس في تزايد. إن ضعف قواتنا الجوية مازال كما هو. ألا تكفي هذه العواملالهامة كلها لكي نفكر جيداً قبل أن نقرر الدخول في حرب نتحمل فيها خسائرجسيمة ؟. الرئيس السادات : لو أنني أجريت حساباتي على هذا الأساس لما اتخذت قراريبطرد الروس. إن المشكلة هي نكون أو لا نكون (قالها السادات بالإنجليزية).يجب ألا نلقى اللوم كله على الروس، لقد قام الروس بإمدادنا بأسلحة مكنتنامن تسليح جيشين. بصرف النظر عن أنهم هم الذين يختارون السلاح الذي يمدوننابه. اللواء/ على عبد الخبير : إذا كنا نقول نكون أو لا نكون فإنه يجب علينا أن نعبئ مواردنا كلها للمجهود الحربي. الرئيس السادات : إن تعبئة موارد الدولة للمجهود الحربي هيمسئوليتي وليست مسئوليتك، الناس لا يصدقون أنه سيكون هناك حرب. وإذا بقيناكما نحن الآن فسوف تنهار الجبهة الداخلية. اللواء/ نوال سعيد (رئيس الإمداد والتموين) : هل المقصود هو تحرير الأرض أم تنشيط العمليات لإعطاء الفرصة للحل السياسي ؟. الرئيس السادات : لقد سبق أن قلت ذلك للفريق صادق منذ أغسطس وهو كسر وقف إطلاق النار. الفريق/ عبد القادر حسن : قد نبدأ بمعركة محدودة ولكنها قد تتطور إلىحرب شاملة. وقد ننجح في المراحل الأولى من المعركة ولكننا سوف نتحول فيالنهاية إلى اتخاذ موقف دفاعي. ستبقى إسرائيل في شرم الشيخ وفى معظمسيناء وستكون في موقف أفضل من موقفها الحالي. وقد يدفعها ذلك إلى أن تدعىحقوقها في تلك الأراضي التي تكون مازالت في قبضتها. يجب أن نضع في حسابناقدرة العدو على ضرب العمق عندنا وعند سوريا أكثر، لأن سوريا لم تستكملدفاعها الجوي. لا يصح أن ندفع أنفسنا إلى وضع قد يضطرنا إلى أن نصرخ طالبين النجدة من الاتحاد السوفيتي مرة أخرى. الرئيس (بغضب) : يا عبد القادر دى ثاني مرة تغلط فيها. أنا مسئولعن استقلال البلد، وأنا أعرف ماذا أعمل. يجب ألا تتدخل في شيء ليس مناختصاصك، أنت راجل عسكري ولست رجلاً سياسياً. اللواء بحري/ محمود فهمي (محاولاً تلطيف الجو) : إننا جميعاً نؤمنبأن المشكلة لن تحل سلمياً وإن الحرب هي الأسلوب الوحيد لحل هذه المشكلة،إذا كان هناك رأى أو سؤال فإن المقصود منه هو الحرص على مصر ومصلحة مصر. الرئيس (بغضب) : هل تدافع عن عبد القادر حسن ؟ كل واحد لازم يتكلم في حدوده. أنا لا أقبل من أحد أن يفهّمني واجبي...( فترة صمت ) الرئيس (بصوت هادئ) : إننا اليوم نواجه تحدياً صعباً، نكون أو لانكون. هناك حل جزئي معروض على وينتظر موافقتي ولكني لم أقبله، قد يقبل شخصآخر هذا الحل أما أنا فلن أقبله. وانتم عليكم بالتخطيط الجيد، والتغلب علىنواحي النقص الموجودة في قواتنا المسلحة. وفقكم الله". وبعد انتهاء الاجتماع بيومين تم إحالة الفريق أول/ محمد صادق والفريق/ عبدالقادر حسن واللواء بحري/ محمود فهمي إلى المعاش وتعين الفريق/ أحمدإسماعيل على وزيراً للحربية واللواء/ فؤاد ذكري قائداً للقوات البحرية.
وبنظرةعلى هذا الاجتماع وما دار فيه من آراء للقيادة العسكرية والقيادة السياسيةنجد أنه مماثل لما دار في الاجتماع السابق الذي تم في 2 يناير. الجميعيعلم وبيقين إن الحرب حتمية. وإن الجهود السياسية لن تؤتى شيئاً، وأنروسيا تدعم مصر لكن بقدر محدود تراه كافياً من وجهة نظرها. لكن الأسلوبمختلف ومتباعد بين الجميع. فالبعض يرى أن ندخل المعركة بما لدينا، والبعضيرى أن نتفوق على إسرائيل حتى نضمن النصر لأن مصر الوطن لا تحتملهزيمة أخرى، بل لا تحتمل عدم نصر كما قال الفريق أول/ صادق، وكان محقاً فيهذا القول، كما كان الرئيس السادات محقاً في قوله بأن نكون أو لا نكون.كان كل فريق يدافع عن وجهة نظره بأدلة وبراهين صحيحة ومقنعة. والأهم إنالجميع كان ينطلق من خوفه وحبه لمصر. وسنرى من قادم الأحداث أي الفريقينكان هو الأصح. لكن آه لو كان الطرفان اتفقا على فكرة واحدة.
تولي الفريق أول/ أحمد إسماعيل منصبه كوزير للحربية والقوات المسلحة لديها خطتان للعمليات الهجومية. "الخطة41" والتي تقضى بالوصول إلى خط المضايق لكن بعد الحصول على المعدات والأسلحة اللازمة وتم تغيير اسمها إلى جرانيت 2 والخطة الثانية "المآذن العالية"والتي تقضي بالعبور بما لدينا من أسلحة ومعدات واقتحام خط بارليف واحتلال10-15 كيلو متر في الضفة الشرقية، وسنعرض لتفاصيل هذه الخطط وما آلت إليهقبل الحرب في مرحلة التحضير للحرب.
كانت المواقف والأحداث تضغط على الرئيس السادات من كل جانب. فبعد انتهاءالصراع مع الفريق أول/ صادق وحسمه لصالح الرئيس السادات وجد أنه مازال لميجد الإجابة على السؤال الذي مازال معلقاً في الهواء "ماذا سنفعل مع إسرائيل؟". خاصة وإن الجامعات والحياة الثقافية في مصر بدأت هجوماً على الرئيسالسادات لأنه يتكلم كثيراً عن الحرب ولا يفعل شيئاً. وفى نوبة غضب من هذهالهجمات المستمرة عليه قام بإقالة عدد كبير من الكتاب والصحفيين منمواقعهم وعدد آخر نقله إلى وظائف في شركات ، وكان لهذه القرارات آثر عكسيجعل السخط الشعبي يزداد عليه. بل وصل السخط للقوات المسلحة فتم إلقاءالقبض على تنظيم "إنقاذ مصر" بقيادة اللواء/ على عبد الخبير.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:43
الفصل السادس الطريق الى الحرب
كانت كل هذه الأحداث أجراس إنذاريسمعها الرئيس السادات جيداً، فكان لزاماً عليه أن يتحرك. فأصدر تعليماتهللفريق أول/ أحمد إسماعيل وزير الحربية بالاستعداد لكسر وقف إطلاق النارفي نهاية شهر ديسمبر 1972. وطلب منه السفر إلى سوريا على رأس وفد عسكريللتنسيق. وتم التنسيق في الفترة من 10-13 نوفمبر 1972. وبعد عودة الوفد العسكري من سوريا قدم الفريق أول/ إسماعيل تقريراً عنالزيارة إلى الرئيس السادات كان أهم ما فيه " التوقيتات المقترحة للعملياتعلى النحو التالي : 15 ديسمبر 1972 للانتهاء من التخطيط وعرض الخطط. 31 ديسمبر 1972 استعداد القوات للعمليات الهجومية. والذي حدث أن الرئيس حافظ الأسد أظهر دهشته من هذه السرعة في بدء العملياتبعد فترة من السكون الطويل حتى أنه قال : معنى ذلك إننا سنبدأ العملياتتخطيطاً وتنفيذاً في ظرف 50 يوماً من الآن". ودعم الفريق أول/ إسماعيل رأى الرئيس الأسد حيث لم يكن مقتنعاً وأيضاالفريق/ سعد الشاذلي برأي السادات في أن تبدأ مصر هجومها في مطلع عام1973. فرضخ السادات لهذا الرأي وتأجلت العمليات الهجومية لأجل غير مسمى.
وجاءعام 1973 ليفتح باب الأمل ويُغلقه في نفس الوقت في الاتصال بكيسنجر مستشارالأمن القومي الأمريكي، الذي أصبحت حلول القضايا في يديه.. فقد نجحتاتصالات سرية في أن تحدد موعد لقاء بين كيسنجر ومبعوث شخصي للرئيس الساداتفي يومي 26،25 فبراير. وتقرر أن يكون المبعوث المصري هو السيد/ حافظإسماعيل مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي ومعه الدكتور/ حافظ غانموالدكتور/ أشرف غربال. وقد بدأت المباحثات باستعراض كيسنجر لقدراته وأنالاتصالات معه لابد وأن تبقى سرية حتى لا تفشل هذه الاتصالات. وإنه جاد فيتناول مشكلة الشرق الأوسط بدليل أنه يسمع للمصريين. ثم عرض الوفد المصريرؤيته للموضوع العربي – الإسرائيلي المُعلق والمُتفجر منذ عام 1948. واسترسلت المناقشات بين كيسنجر والوفد المصري حتى وصل الأمر إلى التطبيع. وفى جلسة المباحثات الثانية نذكر بعض ما جاء فيها : " كيسنجر : إذا قلنا بالتوفيق بين سيادة مصر وأمن إسرائيل فما هو بخلاف الانسحاب شكل العلاقات ؟ حافظ : التزام إسرائيل بالانسحاب من أراضي مصر يقترن بالتزام سلام نحو إسرائيل. كيسنجر : هل يمكن أن تعطوني أمثلة لشكل العلاقات ؟ حافظ : إنهاء حالة الحرب. كيسنجر : أحاول أن أفهم ما معنى سلام كامل ؟ حافظ : إنهاء حالة الحرب، عدم التدخل في الشئون الداخلية لاعتبارات سياسيةأو اقتصادية، حرية المرور في الممرات المائية، مناطق منزوعة السلاح، قوةدولية. غانم : ليس هذا كل ما نريد.. نريد التطبيع. حافظ : سيمر وقت طويل قبل أن تأتيمسزٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ مائير لمصر لتشتري ما تريد. كيسنجر: هذه نظرة واقعية، ولو قلتم العكس لما صدقتكم.... وفي ختام اللقاءقال كسينجر: إنكم لستم في حاجة إلينا كسعاة بريد. من وجهة نظركم فإنكمتتوقعون منا أن ندعو إلى حل معين تكون نتيجته حدوث تغير جوهري في المواقفالإسرائيلية الثابتة..هل نستطيع أن نأتي بهذا التغير.أنى أقول لكم أنقدرتنا علي الإقناع تتوقف علي القدر الذي نستطيع الإشارة فيه إلى تغيراتملموسة في المواقف العربية.
وقد ذكر الرئيس السادات في كتابه (البحث عن الذات) بعض مما قاله كيسنجرللبعثة المصرية "نصيحتي للسادات أن يكون واقعيا فنحن نعيش في عالم الواقع،ولا نستطيع أن نبني شيئا علي الأماني والتخيلات. والواقع أنكم مهزومون،فلا تطلبوا ما يطلبه المنتصر. فكيف يتسنى وانتم في موقف المهزوم أن تملواشروطكم علي الطرف الأخر. إما أن تغيّروا الواقع الذي تعيشونه فيتغيربالتبعية تناولنا للحل، وإما أنكم لا تستطيعون. وفي هذه الحالة لابد منإيجاد حلول تتناسب مع موقفكم غير الحلول التي تعرضونها. وأرجو أن يكون معني ما أقوله واضحا، فلست أدعو السادات إطلاقا إلى تغييرالوضع العسكري. لو حاول ذلك، فسوف تنتصر إسرائيل مرة أخرى أشد مما انتصرتفي 1967، وفي هذه الحالة يصعب علينا أن نعمل أي شئ.. وسوف تكون هذه خسارةكبيرة لمصر وللسادات شخصيا، وهو رجل احب أن أتعامل معه في يوم ما".
كانت كلمات كسينجر مهينة وموجعة لكنها واقعية..فالمنتصر يفرض شروطهوالمهزوم عليه أن يقبل. لكن غاب عن فكر كسينجر أن إسرائيل لن تستطيع أنتنتصر مرة أخرى مثل ما قال.. لقد صدّرت إسرائيل وأعلامها المُلح المتكررنشوة وغرور انتصار 1967 حتى وصل إلى فكر داهية السياسة الأمريكية كيسنجرواصبح مقتنعا هو الأخر به وكأنه شئ مسلم به أن تنتصر إسرائيل دائما وتنهزممصر دائما.
وفي كلمات كيسنجر الرد الكافي علي من أشاعوا أن حرب أكتوبر ما هي إلاتمثيلية اتفق عليها كسينجر مع مصر حتى يستطيع التدخل في الأزمة. قول كلهإفك يقع في فخ الأعلام الإسرائيلي الذي حاول أن يسلب مصر والمصريونانتصارا عظيما اعترف به العالم اجمع. فهل نتناسى ما قاله روجرز وزيرالخارجية عن ولاء كيسينجر لأمته اليهودية؟! وهل يقبل كيسينجر على اليهودخسائر في الأرواح وجرحى لكي يستطيع التدخل في الأزمة؟! وهل توافق إسرائيلعلى الدخول والاشتراك في هذه التمثيلية، والتضحية بأرواح جنودها في سبيلتمكين كيسينجر من الدخول في المشكلة ؟! لقد كانت الأزمة فعلا في يدكيسينجر ووصل الطرح المصري في الاجتماع المشترك إلى حد أن مصر تأمل فيالوصول إلى التطبيع. فكيف بعد هذا يقال إن حرب أكتوبر كانت أمر متفق عليهبين الرئيس السادات وكيسنجر ؟؟!!.
وأيقن الرئيس السادات أن هذا آخر ما كان يستطيع علي طريق الحل السلمي،وانه لابد وان يتجه إلى طريق الحرب.. ونحمد الله علي فشل الحل السلمي..وفى ربيع 1973 اختمر القرار في فكر الرئيس السادات ثم بدأ في تنفيذه..كانت الخطوة الأولى هي توليه رئاسة مجلس الوزراء، حتى يتجمع في يد واحدةالقرار السياسي والتنفيذي ليتم حشد كل الطاقاتوالإمكانات،ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍلصالح المجهود الحربي وللمعركة المقبلة. لكن وبالتوازي مع قرار الحربوللتمويه والخداع الاستراتيجي كان يرسل بالمبعوثين والمندوبين إلى الأممالمتحدة والرؤساء والملوك في مختلف دول العالم وكأنه مازال متعلقا بالحلالسلمي
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:44
دقت طبول الحرب: لما انحسر وفشل الحـل السلمي، لم يعـد أمـام الرئيس السادات إلا الحـرب..فأعطى توجيهاته إلي الفريق أول/ إسماعيل بالاستعداد وتجهـيز القواتالمسلحة لعملية هجومية كبيره في مايو1973. والحق إن القـوات المسلحة لمتكن في حاجة إلي هذا التوجيـه، فمنذ وقف إطلاق النار في أغسطس 70 وكلأفـرع ووحدات القـوات المسلحة في تدريب مستمر انتظارا لليوم الموعـود الذيتبدأ فيه المعركة.. اسُتبعدت حرب الاستنزاف بكل أشكالها السابقة (تراشقاتبالمدفعية,عمليات إغارة،هجمات جوية) وتقرر أن تكون المعركة القادمة ضربـةكبيره قويـه مع الاستعداد لصد ضربة العدو المضادة التي سيوجهها حتما إلىقواتنا التي ستنجح في العبور شرقا.
وتوافق القرار السياسي والعسكري، فتقرر أن تقـوم القوات المسلحة المصريةبالتنسيق مع القوات المسلحة السورية بعمليه هجومية رئيسيه لتغيير موازينالقـوى والموقف السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط.. حتى يسمح هـذاالموقف الجديد لباقي الدول العربية التدخل والتأثير في المعركة كل بمايملك من.. كان الهدف العسكري هـو هزيمة قوات العدو الإسرائيلي في سينـاءوالهضبة السورية والاستيلاء على مناطق حاكمه ُتمكن قواتنا من تطوير الهجوموتحرير باقي الأرض المحتلة.
كان الهـدف واضحا للقيادة العسكرية فتحولت الخطط الموجودة "الخطه 41-والمآذن العالية" بعد التطوير وتحديث آخر موقف عليها إلى الخطة "جرانيت1-وجرانيت2".. تقوم قواتنا المسلحة في (جرانيت1) بالتعاون مع القوات السوريةباقتحام قناة السويس وتدمير خـط بارليف والاستيلاء علـى رؤوس كبارى بعمق10-15 كيلومتر علـى الضفة الشرقية للقناه... وتقـوم القـوات السوريةبالهجوم في الجولان وتدمير العدو والوصول إلى خط من نهـر الأردن حـتىالشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية.. ثم إذا توافـرت الظروف تقوم القوات المصريةبعـد وقفـة تعبوية أو بدونها بتنفيـذ الخطة (جرانيت2 ) التي تصـل بقواتناإلي خط المضايق في وسط سيناء.
بدأت على الفور الاجتماعات علي كافة مستويات القيادة العسكرية المصريةبهدف دراسة أخر موقف للعدو والأعداد والتجهيز للهجوم، كما بدأت اجتماعاتالتنسيق بين القيادة العسكرية المصرية ونظيرتها السورية لتوحيد الجهودواختيار انسب موعد للهجوم المشترك. وأسفرت الاجتماعات عن اختيار موعدين،الأول في شهر مايو والثاني في أكتوبر من نفس العام، علي أن يتحدد الموعدالنهائي من قبل القيادة السياسية في مصر وسوريا. وقد تشاور الرئيس الساداتمع ملك لسعودية فأرسل علي الفور مندوب له لكي يبلغه دعم السعودية الكاملللمعركة لكن يرجوه أن يؤجل الموعد عن شهر مايو لكي يتسنى توفير مخزون كافيمن المواد التموينية. وقد استجاب الرئيس السادات للطلب خاصة وان المجلسالأعلى للقوات المسلحة يقول بأن أكتوبر هو الموعد الأنسب.
كانت الوحدات في أفرع القوات المسلحة تواصل تدريبها الشاق اليومي، وفي نفسالوقت كانت القيادة العامة تواصل التخطيط ليل نهار، حتى يُمكن الوصول إلىأحسن استخدام لتلك الوحدات.. كان معروفا وواضحا للجميع أن الفكرالإسرائيلي لا يتزحزح عن ثوابت محدده تشكل نظرية الأمن الإسرائيلي أهم هذهالثوابت هو: - نقل الحرب إلى ارض العدو. - مفاجأة العرب بالحرب والاحتفاظ بالمبادأة. - الردع الحاسم والفوري. - مواجهة الجيوش العربية فرادى. - لابد من ارتباطها بقوة عظمى تؤازرها في الحرب.
كان المطلوب من المخطط المصري هدم نظرية الأمن الإسرائيلي، وإرغام إسرائيلبالقوة على الاقتناع بأن وضعها الحالي لا يوفر لها الحدود الآمنة.. خاصةوإن مفهوم الحدود الآمنة في الفكر السياسي الإسرائيلي هو احتلال مزيد منالأراضي ثم المماطلة وعدم الانسحاب منها. وبن جوريون له قول شهير"إن عملوزارة الخارجية الإسرائيلية هو تبرير ما تقوم به وزارة الدفاع من توسع". ولهدم نظرية الأمن الإسرائيلي كان على المخطط المصري أن يقوم بالآتي: - حرمان إسرائيل من بدء القتال وتوجيه ضربة مسبقة لنا. - حرمانها من استخدام قواتها الجوية وهى العنصر المتفوق ضد قواتنا. - مفاجأتها بالضربة الأولى وإيقاعها في حالة الارتباك التي تنجم عن الضربة الأولى. - تأخير الضربة المضادة بقواته المدرعة التي ستؤثر على قواتنا في المراحل الأولى. - حصار بحري من بُعد حتى يصبح تمسكها بشرم الشيخ غير ذي جدوى.
وكان التخطيط المصري يستند على ركائز في الفكر الإسرائيلي، هي بمثابة ثقوباستطاع المخطط المصري أن ينفذ منها ويفاجئ العدو بما لا يتوقعه. وأهم هذهالثقوب هو: - خرجت إسرائيل من حرب 1967 وخاصة القيادة العسكرية وهى تعيش وهم كبيروثقة مفرطة في أنها حققت نصرا كبيرا, حتى انقلب إلي غرور جعلهم يتصورونإنهم قادرون على عمل أي شيء بنا في أي وقت شاءوا. - أفدح الأخطاء التي وقعت فيها إسرائيل هي إنها توهمت وصدقت إن الجنديالإسرائيلي يتميز نوعيا عن المصري في كل شيء، وبإضافة الفارق التكنولوجيالكبير بين المعدات والأسلحة الإسرائيلية ومثيلتها المصرية, يصبح الجنديالمصري غير قادر على العمل الجاد أو إنجاز هدف ولو محدود. - لم يخطر ببال إسرائيل إن الرئيس السادات قادر على اتخاذ قرار الحرب،خاصة وإنه تكلم كثيرا ولم يفعل شيئا، وطرد الخبراء السوفييت وَضَع القواتالمسلحة في وضع العاجز عن عبور مانع قناة السويس بصعوباته علاوة على خطبارليف. - كانت إسرائيل بحكم التاريخ متأكدة بأن العمل العربي المشترك ضرب من المستحيل. وقد أفادت هذه النقاط المخطط المصري أيما فائدة، وأعمت بصيرة القادةالإسرائيليين رغم الوضوح الشديد أمام أعينهم.. فالمصريون (الأقل كفاءهوُقدره في نظرهم) قاتلوا بشراسة في رأس العش، وكان هناك اشتباك شبه يومي،ثم كانت الغارات على المواقع الإسرائيلية حتى الوصول إلي ميناء إيلات، وفىالنهاية بناء حائط الصواريخ رغم القصف الجوى العنيف. وكل هذا لم يغيرالفكر الإسرائيلي.. وكان على القيادة المصرية أن تدرس نقاط القوه والضعف عند العدو حتى تستفيدمن نقاط الضعف وتتجنب نقاط القوه.. وأهم نقاط القوه عند العدو هي استنادنظامه الدفاعي على مانع مائي قوى هو قناة السويس، علاوة على التحصيناتالدفاعية التي تسيطر على الضفة الشرقية للقناه( خط بارليف)، كذا وجوداحتياطيات عديدة من القوات المدرعة والميكانيكية متمركزة في أنساق متتاليةفي عمق سيناء.. وكانت أهم نقاط ضعف العدو هو طول مواصلاته وطول مواجهتهالدفاعية علي امتداد قناة السويس إضافة إلى غروره واستهانته بقدره القواتالمسلحة المصرية كما ذكرنا سلفا. لذا قرر المخطط المصري أن يكون الهجوم شاملا بمواجهة القناة (175 كيلومتر)بواسطة 5 فرق مشاه تحت حماية حائط الصواريخ ضد قصفات العدو الجويةالمتوقعة.. وان تقوم القوات الجوية بالدعم الجوي للقوات المهاجمة وحمايةالمطارات والأهداف الحيوية في الدلتا ضد هجمات العدو الجوية.. وتقومالقوات البحرية بحماية الجانب الأيسر للقوات المهاجمة من أمام شواطئ سيناءعلي البحر الأبيض. وإغلاق مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر فتتوقف حركةالملاحة من والي ميناء ايلات...وكان هذا التخطيط يحقق للقوات المصريةالأتي: - تشتيت المجهود الجوي الإسرائيلي علي طول المواجهة(175 كيلو متر) مما يجعل هجماته غير مؤثرة علي العبور أو التقدم. - عدم اكتشاف اتجاه المجهود الرئيسي لقواتنا، وبذلك يتأخر هجومه المضادبالمدرعات مما يعطي الفرصة لقواتنا كي تتوغل شرقا ويتماسك خط دفاع الفرقالمهاجمة. كما كان مقررا دفع كمائن الصاعقة في عمق سيناء، تكون مهمتها الأساسية هيتعطيل وتأخير وصول المدرعات الإسرائيلية القادمة من الخلف لنجده قوات خطبارليف،بما يتيح لقواتنا المهاجمة فترة أطول للتعامل مع قوات خط بارليفبمفردها.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:45
بشائر النصر القادم: كان هناك كثير من المشاكل الضخمة والمعقدة أمام المخطط المصري التي يجبحلها كي تنجح عملية الهجوم، فأن تعبر قناة السويس كمانع مائي وخلفة خطبارليف بخمسة فرق مشاة بالمواجهة كان أمر يبدو شبه مستحيل ، وقد قرأناماذا قال موشي ديان ودافيد اليعازر وحاييم بارليف عن أن عبور القواتالمصرية يستحيل التفكير فيه وانه إذا حدث فسيكون مقبرة للمصريين.
* أول هذه المشاكل التي كانت تواجه التخطيط المصري، هو قناة السويس كمانعمائي يعتبر من اصعب الموانع المائية في العالم. يتراوح عرض قناة السويس180 –220 متر ومن خصائصها التي تجعلها بالغة الصعوبة أن الشاطئ شديدالانحدار مغطي بستائر أسمنتية تمنع نزول وصعود المركبات البرمائية إلا بعدعمل تجهيزات هندسية خاصة.. كما تتميز القناة بظاهرة المد والجزر فيبلغالفرق في شمال القناة 60 سم بين أعلي مد وأقل جزر أما في الجنوب فيصل إلى2 متر، وهذا الفرق يستلزم تجهيزات كثيرة وأعمال فنية خاصة لإقامة الكباريوإنشاء المعديات.. وتزداد صعوبة القناة باختلاف سرعة تيار الماء فيها، ففيالقطاع الشمالي تصل سرعة التيار إلى 18 متر/الدقيقة أما في الجنوب فتصلإلى 90متر/دقيقة وعلاوة علي ذلك يتغير اتجاه التيار كل 6 ساعات من الشمالإلى الجنوب وبالعكس.
* ثم أضاف العدو عقبة أخرى هي خط بارليف الذي شرحناه تفصيلا من قبل، فأصبحله في شرق القناة منطقة دفاعية حصينة من بور فؤاد شمالا وحتى رأس مسلةجنوبا تحوي في داخلها قوات مدرعة ومشاة ميكانيكية ومدفعية ودفاع جوي، فيتحصينات هندسية محاطة بحقول الغام وحولها مستودعات وقود وذخيرة ومراكزقيادة وسيطرة، ويخدم كل هذا شبكة كبيرة من الطرق الطولية والعرضية، وتستندعلي موانع طبيعية في الغرب والشمال والجنوب (قناة السويس- البحر الأبيض –جبال جنوب سيناء والبحر الأحمر).
* ولم يكتف العدو بكل هـذا، فأضاف خزانات نابالم مدفونة في مواقع خطبارليف وعن طريق مواسير يتم ضخ النابالم فيتحول سطح القناة إلي شعلة نيرانلا تنطفئ .. وقام العـدو بتجربة حيـّه أمـام قواتنا حتى يزداد المصريونيأسا من العبور.
بهذه العقبات نجد أن المهمة كانت شبه مستحيلة أمام المصريين، وأكدت أقوالكثير من الخبراء العالميين هذه الإستحالة. وهذا ما أعطى الأمان والغرورللإسرائيليين، لكن المصريون كان لهم رأى آخر.
قامت القيادة العسكرية المصرية بأفرعها المختلفة بدراسة هذه المشاكلوالعقبات والعمل على حلها. وكان أن صدرت تعليمات إلي قـادة الفرق الوحداتبطرح مشاكل العبـور على الضباط حتى أصغر رتبه والاستماع إلي الآراءوالمقترحات منهم لحلها. وكانت باكورة هذا الأسلوب هو التغلب علي مشكلةالمشاكل وهي الساتر الترابي، التي لم يُمكن حلها بالمدفعية أو الطيران.فمن الفرقة 19 مشاه جاء المقدم مهندس/ باقي زكي يوسف باقتراح لإزالةالساتر الترابي بطريقة مبتكرة، ليست القنبلة الذرية كما قال السوفيت وإنمابواسطة طلمبة المياه.
من خبرة هذا المهندس المصري في أثناء عمله بالسد العالي جاءته فكرةأن نستخدم طلمبة مياه توضع فوق عائمة تحملها في مياه القناة، ومن الطلمبةتندفع المياه من خلال مدفع مائي تحت ضغط عالي يصوب نحو الساتر الترابيفتنهال الأتربة والرمال وينجرف الساتر إلى قاع القناة.. وكان التخطيطيتطلب فتح 85 ممر في الساتر الترابي ، وفتح كل ممر يستلزم إزالة 1500 مترمكعب من الأتربة والرمال، وبالحساب كانت هذه الطلمبات تستطيع تنفيذ هذاالعمل في 4-6 ساعة. وفور إقرار الفكرة من القيادة العامة بعد التجاربالعديدة، قامت وحدات القوات المسلحة بالتدريب علي منطقة تماثل قناة السويسعلي الرياح البحيري قرب مدينة الخطاطبة.. ولنا أن نتخيل حجم الجهد الذي تملكي تتدرب 85 وحده من المهندسين علي أعمال فتح ممرات في الساتر الترابي(مرتان نهارا – مرتان ليلا).. وفي كل مرة يتم إنشاء ساتر ترابي مماثل لخطبارليف ثم أزالته وفتح الممر، ثم يعاد إنشاؤه مرة أخرى وهكذا بأجمالي 340مره، وفى كل مره إنشاء وإزالة 1500 متر مكعب من التراب.
وجاءت الفكرة الثانية من الفرقة 21 مدرعة حيث اقترح المقدم/ إبراهيم شكيبفكرة ُتبطل عمل مواسير النابالم التي تحيل سطح القناة إلى نيران مشتعلة،وذلك بأن تعبر مجموعات من الضفادع البشرية ليلا قبل العبور بساعات وتقومبسد فتحات خروج النابالم من المواسير بواسطة أسمنت خاص، وبهذا تصبح هذهالوسيلة غير ذات جدوي.. وقد تمكنت القيادة العسكرية المصرية بفضل فكر هذانالضابطان حل أعقد مشكلتان كانتا أمام عملية العبور.
كان علي المخطط المصري وقد أصبحت العمليات الهجومية علي الأبواب أن يستكملتجهيز مسرح العمليات هندسيا، مستندا علي طاقات الشركات المدنية للمقاولاتوالإنشاءات وشركات استصلاح الأراضي وشركات الطرق والرصف. الكل كان يقدمأقصى ما يستطيع.. البداية كانت إنشاء ساتر ترابي علي الضفة الغربية للقناةلحماية قواتنا من مراقبة واستطلاع العدو وكذا حماية من نيرانه.. إضافةللساتر تم إنشاء عشرات من الهيئات الحاكمة أعلي من الساتر الترابي لخطبارليف أطلق عليها ( مصاطب دبابات).. كانت الهيئة علي شكل حدوة الحصانالضلع الرئيسي يطل علي الضفة الشرقية وبأعلى ارتفاع والضلعان الآخرانينحدران إلى الغرب، حجم الهيئة الواحدة 180 ألف متر مكعب من الرمالوالأتربة. كان الهدف من الهيئات أن تحتلها الدبابات المصرية وأسلحة الضربالمضادة للدبابات لحظة العبور وتقوم بالضرب المباشر علي قوات العدوالمتقدمة إلى شاطئ القناة الشرقي. ولم يتفهم دايان الغرض من هذه الهيئاتفأطلق عليها تعليقا ساخرا " إن المصريين مغرمين ببناء الأهرامات" وفياللحظات الأولى يوم 6 أكتوبر عرف دايان الغرض من هذه الأهرامات التي أمطرتقواته بالنيران ومنعت وصولها إلى القناة.
وحتى يمكن المناورة أثناء الاقتحام والعبور تم إنشاء شبكة من الطرقوالمدقات بلغ طولها في منطقة الجبهة فقط 2000 كيلو متر، وتم إقامة وتجهيزساحات الإسقاط اللازمة لإنشاء الكباري علي الضفة الغربية من السويس إلىالقنطرة، وعلي مسافات متساوية حتى لا يكتشف العدو مبكرا أماكن العبورالحقيقية فيركز عليها مجهوده الرئيسي.. واستطاع المهندسون المصريون إعدادمعدات العبور اللازمة. كما تم توفير 2500 قارب، وابتكار سلالم من الحبالوعربات اليد المجرورة، ومعدات أخرى متنوعة.. وجري تنفيذ كل هذا في الورشوالمصانع المصرية المدنية والحربية، وقد سهلت هذه المهمات والمعدات الكثيرفي نقل الأسلحة والإمدادات والذخيرة اللازمة في الساعات الأولى فيالمعركة.. ويكفي المهندسون فخرا وعلي رأسهم اللواء مهندس/جمال محمد علي أنكل قواتنا المسلحة برية وبحرية وجوية كانت تعمل وتنطلق من مواقع هي حصيلةجهدهم وتضحياتهم التي فاقت الخيال. نبضات من قلب أكتوبر:
* كانت هيئة عمليات القوات المسلحة تحت قيادة اللواء/ محمد الجسمي، وكانحاضرا مؤتمر 24 أكتوبر 1972 ووضح له من خلال كلمات الرئيس السادات أن مصرلابد أن تحارب في عام 1973 وإلا فان القضية ستنتهي وتموت. فقام في بدايةعام 1973 بمبادأة من الهيئة وضباطها بتجهيز دراسة تحدد انسب التوقيتاتللهجوم خلال عام 1973، وعلي ضوئها يقرر الرئيس السادات موعد الهجوم المصريبالتنسيق مع الرئيس السوري وتبعا للموقف السياسي. ونقرأ من خلال مذكراتصاحب هذه الدراسة ماذا قال عنها " وضعنا في هيئة العمليات – بمبادأه منالهيئة- هذه الدراسة علي ضوء الموقف العسكري للعدو وقواتنا، وفكرة العمليةالهجومية المخططة، والمواصفات الفنية لقناة السويس، وساعات الإظلام وساعاتضوء القمر التي تحقق افضل استخدام لقواتنا وأسوء الظروف للقواتالإسرائيلية. كما كان ضروريا اختيار افضل التوقيتات التي تناسب تنفيذالهجوم علي الجبهتين المصرية والسورية.. درسنا كل شهور السنة لاختيار افضلالشهور، ثم انتقلنا في الدراسة لتحديد طول الليل يوميا، لاختيار ليل طويلبحيث يكون النصف الأول منه في ضوء القمر والنصف الثاني في حالة إظلام، حتىيسهل تركيب وإنشاء الكباري في ضوء القمر ويكون عبور القوات والأسلحةوالمعدات في الظلام.
واشتملت الدراسة أيضا جميع أيام العطلات الرسمية في إسرائيل، وجدنا أنلديهم ثمانية أعياد في السنة منها ثلاثة أعياد في شهر أكتوبر، وكان يهمنافي هذا الموضوع معرفة تأثير كل عطلة علي إجراءات التعبئة في إسرائيل التيتعتمد اعتمادا رئيسيا في الحرب علي قوات الاحتياط.. ولإسرائيل وسائلمختلفة لاستدعاء الاحتياطي.. وجدنا أن يوم عيد الغفران( يوم كيبور) هو يومسبت وتتوقف فيه الإذاعة والتلفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد، أيأن استدعاء قوات الاحتياطي بالطريقة العلنية السريعة لن يستخدم وبالتاليسيستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتا أطول لتنفيذ تعبئة الاحتياطي.
ثم انتقلنا في الدراسة إلى الموقف الداخلي في إسرائيل. كانت تجري انتخاباتالبرلمان يوم 28 أكتوبر. ومن هنا كان من المفيد أن يوضع شهر أكتوبر فيالاعتبار كشهر مناسب لشن الحرب إذا كانت العوامل الأخرى السابق شرحهامناسبة للعملية الهجومية.. وعن الوقت المناسب للهجوم علي الجبهة السورية،كان لا يجب أن يتأخر بعد شهر أكتوبر حيث حالة الطقس والجو تصبح غير مناسبةنظرا لبدء تساقط الجليد.
ووصلنا من هذه الدراسة إلى تحديد انسب الشهور خلال عام 1973 للقيامبالعملية الهجومية، وكان انسبها ثلاثة توقيتات (مايو - أغسطس - سبتمبر/أكتوبر) وكان أفضلها شهر أكتوبر، فالشهر يزدحم بثلاثة أعياد، وتستعد فيهالدولة لانتخابات البرلمان.. ويأتي فيه شهر رمضان بما له من تأثير معنويعلي قواتنا، ولا يتوقع العدو الإسرائيلي قيامنا بالهجوم في شهر الصيام.واستكملنا في نفس هذه الدراسة الطويلة والعميقة اختيار اليوم المناسب فيكل شهر وقع الاختيار عليه.. وكان 6 أكتوبر 1973 ( 10 رمضان 1939) هو الذيوقع الاختيار في مجموعة سبتمبر/ أكتوبر للعوامل السابق شرحها، وقد اعتقدالكثيرون أن هذا اليوم تحدد للهجوم المصري والسوري لأنه فقط يوم كيبور فيإسرائيل وهو اعتقاد خاطئ لان هناك عوامل أخرى كثيرة تحكمت في تحديد هذااليوم.
وتحددت ساعة (س) أي ساعة بدء الهجوم قبل أخر ضوء بمدة 3.5 ساعة حتى يمكن خلالها إنجاز الأعمال الرئيسية في العملية الهجومية. توجيه ضربة جوية بواسطة القوات الجوية المصرية والسورية وتكرارها. تنفيذ التمهيد النيراني بالمدفعية. عبور القوات المصرية للقناة بالقوارب وعبور القوات السورية خندق الدبابات. فتح الممرات بواسطة طلمبات المياه في الساتر الترابي، وتحريك الكباري من مناطق التجمع وبدء إسقاطها في القناة. إبرار الصاعقة في عمق سيناء لتشتبك مع الاحتياطات المتجهة لنجدة خط بارليف.
كان هذا التوقيت يجعل رد الفعل المؤثر للعدو سواء بالطائرات أو المدرعاتيتأخر حتى صباح اليوم التالي مما يقلل من تأثير تدخل قوات العدو في المرحلالأولى لعبور قواتنا. لقد كانت العقول المصرية في هيئة عمليات القوات المسلحة علي قدر عالي منالكفاءة فلم تترك شيئا مهما َصٌغر إلا وقامت بدراسته تفصيلا، فخرج التخطيطللهجوم عملا عسكريا علي أعلي مستوي.
لم تكن هيئة العمليات تعمل بمعزل عن الآخرين، وإنما كانت في دراستهاالمستفيضة تستعين برجال الأرصاد لمعرفة كافة الظروف المحيطة بيوم الهجوم،وأيضا بأساتذة في علوم البحار لمعرفة كافة تفاصيل المد والجزر وسرعةالتيار واتجاهه، وأخرين في تخصصات مختلفة. وكان الجميع يتسابق بتفاني فيتقديم المشورة وُيسّّّّّخر كل علمه لما تطلبه القوات المسلحة. ولم يقتصرهذا التعاون علي هذه الدراسة فقط وانما كان في نواحي أخرى كثيره كان أهمهاما حدث في بداية عام 1971.
* فى مطلع العام توالت التقارير أمام اللواء/محمد على فهمي قائد الدفاعالجوى،تشرح بإستفاضة الحالة الفنية التي عليها الصواريخ م/ط ، والتي تواجهوتقترب من مشكلة ضخمه.. كان الموقف بالنسبة لوقود الصواريخ سيئا للغاية،فالجزء الأكبر منه قاربت صلاحيته على الانتهاء بعد شهور قليلة، والجزءالآخر انتهت صلاحيته فعلا وأصبح عديم الجدوى، والإمداد السوفيتي من هذاالوقود متوقف.. كان الموقف خطيرا وينذر بأوخم العواقب، ولابد من حل سريع.فعبور القوات المسلحة إلى الشرق يتوقف نجاحه على الحماية التي يوفرها حائطالصواريخ المصري ضد تدخل الطيران الإسرائيلي.. لم يستجب الاتحاد السوفيتيلطلبنا المتكرر للوقود، فاتجه اللواء/فهمي إلى الأجهزة والمعامل الفنيةداخل القوات المسلحة أولا لكنها عجزت عن حل المشكلة. فاتجه علي الفور إلىالعلماء المصريين المدنيين، وفي سرية تامة تم عرض المشكلة عليهم.
وتقدم لهذه المهمة أحد المصريون حقا الدكتور/ محمود يوسف سعادة الذي انكبعلي الدراسة والبحث، فنجح في خلال شهر واحد من استخلاص 240 لتر وقود جديدصالح من الكمية المنتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن. كان ما توصل إليهالدكتور محمود هو فك شفرة مكونات الوقود إلى عوامله الأساسية والنسب لكلعامل من هذه المكونات. وتم إجراء تجربة شحن صاروخ بهذا الوقود وإطلاقهونجحت التجربة تماما، وعم الجميع الذين حضروا التجربة فرح طاغي وانطلقوايهتفون بحياة مصر.
وكان لابد من استثمار هذا النجاح فتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضارزجاجة عينة من هذا الوقود من دولة أخرى غير روسيا، وبسرعة يتم إحضارالعينة، كما تم استيراد المكونات كمواد كيماوية. وانقلب المركز القوميللبحوث بالتعاون مع القوات المسلحة إلى خلية نحل كانت تعمل 18 ساعة يوميا.ونجح أبناء مصر مدنيين وعسكريين الذين اشتركوا في هذا الجهد العظيم فيإنتاج كمية كبيرة (45 طن) من وقود الصواريخ. وبهذا اصبح الدفاع الجوىالمصري على أهبة الاستعداد لتنفيذ دوره المخطط له في عملية الهجوم. وقدكانت مفاجأة ضخمة للخبراء السوفييت - كان مازال بعضهم موجودا – الذينعلموا بما قام به المصريون دون استشارة أو معونة من أي منهم.
لم تكن القوات المسلحة وحدها هي التي تقاتل حرب الاستنزاف أو تستعد لخوضحرب أكتوبر 1973. لقد كانت مصر كلها علماء. فلاحين. عمال. مهندسين. طلاب.مثقفين على قلب رجل واحد.. وقد شاهدنا ماذا فعل العمال والفلاحين في بناءحائط الصواريخ ودشم الطائرات. وشركات المقاولات والإنشاء المدنية، وشركاتالطرق والرصف، والمصانع المدنية ومراكز الأبحاث العلمية... الخ
*ولكن كان هناك مجموعة من الأفراد المدنيين سلكت اتجاها آخر في دعم القواتالمسلحة ومساندتها طوال الست سنوات. فعندما صدر قرار التهجير لأهالي مدنالقناة حفاظا عليهم من غدر العدو، تنفذ القرار إلا من بعض مئات من الأفرادظلوا متمسكين بأماكنهم. ومن الذين بقوا في المدن الثلاث تكونت فرقة للغناءالشعبي في كل مدينة. في بور سعيد تكونت فرقة أولاد البحر بقيادة كامل عيد،وفي الإسماعيلية فرقة الصامدين بقيادة حافظ الصادق، وفي السويس فرقة أولادالأرض بقيادة كابتن غزالي. كانت كل فرقة تتكون من 10-12 فرد أحدهم يعزفعلى الآلة الشعبية لمدن القناة المعروفة (السمسمية) وآخر للإيقاع والباقيللغناء. كان الهدف الأساسي للفرق الثلاث هو تحفيز المقاتل المصري وإشعالالحماس فيه. وفى نفس الوقت محاولة للترفيه عنه بعد عناء يوم شاق وطويل.وقد طافت هذه الفرق على الكثير والكثير وغنّت في معظم المعسكرات ووحداتالقوات المسلحة. وكان لغناء هذه الفرق البسيطة وسط الجنود مذاق خاص، وساهم بشكل كبير فيرفع الروح المعنوية. فالكلمات صادقة، بسيطة، ومن القلب وتعبّر عن الهدفالذي يسعى المقاتلون إليه، فوصلت إلي المقاتلين بسهولة وبأبسط آلة شعبية.ونعرض جزء يسير من غنائهم.. فحين استشهد الفريق/ رياض في حرب الاستنزافغنى له أولاد الأرض في الإسماعيلية :
موج الكنال غنى وقال ... رياض يا مصر سقط شهيد راجل ولا كل الرجال ............ جرئ وقلبه من حديد قائد وكان من موقعه .............. طاقة محبة بتدفعه طالل وقلبه ع الكنال ............... كأنه كان بيودعه وكان أشهر ما غنى كابتن غزالي غنى يا سمسمية .... لرصاص البندقية لكل أيد قوية .. حاضنة زنودها المدافع
كما ظهر في القاهرة ثنائي مكون من الشاعر أحمد فؤاد نجم والمُلحنوالمُغّنى الكفيف الشيخ إمام عيسى. بكلمات الأول وألحان وأداء الثاني ومعهالحاضرين، غنى المثقفين وطلبة الجامعات حماسا وشجنا في حب مصر. كانوايتجمعون في آي مقهى أو قاعه أو حتى في المنازل، ومن أجمل ما قالوا: مصـر يا أمه يابهيّه.... يا أم طرحه وجلابية.... الزمن شاب ، وأنتشابّه.... هـو رايح ، وأنت جايّه.... جايّه فوق الصعب ماشيه... فات عليكليل وميّه... واحتمالك هو هو .. وابتسامتك هي هي ... تركبي الموجهالعفيّه... توصلي بر السلامة... معجبانيّه وصبيه يابهيـه... كانت الكلمات والألحان بسيطة، نابعة من قلوب مصرية صادقة، تحب مصر في صمت. قامت بهذا العمل دون توجيه أو طلب أجر. كان هدفهم أن يبقى المقاتلالمصري صامداً حتى يتحقق النصر وقد كان لهم ما أرادوا.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:46
العد التنازلي للحرب : انقضت فترة مايو 1973 التي كانت مقترحة لتنفيذ الهجوم المصري، ولم يعدهناك إلا فترة سبتمبر/أكتوبر وقد شرحنا سابقاً كيف تم اختيار شهر أكتوبروهو الأفضل وتحديد يوم السادس منه وتوقيت ساعة "س"..لكن فترة مايو هذه لمتمر على إسرائيل كأمر عادي، فقد أعلنت حالة الطوارئ وقامت بتعبئة جزئيه..توجست إسرائيل من التحركات والاستعدادات المصرية، وتوقعت أن تقوم مصربعملية هجومية شرق القناة في هذه الفترة. وقد أثار هذا التوجس المخابراتالعسكرية الإسرائيلية، التي كان عليها أن تتأكد، لأن الحشد المصري للهجوملم يكن قد اكتمل بعد.
ويقول دايان وزير الدفاع الإسرائيلي "بيد أنني بقيت مقتنعاً، بأن الوقتالذي ستفتح فيه مصر وسوريا النار يقترب. وفى اجتماع لأركان الحرب العامةعقد في 21 مايو 1973 وطلبت أن أشارك فيه، أعربت عن رأيي هذا، وأصدرتالتعليمات لإعداد قوات الدفاع الإسرائيلية لمواجهة هجوم مصري – سوري، علىنطاق واسع، أتوقع حدوثه في نهاية الصيف. فكان على القوات الإسرائيلية أنتكون مستعدة للحرب ابتداء من شهر يونيو، مادامت الجيوش العربية بدأت تحشدقواتها على الجبهتين. والخطة الرئيسية مع تعديلاتها عرضت على رئيس الوزراءفي أبريل 1973. وكانت تدعو لإنشاء وحدات وشراء معدات وخصص لها 17 مليوندولار. وصدرت الأوامر المفصلة إلى قيادة القطاعين الجنوبي (سيناء)والشمالي (الجولان) لمواجهة أوضاع خاصة قد تقوم"( ).وقد أطلق على الخطةالموضوعة للجبهة المصرية اسم "برج الحمام". وسنعود إلى هذه الخطة عندالحديث عن يوم العبور
كانت القوات المسلحة المصرية خلال الشهور من مايو – أكتوبر تعمل في سريةتامة وبخطوات محددة حتى وصلت إلى قمة التخطيط يوم 6 أكتوبر بنجاح كبير،دون أي تدخل من العدو الذي يبعد عن قواتنا 200 متر فقط ويمتلك جهازمخابرات كان يدعى إنه الأبرع على مستوى أجهزة مخابرات العالم. وقد صدقتإسرائيل هذا الادعاء وبنيت خطتها على أن مخابراتها ستكتشف الهجوم المصري –السوري قبل فترة زمنية كافية، (قالوا في اجتماعاتهم أنها لن تقل عن 48ساعة) مما يجعلها قادرة على تعبئة قواتها الاحتياطية وإفشال الهجوم عليها.
كان على المخطط المصري أن يقوم بحشد كل القوات والمعدات المشتركة فيالهجوم دون أن يكتشف العدو الإسرائيلي هذا. فكان هناك إجراءات خاصةبقواتنا وأخرى الغرض منها خداع العدو وإقناعه بأن هذه الإجراءات ليستللهجوم. وتم هذا كله بتنسيق رائع بين أجهزة الدولة السياسية والإعلامية معالقيادة العسكرية. وقد استلزم هذا الآتي : الاهتمام داخل الوحدات العسكرية باستكمال المواقع الدفاعية لصد أي هجوم مفاجئ للعدو وبصورة معلنة حتى يصل هذا إلى العدو. استدعاء أفراد من الاحتياط ثم تسريحهم، وتكرار ذلك مرات عديدة بحجة اختبارخطة استدعاء الاحتياطي، وقد تم تسريح 20 ألف جندي يوم 4 أكتوبر 1973. تحت ستار التدريب تم تحريك كثير من القوات والوحدات من وإلى الجبهة، وكذا تحركات عرضية، وتغيير مستمر في حجم وأوضاع القوات في الجبهة تم تجميع القوات القائمة بالهجوم على فترة بلغت 4 شهور، بدخول وحدات صغيرة.. أو دخول لواء إلى الجبهة ثم سحب كتيبة منه إلى الخلف للتمويه. وضعت خطة خاصة لمعدات العبور، بحيث تصل إلى أماكنها بعد تحركات عديدة هيكلية قبل العبور مباشرة. من أول أكتوبر 1973 بدأ تنفيذ المشروع التدريبي للقوات المسلحة، والذي منخلاله تم تحريك القوات ووضع اللمسات الأخيرة للهجوم، تحت ستار أنها تحركاتوإجراءات لتنفيذ المشروع. وكان هذا تكراراً لما حدث في شهر مايو. على المستوى الإعلامي نشرت الصحف بعض الأخبار المضللة للعدو الإسرائيلي،مثل موافقة وزير الحربية للضباط على أداء فريضة العمرة وتحديد يوم 8أكتوبرلاستقبال وزير الدفاع الروماني الذي سيزور مصر في هذه الفترة.
تم الاتفاق في أول عام 1973 مع إحدى الدول الأسيوية على إصلاح القطعالبحرية المصرية المتمركزة في البحر الأحمر عندها، ووصلت الموافقة فتمتالاتصالات مع السودان واليمن الجنوبية لزيارة موانيها. حتى تتواجدالمدمرات عند باب المندب في الموعد المحدد دون أن تثير شك العدو في تحركها. لم يبق أمام المخطط المصري سوى التنسيق مع القوات المسلحة السورية. وفى 22أغسطس وصل إلى الإسكندرية وفد عسكري سوري برئاسة اللواء/ مصطفى طلاس وزيرالدفاع ضم رئيس الأركان وقادة الأفرع ومدير المخابرات. وتم اجتماع معالقيادة المصرية النظيرة برئاسة الفريق أول/ أحمد إسماعيل ، وتم الاتفاقعلى أن تكون الحرب في شهر أكتوبر وأطلق على الخطة الهجومية الاسم "بدر"تيمنا بغزوة بدر. وأعقب هذا التنسيق اجتماع بين الرئيسين السادات والأسدفي دمشق يوم 28 أغسطس واتفق فيه على أن يوم الهجوم هو 6 أكتوبر 1973.وبهذا أصبح كلا البلدان جاهزا بقواته المسلحة لخوض غمار حرب تحرير الأراضيالمحتلة.
ولكن لابد وأن نرى الصورة على الجانب الآخر حتى يكتمل المشهد أمام أعيننا.ففي إسرائيل "كان ناحوم جولد مان رئيس المؤتمر اليهودي في زيارة لإسرائيلفي أغسطس 1973 لإعداد كتاب عن مستقبل إسرائيل بعد الاستماع لآراء القادةالسياسيين والعسكريين هناك. كان سؤال جولد مان : أيهما أفضل لإسرائيلويجعلها أكثر قوة.. الأراضي التي احتلتها أم التسويات السياسية ؟ وكان رددايان : إن السلام الذي تريده إسرائيل قد تحقق منذ عام 1967. نحن نسعىلخلق سلام بيننا وبين العرب بطريقة غير رسمية، ولسنا بحاجة إلى السلامالرسمي. وربما كان السعي وراء هذا السلام الرسمي يضر بالحالة التي نحرصعليها، وهي تثبيت الأمر الواقع الذي فرضته حرب 67 تثبيتاً يدخل في صيغةسلام غير رسمي. وقال جولد مان : إن سؤالي محدد أرجو أن تكون الإجابة عنه محددة وهو هل تعتقدون أن قوة إسرائيل في الأراضي أم في التسويات ؟. أجاب دايان: إني لا أرضى إلا بسلام القوة الذي يحدد لإسرائيل الحدودالآمنة، وبالطبع لن يستطيع أحدنا أن يحدد مساحة هذه الحدود، لأنها تتغيرتلقائياً نظراً لطبيعة نمو وتوسع إسرائيل. وإذا كنا نسعى لأن نكون نحنبديل القوى الكبرى في الشرق الأوسط فيجب أن تكون لنا أنيابنا. وهذهالأنياب عسكرية واقتصادية وسياسية". هذا الحوار القصير وتلك الكلمات المحددة تكشف ماذا كان في الفكرالإسرائيلي؟ فهذا رأى قادة إسرائيل وليس موشى دايان فقط. إسرائيل لا تفهمإلا لغة القوة، دولة قائمة على التوسع واحتلال أراضي الغير، ولا تتنازل عنشبر واحد من أرض إلا بالقوة. وإذا رجعنا بالذاكرة نجد كلمات موشى دايان هياستمرار لما قاله القادة التاريخيين لإسرائيل منذ بداية القرن العشرين.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:47
هل فاجأناهم ؟ .. أم سبقناهم ؟ خرجت إسرائيل من حرب أكتوبر وقادتها من السياسيين والعسكريين يعلقون فشلهمفي الحرب على إن مصر حققت المفاجأة في الحرب، وإنهم أخذوا على غـّره. وهوقول أبسط ما يقال عنه إنه يستهين بعقل أبسط قارئ للأحداث. وأقول هنا إنإسرائيل لم تفاجأ بالحرب وإنما استهانت وتلكأت في فهم ما يدور حولها مناستعداد وتجهيز على الجبهة المصرية والسورية. ذكرنا سابقاً ومن أقوالقادتها، أن إسرائيل خرجت من حرب 1967 وترسّخ في فكرها السياسي والعسكريأنها أقوى وأقدر في نوعية المقاتل الإسرائيلي وفى المعدة العسكرية وفىالتخطيط وفن القتال، علاوة على دعم أمريكي بلا حدود. بل أكاد أقول بأن نوايانا في الهجوم والتي علموا بها مسبقاً، أثارت لديهمأحلام انتصار آخر أكبر وأعنف من انتصار 1967، ويكون في هذا الانتصار قضاءتام على القوات المسلحة المصرية. وهنا يمكنهم وإجبار مصر على قبول شروطهم.ولا أقول هذا الرأي انحيازاً.. وإنما من وثائقهم وأقوال وفكر قادتهم،سنعرف ماذا كان يدور عندهم. نقلاً من مذكرات الجنرال دافيد إليعاز رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "وضعدايان وزير الدفاع الإسرائيلي فى أوائل عام 1973 خطة عسكرية رسم خريطتهابنفسه، عرضها على إليعازر وأطلق عليها اسم الحزام الأسود. وكان تحقيقهايحتاج إلى عوامل أهمها :-
أولاً: ضم جنوب لبنان كله إلى إسرائيل. ثانياً: ضم أجزاء أخرى من سوريا. ثالثاً: إنشاء خط محصن يشبه خط بارليف في غور الأردن لحماية المستعمرات. رابعاً: تحويل سيناء إلى مركز تجارب للمفاعلات النووية. كان المعنى الوحيد للأفكار التي طرحها دايان هو القيام بحرب أخرى ضد العربفي أواخر عام 1973. وكان حلم دايان المرسوم على الخريطة العسكرية حزامعسكري حول إسرائيل يحقق من وجهة نظره هدفين رئيسيين لإسرائيل :- الأول : تأمين إسرائيل إلى الأبد من أية عملية عسكرية عربية. الثاني : جعل زمام المبادأة في القتال في أيدي إسرائيل، فيما لو أرادت ضم أراضي عربية أخرى. ويضيف إليعازر: كان دايان يحلم بعمل يخلد اسمه إلى الأبد مثل بارليف بخطهالدفاعي على حافة قناة السويس. وكان معنى ذلك أن يقوم بعد تحقيق حزامهالأسود بتغير اسمه إلى حزام دايان. لقد كان دايان يفكر كما لو إن العربغير موجودين أو إنهم انتهوا إلى الأبد، أو كما كان يقول لنا دائما : الجسدالميت لا يحتاج أن نقيم له حسابات".
هذا كلام الرجل الأول في الجيش الإسرائيلي. إسرائيل تجهز لحرب من بداية1973، العرب غير موجودين، ولا تعليق. ثم يذكر دايان في كتابه "تشكيلقواتنا المستعدة للمواجهة يوم الغفران على الجبهة المصرية كان يعادل مانصت عليه (خطة برج الحمام)، بينما على الجبهة السورية تفوق ما كان فيالمخطط : 177 دبابة في الجولان، 300 في منطقة القناة. يمكنها مع مؤازرةالطيران أن تجمد الهجوم السوري المصري إلى حين يصل الاحتياطي. فالخطط كانتتنطلق من افتراض أن هناك 24 ساعة بين الهجوم والإبلاغ عنه، وهي تتيح للقسمالأكبر من الاحتياطي الوصول إلى الجبهة.
طوال الأسبوعين اللذين سبقا يوم الغفران عمدنا إلى تعزيز الجبهة، لكنأجهزة استخباراتنا وأجهزة أمريكا توصلتا إلى استنتاج هو إن مصر وسورياليستا على وشك الحرب. فاعتبرت النشاط على الجبهة المصرية مجرد مناورات لااستعداداً للغزو. 2 أكتوبر ناقشت مجدداً مع رئيس الأركان إليعازر الوضع على الجبهتينالشمالية والجنوبية، وأبلغني إليعازر إنه أجرى بواسطة الاستخباراتالعسكرية عملية تقدير جديدة للتحركات المصرية فكانت النتيجة أن التحركاتمجرد مناورات، أما ما يتعلق بالسوريين فليس هناك أي دليل على إنهم يستعدونلشن أي هجوم. وفى الاجتماع الأسبوعي الذي عقد في الأركان يوم 5 أكتوبر تقرر وضع الجيشفي حالة الاستعداد "ج" الحالة القصوى، ووضع الطيران في حالة الإنذار،والتقيت رئيسة الوزراء بحضور رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات كنا قد عملناكل ما يسعنا عمله لتعزيز وضعنا العسكري، فألغيت الإجازات، وأعيد تشغيلالقيادة العليا للطوارئ وصدرت الأوامر بالاستعداد لإعلان التعبئة العامة".
وتقول مائير رئيسة الوزراء "في صباح الأربعاء 3 أكتوبر اجتمعت بدايان،الون، جاليلى، قائد السلاح الجوي، رئيس الأركان، رئيس المخابرات. نوقشالوضع في كلا الجبهتين بالتفصيل، التقييم العسكري لم يكن خطيراً. كنانعتقد عدم مواجهة هجوم سوري – مصري.. مساء الجمعة 5 أكتوبر اجتمعنا فيمكتبي وقد حضر الاجتماع علاوة على الوزراء كل من رئيس الأركان وقائدالمخابرات، لقد استمعنا إلى جميع التقارير مرة ثانية ومنها التقرير الخاصبخروج العائلات الروسية من سوريا. ولكن أحد لم يبد عليه الخوف. كيف حصلإني كنت خائفة جداً من نشوب الحرب بينما رئيس الأركان ووزيران (دايان –حاييم بارليف) ورئيس المخابرات، كانوا جميعاً غير واثقين من نشوب الحرب.مع العلم إنهم لم يكونوا مجرد جنود عاديين بل كانوا جميعهم من ذوي الخبراتالعالية، حاربوا وقادوا رجالاً في عدة حروب وانتصروا".
ونكتفي بآخر كلمات مائير فقد أوضحت ما نريد. الشواهد واضحة وضوح الشمس بأنالحرب قادمة لكن القادة المظفرين والمنتصرين يرفضون تصديق أن هناك هجوممصري وسوري وشيك. وظل هذا حتى متى ؟ حتى فجر 6 أكتوبر ثم يقولون فوجئنا.!!! فجر 6 أكتوبر 1973 استيقظ دايان على تليفون يبلغه بأن مصر وسوريا سوفتبدأن الهجوم اليوم عند آخر ضوء. كانت المعلومة من مدير الموساد(المخابرات العامة) الذي التقى قبل ساعات بعميل مصري في لندن – نال هذاالعميل ثقة كبيرة ومصداقية لأنه كان في دائرة القرار المصري- وفى السادسةصباحاً التقى دايان مع رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية واصطحبهماإلى مكتب مائير "اقترح رئيس الأركان إعلان التعبئة العامة الشاملة لجميعالأسلحة فـوراً. وانضمت رئيسة الحكومة إلى رأى وزير الدفاع في إنه لا يجوزلإسرائيل أن تكون هي المبادرة إلى الحرب. وكان الاعتبار في هذا إنه حالةتوجيه ضربة وقائية كما اقترح رئيس الأركان سيكون من الصعب على إسرائيل أنتثبت أن العرب هم الذين يتحملون مسئولية تجدد الحرب. وإن أي صديق بما فيذلك الولايات المتحدة لن يقف إلى جانب إسرائيل".
وقد تناول الجنرال رابين رئيس الأركان السابق (في حرب يونيو67) المأساةكما بدت في نظره: "وقع دايان ورئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخباراتالعسكرية في انغلاق ذهني، فقد كانوا أسيري إيمانهم الشديد وتصريحاتهم بأنالحرب مسألة بعيدة، وإن المصريين غير قادرين أو غير مؤهلين لخوضها، وإذاخاضوها حقاً فسنكسر عظامهم – قول إليعازر المكرر-. إن هذا الانغلاق الذهنيباللغة السيكولوجية هو الذي جعلهم لا يصدقون الأنباء المتوفرة لديهم عنالحرب الوشيكة". وهذه شهادة شاهد من أهلها. ثم في الختام يقول الجنرال زعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية وهو يدافع عننفسه أمام لجنة التحقيق التي شكلت بعد الحرب (لجنة أجرانات). "هذه بعضالحقائق والأعمال والتصريحات الصادرة عن وزير الدفاع ما بين 21 مايو حتى 6أكتوبر 1973 :-
في 8 يونيو بعد التحذير الذي وجهه لجيش الدفاع الإسرائيلي بـ18 يوماً فقطأقر وزير الدفاع خفض درجة الاستعداد في الجيش، مجيباً طلب إليعازر بقوله"خفض نحن لا يجب أن نجعل حياتنا مُرّه". ومر 28 يوماً وأقر دايان مشروعاً بخفض الخدمة الإلزامية بثلاثة شهور. في 12 أغسطس جرى في مكتب نائب رئيس الأركان نقاش تقرر فيه العودة إلى حالةالتأهب العادية وتسلم وزير الدفاع نسخة من الأوامر ولم يحتج عليها. في محاضرة بمدرسة القيادة والأركان في أغسطس 1973 قال وزير الدفاع "إنتفوقنا العسكري وضعف العرب ناجم عن عناصر لن تتغير بسرعة وهي التي توقفالاستئناف الفوري للحرب".
وهكذاسقطت الاستخبارات العسكرية والموساد الإسرائيلية في الإختبار الحقيقي الذيواجهته.. فالشواهد واضحة كما ذكرنا، والمصادر متعددة وعلى أعلى مستوى(أحدملوك المنطقة أبلغ إسرائيل بنيّة مصر وسوريا بالحرب) لكن التحليل النهائيكان استبعاد نشوب الحرب.. وقد وقعت القيادة السياسية الإسرائيلية في نفسالخطأ واستبعدت نشوب الحرب. لكن وافقت على التعبئة الجزئية صباح يوم 6أكتوبر، ورفضت الضربة الوقائية التي اقترحها دافيد إليعازر بواسطة القواتالجوية الإسرائيلية. أصابت عدوي الثقة والغرور الإسرائيلية كافة إدارات وأجهزة الولاياتالمتحدة الأمريكية، فلم تعرف بوقوع الحرب إلا حين بدأت ظهر 6 أكتوبر، معوجود الاستخبارات الأمريكية التي تنتشر في كل أنحاء العالم، ورغمالتكنولوجيا الهائلة من أقمار صناعية، ووسائل اتصال، وأجهزة تنصت.. فحتى26 سبتمبر – قبل الحرب بعشرة أيام- التقي كيسنجر عدد من وزراء الخارجيةالعرب "واقترح إجراء حوار غير معلن معهم حتى يتوصل إلى تسوية ولو جزئيةلمشكلة الشرق الأوسط. والتقي كيسنجر مع أبا ايبان وزير خارجية إسرائيلواخبره: إنه سوف يحاول في منتصف أكتوبر أجراء اتصالات تهدف إلى البحث عنحل حتى ولو كان حلا جزئيا.. ثم أضاف: انه يتوقع أن يلتقي مع الملك حسينالذي سيزور أمريكا في منتصف أكتوبر لإلقاء خطاب في الجمعية العامة، وقدقرر أن يبدأ بالأردن، فإذا استطاع أن يصل إلى شئ مع الأردن فان مصر ستأتي.وإذا جاءت مصر فالباقون ليس أمامهم خيار إلا أن يجيئوا" ونصل إلى الجمعة 5 اكتوبر1973 حيث قامت مائير رئيس وزراء إسرائيل بإبلاغكيسنجر عن شواهد مصرية – سورية تنذر بالهجوم وتطلب منه الاتصال بالسوفييتلكبح مصر وسوريا عن تنفيذ الهجوم. ولم تصل الرسالة إلى كسينجر!! حيث قالخبراء وكالة المخابرات الأمريكية أن نشوب الحرب أمر مستبعد.. ثم أرسلتمائير رسالة ثانية بنفس المعني عن طريق سفارة إسرائيل في واشنطن، وقد وصلتهذه الرسالة إلى كسينجر في الثالثة فجر يوم 6 أكتوبر!!.
" في السادسة صباح 6 أكتوبر بتوقيت نيويورك والواحدة ظهرا بتوقيت مصروإسرائيل أيقظ سسيكو مساعد وزير الخارجية كسينجر من نومه وابلغه رسالةالسفير الأمريكي في إسرائيل، والتي تقول فيها مائير إن هناك هجوما مصريا –سوريا سيبدأ بعد ساعات، وإن بعض مستشاريها كان رأيهم توجيه ضربة وقائيةلكنها امتنعت عن ذلك من اجل أن يكون موقفها واضحا أمام الولايات المتحدة.. وكان أول ما فعله كسينجر أن اتصل بمكتب المتابعة في مجلس الأمن القوميفأخطره بما كان يعرفه عن التحركات المصرية والسورية في اليوم السابق، كماأخطره برسالتين سابقتين من مائير. ثم اتصل بمكتب المتابعة في وكالةالمخابرات المركزية ليسأل عن أخر التقديرات للموقف، وقد اخطر بأخرالمعلومات وبأخر التقديرات من خبراء الوكالة ومؤداها أن هناك نذر خطر لكنالاتجاه الغالب في آراء الخبراء هو أن حربا في الشرق الأوسط ليست علي وشكالوقوع.!!
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:47
6 الفصــل السـابع
عظيمــة يا مصــر
قبل مائة ساعة فقط من بدء الحرب، كانتإسرائيل مازالت تشرب خمر غرورها وثقتها المفرطة، وإنه ليس هناك ما يشكلخطر عليها.. فهل من الجائز أن تكون رئيسة وزراء إسرائيل في النمسا حتى 3أكتوبر تتفاوض مع رئيسها حول مشكلة معسكر للاجئين اليهود، قام فدائيونفلسطينيون باختطاف رهائن لإغلاقه ؟؟. بل وفى يوم 4 أكتوبر يخرج إليعازرعلى العالم في التليفزيون البريطاني ليقول "إذا حاول الجيش المصري العبورفسيجد أمامه أقوى خط دفاع في العالم، مما سيسبب له خسائر أكبر مما يظنالقادة المصريين.. لن يتمكن جندي واحد من العبور، كما لن تتمكن دبابةمصريه واحده من الوصول إليه. وختم بقوله: ستكون حرب الساعات الستة وليستحرب الأيام الستة". وهي حرب الساعات الستة فعلا لكن هذه المرة دارتالدوائر على إسرائيل.
على الجانب المصري بدأت الحرب فعلا في الأول من أكتوبر. فقد أبحرتالغواصات المصرية في هذا اليوم لتصل إلى مواقع القتال ساعة "س" ولم يكن منالممكن إلغاء مهمتها، فلا يوجد اتصال لاسلكي معها حفاظا على السرية.. كماإن المدمرات المصرية المكلفة بإغلاق باب المندب تلقت أمر القتال يوم 2أكتوبر.. وفى مساء 1 أكتوبر اجتمع الرئيس السادات مع القيادات العسكرية،ليستمع إلي التقارير النهائية من القادة والرؤساء وافتتح الحديث الفريقأول/أحمد إسماعيل فقال:
الخطة حسب ما لدينا من إمكانيات.. والسيد الرئيس معنا في كل خطوه.. سنعملجميعا ونبذل أقصى جهد لنا وشعارنا النصر أو الشهادة.. أقترح عرض تقاريرالقادة والرؤساء بشكل عام ومدى استعداد القوات لتنفيذ المهام، وأي صعوباتُتذكر بصراحة.
لواء/فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية: نجحنا في الحشد حتى 26 /9 . دايانأعلن إن مصر وسوريا حشدت قواتها.. يصعب على العدو القيام بعملية إحباطبريه حاليا.. المعركة الرئيسية ستكون شرق المضايق.. سيحاول العدو تدميرقواتنا الجوية.. لم يحرك العدو أي قوات حتى اليوم غرب المضايق.
اللواء/محمد الجمسى رئيس هيئة العمليات: لاتغيير في خطه العمليات.. تمتمرحلتا التجميع.. ُرفعت درجة استعداد القوات المسلحة.. خطة الخداعالاستراتيجي والتعبوي تسير بالتنسيق مع الإعلام والخارجية.. لم يُعلنتوقيت الهجوم حتى الآن.
اللواء طيار/حسنى مبارك قائد القوات الجويه: لاتعديل في الخطة.. نسقت الضربة المركزة مع سوريا.. والضربة الثانية بعد ساعتين. الرئيس السادات: يجب استخدام الطيران مركزا. اللواء/محمد على فهمي قائد قوات الدفاع الجوى: جارى عمل الانتقالات لتوفير حماية لتجميع القوات البرية في العملية الهجومية. اللواء بحري/فؤاد ذكرى قائد القوات البحرية: لاتغيير عن الخطة.. أخذت القوات مواقعها.. وبدأت الغواصات في التحرك لتنفيذ مهمتها. اللــواء/سعيد الماحي مدير المدفعية: المدفعية جاهزة لتنفيذ المخطط .. تمهيد النيران أربع قصفات منها واحدة كاذبة. الرئيس السادات: أعملوا حسابكم المعركة طويلة ، ويجب الاقتصاد لتحقيق الهدف اللـواء مهندس/جمال محمد على مدير المهندسين: خطة التأمين الهندسي للقواتالجوية تم تأمينها( علق اللواء مبارك.. غير كافيه). المعركة معركة مهندسينوتبدأ بنا، وهذا يحتم علينا الإسراع في فتح الساتر الترابي وتدبير مهماتالكباري.. حياتنا هي حماية المعابر، يجب تركيز الدفاع الجوى لحمايتها. اللواء/محمد على فهمي: نحن موفرين كل ما يمكن لحمايتها. اللواء/نوال سعيد رئيس الإمداد والتموين: إمدادنا بمعدات عبور مهم جدا..انتظام الإمداد يحتاج إلى تركيز في التصنيع.. القواعد الإدارية تسمحبإمداد كامل للعملية.. الاحتياطات موزعه على أنساق.. الحملة قادرة علىالإمداد. اللواء/عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث: لاتغيير في المهمة والجميعمتفهمين لها.. تم عمل مشروعات بجنود للواءات وهى قادرة على تنفيذ المهام..تم التجهيز الهندسي والمصاطب والمنطقة الابتدائية للهجوم. اللواء/سعد مأمون قائد الجيش الثاني: تم إعادة التجميع.. تم تدريب جميعالقيادات واللواءات بكامل معداتها تماما كالحرب وحققنا نجاح.. بإذن اللهسنحقق المهمة. اللواء/إبراهيم كامل قائد منطقة البحر الأحمر: لاتغببر في المهمة.. القوات جاهزة والمعنويات جيده. الرئيس السادات: يجب أن تتوقع إن العدو سيعمل ألاعيب وغيرها. اللواء/فؤاد نصار: يحتمل أن يقوم العدو بأعمال ضد الجبل الأحمر ومدينةنصر.. العدو عنده دبابات روسية ت-54 من المستولى عليها في 67 وربمايستخدمها في الهجوم المضاد.. وقد يحدث لخبطه لقواتنا ويجب تمييز الدبابات. اللواء/عبد المنعم خليل قائد المنطقة المركزية: كنت مكلفا قبل أقل من شهربالمرور على الجيش الثاني والثالث لمراجعة موقف الاستعداد، والحقيقة أنىمتفائل بالنصر والروح المعنوية عالية.. سيتم الانتشار في المنطقة المركزيةيوم 4 أكتوبر أخر ضوء. الرئيس السادات: للعدو عملاء في المنطقة، يُمكنه عمل أي شيء في الداخل..القاهرة فيها 6 مليون وله عملاء في السفارات الأجنبية.. يجب التنسيق معممدوح سالم والداخلية والمخابرات العامة والحربية. العميد/نبيل شكري قائد الصاعقة: قوات الصاعقة على استعداد تام، وقاموابمشروعات مشابهة للمهام المطلوبة .. أرجو الإمداد للوحدات بأي وسيله. الفريق/سعد الشاذلي رئيس أركان حرب: نحن ملتزمين بالإمداد بعد 48 ساعة. اللواء/عمر جوهر رئيس التنظيم والإدارة: القـوات حوالي 1.120.000 .. 12 فرقه مشاه ومدرعة.. نسبة الاستكمال 92 –98 %.
ثم تحدث الرئيس السادات فاستعرض موقف السنوات السابقه، وعـرض مواقفإسرائيل وأمريكا وروسيا والموقف العربي والأفريقي .. ثم اختتم اللقاءقائلا: أشرف لنا ألف مره أن نأخذ قضيتنا في يدنا مهما كانت التضحيات، حتى لا نموتموتا أكيدا بالسكون.. ونقول للعالم نحن أحياء.. أنا أتحمل وراءكمالمسؤولية كاملة تاريخيا وماديا ومعنويا.. تصرفوا واعملوا بكل ثقةواطمئنان وحرية.. إنشاء الله اجتماعنا المقبل بعد المعركة وندخل للمراحل التالية، ونزيح الكابوس الرهيب ونستعيد كل ما فقدناه.
وتوجه الفريق/ الشاذلي في زيارة أخيره للجبهة يوم 5 أكتوبر، وتفقد أوضاعالقوات ووصل مع اللواء/سعد مأمون إلى حافة القناة. وفى المساء دفع القلقالرئيس السادات إلي الذهاب للمركز 10 (مركز القيادة الرئيسي) وهناك اطمأنمن الفريق/الشاذلي أن العدو لم يجر أي تحركات لمواجهة ما نقوم به.. وأكدعلى القادة وهو ينصرف " بأن يمضوا على خيرة الله، ثم أبلغهم أنه شخصيا سوفيحضر معهم غدا مراحل العملية الأولى ثم إنه بعد ذلك سوف يتركهم (يشوفواشغلهم) وفق خططهم وعلى أساس علمهم،وإنه هو نفسه لن يتدخل في مجرى العمليات" وفى 5 أكتوبر أصدر الرئيس السادات توجيها استراتيجيا إلى الفريق أول/ إسماعيل يقول: 1 – بناء على التوجيه السياسي والعسكري الصادر لكم منى في أول أكتوبر 1973.. وبناء على الظروف المحيطة بالموقف السياسي والإستراتيجي قررت تكليفالقوات المسلحة بتنفيذ المهام الإستراتيجية الآتية: ا- إزالة الجمود العسكري الحالي بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6أكتوبر ب- تكبيد العدو اكبر خسائر ممكنة في الأفراد والأسلحة والمعدات. ج- العمل علي تحرير الأرض المحتلة علي مراحل متتالية حسب نمو وتطور إمكانيات القوات المسلحة 3 - تنفذ هذه المهام بواسطة القوات المسلحة المصرية منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية. وبناء علي هذا التوجيه تحددت مهمة القوات المسلحةالمصرية في كسر وقف إطلاقالنار. وأيضا تحرير الأرض المحتلة لكن علي مراحل حسب إمكانيات القواتالمسلحة . ويقول اللواء/الجمسي" عندما أطلعني الفريق أول/ إسماعيل علي هذاالتوجيه طلبت منه معرفة الأسباب التي من اجلها أرسل الرئيس هذه الوثيقةرغم أن لدينا التوجيه الاستراتيجي المؤرخ في أول أكتوبر الذي يقضي بالحرب.وان الهدف الاستراتيجي محدد، وان خطة العمليات التي ستنفذ معروفة لناتماما، وان الحرب تبدأ يوم 6 أكتوبر. قال لي الفريق أول/إسماعيل انه هوالذي طلب هذا التوجيه حتى تكون الأمور للتاريخ محدده بوضوح. ففي الوثيقةالجديدة نص صريح بكسر وقف إطلاق النار. لم يكن ذلك محددا من قبل. كما أنالوثيقة الجديدة تنص صراحة علي العمل علي تحرير الأرض علي مراحل متتاليةحسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة.. حتى لا يفهم مستقبلا انهكان مطلوبا تحرير سيناء بالكامل. وهذا يؤكد مرة أخرى للتاريخ المهامالاستراتيجية المحددة من القيادة السياسية للقوات المسلحة. وحدث في يوم الخامس من أكتوبر أحداث متلاحقة وكثيفة، ولكن كان هناك أربعة أحداث هي الأهم: 1- عادت دوريات الاستطلاع المصرية التي أكدت بأن العدو في الشرق لم يغيّرأي شئ عما هو عليه. وهذا ما أعطي الطمأنينة للجميع بدءً من الرئيس الساداتبان العدو لم يتحرك بعد. 2- عادت دوريات الضفادع البشرية التي قامت بسد وحشو مواسير النابالمبالأسمنت وقد فوجئت إسرائيل بهذا فلم تفلح في إشعال حريق واحد فوق القناة. 3- استشعر رئيس شركة مصر للطيران(كان ضابط طيار سابق بالقوات الجوية) أنهناك أحداث تجرى تنذر بقيام الحرب، فأصدر أوامره للطائرات بالمبيت فيالخارج، خوفا عليها من أي هجوم جوي محتمل .. وتم تدارك الأمر وألغيتالتعليمات وتم تبرير الموقف بأن السبب كان عطل فى الأجهزة الملاحية بمطارالقاهرة الدولي . 4- أسرعت روسيا هذا اليوم في استكمال إجلاء العائلات السوفيتية ..والذيبدأ من أمس.. وكانت هذه المعلومة أمام القيادة الإسرائيلية منذ 48 ساعةلكن تم تفسيرها بشكل مختلف تماما.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:48
اليوم المشهود 6 أكتوبر
أشرقت شمس هذا اليوم كما تشرق منذ آلافالسنين..لكن شمس هذا اليوم كانت تحمل لمصر أكاليل النصر والفخار... كانيوما مشهودا، وكيف لا ؟ ومئات الآلاف من رجال مصر متأهبون لتقديم أرواحهمودماءهم رخيصة في سبيل تحرير هذا الوطن. في مصر أغلقت أبواب مركز العمليات الرئيسي في الصباح وتم استبدال خرائطالمشروع التدريبي( تحرير41 ) بخطط العملية الهجومية ( بـدر) واتخذ القادةأماكنهم.. القوات المسلحة في أعلى درجات الاستعداد.. التجهيز لأعمالالهجوم في جبهة قناة السويس يتم في توقيتاته المحددة.. الطائرات فيقواعدها على أهُبة الاستعداد للإقلاع.. الغواصات والمدمرات في مناطقالقتال المحددة لها.. الجميع في انتظار ساعة ( س ). وفى هذه الساعات التيتمر ببطء أصدر اللواء طيار/حسنى مبارك أوامره لبعض القواعد الجوية بإقلاعبعض الطائرات لإجراء تدريب خداعي حتى لا يتسرب إلى العدو أي شك من خلوسمائنا من الطائرات.. ولتأكيد الخداع تم أرسل إشارة مفتوحة بتجهيز طائرهله للتوجه إلى ليبيا.. واستمرت شركات المقاولات المدنية في أعمالهاالعادية على القناة.. وانتشر على طول الجبهة في مواقع متفرقة جنود علىشاطئ القناة يتسامرون ويلعبون ومعهم أعواد من القصب, وآخرين يسبحون فيالمياه.
فى إسرائيل منذ فجر هذا اليوم والاتصالات والاجتماعات متلاحقة.. دايانيتلقى خبر تأكيد الهجوم المصري- السوري.. يجتمع مع إليعازر رئيس الأركانوزعيرا مدير المخابرات العسكرية.. يختلف الثلاثة على مواجهة الموقف, دايانلا يحبذ استدعاء الاحتياطي، اليعازر يطلب تعبئه شاملة، زعيرا يستبعد الحربويفسر كل هذا بأنه حتى إذا تم الهجوم فإنه سيكون محدود ولامتصاص الغضبالشعبي في مصر.. يتوجه الجميع للاجتماع مع مائير .. يُستدعى الوزراء..تعرض الأربع اقتراحات .. تعبئه جزئيه- ضربه جوية شاملة- تحذير لمصر وسورياعن طريق الولايات المتحدة- إخلاء مستوطنات الجولان.. جدل طويل.. بعضالوزراء الإسرائيليون لأول مره يعلمون إن هناك حشود وتهديد لإسرائيل..دايان يلخص تقديره النهائي " إنه لا يرى خطر على الجبهة المصرية، وإذاأقدم المصريون على حماقة فسوف يتكبدون خسائر فادحه في المرحلة الأولى،وأما في المرحلة الثانية فإن الجيش الإسرائيلي سوف يكون قادرا على ضربهمفي كل اتجاه.. ولن يحققوا شيئا من محاولة عبور قناة السويس، بل العكس لأنقناة السويس هي التي تحميهم الآن". وتمت الموافقة علىاٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ ٍٍٍٍٍٍٍلإقتراحاتالتي ُطرحت مع تأجيل الضربة الجوية الوقائية حتى 8 أكتوبر.
في الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس نيكسون يمضى عطلته، وكيسنجر فينيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وبسبب فرق التوقيت يتلقىكيسنجر أول استغاثة من مائير في السادسة صباحا ( الواحدة ظهرا بتوقيتإسرائيل).. يتصل بأجهزة مخابراته ليتأكد من الوضع .. الرد يصله بأن الحربشيء غير متوقع.. يتصل بالسفير السوفيتي لتحذير مصر وسوريا.. يتصل بسفارةإسرائيل لإبلاغ مائير أنه يتفهم موقفها وإنه معها.. يتصل بوزير الخارجيةالمصري الدكتور محمد حسن الزيات الموجود في نيويورك، يقرأ عليه رسالةمائير. الدكتور الزيات يشكك في صدق رسالة مائير.. يعاود الاتصال بالسفيرالسوفيتي.. ثم الاتصال مرة أخرى بالوزير المصري.. واتصال بالبيت الأبيضلدعوة مجلس الأمن.. وفى الثالثة ظهر 6 أكتوبر (بتوقيت الشرق الأوسط) اتصلالدكتور الزيات بكيسنجر ليبلغه أن قوات بحريه إسرائيلية تقوم بالهجوم علىمواقع مصريه وإن مصر ترد عليها.. وكان هذا أول بلاغ يصل إلى كيسنجرباندلاع الحرب.. وكان بعد ساعة من بدء الهجوم المصري ، رغم أن مصر أذاعتهذا الخبر في الثانية، ولا ندرى أين محطات التنصت وأجهزة الاستخبارات التيقالوا عنها الكثير.
مقارنة القوات يوم 6 أكتوبر جمهورية مصر العربية كانت القوات المسلحة المصرية في هذا اليوم تضم : القوات البرية : 2 فرقـه مدرعة (الفرقة 4 – 21 ) ... 3 فرقـه مشاهميكانيكي (الفرقة 3 –6 –23 ) ... 5 فرقـه مشاه ( الفرقة 2 –7 – 16 –18 –19) 3 لـواء مدرع مستقل ... 3 لـواء مشاه مستقل + لـواء مشاة أسطول(برمائي) 3 لـواء مظلات واقتحام جوى ... 6 مجموعة صاعقة وكان مع هذه القوات حوالي 1700 دبابة – 2000 عربة قتال - 2500 مدفع ميدانوهاون – 700 قاذف صواريخ موجه – 1900 مدفع مضاد للدبابات – 5000 قاذفأر.بي.جى مضاد للدبابات –عدة آلاف من القنابل اليدوية المضادة للدبابات .بالإضافة إلى لواء صواريخ أرض – أرض. القوات الجوية : 305 طائرة قتال ( مقاتلات – مقاتلات قاذفه – قاذفات – استطلاع) 70 طائرة نقل ... 140 طائره هليكوبتر قوات الدفاع الجوى : 150 كتيبة صواريخ سام 2500 مدفع مضاد للطائرات أعيره 20 مم فأكثر القوات البحرية : 12 غواصة ... 5 مدمرة ... 17 زورق صواريخ + 30 زورق طوربيد ... 3 فرقاطة ... 14 كاسحة ألغام + 14 قارب إنزال
الجمهورية العربية السورية القوات البرية : 2 فرقـه مدرعة ... 1 فرقـه مشاه ميكانيكي ... 3 فرقـه مشاه 3 كتيبة مظلات ... 2 لواء صاعقة كان مع هذه القوات 1370 ذبابه – 1000 عربة قتال – 12 بطارية صواريخ سام – بالإضافة إلى صواريخ أرض – أرض القوات الجوية : 326 طائرة قتال ... 11 طائرة نقل ... 50 طائره هليكوبتر القوات البحرية : 8 زورق صواريخ + 17 زورق طوربيد ... 4 كاسحة ألغام إســـرائيل كانت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي تضم : القوات البرية : 10 لواء مدرع ... 9 لواء مشاه ميكانيكي ... 9 لواء مشاة 5 لواء مظلات وكان مع هذه القوات 2000 دبابة – 1450 عربة قتال – 45 كتيبة مدفعية ميدانوهاون – 12 كتيبة مدفعيه م/ط ( مضادة للطائرات) بأعيرة 20 مم فأكثر القوات الجوية : 464 طائرة قتال ... 42 طائرة نقل ... 74 طائرة هليكوبتر القوات البحرية : 2 غواصة ... 12 زورق صواريخ + 9 زورق طوربيد 20 زورق داوريه ... 1 سفينة إنزال
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:49
القوات المصرية المهاجمة علي جبهة القتال:
كانت القوات المخصصة للهجوم تتكون من: أولا: الجيش الثاني الميداني (قائد الجيش اللواء/ سعد مأمون ثم من 16 أكتوبر اللواء/ عبد المنعم خليل) كان في النسق الأول. الفرقة 16 مشاة بقيادة العميد/ عبد رب النبي حافظ -الفرقة 2مشاة بقيادة العميد/ حسن أبو سعده - الفرقة 18 مشاة بقيادةالعميد/ فؤاد عزيز غالي) وفي النسق الثاني . الفرقة 21 بقيادة العميد/ ابر أهيم العرابي الفرقة 23 مشاة ميكانيكي بقيادة العميد / احمد عبود الزمر علاوة علي لواء دفاع إقليمي + لواء مدرع مستقل + المجموعة 29 صاعقة + كتيبه مشاه كويتي مستقلة ثانيا: الجيش الثالث الميداني ( قائد الجيش اللواء/ عبد المنعم واصل ) كان في النسق الأول. الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد/ يوسف عفيفى – الفرقة 7مشاة بقيادة العميد/ أحمد بدوي + اللواء 130 مشاه ميكانيكي (مشاة أسطول) وفى النسق الثاني. الفرقة 4 المدرعة بقيادة العميد/ عبد العزيز قابيل الفرقة 6 مشاة ميكانيكي بقيادة العميد/ أبو الفتح محرم علاوة على فوج حرس حدود + لواء دفاع إقليمي + لواء مدرع مستقل + المجموعة 127 صاعقة + لواء صاعقة فلسطيني. ثالثا: قيادة قطاع بورسعيد ( قائد القطاع اللواء/ عمر خالد ) كان يضم 2 لواء مشاه مستقل . ويتبع القطاع قيادة الجيش الثاني الميداني رابعا: منطقة البحر الأحمر العسكرية ( قائد المنطقة اللواء/ إبراهيم كامل) كانت تضم 2 لواء مشاه مستقل + المجموعة 132،139 صاعقة + كتيبة دبابات مستقلة.
الخطة المصرية بـدر : "كانت الخطوط العريضة للخطة الهجومية تتلخص في: 1 – تقوم خمسة فرق مشاه بعد تدعيم كل منها بلواء مدرع، وعدد إضافي منالصواريخ "مالوتكا" المضادة للدبابات والتي ُسحبت من التشكيلات الغيرمشتركة في العبور، باقتحام قناة السويس في خمس نقاط. 2 – تقوم هذه الفرق بتدمير خط بارليف ثم صد الهجوم المضاد المتوقع من العدو. 3 – مابين ساعة (س + 18 ساعة) وساعة (س + 24 ساعة) تكون كل فرقه مشاه قدعمقت ووسعت رأس الكوبري الخاص بها لتصبح قاعدته 16 كم وبعمق 8 كم(1) 4 – بحلول ساعة (س + 48 ساعة) تكون فرق المشاة داخل كل جيش ميداني قد سدتالثغرات بينها واندمجت في رأس كوبري واحد لكل جيش. وبحلول (س + 72 ساعة)يكون كل من الجيش الثاني والثالث قد وسع رأس الكوبري الخاص به، بحيث يندمجالاثنان في رأس كوبري واحد يمتد شرق القناة على مسافة 10 – 15 كيلومتر. 5 – بعد الوصول إلى هذا الخط تقوم الوحدات بالحفر واتخاذ أوضاع الدفاع. 6 – يتم استخدام وحدات الإبرار الجوى والبحري على نطاق واسع لعرقلة تقدم احتياطيات العدو من العمق وشل مراكز قيادته".
حجم وأوضاع القوات الإسرائيلية يوم 6 أكتوبر 1973 كانتهذه هي خطة الهجوم وسنذكر تفصيلا مراحل تطورها. ُوضعت أولا باسم "المآذنالعالية" بهدف العبور واحتلال 10 –15 كم شرق القناة.. ثم تحولت بعدتحديثها إلى "جرانيت-1 ".. ثم أضيف إليها مرحلة تاليه إذا تهيأت الظروفلقواتنا، بهدف الوصول إلى خط المضايق وُسميت "جرانيت-2 ". وبعد الاتفاق معالجانب السوري ُسميت الخطة باسم "بـدر". وقد ظهر شقاق كبير بين سوريا ومصربسبب عدم وصول القوات المصرية إلى المضايق. ويهمنا أن نقرأ قولالفريق/الشاذلي في هذه النقطة " في خلال شهر أبريل 73 أخبرني وزير الحربيةبأنه يرغب في تطوير هجومنا في الخطة لكي يشمل الاستيلاء عل المضايق ..فأعدت له ذكر المشكلات المتعلقة بهذا الموضوع، وبعد نقاش طويل أخبرني بأنهلو علم السوريون بأن خطتنا هي احتلال 10 – 15 كم شرق القناة فلن يدخلواالحرب معنا.. وأخبرته بأنه بإمكاننا أن نقوم بهذه المرحلة وحدنا، وأننجاحنا سيشجع السوريون للانضمام إلينا، ولكنه قال إن هذا الرأي مرفوضسياسيا.. وبعد نقاش طويل طلب تجهيز خطه أخرى تشمل تطوير الهجوم إلى المضايق. وهذهالخطة ستعرض على السوريين لإقناعهم بدخول الحرب معنا. لكنها لن تنفذ إلافي ظل ظروف مناسبة. ثم أضاف : فلنتصور مثلا إن العدو تحمل خسائر جسيمه فيقواته الجوية، وقرر سحب قواته من سيناء. فهل سنتوقف على مسافة 10 – 15 كمشرق القناة لأنه ليس لدينا خطه لمواجهة مثل هذا الموقف ؟.. قمنا بتجهيز الخطة "جرانيت-2 " ثم دمجت مع خطة العبور وسميت ( بـدر ).أصبحنا نطلق على خطة العبور (المرحلة الأولى ) والتطوير ( المرحلة الثانية). كنا عندما ننتقل من شرح المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية نقول ( بعدوقفه تعبوية نقوم بالتطوير....). قد تكون الوقفة التعبوية أسابيع أوشهور.. كنا نشرح ونناقش خطة العبور بالتفصيل ثم نمر سريعا على المرحلةالثانية.. لم أتوقع قط أن يُطلب إلينا تنفيذ هذه المرحلة، وكان يشاركنيهذا الشعور قادة الجيوش ويتظاهر بذلك على الأقل وزير الحربية.
الخطط الإسرائيلية : خطـة "برج الحمام". خطة دفاعية وضعتلمجابهة القوات المصرية المهاجمة، وكانت تقضى بأنه باكتشاف نوايا الهجوميتم تدمير القوات المصرية المهاجمة بواسطة الطيران الإسرائيلي وقوات خطبارليف.. كما يتم إشعال سطح القناة بالنابالم.. وما ينجح من القواتالمصرية في العبور يتم القضاء عليه في شرق القناة بواسطة الدبابات.. وفىخلال صد القوات المصرية يتم استدعاء الاحتياط وتجهيز مجموعات العملياتالتي ستنفذ الخطة التالية.
خطـة " القلب الشجاع ": تنفذ بعد الخطة الأولى، بعد القضاء علىالقوات المصرية شرق القناة تماما.. تقوم ثلاث فرق مدرعة بقوة 800 دبابةبعبور قناة السويس وإنشاء كبارى إسرائيلية في منطقتي الدفرسوار والفردان..وبدعم من الطيران الإسرائيلي تقوم هذه المجموعات الثلاث بتدمير القواتالمصرية غرب القناة والتقدم غربا حتى مسافة 20 كيلومتر من القناةوالاستيلاء على بورسعيد والإسماعيلية والسويس وإنشاء خط دفاعي جديد بحفرخندق صناعي مشابه لما تم في هضبة الجولان.
موضوع: رد: جند من السماء ( حرب الاستنزاف ) الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 7:50
المرحلة الافتتاحية للحرب 6/7 أكتوبر:-
الضربة الجوية:
فيالواحدة ظهرا كانت القوات الجوية المصرية من الغردقة جنوبا وحتىالإسكندرية شمالا قد أخذت أوضاعها ووصلت إلى أقصى درجة استعداد.. وفىالتوقيت المحدد للطائرات كل حسب موقعه من الجبهة انطلقت المقاتلات القاذفة( طائرات ميج17 – سوخوى7 – ميج21- هوكر هنتر عراقي ) في حماية تشكيلاتالمقاتلات ( ميج21 ).. وفى نفس التوقيت أقلعت 8 طائرات ت.يو.16 قاذفةصواريخ تحمل كل منها 2 صاروخ موجه يتم إطلاقه من مسافة 150 كيلومتر منالهدف وأخذت أماكنها غرب القناة بمسافة 40 كم .. وبهذا بدأ تنفيذ الضربةالجوية المركزة بهدف : - تدمير مطارات العدو في سيناء، حتى لا يؤثر بقواته الجوية المتمركزة فيهذه المطارات على عملية اقتحام القوات البرية لقناة السويس وخط بارليف..وكان هذا يقتضي تدمير وشل مطارات المليز، تمادا، العريش، راس نصراني،النقب. وقد نجحت المقاتلات القاذفة في تدمير ثلاث منها ( المليز، تمادا،راس نصراني). أما مطار النقب فكان خارج مدى عمل الطائرات .
- كانت مفاجأة الضربة الأولى سيزول أثرها بانتهاء الضربة، فكان من المخططوضع العدو في حاله من الارتباك وعدم السيطرة لأطول فتره ممكنة، لذا تقررفي الضربة الجوية تدمير مراكز القيادة والسيطرة ومحطات الرادار والإنذارواللاسلكي، وقد نجحت القاذفات من غرب القناة والمقاتلات القاذفة التي قامتبالهجوم المباشر في تدمير مركز قياده رئيسي، مركز إعاقة وشوشرة،2 مركزإرسال لاسلكي في مناطق أم خشيب، أم مرجم، أم مخسّه.
- كان لابد من تأمين عمل الطائرات المهاجمة للمطارات ومراكز القيادة، فتمتخصيص جزء من المقاتلات القاذفة لإسكات الدفاع الجوى المعادى، حتى تتمكنالطائرات من العمل بحريه وإحراز أعلى نتائج تدمير.. وقد نجحت التشكيلاتالمكلفة في تدمير 5-6 موقع هوك إسرائيلي. كانت نتائج الضربه الجوية المركزة ناجحة بصورة باهرة.. فأن تقوم حوالي 200طائره من 10 قواعد بمهاجمة ثلاث قواعد جوية، وثلاث مراكز قياده وسيطره،وعشر مواقع صواريخ هوك ومرابض مدفعيه في وقت واحد، وتحقق نتائج تدميرعالية.. لهو نجاح دون شك . كان وراؤه عرق ودماء بُذلت في تدريب شاق،وقيادة أجادت التخطيط.. وكانت خسائرنا في هذه الضربة 10 طائرات فقط ، نالطياروها شرف أول شهداء أكتوبر، ومنهم المقدم طيار/زكريا كمال، والنقيبطيار/عاطف السادات، وصبحي الشيخ، والملازم أول طيار/عاصم عبد الحميد.
كان نجاح القوات الجوية المصرية في ضربتها المركزة مستندا على استخدامهاكماجاء في العلم العسكري.. فالمفاجأة وهى أحد المبادئ أدت إلى اكتشافطائراتنا فقط وهى تعبر القناة وليس قبل ذلك، وتطلب تحقيق هذا المبدأ سريهفي التحضير وطيران إلي الأهداف على ارتفاع 30 متر. وكان لمبدأ الحشدوالتركيز أثره الفعال في الضربة، ظهر في نتائج التدمير العالية التي تحققتعلى كافة الأهداف التي هوجمت.
عاد الطيارون من الضربة لأولى في حالة معنوية عالية.. وانتظروا في قواعدهملتكرار الضربه فى الرابعة والنصف . كان الحماس يملأهم فمصر نهضت لتستردكرامتها على يد أبنائها.. ولكن لما جاءت نتائج الضربة تبين أنه تم إسكاتوتدمير معظم الأهداف التي هوجمت، تم إلغاء الضربة الثانية. كان ذلك عملابمبدأ الاقتصاد في استخدام القوة وهو مبدأ صحيح في العلم العسكري لكنه ظهرمبكرا، ربما صورة قواتنا في 67 وهى بدون غطاء جوى كانت في مخيلة القادة فيمركز العمليات. وتحسبا إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية وهى عامل التفوقفي قوة العدو لم تظهر أو تشترك بعد.
كان المخطط أن تقوم الفرقة 119 هليكوبتر تحت ستر وحماية المقاتلاتوالمقاتلات القاذفة القائمة بالهجوم، في موعد الضربة الثانية، بإبرارمجموعات من الصاعقة خلف خطوط العدو في عمق سيناء.. لكن لما صدرت أوامرمركز قيادة القوات الجوية بإلغاء الضربة الثانية قامت الفرقة 119 دونحماية بتنفيذ مهامها المحددة في الخطة كالآتي: قوة 18 طائره في منطقة وادي سدر وقلعة الجندي قوة 18 طائره في منطقة الرويسات وسهل الطينه قوة 6 طائره في منطقة أبورديس 3 طائره لإبرار مجموعات استطلاع خلف الخطوط على الطريق الشمالي والجنوبي 3 طائره لقذف مستودعات البترول في بلاعيم على الشاطئ الشرقي لخليج السويس
اللواء طيار/حسني مبارك يهنئ الطيارين وماأن توغل هذا العدد الكبير من الطائرات في عمق سيناء دون حماية، حتى انقضتعليه مقاتلات العدو التي أقلعت بعد الضربة الأولى من مطارات داخل إسرائيلواحتلت مناطق مظلات شرق القناة. خاصة وأن طائرات الهليكوبتر عبرت القناةبعد ساعتين من الضربة الأولى.. اندفعت مقاتلات العدو نحو طائراتنا مستغلةبطء سرعة الطائرة الهليكوبتر ومناورتها المحدودة، وعدم وجود حماية لها.فتم تدمير بعض منها في الجو، والبعض الآخر أثناء عملية الإبرار.. بل إنالبعض هبط بطائرته في مكانه بعد أن شاهد مقاتلات العدو وقام بإنزال قواتالصاعقة في مكان مختلف لإنقاذ القوة المكلف بإبرارها.. والبعض الآخر هبطعدة مرات محتميا بالهيئات الطبيعية حتى وصل إلى منطقة الأبرار.. وقد خسرتالقوات الجوية في هذه الطلعة 25 طائره + 25 طاقم بين شهيد وأسير..بالإضافة إلى قوات الصاعقة التي كانت في الطائرات .
ولا يمكن أن نغفل في الضربة الجوية الأولي دور السرب العراقي الذي كانمشاركا فيها.. وصل هذا السرب بطائراته ( هوكر هنتر ) منذ يناير 1973وتمركز في مطار قويسنا، وكان يقوم بالتدريب على مهام العمليات شأن الأسرابالمصرية. وتم تكليفه في الضربة الأولى بمهاجمة مواقع صواريخ هوك ومدفعيةميدان.. ثم توالى إشراكه في الأيام التالية، وكانت نتائج هذا السرب طيبةللغاية، وذلك للجهد الكبير الذي بُذل من أشقاء مخلصين نذكر منهم (رائدطيار/عماد عزت-رائد طيار/ ليث المدرس) وننحني احتراما وتقديرا لشهدائه (نقبب طيار/وليد السمرائي- ملازم أول طيار/سامي فاضل وعامر القيسى ) لقدساهم الدم العراقي مع المصري في الانتصار.. وهو ما لم يحدث في أربعة حروبسابقه.
وفى سوريا قامت الطائرات السورية في نفس التوقيت بمهاجمة مواقع إسرائيليةبقوة 100 طائره، وشارك في هذه الضربة السرب المصري( ميج17 ) المتمركز فيسوريا منذ عام 1970 لدعم الجبهة الشمالية. وهاجم في الطلعة الأولى مركزالقيادة في ميرون شمال إسرائيل. وقام السرب بتنفيذ أكثر من 90 طلعه طوالالحرب. خسر خلالها 5 طائرات واستشهد نقيب طيار/بدوي عبد المجيد-ملازم أولطيار/بكر سليمان . لكن قائد السرب المقدم طيار/فكرى الجندي أسقط 2 طائرهسكاى هوك إسرائيلية.