المؤرخ الإسرائيلي الشهير توم سيغف
الإنجاز العسكري صفر. فشلنا وتورطنا
بقلم سالم جبران
المؤرخ الإسرائيلي الدكتور توم سيغف هو ذو شهرة محلية وعالمية. وقد وضع عدداً من الكتب الشهيرة حول الشعب الفلسطيني ونكبة 1948 ومنظمة التحرير, كما وضع كتاباً بعنوان 1967 حول حرب حزيران وإسقاطاتها بعيدة المدى, على الصراع الإسرائيلي- العربي عموماً والقضية الفلسطينية, خصوصاً.خلال فترة اعتبره الكثيرون المنظِّر الرئيسي للمؤرخين الجدد الذين تمردوا على الصيغة الصهيونية الرسمية. ولكنه تراجع وحاول أن يسير في التلم, الصهيوني.الآن مع انفجار الحرب الإسرائيلية- اللبنانية انفجر توم سيغف غضباً, وأطلق تصريحات بالغة القوة تضع سؤالاً كبيراً على أهداف الحرب وتشكك إذا كانت إسرائيل قادرة أن تنتصر على حزب الله, الذي يقاتل بأسلوب العصاباتقال الدكتور توم سيغف في مقابلة مطولة مع صحيفة "حديث الناس"التي تصدر في الناصرة: "سأقول ما لا يقوله المحللون الرسميون. هذه الحرب غير مبررة. هل اختطاف جنديين يقود إلى حرب؟ هذه حكومة ضعيفة. حكومة قوية مجربة متمرسة واثقة بنفسها لم تكن لتخوض هذه الحرب".وقال: لنفترض إنّ إسرائيل قضت على حزب الله وحاربت سوريا وايران, هل هذا يقضي على القضية الفلسطينية. لماذا الهروب من القضية الأساسية, قضية القضايا ؟ وإذا انتصرنا على اللبنانيين هل هذا يُخيف الفلسطينيين. بكل بساطة تورطنا. الحكومة تورطت ورطة كبيرة والإنجاز حتّى الآن هو: صفر.وقال الدكتور سيغف إنّ رئيس الحكومة هو جديد قليل الخبرة وكذلك وزير الدفاع, وهذا يزيد من الوزن السياسي بالإضافة إلى المهني العسكري للجيش,. وهذا خطير للغاية .وقال توم سيغف: تسألني إذا كنا نتكلم بدافع الخوف, وأنا أقول: بل نتصرف بدافع الخوف, ونحن دولة غير طبيعية, وفي هذه المرحلة تحديداً. في هذه الحرب تورطنا ولا يوجد من يوقف هذا التورط.وحول السؤال:إذن لماذا بدأت حكومة أولمرط- بيرتس هذه الحرب, قال الدكتور سيغف: "الحكومة ضعيفة, وحكومة ضعيفة لا تستطيع عقد صفقات. الأمر الثاني أنّ إسرائيل شعرت أو توهمت أن نصر الله في قبضة يدها, ولكن , تبين أن الأمر ليس كذلك.ورداً على سؤال إذا كانت إسرائيل تعتقد أنها ستنتصر على حزب الله, قال المؤرخ الإسرائيلي الدكتور توم سيغف: "لا يمكن الانتصار على منظمة عسكرية تخوض حرب عصابات. هذا لم ينجح في أي مكان فلماذا يجب أن ينجح هنا؟ كنت أظن أن أولمرط سيدير الصراع بشكل جيِّد ولكن أعترف أنني أخطأت التقدير سمعت خطابه. إنّه لا يبث الثقة بالجمهور. خطابه سخيف وسطحي, وعمير بيرتس خيبة أمل كُبرى, ومن يظن أنه سوف يسير إلى موقع رئاسة الحكومة يستخف بعقل المواطنين في إسرائيل. وأقول للتلخيص: هذه الحرب كشفت عن ضعفنا. نحن لسنا أقوياء. كما نعتقد. وعندما تُكشف الوثائق سوف نكتشف حقيقة قوتنا.لعل هذه الحرب الغريبة المشتعلة بين دولة إسرائيل وحزب الله تبدو حرباً غريبة من جانبيين أساسيين أولاً: أنّ تنظيماً عسكرياً شعبياُ يعتمد حرب العصابات يقاتل الجيش الإسرائيلي "كلّي القدرة" وتعترف الصحف أنّ العسكريين الإسرائيليين يتهربون من المجابهة المباشرة مع مقاتلي حزب الله, وثانياً وهذا هو الأهم: انهار بسرعة الإجماع المفترض. وتنطلق الانتقادات للحكومة من كل جانب, من الصحفيين والمعلقين البارزين في الصحف, من المؤرخين ومن قطاعات شعبية متزايدة, كما تتزايد المظاهرات اليومية (غير الكبيرة عددياً), ولكنها تخلق مناخاً عاماً معادياً للحربوليس مستغرباً إطلاقاً أن أشد المؤيدين لحكومة أولمرط-بيرتس هي الأحزاب اليمينية المتطرفة الموجودة على مقاعد المعارضة في البرلمان, مثل الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو والمفدال_ الاتحاد القومي برئاسة بيني أيالون وآفي ايتام وكل العصابات اليمينية المتطرفة التي تقف مؤيدة كل صدام وكل حرب مع الفلسطينيين ومع العرب عموماً. ولكن القاريء الذكي للصحافة اليومية يحس أنّ اليمين المتطرف يؤيد الحكومة بصوت عالٍ, ويُحَضِّر السكاكين لذبحها وإسقاطها, بعد الحرب مباشرة.وقد كتب أكثر من معلق في الصحافة العبرية أن المشكلة الأخطر بالنسبة لإسرائيل ليست كيف تنتهي الحرب, بل حقيقة أن قوة الردع الإسرائيلية, قوة التخويف الإسرائيلية تجاه العالم العربي سوف تسقط قبل نهاية هذه الحرب.وهناك من يقول, مثل حنان كريستال المعلق السياسي في "صوت إسرائيل " باللغة العبرية إنه لا يقول كلاماً خيالياً إذا توقع سقوط حكومة أولمرط_ بيرتس بعد الحرب مباشرة وذهاب إسرائيل إلى انتخابات برلمانية جديدة.السؤال الكبير هو: إذا كانت هذه الحرب بين إسرائيل وحزب الله, سوف تؤدي إلى "هزة أرضية" في إسرائيل, ؟! فإلى ماذا سوف تؤدي في العالم العربي