إسرائيل تعترف بصدق نصر الله: اختـراق "حزب الله" لبـث طائرات التجسس أدى إلى نجاح "فـخ العباس" في أنصارية الخميس أكتوبر 28 2010
طائرة تجسس بلا طيار
تل ابيب -
- اعترفت إسرائيل رسمياً، وللمرة الأولى، امس، بأن "فخ العباس" الذي نصبه"حزب الله" لوحدة الكوماندوس البحري الإسرائيلية في محيط أنصارية العام1997 كان بسبب نجاح "حزب الله" في استقبال بث طائرات التجسس الإسرائيليةوتحليلها. وجاء هذا الاعتراف بعد حوالى شهرين على المؤتمر الصحافي الذيعقده الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله حول وجوب التدقيقبفرضية أن إسرائيل اغتالت الشهيد رفيق الحريري، وكشف فيه عن بعض معطيات"فخ العباس" في أنصارية. وقد عرض السيد نصر الله حينها صوراً التقطها "حزبالله" لبث طائرات التجسس الإسرائيلية وهي تراقب بيت الشهيد الحريري فيصيدا ومواكبه في أكثر من منطقة، بينها مسرح اغتياله في بيروت.
وأكد المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي للقناة الثانية في التلفزيون ما سبقوانفردت بنشره صحيفة "يديعوت أحرونوت" من أن الصور التي عرضها نصر الله فيمؤتمره الصحافي في آب الماضي كانت صوراً حقيقية وأن "حزب الله" استقبلهاإبان بثها. وأشار التلفزيون إلى أن هذه الصور كانت تلتقط في الوقت نفسه فيغرفتي العمليات التابعتين للجيش الإسرائيلي ولـ"حزب الله". وأقر التلفزيونبأن هذه ليست فقط ضربة أمنية وإنما هي أيضاً ضربة معنوية للجيش الإسرائيليولقدراته.
وقد خرجت "يديعوت أحرونوت" يوم أمس بالعنوان الرئيسي التالي "سر الشييطتتسرب للعدو". وأرفقت ذلك بعناوين فرعية: "الجيش الإسرائيلي يؤكد: كارثةالشييطت نجمت عن التقاط حزب الله لبث طائرة تجسس إسرائيلية" و"نصر اللهتشدق لكنه كان على حق: تلك كانت صور الطائرة الإسرائيلية" و"حزب اللهالتقط صوراً من طائرة تجسس إسرائيلية قبيل عملية الجيش الإسرائيلي وعرفبالضبط أين سيمر مقاتلو وحدة النخبة" و"هكذا نصب شرك الموت الذي لقي فيه12 جندياً من الكوماندوس البحري مصرعهم".
وأشار المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان إلى أن الفحوصالتي أجراها خبراء إسرائيليون أظهرت أن الصور التي التقطتها طائرات تجسسإسرائيلية، والتي عرضها السيد حسن نصر الله في آب الماضي، وتوثق حركةالكوماندوس البحري في أنصارية عام 1997 كانت صوراً أصلية. وتظهر الصورالتي التقطت قبل وأثناء وقوع ما دأبت إسرائيل على تسميتها "كارثة الشييطت"التي قتل فيها 12 من
جنود الكوماندوس البحري وقائدهم العقيد يوسي كوركين أن "حزب الله" كان علىاطلاع على الحركة الإسرائيلية مما مكنه من نصب كمين قاتل للجنود.
وأكدت "يديعوت" أن طاقماً من الخبراء الإسرائيليين عمد إلى تحليل الصورالتي عرضها نصر الله في مؤتمره الصحافي مع الصور الأصلية في أرشيفالعمليات وتوصل إلى استنتاج بأن نصر الله نطق حقاً وأن هذه صور "تسربت"فعلاً من طائرات التجسس الإسرائيلية إلى "حزب الله". وأشارت إلى أن معنى
الاستخبارات الاسرائيلية تعترف انه لم يكن لديها معلومات دقيقة حول قدرات "حزب الله" التكنولوجية
ذلكهو أن "كارثة الشييطت" وقعت فعلاً نتيجة تسرب معلومات سرية وصلت إلىالحزب. وقالت إن هذا يناقض استنتاج اللجنة التي ترأسها الجنرال غابي أوفيروالتي حققت في هذه القضية وقررت أن الكمين كان صدفة، وأنه واحد من كمائنينصبها "حزب الله" في مواضع مختلفة في الجنوب اللبناني.
وكان الجنرال أوفير نفسه قد أنكر أن يكون كلام السيد نصر الله في المؤتمرالصحافي في آب الماضي صحيحاً، وقال: "لقد فحصت مسألة صور الطائرات وتوصلتإلى استنتاج بأنه لم يكن هناك تسريب مكن حزب الله من الاستعداد لهذهالعملية". وشدد المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت" على أن فحص الصور التيعرضها نصر الله تظهر أن قسماً من بث الطائرات التي كانت في الأجواء آنذاكلم يكن مشفراً. ولذلك يمكن الافتراض أن هذه لم تكن الحالة الوحيدة التيتسربت فيها معلومات عن نشاطات الجيش الإسرائيلي جراء هذه الثغرةالتكنولوجية. وبعد هذا الحادث بدأ الجيش الاسرائيلي باستخدام البث المشفرفقط وهذا ما اعترف به حسن نصرالله ايضا في خطابه.
ولا يقل أهمية عن ذلك أن الخبراء الاسرائيليين استخلصوا أيضاً أنالاستخبارات الإسرائيلية لم تكن تملك صورة واضحة عن القدرات التكنولوجيةلـ"حزب الله". وأن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لم تدرك مدى التغلغلالإيراني في "حزب الله"، وهو ما كان سراً آنذاك. ويظهر أن القدراتالتكنولوجية التي قدمها الإيرانيون لـ"حزب الله" في منتصف التسعينياتمكنته ليس فقط من التقاط بث طائرات التجسس الإسرائيلية فحسب وإنما أيضاًتحليلها بغية تكوين صورة استخباراتية سمحت لهم بالاستعداد لمواجهة النشاطالعسكري الإسرائيلي في منطقة أنصارية.
واعتبرت الصحيفة أن الاستهانة بقدرات العدو ظلت باقية وظهرت في قضيةاغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي في مطلع العام الجاري. فقد أذهلالاستخبارات الغربية الانكشاف أمام الكاميرات الأمنية وعدم إدراك الطواقمالإسرائيلية لقدرات شرطة دبي على تحليل الصور واستخلاص النتائج منها حولالقتلة.
وأوضحت "يديعوت" أن بين اللجان التي شكلت في أعقاب كمين أنصارية لجنةاستخبارية ترأسها العميد غادي زوهر. وقد فحصت اللجنة احتمال تسريب معلوماتقبل انطلاق الكوماندوس البحري في مهمته في الرابع من أيلول 1997 وقبل حدوثالكارثة. وقالت اللجنة أن هناك "شكاً معقولاً" بأن تكون معلومات تسربت منبث طائرات التجسس ولكن ليس بالوسع الجزم بأن هذا كان سبب نصب "حزب الله"للكمين بالضبط في الطريق التي سيسلكها جنود الكوماندوس البحري.
وقد أكد المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أنه في أعقاب عرض نصر الله للصورتشكل فريق لإعادة فحص الأمر. وأشار إلى أنه "عندما ينتهي الفحص وتقدمالتوصيات، فإنها ستعرض على رئيس الأركان، وإذا صادق عليها ستقدم أولاًلعائلات القتلى ثم لوسائل الإعلام". واعتبر أنه ليس مسؤولاً ولا أخلاقياًالتطرق لفحص اللجنة في هذه المرحلة.
ويفترض خبراء إسرائيليون أن هذا لم يكن الحادث الوحيد، لأنه في ذلك الحينلم تكن لوحدات النخبة وبينها الكوماندوس البحري إمكانية للتعامل مع بثمشفر من طائرات التجسس. ويقول هؤلاء أن الوحدة الوحيدة التي كانت تمتلكهذا الامتياز هي "سييرت متكال" التي كانت تتبع بشكل مباشر سلاحالاستخبارات. ويشير خبراء آخرون إلى أن إسرائيل ورغم كل نجاحات "حزب الله"العملانية في الجنوب اللبناني لم تعتبره عدواً خطراً إلا عام