قد يتبادر إلى ذهن أي شخص منا سؤال: كيف تتم عملية الطيران في رحلة جوية من بلد إلى آخر.. وكيف ينظم عبورها الأجواء وصولا إلى وجهتها..؟ والحقيقة أن عملية الطيران في رحلة جوية هي عملية شاقة نوعا ما, إلا أنها أصبحت روتينا حياتيا في هذا الوقت.
وسنتناول في هذا الموضوع المسارات الجوية وتخطيط الرحلات الجوية الملاحية.
خطة رحلة الطيران
أن تخطيط رحلة الطيران مرتبط ارتباطا وثيقا بتخطيط مسارات شركات الطيران, وهو إجراء يجب تنفيذه قبل كل رحلة تجارية. وتبدأ بعملية التفريق بين نوعين فقط من إجراءات الطيران, الأول الطيران المرئي وهو يستخدم ارتفاعات منخفضة إلى تحت المتوسطة, بحيث يتم الاعتماد على الطيار في تحديد مساره اعتمادا على مقارنة التضاريس والمنشآت بما هو موجود لديه في الخريطة المخصصة لنوعية الطيران VFR ويتم استخدام ممرات جوية مخصصة لهذا النوع من الطيران, ويجب أن تكون الظروف الجوية مواتيه, على أن تكون هذه الطائرة معروفه مسبقا للمراقب الجوي, وذلك لضمان سلامة بقية الطائرات الأخرى ولأغراض البحث والإنقاذ إذا ما حدث مكروه لا سمح الله.
الطيران باستخدام العدادات
وهو الإجراء المتبع في جميع شركات الطيران الجوية الحالي, ويتم به الاعتماد على الأجهزة الملاحية في الطائرة, وتكون الطائرة تحت المسؤولية الكاملة للمراقب الجوي, على أن تكون الطائرة مجهزة بمعدات ملاحية خاصة لكي يتمكن الطيار ومساعده من أن يحددا موقع الطائرة وارتفاعها, نظرا لان هذا النوع من الطيرانIFR هو الشائع في الاستخدام, كونه هو الذي يتم بموجبه السماح للطائرة بالعبور فوق أجواء الدول.
كمية الوقود
تتضمن خطة رحلة الطيران (من وإلى) حساب كمية الوقود اللازمة لأداء الرحلة, مع تفصيل بيانات توزيع الوقود, كالوقود المتوقع استهلاكه ابتداء من الانطلاق من مطارا لمغادرة إلى الهبوط في مطار الوصول, كما يجب إضافة نسبة معينة من الوقود إلى الوقود المخصص لحرقه أثناء الرحلة(من الإقلاع وحتى الهبوط) وعادة ما تكون النسبة بزيادة 5% للحالات الطارئة والأخطاء الملاحية والفرق بين رياح المسارات العادية والرياح المتنبأ بها, وتكون الطائرة الحديثة مزودة بأجهزة رادارية للطقس تساعد الطيار ومساعده على التحسب لأخطر أنواع السحب كالسحب الركامية وغيرها من الظروف الجوية الأخرى, إضافة إلى ما تقدم ذكره يتوجب على ضابط ترحيل الطائرات أن يحسب الوقود المستهلك من أجل أي انحراف محتمل من مطار الوصول إلى مطار بديل محدد مسبقا, كما ويجب إضافة زيادة ثابتة من الوقود, وذلك لتغطية وقت البقاء في الجو عن انتظار الطائرة لدورها في الاقتراب من مطار الوصول والهبوط فيه, ثم يتم إدخال وزن وقود الرحلة على كشف الحمولة ليعطي مع وزن الطائرة الجاهزة للاستخدام, ووزن الحملة, ووزن الإقلاع المطلوب.
بعد الانتهاء من حساب الوزن النهائي وإعطاء التفاصيل الخاصة بالمدرج المستخدم وارتفاع المطار عن سطح البحر والرياح السطحية ودرجة الحرارة ونسبة الرطوبة, يمكن حساب سرعات الإقلاع الرئيسي وكتابتها كما يجب حساب زمن الرحلة والزمن بين نقاط العبور المعينة على طول المسار. وبذلك يستصدر "ضابط الترحيل" ما يعرف بخطة الطيران بالكمبيوتر. ويسلمها للطيار ومساعده, ليتسنى لهما ملاحظتها و إبداء الرأي فيما يتعلق من معلومات وبالتالي الموافقة عليها, وقبيل الفحص والتدقيق بأجهزة الطائرات المختلفة يتم إدخال البيانات المتعلقة بخطة الرحلة بالكمبيوتر بنظام إدارة الطيرانFMS.
توفير الوقود والجهد
لقد اثبت نظام FMS كفاءته في تحقيق وفر ملموس في وقود الطيران, وتخفيض تكاليف التشغيل للطائرات, لذا اتجهت معظم شركات الطيران باعتماده على طائراتها, بل وأصبحت الطائرة لا تطير إذا ما تعطل احدهما – غالبا ما يكون هناك اثنان أو أكثر على متن الطائرة.
كما أن نظام إدارة الطيران بخصائصه المتطورة قد قدم فوائد مهمة في نسبة تخفيض أعباء الطيارين إلى أدنى حد ممكن, ويتيح الفرصة لهم لمتابعة مجرى الرحلة, مما يحقق فرصة لجعل طيران الطائرة أكثر اقتصادية.
ويلحق نظام FMS بنظام آخر جديد يعرف بنظام إدارة الأداء PMS والذي تم تصميمه ليساعد على خفض التكاليف الإجمالية لرحلة الطيران إلى حدودها الدنيا, والمؤلفة من مجموع النقاط المتعلقة باستهلاك الوقود وكذلك النفقات المتصلة بزمن الرحلة, ويتألف هذا النظام من كمبيوتر وحدة عرض وتحكم وقبل إقلاع الرحلة يقوم ضابط الترحيل بإجراء آخر متبع في الطيران, وهو أن يملأ استمارة برنامج الرحلة بالكمبيوتر كالتأكد من أن المطار المقصود صالح للهبوط ويتسع لنوع الطائرة المراد استخدامها لأداء الرحلة, وان كمية الوقود كافيه وحتى المطار البديل بحيث يزيد عن 45 دقيقة وقود طيران للتحليق فوق المطار البديل تحسبا لسوء الأحوال الجوي في المطار المقصور, إما الارتفاع فيجب أن يكون مطابقا للمر الجوي المذكور إما أن يكون زوجيا أو فرديا حسب اتجاه الطائرة فالطائرة المتجه شمال شرقي أو شرق أو جنوب شرقي تأخذ الارتفاعات الفردية والطائرة المتجهة إلى الشمال الغرب والغرب والجنوب الغربي تأخذ الارتفاعات الزوجية وهكذا.
طرق فصل الطائرات عن بعضها بالجو
أ- الفصل الرأسي/ وهذا النوع يحدد مواقع الطائرات بارتفاعات مختلفة, ويكون الفاصل الرأسي بين طائرتين تطيران بالاتجاه نفسه هو 1000 قدم.
ب- الفصل الأفقي/ وهذا النوع يحدد مواقع الطائرات بالدرجات والمسافات من أجهزة الإرشاد الملاحي الموجودة في المطارات والممرات الجوية.
ت- الفصل الطولي(المسافة)/ وهذا النوع يحدد مواقع الطائرات بالزمن أو المسافات الفاصلة بين الطائرات في الارتفاع نفسه, وعلى المراقب الجوي أن يتأكد أن هذا الزمن أو المسافة تكون ثابتة بين الطائرتين عند مرورهما على الأجهزة الملاحية في الممرات الجوية.
بعدها يسلم ضابط الترحيل الاستمارة سالفة الذكر إلى المراقب الجوي والذي بدوره يقوم بالتدقيق على محتواها في كل ما ذكرناه سابقا, ومن ثم يقوم بالتصديق على برنامج الرحلة, على أن يستلم الاستمارة قبل ساعة كاملة من قيام الرحلة في حالة الرحلات الدولية, ونصف ساعة في حالة الرحلات الداخلية, حتى يتسنى إرسال تلك المعلومات إلى الدول التي ستعبرها الطائرة وصولا إلى مطار الوصول, لتكون الطائرة معلومة لديهم وتندرج في قائمة الحركة الجوية, ليتم الفصل بينها وبين الطائرات الأخرى. أن المهمة الأساسية للمراقب الجوي هي مراقبة الطائرات والمحافظة على المسافات السابقة الذكر لتجنب الحوادث الجوية ومن المهم أن نعرف أن هناك ممرات جوي تعرف بأسماء ورموز محددة, ولها عرض وطول محددين وتمر على مناطق معينة عن طريق أجهزة الإرشاد الملاحي المنتشرة على طول الممرات الجوية وترسل هذه الأجهزة إشارات لاسلكية مختلفة على مدار الساعة تستقبلها أجهزة موجودة على متن الطائرة تحدد موقعها وتسهل عملية فصلها عن بعض على أن يعطي الطيار للمراقب الجوي وقت مروره على تلك النقاط.
رسوم المطارات وعائداتها وعبور الأجواء
وهي التكاليف التشغيلية الحقيقية للشركات الجوية العالمية, ويتم إصدار كتابها من قبل منظمة الناقلات الجوية الدولية IATA ( الأياتا) بحيث تفرض سلطات الطيران المدني رسوما على النقل الجوي وحركة الناقلين الجويين الذين يستخدمون المطارات, ويمكن القول أن تلك الرسوم هي العائد الأساسي للمطارات, كما تشكل جزءا من واردات المطارات التي تساهم إلى حد ما في دعم تمويل تكاليف مرافق المطارات وخدماتها, وقد ساهمت أحداث 11 سبتمبر في ارتفاع أسعارها.
تتألف رسوم تكاليف التشغيل من:
- رسوم إيواء الطائرات وتفرض في معظم المطارات حسب وزن الطائرة الأقصى للإقلاع وحسب المساحة التي تشغلها الطائرة مقدرة بطول الطائرة مضروب بباع الجناح.
- رسوم الهبوط تتناسب قيمتها مع وزن الطائرة وغالبا وزن الإقلاع الأقصى للطائرة.
- رسوم عبور الأجواء – سواء بهبوط أو بدون هبوط الطائرة بالمطار الذي يتم المرور بأجوائه, وتختلف تلك الرسوم تبعا للمعادلة المستخدمة من قبل الطيران المدني للدولة, فدول الاتحاد الأوروبي تستخدم المعادلة رقم (1) وهي حسب نوع الطائرة ووزنها, بحيث وزن الطائرة الأقصى مقسوما على 50 والناتج يأخذ بعد عملية الجذر(..) مضروبا بالمسافة بالكيلو متر مقسومة على 100 ضرب وحدة التعرفة بالعملة سواء باليورو أو بالدولار الأمريكي أو أخرى وبذلك يمكن أن نحصل على الناتج الكلي لرسم العبور في الدولة أما المعادلة الأخرى فإنها غالبا ما تكون ثابتة حسب وزن الإقلاع الأقصى للطائرة.
المستقبل
تشير توقعات المختصين بالصناعات الجوية بأن زيادة المتطلبات على الأجواء ستؤدي إلى أزمة مرور جوية تعني المزيد من التكاليف التشغيلية, إذا ما تم الإبقاء على أنظمة الملاحة التقليدية في الطائرات كما في أبراج المراقبة دون تطوير.وردا على تلك المسألة يلوح بالأفق أنظمة وإجراءات جديدة سوف تسمح بتخطيط المجالات الجوية بصورة دقيقة, بحيث تمكن الجهات المستخدمة لهذه الخدمة من استثمار الأجواء بشكل أفضل وفعالية قصوى ومنع الازدحام, وتحسين التنسيق بين أنظمة المراقبة والطائرات قدر الإمكان.
الموضوع منقول من جريدة المشاهير مع بعض التعديل على المعلومات الغير واضحة