يوم أبكينا اسرائيل
بقلم الباحث: عبدالوهاب محمد الجبوري
تمهيد
1. بداية اود ان اشير الى ان العراق اطلق على اسرائيل خلال حرب التحالف الثلاثيني عام 1991 ( 43 ) صاروخا وليس 39 صاروخا وهي على النحو التالي :
28 صاروخا من نوع الحسين على منطقة تل ابيب
10 صواريخ من نوع الحسين على منطقة حيفا
5 صواريخ نوع الحجارة السجيل على مفاعل ديمونا النووي
وجدير بالذكر ان المصادر الاسرائيلية والعالمية كانت قد اعلنت في حينه سقوط 39 صاروحا عراقيا على اسرائيل ولكن هذا الرقم غير دقيق مثلما قلت لان العدد الصحيح هو 43 صاروخا والاختلاف في الرقم ناتج عما ياتي :
أ .تمكن وسائل الرصد الامريكية والاسرائيلية من رصد (38)صاروخا من نوع الحسين التي اطلقتها القوات الصاروخية العراقية طيلة حرب 1991 ….
ب. عدم تمكن هذه الوسائل من رصد صواريخ الحجارة السجيل الخمسة التي سقطت على ديمونا لتقنيتها العالية ..
ج .رصدت وسائل الانذار الاسرائيلية يوم 26 / 2 / 1991 سقوط ستة صواريخ عراقية على تل ابيب وحيفا في حين اطلق العراق في ذلك اليوم خمسة صواريخ وكان الصاروخ السادس هو بقايا صاروخ باتريوت امريكي فشل في التصدي للصواريخ العراقية فسقط شرق حيفا واعتبره الناطق العسكري الاسرائيلي صاروخا عراقيا وبذلك سجلت اسرائيل ان عدد الصواريخ العراقية التي سقطت عليها 39 صاروخا ….
2 . اعدت هذه الوثيقة التاريخية,التي تنشر معلوماتها لاول مرة , للتحدث فقط عن البعد العسكري لعمليات القصف الصاروخي العراقي ولم تتناول الجانب السياسي والجوانب الاخرى وهي تؤرخ جانبــــا من صور البطولة العربية التي عرف بها الجندي العربي سواء كان في جيش العراق او جيش مصر او سوريا او فلســــطين او الاردن او في أي من جيوش الدول العربية الشقيقة ..
3 . لكي لاننسى زغاريد النسوة العربيات واهازيج الشيوخ والشباب والاطفال العرب عندما مرت فوق رؤوسهم صواريخ الحسين العراقية وهي في طريقها لتدك معاقل الشر في تل ابيب ولكي لا ننسى ايضا تهليل ومباركة المقاتلين العرب , وخاصة الجنود المصريين والسوريين في حفر الباطن , هذا الفعل البطولي العربي الذي جاء ردا على مشاركة اسرائيل بالحرب الثلاثينية ضد العراق وانتقاما لاطفال الحجارة , ولكي لاننسى ايضا ذلك اليوم الذي ابكى فيه العراقيون اسرائيل , لكل هذا جاء نشر هذه الوثيقة التاريخية بمناسبة مرور 16 عاما على يوم العلم العراقي , وهو اليوم الذي بدات فيه القوات الصاروخية العراقية عملياتها التعرضية على اسرائيل فجر يوم 18 / 1 / 1991 ..
4 . المعلومات الوارده في هذه الوثيقة التاريخية ماخوذة عن مصادر متعددة وشهود عيان والباحث يحتفظ بمراجعها من كتب ومعلومات واحاديث شخصبة لصحفيين ومسؤولين وصور تلفزيونية من التلفزيون الاسرائيلي ومن قنوات فضائية اخرى وغيرها من المراجع والمصادر التي تحظى بمصداقية كبيرة ..
مدخل
5 . شكلت استراتيجية ضرب اسرائيل بالصواريخ العراقية المتطورة ارض-ارض نوع الحسين والحجارة السجيل ذات المدى ( 650) كم عام 1991 نقطة تحول في الصراع العربي الاسرائيلي , ذلك انها فتحت الباب امام امكانية حصول مشاركة عربية اوسع في هذه ا الحرب , على غرار ما حصل في حرب تشرين 1973 عندما شارك الجيش العراقي بثقل مشهود في هذه الحرب الى جانب جيوش عربية اخرى , كما توخت هذه الستراتيجية نقل المعركة الى داخل العمق الاسرائيلي بعمليات تعرضية مؤثرة ومباداة عراقية فاعلة وزخم متواصل جعلت من المستعمرات والمدن والاهداف الحيوية الاسرائيلية ساحة عمليات امامية ومواجهة مباشرة على امتداد ( 43 ) يوما من الصراع البطولي المسلح ضد قوات التحالف الثلاثيني الامريكي الاطلسي الاسرائيلي وبشكل اكثر ايلاما مما تعرضت له اسرائيل في حرب تشرين عام 1973 ..
6 . لقد كشفت عمليات القصف الصاروخي العراقي لاسرائيل هشاشة المجتمع الاسرائيلي وعجز ووهن عقيدة القتال الاسرائيلية وتسببت في احداث اختراقات خطيرة في نظرية الامن الاسرائيلي القائمة على مجموعة عناصر واسس ابرزها ( الحدود الامنة , الحرب الخاطفة او السريعة , المفاجاة , المباداة , نقل الحرب الى ارض الخصم , التفــــــوق التكنولوجي …الخ ) ..
تعريف بصواريخ الحسين
7 . لكي يطلع القارىء الكريم على حقيقة الصواريخ العراقية نوع الحسين والتي دار حولها نقاش مثير للجدل خاصة من قبل اؤلئك الذين شككوا بقدرات التصنيع العسكري العراقي نقول ان صاروخ (17 R) الروسي الذي يطلق عليه تسمية ( سكود ) هو غير صاروخ ( الحسين ) العراقي لدى اجراء المقارنة بينهما ومن المفيد ان نذكر بعض المواصفات لصاروخ سكود مقارنة بصاروخ الحسين وكالاتي :
أ . الوزن الكلي لصاروخ سكود هو ( 5860) كغم يقابلها"( 6523) كغم لصاروخ الحسين ..
ب . وزن الراس الحربي لصاروخ سكود ( 987)كغم يقابلهــــا (650)كغم لصاروخ الحسين ..
ج . اقصى مدى لصاروخ سكود هو ( 300 ) كم اما مدى صاروخ الحسين فهو ( 650 ) كم وفي صاروخ الحجارة ابعد من ذلك ..
د . اعلى نقطة في مسار الصاروخ ( او كما تسمى المحرك ) لصاروخ سكود ( 86 ) كم واكثر من ذلك بكثير لصاروخ الحسين …
هـ . زمن اشتغال المحرك ( 45 ) ثانية في سكود مقارنة ب ( 82 ) ثانية في صاروخ الحسين ..
و . معدل الطيران لاقصى مدى اكثر من خمس دقائق في سكود بينمـا في صاروخ الحسين اكثر من ثمان دقائق ..
ز . كمية المحروقات بانواعها كافة ( 3771 ) كغم في ســـكود وفي صاروخ الحسين ( 4758 ) كغم ..
وهذا الانجاز الكبير حققته في تلك الفترة من تاريخهم المجيد عقـــول وسواعد العراقيين المجاهدين بخبرة وطنية مخلصة في تطوير وصناعة وانتاج صواريخ ارض-ارض وقواعدها , ولذلك تقرر الاحتفال في العراق بيوم العلم في كل عام نسبة الى هذا الانجاز الكبير , وقد ظل هذا التقليد ساريا ويحتفل به العراقيون حتى احتلال بلدهم الغالي عام 2003 ..
19 ضربة صاروخية عراقية
8 . منذ فجر 18/ 1/ 1991وحتى انتهاء الحرب في 28 / 1/ 1991 وجهت القوات الصاروخية العراقية 19 ضربة صاروخية قوامها 43 صاروخا على ( 53 ) هدفا اسرائيليا ضمن مناطق تل ابيب وحيفا وبئر السبع منها مقــرات القيادة والمنشات الاقتصادية والصناعية والعسكرية والعلمية والنوويــة والمصانع الحربية ومراكز التحشد والتجمع العسكري …. الخ وقــد احدثت هذه الضربات خسائر كبيرة في هذه الاهداف كما سنرى لاحقا ولم تقتصر التاثيرات الصاروخية على الجوانب العسكرية والاقتصادية والصناعية والسياسية داخل اسرائيل بل ان خطورتها كانت اكبر على الحالة المعنوية والنفسية والاجتماعيـــة للمستعمرين الاسرائيليين لدرجة دفعت الالاف منهم الى الهرب خـارج فلسطين المحتلة في هجرات جماعية معاكسة ونزوح يومي كثيف الى المناطق التي لم تتعرض للقصف العراقي وخاصة القدس الشريف حيث كانــت الاوامر صريحة الى القوات الصاروخية العراقية بعدم التعرض لاي هدف داخل المدينـة المقدسة .. وقد بلغ الذعر حده في الاحياء الاسرائيلية عندما اكتشف عشرات الالاف من المستوطنين – كما وصفهم احد زعمائهم وهو رئيس بلدية القدس فيما بعد ساخرا منهم – بانهم قد وجدوا انفسهم فجاة بحاجة الى السفر الى اوربا وامريكا .. وفي هذا يقول ايضا ( اندرو وليسلي كوكبيرن ) في كتابهما(علاقات خطرة) ان سكان تل ابيب كانوا يخرجون مع هبوط الليل حاملــــين ( بقجهم ) وكمية قليلة من المواد الغذائية يضعونها على عجل في اكياس من البلاستيك يتبعهم اولادهم وهم يبكون ليتجمعوا عند كتلة الاسمنت الرمادية الضخمة في وسط المدينة.. وبعد ان تلقى المستوطنون الاسرائيليون الضربة الصاروخية الاولى فجر 18/1/1991 واستفاقوا من صدمتها اصبحت مدينة تل ابيب , التي عاشت حروبا عدوانية دون ان تتعرض لاي هجوم عربي جدي ومؤثر , في حالة شبه هستيرية باعتراف الاسرائيليين انفسهم وهو ما نقله مراسلون وصحفيون غربيون من داخل الارض المحتلة .. فعند غسق كل يوم كانت شوارع تل ابيب والمدن الاخرى تبدو مهجورة , على حد وصف هؤلاء الصحفيين , وكان سكانها الاكثر ثراء والذين كانوا يضعون اقنعتهم الواقية من الغاز في علب كارتونية , يهربون بسياراتهم لينضموا الى ارتال العجلات الطويلة التي كانت تتجه الى مدينة القدس طلبا للنجاة بعدما اعلنت القيادة العراقية ان الصواريخ العراقية لن تستهدف مدينة القدس بشطريها .. وهناك الكثير من هذه المشاهد التي تناقلتها وكالات الانباء وشهود العيان حول الرعب الذي اصاب اسرائيل ومستوطنيها نتيجة الضربات الصاروخية العراقية لامجال لذكره في هذه الوثيقة التاريخية ..
الضربة الصاروخية الاولى في 18 / 1 / 1991
بالساعة الثالثة وعشر دقائق من فجر هذا اليوم انطلق الاسم الرمزي وهو عبارة ( الله اكبر ثلاث مرات ) التي تعني توكل على الله سبحانه واضغط زر الاطلاق , وانطلقت في ان واحد ثمانية صواريخ نوع الحسين على اهداف عسكرية ومنشات حيوية للعدو الاسرائيلي .. انها الضربة الصاروخية العربية الاولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي , اربعة صواريخ على قاعدة الشر في تل ابيب واربعة صواريخ على حيفا ..
بعد هذه الضربة مباشرة سمع العالم كله باصدائها واخذت وكالات الانباء ومحطات التلفزة العالمية ترسل التقارير الاخبارية والمصورة عن نتائجها وتاثيراتها على السكان الاسرائيليين والباحث يذكر كيف ان قناة سي ان ان نقلت مشهدا لاحد المصانع المدمرة في رامات جن وهروب العاملين فيها الى خارج المنطقة وحديث احدهم الذي اصيب بالذهول وهـــو يتحدث بصوت مرتجف عن الصدمة التي اصيبوا بها نتيجة القصف ويلعن ذاك اليوم الذي هاجر فيه من روسيا الى اسرائيل , ويذكر ايضا لقاء اخر مع صاحب ورشة يقول وهو يبكي : لتذهب هذه الحرب الى الجحيم … مالنا ولاسحق شامير , ليذهب هو الاخر الى الجحيم ولكنه عاد واخذ يسب العراقيين ويكرر لقد فعلوها مرة اخرى , لقد فعلوها مرة اخرى , واضاف لقد فعلها مرة اخرى احفاد نبوخذ نصر ؟؟
وفي مساء اليوم نفسه صدر بيان القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية ذي الرقم ( 4 ) يتحدث عن هذه الضربة والاهداف التي توختها والنتائج التي اسفرت عنها ومما جاء فيه ان الصواريخ العراقية الاربعة التي اطلقت على تل ابيب اصابت الاهداف الاسرائيلية التالية :
أ . شمال شرق المنطقة الصناعية في رامات غان ..
ب . جنوب المنطقة الصناعية في رامات غان ..
ج .شارع ارفيل ناحال على يمين الجسر جنوب المنطقة الصناعية ..
د . شارع ديزينكوف جوار منطقة الفنادق على ساحل البحر بالقرب من فندق الامباسادور ..
اما الاهداف التي توختها الصواريخ العراقية في حيفا هي :
أ . مصفاة تعبئة الغاز في ميناء كيشون ..
ب . منطقة الخضيرة / محطة الكهرباء ..
ج . معهد التخنيون ..
د . مجمع عسكري ..
وقد جاء في تقارير المراسلين والوكالات وشهود العيان ان الخسائر الاسرائيلية نتيجة الضربة الاولى تضرر عشرات المباني وعدد من المصانع والمقرات العسكرية وقتل وجرح 68 شخصا واكثر من 20 متجرا ومركزا تجاريا …
الضربة الصاروخية الثانية يوم 19/1/1991
تمت بالساعة الثامنة والربع صباحا باطلاق اربعة صواريخ على تل ابيب وفي نشرة اخبار الظهيرة اذيع البيان رقم ( 7 ) الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية وهو يتحدث عن تفاصيل الضربة .. وقد توخت هذه الضربة اهدافا عسكرية وعلمية وصناعية ابرزها :
أ . كريات شاؤول وتدمير اكبر مستودع للغاز ..
ب . عمارة شلومو في تل ابيب ..
ج . منطقة رحوبوت / مركز الابحاث ..
د . محيط وزارة الدفاع في حي هاكرياه ..
هـ . التلة الفرنسية للابحاث الذرية ( نتيجة تساقط اجزاء صواريخ باتريوت ) ..
وقد نتج عن هذه الضربة تضرر عشرات المواقع والمراكز العلمية والصناعية وجرح وقتل اعداد من السكان اليهود وموت عدد اخر نتيجة السكتة القلبية ..
الضربة الصاروخية الثالثة يوم 22 / 1 / 1991
تمت هذه الضربة بالساعة التاسعة وخمس عشرة دقيقة ليلا اطلق فيها صاروخان على تل ابيب ..وقد توخت الاهداف التالية :
أ . رامات غان صاروخ واحد انفجر بقوة واحدث حريقا هائلا في المنطقة شمال تل ابيب ..
ب . بتاح تكفا ..
ج . انفجارات في المدينة الصناعية ..
وقد افادت المعلومات التي وردت لاحقا اصابة المواقع التالية خلال الضربات الصاروخية الثلاثة الاولى ونتائجها :
أ . المناطق المحيطة بنهر اليركون خصوصا منطقة الفلات وقتل عشرات المستوطنين وجرح المئات منهم ..
ب . تدمير شامل لعشرات الابنية العسكرية شمال تل ابيب ..
ج .اصابة منطقة على طريق نتانيا – تل ابيب وتشمل محطة وقود ومباني عسكرية ..
د . حالات هستيرية وسكتات قلبية ..
هـ. تدمير ثلاث مصانع في تل ابيب ..
و . تقطع 90% من خطوط الهاتف وانقطاع التيار الكهربائي تماما ..
ز . اصابة محطة وقود ..
ح . سقوط صاروخ فوق شفا عمر ( عرف فيما بعد انه بقايا صاروخ باتريوت)
ملاحظة مهمة
هنا اود ان اشير الى ما كنت قد دونته في مذكراتي عن تلك الفترة :
بعد الضربة الاولى مباشرة نبهت القيادة العراقية الى موضوع على درجة عالية من الاهمية ذلك هو التاكيد على حماية ارتال الصواريخ العراقية اثناء تنقلها في المنطقة الغربية من العراق , من الجواسيس والغرباء الذين قد يتسللون في ظل انشغال القطعات بواجب الدفاع عن العراق وقدرت تقارير الاستخبارات العراقية احتمال قيام التحالف بارسال مجموعات عمق خلف القطعات العراقية لتعقب ارتال الصواريخ ومحاولة تدميرها بعد فشل طيران التحالف من تدمير أي من قواعد اطلاق الصواريخ المتنقلة وادعاء الرئيس بوش الاب بان طيرانهم دمر نصف قواعد الاطلاق العراقية والحقيقة التي اسجلها للتاريخ هي ان القوات العراقية قامت بعمليات مخادعة سوقية نصبت خلالها قواعد اطلاق وهمية ثابتة في بعض القواعد الجوية العراقية غرب العراق لايهام وسائل الرصد والاستطلاع الامريكية والاسرائيلية بان هذه القواعد هي المعول عليها في قصف اسرائيل وفعلا تمكنت الطائرات الغربية من تدمير هذه القواعد الوهمية وبذلك حققت هذه المخادعة السوقية اهدافها باستنزاف جهد العدو الجوي وافقاده المصداقية حيث لم يتم تدمير أي قاعدة اطلاق صواريخ متحركة حتى اليوم الاخير من الحرب وواصلت الصواريخ العراقية قصفها للاهداف الاسرائيلية بكثافة وحسب الخطط المعدة لهذا الغرض والباحث يتحدى أي طرف في العالم يدعي بان طائرات التحالف الثلاثيني تمكنت من تدمير أي من قواعد اطلاق الصواريخ المتحركة العراقية وقد ازعج هذا الامر الادارة الامريكية واربكها كثيرا في حينه لانها كانت قد وعدت اسرائيل بان قواتها الجوية ستعالج موضوع الصواريخ العراقية وتقوم بتدميرها ولكنها فشلت في ذلك تماما ولم تتمكن من تحقيق هذا الوعد .. واني اذكر كيف كانت البلاغات العسكرية الامريكية تشير الى ان طيران التحالف دمر معظم او كل القواعد الصاروخية العراقية وكيف اثبت استمرار القصف على اسرائيل كذب هذه الادعاءات والبلاغات وتسبب هذا في خلافات وجدل عميقين بين الادارة الامريكية والقيادة الاسرائيلية اسفر في النهاية عن اتفاق اجهزة المخابرات الامريكية والبريطانية والاسرائيلية على تنفيذ خطة استخبارية عسكرية تهدف الى تحييد الصواريخ العراقية او تدميرها خلاصتها :
أ . اشراك الطائرات والصواريخ الاسرائيلية بعمليات القصف ضد الاهداف الحيوية العراقية وفعلا تم صبغ ما لايقل عن 100 طائرة اسرائيلية نوع اف 15 و 16 بعلامات سلاح الجو الامريكي ومرابطتها في القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة على الاراضي المحيطة بالعراق وقامت بتنفيذ عمليات قصف عنيف للاهداف العراقية في شمال وغرب العراق كما تم توجيه عدد من الرشقات الصاروخية الاسرائيلية نوع اريحا 1 و2 ضد اهداف عراقية اعلنت عنها وسائل الاعلام العالمية واكدتها بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية ..
ب. ارسال مجموعات عمق من القوات الخاصة البريطانية خلف خطوط القوات العراقية غرب العراق وتكليفها بتعقب قواعد اطلاق الصواريخ العراقية المتحركة في محاولة للعثور عليها ومحاولة تدميرها , وقد عرفت هذه المحموعات بفئران الصحراء ..
ج. تكثيف القصف الجوي والصاروخي الامريكي والبريطاني والاسرائيلي ضد كل هدف مشبوه ومتحرك في المنطقة الغربية من العراق وقد ادى هذا الى قصف عدد من الشاحنات الاردنية التي كانت تحمل المواد الغذائية بحجة انها كانت تحمل صواريخ عراقية وانتي اعتقد ان الاخوة الاردنييين والعرب يتذكرون هذه الحادثة المشؤومة التي تسببت في تدمير هذه الشاحنات واستشهاد من كان فيها كما بلغت الهستيرية الامريكية والاسرائيلية حدا خطيرا عندما تم استهداف بيوت الشعر للسكان البدو وادى هذا الى استشهاد عدد منهم تحت نفس الحجة ..
وكاجراء دفاعي واحترازي صدرت الاوامر الى عدد من الوحدات العسكرية العراقية يشاركهم في ذلك اعداد من المتطوعين والمجاهدين العراقيين وافراد العشائر العراقية بمطاردة المتسللين في المنطقة الغربية وتعقبهم ومنعهم من تحقيق اهدافهم والقاء القبض عليهم او قتلهم وقد تم اشعار الوحدات الصاروخية العراقية بذلك لاغراض التحسب ..واني اذكر انه تمت اوسع عملية مطاردة في التاريخ شارك فيها وحدات من الجيش العراقي والمجاهدين وافراد العشائر شملت مناطق غرب الفرات وحتى الحدود السورية والاردنية والسعودية والباحث يفتخر انه كان قائدا لهذه المجموعات التي تم تقسيمها الى مناطق عمل ووضع بامرتهم كل ما يحتاجه هؤلاء الابطال من اسلحة واجهزة لاسلكية ومعتمدين وعجلات ودراجات هوائية وبخارية وادلاء ومؤونة غذائية …الخ
وبعد ايام طويلة وقاسية من المطاردة والقتال العنيف ( وفي ظل ظروف بالغة الدقة والتعقيد والخطورة والقصف المعادي وفي اجواء ممطرة باردة وقلة الوقود والتشويش اللاسلكي المعادي والحرب الالكترونية التي استخدمتها قوات التحالف ضد اجهزتنا اللاسلكية ) تم بعون الله قتل بعضهم عندما حاولوا الهجوم على احد معسكرات الجيش العراقي واسر البعض الاخر منهم حيث كانوا يحاولون الهرب عبر الحدود السورية وهم داخل سيارة اجرة ( تاكسي ) وقد اعترفوا خلال التحقيق معهم بانهم جنود من القوات الخاصة البريطانية كلفوا بمهمة تعقب قواعد اطلاق الصواريخ العراقية لتدميرها ومنعها من قصف اسرائيل وانهم تسللوا بطائرات سمتية عبر الاجواء السعودية و زودوا بملابس عربية للتمويه وبخرائط ومعدات لازمة لهذا الغرض مع اعداد كبيرة من الاسلحة وقد بقيت الطائرات السمتية معهم للاستفادة منها خلال التنقل من منطقة الى اخرى واعترفوا ايضا انهم لم يتمكنوا من مشاهدة أي من قواعد اطلاق الصواريخ العراقية وان مهمتهم فشلت ..
الضربات الرابعة والخامسة والسادسة يومي 25و26/1/1991
الضربتان الرابعــة والخامسـة تمتــــا بالساعة 57, 6 دقيقة من يوم 25/1/1991 حيث وجهت ثمانية صواريخ اثنان منها الى حيفا وستة الى تل ابيب ..
وقد افادت المعلومات الاولية عن خسائر العدو على النحو التالي :
أ . تدمير منشات في مستعمرة كوش دان قرب الخضيرة واصابة كلية الاركان فيها ..
ب . اصابة منطقة صناعية ومقرات عسكرية ومحطات وقود وهاتف في منطقة شفا عمر نتيجة سقوط احد الصواريخ العراقية وسقوط شظايا صاروخ باتريوت امريكي ..
ج . مباني وتجمعات عسكرية شرق ميناء حيفا ..
د . اصابة اهداف في رامات غان / قسم الالكترونيات التابع للجيش الاسرائيلي ..
اما الضربة السادسة فتمت بالساعة الحادية عشــــرة مساء من يوم 26/1/1991 بتوجيه اربعة صواريخ على تل ابيب وصاروخ علــى حيفا , وقد ذكر الناطق العسكري الاسرائيلي سقوط 6 صواريخ اثنان منها على حيفا …
وقد افادت المعلومات الاولية عن خسائر العدو اصابة مستعمرة اريئيل وحصول خسائر كبيرة وكذلك اصابة محطة كهربائية جنوب تل ابيب ..
وقد اشارت مصادر المعلومات لاحقا الى قتل عدد من الاشخاص وجرح 44 اخرين واصابة عدد من الشقق السكنية و12 مبنى حكوميا ومتاجر وتم اخلاء 27 شخصا من سكان المناطق التي تعرضت للقصف الى الفنادق كما تسببت هذه الضربات بحدوث حالات هستيرية وسكتات قلبية و تقطع 70% من خطوط الهاتف وانقطاع التيار الكهربائي تماما ..
الضربة السابعة يوم 28/1/1991
جرت بالساعة العاشرة وخمس دقائق ليلا من هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب ..وقد اصابت هذه الضربة :
أ . مصانع الاسمنت ومباني جنوب الرملة ..
ب. الون موريه ( سقط عليها صاروخ باتريوت ) ..
ج. قاعدة عسكرية جنوب اللد سقطت عليها شظايا الباتريوت ..
ومن احداث هذا اليوم التي دونتها في مذكراتي ان قوات التحالف بدات تفقد صوابها تماما حيث قامت الطائرات المعادية بضرب الطريق السـريع ( بغداد- عمان ) بين منطقتي الكيلو 160 والكيلو 190 واصابت السيارات والشاحنات المدنية القادمة من الاردن وقتلت مواطنين عراقيين واردنيين وعرب اخرين كما قامت بقصف الخيام العربية في الصحراء واستشهد اعداد من المواطنين الابرياء وكنت قد كتبت التعليق التالي في مفكرتي عن هذا الحادث ( يبدو ان تصور العدو المريض قد اوحى له بان العراقيين اخفوا صواريخ ارض-ارض في هذه الخيام وهذا دليل على اخفاقه ودخوله مرحلة الهستيريا التي يجب التحسب لها )..
الضربة الثامنة يوم 31/1/1991
تمت بالساعة السابعة مساء من هذا اليوم باطلاق صاروخ واحد على تل ابيب واصابة :
أ . منطقة بتاح تكفا الصناعية ..
ب .قواعد عسكرية متجاورة في منطقة عامر ووادي صرار ويحتمل سقوط شظايا الباتريوت عليها ايضا ..
الضربة التاسعة يوم 2/2/1991
تمت بالساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والعشرين مساء هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب .. وقد تم اصابة :
شمال شارع كفيش الموصل بين تل ابيب وحيفا واصابة مواقع عسكرية ..
الضربة العاشرة يوم 3/2/1991
جرت بالساعة الثامنة وسبع وثلاثين دقيقة فجر هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب واصابة مواقع على طريق اللنبي – تل ابيب ..
الضربة الحادية عشرة يوم 6/2/1991
جرت بالساعة الثامنة الا خمس دقائق مساء هذا اليوم باطلاق صاروخ على حيفا . وقد تم اصابة :
أ . قاعدة حيفا البحرية وحصول قتلى وجرحى ..
ب . هدم مستودعات في الميناء وحصول حرائق ..
وقد افادت المعلومات اللاحقة عن الضربات من ( 7-11 ) عن اصابة مصنع سمنت وتدمير مقر عسكري في قاعدة حيفا وانقطاع التيار الكهربائي ..
الضربة الثانية عشرة يوم 9/2/1991
جرت بالساعة الثالثة والدقيقة الخامسة والثلاثين فجر هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب نتج عنها 27 جريحا وقتيلا وتضرر عشرات المباني وحالات هستيرية ..
الضربة الثالثة عشرة يوم 11/2/1991
جرت بالساعة الثامنة الا خمس دقائق من هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب واصابة الشبكة الكهربائية في المدينة وحدوث خسائر كبيرة جدا في الحي العسكري ..
الضربة الرابعة عشرة يوم 12/2/1991
تمت بالساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والعشرين فجر هذا اليوم باطلاق صاروخ على تل ابيب واصابة مقرات عسكرية في المدينة..
وافادت المعلومات عن هاتين الضربتين جرح وقتل 7 اشخاص وتضرر اكثر من خمسين مبنى حكوميا وعشرات الشقق واخلاء ست عشرة عائلة الى الفنادق واصابة الشبكة الكهربائية في تل ابيب وحدوث خسائر في الحي العسكري ..
الضربة الخامسة عشرة يوم 13/2/1991
كانت هذه الضربة شديدة وعنيفة وجاءت ردا على قصف الطائرات المعادية ملجا العامرية في بغداد فجر يوم 13/2/1991 واستشهاد ( 405) مواطنين عراقيين بين رجل وامراة وشيخ وطفل .. وقد تم في هذه الضربة استخدام صواريخ الحجارة السجيل لاول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بتوجيه ثلاثة صواريخ من هذا النوع على مفاعل ديمونا النووي وتبعه صاروخ رابع من نوع الحسين على حيفا .. وهنا اذكر ماجاء في الامر الصادر لكتيبة صواريخ ارض-ارض المسؤولة عن تنفيذ عمليات القصف ضد ديمونا :( على بركة الله انتقاما لضربة مفاعل تموز وانتقاما لاطفال الحجارة وملجــــأ العامرية )… وانهالت صواريخ الحجارة , التي ابدع العراقيون في صناعتها , على مفاعل ديمونا واحدثت به تصدعات لم يكشف النقاب عنها الا بعد ان جاء المفتشون الدوليون الى العراق بعد وقف الحرب بعدة سنوات مستغلين القرارات الدولية لاكتشاف هذه الصواريخ وكانوا قد جلبوا معهم صورا لجدران ديمونا وقد تصدعت واخذوا يعيثون في ارض الرافدين بحثا عن اسرار صناعة هذه الصواريخ التي يسمعون بها لاول مرة والعقول العراقية الجبارة التي ابدعت في صناعتها وكيف تمكن خبراء التصنيع العسكري العراقيون من استخدامها لاحداث مثل تلك الاضرار بالمفاعل النووي الاسرائيلي وقاموا تحت المظلة الامريكية والدولية وصمت العرب وفرحة البعض منهم بتدمير ما تبقى منها مع صواريخ الحسين التي شكلت في يوم من الايام قدرة الردع الستراتيجي للامة العربية ضد اسرائيل ..
الضربة السادسة عشرة يوم 19/2/1991
تمت بالساعة الثامنة وخمسة وخمسين دقيقة ليلا بتوجيه صاروخ واحد على تل ابيب واصابة مطار بن غوريون ومواقع للتصنيع العسكري الاسرائيلي ..
الضربة السابعة عشرة يوم 23/2/1991
جرت بالساعة السابعة والدقيقة الواحدة مساء بتوجيه صاروخ على تل ابيب واصابة القاعدة الجوية فيها ..
الضربة الثامنة عشرة يوم 25/2/1991
جرت هذه الضربة بالساعة الرابعة والنصف فجر هذا اليوم بتوجيه صاروخ اخر من نوع الحجارة السجيل على مفاعل ديمونا ..
الضربة التاسعة عشرة يوم 25/2/1991
جرت بالساعة السادسة وخمسة وعشرين دقيقة من نفس اليوم باطلاق صاروخ اخر من نوع الحجارة على مفاعل ديمونا ..
وفي تقارير اخبارية لاحقة عن نتائج الضربات من ( 15-19) جاء فيها اصابة عدد من المقرات العسكرية والصناعية والعلمية واعداد غير معروفة من القتلى والجرحى .
وفي معلومات لاحقة وردت من شهود عيان من داخل الارض المحتلة انه رغم منع السلطات الاسرائيلية التجول في المناطق المضروبة الا انهم علموا باصابة اكثر من الف مستوطن وحصول صدمات عصبية لحوالي 800 مستوطن اخر في تل ابيب وحدها وتضاعف معدلات الهجرة الى خارج فلسطين وتدمير المئات من المباني السكنية والصناعية وعدد من المقرات العسكرية والحربية والقواعد الجوية ومحطات الوقود والكهرباء والنفط وعدد من مراكز الابحاث النووية ومنها مركز الابحاث في رحوفوت وكلية الشرطة في شفا عمر ومواقع عسكرية شمالي شارع كفيش واصابة قاعدة حيفا اكثر من مرة وتدمير مستودعات عسكرية وخزانات نفط في نفس القاعدة واصابة مصفاة تعبئة الغاز في ميناء كيشون ومحطة كهرباء الخضيرة ومستودع الغاز في كريات شاؤول وانفجارات متكررة في المدينة الصناعية وتقطع بين 70 – 90% من خطوط الهاتف والكهرباء واصابة محطة وقود قرب وزارة الدفاع وعدد من المصانع العسكرية ومعامل الاسمنت .. الخ من الخسائر التي اشرنا اليها في سياق الحديث والتي تاكدت معظمها من مصادر متعددة من داخل الارض المحتلة وخارجها , هذا بالاضافة لما نشرته مراكز الابحاث والدراسات العربية والاجنبية من احصائيات وارقام عن حجم الخسائر الاسرائيلية في الاشخاص والاهداف الحيوية العسكرية والصناعية والنووية والعلمية والمباني والمصانع والمعامل ومراكز الطاقة والوقود وانهيارات في الحالة المعنوية وحالات اختناق لسوء ارتداء اقنعة الغاز للمستوطنين وارقاما عن اعداد المهاجرين الى الخارج او الى المدن الفلسطينية الاخرى بما يفوق ما ذكرناه بمرات عديدة ….
ولغرض التوسع في توضيح الصورة عن حجم التاثيرات والخسائر التي بنيت بها اسرائيل نتيجة القصف الصاروخي العراقي يمكن الرجوع ايضا الى مااورده تقرير مركز يافا للدراسات الاستراتيجية الذي اعترف فيه باختراق نظرية الامن الاسرائيلي نتيجة القصف الصاروخي العراقي وبحدوث خسائر جسيمة في الاشخاص والمنشات العسكرية والمدنية والصناعية والعلمية وبحدوث حالات وفيات هستيرية وكيف ان القصف العراقي اثبت ضعف وسائل الدفاع الجوي الاسرائيلي المدعومة بمنظومات صواريخ باتريوت الامريكية واعترف ايضا بفشل منظومة الانذار والرصد الاسرائيلية والامريكية المعتمدة اساسا على الاقمار الصناعية الامريكية ..
كما اعترف مؤلف كتاب ( جواسيس جدعون .. التاريخ السري للموساد ) وهو احد عناصر الموساد ويدعـــــى ( جوردن توماس ) بهذه الخسائر ايضا ,حيث عرض جانبا من الحقائق والاثار التي احدثتها الصواريخ العراقية ويكشف عن معلومات تنشر لاول مرة بعد ان جرى اخفاؤها والتعتيم عليها باتفاق مشترك بين القيادة الاسرائيلية والولايات المتحدة والهدف من ذلك , كما يرى د. عبدالوهاب المسيري , هو عدم الاشارة الى كل ما يمكن ان يسمى انجازا للقوات المسلحة العراقية وقيادتهـا .. ويتحدث الكتاب في الصفحات ( 365, 366, 367) عن التدمير الهائل الذي احدثته الصواريخ العراقية على البـــنى العسكرية والاقتصادية لاسرائيل واختراق نظرية الامــــن الاسرائيلي حيث تسببت هذه الصواريخ في قتل اكثر من 600 اسرائيلي وجرح اضعاف هذا العدد وتدمير حوالي 1587 موقعا عسكريا واقتصاديا واستيطانيا حتى وصلت اصوات الانفجارات , كما يصفها الكاتب ( ص 366) ,الى مقر الموساد الاسرائيلي نفسه ..
ملاحظة
ارجو من القراء الكرام ممن لديه معلومات اضافية عما ورد في هذه الوثيقة اضافتها في زاوية التعليقات لغرض تحديثها بتفاصيل جديدة لاغراض التوثيق التاريخي كونها تمثل مرحلة مهمة من تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ..
مع شكر الباحث وتقديره