ما لم تنشره صحف دمشق.. "اليوم السابع" ينشر القصة الكاملة لحكم إعدام
مسئول أمنى سورى تخابر لصالح الموساد.. متخصص فى دفن النفايات الخطرة..
وإسرائيل استغلت عشقه للمال والنساء فوقع فى شباك التجسسكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى القضية رقم 650 لسنة 2010 أمن
دولة عليا عن التفاصيل الكاملة للسيناريو الذى اتبعه الموساد الإسرائيلى
لتجنيد أحد أهم الشخصيات الأمنية السورية للعمل كجاسوس لها فى الأراضى
السورية.
حسبما جاء فى اعترافات طارق عبد الرازق، المتهم المصرى بالتخابر، أن
الموساد الإسرائيلى سعى طيلة الـ 13 عاما الماضية لتجنيد أحد أهم الخبراء
الكيميائيين فى مجال دفن النفايات الخطرة بجهاز أمنى حساس _ يحتفظ اليوم
السابع باسمه_ ، حيث حاول الموساد بأكثر من طريقة التواصل معه دون أى
نتيجة حتى جاء الوقت المناسب وأصيب الخبير الكيميائى بالسرطان وسافر إلى
العاصمة الفرنسية باريس لتلقى العلاج فى أحد أشهر المستشفيات هناك.
يضيف طارق فى التحقيقات أن الموساد أرسل أحد عملائه لتلقى العلاج فى تلك
المستشفى ومن ثم التعرف على الخبير الكيميائى السورى والتقرب منه وهو ما
تم بالفعل، مشيرا إلى أن علاج الخبير الكيميائى السورى استغرق 3 شهور
متتالية، شهران تلقى فيهما كورس علاج مكثفًا وشهر أخير للنقاهة.
ويكمل طارق أن الموساد وقع فى مشكلة وهى أن العميل المكلف بالاقتراب من
الخبير الكيميائى السورى فى المستشفى أنهى علاجه مبكرا وغادر المستشفى قبل
إتمام الخبير السورى علاجه، وهو الأمر الذى دفع العميل للعودة إلى
المستشفى على فترات متقاربة بحجة إجراء فحوصات طبية فى حين يراد منها
زيارة الخبير السورى ومن ثم توطيد العلاقة بينهما.
ويشير طارق إلى أن الخبير السورى أتم علاجه بنجاح وخرج من المستشفى
وظل عدة أيام بعدها فى باريس من أجل التنزه، حيث كان يزور وبرفقته العميل
الإسرائيلى معالم باريس السياحية، وفى إحدى المرات أخبره العميل
الإسرائيلى بأن له صديقاً رجل أعمال لديه استثمارات كثيرة بباريس ويريد أن
يتعرف عليه، وبالفعل تم الإعداد للقاء الأول، والذى انكشفت فيه نقاط ضعف
الخبير الكيميائى السورى من حب المال والنساء، وهى نقطة الضعف التى لعب
عليها الموساد فى تجنيده.
يكمل طارق: اللقاءات تعددت بعد ذلك بينه وبين رجل الأعمال أبو فادى _ عذرا
أقصد ضابط الموساد_ ، حيث سهر الاثنان أكثر من مرة فى ملاهٍ ليلية وفى
سهرات حمراء والتى يعشقها الخبير الكيميائى السورى، وتوطدت بينهما العلاقة
جيدا لدرجة أن الخبير الكيميائى السورى دعا أبو فادى لزيارة سوريا وقضاء
أسبوع معه بدمشق.
يقول طارق: لم يكن لى أى دور حتى تلك اللحظة، إلى أن جاء أبو فادى وعرفنى
على الخبير الكيميائى السورى على أننى مستثمر عربى فى الصين، وأشرع فى
تأسيس شركة مقرها دمشق تتخصص فى تجارة الحبوب والزيوت حيث توطدت علاقتى مع
الخبير الكيميائى السورى.
ويؤكد طارق أن بداية تورط الخبير الكيميائى السورى فى أعمال الجاسوسية
تمثلت فى أننى أخبرته أنى أمتلك مصنعا بجنوب شرق آسيا وأريد منه استشارات
علمية فى مجال التخلص من المواد السامة والنفايات وأريده أن يعمل معى هناك
كمستشار علمى: فرد الخبير السورى قائلا: "أعمل فى منصب حساس فى سوريا ولا
أستطيع السفر إلا بعد التقاعد، لكن ممكن أساعدك فى أى استشارات علمية
تطلبها.
ويضيف طارق أن تلك كانت الثغرة الأولى نحو التجسس حيث بدأت أوجه له عدة
أسئلة عن عملية دفن النفايات السامة والمخلفات الطبية، فأحصل منه على
إجابات وافية ثم أرسلها إلى الموساد عبر الجهاز المشفر، وهى المعلومات
التى كانت تمثل لإسرائيل تحليلا معلوماتيا واضحا عن كيفية تخلص سوريا من
النفايات السامة ومن ثم كافة التطبيقات فى ذلك المجال.
يضيف طارق فى التحقيقات: تعددت زياراتى ولقاءاتى بالخبير الكيميائى ووصلت
تقريبا 7 زيارات، وخلالها تطورت المعلومات التى أحصل عليها من أسئلة
وأجوبة إلى أوراق ومستندات هامة عن ملف النفايات السامة السورى.
ويضيف طارق: العلاقة توطدت بينى وبين الخبير السورى لدرجة أنى عرفت تفاصيل
كثيرة عن حياته الشخصية وطفولته القاسية حيث كان والده ضابطا بالجيش
السورى والذى كان يعامله معاملة قاسية، فضلا عن الحياة الفقيرة التى كانت
أسرته تعيشها وتعليمات والده الصارمة بعدم الاختلاط بالأطفال فى الشارع
فكان يمكث فى المنزل لفترات طويلة.
ويضيف طارق فى التحقيقات أن الخبير السورى كان بخيلاً، ففى إحدى
المرات،كانا يسيران فى شوارع دمشق، وقف الخبير السورى أمام أحد محلات
الأحذية وقال، هذا الحذاء جميل، فرد عليه طارق "لو عاجبك أشتريهولك، فقال
له "آه ياريت" فاشتراه له طارق.
ويضيف طارق أنه كان يشترى للخبير السورى هدايا فى كل زيارة على شاكلة " كحولات، فياجرا " بناء على طلبه.
ويقول طارق فى نهاية سرده لقصة تجنيد الخبير السورى، كنت أشك فيما إذا كان
الخبير السورى يعلم بأنه يعمل لصالح الموساد أم لا، فقلت له فى إحدى
المرات وهو سكران "أنت عارف أنت شغال مع مين"، فابتسم ثم قال:"مش لازم
أفصح، المهم عندى المصارى".
حديث طارق فى تحقيقات النيابة عن الخبير السورى كان بمثابة معلومة هامة
جدا لجهاز الأمن القومى الذى أبلغها فورا إلى جهاز الأمن السورى ومن ثم تم
التعاون حتى ألقى القبض على الخبير السورى، والذى صدر بشأنه حكم بالإعدام
شنقا.