أثبتت خبرة الحروب السابقة وآخرها حرب أكتوبر 1973، وحرب عاصفة الصحراء، أن إحراز النصر لا يمكن تحقيقه إلا بالعمليات الهجومية الحاسمة، والتي تتكون عناصرها من معارك أسلحة مشتركة.
وفي ظل الحروب الحديثة، أصبح من الصعب تحقيق الهدف من العملية الهجومية أو الدفاعية، في عملية واحدة، لأن هزيمة العدو، الذي يتخذ الدفاع في أنساق عميقة، يتطلب تدميره على عدة مهام، وهنا يأتي دور وأهمية الأنساق الثانية والاحتياطيات.
وقد دلت الخبرات المكتسبة من الحروب السابقة، وما يواكبها من تطور سريع، لوسائل الصراع المسلح، وما تتميز به مسارح العمليات، الحاجة إلى العمل على مواجهات واسعة، وأعماق كبيرة. فكان لزاماً على القادة عند التخطيط، للعمليات الهجومية أو الدفاعية، من الاحتفاظ بأنساق ثانية واحتياطيات، لتحقيق المبادأة والسيطرة على زمام الموقف باستمرار. وتُعد الأنساق الثانية والاحتياطيات، سواء في تشكيل العملية الهجومية أو الدفاعية، القوة الضاربة الرئيسية، التي تمكن القائد من حسم نتائج العملية، وإيقاع الهزيمة بالعدو.
ولذا، كان من الأهمية الوضع في الاعتبار، عند التخطيط لكافة أنواع العمليات، أن تكون الأنساق الأولى والثانية/ الاحتياطيات، في حجم ونوع مناسبين، يتفقان مع طبيعة المهمة التي تكلف بها.
يُعد دفع الأنساق الثانية/ الاحتياطيات في الدفاع، من أعمال الدفاع النشط والإيجابي. وفى حالة نجاح الضربة المضادة، فإن قواتها تستغل هذا النجاح في التحول إلى الهجوم، واستمرار التقدم لتحقيق الهدف النهائي من العملية.
ومن الأهمية بمكان أن يتابع القائد الميداني في المعركة، سير العملية الهجومية أو الدفاعية، ليكون على استعداد فكرى لاختيار الوقت والاتجاه الملائمين، لاستخدام الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، بما يجعله يحافظ، دائماً، على المبادأة وتحقيق الحسم في العملية.
ويجب أن يوضع في الاعتبار أن نجاح الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، في تطوير الهجوم في العمـق التعبوي، وأثناء الضربات المضادة، يتوقف ـ إلى حد كبيرـ على نجاح تشكيلات النسق الأول التعبوي/ الإستراتيجي في مهام صد وتدمير العدو في مواجهتهم، وتهيئة أنسب الظروف للأنساق الثانية والاحتياطيات، لشن الضربات، لاستكمال تدمير التشكيلات المعادية.
ويُعد شن الضربات المضادة، نقطة تحول وعمل حاسم لانتزاع المبادأة من القوات المهاجمة وهزيمتهم، وتحقيق الهدف الرئيسي للعملية الدفاعية. ومن هنا يأتي دور الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، كدور ديناميكي رئيسي أثناء إدارة العملية، من خلال توجيه الضربات المضادة القوية، في العمق لهزيمة التجميع الرئيسي لقوات العدو المهاجم، واستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه.
المبحث الأول
استخدام الأنساق والاحتياطيات، في العملية الهجومية
تخطط وتدار العملية الهجومية، بتنسيق أعمال قتال التشكيلات البرية والأسلحة التخصصية والمعاونة، طبقاً لفكرة وخطة واحدة، وتحت سيطرة واحدة، لتحقيق هدف إستراتيجي محدد. وعادة ما يكون الهدف ـ عادة ـ من هذه العملية، هو هزيمة تجميعات العدو في مسرح العمليات الحربية، أو أحد الاتجاهات الإستراتيجية.
أولاً: المستوى التعبوي
1. أسس ومبادئ العملية الهجومية
أ. مفهوم العملية الهجومية
يُعد الهجوم التعبوي أكثر العمليات نشاطاً وإيجابية. ويجري تحضيره وتنفيذه بواسطة التشكيلات البرية، بالتعاون مع القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي، وباقي الأسلحة التخصصية، المساندة للعملية الهجومية، بهدف هزيمة تجميعات العدو المدافعة في مواجهتها، وتدمير قواته البشرية وأسلحته ومعداته، والاستيلاء على مناطق وأهداف حيوية في العمق، وإجبار العدو على عدم الاستمرار في القتال.
ب. تتكون القوة القتالية للتشكيل التعبوي، من تشكيلات ووحدات مقاتلة. وتختلف قوة كل تشكيل تعبوي عن الآخر، تبعاً لقوة العدو القتالية وأعماله المنتظرة، في مواجهة نطاق هجوم الجيش، والمهام المخصصة له، في العملية الهجومية، وطبيعة مسرح العمليات، والموقف الجوي والبحري والإلكتروني، المساند للعملية، وإجراءات التأمين الشامل للقوات، ومدى توفر الاحتياجات الإدارية والفنية للعملية.
ج. معدلات وأبعاد العملية الهجومية للمستوى التعبوي
تتضمن البيانات الفعلية لمتوسط معدل الهجوم اليومي للقوات، خلال مراحل العملية المختلفة، وأثناء تنفيذ المهام القتالية، وعمق العملية ومدتها، واتساع نطاق الهجوم، وعمق المهام القتالية، ومواجهة الاختراق وعمقه، واتجاهات الضربات الرئيسية، والضربات الأخرى، حيث تتوقف هذه البيانات بصفة أساسية على قوة العدو، والهدف من العملية الهجومية، والمهام القتالية المخصصة للتشكيل التعبوي، وقدراته القتالية، وطبيعة مسرح العمليات المنتظر، والدعم النيراني من كافة الوسائل المتيسرة، بصفة عامة.
د. مكونات العملية الهجومية للتشكيل التعبوي
(1) أعمال هجومية بواسطة التشكيلات البرية، ضد تجميعات العدو المدافعة.
(2) القتال ضد احتياطيات العدو، بواسطة القوات الجوية، لمساندة التشكيلات البرية المقاتلة أثناء الهجوم، وذلك بتدمير مراكز الثقل المعادية في العمق التعبوي والإستراتيجي، وكذا أعمال المعاونة، بواسطة القوات البحرية عند القتال بحذاء ساحل، لتدمير تجميعات العدو في هذا الاتجاه.
(3) أعمال خاصة لمعاونة أعمال القتال للقوات في العمق، بواسطة قوات الإبرار الجوي والبحري، للاستيلاء على الأهداف الحيوية، وتدمير مراكز القيادة والسيطرة.
(4) تأمين التشكيلات البرية المقاتلة من الهجمات الجوية، بواسطة قوات الدفاع الجوي.
2. مهام التشكيل التعبوي في العملية الهجومية
نظراً لاتخاذ العدو الدفاع في أنساق عميقة، بالقوات والوسائل النيرانية المختلفة، مما يلزم تنفيذ التشكيلات عدة مهام لتدمير هذا العدو. فيخصص، عادة، للتشكيل التعبوي مهمة مباشرة ومهمة تالية، توزع فيها جهود التشكيلات، لتنفيذ هذه المهام بنجاح.
أ. المهمة المباشرة للتشكيل التعبوي
تتحقق هذه المهمة بهزيمة وتدمير القوات الرئيسية للنسق الأول التعبوي للعدو، والاستيلاء على أهداف ذات أهمية تعبوية. ويتم ذلك ـ عادة ـ بواسطة تشكيلات الأنساق الأولى، للتشكيل التعبوي.
ب. المهمة التالية للتشكيل التعبوي
تتحقق هذه المهمة بتطوير الهجوم في العمق التعبوي المعادي، وتدمير الأنساق الثانية/ الاحتياطيات المعادية، ويتم ذلك بواسطة الأنساق الثانية/ الاحتياطي، للتشكيل التعبوي.
3. تشكيل العملية الهجومية التعبوية
أ. يُحدد أنسب تشكيل للعملية الهجومية، أثناء التخطيط للمعركة، وفي مرحلة تقدير الموقف، أثناء إعداد القادة والرؤساء لتقاريرهم، حيث يقوم القائد بدراسة تفصيلية لموقف العدو، وإمكانيات وقدرات قواته، والدراسة الطبوغرافية للأرض، وعوامل أخرى متعددة، حين يصل، في النهاية، إلى أنسب تشكيل للعملية الهجومية.
ب. يكون تجميع قوات ووسائل الجيش، في توافق مع فكرة العملية، لتحقق أفضل استخدام فعال لهذا التجميع يؤدي إلى هزيمة العدو وتدميره، والنجاح في إنجاز المهام القتالية. إضافة إلى أن التشكيل التعبوي، يجب أن يحقق الاستعداد الدائم لتنفيذ الأعمال القتالية النشطة.
ج. يعتمد حجم وعدد الأنساق للتشكيل التعبوي، على هدف وفكرة العملية وعمقها، وسعة الاتجاه التعبوي، الذي تدار فيه العملية، وقوة العدو، وطبيعة دفاعاته. فتشكيل نسقين يُستخدم عندما تكون دفاعات العدو منظمة في أنساق عميقة، وجيدة التجهيز من الناحية الهندسية؛ بينما يتخذ تشكيل العملية في ثلاثة أنساق، عند اختراق دفاعات منطقة معادية جيدة التحصين، أو أثناء الهجوم في المناطق الجبلية.
أما تشكيل النسق الأول واحتياط، فيتخذ عند الهجوم على دفاعات واسعة، وعندما لا يكون لدى العدو احتياطيات في العمق.
كما يمكن أن يتكون تشكيل العملية من نسقين واحتياطي، لمواجهة المواقف الطارئة، أثناء إدارة العمليات.
د. وقد يُعمل التشكيل التعبوي في النسق الأول للعملية الهجومية الإستراتيجية، وفي اتجاه الضربة الرئيسية، أو في اتجاه الضربة الأخرى، أو في النسق الثاني الإستراتيجي.
وعندما يُعمل التشكيل التعبوي في اتجاه الضربة الرئيسية، فإنه يؤدي الدور الرئيسي في هزيمة قوات العدو التي تواجهه. وفي هذه الحالة، تكون القدرات القتالية لهذا التشكيل، أكثر منها في التشكيلات التعبوية الأخرى. وعندما يعمل في الاتجاه الآخر، تكون مهمته أن يُلحق بأعمال قتالية حاسمة أقصى هزيمة لتشكيلات العدو، الذي يدافع في نطاق هجوم هذا التشكيل التعبوي، وشل قدرته على المناورة، في اتجاه الضربة الرئيسية.
وفي حال عمل التشكيل التعبوي في النسق الثاني، فإنه يُكلف بتطوير الهجوم في اتجاه الضربة الرئيسية، أو الهجوم في اتجاهات جديدة، أو استكمال هزيمة تجميعات العدو في المؤخرة، إضافة إلى قتال قوات الإبرار الجوي والبحري المعادي.
4. مهام النسق الأول في العملية الهجومية التعبوية
أ. دفع المفارز المتقدمة المدرعة الميكانيكية، لمهاجمة نطاقات الأمن المعادية، والاستيلاء على أجزاء من الهيئات المسيطرة على الدفاعات الرئيسية، لتأمين أعمال قتال القوة الرئيسية.
ب. تحقيق الاتصال بقوات الإبرار الجوي، التي قد تعاون في تدمير قوات نطاق الأمن، بواسطة المفارز المتقدمة المدفوعة من تشكيلات النسق الأول.
ج. استغلال أعمال المفارز بدفع تشكيلات الأنساق الأولى، لتوجيه الضربات الرئيسية القوية للعدو، وتدمير مركز ثقله، الذي يُعد أكثر الأهداف أهمية في تجميعاته القتالية، وأبرزها فاعلية. ذلك أنه بالتأثير المستمر عليه وتدميره، تتوفر الظروف المناسبة لإنجاح الضربة الرئيسية للقوات، وتدمير تشكيلات النسق الأول المعادي، وتجميعاته المدافعة، والاستيلاء على أهداف حيوية في العمق، وتحقيق المهام المكلفة بها.
د. يخطط قائد الجيش شكل الضربة الرئيسية بالنسق الأول، بحيث يحقق شطر وتمزيق العدو وتدميره تدريجيا،ً وعلى مراحل. وإجبار العدو على إدارة القتال على المواجهة والعمق، في وقت واحد، مما يؤدي إلى تشتيت جهوده، وإحباط نواياه في استخدام احتياطياته، ويسهّل إلى حد كبير سرعة وصول العدو إلى النقطة الحرجة في وقت مبكر. وبذلك يحقق هزيمة تجميعات العدو الرئيسية.
هـ. تصد تشكيلات النسق الأول الضربات المضادة المعادية، من خطوط صد مناسبة، بجزء من القوات، مع توجيه ضربة قوية بالقوات الرئيسية على جانب ومؤخرة العدو.
و. وقد يجري الهجوم بالنسق الثاني التعبوي، حول القوات المعادية، ومن خلال الأجناب المكشوفة، أو من خلال الثغرات غير المؤمنة بين دفاعات العدو في توقيت متزامن، مع تثبيت القوات الأمامية بواسطة النسق الأول التعبوي، حيث يؤدي ذلك إلى تحقيق نتائج إيجابية وحاسمة، في تدمير العدو بواسطة تنفيذ الضربات حول كلا جانبي العدو، وذلك بتطبيق نظرية العملية العميقة.
ز. ضرورة توفير الإمكانيات النيرانية والمادية اللازمة، للمحافظة على القوة الدافعة للهجوم، بواسطة تشكيلات الأنساق الأولى، ووسائل نيرانه المساندة، خاصة ضد قوات تقاتل قتالاً شرساً، لهزيمة العدو وتحقيق المهام المحددة، في أسرع وقت ممكن، والذي قد يؤدي، في النهاية، إلى وصول الطرف الآخر إلى النقطة الحرجة، التي لا يستطيع بعدها مواصلة القتال، أو القيام بأي عمل إيجابي ضد التشكيلات المهاجمة.
ح. استيلاء الأنساق المختلفة على الممرات والمضايق الجبلية، لحرمان العدو من تنظيم الدفاع عليها، حيث يتميز القتال في المناطق الجبلية بوعورة الأرض، وضيق المواجهات، مما يتطلب تعدد أنساق القتال، وتقديم المساندة النيرانية بكثافة أعلى، والتأمين الجيد بوسائل الدفاع الجوي.
ط. التنسيق الجيد لتشكيلات النسق الأول، التي تهاجم بحذاء ساحل مع القوات البحرية، للمعاونة بنيران المدفعية الساحلية والقطع البحرية في تدمير العدو، مع وقاية التشكيلات المتقدمة، من ضربات العدو البحرية.
ي. قد تضطر تشكيلات النسق الأول إلى الدخول في معارك تصادمية، لتدمير القوة الرئيسية المعادية، ثم تطوير الهجوم في العمق، وتدمير باقي قواته، ومطاردة وحداته المنسحبة.
ك. وفي حالة تكليف قوة إبرار بحري تكتيكي لمساندة التشكيلات المهاجمة بحذاء الساحل، يتطلب ذلك سرعة تحقيق الاتصال، بين قوات النسق الأول والقوة المُبَرة، لهزيمة العدو وتحقيق النجاح.
ل. يجري تدمير قوات الإبرار البحري المعادي، خلال إبراره على الساحل، بواسطة قوات النسق الأول للتشكيلات المهاجمة، وجميع وسائل النيران المتيسرة.
5. أسلوب توجيه الضربات الرئيسية بالأنساق الأولى، في العملية الهجومية
أ. يتوقف النجاح في إدارة العملية الهجومية التعبوية، على الاختيار الدقيق لاتجاه الضربة الرئيسية، حيث توجه، أساساً، ضد أضعف القطاعات في دفاعات العدو، بهدف سرعة إحداث ثغرة اختراق كبيرة فيها، والانطلاق منها إلى أجناب ومؤخرة تجميعه الرئيسي.
ب. توجه الضربات الرئيسية بالأنساق الأولى، في الاتجاهات الصالحة من قطاعات الأرض. وقد توجه ضد القطاعات الأقل صلابة في المرحلة الأولى، خلال العمق التعبوي لدفاعات العدو، سعياً وراء تحقيق المفاجأة.
ج. تُنفّذ الضربات الرئيسية بواسطة الأنساق الأولى، بهدف تدمير التجميعات الرئيسية للقوات المعادية، التي يمكن بتدميرها إيجاد الظروف الملائمة لتطوير الهجوم في العمق، والاستيلاء على الأهداف المحددة.
ويكون التخطيط وإدارة العملية الهجومية ـ عادة ـ على أساس تدمير العدو على مراحل، وعلى امتداد المواجهة، وفي مناطق وتوقيتات محددة، مع التركيز على أنسب أسلوب لاستخدام القوات الجوية والمدفعية، لتقديم المساندة النيرانية للتشكيلات المدرعة والميكانيكية المهاجمة. ويمكن أن تُنفّذ الضربات الرئيسية بالأنساق الأولى، بأحد الأشكال الآتية:
(1) توجيه ضربة أمامية في اتجاه واحد أو اتجاهين فأكثر تؤدي هذه الطريقة إلى تشتيت جهود العدو في الدفاع، وتهيئة الظروف الملائمة لدفع الأنساق الثانية/ الاحتياطيات لاستكمال تدمير العدو، وتحقيق سرعة اختراق لمواقعه في العمق. كما أن توجيه ضربتين أماميتين، أو أكثر، في وقت واحد، سيعوق، إلى حد ما، إمكانية العدو عن كشف اتجاه الضربة الرئيسية للقوات المهاجمة، وكذا المناورة بالقوات والوسائل، أثناء سير العملية.
(2) توجيه ضربتين في اتجاهين متلاقيين: تُعد هذه الطريقة مناسبة، عندما يتمركز التجميع الرئيسي المعادي في عمقه التعبوي القريب، ولا يتوفر له احتياطات كافية؛ وكذلك عندما يحتل العدو دفاعات تساعد تشكيلات الأنساق الأولى على تنفيذ الضربات الرئيسية، بالالتفاف من الأجناب والدفاعات الضعيفة.
(3) توجيه ضربة أمامية بغرض تدمير التجميع الرئيسي للعدو أو جزء منه وعزله عن باقي القوات تُطبق هذه الطريقة عندما يستند أحد أجناب العدو على البحر، أو أي مانع طبيعي؛ ففي هذه الحالة تُركز الجهود الرئيسية لتشكيلات الأنساق الأولى، على توجيه ضربات رئيسية قوية على أحد الأجناب، ومؤخرة التجميع الرئيسي، وتجزئة وتدمير قواته الرئيسية، بالتعاون مع القوات البحرية.
(4) التقدم إلى مؤخرة العدو، وتوجيه ضربة ضد تجميع العدو من الخلف يفضل استخدم هذه الطريقة، إذا كان أحد أجناب العدو مكشوفاً، ويسمح لتشكيلات الأنساق الأولى بإجراء المناورة، بهدف تدمير تجميعات العدو الرئيسية المتمركزة في العمق. ويمكن استخدام هذه الطريقة، لهزيمة تجميع معين للعدو على أرض محددة، بإجراء المناورة بالالتفاف على نطاق واسع، لسرعة الوصول إلى مؤخرة العدو.
6. مهام الأنساق الثانية/ الاحتياطيات في العملية الهجومية
أ. تدفع الأنساق الثانية/ الاحتياطيات لدعم القوة الضاربة، لقوات النسق الأول، وسرعة تطوير الهجوم في العمق التعبوي، وتدمير الأنساق الثانية والاحتياطيات المعادية، في عمق العملية الهجومية الإستراتيجية، محققا بذلك المحافظة على القوة الدافعة للهجوم وحسم نتائج العملية.
ب. يؤثر استخدام الأنساق الثانية للتشكيل التعبوي، تأثيراً حاسماً على سير العملية؛ كما يحافظ على تفوق القوات في الاتجاه الرئيسي للهجوم، ويعمل دائما على تنمية الجهود للقوات، في الوقت المناسب، مع التغلب على خطوط العدو المتوسطة، ثم الوصول إلى منطقة محددة تحقق المهمة التالية، للتشكيل التعبوي.
ج. نظراً لأن مركز الثقل للقوات المعادية يمكن أن يتغير، خلال مراحل إدارة العملية، فإن تشكيلات الأنساق الثانية تُكلف بالاكتشاف المستمر، بواسطة الوسائل المختلفة، للحصول على المعلومات عن أماكن وجود هذه المراكز، لسرعة تدميرها بالنيران والقوات، لإحباط قدرة العدو على تنمية جهوده، واستمرار عملياته القتالية.
د. تُخصص المهام إلى النسق الثاني، في التوقيت نفسه، الذي تخصص فيه المهام لتشكيلات النسق الأول، التي تتضمن الآتي:
(1) استكمال اختراق المنطقة الدفاعية التكتيكية للعدو، وتدمير تجميعاته واحتياطياته، التي لم ينجح النسق الأول في تدميرها.
(2) مهاجمة النطاق الدفاعي الثاني، وتدمير القوات، التي تدافع عنه، والاستيلاء عليه.
(3) اختراق الخطوط الدفاعية المتوسطة في العمق التعبوي، والاستيلاء عليها من الحركة.
(4) صد وتدمير احتياطيات العدو التعبوية.
(5) مطاردة العدو المنسحب، وقطع طرق اقترابه وتدميره.
(6) منع العدو من تنظيم الدفاع في العمق التعبوي، والمواقع المتوسطة، وتحقيق الاتصال المستمر به.
(7) تدمير قوات العدو المُبرة جواً أو بحرا،ً أثناء تطوير الهجوم في العمق.
(8) تطوير الهجوم في العمق التعبوي للعدو، واستكمال تدميره، وتحقيق المهمة التالية للقوات.
(9) تأمين الأجناب والفواصل، وحرمان العدو من الوصول إليها، وتدميره.
هـ. يتكون النسق الثاني للتشكيل التعبوي، عادة، من فرقة ميكانيكية/ مدرعة، أو أكثر، طبقاً لطبيعة المهمة، وذلك للاحتفاظ بالتفوق على العدو أثناء القتال، على النطاق الدفاعي التكتيكي للعدو، وكذا عند مواجهة احتياطياته، في عمقه التعبوي.
و. يُعد قرار قائد التشكيل التعبوي لدفع النسق الثاني، من أهم القرارات التي تتخذ أثناء إدارة العملية الهجومية، إذ يتوقف نجاحه على التقدير الجيد للوقت، ومكان دفع النسق الثاني للاشتباك.
ز. يُراعى عند التخطيط لدفع النسق الثاني، من حيث التوقيت، أن التأخير في دفعه للاشتباك، يُمكِّن العدو من كسب الوقت، وتنظيم الدفاعات، وشن الضربات المضادة، وهزيمة القوات المهاجمة في النسق الأول، وهبوط معدل الهجوم للتشكيل التعبوي. وقد يؤدي ذلك إلى فشل العمليـة الهجومية. كما يؤدي الدفع مبكراً للنسق الثاني، إلى تكليفه بمهام إضافية هي جزء من مهام نسق أول الجيش، إضافة إلى مهامه الأصلية في تطوير الهجوم في العمق التعبوي للعدو، مما يؤدي إلى تكبيد النسق الثاني خسائر غير ضرورية، قد تؤدي إلى الفشل في تنفيذ المهمة.
ح. يتمركز النسق الثاني في مناطق تمركز أو تجمع، خلف تشكيلات قتال فرق النسق الأول للتشكيل التعبوي بمسافة مناسبة، تسمح بسرعة التدخل في المعركة في التوقيت المحدد. ويجب أن تحقق مناطق التمركز إمكانية تنفيذ المناورة الواسعة، وأثناء تنفيذ العملية الهجومية تتنقل تشكيلات النسق الثاني خلف تشكيلات النسق الأول من منطقة تجمع إلى منطقة تجمع أخرى أمامية طبقا للموقف.
ط. يؤمِّن دفع النسق الثاني، بالضربات الجوية والتمهيد النيراني للمدفعية، وباستغلال تلك النيران، يُدفع النسق الثاني للاشتباك لتدمير تجميعات العدو في العمق.
ي. يدمِّر نسق ثاني الجيش الاحتياطي التعبوي للعدو بالتعاون مع الأنساق الأولى، وتحقيق المهمة التالية للجيش. ولتنفيذ هذا القرار، يتعامل قائد التشكيل التعبوي مع الاحتياطي التعبوي، وذلك بعزلـه وحرمانه من الدخول في معركة التدمير للنسق الأول، بتكبيده أكبر الخسائر في الأفراد والأسلحة والمعدات، وباستغلال نيران القوات الجوية، والصواريخ أرض/ أرض، والمدفعية بعيدة المدى، وأعمال قتال المفارز المتقدمة، وقوات الإبرار الجوى التكتيكي، وقوات الصاعقة، والحرب الإلكترونية، بما يحقق قتال تلك الاحتياطيات في مناطق تمركزها، أو على خطوط اقترابها، بصورة يسهل تدميرها بالنسق الثاني، وتحقيق المهمة التالية للتشكيل التعبوي.
ك. كما يجب ألّا يتوقف الهجوم عند دفع الأنساق الثانية والاحتياطيات، حتى يتحقق التدمير الكامل للتشكيلات المعادية، محققاً المهمة النهائية مع الاستعداد لتدمير التشكيلات المعادية، التي تحاول أن تنظم عملية الارتداد، إلى مواقع دفاعية في العمق، لاستعادة الموقف مما يتطلب أن تخصص تشكيلات في النسق الثاني والاحتياطيات، لمطاردة القوات المعادية أثناء انسحابها، وتوجيه ضربات جانبية لتدميرها، وقطع خطوط انسحابها.
ل. يمكن أن تُدفع مفارز من التشكيلات الصديقة القائمة بالهجوم، لسرعة الوصول إلى أهداف حاكمة وحيوية والاستيلاء عليها، حتى لا تحتلها القوات المعادية.
م. من المحتمل أن تنشب معارك تصادمية بين تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي، القائمة بتطوير الهجوم في العمق التعبوي، ضد القوات المعادية، لوقف تقدمها، مما يتطلب سرعة تدمير مراكز ثقل العدو، لحرمانه من استمرار عملياته القتالية.
ن. ما تدفع الأنساق الثانية عادة لتطوير الهجوم في عمق دفاعات العدو، مع احتفاظ القائد بالاحتياطي تحت سيطرته، لمواجهة أي احتمالات في الموقف. فقد يدفع الاحتياطي أما لحماية أحد الأجناب المعرضة أثناء تطوير الهجوم، أو للاندفاع في العمق باستغلال نجاح الأنساق الثانية في شن هجومها، لسرعة سبق العدو في احتلال مواقع حاكمة، أو يدفع في الاتجاه الناجح لهجوم النسق الثاني الصديق، لتعزيز النجاح وسرعة تدمير القوات المعادية في عمق الدفاعات، بالتعاون مع النسق الثاني.
7. نظرية الاقتراب غير المباشر
أ. حدد ليدل هارت مبادئ نظرية الاقتراب غير المباشر، كالآتي:
(1) من الضروري تهيئة أنسب الظروف لتنفيذ المعركة الحاسمة، بأقل الخسائر الممكنة، وبأفضل نتائج متاحة.
(2) تحقيق مبدأ "تجميع القوة ضد الضعف"، بحشد التشكيلات المهاجمة وتوجيهها نحو أضعف النقاط في دفاعات العدو.
(3) تجنب إعطاء العدو الفرصة للمناورة باحتياطياته، لتعزيز المناطق والاتجاهات الضعيفة، أو المعرضة، التي تم حشد القوات في اتجاهها.
(4) التركيز على تفتيت العدو بسرعة، وتحطيمه على أجزاء وبشكل أسهل، خلال إدارة العملية.
ب. جوهر نظرية الاقتراب غير المباشر ومفهومها
هو إحراز النصر من خلال ضرب معنويات العدو وشل قياداته، قبل التدمير المادي لقواته. ويتم ذلك من خلال المناورة بتشكيلات النسق الأول/ الاحتياطي، وحشدها في أضعف النقاط، أو الاتجاهات، في دفاعات العدو، لسرعة الوصول إلى عمقه ومؤخرته وإنهاكه، بدلاً من تدميره. ويجب أن يتم ذلك في مراحل وعلى أجزاء، بعد تفتيت قواته وضرب معنوياته، وينبغي استغلال الأجناب المفتوحة، أو طرق الاقتراب غير المتوقعة من العدو، أو المُدَافَع عنها بقوات محدودة، مع العمل على قطع خطوط ومحاور المواصلات والإمداد في العمق، وإجبار العدو على العمل في مواجهة واسعة، من طريق الأعمال الهجومية الخداعية، أو التثبيتية، على طول المواجهة، بهدف تفتيت احتياطياته وتشتيتها.
ج. أسس النجاح في تطبيق نظرية الاقتراب غير المباشر
(1) تفتيت قوات العدو، وسرعة استغلال هذا العمل.
(2) قطع خطوط ومحاور المواصلات والإمداد في العمق لتهديد التجميع الرئيسي المعادي.
(3) تنفيذ أعمال القتال الرئيسية، بواسطة تشكيلات الأنساق الثانية والاحتياطيات، ضد عمق ومؤخرة العدو، من خلال مناورات التفاف سريعة، في أقل الاتجاهات مقاومة.
(4) إنهاك العدو بدلاً من تدمير قواته الرئيسية، بضربات مباشرة.
(5) خداع العدو عن الهدف الرئيسي وتثبيته، على أغلب امتداد المواجهة، مما يؤدي إلى توزيع قواته وتشتيتها، وتثبيت احتياطياته، أو دفعها في اتجاهات ثانوية.
(6) توسيع نطاق أعمال قتال القوات الرئيسية، لإجبار العدو على بعثرة قواته، وتشتيت قدراته النيرانية.
(7) إحراز المفاجأة مع الحرص على استغلال أي نقاط ضعف جديدة للعدو، خلال إدارة العملية.
(8) تحقيق مبدأ التعاون والاكتفاء الذاتي، في تشكيلات القوات المهاجمة.
د. أسلوب تطبيق نظرية الاقتراب غير المباشر
(1) استخدام كافة الوسائل والإمكانيات "ضربات جوية ـ نيران مدفعية ـ صواريخ أرض/ أرض ـ حرب إلكترونية"، ضد مراكز القيادة والسيطرة والاتصالات.
(2) تنظيم الاستطلاع بكفاءة عالية، لتجنب المفاجأة؛ وسلامة التخطيط والقرارات الموقوتة المبنية على معلومات دقيقة وفورية.
(3) الحرص على الوصول إلى النقطة الحاسمة في العمق التكتيكي والتعبوي للعدو، وذلك لأن السيطرة عليها تحقق استمرار القوة الدافعة للهجوم، والحفاظ على المبادأة في اتجاه الضربة الرئيسية.
(4) كفاءة استخدام الحرب النفسية على أوسع مدى، لإحباط معنويات قوات العدو.
8. فكرة العملية العميقة في الهجوم
أ. تُبني أساس فكرة العملية العميقة في الهجوم، بقتال الأنساق الثانية والاحتياطيات المعادية، في توقيت متزامن مع توقيت الهجوم على قوات النسق الأول، وذلك بتوجيه الضربات النيرانية للقوات الجوية والصاروخية والمدفعيات، ضد مناطق تمركز الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، لأحداث أكبر خسائر ممكنة فيها، بهدف تعطيلها أطول فترة ممكنة من دعم أعمال قتال الأنساق الأولى، مع دفع تشكيلات النسق الثاني لتدمير الأنساق الثانية من احتياطيات العدو، وفي توقيت متزامن مع قتال الأنساق الأولى، حيث يتم تنفيذ هذه العملية من خلال ثلاث معارك، في توقيت متزامن:
(1) معركة قتال النسق الأول المعادي (المعركة القريبة).
(2) معركة قتال النسق الثاني/ الاحتياط المعادي (معركة العمق).
(3) معركة تأمين قوات المؤخرة، ضد أي تهديدات في العمق (معركة المؤخرة).
ب. يجب أن يُراعى أثناء إدارة العمليات المتزامنة، في عمق العدو القريب، والبعيد، ومؤخرته تحقيق مبدأ دقة الاشتباك، الذي يمكّن القوات المهاجمة من تحديد الهدف، والاشتباك معه بالأسلحة الملائمة في التوقيت المناسب، وتقويم النتائج، وتحديد ضرورة استمرار الهجوم واستغلال النجاح.
ج. مهام الأنساق لتنفيذ العملية العميقة في الهجوم
(1) تنفيذ الأنساق الأولى مهاجمة النسق الأول المعادي، في توقيت متزامن مع قتال النسق الثاني/ الاحتياط، بواسطة الأنساق الثانية. وهذا يتطلب وجود أجناب مفتوحة في الدفاعات المعادية، تسمح بدفع تشكيلات الأنساق الثانية لقتال الأنساق الثانية/ الاحتياط المعادي، وأن يكون حجم القوات المخصصة لقتال الأنساق الثانية/ الاحتياطيات المعادية، تسمح بتدمير قوات العدو في العمق. (2) تثبيت الأنساق الأولى، الأنساق الأولى المعادية في مواجهة دفاعات العدو، ثم مهاجمة الأنساق الثانية/ الاحتياط للعدو، بواسطة تشكيلات النسق الثاني، في توقيت متزامن، وفي تعاون وثيق، وباستغلال الأجناب المفتوحة. (3) الاختراق بقوات محدودة في أضعف دفاعات النسق الأول المعادي، ثم دفع قوة النسق الثاني من خلال ثغرة الاختراق، لتنفيذ معركة العمق وتدمير النسق الثاني/ الاحتياط للعدو، ويُسمى هذا النوع من الهجوم بالدفع المتتالي.
| | [size=25]المبحث الثاني استخدام الأنساق والاحتياطات في العملية الدفاعية على الرغم من أن المفكر العسكري "كلاوزفيتز"، يعد الدفاع هو الأسلوب الأقل حسماً في الحرب، ولكنه يراه الأسلوب الأقوى لحرمان العدو، من تحقيق أهدافه النهائية. إضافة إلى ما يحققه الدفاع من الإخفاء والسّبق في احتلال مواقع دفاعية، وقصر خطوط الإمداد، فضلاً عن إدارة القتال في مناطق معروفة تماماً للمدافع. والدفاع هو أحد الأشكال الرئيسية لأعمال القتال، الذي لم يفقد أهميته على الرغم من التطور الهائل في وسائل الصراع المسلح الحديثة. وهو وثيق الصلة بالهجوم، فقد يتخذ الدفاع قبل وبعد أو خلال العمليات الهجومية. كما تظهر هذه الصلة الوثيقة خلال إدارة العمليات الدفاعية، وشن الضربات المضادة لاستعادة الأوضاع الدفاعية كعمل هجومي، يجري في إطار العملية الدفاعية، حيث تبدأ عادة العملية الدفاعية بقتال قوات نطاق الأمن قتالاً تعطيلياً، ضد العدو المهاجم، وذلك بفتح النيران على المرامي البعيدة، والقتال من موقع إلى آخر لإحداث أكبر خسائر ممكنة في العدو، وحرمانه من تحقيق المفاجأة. ويُعد صد الهجوم المعادي، أمام الحد الأمامي للنطاق الدفاعي الرئيسي، من أهم مراحل الدفاع، إذ تُنقّذ تشكيلات النسق الأول خطة نيران كثيفة ومنسقة لجميع الأسلحة، لتكبيد العدو المهاجم أكبر خسائر، وإيقافه أمام الحد الأمامي، وحرمانه من دفع أنساقه الثانية/ احتياطياته، أو اختراق الدفاعات. وتتوقف نتائج العملية الدفاعية للتشكيل التعبوي، على مدى الجهد الذي تبذله قوات الأنساق الأولى في إيقاف تقدم العدو. ولهذا، فإن قائد التشكيل التعبوي يجب أن يتابع سير العملية، ويعمل باستمرار على دعم فرق النسق الأول واحتياطياته. ويعتمد الدفاع الناجح على الاحتفاظ بأنساق ثانية، واحتياطيات متدرجة المستويات، لتوجيه الهجمات والضربات المضادة، بهدف إحداث تدمير مستمر لأنساق العدو المهاجمة، واستنفاذ احتياطياته، ثم هزيمته واستعادة الأوضاع الدفاعية، التي اخترقت. أولاً: المستوى التعبوي 1. أسس ومبادئ الدفاع أ. مفهوم العملية الدفاعية تشمل تنظيم وإدارة عمليات قتالية، تشنها تشكيلات من الوحدات، في شريحة من الأرض على خطوط أو مواقع دفاعية، سبق احتلالها وتجهيزها طبقاً لخطة دفاعية مدبرة، يعاونها مجهود جوي، وتساندها نيران المدفعية والصواريخ، وتوفر لها الحماية بواسطة وسائل الدفاع الجوي، بهدف هزيمة القوات المهاجمة، وتكبيدها أكبر قدر من الخسائر، ومنعها من اختراق الدفاعات، وتهيئة الظروف المناسبة للتحول إلى الهجوم المضاد العام. ب. صور الدفاع (1) الدفاع المتحرك ترى العقيدة العسكرية الغربية أن الدفاع المتحرك، هو أنسب الصور الدفاعية، في ظل استخدام الأسلحة الذرية. وتؤكد أنه أكثر الأساليب تمشياً مع الحرب، التي تتميز بخفة الحركة، والقدرة على المناورة العالية، مع الاحتفاظ بالقوة الضاربة لاستخدامها في الوقت المناسب. وتعتمد فكرة الدفاع المتحرك على تدمير العدو المهاجم، داخل عمق القطاع/ النطاق الدفاعي، وذلك بالسماح له بالاختراق الجزئي المحسوب، في حدود عمق المنطقة الأمامية للدفاع، مع توجيه التجميع الرئيسي المهاجم في اتجاه مناطق قتل متتالية سبق تجهيزها من قبل، بغرض استنزاف قواته ومصادر نيرانه، وتكبيده أكبر خسائر ممكنة، ثم تدميره بالهجمات والضربات المضادة، واستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه. وفي هذه الحالة يوجد الجزء الأكبر من التشكيلات في النسق الثاني كقوة ضاربة، بينما توجد في النسق الأول قوات أقل حجما،ً يُسمح لها بالاختراق المحسوب. (2) الدفاع الثابت هو أحد صور الدفاع، الذي يهدف إلى التمسك بالهيئات الحيوية في النطاق/ القطاع الدفاعي، ويُجهّز هندسياً بغرض صد وتدمير القوات المهاجمة، أمام الحد الأمامي للدفاعات، ومنعه من الاختراق بكافة النيران والوسائل المتيسرة. وفى حالة حدوث أي اختراق، يوقف ويُحاصر العدو ثم يُدمّر بالهجمات والضربات المضادة. وعادة الجزء الأكبر من القوات المدافعة، عادة، في النسق الأول، والباقي في النسق الثاني أو الاحتياطيات. ج. المطالب الرئيسية للدفاع (1) نشاط وإيجابية الدفاع (أ) يتحقق ذلك بتنفيذ الضربات المسبقة بوحدات من الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، بمساندة نيرانية من الضربات الصاروخية والقوات الجوية، في التوقيت المناسب، ضد مراكز ثقل العدو، لإحداث أكبر خسائر ممكنة، خاصة ضد احتياطياته التعبوية، ومراكز القيادة والسيطرة، ومرابض المدفعية، والدفاع الجوي، لتأخير شن العملية الهجومية المعادية. (ب) تخطيط وتنفيذ الضربات المضادة، بالأنساق الثانية والاحتياطيات التعبوية، لتدمير القوات التي تنجح في اختراق الدفاعات، واستعادة الأوضاع الدفاعية. (ج) التخطيط الجيد لإجراء المناورة بالقوات والنيران، بتشكيلات النسق الأول، وذلك باحتلال مواقع دفاعية في العمق، لجذب القوات المعادية إلى مناطق تركيز الجهود الرئيسية، ومناطق القتل، لتحقيق التدمير المتتالي له. (2) ثبات واتزان الدفاع (أ) أن تُحقق الدفاعات القدرة على الصمود، ضد دبابات العدو، وحماية القوات المدافعة ضد هجمات العدو الجوية والبحرية. (ب) أن تستكمل الدفاعات بخطة موانع جيدة على الأجناب والفواصل، مع الاهتمام بالتجهيز الهندسي الجيد للمواقع الدفاعية. (ج) أن يتحقق في الدفاعات القدرة على إيقاف تقدم القوات المعادية وهزيمتها، وتهيئة الظروف المناسبة لشن الضربات المضادة. (د) إجراء تنسيق تعاون جيد بين التشكيلات التعبوية لتأمين الفواصل والأجناب. 2. تشكيل العملية الدفاعية التعبوية أ. هي الأوضاع القتالية التي تتخذها تشكيلات ووحدات التشكيل التعبوي، لتنفيذ العملية الدفاعية، ويتخذ التشكيل التعبوي، عادة، أوضاعه في العملية الدفاعية الإستراتيجية، إما في النسق الأول الإستراتيجي وفى منطقة الجهود الرئيسية، أو في الاتجاه الآخر. وقد يُدفع التشكيل التعبوي في النسق الثاني، أو ضمن احتياطيات القيادة العامة. ويمكن أن يتكون تشكيل العملية الدفاعية التعبوية من الآتي: (1) نسقان. (2) نسقان، واحتياطي الأسلحة المشتركة. (3) نسق واحد، واحتياطي أسلحة مشتركة. مع دفع مفارز نطاق أمن أمام النطاق الدفاعي الرئيسي "الأول"، تتكون من وحدات فرعية من المشاة الميكانيكي/ المدرعة المدعمة والمدفوعة، من تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي، في مهمة إعاقة تقدم قوات العدو، وإجباره على الفتح المبكر، مع الارتداد المنظم والعودة إلى تشكيلاتها الأصلية. ب. يتخذ القائد قراره بتشكيل العملية الدفاعية للجيش، بناء على دراسته لطبيعة الأرض والقوات والوسائل المتيسرة، وتجميع العدو في المواجهة، وطبيعة أعماله المنتظرة، ومواجهة النطاق الدفاعي وعمقه، والهدف من العملية. 3. مهام النسق الأول التعبوي، في العملية الدفاعية أ. يتكون النسق الأول من تشكيلات المشاة والمشاة الميكانيكية، حيث تدافع هذه التشكيلات عن النطاق الدفاعي الأول في مهمة صد هجوم العدو وهزيمته، والتمسك بالمناطق المحتلة، ومنع العدو من الاختراق إلى عمق الدفاعات. وفى حالة اختراقه، يجري تدميره بالهجوم المضاد. وإذا كانت القوات المخترقة أكبر من إمكانية النسق الأول، وتمكنت من الاختراق إلى عمق كبير، فتكون مهمة النسق الأول التمسك بالمواقع المحتلة، وتهيئة الظروف المناسبة لقوات النسق الثاني، لتدمير العدو بواسطة الضربات المضادة. ب. يقع عبء تأمين الأجناب ونقط الاتصال، على تشكيلات النسق الأول، لمنع القوات المهاجمة المعادية من استغلال هذه الفواصل في إحداث اختراق يهدد العمق الدفاعي. ج. تأمين ومعاونة تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي أثناء تنفيذها للضربات المضادة. د. تنظيم الدفاع بحذاء ساحل بواسطة تشكيلات الأنساق الأولى، المدعّمة بوسائل نيرانية مساندة، ووحدات معاونة تخصصية، مع إجراء التنسيق اللازم مع الوحدات والعناصر البحرية بالمنطقة، بهدف صد عمليات الإبرار البحري المعادي. هـ. تأمين وحماية الأهداف والمناطق الحيوية، ومنع العدو من الاستيلاء عليها بتنظيم الدفاع بواسطة الأنساق الأولى، بأقل قدر من القوات على أحد الاتجاهات، لتحقيق التفوق في اتجاهات الهجوم الرئيسية للعدو. و. نظراً لأن تشكيلات الأنساق الأولى تنفذ أصعب المهام وأعقدها، في العملية الدفاعية، وهي هزيمة القوات المعادية أمام الدفاعات الرئيسية، فهي تُدعم، عادة، بالحجم الأكبر من وسائل الدعم، حتى تتعاظم قدراتها النيرانية، وتتوافر لها الظروف المناسبة لتحقيق هذه المهام، وذلك في حالة تركيز الجهود الرئيسية في الأمام. أما في حالة تركيز الجهود في العمق، فإن النسق الثاني يُشَكَّل من الجزء الأكبر من القوات. ز. تنظم تشكيلات النسق الأول للدِّفاعات في المناطق الجبلية، على أنساق متتالية وبعمق، نظراً لوعورة الأراضي الجبلية، وضيق مواجهتها الصالحة للدفاع، مع تقديم المعاونة النيرانية للمدفعية بصورة غير مركزية، وإنشاء أكثر من احتياطي مضاد للدبابات، ومفارز موانع متحركة. 4. مهام الأنساق الثانية والاحتياطيات، في العملية الدفاعية أ. تُشكل قوات النسق الثاني/ الاحتياطي، أساساً لتوجيه الضربات المضادة لتدمير العدو المخترق، واستعادة الأوضاع الدفاعية. وهذه هي مهمته الأساسية؛ ثم التحول إلى الهجوم المضاد العام، إذا تطلب الموقف ذلك. ب. أثناء إدارة العملية الدفاعية، وعدم القدرة على توجيه الضربة المضادة، فقد تكلف تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي، أو جزء منه، باحتلال النطاق الدفاعي التعبوي، لتدمير العدو المخترق للدفاعات، وذلك لتهيئة أفضل الظروف للاحتياطيات الإستراتيجية، لتوجيه الضربات المضادة. ج. قد يكلف جزء من قوات النسق الثاني، بتدمير قوات العدو المحمولة جواً، أو قوات الأبرار البحري، وذلك في العمق التعبوي. د. قد تُكلف الأنساق الثانية بضربات تعاون، في نطاق جيش مجاور، طبقاً لقرار المستوى الأعلى. هـ. تأمين النطاق الدفاعي للجيش والأهداف الحيوية، ضد تهديدات العدو. و. توجيه ضربة مضادة ضد الأنساق الثانية والاحتياطيات، في العملية العميقة. ز. تأمين الأجناب والمؤخرة، وحرمان العدو من الوصول إليهما. ح. في حال اكتشاف نية العدو في شن الهجوم، يُنفذ ضربة مسبقة بنيران القوات الجوية والصواريخ أرض/ أرض، مع تخصيص تجميع مناسب من تشكيلات، أو وحدات مدرعة/ ميكانيكية، تخصص غالباً من قوات النسق الثاني، لشن عملية هجومية محدودة، تهدف إلى تأخير العدو، وكسب الوقت لتنظيم الدفاعات. ط. أثناء الدفاع في المناطق الجبلية، تكون الأنساق الثانية والاحتياطيات على أكثر الاتجاهات أهمية، وقريبة من الطرق والممرات، لتحقيق سرعة في التحرك عند تنفيذ الهجمات المضادة. ي. دفع عناصر من تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي إلى الأمام، للعمل في مواقع متقدمة في نطاق الأمن، وتجهيز كمائن على الطرق المحتمل اقتراب العدو من طريقها. ك. تنفيذ الضربة المضادة في الأراضي الجبلية بواسطة الأنساق الثانية/ الاحتياطيات، بعد نجاح قوات النسق الأول في إيقاف وحصر العدو المخترق حتى عمق قريب. ويمكن أن تنفذ الضربات المضادة في اتجاه واحد، أو على عدة اتجاهات منفصلة، طبقاً لطبيعة المنطقة الجبلية. ل. يمكن أن تنفذ الضربات المضادة خارج الحد الأمامي للدفاعات، وبواسطة تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي، وذلك من خلال إدارة معركة دفاعية ناجحة بالأنساق الأولى، بالتعاون مع الاحتياطيات المضادة للدبابات، والاستخدام المكثف للألغام، لإيقاف العدو أمام الدفاعات الرئيسية، وحرمانه من المناورة، بهدف توجيه ضربة مضادة قوية لهزيمته، ثم التحول للهجوم. 5. أسلوب تنفيذ الضربات المضادة بواسطة تشكيلات النسق الثاني/ الاحتياطي أ. مفهوم الضربة المضادة هي إجراء تعبوي/ إستراتيجي لحسم العملية الدفاعية، لصالح القوات المدافعة. وتهدف إلى توجيه ضربة انتقامية بواسطة الأنساق الثانية/ احتياطيات الأسلحة المشتركة، لتدمير التجميعات الرئيسية المعادية، ومنعها من مواصلة الاختراق، خلال العمق التعبوي/ الإستراتيجي، واستعادة اتزان الأوضاع الدفاعية، وتحقيق الهدف النهائي للدفاع، إما باستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه، أو التحول إلى الهجوم المضاد العام. ب. شروط ومتطلبات توجيه الضربات المضادة بواسطة الأنساق الثانية والاحتياطيات (1) الدقة في تقدير الموقف، وذلك بالدراسة العميقة لقوات العدو وأعماله المنتظرة، مع حساب قدرات النسق الثاني/ الاحتياطي، على تنفيذ الضربة المضادة. (2) دراسة الأرض مع الاختيار السليم لخطوط القيام بالضربات المضادة. (3) تحقيق التفوق اللازم للقوات المنفّذة للضربة المضادة، مع حصر العدو وتثبيته داخل ثغرة الاختراق. (4) حرمان احتياطيات العدو من التدخل في معركة الضربة المضادة، بعرقلتها باستخدام كافة وسائل النيران المتيسرة، في التوقيت المناسب. (5) اتخاذ قرار شن الضربة المضادة بحيث تحقق المفاجأة على قوات العدو، وهذا يتطلب تواجد النسق الثاني للجيش في أوضاع مناسبة تسمح باستخدامه في التوقيت المناسب مع ضمان التقدم لخطوط الدفع وتوجيه الضربات على أجناب ومؤخرة العدو. (6) تنظيم التعاون الدقيق بين قوات الضربة وتشكيلات النسق الأول المدافعة القائمة بتأمين الدفع. (7) حشد الجهود الرئيسية لأعمال القتال، للتشكيلات والوحدات والأفرع الرئيسية، في اتجاه هجوم قوات الضربة، مع ضمان توفر احتياطات أخرى تستخدم لصالح الضربة، في حالة التغييرات الحادة وغير المتوقعة من العدو. [/right:e3d7
|