على مدار نحو شهر فقط حققت الدبلوماسية المصرية إنجازات إقليمية فى ملفات بدت، لسنوات طويلة، معقدة وبلا حل، بعد أن استعادت مصر، تدريجياً، «أسلحتها الناعمة»، فأرسلت وفوداً شعبية تضم مرشحى الرئاسة، وشباب الثورة، وممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية ــ إلى أفريقيا، لفتح صفحة جديدة فى العلاقات المتوترة بين القاهرة ودول حوض النيل، كما عرفت «مصر الثورة» كيف تتفادى «مطبات» إقليمية عديدة، وتنحاز لمصلحة مصر فى المقام الأول، فتجاوزت «عقدة إيران» وسط ترحيب قوى من طهران، وغيرت ــ فى جولة سريعة ــ وجهة نظر كانت تتوجس من «ثورة التحرير».
عربياً، كان الإنجاز الأكبر هو توقيع الفصائل الفلسطينية، أمس، اتفاقاً للمصالحة من المتوقع أن ينهى حالة الانقسام الوطنى الفلسطينى، خاصة بين حركتى «فتح»، التى تسيطر على الضفة، و«حماس» التى تسيطر على قطاع غزة، لتمهيد الطريق أمام المساعى الفلسطينية لإعلان الدولة المستقلة، وهى الخطوة التى وصفتها الصحف الإسرائيلية بـ«التسونامى السياسى الذى ينتظر تل أبيب».
وعلى الحدود الشرقية، جاء قرار فتح معبر رفح بشكل كامل ليعيد الاعتبار لـ«ثقل مصر»، خاصة مع تأكيد وزير الخارجية، نبيل العربى، أن القاهرة «لن تتجاهل مأساة سكان غزة».
وفى ملف الجامعة العربية، حيث يتنافس كل من الدكتور مصطفى الفقى، مرشح مصر، ومرشح قطر عبدالرحمن العطية على منصب الأمين العام، بدت كفة الفقى، رغم اعتراضات شعبية فى مصر على ترشيحه.
وفى خطوة وصفها مراقبون بأنها «تجاوز لخلافات الماضى» حلَّ الأمير حمد بن خليفة آل ثان، أمير دولة قطر، ضيفاً على مصر ليستقبله المشير طنطاوى، بحضور وزيرى المالية والخارجية، وعدد من قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ونجحت الدبلوماسية المصرية فى تحويل «التوجس» الخليجى، الذى أصاب العلاقات بين القاهرة وعواصم الخليج بالتوتر، إلى «تفهم»، تبعته تصريحات «تتودد» للقاهرة، وتؤكد أن دول المنطقة لا تتدخل فى شؤون مصر الداخلية، خاصة محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك.
وبعد زيارته الأسبوع الماضى، لثلاث دول خليجية هى السعودية والكويت وقطر، من المقرر أن يزور الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، الإمارات مطلع الأسبوع المقبل.
كما نجحت «دبلوماسية الشعوب» فى مد الجسور مع طهران، وتجاوز «العقدة الإيرانية»، بعد خصومة استمرت بين البلدين منذ ١٩٧٩، وبدأت مناقشة حول رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين، مع التشديد على أن «أمن وعروبة الخليج خط أحمر، وجزء من أمن مصر القومى».
وأفريقياً، وفى نهاية جولات «وفد الدبلوماسية الشعبية»، احتفت صحف أديس أبابا، الصادرة أمس، بالوفد المصرى، معتبرة أن القاهرة «عادت إلى المنبع بعد سقوط نظام مبارك الاستبدادى». وشددت على «ضرورة بناء علاقات قوية» مع مصر. وأكدت مصادر إثيوبية ومصرية أن الدكتور عصام شرف سيقوم بزيارة إثيوبيا ضمن جولة فى دول حوض النيل خلال الأسابيع المقبلة.
المصدر
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=295674&IssueID=2125