أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
الـبلد : العمر : 51المهنة : طيارالمزاج : لااله الا اللهالتسجيل : 12/09/2010عدد المساهمات : 1682معدل النشاط : 1629التقييم : 44الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: من كتاب عالم جورج بوش السري الإثنين 27 سبتمبر 2010 - 18:37
من كتاب خفايا جورج بوش الابن السري الدين ـ التجـارة ـ الشبكات الـخفية )
اريك لوران
في عام 1993 وخلال الفترة التي كان جورج دبليو بوش يتهيأ فيها لدخول السباق الانتخابي لتبوؤ منصب حاكم ادلى بمقابلة صحيفة لصحافي يهودي وكان من ضمن ما قاله فيها: «وحدهم المؤمنون بالمسيح سيدخلون الجنة».
وهي جملة أثارت حفيظة عدة كتاب اعمدة في الصحافة المحلية والاقليمية في حين ابتهج لها كارل روف لان هذا الكلام الطائش الصادر عن مرشحه يعتبر الوسيلة الاضمن لاستمالة قلوب واصوات الناخبين المسيحيين المحافظين وخاصة في المناطق القروية من ولاية تكساس.
وقد استخدم بوش طيلة حملته الانتخابية القساوسة كوسطاء او مفاتيح انتخابية، وفور اعلان فوزه صرح قائلا: «لم أكن لاصبح حاكما لو لم اكن مؤمناً بمخطط الهي كبديل لكل المخططات الانسانية».
ويتحدث الصحافيان لودوبوز ومولي ايفنس اللذان تقصيا كثيرا حول الرئيس الحالي عن «ايمان قدري وغريب للغاية» ويمكن الجزم ان بوش موقن انه مكلف بمهمة الهية.
رئيس
بدأت فكرة الترشح للانتخابات الرئاسية تراود جورج دبليو بوش مع مطلع عام 1999، ففاتح والدته في الامر اولا، وبعد ذلك بفترة قصيرة ذهبا معا الى الكنيسة لحضور القداس، وكان موضوع العظة في ذلك اليوم يتلخص في شكوك موسى في مؤهلاته كزعيم، فاسرت بربارة لابنها بالقول: «انك تشبه شخصية موسى» وفور عودتهما الى البيت استشارا القس بيل غراهام باعتباره صديقاً شخصياً لبوش الاب، كما يعد اشهر مبشر ديني في الولايات المتحدة وكان المستشار الروحي للعديد من الرؤساء الاميركيين وكاتم اسرارهم.
وطمأن غراهام بوش جونيور بشأن مؤهلاته، وما هي الا بضعة اسابيع حتى جمع حاكم تكساس في مقر سكنه ابرز القساوسة والقادة في تيار اليمين المسيحي.
أجواء غريبة
محرر خطابات بوش ديفيد فروم: «جاء بوش يتحدث عن ثقافة مختلفة تماما عن ثقافة رونالد ريغان الفرداني النزعة. ولفهم إدارة بوش لابد من فهم مدى سيادة هذه العقيدة». ويروي أن الرئيس الأميركي بادره بالقول ذات صباح فور وصوله للعمل إلى جانبه: «لم أرك في جلسة قراءة الانجيل». إن ثمة اجواء غريبة تسود البيت الابيض الاميركي فزوجة الامين العام للرئاسة، اندروكارد مبشرة بالعقيدة الميثودية methodiste ووالد كونداليسا رايس يعمل مبشرا في الاباما، ومايكل جيرسون المسؤول عن الفريق الذي يتولى كتابة الخطب الرئاسية خريج كلية «ويتون في ايلنوا» التي تلقب بهارفارد الانجيلية»، وهو يؤمن بنبؤات اليمين المسيحي المتطرف الذي يتحدث عن ارما جدون وشيكة، وعودة المسيح الدجال وظهور مخلص جديد من بعده.
ويشارك كل موظفي البيت الابيض في مجموعات لدراسة الانجيل بشكل يومي، ويبدو مقر الرئاسة اليوم اشبه بقاعة صلاة واسعة يقوم العاملون فيها بادارة شؤون اميركا والعالم بعد جلسة قراءة جماعية لـ «العهد القديم» أو «الجديد».
السفير
في عام 1973، كان جورج بوش سفيرا في الامم المتحدة في عهد ريتشارد نيكسون ولم يكن احد ليتنبأ له بمستقبل سياسي واعد. وكان يدافع عن السياسة الاميركية في فيتنام امام اعضاء مجلس الامن فيما كان ابنه البكر جورج دبليو ينهي خدمته العسكرية في صفوف الحرس الوطني في تكساس كأضمن طريقة لتفادي ارساله الى الاوحال وحقول الارز في فيتنام. ولا شك انه كان يجهل بل لعله لم يكن يعلم ابدا ان ذلك العام كان بداية هجمة غلاة المحافظين الذين سيبلغ انتصارهم المطلق اوجه بانتخابه هو بعد ثلاثة عقود من ذلك التاريخ. هيريتيج ضمت «جند الصدام في الثورة المحافظة» ممول اليمين الأميركي الأول ملياردير معقد وخجول حتى المرض
بدأ كل شيء في عام 1971 حين كان التنديد بحرب فيتنام يتفاقم دون هوادة، وبدا ريتشارد نيكسون وكأنه في مواجهة مباشرة مع قطاع كامل من الشعب الاميركي.
وحدثت آخر صدمة عام 1971 تحديدا مع نشر «ملفات تخص البنتاغون» تكشف مجموعة من الاسرار حول خفايا الحرب الدائرة في جنوب شرق آسيا. وكان مسؤول رفيع في البنتاغون يدعى دانيال إيلسبيرغ قد سرقها ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز رغم الضغوط الشديدة التي مارسها عليها البيت الابيض. وكان وقعها شديدا. ووقع الرئىس الاميركي في حيص بيص، حين علم ان نسخة من الملف الضخم قد وصلت الى سفارة الاتحاد السوفيتي في واشنطن.
وفي العام نفسه قامت الغرفة الوطنية للتجارة بنشر مذكرة موجهة للزعماء في عالم الاعمال كتبها لويس باول الذي اصبح فيما بعد قاضيا في المحكمة العليا، وترك هذا النص ابلغ الاثر في العقول والنفوس، وورد فيه ان النظام الاقتصادي الحر يتعرض لهجمات عنيفة من قبل الشيوعيين واليساريين وغيرهم من الثوريين الذين يهدفون الى تدميره تماما اقتصاديا وسياسيا، وذهب باول الى ان من يشنون هذه الهجمات يؤيدهم «الطلاب في الاحياء الجامعية واساتذة الجامعات، وعالم الاعلام، والمثقفون والصحف الادبية والفنانون، والعلماء ومحترفو السياسية».
اعلان الحرب
ولم يقف تأثير مذكرة باول عند هذا الحد، بل انها ابهرت المسؤولين المحافظين كونها ترسم خطوط الاستراتيجية الواجب تبنيها ليس فقط لاستعادة ما فقد من سلطة ونفوذ بل ايضا لبسط هيمنة دائمة على السياسة والمجتمع الاميركي، اذ تدعو الى تصدي عالم الاعمال لمحاربة هذا الخطر من اليسار واليسار المتطرف وحله عبر تسخير كل حنكة لإنشاء منظمات يتم التخطيط لاهدافها وعملية تطبيقها بعناية، على ان يمتد عملها المترابط لفترة لامتناهية من السنوات تحظى بوسائل تمويل ضخمة تحشد لها جهود متضافرة «فالتأثير في السلطة السياسية يقتضي حسب باول مبادرات موحدة ومنسقة ومنظمات حاضرة على الصعيد الوطني» كما اقترح ان تستعين هذه المنظمات بباحثين، وان تصدر صحفا، وتؤلف كتبا ومقالات ورسائل نقدية وتنخرط في جهود طويلة المدى لتصحيح الخلل النابع من الاحياء الجامعية وتحقيق التوازن، واوصى في نهاية المطاف «بممارسة رقابة دائمة على برامج التلفزيون والكتب المنشورة» معتبرا انه لابد من توخي الحذر نفسه ازاء جهاز القضاء. ويمثل كلام لويس باول اعلان حرب حقيقية ضد الثقافة المضادة التي كانت تتصدر الساحة العامة والاعلامية، وتتزعم كل الافكار والتيارات الفكرية المعتدلة.
وقد افتتن رجال فاحشو الثراء من اقصى التيار المحافظ بهذا الكلام، وكانوا وهم المتشربون «بثقافة حربية» حقيقية على استعداد للدخول في صراع ضد هذه الاميركا التي يبغضونها، اذ «نخرها» في نظرهم «الانحطاط والافكار المنحطة» ولا تزال الذهنية نفسها تسيطر على اقصى اليمين الاميركي في عهد الرئىس جورج دبليو بوش رغم مرور 30 عاما.
أميركا تغيرت
وربما كان هؤلاء غلاة المحافظين يحلمون في مطلع السبعينات بنزاع مسلح قادر على إحياء أميركا من جديد لو لم تكن رحى الحرب دائرة في فيتنام. وقد اغرق هذا الاخفاق السياسي والعسكري البلاد في واحدة من اخطر الازمات الاخلاقية في تاريخها، فقرروا نقل المواجهة الى الداخل وتحقيق النصر عبر ممارسة تأثيرهم على العقليات واعادة تشكيلها. فتصرفوا بحزم ومنهجية ودأب. وقد قال رئيس معهد «أميركان انتربرايز»، وهو من ابرز المؤسسات التابعة للمحافظين، كريستوفر دي موث: «ان الامور تستغرق وقتا، وعلينا ان ننتظر مرور عشر سنوات على الاقل قبل ان تخرج الافكار الراديكالية الجديدة الى النور». غير ان هذه «المسيرة الطويلة» استغرقت في الواقع 30 عاما. ففي عام 2001 فقط تسنى لأقصى اليمين تذوق طعم النصر الكبير. وقد كتب ويل هاتون في صحيفة الابزورفر يقول: «ما زال البريطانيون وغيرهم من الاوروبيين لا يفهمون، فالولايات المتحدة تغيرت. اذ تحول مركز الثقل السياسي فيها من جانبيها الليبراليين (الشرق والغرب) الى جهتي الجنوب والغرب المحافظتين اللتين لا ترغبان في اية علاقة مع العالم الخارجي [...]. ويذكر ان المحافظين الاميركيين شنوا منذ الستينات حربا ضد التيار الليبرالي بحماس شبه لينيني وها هم يسيطرون اليوم على الدولة الاميركية، ويرغبون في الاستفادة من هذا النصر».
الأب المالي
في عام 1973، دخل ريتشارد سكيف ميلون الى الحلبة. ومع توالي السنين لقب هذا الرجل الاشقر ذي العينين الزرقاوين والمعروف بتحفظه الشديد «بالأب المالي لليمين الأميركي»، وكان آنذاك في العقد الثالث من عمره.
وهو ابن سارة ميلون، وريثة المصرفي الملياردير اندرو ميلون الذي كان يعتبر في حياته اغنى رجل في الولايات المتحدة الى جانب جون دي روكفيلر. وحين توفيت والدة ريتشارد سكيف ميلون عام 1965 تركت له ثروة قدرت قيمتها بأكثر من مليار دولار الى ثلاث مؤسسات كبرى.
كان ريتشارد سكيف شخصية معقدة ومتكتمة يعيش في عزلة. وكانت لديه املاك في مختلف انحاء الولايات المتحدة. وكان يرفض المقابلات الصحفية وكل علاقة مع الصحافة. وهناك عدد كبير ممن استفادوا من عطاياه لم يلتقوه ابدا. وكان خجولا لحد المرض مشغولا بالنفوذ اكثر من الشهرة وقد قام بسحب اسمه من كتاب .whoصs who ويحكي رئيس التحرير السابق لمجلة بيتسبيرغر التي كان يمولها سكيف أنه سأله أثناء اجتماع عمل قائلا: «هل سلطتك نابعة من سلطة المال؟»، فصمت سكيف لثلاث أو أربع ثوان وهو يحدق فيه بنظرة قاسية قبل أن يجيبه: «أنا لا أضيع وقتي في التفكير في هذا الأمر لكنني كلما تقدم بي العمر زاد تأثيري وبالتالي زادت مكاسبي». وقد ظل العمل الخيري المعفى من الضرائب احدى ركائز عالم الاقتصاد والمال الاميركي وقدرته على التأثير في السلطة السياسية زمنا طويلا. (...) وقد عرف ريتشارد سكيف ميلون دائما باهتمامه بالسياسة وقضايا غلاة المحافظين. ففي عام 1963، قام بدعم باري غولدووتر التي كانت تمثل الجناح اليميني في الحزب الجمهوري للرئاسة. ومول حملتها ووضع طائرة خاصة في خدمتها لكنها منيت بفشل ذريع امام ليندون جونسون وهو ما راعه. وقد نأى بنفسه عن السياسة الاحترافية بعد ذلك وان تبرع بمليون دولار لحملة ريتشارد نيكسون الانتخابية في عام 1972، على شكل 344 شيكا تفاديا للضرائب.
واعجابا من سكيف ميلون بمذكرة لويس باول قام «بتعميد» مؤسسة «هيرتيج» في عام 1973 حيث انشئت لتصبح السلاح الكفيل في نظره بتحقيق «النصر في معركة الافكار» وقدم لها 900 الف دولار. وبعد مرور ثلاث سنوات قدم لها 420 الف دولار اي ما يعادل 42 في المائة من الميزانية الاجمالية للمؤسسة التي كانت تقدر آنذاك بمليون دولار. وقد علق رئيسها الحالي ايدوين ج. فولنر على ذلك بالقول: «كان المبلغ دعما اساسيا جاء في وقت حرج من حياة المؤسسة».
وكان ميلون يشرف بشكل مباشر على ثلاث مؤسسات هي مؤسسة سارة (قدرت موجوداتها في عام 1997 بـ 302 مليون دولار ومؤسسة آليغاني (39 مليون دولار) ومؤسسة قرطاج (24 مليون دولار) وكان والداه ديفيد وكيري يترأسان مؤسسة رابعة هي مؤسسة عائلة سكيف Scaife Family Foundation التي بلغت موجوداتها 170 مليون دولار، وتتقيد بالاهداف التي رسمها والدهما. وقد بلغ مجموع ما انفقه ميلون في ظرف 30 عاما، بين عامي 1967 و1997 في تأسيس ودعم عدة معاهد ومنظمات ذات نهج محافظ متطرف حوالي 600 مليون دولار. ومن بينها معهد هوفر بجامعة ستانفورد الذي كانت كونداليسا رايس مسؤولة عنه، ومعهد اميركان انتربرايز، ومن اعمدته ريتشارد بيرل ولين تشيني، زوجة نائب الرئيس الاميركي، ومعهد كاتو بالاضافة الى مجموعة من المؤسسات الناشطة في المجالات الاجتماعية والقضائية وكذا في المجال الاستخباراتي.
عبقرية هيريتيج
ظلت مؤسسة هييرتيج على مر السنين درة اعمال سكيف اذ تضم حسب تعبير احد نواب الرئيس بورتون يال بينز «جند الصدام في الثورة المحافظة» وهم رجال يملكون رؤية ايديولوجية للمجتمع الاميركي. فكل خطوة تقدمية اصبحت تعتبر في نظرهم منذ «الصفقة الجديدة» في عهد فرانكلين روزفلت بمثابة «هجمة ضد المبادئ التأسيسية لأميركا كما وضعت في القرن 18».
وقد رصد نصف ميزانية «هيريتيج» على مر السنين لترويج الافكار. فانبرى المتعاونون معها لتحرير المقالات واعداد الدراسات في كل حقول السياسة الاميركية وتحدثوا عن الحظر الشيوعي. وتقليص البرامج الاجتماعية وتعزيز الميزانية العسكرية، ومكانة الدين ومكافحة النقابات وكان اي عضو في الكونغرس، يجد على مكتبه عشية جلسة نقاش او تصويت على قانون هام تقريرا من المؤسسة يتناول المشروع المرتقب بالتحليل ويقترح الحلول. وكانت هيرتيج تقدم هذه الدراسات الى مجلس الشيوخ والنواب ووسائل الاعلام وعامة الناس.
صناعة متنامية
يرى نائب رئيس وكالة اسوشيتد برس، و«الترمايرز» ان حركة المحافظين كانت تتحول آنذاك الى صناعة متنامية. ونظرا لتواجدها في المكان والوقت المناسبين احدثت تغييرا في الحياة السياسية والنقاشات داخل مبنى الكابيتول.
أما مدير صحيفة ديترويت نيوز فيقول: «تتمثل أهم جوانب نجاحاتهم الباهرة في تمكينك من الاطلاع على وجهة نظرهم في صباح اليوم التالي في بريدك الخاص. كان المرء يجد كل يوم نشرة صادرة عن المؤسسة، وكانت قراءتها كفيلة بجعله ينظر الى الأمور من زاوية كان غافلاً عنها».
كان ميلون يعيش هاجساً مصحوباً بيقين ان الجمهورية الأميركية في خطر قاتل، وان ثمة مؤامرات تحاك لتقويضها. وقد أسر لأحد الأشخاص انه يعتبر جون ادغار هوفر، مدير اف. بي. اي بطلاً ضمن ابطال آخرين. ويذكر ان ميلون لا يقرأ إلا لماما، وهو أمر غريب على رجل يؤمن بقوة الأفكار. لكن ثمة كتاب واحد أثر في نفسه كثيراً، وهو كتاب The Spike لمؤلفه الصحفي ارتو دي بورشغريف الذي أصبح فيما بعد صديقاً له ومديراً لصحيفة واشنطن تايمز التي تحظى بتمويل طائفة المون. ويحكي الكتاب قصة صحافي شاب يكتشف انه يستخدم كبيدق في مؤامرة كبيرة دبرها الاتحاد السوفيتي للسيطرة على العالم.
هيريتيج وأخواتها
لم يكن وريث ميلون الممول الوحيد الذي قام بدعم ولادة مؤسسة هيرتيج. فهناك ويليام كورز، قطب البيرة الذي تبرع بـ 250 الف دولار. وترتبط مؤسسة كورز التي تأسست عام 1877 على يد ادولف كورز بعلاقات وثيقة مع منظمات تابعة للتيار المحافظ المتطرف وبقادة اليمين المسيحي على نحو خاص.
كما استفادت مؤسسة الكونغرس الحر Free Congress Foundation من عطايا كورز. وهناك ايضاً مؤسسة اولين Olin Foundation وهي مؤسسة تعتمد في عائداتها على شركة عائلية أثرت في صناعة الذخيرة والمواد الكيماوية، لم تبخل بالدعم المالي على مؤسسة هيريتيج فضلاً عن اميركان انتربرايز ومعهد هوفر. كما مولت جامعيين محافظين مثل آلان بلوم الذي تلقى 6.3 ملايين دولار لادارة مركز جون م. أولين بجامعة شيكاغو لدراسة نظرية الديموقراطية وتطبيقها.
وبلوم هذا كان الأستاذ والمعلم الفكري «لبول وولفويتز» نائب وزير الدفاع الحالي، والمنظر الحقيقي للصقور في البيت الأبيض.
أما ايرفين كريستول الذي كان احد الرواد الكبار في تيار اليمين المحافظ في عهد ريغان، فقد تلقى اكثر من 380 الف دولار بين عامي 1992 و1994 بصفته باحثاً في معهد اميركان انتربرايز. ويعتبر ابنه ويليام كريستول اليوم من أهم المفكرين المؤثرين في الادارة الاميركية الحالية، ويتولى ايضاً ادارة مجلة المحافظين الجدد وويكلي ستاندرد التي يمولها قطب الصحافة روبرت مردوخ المقرب من عائلة بوش. وتنتهي قائمة الشركات الداعمة لتيار المحافظين المتطرف بمؤسسة ليند وهاري برادلي Lynde & Harry Bradley Foundation التي تتجاوز قيمة موجوداتها 420 مليون دولار. وقد أصبح هاري بفعل مواقفه اليمينية المتطرفة عضواً ناشطاً وممولاً لمنظمة Jhon Birch Society. وهي منظمة يمينية متطرفة معادية للشيوعية تدافع عن الطروحات القائلة بتفوق الرجل الأبيض. كما تمول موسسة برادلي على نحو خاص قناة NET National Empowerment Television التي تعتبر أخطر سلاح اعلامي يملكه اليمين المتطرف إذ تنشر ايديولوجيا مسيحية متطرفة بين المشتركين الذين يقدر عددهم بالملايين.
اطلعنا في الحلقتين الأولى والثانية على مدى تمكن النزعة الدينية من نفس الرئيس جورج دبليو بوش، وميله الى التودد للمؤسسات الدينية، وما يدين به من فضل للدين باعتباره كان عامل تغيير أساسي في حياته. ثم تعرفنا إلى الارهاصات الأولى التي مهدت لظهور فكر المحافظين الجدد، وأصحاب الثروات الطائلة الذين سخروا ملايين الدولارات لتغذية هذاالفكر ونشره عبر أشخاص ومؤسسات أنشئت لهذا الغرض.
البرنامج السياسي لريغن جسد «ثورة المحافظين» وتحول إلى إنجيل لكل من يصل إلى السلطة
كان وصول رونالد ريغان الِى السلطة في عام 1980 بمنزلة اول انتصار ساحق تحققه حركة المحافظين المتطرفين ومؤسسة هيرتيج التي قدمت للادارة الجديدة الرجال والافكار، بل انها وضعت في العام نفسه الذي شهد الانتخابات الرئاسية «مذكرة للقيادة» تقع في 3 آلاف صفحة موزعة على 20 جزءا تتضمن تفاصيل البرنامج السياسي لريغان الذي وصف لاحقا «بثورة المحافظين».
ويقول احد المشاركين في وضع هذا النص متذكرا انها اصبحت «مرجعا حقيقيا وبمنزلة انجيل لكل شخص يصل الى السلطة».
في عام 2000، كان اليسار الاميركي قد خسر تماما معركة الافكار «فابتعد عدد كبير من الكفاءات الفكرية اليسارية الواعدة في صفوف اليساريين عن العالم الواقعي، ليعيش في عزلة داخل الاروقة الجامعية الضيقة، في حين حقق اليمين النجاح تلو الآخر في المكتبات اذ الف كتّاب مثل الان بلون، وجود وانيسكي، وتشارلز موراي، ومارفن اوفالسكي ودينش دسوزا، وفرانسيس فوكوياما، وصاموئيل هانتينغتون كتبا خلال العقدين الاخيرين غيرت من الخطاب السياسي والثقافي حول مواضيع مركزية بالنسبة لكل ما يتعلق «برؤيتنا» لتنظيم المجتمع، غير ان اهم ما في الامر ان هؤلاء الفوا كتبا موجهة لجمهور واسع ويتلقون دعما ماليا من المنظمات المحافظة التي ادركت الاهمية الكبرى لمعركة الافكار» حسب ما كتبه إيريك الترمان في صحيفة the Nation. وقد عدت مؤسسة برادلي في نهاية عام 1999 اكثر من 400 كتاب قامت بتمويلها في غضون 14 عاما، ويقول مدير المؤسسة مايكل جويس مؤكدا «لدينا قناعة بأن عددا لا بأس به من وسائل الاعلام الاخرى، تتأثر بالكتب، فإذا كنت تريد التأثير على عالم الافكار، فإن الكتب تمثل احد القطاعات التي يتعين عليك ان تستثمر اموالك فيها».
معين جورج بوش
اصبح معهد اميركان انتربرايز «المعين» الذي ينهل منه جورج دبليو بوش لتشكيل ادارته، ومن اعمدته ريتشارد بيرل، احد رواد الصقور وايرفينغ كريستول، مفكر المحافظين الجدد الاساسي ووالد ويليام كريستول، مدير مجلة المحافظين ويكلي ستاندرد، وليسن تشيني، زوجة نائب الرئيس، كما يعد داينش دسوزا احد «نجوم» معهد اميركان انتربرايز».
وتعد كتب تشارلز موراي وداينش دسوزامن بين الكتب المفضلة لدى جورج دبليو بوش غير انه اعجب اكثر بطروحات مارفن اوفالسكي، صاحب كتاب «مأساة الرأفة الاميركية» الذي يدعو فيه الى تفكيك نظام الرعاية الاجتماعية الاميركي وقد اصبح مستشاره خلال حملته الانتخابية وابتكر مفهوم «الرأفة المحافظة» الذي استخدمه الرئىس. وقام اوفالسكي بتأسيس كنيسة في مدينة اوستين في تكساس، تعلم من بين اشياء اخرى ان المرأة ليس لها مكان ولا دور تضطلع به في مركز الزعامة.
الإعلام من بعد النشر للاكتساح
في عام 1981، عزمت ادارة ريغان - بوش التي كانت تدير شؤون الحكم في واشنطن على انشاء صحيفة يومية محافظة في العاصمة الفدرالية، تستطيع ترجمة رؤاها وسياستها وتنافس في الوقت ذاته صحيفة واشنطن بوست، ذات الحضور الطاغي، وكانت هذه القلعة الليبرالية التي يتسم خطابها غالبا بالصرامة والتشدد الصحفي، بمثابة شوكة في حلق اليمين الاميركي.
وطرح مشروع الصحيفة على عدة شخصيات ادبية وفنية ورفضوه بمن فيهم ريتشارد سكييف ميلون الذي تردد كثيرا قبل ان يعلن رفضه، وكان يتعين على المجنون الذي يقبل بهكذا تحد أن يستعد لتكبد خسائر جسيمة لفترة طويلة. ومع ذلك فإن الرجل الذي اطلق صحيفة الواشنطن تايمز 1982 لم يكن يعرف عنه لا الجنون، ولا التجرد. انه الأب سان ميونغ مون، مؤسس كنيسة التوحيد في الستينات التي يعتبر اتباعها طائفة خطيرة. ومن خلال تصريحاته العديدة نعلم انه هو «المخلص الجديد» بما ان المسيح قصر في مهمته فأخذ هو على عاتقه توحيد الكرة الارضية عبر ضم كل القوى الدينية تحت لوائه.
وفي السبعينات، خضع مون وكنيسته للتحقيق حول ممارساته على يد لجنة من الكونغرس على رأسها النائب الديموقراطي دونالد فريزر.
كان مون قد اصبح مقيما بصفة دائمة في الولايات المتحدة ابتداء من عام 1973 حسب ما تشير اليه تقارير وزارة العدل، فيما اكد المتعاون الرئيسي مع الوزارة، وهو ضابط سابق في جهاز سي.آي.ايه الكوري يدعى بوهاي بارك، انه كان يحمل «البطاقة الخضراء».
وكان غطاء كثيف من السرية يلف طريقة تنظيم امبراطوريته، التي تضم عدة شركات يقدر عددها داخل الولايات المتحدة فقط بـ 12 شركة، وكذا مصادر وقنوات تمويله.
غير ان جهاز السي.آي.ايه كان على علم بكل شيء. وفي الوقت الذي كان مون يخضع فيه للتحقيق من طرف الكونغرس الاميركي كان جورج بوش مديرا لوكالة الاستخبارات. ويذكر ان جهاز سي.آي.ايه تولى تدريب الاجهزة السرية في كوريا الجنوبية التي حملت اسم ك.سي.آي.ايه وعرفت بشدة بأسها تجاه المعارضين الكوريين في الخارج، اذ قامت باختطاف وتصفية كثير منهم.
وكان بوش ومساعدوه الاقرب داخل الجهاز الاستخباراتي يعتبرون كوريا الجنوبية كبلد على «درجة عالية من الحساسية بالنسبة للأمن القومي الاميركي، ومون كمحور للعمليات السرية التي ينفذها جهاز سي.آي.ايه الاميركي بالشراكة مع نظيره الكوري. وقد تدخل رئيس المستقبل شخصيا لدى اعضاء الكونغرس لحضهم على عدم التعمق كثيرا في تحقيقاتهم. وكان له ذلك فأصبح مون ممتنا لجورج بوش طيلة السنوات الاربع والعشرين اللاحقة. وعمل باستمرار على تعبئة امكاناته الهائلة لخدمة الطموحات السياسية لعائلة بوش واغدق كثيرا على بوش الاب ثم الابن لاحقا، ولم يكن ذلك بدافع الشعور بالامتنان تجاه الرجل فقط. فقد استطاع مون بفضل صحيفة واشنطن تايمز ان ينفذ الى قلب السلطة السياسية الاميركية. وكان قد انفق اكثر من 100 مليون دولار لاطلاق صحيفة ستصبح لاحقاً مفضلة لدى المؤسسة المحافظة في واشنطن لكنها لم تتمكن من منافسة غريمتها الواشنطن بوست ابدا.
وقد اضطره هذا الفشل التجاري الى ضخ عشرات ملايين الدولارات سنويا لضمان استمرارها وهي سياسة دأب عليها منذ مطلع السبعينات وفي عام 1978 قامت لجنة تحقيق من الكونغرس بالتحقيق في فضيحة «كوريا غيت» وكان ذلك بمثابة استراتيجية من قبل جهاز سي اي ايه الكوري لشراء النفوذ لدى الحكومة والمسؤولين الاميركيين. وورد اسم مون مرات عدة باعتباره متورطاً في العملية وهي تهمة نفاها عن نفسه.
غير ان مون قال لبعض المقربين بشكل واضح لا يحتمل اللبس: «ينبغي ان يكون جزء من استراتيجيتنا في الولايات المتحدة اكتساب صداقات داخل جهازي الاف بي اي و سي. آي. ايه وقوات الشرطة، بالاضافة الى الأوساط العسكرية والتجارية». وهذا ما حدث بالفعل، فقد كان جهاز سي. آي. ايه يزود الواشنطن تايمز بانتظام بمعلومات غير منشورة، مقابل قيام الصحيفة بشن هجمات مضادة عنيفة، كلما كشفت معلومات محرجة حول موضوع حساس. فحين دخل جورج بوش حلبة السباق للفوز بالرئاسة وقف مون وواشنطن تايمز في صفه بكل حزم، وزعم المرشح الجمهوري انه لا يعلم شيئا عن القضايا والفضائح التي اثيرت في عهد ريغن مع انه شغل منصب نائب الرئيس طيلة ثماني سنوات، وكان المدعي الخاص لورنس وولش الذي كان يتولى التحقيق في قضية ايران غيت، على وشك النيل من جورج بوش، فهاجمته الصحيفة بشدة، بل ان الهجوم طاول الخصم الديموقراطي لبوش لاحقا، مايكل دوكاكيس، حاكم ولاية ماساشوسيتس سابقا، اذ روجت الصحيفة اشاعات زائفة حول صحته العقلية ساهمت في نزع المصداقية عن دوكاكيس لدى الرأي العام، وخلخلة حملته الانتخابية.
وعندما خاض الرئيس الاميركي معركته الانتخابية للمرة الثانية عام 1992، دأبت الواشنطن تايمز على ترديد الاشاعات التي تتهم خصمه الديموقراطي بيل كلينتون باحتمال تجنيده من قبل جهاز الكي. جي. بي لدى زيارته الى موسكو كطالب حاصل على منحة رودس الدراسية.
وكانت معاداة الشيوعية تبدو في الظاهر كلحمة تجمع بين مون والادارات الجمهورية، لكن الحقيقة كانت أكثر تعقيدا من ذلك، فمون الذي يلقبه اتباعه بـ«أبونا» كان يمول بسخاء الطاقم السياسي في كوريا الجنوبية، خاصة كيم جونغ بيل، الذي سيتولى لاحقا منصب رئيس الوزراء عامي 1998 و1999، وكيم داي جونغ الذي انتخب رئيسا عام 1998 وعرف بتأييده للتفاوض مع النظام الشيوعي في كوريا الشمالية.
حصاد الشيطان
ومع حلول عام 1991، وفي الوقت الذي كانت بيويانغ لا تزال تخضع فيه للحصار التجاري المفروض عليها من قبل أميركا، وكان بوش الأب يشغل المكتب البيضاوي، قام مون بإرسال عدة ملايين من الدولارات الى دكتاتور كوريا الشمالية كيم ايل سونغ كهدية عيد ميلاده، والتقى الرجلان عدة مرات وحصلت الواشنطن تايمز الأكثر معاداة للشيوعية على شرف اجراء أول مقابلة صحفية مع آخر زعيم ستاليني فوق الكرة الأرضية، وتشير المعلومات التي حصل عليها الصحافي ريتشارد بييري، ومصدرها تقارير اعدها جهاز دي. آي. ايه (الأجهزة السرية العسكرية الأميركية) الى ان عدة لقاءات جرت بين زعيم الطائفة والزعيم الشيوعي في الفترة الممتدة بين 30 نوفمبر و8 ديسمبر 1991، ومهدت لإرساء تعاون تجاري، ونص الاتفاق على قيام مون بتشييد مجمع فندقي في بيونغ يانغ، وتنمية السياحة في منطقة كيم كانغ سان والاستثمار في منطقة كومان غانغ ريفر، وبناء محطة لتوليد الكهرباء في وونسان، وبلغت قيمة الاستثمارات حسب جهاز دي. آي. ايه 5.3 مليارات دولار.
وتضمن الاتفاق الاقتصادي المبرم مع كوريا الشمالية بندا سريا يقضي بحصول زعيم كنيسة التوحيد على حق استثمار أرض تقع في تشونغ تشو مسقط رأسه لمدة 99 عاما، تعبيرا عن امتنان كيم ايل سونغ له على مساعدته، ورصدت المنطقة لتصبح «أرضا مقدسة» ومحجا يقصده أتباع مون من كل أنحاء العالم.
ووضعت هذه المساعدة المقدمة لنظام كوريا الشمالية ادارة بوش في موقف محرج، فالحصار الأميركي المفروض على بيونغ يانغ يعود الى زمن الحرب بين الكوريتين في مطلع الخمسينات ويحظر عقد اي اتفاقات تجارية او مالية «بين كوريا الشمالية وأي مواطن اميركي او مقيم بصفة دائمة». وهذا ينطبق تماما على مون المقيم رسميا في «تاري تاون» قرب مدينة نيويورك، وما فعله بالتالي لا يعتبر في نظر كثير من المسؤولين الاميركيين خرقا للقوانين فقط بل دعما لدكتاتور مفلس بالعملة الصعبة التي كان في امس الحاجة اليها، وفي وقت كان يسعى فيه لتمويل برامج تسلح طموحة.
وهكذا حظيت كوريا الشمالية التي صنفها جورج دبليو بوش ضمن «محور الشر»، بدعم والده قبل 12 عاما في الخفاء، تماما كما حدث مع العراق، وقد تعززت العلاقات اكثر فأكثر بين مون الذي امن العقوبة وبوش حتى بعد خروجه من البيت الابيض في عام 1992.
وشارك جورج وباربرة بوش في عدة ندوات في مختلف مناطق الولايات المتحدة وآسيا لمصلحة منظمات يمولها مون. وفي زيارة رافق فيها الرئيس السابق صديقه مون الى الارجنتين، القى محاضرة تقاضى عنها مائة الف دولار، فيما بلغ مجموع ما تلقاه بوش من مون ومنظمته مقابل محاضراته العديدة 10 ملايين دولار.
ولكن حدث ما عكر صفو العلاقة وضايق الرئيس الأميركي الـ41 من صديقه. ونعني بذلك نبرة معاداة أميركا اللاذعة التي طبعت خطب مون. فقد قال مرة: «سيكشف التاريخ بوضوح مكانة مون وموقع اعدائه وسينحني الشعب الاميركي وحكومته امامه». وفي الاول من مايو عام 1997، اكد قائلا على اسماع جمهور من اتباعه: «ان البلد الذي يمثل حصاد الشيطان هو اميركا».
وقد كتب احدهم في مجلة اميركية بارزة معلقا: «من الواضح ان مون يكن عداء صريحا لأميركا وللديموقراطية، ويملك اجندة لتقويض الديموقراطية الاميركية والنزعة الفردانية».
عمل مون بلا كلل طيلة سنوات عدة على تسخير ثروته الطائلة والاعيبه لنيل الحظوة لدى القادة الاميركيين المحافظين في مجالي السياسة والدين، اي لدى ممثلي بلد يكن له في اعماقه كل البغض. والى جانب تعاونه مع بوش اقام تحالفا مع كل زعامات اليمين المتطرف المسيحي والمدافعين المتشددين عن اميركا وقيمها. وحولهم الى شركاء مثل المبشر الاصولي جيري فالويل، زعيم الاغلبية الاخلاقية الذي كان يمر بأزمة مالية حادة في نهاية عام 1993 فطار يوم 5 يناير الى سيئول حيث اجتمع طويلا بمسؤولي كنيسة التوحيد. وحصل في وقت لاحق على 5.2 مليون من مون.
ولم يكن فالويل الذي ايد حملات التشهير ضد بيل كلينتون الوحيد ضمن «الشبكة» التي اقامها مون، فهناك المبشر تيم لاهاي، مؤلف الكتب الدينية الاكثر مبيعا، الذي تلقى 500 الف دولار من بوهاي بارك، الساعد الايمن لمون، والضابط السابق في جهاز سي.اي.ايه الكوري. وهنالك ايضا، رالف ريد مسؤول هيرتيج وغاري بايور، المدير التنفيذي للتحالف المسيحي، بالاضافة الى روبرت شولر، القس والمبشر الديني الشهير على قنوات التلفزيون.
رؤية عالمية إنجيلية
كانت المجموعة الاكثر تطرفا في اقصى اليمين المسيحي تقف في صف سيونغ مون. ويقف افرادها على رأس قوة كبيرة تتراوح نسبة الناخبين فيها بين 15 و18 في المائة، تؤازرهم شخصيات نافذة في عالم السياسة. ولم يكن بإمكان اي مرشح جمهوري للانتخابات الرئاسية تجاهلهم او ازدراءهم وكان مون يمثل جسرا حقيقيا بين قطاعي السياسة والدين، وهنا تكمن قوته. ويذكر ان «مجلس السياسة الوطنية» الذي تأسس على يد القس والكاتب الديني المتطرف تيم لاهاي استفاد من تبرعاته. وتضم هذه المنظمة التي يحاط نشاطها بسرية تامة، كل رموز التيار المحافظ المتطرف الديني من امثال جيري فالويل، وبات روبر ستون، وبول ويريش، الناشط السياسي الذي يرى ان مكان المرأة في البيت، وجيمس دوبسون، مرشد جورج دبليو بوش وناصحه، والمبشر الديني المفضل لدى الرئىس الاميركي جيمس روبنسون، وبوب جونز المعروف بمعاداته للكاثوليكية اذي يصف البابا بـ«المسيح الدجال»، وقد حظيت مؤسسته بزيارة جورج دبليو بوش اثناء حملته الانتخابية عام 2000، وكان ذلك حدثا أثار الكثير من الجدل.
ومن بين السياسيين الاعضاء في هذا المجلس، نجد شخصيات نافذة مثل السيناتور جس هيلمز والنواب ديك آرمي، وهوارد فيليبس، وتوم دي لاي، مرشح تكساس الذي كان سيصبح في نوفمبر 2002، الرجل الاقوى في الكونغرس الاميركي بعد انتصار الجمهوريين في مجلس النواب. ويذكر انه قال في كلمة القاها امام شخصيات دينية: «وحدها المسيحية ترسم الطريق للعيش عبر تقديم اجابات لكل ما نواجهه في هذا العالم». كما اسرّ انه مكلف بمهمة ربانية تتلخص في بث «رؤية عالمية انجيلية في السياسات التي تعتمدها الولايات المتحدة».
ويعمل المجلس المذكور، حسب رأي جو كوناسون، وجين لايونز «كلجنة مركزية لجبهة شعبية ثيوقراطية». انه تحالف افراد وجماعات تخفي خلافاتها لمحاربة عدو مشترك، ويتمثل هذا الاخير بصورة مجردة في الفصل الذي ينص عليه الدستور الاميركي بين الكنيسة والدولة.
ومن ابرز المستهدفين من قبل هذا التحالف، الليبراليون وكثير من الديموقراطيين و«اتباع الفلسفة الانسانية» (العلمانيون) بمختلف مشاربهم، بل وحتى الجمهوريون المعتدلون.
ويعتنق معظم اعضاء التحالف مذهبا يؤكد ان الدستور الاميركي يستمد شرعيته الاساسية من الانجيل طبقا لتأويل البروتستانيين الاصوليين.
وفي مطلع 1999، وفي الوقت الذي لاحت في الافق ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة، كانت هذه الجماعات الدينية عازمة على الوصول الى الحكم عبر مرشح يشاركهم في رؤيتهم بعد ان راودهم الشعور بان قادة الحزب الجمهوري عاملوهم بوقاحة. ويقول احد المراقبين: «كانت سلطتهم آنذاك لا تتعدى العمل على إلحاق الهزيمة بالمرشح الرسمي. وهو ما حدث في عام 1992 مع بوش الاب، ثم مع السيناتور بوب دول في عام 1996 وتحدثت كثير من مراسلاتهم عن ضرورة السيطرة على الحزب في المستقبل».
في الحلقة الثالثة رصدنا أول انتصار كاسح يحققه غلاة المحافظين مع وصول رونالد ريغن إلى السلطة. واندحار اليسار الاميركي في معركة الأفكار لصالح مفكري الفريق الأول، من أمثال صاموئيل هانتبنغتون وفرانسيس فوكاوياها، ودينيس دسوزا وغيرهم. ورأينا كيف ظهرت صحيفة «الواشنطن تايمز» تكريسا لهذا الحضور الفكري الطاغي، وتكشّف لنا ما بين هذا الاعلام والمؤسسات الاستخباراتية في أميركا من تواطؤ، وعلاقات مشبوهة جمعت بينه وبين رموز حركة المحافظين الجدد.
اشكروفت لا يتقن تلاوة الإنجيل ويشوه نصوصه
المسيحيون يدعمون اليهود اليوم من أجل إلغائهم غداً
في عام 1999، بدا احد المرشحين هو المفضل لديهم ولكنه لم يكن جورج دبليو بوش بل جون اشكروفت الآتي من الجنوب. وقال عنه جيف جاكوبي في الواشنطن تايمز: «اشكروفت ولد ونشأ في احضان اليمين المسيحي». وكان ينتمي الى جماعات الرب التي تستقطب 3.2 مليون عضو في الولايات المتحدة واكثر من 30 مليونا من الاتباع في مختلف انحاء العالم.
(...) غير ان اشكروفت يتحدث في خطاباته بشكل اختزالي ومقلق عن تاريخ اميركا والانجيل، بل انه ـ حسب ما اشار اليه الصحافي روبرت باري ـ غير قادر على تلاوة نصوص الانجيل دون تشويهها. وقد تلقى لإطلاق حملته الانتخابية. تبرعات بقيمة 10 الاف دولار من زعيم التحالف المسيحي بات روبرستون وزوجته. واسرَّ روبرستون منذ 1992 لصحيفة دنفر بوست قائلا: «ان هدفي هو بسط السيطرة على الحزب الجمهوري». لكن اشكروفت لم يكن قادرا على فرض نفسه على الصعيد الوطني وتحقيق هذا الهدف، اما مون الذي ظل روبرستون على علاقة وثيقة معه فقد كان يفضل جورج دبليو بوش.
وكان حاكم تكساس، الابن البكر للرئىس السابق يملك في نظر روبرستون ميزتين اساسيتين: الامكانات المالية الضخمة، والعلاقات الوثيقة التي يحرص على تنميتها مع الجماعات الاصولية المسيحية.
وحض روبرستون اليمين المسيحي على دعم جورج دبليو بوش واقصاء خصمه الاخطر، السيناتور جون ماكاين، وكان المقابل الذي طلب من بوش دفعه لقاء هذا الدعم تعيين جون اشكروفت في منصب وزير العدل، بينما كان ينوي تعيينه قاضيا في المحكمة العليا، فانهالت عليه وعلى نائبه ديك تشيني الاتصالات من كل مسؤولي اليمين الديني يطالبون بوزارة العدل لأشكروفت، وكان لهم ذلك، مما اثار حفيظة المدافعين عن الحقوق المدنية، وحماية البيئة والفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة. والى جانب السلطة القضائىة بسط اشكروفت سيطرته على جهاز الإف. بي. آي. ومكتب الكحول والتبغ والاسلحة النارية، وكلها اجهزة تتمتع بسلطات زجرية مهمة.
وبذلك اصبح بالامكان بالنسبة الى بات روبرستون وحلفه، الذي جعل من الحرب ضد العلمانية سلاح المعركة الاساسي، بدء «المواجهة الروحية» وقد صرح قائلا «سيكون هناك قوى شيطانية يجب علينا محاربتها، وينبغي ان تكون الاستراتيجية الواجب تبنيها ضد اليسار الراديكالي الاميركي مشابهة لتلك التي اعتمدها الجنرال ماكارثور ضد اليابانيين ابان حرب المحيط الهادي».
«إن الشعب اليهودي في اسرائىل والعالم لا يملك صديقا اعز من جيري فالويل»، إذ لم يفوت هذا المبشر ورجل الاعمال الفرصة يوما للتأكيد على الاهتمام الكبير الذي يخص به الاصوليون المسيحيون الدولة العبرية والجاليات اليهودية.
ويعد فالويل احد الزعماء المنتمين الى تيار «المسيحيين الصهاينة» وكذا احد العناصر الفاعلة في هذا اللوبي، الذي يتسم بالتنظيم المحكم والجرأة ولا يستطيع اي زعيم سياسي اميركي تفاديه، او الالتفاف عليه.
ويذكر انه منذ منتصف القرن 20 اصبح مصطلح «اصولي» يعني نمطا عنيفا ومتشددا للغاية من البروتستانتية، ويؤكد على مكافحة الانحطاط الثقافي والفكر الليبرالي، وتؤمن معظم هذه الحركات بنبوءات جون داربي، وهو قس انكليزي تحدث في القرن 19 عن سلسلة من الاحداث باعتبارها نذيرا بقرب نهاية العالم، ومن بينها الحرب، وظهور نظام سياسي واقتصادي عالمي جديد، وعودة اليهود الى الارض المقدسة التي وعد بها ابراهيم.
وعمل القس المحافظ المتطرف، وصديق مون، تيم لاهاي على ترويج افكار داربي في كتبه الدينية وهي نبوءات تعد بعودة المسيح الذي سيقيم مملكة الرب بعد معركة ارمجيدون، لكنه يرهن هذه النهاية السعيدة بتخلي اليهود عن دينهم وهو ما لن يحدث الا اذا استعادوا كل الاراضي التي منحهم اياها الله. ويقول ماثيو انجيل في صحيفة الغارديان معلقا: «يدعم هؤلاء المسيحيون اليهود بغرض الغائهم» ويتبنى جيري فالويل، وبات روبرستون، ودي إل مودي مؤسس معهد Bible moody هذا الاعتقاد، وكذلك مايكل جيرسون، محرر خطابات جورج دبليو بوش.
وفي مجلة بيزنس ويك كتب ستان كروك يقول: «منذ زمن صلاح الدين حتى عهد صدام حسين، ينظر المسيحيون الاصوليون الى القادة المسلمين كمسيح دجال محتمل او على الاقل كنذير بظهوره» ثم يضيف محللا نظريات جون داربي «بعد سبع سنوات من هذه الهيمنة الشيطانية يعود المسيح وقديسوه المتمثلون، على الارجح، في جورج دبليو بوش ومعاونيه» لينتصروا على الشر في معركة ارمجيدون، وهي ساحة معركة قديمة تقع بالقرب من حيفا شمال اسرائيل. وسيستقر المقام بالمسيح في القدس ومنها سيحكم العالم لمدة الف عام، وهي «الألفية» التي طالما انتظرها المؤمنون بهذا الاعتقاد.
ويجد هذا التفسير للانجيل صدى لدى بعض السياسيين مثل جون اشكروفت، وتوم دي لاي، ممثل تكساس الذي أصبح الرجل الأقوى في الكونغرس الأميركي. ويذكر انه خلال الانتفاضة الثانية حذر بوش، رغم الصداقة التي تجمعهما، كما حذر ادارته من مغبة القيام بأي محاولة للضغط على ارييل شارون لحمله على سحب القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية.
وتجدر الاشارة الى ان الانتصار الخاطف الذي حققته اسرائيل في حرب الستة أيام عام 1967، واحتلال مدينة القدس، اشاعا نشوة عظيمة بين معتنقي افكار داربي. وقد كتب نيلسون بيل، صاحب صحيفة كريستيانيتي توداي Ghristianuty Today، وهو المبشر الديني الشهير بيلي غراهام، يقول: «ها هي عودة القدس الى اليهود للمرة الأولى منذ أكثر من الفي عام تثير في دارس الانجيل قشعريرة، وتؤكد من جديد صحة الانجيل وصدقه».
تحالف غامض
انعقد هذا التحالف الغامض بين اسرائيل والمسيحيين المحافظين في عام 1977، حين وصل مناحيم بيغن والليكود الى الحكم للمرة الأولى. وكان بيغن يريد التصدي بأي ثمن لمبادرات الرئيس جيمي كارتر الرامية الى اطلاق مفاوضات من أجل الاعتراف بحق الفلسطينيين في اقامة وطن. وسعى الليكود جاهداً الى استمالة العناصر الاصولية داخل تيار المحافظين المسيحيين المتطرفين المؤيدين للتعنت الاسرائيلي. وهكذا خسر كارتر قاعدة انتخابية مهمة.
وقد اشترى هؤلاء صفحات كاملة في أهم الصحف الاميركية ليكتبوا فيها: «آن الأوان بالنسبة إلى المسيحيين الانجيليين ليؤكدوا اعتقادهم بنبوءة الكتاب المقدس، وحق اسرائيل الإلهي في أرضها. واننا لنؤكد كإنجيليين إيماننا بالأرض التي وعد بها الشعب اليهودي.. وكنا ننظر بكثير من القلق إلى كل الجهود الرامية الى اقتطاع جزء من الوطن اليهودي لأمة أخرى أو كيان سياسي آخر.
شارون نجم الروك
كان التفاف المسيحيين الصهيونيين المكثف حول رونالد ريغن في عام 1980 احد أسباب الهزيمة التي مني بها جيمي كارتر. وفي يونيو 1981 اتصل مناحيم بيغن هاتفياً بجيري فالويل، حتى قبل الاتصال بالرئيس الاميركي، وذلك مباشرة بعد قيامه بتدمير محطة اوزيراك النووية في العراق. وحين قررت حكومة بيغن عام 1982 اجتياح لبنان، ذهب صانع هذه المبادرة الرئيسي، ارييل شارون، وكان وزيراً للدفاع آنذاك، الى الولايات المتحدة للتأكد من مدى دعم المسيحيين المحافظين لها.
وحظي شارون لدى مثوله أمام المسيحيين الصهاينة بتصفيقات وهتافات «يخص بها عادة حسب أحد الشهود نجوم موسيقى الروك». ويذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يتبوأ مكانة خاصة، إذ يعتبر في نظر بعض المتطرفين، الرجل الذي اختاره الله لانجاز نبوءات آخر الزمان. وهو يعرف في زعمهم من مساره حيث ملك السلطة ثم اهتزت صورته لدوره المفترض في مذابح صبرا وشاتيلا. كما يستندون الى نص ورد في الانجيل يقول «يسقط الرجل العادل سبع مرات ثم يقوم منها».
ويستند دعم اسرائيل لأسباب دينية الى تفسير حرفي للتوراة. إذ يؤكد المسيحيون الصهاينة انهم بدعمهم برنامج اسرائيل الكبرى الذي دافع عنه بيغن وحزب الليكود، لا يفعلون سوى تلبية نداء الرب، مثلما ورد في العهد القديم.
(...) وقد صرح زعيم التحالف المسيحي السابق رالف ريد بالقول: «ليس هناك دليل اكبر على بسط الرب سلطانه على العالم اليوم من بقاء اليهود، ووجود اسرائيل، وهذه الحقيقة تفسر في جزء منها سر تشبث المسيحيين وغيرهم من المحافظين المؤمنين بدعم اسرائيل».
أزمة الشرق الأوسط في الإنجيل
وعن هذا التحالف الغامض، كتب كل من كين سيلفر ستين ومايكل شيرر في ماذر جونز mother jones: «يعمل المسيحيون على دعم اسرائيل فقط لايمانهم ان ذلك يؤدي الى انتصار المسيحية في نهاية المطاف، وازمة الشرق الاوسط بالنسبة إليهم تنبأ بها كتاب الانجيل».
(...) ويؤكد الحليف الاكبر لليكود والقادة الاسرائيليين ان المسيح الدجال قد ظهر وانه «يهودي وذكر» ويعتبر القس تشاك ماسلر معتقل او شويتز النازي «مجرد تمهيد لارمجيدون المقبلة» لكن التحالف بين ادارة بوش والحكومة الحالية في اسرائيل لا يستطيع ان يخفي الجانب المقلق في طروحات داربي التي يرددها المسيحيون المتطرفون، ومفادها انه في نهاية هذه المعركة النهائية بين الخير والشر سيتحول كثير من اليهود الى الدين المسيحي، اما الكافرون من بقية اليهود والمسلمين فسيكون مصيرهم الهلاك والموت، وسيقود المسيح الصالحين بعد ذلك الى الجنة.
إغاثة روحية
كانت صحيفة لوموند قد ذكرت في احدى مقالاتها ان المبشرين الدينيين الاميركان كانوا يرابطون خلال الحرب عند ابواب العراق «استعدادا لتقديم الاغاثة» المادية والروحية الى السكان بعد تحريرهم من صدام حسين، وكانت «هناك فرق تابعة لكل من المؤتمر المعمداني لمنطقة الجنوب وجمعية سامارتيان بورس الانسانية (يرأسها فرانكلين غراهام ابن المبشر الانجيلي الشهير بيلي غراهام) ترابط على الحدود الاردنية»، ويذكر ان فرانكلين غراهام هذا هو الذي كان له شرف «مباركة» حفل تنصيب جورج دبليو بوش في يناير 2001، ويتلقى دائما دعوات لزيارة البيت الابيض ونقل عنه كلام لاذع عن الاسلام اذ قال: «ان إله المسلمين ليس هو نفسه إله المسيحيين، انه إله مختلف واعتقد ان ديانتهم ديانة عدائية وشريرة جدا».
ليست قوى اليمين المسيحي الاميركي المتطرف وحدها فاعلة في ادارة بوش فثمة عناصر في الفريق الرئاسي كانت من اشد المتحمسين لعملية «الحرية العراقية» وتتبنى طروحات مشابهة لطروحات الاصوليين، لكنها تختلف معهم في الافكار والرؤية، وهي عناصر يهودية مقربة من حزب الليكود الاسرائيلي ومؤيدة لاتباع «اسلوب صارم» في التعامل مع المسألة الفلسطينية.
وقد اصبح هؤلاء، منذ وصول جورج دبليو بوش إلى السلطة، وتحديدا منذ تاريخ 11 سبتمبر، مقربين جدا من القائد العام لأهم جيش في العالم، وباتت توصياتهم وطروحاتهم تلقى آذانا صاغية لديه، وهم الذين يقفون وراء السياسة الخارجية الجديدة لواشنطن.
لكن العلاقات التي تربطهم باسرائيل، وبفئة من الطبقة السياسية الاميركية تطرح تساؤلات كبيرة حول مدى اخلاقيات نشاطاتهم وشرعيتها.
ويعتبر دوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع خير مثال لهذه العلاقة الوثيقة بين الادارة الحالية واليمين الاسرائيلي.
فهو مقرب جدا من المنظمة الصهيونية الاميركية، حيث يلقي محاضرات عدة.
وكان فيث قبل عمله في ادارة بوش يدير مكتب محاماة يملك فروعا خارجية في اسرائيل دون غيرها، وكان يمثل «صاحب شركة لصنع الاسلحة اسرائيليا».
ويتمتع فيث بخصوصية تميزه عن البقية من أمثاله وتتمثل في كونه المسؤول الاميركي الوحيد الذي يملك سندات خزينة اسرائيلية، وهو استثمار لا يستحق الذكر الى جانب ثروته التي تتجاوز 27 مليون دولار لكن وكيل وزارة الدفاع ليس الوحيد بين الصقور الذي عمل مع اصحاب شركات الاسلحة الاسرائيليين، فريتشارد بيرل الذي يصنف اليوم ضمن المحافظين الجدد، سبق ان عمل لمصلحة شركة soltam التي تصنع قطع المدفعية وقذائف الهاون، ويعد بيرل الأكثر نفوذا بين «الصقور» الى جانب بول وولفويتز، وكان يدير مجلس سياسة الدفاع التابع للبنتاغون قبل ان يقدم استقالته على اثر اتهامه بالتورط في فضائح مالية، لكنه احتفظ بعضويته في المجلس.
وفيما يفضل بيرل العمل في الظل والابتعاد عن الاضواء حتى لقب في عهد ريغن، بـ «أمير الظلمات»، يحب بول وولفويتز الظهور واحتلال موقع الصدارة في وزارة الدفاع الاميركية، لكن الدروب التي سلكاها تقاطعت اكثر من مر