الشراك الخداعية
1. تعريف الشرك الخداعي
أ. هو عبوة (حشوة) من المفرقعات، أو لغم يُجَهّز، باستخدام كافة طرق الإخفاء والمكر والخداع والابتكار والإغراء، ولا يبدو في ظاهره الضرر، ويصمم أحياناً في صورة مبهرة، ولافتة، لإغراء الضحية، وبذلك يحقق الغرض الذي يجهز من أجله، من دون اكتشافه.
ب. وفي إطار هذا التعريف، تدخل ضمن الشراك الخداعية جميع الأنواع المتفجرة المبتكرة، والتي تصمم بهدف القتل أو الإصابة على غير توقع، مثل تفخيخ سيارات الركوب، والمعدات والأجهزة التي يستعملها الأشخاص.
ويتم تفجير الشرك الخداعي، إما تلقائياً عند ملامسته، أو الضغط عليه، أو العبث به، أو يفجر بعد فترة من الوقت في حالة تزويده بمفجر زمني، أو يفجر بالتحكم فيه من بعد في حالة تزويده بمفجر به وسيلة استشعار. ج. ويتضح من ذلك أن الشراك الخداعية تعد من وسائل الغدر والخداع، ولها تأثير كبير في الأشخاص غير الحذرين، الذين يوجدون في المنطقة المجهزة بالشراك الخداعية، أو يلمسونها ويعبثون بها.
2. أنواع الشراك الخداعية
عديدة في صورها، ويصعب حصرها، ودوماً يبتكر جديد من أشكالها. ويمكن تلخيص أنواعها في الآتي:
أ. طبقاً للغرض من الاستخدام
(1) شراك خداعية مضادة للأفراد.
تشبه إلى حد كبير الألغام المضادة للأفراد، وتحتوي على عبوة صغيرة من المفرقعات تنفجر بمفجر عادي، أو مفجر مبتكر، أو مفجر زمني.
"ومن أمثلتها، استخدام قنابل يدوية مخفاه، بطريقة معينة، ومتصلة بسلك إعثار. تجهيز أدوات وأجهزة يستعملها الإنسان، تنفجر عند محاولة تشغيلها[2]، وتُعد الألغام المضادة للأفراد، الوثابة "القاذفة"، شكلاً من أشكال الشراك الخداعية.
(2) شراك خداعية ضد المركبات والدبابات
هي في حقيقتها ألغام مضادة للعربات أو الدبابات، ومن أمثلتها، تلغيم المركبة وتوصيل المفجر بمفتاح تشغيل الموتور، بحيث تنفجر السيارة بمجرد إدارة المفتاح. وقد تُلَغّم المركبة، ويُسيطر على تفجيرها من بعد، أو تُجهز عبوة متفجرة في مكان بالقرب من خط سير مركبة[3]، ويجرى تفجيرها، عند مرور المركبة المستهدفة بجوارها.
وعادة ما تزود الموانع بشراك خداعية، لتأمينها ضد محاولات إزالتها، وفتح ثغرات بها. وأحياناً، تزود الألغام المضادة للدبابات، بشراك خداعية، تنفجر عند محاولة رفع اللغم.
ب. طبقاً لتصنيعها
(1) شراك خداعية سابقة الصنع
وهي التي تجهز مكوناتها، وتُجَمَّع، وتُخرج في صورتها النهائية في المصانع، وتوضع في أماكن ظاهرة، وتغري من يراها بالحصول عليها والعبث فيها، لتنفجر وتصيب الشخص، الذي أوقعه سوء حظه فيها.
ومن أمثلتها الأقلام المفخخة، وأي أدوات يستعملها الأشخاص.
ولا شك أن عمر الشرك الخداعي سابق الصنع قصير، ويستخدم لمرة واحدة، ولا يتكرر استعماله، نظراً لاكتشاف أمره عند استخدامه للمرة الأولى.
(2) الشراك الخداعية المبتكرة
وهي التي تُجهز مكوناتها، وتُجمع، وتُخرج في صورتها النهائية، بطريقة مبتكرة، تختلف عن سابقاتها، وتتفق مع الغرض الذي جهزت من أجله. وعادة ما يكون نجاحها معتمداً إلى حدٍّ بعيد على الذكاء في ابتكارها، ودقة تجميعها، وجودة إخفائها، واختيار أنسب الأماكن لوضعها، لتحدث أكبر خسائر ممكنة.
3. المكونات الرئيسية للشرك الخداعي
أ. عبوة (حشوة) من المفرقعات
وهي المادة المتفجرة، والتي يجهز منها الشرك الخداعي، ويختلف وزنها حسب نوع الشرك، والغرض منه.
ب. الغلاف الخارجي للشرك
والذي يحتوي على المادة المتفجرة، وتتعدد صور الغلاف الخارجي طبقاً لابتكار المصمم.
ج. المفجر
هو وسيلة تفجير الشرك الخداعي، وعندما تبدأ حركته الميكانيكية، يؤدي إلى تفجير العبوة المتفجرة، وبالتالي تفجير الشرك الخداعي.
وهو يعمل إمّا بالضغط عليه، أو عند رفع الثقل الضاغط عليه، أو بنزع فتيل الأمان، أو عند الاصطدام بزوائد الإحساس في مفجر الاعثار، أو يفجر تلقائياً بعد فترة من الوقت، إذا كان مفجر زمني، أو يسيطر على تفجيره من بعد، إذا كان مفجراً إلكترونياً.
4. مبادئ استخدام الشراك الخداعية
أ. الخداع
ينبغي ألاّ يظهر على الشرك أي شيء ضار، بل على العكس، يجب أن يجذب الأشخاص على الاتجاه نحوه ورفعه، والعبث به أو استخدامه.
ب. تنشر الشراك الخداعية، في المناطق المطروقة، والمأهولة بالأشخاص، أو التي سيتحتم وجود أشخاص بها.
ج. تكثيف الشراك الخداعية
توضع منها أعداد كبيرة، وفي مناطق متعددة، مع مراعاة إخفاءها جيداً.
د. الخداع المزدوج
ويتحقق ذلك، بوضع وسيلة في الشرك، لتفجيره عند اكتشافه، ومحاولة تأمينه.
هـ. تجهز الشراك الخداعية، وتوضع في الأماكن الصعبة، والتي لا يتصور أن يوضع بها شراك، "مثل قطع الأثاث، أو بوابات المباني، والمنشآت، أو في حقول الألغام، وكذا في الأماكن التي تتصف بالنشاط الروتيني اليومي، مثل فتح الشبابيك، أو قفلها، أو استخدام التليفون، والمفاتيح الكهربائية.
و. تجهز الشراك، وتزود بها الأشياء التي تستهوي الأشخاص، وتثير حب الاستطلاع، مثل الهدايا التذكارية، الطرود البريدية، آلات الموسيقى، عبوات الأطعمة … إلخ.
ز. قد يزود الشرك الخداعي بأكثر من وسيلة تفجير، حتى إذا فشل أحدهما في تفجيره، تفجره الوسيلة الأخرى.
ح. تستخدم الشراك الخداعية بصور متعددة، في المنطقة الواحدة.
5. استخدام الشراك الخداعية في العمليات الحربية
أ. في الهجوم
(1) تستخدم بواسطة الدوريات بعيدة المدى، التي تعمل خلف خطوط العدو، وتقوم هذه الدوريات بتجهيز منشآت العدو، وأهدافه الحيوية، للتدمير باستخدام الشراك الخداعية.
(2) كما تنشر في عمق دفاعات العدو، وعلى محاور التحرك، لعرقلة إمدادات القوات المدافعة.
(3) تنشر في المناطق المحتمل تحرك العدو منها، لتنفيذ هجماته المضادة، لإعادة الوضع الدفاعي إلى ما كان عليه.
(4) كما يجب توقع نشر العدو لشراك خداعية، في المواقع التي ينسحب منها.
ب. في الدفاع
تستخدم عادة في حقول الألغام، وفي موانع الأسلاك الشائكة، لإعاقة العدو، عند محاولته فتح ثغرات فيها.
6. الكشف عن الشراك الخداعية
أ. يجب توقع وجود الشراك الخداعية في كافة المواقع، والأهداف، والمنشآت، التي انسحب العدو منها. لذا يجب تدريب الأفراد، وتوعيتهم، وتعريفهم بكل الوسائل، التي يمكن للعدو إتباعها في نشر شراكه الخداعية.
ب. عادة يقوم العدو قبل انسحابه، بنشر الشراك الخداعية في أهم الأماكن والأكثر نفعاً واستخداماً للقوات المهاجمة، وهي:
(1) المباني المهمة والمناطق المحيطة بها، وأبوابها، وشبابيكها، وأثاثها، وأفرانها، ودورات المياه والتليفونات، وأجهزة الراديو والتليفزيون، وغير ذلك مما يوجد في المبنى.
(2) نقط المياه والآبار، إن وجدت، والملبوسات وعلب الأكل المتروكة، وكذا المعدات، والمركبات العاطلة.
(3) الطرق، والسكك الحديدية.
(4) الغابات، والأشجار، والأنفاق، وملاجئ الأفراد.
(5) المرافق المهمة، مثل محطات توليد القوى والكباري… إلخ.
ج. الظواهر التي تبعث على الشك في وجود شراك خداعية
(1) ترك العدو لمعدات، ومهمات، وتعيينات، وزمازم، كان في إمكانه تحميلها ونقلها مع قواته المنسحبة.
(2) ترك العدو صناديق ذخائر، وعبوات ومفرقعات سليمة.
(3) وجود آثار لعمليات إخفاء وتمويه.
(4) وجود أوتاد، ومسامير، وأسلاك، وحبال، في مكان غير طبيعي، يغري أي شخص على نزعها.
(5) وجود أجسام، وأشياء في غير أماكنها.
(6) آثار أقدام أو عجلات غير منتظمة على المدقات، بدون سبب ظاهر أو واضح.
تنتشر الألغام في عدد كبير من دول العالم وتصنف هذه الدول إلى ثلاث مجموعات كالآتي:
Country/Territories
Total Mines
Total Area Contaminated
Afghanistan
10,000,000
780 sq km
Angola
15.000,000
Austria
Azerbaijan
100,000
Belarus
Belgium
Bosnia and Herzegovina
3,000,000
Burundi
Cambodia
6,000,000
Chad
70,000
China
10,000,000
Colombia
1,500
Costa Rica
Croatia
3,000,000
Cyprus
16,942
Czech Republic
Denmark
9,900
Djibouti
Ecuador
60,000
Egypt
23,000,000
El Salvador
10,000
Eritrea
1,000,000
Ethiopia
500,000
Falklands Islands (Malvinas)
25,000
Georgia
150,000
Germany
Guatemala
1,500
Honduras
35,000
India
Iran, Islamic Republic of
16,000,000
Iraq
10,000,000
Jammu and Kashmir
Jordan
Korea, Republic of
206,193
Kuwait
Lao People's Democratic Republic
Latvia
17,000
Lebanon
8,795
Liberia
18,250
Libyan Arab Jamahiriya
Luxembourg
Mauritania
Mozambique
3,000,000
Myanmar
Namibia
50,000
Netherlands
Nicaragua
108,297
Oman
Peru
Russian Federation
Rwanda
250,000
Senegal
Slovenia
Somalia
1,000,000
Sri Lanka
Sudan
1,000,000
Syrian Arab Republic
Tajikistan
Thailand
Tunisia
Turkey
Uganda
Ukraine
1,000,000
Viet Nam
3,500,000
Western Sahara
Yemen
100,000
Yugoslavia 500,000
Zaire
Zimbabwe
مكافحة الالغام..من المعروف جدا ان الالغام الارضية ليست شيئا يصنع على عجالة والامر ذاته ينسحب على التكنولوجيا الحديثة التي يمكن ان تستخدم لايجاد تلك الالغام وابطال مفعولها.
ورغم كثرة الوعود بتطور وتقدم التكنولوجيا، الا ان الناس الذين يعملون في مجال البحث عن الالغام الارضية وابطال مفعولها لا يزالون يستخدمون تكنولوجيا لم تتغير - بصورة كبيرة - منذ الحرب العالمية الثانية!!
كما ان العديد من هؤلاء يقولون انه بالنظر الى درجة مخاطر هذا العمل فان تعقيداته تزداد بسبب استخدام تكنولوجيا قديمة تعتمد استخدام عصا تحسس خاصة تختبر الارض لتكشف - اذا استطاعت - عن وجود الالغام.
في هذا السياق يعلق السيد نويل مولينور الذي يشغل منصب منسق تكنولوجي في مكتب مكافحة الالغام الارضية في الامم المتحدة قائلا.. اننا بحاجة لان نعرف المزيد عن عمل هذه الالغام اكثر من حاجتنا للتكنولوجيا الحديثة..
واضاف .. ان التكنولوجيا الحديثة لن تتمكن من اختراق هذا الميدان بالسرعة الكافية واننا بحاجة الى اكثر مما هو مجرد ادوات ومعدات بسيطة.
مشكلة خطيرةتعد الالغام الارضية مشكلة خطيرة بالنسبة للعديد من الدول التي خرجت من صراعات وحروب، مثل البوسنة، الى بقاع لاتزال تواجه الاضطرابات مثل افغانستان وسريلانكا. يضاف الى ذلك اعداد كبيرة من القنابل اليدوية وقذائف الهاون والمدفعية غير المنفلقة التي تظل محتفظة بقدرتها المميتة في حال بقيت او تركت في ارض المعركة حتى لو دام ذلك لسنوات طويلة بعد وقف اطلاق النار. اما الخسائر البشرية فتقدر بعشرات الالاف من الابرياء الذين يتعرضون لها سنويا حسب الاحصاءات المعتمدة؟
وعبر السنوات الطوال، لم تكن هنالك شحة في ابتكار الافكار الذكية من اجل ايجاد الالغام والقضاء عليها مثل تدريب النحل والفئران على تمييز رائحة المواد المتفجرة وحتى استخدام تكنولوجيا الليزر من اجل تفجير تلك الالغام والمواد الاخرى القابلة للانفجار. لكن المشكلة تكمن في ان تلك الالغام التي تقع على عمق كبير لن يكون من السهل ابدا اكتشاف وجودها او انها تكلف كثيرا سواء ماديا او بشريا من اجل القضاء عليها.
اما اكبر صور التقدم الواعد المسجلة في هذا المجال والتي دخلت للتو حيز العمل فتتمثل في التنوع في تكنولوجيا كشف المعادن المتعددة فضلا عن انظمة حساسة لرادارات كشف واختراق متعددة التحسس تسمى اصطلاحا HSTAMID. وقد دخلت هذه التقنية حيز الاستخدام من قبل القوات العسكرية الاميركية لاكثر من عامين مضت في اراضي العراق وافغانستان فضلا عن نسخة جديدة من هذه التقنية لاتزال في طور التجريب لكي يتم استخدامها من قبل مدنيين.
فضلا عن ذلك، فان هنالك صورا اخرى للتكنولوجيا المتقدمة بدأت تشق طريقها في هذا الميدان مثل استخدام لواقط الاقمار الاصطناعية عبر شبكة الانترنيت والاعتماد على مواقع خاصة في الشبكة مثل موقع EARTH GOOGLE التي بدات تصبح اكثر فائدة في مجال الاستخدام البشري في مكافحة الالغام.
ان هذه التقنيات يمكن ان تكون ذات فائدة، خاصة بالنسبة للمناطق النائية المستهدفة ضمن جهود المدنيين والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على ازالة الالغام الارضية من مواقع القتال السابقة.
ان الهدف هنا ليس عسكريا بطبيعة الحال بالمقارنة مع متطلبات حركة جيش عسكري يحاول التنقل من نقطة الى اخرى عبر مواقع دفاعية في مواجهة نيران قوة العدو المواجهة.
وعوضا عن ذلك فان هذا العمل يمثل جهدا على المستويين المحلي والعالمي بهدف اعادة المجتمعات الى الحياة الطبيعية مرة اخرى بطريقة تسمح للمدنيين بالتنقل يوميا والذهاب الى اعمالهم والحصول على الخدمات والسلع فضلا عن السماح للاطفال باللعب بحرية وبلا خوف.
في هذا الساق يعلق السيد آل كاروثر الذي يشغل منصب ضابط تكنولوجي في مركز جنيف الدولي لمواجهة المخاطر التي تهدد البشرية قائلا .. ان الامر لا يتطلب عددا كبيرا من الالغام الارضية لاجبار الناس على ترك استخدام الطرق والابتعاد عنها.
احصاء التكاليفان من الصعب احصاء اعداد الضحايا او اقيام الخسائر. وربما يكون الاحصاء الافضل فيما يخص قضية الالغام الارضية ما اوردته اللجنة الدولية لحظر استخدام الالغام الارضية التي تؤكد في تقاريرها اصابة ما يتراوح بين 15000 الى 20000 اصابة جديدة كل عام حيث ورد في التقرير الخاص بالفترة 2004 - 2005 الاصابات شملت مدينتين من 58 بلدا في العالم.
ان الامر المقلق لا يخص الخسائر البشرية لوحدها حسب، لاسيما ان الالغام الارضية المضادة للبشر مصممة بالدرجة الاساس لتحقيق اعاقة جسدية اكثر منها لغرض القتل، الامر الذي يؤدي الى خسارة قدم او يد او بعض الاصابات والجروح المستديمة.
وعندما لا يتمكن جهاز الكشف من اعطاء قراءة دقيقة لما هو موجود تحت الارض فان البديل يكون ارسال الكلاب او النحل التي تعد مصادر القراءة والكشف البديل. من جانب اخر فان اعداد الالغام الارضية ليست الا ارقاما خيالية لا يمكن التحقق منها على الاطلاق، حيث ان الاحصاءات العالمية تشير الى ارقام بالملايين !! اما الجانب الايجابي فيبدو ان اعدادا قليلة من تلك الالغام مدفونة بحكمة تحت الارض قياسا بتلك القريبة فعلا من السطح، الا ان المشكلة المتعلقة بتنظيف الارض تظل مستعصية جدا.
وبشكل عام ، فان تلك الدول التي بأمس الحاجة للدعم والمساعدة في مجال مكافحة الالغام هي تلك التي تواجه مشاكل مالية كبيرة حيث تعاني اقتصادياتها النامية من مشاكل واعباء كبيرة بسبب التكاليف الباهظة المتأتية من محاولات التعافي من الحروب. ولان هذه الدول لا تملك الكثير من الاموال لتنفقها، فان هذه الدول بالنتيجة لن تمثل زبائن واعدة لتلك الشركات التي تنتج المعدات المتخصصة بهذا الموضوع مثل المنحسات الكيمياوية والسيارات المدرعة التي تستخدم في عمليات الكشف عن الالغام، وعوضا عن ذلك، فان هذه الشركات تولي جل اهتمامها وتركيزها على المشترين العسكريين وغيرهم من المشترين القادرين على الدفع المالي المربح، الامر الذي يحول انتاج تلك الشركات نحو جماعات غير عسكرية لتستخدمها.
في هذا السياق يعلق السيد مولينور قائلا..
ان هنالك اولوية اكبر واعلى بكثير لهؤلاء الذين يدفعون بسخاء.
فضلا عن ذلك، فان المعدات الخاصة بعمليات تنظيف الالغام يجب ان تكون مصممة بصورة قوية ومتقنة لكي تتمكن من العمل في اسوأ الظروف واصعبها ابتداء من الجبال الصخرية وحتى الغابات والحقول ذات الادغال الكثيفة.
وحسب السيد دينيس بارلو من مركز معلومات الالغام في جامعة جيمس ماديسون فقد علق قائلا.. في الوقت الذي نجد فيه الكثير مما هو واعد بخصوص خيارات التكنولوجيا العالية، فان الجانب الواعد بشكل عام سيكون تزايد احتمالات تحقيق عمليات تنظيف للالغام بطرق تتطلب تكاليف اقل وتكنولوجيا ابسط.
اما في الوقت الراهن، فان الوسيلة التقنية الاكثر شيوعا لايجاد الالغام الارضية تعتمد وسائل وتقنيات كشف المعادن التي يتم تمريرها ببطىء على الارض لتقوم بعمليات التجسس ضمن المنطقة المشكوك بأمرها . بعد ذلك تتم عملية ازالة - ناعمة - للتراب من فوق الارض للبحث عنها. وفيما يخص الكلاب المدربة على المواد المتفجرة فانها عادة ما تستخدم للكشف عن الالغام القريبة من السطح رغم محدودية استخدامها الذي غالبا ما يكون بعد عمليات ازالة الالغام كآلية تاكيد ان الالغام ازيلت من الارض وانتهى خطرها.
وحسب السيد مولينور فان ما يعمل اليوم في عالم الالغام الارضية هو الكثير من اجهزة كشف المعادن.
لكن ما يوجد عموما ليس الغاما او اي انواع اخرى من المتفجرات وحسب.
والسبب في ذلك يعود الى ان اجهزة كشف المعادن تعمل على اطلاق اصوات تحذير تلقائي بمجرد ان تمر بالقرب من مجموعة من المواد المعدنية وعلى سبيل المثال فان تمرير اجهزة الكشف على موقع قتال سابق يمكن ان يؤدي الى اطلاق اصوات الكشف في الجهاز لكن بسبب وجود شظايا معدنية واجزاء وبقايا معدات وقطع عسكرية متروكة او مهملة وفي بعض الحالات قام فلاحون وسكان قرى باستخدام حقول الالغام كمكبات للنفايات الامر الذي يعني وجود مخلفات معدنية ومسامير يمكن ان تستشعرها اجهزة الكشف على انها الغام ارضية.
اما اجهزة كشف المعادن فلا بد لها كذلك من ان تتمتع بقدرة وتنوع يتلائم مع الانواع المختلفة للتربة ودرجة الرطوبة وباقي العوامل الاخرى التي يمكن ان تؤثر في سير عملية الكشف.
من جملة المعدات والادوات التي تساعد على التمييز بين الالغام الارضية وغيرها من المواد الاخرى تلك الاداة التي تسمى(HSTAMIDS ) والتي تعد أداة استخدام يدوية قادرة على كشف الالغام حيث طورها مركز الابحاث الخاص بالجيش الاميركي خلال فترة عقد التسعينات من القرن الماضي.
الاستماع والنظرجهاز ال(HSTAMIDS) يتميز باحتوائه على نظام متحسس ثنائي ويعمل هذا الجهاز الكهرومغناطيسي على التقاط اشارات الصدى المنبعثة من الاجزاء المعدنية في الالغام الارضية وفي الوقت ذاته فان نظام الرادار المتردد بهذا الجهاز وهو نوع (GPR) يقوم بتحليل صورة وشكل الجسم الذي تم تحسس وجوده تحت الارض كما ان البرامجيات المتطورة الخاصة بالجهاز تساعد على التعريف عن ظروف ما موجود تحت الارض.
وفي معظم الوقت يقوم العامل المتخصص بالاستماع الى الاشارات الصادرة عن الاجسام المعدنية ثم ملاحظة اذا ما كان رادار الـ (GPR) قادرا على تمييز واستعادة صورة تطابق هذا الكلام.
اما النتيجة المعدة للاستخدام المدني من هذا النظام فلا تزال قيد التطوير والتقييم من خلال العمل الميداني في دول مثل كمبوديا وتايلند وافغانستان وعلى سبيل المثال ففي كمبوديا التي بدات الاختبارات فيها شهر نيسان الماضي ثبت ان سرعة الكشف التي يتمتع بها جهاز الـ (HSTAMIDS) تقدر بـ 6 اضعاف سرعة اجهزة كشف المعادن حيث يعود ذلك الى حد كبير لقدرة هذا الجهاز المتقدم على التمييز بين الاكوام والالغام حسب ما اكد السيد بوب وهني الذي يعمل مسؤولا في قسم الدفاع الخاص بالعمليات الخاصة والصراعات غير الشديدة.
اما السيد موليتور من الامم المتحدة فيؤكد من جانبه قائلا ان هذا الامر سيساعد الافراد الذين يعملون على ازالة الالغام ليتمكنوا من زيادة سرعة ادائهم لان عملية الكشف المزدوجة تساعد كثيرا على تسريع كشف الالغام وبالتالي التعامل معها ان وجدت.لكن هذه السمة الايجابية تقابلها سمة اخرى تتمثل في ان هذا الجهاز ليس رخيصا ابدا وعلى سبيل المثال فان النسخة العسكرية من الجهاز يكلف انتاجها ما لا يقل عن 17000 دولار للقطعة الواحدة وهذه النسخة تتضمن ميزات لا يحتاجها الافراد الذين يعملون في مجال كشف ومعالجة الالغام مثل خاصية قدرة العمل تحت الماء والعمل ليلا وامكانية ان يتم اطلاق الجهاز من الطائرة بحيث يحتوي مظلة هبوط لينزل بواسطتها على الارض وفي هذا السياق يعلق السيد دوهني قائلا نحن لسنا متاكدين بعد من حقيقة التكلفة الفعلية لاجهزة الكشف هذه واضاف كذلك اننا نعمل من اجل تقليص هذه الكلفة ليكون الجهاز اكثر تداولا.
وبمقارنة بسيطة فان اجهزة كشف المعادن تكلف بالمقابل ما يتراوح بين 2000 الى 5000 دولار فقط!!
يتميز نظام كشف المعادن المستخدم في جهاز (HSTAMIDS بكونه من نوع (Minelab) من فئة F3 الذي تم تطويره اصلا اعتمد استخدامه في البحث عن الذهب والذي يعد واحدا من الاجيال الجديدة الكشف التي تتمتع بالقدرة على اهمال تاثير التربة الكهرومغناطيسية ان هذا النظام نال تقدير الكثيرين ، لكن مثل كل الاجهزة المصممة لاصطياد الالغام والكشف عنها فلابد له ان يمر عبر فترة انتقالية.
وحسب راي المستشار المستقل اندي سميث الذي عمل لصالح الحكومة الاميركية والامم المتحدة ضمن عمليات مكافحة الالغام فقد اكد قائلا ان التحدي الاكبر الذي واجهه هذه المنظومة من نوعF 3 لتكون اكثر فائدة في الكشف عن الالغام تتمثل في جعلها اكثر سهولة في العمل واكثر قدرة على الاستخدام من قبل عاملين يستخدمونها دون خبرة كبيرة.
ان التكنولوجيا تم ابتكارها واثبتت كفاءتها لكن هناك حاجة لكي تتوافق مكونات وميزات المنظومة بشكل واقعي مع طبيعة الحاجة المعدة لاستخدامها.
لكن السيد سميث اطلق تحذيرا بخصوص جهاز الـ(HSTAMIDS) قائلا في حال استخدام الغام صغيرة الحجم مضادة للبشر ومزروعة في بيئة صخرية ذات اشجار وجذور وطبيعة اما رطبة جدا او جافة جدا فان رادار الـGPR يصبح غير ناجح ولا يمكن الاعتماد عليه. ان الشخص الذي يعمل على كشف الالغام ويستند الى قراءات الجهاز في مثل هذه الحالات هو في حقيقته يغامر مغامرة كبيرة، واضاف السيد سميث قائلا :ان من المؤكد ان هذا النظام يعد اسرع عملا ،ما يشكل ميزة مهمة للجندي الذي يتحرك تحت وابل من النيران المقابلة، لكن هذا الامر لا يتم الا بزيادة احتمالات المخاطرة بترك شيء ما ضمن المجهول!!
وحسب الخبير دوهني من قسم الدفاع فقد اعرب عن قناعته ان هؤلاء الذين يعملون على هذا النظام يحصلون على تفاصيل دخول ومعلومات كاملة تخص 15 نوعا من الالغام بما فيها تلك الالغام التي تضم موادا معدنية قليلة سواء تلك المضادة للبشر او الدبابات.
وحسب الخبير دوهني بعد 10 ايام من التدريب يحصل هؤلاء على خبرة علمية ومهنية جيدة جدا وحتى لو صدرت اشارة غامضة من رادار الـ GPR ، تفترض من جانبها تساؤلا ما اذا كان ذلك لغما اما لا فان الاحتمال الذي سوف يتم اعتماده يكون هو وجود احتمال اللغم، ما لا يترك مجالا للاخطاء السلبية.
تحسس الالغام قليلة المعادنان نظام GPR لوحده مصمم لاكتشاف الالغام ذات المعادن القليلة وقد صنعته شركةNiitck واطلقت عليه اسم Minestalker ويعد هذا الجهاز واعدا في عمليات الكشف عن الالغام المطمورة بعمق واكثر قوة وقدرة على ايجاد المعادن من جهاز كشف المعادن وقد تم اختباره في انغولا وناميبيا.
ان عمليات الجس البطيئة والثابتة لا تمثل الوسيلة الوحيدة للتعامل مع حقل الغام معروف او مشكوك فيه ان حقلا من هذا النوع يمكن ان يتم حراثته او تجريفه بواسطة معدات ثقيلة وعلى سبيل المثال فان برامج مكافحة الالغام بما فيها تلك التي تم اعتمادها في كرواتيا استخدمت وسائل خاصة بمكافحة الالغام تعتمد على جرافات مدرعة ذات اذرع قوية وطويلة لتقوم بتحريك التربة من اجل تفجير تلك الالغام لكن هذه التقنية تكلف ما بين 100000 و1500000 دولار.
ورغم كل الجهود والتقنيات المعتمدة بهذه الوسائل فانه لا يمكن ايجاد كل الالغام الارضية عند البحث عنها لاسيما ان الهدف الخاص من وراء هذا العمل يتمثل في تحقيق نسبة الـ 100% بالنسبة للالغام المضادة للبشر اما المعدات والمكائن الكبيرة المصممة لهذا الغرض فهي غير بارعة نسبيا ولا يزال يتطلب تشغيلها من قبل افراد متخصصين لتحقيق عملية بحث نوعية وبحث اعمق وافضل.
وفي سياق متصل يعلق السيد مولتور من مكتب الامم المتحدة لمكافحة الالغام قائلا ان لا احد سعيد الى الان بما تحرزه المكائن من انجازات في عمليات تنظيف الاراضي من الالغام واضاف كذلك ان المكائن الخاصة بهذا الغرض تستخدم بسبب قلة التهديد في المناطق ولم يتم استخدامها في عمليات بحث رئيسية قط الى الان.
في الوقت ذاته فان فرق مكافحة الالغام التي تعمل في الميدان تعمل بجد للحصول على معدات تعمل بنظام الـ GPS فضلا عن الانظمة الخاصة بالمعلومات الجغرافية وانظمة المراقبة والتصوير عبر الاقمار الاصطناعية لمراقبة وتحديد المواقع وتسجيل المعلومات والتفاصيل الخاصة بها.
وحسب السيد سميث الذي قال لقد استخدمت نظامEARTH GOOGLE للاطلاع على صور جوية للمناطق التي تضم الغاما في الصحراء تمت زراعتها مؤخرا حيث بدا واضحا ان بعض تلك الالغام تسببت بحرق سيارات الامر الذي يشدد على استخدام مكائن ثقيلة لتحريك هذه الاكوام الحديدية المحترقة واعتماد خبرات ومهارات جديدة من اجل التعامل مع الذخيرة المدمرة التي يمكن ان تغطي هذه الالغام.
لكن كل هذا الكلام لا يعطي سوى لمحة اجمالية لما يمكن ان يكون موجودا في منطقة ما وهذا بالنتيجة لا يعني بداية التخلص عمليا من الالغام الارضية الامر الذي يعيدنا مرة اخرى الى ضرورة استخدام اجهزة كشف المعادن وجهاز HSTAMIDS.
وهنا يعلق السيد كاروترز قائلا ان الكلمة المفتاح لكل هذا الموضوع تتمثل في الكشف .
وفي عالم مكافحة الالغام والتخلص منها فان الامر يعتمد على ايجادها كشرط اساسي اولا من اجل التعامل معها لاحقا وبدون تحقق الشرط الاول فلن يكون ممكنا فعل شيء واضاف كذلك اعتقد ان لا شيء سيحدث خلال السنوات القادمة سوى تطوير وابتكار اجهزة ومعدات ذات تكنولوجيا ثنائية التحسس وحسب دون اي اقتراحات اخرى في تقديري.وهناك الكثير من الطرق الحديثة لازالة الالغام بأنواع من النباتات حيث توصل الدكتور "محيي الدين سليمان" الباحث بقسم التكنولوجيا الحيوانية والنباتية بالمركز القومي للبحوث إلى ابتكار طريقة لإزالة الألغام بالبكتيريا والتخلص منها باستخدام نباتات مهندسة وراثيا يتغير لونها عند زراعتها فوق الألغام مباشرة.
ويشير الدكتور "محيي الدين" إلى أن التخلص من الألغام بعد تحديد أماكنها يتم عن طريق بكتيريا خاصة أخرى تتغذى على مكونات الألغام (الحديد والبلاستيك) مع إضافة نوعٍ ثانٍ من البكتيريا التي تتغذى على المادة المتفجرة. T.N.T لإبطال مفعولها عبر سلسلة من عمليات التكسير الجزئي، ومن ثم يمكن تنظيف حقول الألغام عبر بكتيريا ثالثة مهجنة تتغذى على بواقي الحديد لتصبح الأرض صالحة للزراعة.
ويقول العلماء إن هذه البكتيريا سيتم إعدادها في المركز القومي للبحوث، وسيتم نقلها إلى مركز بحوث الصحراء لاستكمال الجانب التطبيقي على حين تعد جامعة القاهرة النباتات الصالحة للزراعة هناك.
ويؤكد الدكتور "محيي الدين" أن المشروع يتفادى عيوب الطرق التقليدية في إزالة الألغام، وهو اقتصادي، وأي تكلفة ستكون زهيدة، لأن تكلفة نزع لغم واحد تتكلف 300 دولار بالطرق التقليدية فضلا عن الخسائر البشرية والبيئية والوقت.
وقد نال المشروع موافقة أكاديمية البحث العلمي، وقررت تمويله بمليون جنيه، وسيبدأ المشروع في أغسطس القادم، ومتوقع لنهايته عامان، ويعالج نحو 18 مليون لغم مزروع على مساحة 673 ألف فدان في الصحراء المغاربية.
اتمنى ان يعجبكم الموضوع........