كلنا يعلم بأنها يوجد بعض الطائرات القادرة على اختراق جدار الصوت محدثة دوياً هائلاً ولكن لم يستطع أحد أن يصور هذه الظاهرة . لكن في هذه الصورة نرى أن تكنولوجيا التصوير قد وصلت إلى مستويات متطورة .جدارالصوت كما يعرف عنه هو عبارة عن تضاغطات هوائية أي أن مناطق هوائية تكون ذو ضغط أعلى من مناطق أخرى، طبعاً هذه التضاغطات والفروق في الضغط تكون صغيرة جداً لايمكننا الشعور بها إلا إذا زادت ولكن يمكن للأذن ان تحس بها في الهواء العادي تسير هذه التضاغطات بسرعة 1152 كم/س تقريباً وهذا يعادل 320 متر/ث الطائرات التي تتخطى هذه السرعة تطير بداية بسرعات أقل من هذه السرعة، فمثلاً أغلب طائرات الركاب تطير بسرعات بين 500 إلى 700 كم/س ( أي 138 إلى 194 متر في الثانية ) وكل الطائرات أثناء حركتها تطلق صوتاً سواء أكان ناتجاً عن المحركات أو ناتجاً عن تضاغط الهواء أمامها، وهذا الصوت نظراً لكونه أسرع من الطائرة فإنه يتقدمها ويمضي مسرعاً أمامها الطائرات الأسرع من الصوت عندما تقترب من سرعة الصوت فإن فرق السرعة بين الطائرة نفسها وبين موجات الصوت يقل بشكل تدريجي وتتضاغط موجات الصوت أمام الطائرة حتى ينعدم الفرق بين سرعة الطائرة وسرعة الصوت عندما تصل الطائرة لسرعة الصوت تماماً، عندها تنطلق موجات الصوت من الطائرة ولكنها لا تبتعد عنها لأن اطائرة تسير بنفس سرعة الصوت، فيظل الصوت يتركز على الطائرة حيث تنضغط الموجات الصوتية في مقدمة الطائرة وعند مصادر الصوت ( المحركات )، فيتكون ما يشبه الجدار من مجموعة تضاغطات صوتية أما الطائرة... يكون هذا الجدار ذو كثافة مرتفعة لدرجة يمكن رؤيته وعندما تزيد سرعة الطائرة لأسرع من الصوت فإن الجدار لن تزيد سرعته بل تظل سرعته ثابته فهذه هي السرعة القصوى للصوت في الهواء، فتتقدم الطائرة بشكل تدريجي وتخترق هذا الجدار... وأثناء اختراقه يخرج صوت قوي نتيجة تحطم التضاغطات هذه التي تخترقها الطائرة، يكون الصوت أول وقت الاختراق قوياً ثم يتواصل الصوت مثل الهدير طالما الطائرة تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت .
الصورة تبين هذا الجدار وهو في نهاية الطائرة حيث تقدمت الطائرة على جدار الصوت بسبب سرعتها
طائرة F/A-18 Hornet تخرق جدار الصوت، تتكون الهالة البيضاء نتيجة لتكثّف حبيبات الماء نتيجة ما يعتقد أنه هبوط في الضغط الجوي حول جسم الطائرة.و في عرض اخر قراته عن جدار الصوت ما يلي :ما نسميه بجدار الصوت هو بالحقيقة ذبذبة أو تردد وتبدل في الضغط في الهواء يوصل نفسه إلى الهواء المحيط به ويتجول في كل الاتجاهات بحيث يمتد في شكل كروي متوسع ، هذه التغيرات في الضغط والتي تلتقطها الأذن البشرية صغيرة جدا وتبدلات ضغط الهواء المرافقة لكلام البشر ربما تكون واحد على مليون من الضغط العادي للغلاف الجوي ، وحتى الصفير الذي يمكن التقاطه من جانب شخص سمعه جيد مكون من تغيرات صغيرة في الضغط إلى حد أنها يمكن أن تكون واحد على مليار من ضغط الغلاف الجوي .
وكان اسحق نيوتن Isaac Newton هو أول من أخرج معادلة لسرعة الصوت ففي كتابة Principia أو المبادئ الأولية يقول أن سرعة انبثاث تبدل صفير في الضغط تساوي الجذر التربيعي لحاصل قسمة ضغط الهواء على كثافة الهواء ، ولأن نيوتن لم يعرف أن ضغط الهواء في موجة صوتية يحصل بسرعة بحيث أن الحرارة الناتجة عنه لا يكون لديها الوقت الكافي للانفلات فإن معادلته هذه لم تكن دقيقة بحيث جاءت سرعة الصوت عنده في الحسابات هنا بينه لاحقا عالم الرياضيات الفرنسي لابلاس Laplace .
( 1749 / 1827 ) .
ومعادلة نيوتن التي عدلت لاحقا تبين تماما كيفية تغير سرعة الصوت في الغلاف الجوي ، وبما أن حرارة الهواء تتبدل حسب الموقع والارتفاع والفصل الموسمي ووقت النهار فإن سرعة الصوت غير ثابتة مثل سرعة الضوء مثلا ، ومعدل حرارة الهواء في الجزر البريطانية مثلا هو على مستوى البحر 15 درجة مئوية ونحن نعرف من تقارير الأرصاد معدل انخفاض الحرارة مع الزيادة في الارتفاع ، ومن خلال هذه العلومات يمكننا احتساب سرعة الصوت على مستوى البحر بأنها حوالي 1220 كيلومترا في الساعة بحيث تنخفض على ارتفاع 3000 متر إلى 1180 كلم في الساعة وإلى 1130 كلم في الساعة على ارتفاع 6100 متر وإلى 1086 كلم في الساعة على ارتفاع 9100 متر .
وتعرف نسبة سرعة جسم ما إلى سرعة الصوت برقم ماخ Mach number تيمنا بالفيزيائي النمساوي ارنست ماخ ( 1838 / 1916 ) ويتم الوصول إل ماخ واحد مثلا عندما يكون لجسم ما سرعة تساوي سرعة الصوت ، ويتم الوصول إلى ماخ اثنين عندما تكون سرعة الجسم ضعف سرعة الصوت وهكذا .
وعندما يتحرك جسم ما عبر الغلاف الجوي بسرعة منخفضة يصبح الهواء في جواره قادرا على امتصاص التغيرات الناتجة في الضغط دون حصول اصطدام كثير للجزيئيات أي بكلام آخر دون حصول زيادة ملحوظة في الكثافة المحلية ، ومع اقتراب الجسم من الرقم ماخ واحد تتغير الكثافة في محيط ذلك الجسم بحيث تصبح ملحوظة لأنه في هذه الحالة لا يكون للهواء الذي يلتقي الجسد الوقت الكافي للتوافق مع الوضع الجديد فيتم ضغطه إلى غاز مرتفع الكثافة .
ومع تزايد سرعة الجسم يولد هذا الجسم موجة ضغط تكون مقدمتها كروية بحيث ينمو الاضطراب الكلي مثل فقاعة صابون وبحيث تتقدم تلك المقدمة بعيدا باتجاه سرعة الصوت ، ومع اقتراب الجسم نفسه من سرعة الصوت تولد تلك السرعة سلسلة من نبضات الضغط الصغيرة التي يؤدي كل منها إلى تسارع الهواء الذي تمر عبره وتكون النتيجة أنه عاجلا أو آجلا تلحق النبضة التالية بالنبضة السابقة بحيث تتكدس تلك النبضات كلها لتشكل موجة أمامية حادة .
وفي المحاولات الأولى للوصول إلى طيران يتجاوز سرعة الصوت بعد الحرب العالمية الثانية وجد مصمموا الطائرات أن تلك الموجات الضاغطة تؤدي إلى زيادة كبيرة في المقاومة أو الاحتكاك عند السرعة ماخ 0.9 بالإضافة إلى ذلك فإن موجات الصدم المولدة عند رأس الطائرة تميل إلى التكسر في الاتجاه الخلفي عبر هيكل الطائرة وان بعض الموجات تسير بسرعة تتجاوز سرعة الصوت رغم أن الطائرة نفسها لا تسير بتلك السرعة .
نتيجة لذلك فإن الطائرة التي تقترب من السرعة ماخ واحد تختبر صدمة عنيفة يرافقها ضعف في هيكل الطائرة أو في أفضل الأحوال فقدان التحكم بالطائرة ، وفي الأيام التي لم يتم فيها بعد تجهيز الطائرات العسكرية بمقاعد للطيارين يمكن إطلاقها في الهواء ( المعقد المقذوف ejection seat ) فإن هذه الظاهرة أدت إلى موت الكثير من طياري الاختبار ، ولقد تحدثت الصحافة عن تنامي الكوارث الناتجة عن هذه الظاهرة وتحدثت عن جدار لا يخرق في السماء سمي جدار الصوت لا يمكن لاي شيء عبوره لكن طبعا لم يكن ذلك الكلام منطقيا لأن الرصاص والقذائف والصواريخ في ذلك الوقت كانت تسبق سرعة الصوت .
وتمكن المشكلة الحقيقة في تصميم الطائرة ويكون الحل في تجهيزها بأجنحة لديها القدرة على الامتداد التراجعي بنسبة 35 درجة .
وإذا حصل هذا الامتداد التراجعي في رؤوس أجنحة الطائرة لا ترتطم بها موجات الصدم المولدة عند رأس الطائرة بحيث لا يحصل أي تعقيد ناتج عن التداخل بين الأجنحة والضغط وفور التمكن من هذه الظاهرة أصبح الطريق مفتوحا أمام الطيران الذي يتجاوز سرعة الصوت وبالتالي تم كسر ما يعرف بجدار الصوت بحيث وصلت تصاميم الطائرات لاحقا إلى السرعة ماخ 2 .
وما هي ( الضربة ) التي تسمع مثل صوت الرعد والتي تحصل عندما تطير الطائرة بسرعة أقوى من سرعة الصوت ؟ هذه الضربة هي الطرف الذيلي للصدمة المخروطية الشكل التي تصل إلى الأرض وفي بعض الأحيان يؤدي الضغط الناتج عن طيران طائرة بسرعة تتجاوز سرعة الصوت إلى توليد موجة صدم من رأس الطائرة إلى ذنبها وهنا تكون ( الضربة ) مزدوجة .